رواية سجينات خلف قضبان القصور -57
دقايق وابتعدت ديما عنها .. ومسكت يدها ماتبيها تبعد .. وبيدها الثانية مسكت يد
مروى اللي مقطعة نفسها من الصياح .. همست وهي تقاوم دموعها : ان شاء الله
نلتقي في جنة عرضها السماوات والأرض .. الحمدلله على كل حال .. والحمدلله
على قضائه وقدره .. وربي ان حالي اليوم افضل من قبل وانا ضايعة بلا اخلاق
او حتى دين .. بس كل اللي ابيه منكم تذكروني بالخير " لفت على ديما تناظرها "
ادري ان اللي بينا مافيه خير ابد .. بس قلبك الطيب .. بينسى كل شي صار مني
دوري لي اي شي حتى لو كان هاللحظات الأخيرة واذكريني فيها .. وكل ماطريت
على بالك ادعي لي .. ادعو لي تكفوني وربي اني في امس الحاجة لدعائكم ..
حطت ديما يدها على فمها تكتم شهقاتها وضغطت بيدها الثاينة على يد منال : لا
تتوقعين اني اكرهك .. ولا مبسوطة في اللي وصلتي له .. انا جيت عشانك لأني
ابي اعلمك اني سامحتك وربي ..
كان الوداع مؤلم بكل صوره .. الا انها رضت بهذا المصير اللي انكتب عليها ..
اوقات الانسان تتحكم فيه مشاعره وعواطفه .. بدون اي تفكير عقلاني .. ومشاعر
الغضب ولدت بداخلها رغبة كبيرة في الانتقام " والجروح قصاص " بعد ساعتين
بس راح تقاد الى ساحة القصاص .. جلست معاهم تحتضن اوجاعهم وكأنها تبي
تترك لهم الفرح من بعدها .. ومابين كلماتها كانت تتوقف للتسبيح والاستغفار ..
ناظرتها ديما وهي تبلع غصتها .. وبداخلها تحسدها على قوتها في مثل هالموقف
كيف تضحك وبعد قليل من الوقت راح تكون في عداد الموتى .. تركت وراها كل
آلام الماضي .. الدنيا فانية والعمر محسوب .. ليش نضيع ايامنا بأحقاد تزيدنا قسوة
وتباعد .. ليش مانخلي قلوبنا صفحة بيضاء مشرقة ماتعرف الحقد والغل وأي
مشاعر بغض وكراهية .. تمنت لو كانت هالجلسة في بيتهم .. وجمعتهم مشاعر
الأخوات وحبهم لبعض .. بدل ماضيعوه في احقاد دفينة وانتقامات بلا مبرر ..
منال اللي كانت معاهم جسد فقط .. وروح مغيبة اغلب الوقت .. كانت صورة
قوية وصامدة من الخارج وبداخلها تتهشم ألف مرة .. عذاب وعذاب ما انتهى
بيوم .. وكآخر مجال لها ودعتهم كلهم .. حتى امها اللي على كرسي متحرك ..
همهمت بكلمات مافهمتها منال .. ضمت يدين امها وحبتها : مأجورة يمه .. داومي
انتي على علاجك .. والعلاج الطبيعي وان شاء الله ترجعين مثل قبل .. " ضمتها بقوة
وهي تردد " ان شاء الله نجتمع في الجنة يمه " وبرجاء " كفاية احقاد وكره تكفيييين ..
ابتسمت وهي تناظر اخوانها سلمت عليهم وهي تطلبهم الدعاء لها .. وداع استنزف
كل مشاعرهم وبات الفقد مؤلم الى حد فاق الوصف .. وارتجفت اجسادهم ألم من
مصير قاتل بعد وقت قصير .. ودعتهم للمرة الأخيرة ولوحت لهم من بعيد وكأنها تحفظ
صورهم بعينها .. واختفت وسط صوت صياحهم اللي يدمي القلب ..
بعد ساعتين تم تنفيذ حكم القصاص فيها .. وفارقت روحها الجسد .. بعد ماتابت الى
الله من كل ذنوب ومعاصي لازمتها بأيام حياتها السابقة .. واتمت حفظ 5 اجزاء من
القرآن .. ورحلت من هالدنيا بكل مافيها من هموم وافراح واحزان ..
/
\
/
\
بنفس اليوم اللي غيبت فيه روح عن الحياة .. وبعدها بساعات قليلة فقط .. تناهى
لمسامعهم صرخة طفلة هاليوم هو أول أيام عمرها تناست كل ألم اصابها وابتسمت
برضى .. وحلت ملامح الفرح محل العبوس اللي اكتساها .. قربوها منها وشالتها
بحذر وهي تناظرها .. طفلة اكتست اللون الأحمر وهي تصيح .. والملامح ابد مو
واضحة .. القمتها صدرها ومنحتها أول غذاء بهالحياة .. رغم التعب اللي فيها الا
ان هالقرب والتواصل انساها تعب هاليوم .. وشعور الأمومة لأول مرة له طعم خاص
تأملت ملامحها بتعب كل شي فيها صغير وجميل بنظرها .. مدتها للمرضة تاخذها
منها وغمضت عيونها ونامت .. بعد نوم عميق .. فتحت عيونها وهي تسمع صوت
الممرضة اللي ازعجها .. شوي وشافته يدخل لها وبيده اغراض لها .. وباليد الثانية
شايل لها بوكيه ورد .. ابتسمت له وهي تمد يدها ليده تمسكها .. بادلها الابتسامة
وقرب منها : الحمدلله على سلامتك ياقلبي .. والف مبروك .. الله يحفظها لنا يارب ..
تكلمت وهي تناظر بعيونه : آمين يارب " وبلهفة " شفتها ياطلال ..؟
طلال بفرحة : ايه ياعيون طلال .. قمر طالعة على امها ..
ضحكت وهي تحط يدها على بطنها ..: اصلا هو باين منها شي .. اسمها عليك مثل
ماوعدتك ..
بابتسامة عذبة : وانا سميتها حور ..
غمضت عيونها وهي تتكلم معاه .. : عاشت الأسامي يابو حور ..
طلال وهو يناظر ساعته : عاشت ايامك .. اكيد اهلي وصلو من أول مكلمين وقايلين
انهم بالطريق ..
ما انتظرو كثير حتى تجمعو حولها كل الأحباب .. حتى شيخة وراكان اللي من وصلهم
خبر ولادتها الا وهم جايين .. بعد يومين بالضبط رجعت للبيت .. وبعدها بكم يوم
وبغرفتها اللي مجهزة لها بالدور الأرضي .. متمددة على سريرها والبنات حولها ..
كل اللي تحبهم وحبوها .. قريب منها جلست لمياء اللي حامل بأول شهر .. : يارب
يرزقني مثل هالبنوتة .. ميسووو شوفي عيونها ياحبي لها ..
ميساء وهي تبوسها على خدها : الله يحفظها ويخليها لكم .. وانا ان شاء الله ربي يكتب
لي حمل قريب .. فيصل مجنني يبي ولد ..
لمياء تطالع في رسيل اللي جاية لهم بالعصير : ماشاء الله جاتنا العروس .. متى الملكة
ياريسو ودنا نفرح ..
طقتها ميساء على يدها : البنت توها ميتة وانتي تبين فرح ..
حطت يدها على فمها : أوه نسيت والله .. عسى الله يغفر لها .. ويرحمها ويجعل الجنة
مثواها ..
ردد الجميع : آمين ..
فلتت ضحكة من سما وتكلمت : ماشاء الله من تزوجتي هالمطوع صرتي مثله ..
لمياء وهي تناظر بنص عين : عسى الله يهديني على يده .. هو فيه احد يكره الهداية ..
" رجعت لفت على رسيل اللي جلست قبالها " ماقلتي لي متى الملكة ؟
رسيل بخجل : بعد شهر تقريبا ..
سما وهي جاية تبي تاخذ حور من لمياء : هاتيها بالله قبل لايجي قرقوش .. ومايخليني
اشيلها " وثقلت صوتها تقلده " بنتي لا تشيلينها .. تبين حبيها وهي بمكانها ..
ضحكو كلهم على طريقتها في تقليده .. خذتها بحجرها وصارت تبوسها بخدودها ..
ونورة كل شوي تقول لها تجيبها لها .. وتجمدت مكانها وهي تسمعه يسلم .. وتمتمت
بخوف : ميسو خذيها وربي بيذبحني ..
مدت يدها ميساء تشيلها وهي ميتة ضحك : تراه مايخوف ..
سما وهي منزلة راسها ماتبي تناظره : اجل الحين شوفي الوجه اللي ماعمرك شفتيه ..
قرب من سما ومسكها مع اذنها وهو كاتم ضحكته : انا كم مرة قايل لك انتي يالبزر لا
تشيلين بنتي ..
حطت يدها على يده تبي تبعدها : أي .. حرام عليك والله اعرف اشيلها ..
كانت تتكلم وهي تناظر ميساء وكأنها تعلمها باللي تجهله .. فكها وهو يصطنع الجدية
وجلس بين لمياء وسرير نورة .. ومد يده يشيل حور وهو يبوسها .. لف يطالع ميساء
ولمياء وهو يضحك : ماينافسني في حبها الا امي وابوي لا صاحت يجون من الصالة
كأن عندنا حالة طواريء .. وامي ماتخليها بسريرها طول الوقت وهي شايلتها ..
ابتسمت ام طلال وهي تناظرها بحب : شلون ما احبها وانا من كبرت انتظر هاليوم اللي
اشوف فيه عيالك ..
كان مبتسم وهو يتأملها .. وهو يسمع سوالفهم ويغرق عشق في ملامحها .. بعد ماراحو
كلهم تركوهم اثنينهم مع بنتهم ..
نورة بعتب مازح : اشوف الغلا كله راح لحور ..
رفع حاجب وناظرها مستغرب : ومن اللي يقدر يملك هالقلب الا ام حور " وبابتسامة "
انتي غلاك غير وهي غير .. انتي زوجتي وحبيبتي وعمري ودنيتي كلها ..
توردت خدودها خجل : الله يخلي لي حور اللي خلتني اسمع هالكلام الحلو كله .. ويخليك
لي ياعين ابوي انت ..
لمت بنتها في حضنها ترضعها وهي تعيش اسعد أيام عمرها .. مع الشخص اللي ابد ما
الجزء الرابع عشر
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
آه ..كـم فيـني لـمــا قــبــل تـكـويني حنيــن
صرت أنا اللي عاش ماقبل تكــوينه حيـــــاه
عشقي أكبـــر من حــدود التأمل في اليقيـن
عشق سمعي ( للغطاريف ) من ذيـــك الشفــاه
يوم كـانت هيبــة الساحة من لــــوز ٍ وتيــــن
يــوم كــانت ترســم النـــار أصابعنــــا دفـــاه
الأمل : بيتٍ من أحجار.. وأخشابٍ .. وطين
والفــرح : في حضرة الجار بأحضــانه عشـــاه
يوم تــاخذ ( خبـزة البيت ) شكـل الجالسيــن
بيـنـنـا الجيـران حتى " الشقيق " أبـدى غـلاه
نــــــادراً مــايعطي الـــجوع فرصــة لاعبـيــن
وان لـعبنــا نلعب ( الطِّيش ) بـــاقــدام ٍ حفـــاه
في ضجيج البيت ( مهراس ) نسمع لـه رنيــن
واستمدّت ( ركــوة ) الطفــل هــزّه مــن بكــاه
المحبة : جلجلة عقــد صـــدر امي ( لجيــــن )
واحتدم في نظرة الشيبـــة تلويحـــة عصــــاه
كان يحمل جـانب البيــت ( قــدر وطاستين )
كان يمسك ركن ذا البيت ( مسحـاة ) انتـبـاه
( الخصف ) يسهــر يشخبط خــدود النايمـيــن
( والســـراج ) المشتعــل يـنـتـظر لوحـــة مســـاه
( الحَجَلْ ) يطرب صبــاحات نــاس ٍ سارحيــن
كـــل صبــح ٍ في وجــوه البشــر تلقى رضـــاه
قــريـتي مــاحــلّ وقــت ( الصــرام ) إلا يـبــيـن
كل شخصٍ ( والركايب ) غــدت تسمـع غنــــاه
يوم حنّت أوديــتــنــا لــ( قربــــة ) من يــديـــن
اختلـط هـــرج الصبــايـــا بتــرحيـب الميــــاه
صـــادقـــة تشبــــه أذان الفجـــر ( الله يعيــن )
كانت أغزر من هطول المطر ذيك الجبــاه
يــوم كـان العيـــد يشبــه كفـــوف الراحليـــن
يوم كان العيـــد يشبـــه لـ محمد في صبـــاه
رغم آلام جسدها اللي مافارقتها من اول يوم فاقت فيه من الغيبوبة الى هاليوم
الا انها تعيش احساس مختلف .. فرح غير عن اي فرح عاشته قبل .. وشوق
للبيوت اللي حضنتها من الصغر .. وضمة امها وغفوتها على صدرها والمطر
وريحة المطر بأرضهم .. وصوت طقطقته على السقف الخشب .. والسيل اللي
يجري بين بيوت الطين .. وخبز خالتها ودعوات عمها .. كل شي في هالديرة
اشتاقت له وفقدته .. وبلحظات طيش ظنت ان هالمكان سجن لطموحاتها لقت
ان ديرتها وقلوب اهلها ماتساوى بكنوز هالدنيا .. وان القصر اللي كانت فيه
رغم كل المتاع اللي كان بين يدينها .. ماكان الا سجن .. استنزف كل طهرها
وبرائتها ..
لفت تناظر محمد اللي قاعد قدام ومبتسم جنب العم مساعد اللي يتحمل اكثر
من يوم في الاسبوع رايح وجاي على هالطريق ..
نزلت الشباك شوي واستنشقت ريحة ديرتها اللي قربت منها .. المزارع اللي
فيها والنخل اللي بدت تلمحه .. لمعت عيونها بدمعة وهي تعاتب نفسها على
كل يوم اختارت انها تعيش فيه بعيد عنها .. اختارت الحياة والمال وخسرت
نفسها وصحتها .. ومازالت الاسياخ في فخذها الى حين التئام هالكسور ..
نزلت دموعها غصب وهي تشوف بيوت الطين تظهر لها جات اكثر من مرة
لديرتها بعد ماسافرت بس هالمرة غير .. هالمرة رجعت بشكل نهائي وتركت
كل متاع كانت تطمح له ورا ظهرها .. تركت جرحها .. اللي نزف باسبابه
وصدمتها في هالزمن اللي كان اقسى من طيبتها وسذاجتها .. وأول ماوصلو
بيتهم نزل محمد يفك لها الباب .. شافت امها واقفة بعباتها وبرقعها كان ودها
تطير بحضنها .. تبي بس تقول لها انها مستحيل تفارقها ابد .. وان هالفراق
اللي اختارته بلحظة طيش .. تندمت عليه اشد الندم فتح لها محمد الباب و مد
لها العكازين واسندها يوقفها .. وقفت ومشت بصعوبة الين وصلت عند امها
اللي من شافتها على هالحالة وهي تصيح ..
ضمتها بقوة لصدره .. واطلقت سارة .. العنان لدموعها تذرف بلا توقف ..
ماتدري شلون ابدلت هالحضن اللي تموت فيه بملذات دنيا زائلة .. سمعتها
وهي تصيح وتلوم نفسها وزاد صياحها .. : والله ماعاد اخليتس تروحين عني
انا الغلطانة اللي من الأول ما منعتتس .. ولا انتي تعرفين شي بهذيتس الديرة
يابعد عمري يابنيتي ..
حبت يد امها وتكلمت : يمه انا الغلطانة .. انا اللي حنيت على راستس وراس
عمي الين وافقتو .. والحين اقول لتس توبة .. ماعاد ابي اروح مكان .. ابي
اقعد بديرتي .. ابي يمه لا تضايقت .. افضفض لتس اللي بخاطري و احتسي
لتس ..
كانت هيا واقفة ورا امها وهي تسمعهم .. الكلام اللي بين هالاثنين اوجعها بس
فرحتها برجعة اختها تنسيها هالوجع كله رغم ان منظرها وهي تعرج والعكاز
بيدها كان مؤلم ..
دخلت بعدها للبيت وتعاقبو للسلام عليها هيا ومشعل .. وكان اللقاء مؤثر الى
ابعد الحدود .. لفت على امها تناظرها وهي مبتسمة ومازال مبين على وجهها
آثار الصياح : يمه ودي اركض بكل مكان .. ودي اروح المزرعة .. واسير
على كل بيوت الديرة ودي لا جا المطر نطلع انا وبنات الديرة للسيل ونركض
فيه .. ولا شفنا احد من عيال الديرة توزينا ورا هالبيوت .. " نزلت دموعها
وهي تشوف امها حاطة يدها على خدها وتناظرها وبعيونها دموعها " ودي
نروح لأم عبيد وتعطينا من قرص الخميرة اللي كل يوم تسويه ودي اتحارش
انا وموضي على الثياب اللي ناخذهن .. وكل وحدة فينا تسابق الثانية من اللي
تقوسهن بالأول ..
قربت منها هي وضمتها وهي تهمس لها : كل شي تبينه بيصير لا تحتسين
تسذا .. لا تخليني احس انتس بتودعين ..
وقبل ماتقول شي ماحست الا باللي تطق الباب من برا بكل حماس : هيوونة
افتحي الباب مشتاقة للسوري .. وخلي محمد ومشعل يروحون الغرفة .. ولا
يطلعون برا .. اي مكان المهم يدبرون عمارهم ..
هيا وهي تفتح الباب : ول عليتس بالعة رادو انتي ..
موضي وهي تدفها : وخري زين .. " وهي تصارخ على مشعل " نزل عينك
ولا تناظرني .. وجلست جنب سارة تضمها " السوري حبيبة قلبي .. ياعلني
ماخلا من هالخشة اللي تفتح باب الرزق .. وياعلني ماخلا من هالزول اللي
احبه ..
هيا وهي تضحك : حشى رجلتس ماهيب بنت عمتس ..
رفعت برقعها بعد ماطلعو العيال وهي تبوس سارة وفرحانة فيها : مابي ارد
عليتس لانتس خربتي وعلومتس ماعاد هي مثل أول خليني الحين مع السوري
ياحبي لها ..
سارة وهي تضحك على كلامها .. هالانسانة هي الوحيدة من بين هالعالم اللي
تهدي لها ضحكة من بين الدموع .. : يابعد عمري ياموضي .. وربي توني
في طاريتس وانشديهن .. ياحبي لتس والله ان الطيب عند ذكره ..
ضحكت موضي بفرح .. وسولفو احلى سوالف بهاليوم .. ضحك .. ووناسة
وماخلت هالجلسة من الدموع اللي رافقتهم من البداية ..
/
\
/
\
/
\
/
\
غير هالسنة تبقى له سنة بس ويتخرج .. وبعدها يبدا حياته الفعلية .. ويعيش
مثل ما يتمنى .. ويتزوج الانسانة اللي حبها وبادلته هي الحب .. ومن اشتغل
في شركة طلال من فترة وهو يحس بارتياح كبير ان الله عوضه عن صبر
السنين اللي مضت براحة و واقع احلى من احلامه طلع من الشركة بعد صلاة
العشا و وقف له اول سيارة اجرة رايح لشقتهم .. اللي نقلو لها من بعد ماطلع
هو وعبدالله من السجن .. اصغر من الشقة اللي قبل .. تكفيهم ثلاثتهم .. بعد
وفاة منصور .. وزواج الوليد اللي خلفو فراغ كبير بعدهم ..
ومن وصل سلم عليهم واستأذنهم بيريح شوي الين يحطون العشا غسل وبدل
ملابسه .. وتمدد على فراشه .. غمض عيونه واستسلم لأفكاره .. رغم مرارة
الفقد اللي اوجعته الى حد كبير .. الا ان بداخله ايمان اكبر ومصاعب هالزمن
خلقت منه انسان صبور .. تعلم ان كل مؤمن مبتلى .. وما احب الله عبدا الا
ابتلاه ..
حاول بالفترة الأخيرة انه يتأقلم بصعوبة مع حقيقة انه قتل صاحبه .. ومتأكد
ان الأيام بتكون كفيلة انها تنسيه هالألم .. او جزء منه .. بس اللي مانساه ابد
انه يوصل ابو منصور في كل وقت يسمح له .. وبين كل فترة وفترة يروح
يسلم عليه رغم انه يدري اوقات ان شوفته ربما تفتح جروح بيحتاجون وقت
طويل حتى تبرى وتطيب ..
فتح عيونه .. على صوت مشاري يصوت له .. وقام لهم على طول .. راح
يغسل يدينه ويقعد معاهم على سفرة العشا .. سوالفهم الشبابية .. وضحكاتهم
ومزحهم .. وكل شي حلو بيوم جمعهم .. او بيجمعهم بالأيام الجاية .. اجمل
مايحمل لهم هالعمر .. بكرة مع الأيام بيفترقون وكل واحد له حياته .. وتبقى
لهم كل لحظة اجمل ذكرى .. بعد ماتعشو شال هو الصحون وقام يغسلها ..
بعدها استئذنهم رايح ينام .. وقبل مايسكر الباب رجع يهددهم : ياااويلك انت
وياه لو اسمع صراخكم .. تبون تلعبون العبو على الصامت ولا تقلعو للمجلس
وخلوني انوم .. بكرة وراي مشوار مهم الصباح ..
مشاري يمازحه : لا تعال طقني تكفى ..؟
راكان وهو يضحك : والله ودي بس مافيني .. مكسر وحالتي حالة .. يارب
متى اتخرج ويصير دوامي صباحي وارتاح ..
عبدالله وهو يتمدد مكانه .. : سنة ونص وتمر بلمح البصر عسى الله يعديها
بخير وسهالة ..
ردد بقلبه " آمين " وهو يسكر الباب .. " تمدد على فراشه ومن حط راسه
ما احتاج وقت طويل الا وهو في سابع نومة ..
من الصباح بدري قام وبداخله نشاط عجيب .. يدري انه انسان احواله على
قده ويصرف على اهله بعد .. بس يشوف ان لصديقه عليه حق يمكن يكفر
من الخطا اللي ارتكبه في حقه .. سحب مبلغ مالي بسيط من حسابه .. باللي
يقدر عليه .. وتوجه لاحدى الجمعيات الخيرية .. كان ينوي بها صدقة عن
صديقه .. صدقه جارية لا يبتغي فيها الا وجه الله تعالي .. تعود على هالشي
بأول يوم من نزول الراتب .. عسى الله ان يغفر له ذنبه .. ويغفر لصديقه ..
وجميع موتى المسلمين ..
حس بارتياح كبير وهو يرسم البسمة على شفاه تحتاجها .. مثل ماكانو هم
بأمس الحاجة لمثل هالصدقة بيوم من الأيام .. وماخيب الله رجائهم وسخر
لهم اهل الخير .. اللي ينفقون اموالهم خالصة لوجهه تعالى ..
رجع بعدها للشقة .. يبي يكتب محاضراته .. الى وقت بداية اول محاضرة
وبيروح مع مشاري للجامعة .. وبداخله حماس انه بعد يومين بيروح للديرة
لأهله واحبابه .. ولحبيبته ..
ومن دخل الشقة ضحك على شكل عبدالله اللي نايم بالصالة واللاب توب
عنده .. " هالولد مدمن نت .. الله يعينه " دخل للغرفة اللي ينامون فيها
وسحب ملزمته واقلامه ودفتر محاضراته وطلع للصالة .. ناظر في عبدالله
وحس انه راح يزعجه .. خصوصا ان اليوم ماعنده محاضرة الا بعد الظهر
بدون ما يطيل التفكير راح للمجلس على طول وقعد هناك يكتب محاضرات
الأسبوع ..
/
\
/
\
عليك الله و أمانه مايمرّك جرح .. يـ المحبوب
إلين تمرّ .. " زفرات الممات "
بـ قلب .. محبوبك ..!
وإذا ماتت على حدّ الغياب السرمدي | قلوب
ترى ماكلّ . . غيبة ناس ، تشبه عندي غروبك ..
مادام أن الزمن ~ مايل ,
و مَشي الناس بـ [ المقلوب ]
أنا حتى المشي مقلوب ياخذ خطوتي - صوبك
بطريق رجعته لبيته مافارقت خياله دقيقة .. بكل لحظة يفكر فيها .. حبها
اللي بقلبه فاق كل حد .. واشتياقه لها تعجز حروفه عن التعبير عنه ممكن
مايكون رومانسي جدا .. وكلامه لها مو طول الوقت غزل وحب .. ولكنه
احتواها .. واللي بقلبه لها اكبر من اي تصوير .. ويحس نفسه مقصر .. ولو
سرد عليها كل عبارات الحب .. اللي بينه وبينها اكبر من كل الحروف ..
روحين الله جمعها على الحب .. والتضحية بقلبه لها واحساسه الصادق من
اول يوم اختارها فيه باقتناع .. وهالانسانة ملكت كل شي بقلبه يمكن اوقات
ينشغل عنها بعمله ومرضاه واوقات يحكي لها عن معاناتهم لأنه يبي يحسسها
ان اللي هي عاشته .. يمكن اهون بكثير من اللي عاشوه غيرها .. ومن شاف
مصايب الناس هانت عليه مصيبته ..
كان كل اللي يفكر فيه الحين شي ابد يمكن هي ماتخيلته .. او توقعته ويحس
بلهفة كبيرة انه يوصل للبيت ويزف لها الاخبار الحلوة .. كان وده يطير من
وناسته .. وده يروح لها بظرف ثواني ومايضطر يوقف بزحمة السيارات ..
و آهـ من هالزحمة يالرياض .. وصل اخيرا للبيت ومن بركن سيارت طلع
لشقتهم ركض .. طق الباب و تأخرت مافتحت له .. على طول فتح الباب
ودخل يصوت عليها .. طلت عليه من المطبخ وهي قاعدة تنظف فيه : هلا
توك جاي ؟
يزيد بابتسامة : ايه .. هالحين خلي اللي بيدتس وتعالي ابيتس ..
حطت المنظف على جنب .. وغسلت يدينها ونشفتها بالمناديل وطلعت له
ضحكت قبل مايتكلم .. : شكلي حوسة .. مادريت انك بتجي الحين .. انت
قايل لي اليوم بتطول ..
مسك يدها وجلسها جنبه : ولا يهمتس يعني لازم اشوفتس كل يوم متكشخة
دنو اسمعيني للآخر ولتس القرار الأول والأخير .. عمتي متصلة علي من
شوي وتبيك تجين .. ابوتس طلع من السجن وجاي يبيتس ..
اختفت ابتسامتها من سمعت طاري ابوها .. نزلت راسها وهي تبلع غصتها
وتشتت نظرها بأي شي الا فيه .. ماتبي تصيح ابد .. هي وعدته انها تكون
قوية وماراح تخذله في أول تجربه .. تكلمت بعد تردد : وش يبي ؟
هز كتوفه بمعنى انه مايدري : اذا ودتس الحين اوصلتس لهم وانتي شوفيه
واذا ماجاز لتس حتسيه نرجع البيت ..
ناظرت بعيونها وهو اللي ماتركها ابد في اصعب ظروفها : اخاف اتعب اذا
شفته .. اخاف الأمل اللي بداخلي يتحطم وربي اخاف يسمعني كلام يجرحني
وانا اللي من يوم غاب لليوم وانا انتظر رجعته ..
حبها بين عيونها وهو مبتسم لها : وخوفتس بيقعد بقلبتس العمر كله ..واجهيه
واجهي هالخوف وعيشي هالتجربة .. ومن كل تجربة بحياتتس تعلمي تكونين
اقوى .. كوده هالمرة تعدل .. قوه ياقلبي لا تأخرينن عندي موعد عقب ساعة
ابي اوصلتس واروح ..
ابتسمت له وهي تقوم : توكلت على الله ..
دخلت الحمام ( تكرمون ) وغسلت وجهها ويدينها .. بدلت ملابسها ولبست
عباتها وطلعت .. كانت معاه بالسيارة تسولف .. هالشي عرفه فيها اوقات
تسولف تضيع الخوف .. خصوصا اذا كان هالخوف مسبب لها هاجس كبير
ومثل شوفة ابوها بعد هالانتظار كله .. تستاهل هالخوف والقلق من مستقبل
ربما يكون معتم اكثر من الماضي ..
وصلت للبيت وهي ترتجي انه هاليوم بس من بين كل الأيام اللي مضت يكون
صادق معاها .. انه يكون لهم مثل ما طلبته آخر مرة .. ودعت زوجها عند
الباب .. بعد ما أكدت له انها راح تدخل .. وتعرف كل شي عنده وماجات
هالمشوار الا لأنها تبي تعرف وش هو جوابه الأخير ..
دخلت للصالة وشافت خواتها وامها قاعدين ومن قبل ماتسلم عليهم : وينه ؟
اشرت لها امها تجي عندها وسلمت عليها كانت يدينها ترتجف غصب عنها
ومن خوفها صايرة كأنها قالب ثلج .. ناظرت امها وابتسمت : وينه يمه ؟
بهمس : في المجلس ..
ناظرتهم كلهم وكأنها تبي تستمد منهم قوة هي تحتاجها .. ودخلت عليه من
اول مافتحت الباب سلمت على طول .. قبل حتى ما تناظره .. ومن شافت
شكله غمضت عيونها .. تبي تصدق اذا هو نفسه أو لا .. شي فيه رجع
للصورة الأولى اللي حفظتها بقلبها .. صورته اللي خزنتها من أيام الطفولة
العذبة .. ما كانت تبي تفتح ابواب الأمل على مصراعيها وتصطدم بجيوش
الألم اللي بتكسرها .. وقفت مكانها .. رغم رغبتها الكبيرة انها ترتمي في
حضنه .. تبيه يسمعها كل الحروف اللي تحتاجها وتبيها .. تبي تسمع كل
كلمة تمنتها بيوم .. وحلمها اللي حلمت .. انها تعيشه .. بنت مثل اي بنت
بهالوجود .. ابوها بالنسبة لها مصدر آمان .. كان حاس بصراعاتها وكل
عذاب هي تعيشه .. تكلم قبل ماتقول اي شي .. لأنه متأكد ما لهالصمت
آخر : دانا .. انا رجعت لكم مثل ماتبين .. جيت لك لأنك طلبتيني .. دانا
سكتت تناظره .. تبيه يكمل كلامه .. تبي تسمع صدقه من بين هالحروف
ماتبي هاللي تعيشه الحين يكون وهم ..
آلمه منظرها وهي واقفة عند الباب و كأنها تنتظر اي فرصة تهرب فيها
من وجوده .. وابد ماراح يلومها لو اختارت الهروب .. ابد ما اعطاها اي
لحظة امان ارتجتها .. وكل اللي شافته منه خوف .. وراه خوف و ألم ..
تكلم بصدق افتقده اغلب سنوات عمره : لاتوقفين مكانك وتناظريني كأني
وحش .. ورب البيت انا تغيرت .. واللي شفتيه آخر مرة انتهى ومات ..
وش اللي كسبته من ضياعي الا ضياعكم .. وانا بهالعمر كنت طايش مثل
المراهقين .. ماشفع لي كبر سني اني اكون انسان سوي .. والشلة الفاسدة
وصحبة السوء جروني للحرام .. وكل ماجيت اطلع منه ردوني له .. بس
وربي الذي لا اله الا هو .. محد بالدنيا عندي يسوى دمعة من عيونك ..
كلامه أثر فيها بشكل كبير ونزلت دموعها غصب .. صرخت بداخلها فرح
" ماخذلني .. جا في موعده .. والله جا في موعده "
وقفت مكانها مترددة .. تبيه يزيد بكلامه بعد ويكبر مساحة هالأمل بداخلها
وكل ماجات تنطق بكلمة .. سجنت كل الحروف بقلبها .. فتح يدينه و كأنه
حس بكل الصراعات اللي تجتاح قلبها .. : تعالي وانا اوعدك مايجي يوم
تبكي عيونك فيها ..
بدون شعور منها راحت له وارتمت بحضنه .. مهما غلط او قسى عليها او
حتى ظلمها .. هذا ابوها .. اللي ولدت من صلبه .. ماقدرت تنتزع حبه من
قلبها ابد حتى ولو حاولت .. والطفلة اللي في داخلها ماتبي تكبر تبي تبقى
طول عمرها طفلته .. كل شعور بقلبها .. غنى فرح .. اليوم كتب لها ربي
لحظة من اجمل لحظات العمر .. وعسى الله لا يغير عليها ..
/
\
/
\
/
\
/
\
كل يوم بحياتها معاه تحمد ربها مليون مرة .. اللي عوضها عن الشخص اللي
تركها وهي في عز احتياجها له .. معاه عرفت ان الحب الحقيقي يكون بعد
الزواج .. حب بعد العشرة .. ومبني على اساس سليم .. وما خابت ابد .. من
بعد صبر السنين ودعوات القلب الموعود بالفرح .. نست كل شي مرتبط فيه
وضحكت على كل شعور بيوم انتظره .. و كأنه المنقذ الوحيد لها .. ما كانت
تدري بأن اللي خلق البشر .. قسم لهم اقدارهم .. وقدرها ماكان معاه ابد واللي
يستاهل كل مشاعرها هو " الوليد " انسان بسيط بكل شي بمشاعره وبتعابيره
وبسير حياته .. صادق بكل شي معاها .. يمكن يعيبه انه كتوم .. وضيقته بقلبه
محد يدري عنها .. وهالشي احترمته من الأول تاركة له المجال بيوم .. اكيد
راح يفك الحصار عن مكنونات قلبه .. ويفضفض لها عن كل أمر أهمه وضايقه
توها راجعة من عند اختها .. فصخت عباتها .. وقعدت معاه تسولف له عن
حور وحركاتها ..
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك