رواية سجينات خلف قضبان القصور -55

رواية سجينات خلف قضبان القصور - غرام

رواية سجينات خلف قضبان القصور -55

حركة .. ركض لخارج الغرفة يستنجد بالممرضات .. اي احد يجي يشوفه .. وتجمعو
الكل حوله .. كان واقف يناظرهم من بعيد .. خايف ومترقب .. خايف انه يسمع الخبر
اللي ابد مايتمناه ثواني وشاف الدكتور يدخل للغرفة .. كان يحس كل شي حوله مثل
الخيال وأصواتهم مزعجة له .. حس بتعابير وجه الدكتور ان الوضع ابد مو تمام اقترب
منه وهو يردد بداخله دعوات من قلب خايف ..
ناظر الدكتور لعيونه وتكلم : قول لا اله الا الله ..
هز راسه بعدم تصديق : لا تقول مات يادكتور .. لا لا تكفى ..
اقترب منه يهزه وهو يناديه : يبه .. يبه رد علي .. يبه امي واخواني الحين جايين ..
" هزه بشكل اقوى وهو يصارخ " يبه ..
مسكه الدكتور من اكتافه يحاول يهديه : اذكر الله يا نايف كلنا لها .. الموت حق علينا
وهذا اللي الله كاتبه ..
غمض عيونه وهو يغطي وجهه بشماغه : انا لله وانا اليه راجعون .. لاحول ولاقوة
الا بالله ..
جلس على الكرسي اللي تعود كل يوم يجلس عليه ويسولف .. وهو يبكي بكاء يقطع
القلب .. تعلق في ابوه بالفترة الأخيرة بشكل كبير .. جلسته معاه طول الوقت قربت
بينهم كثير .. مسك جواله واتصل على اخوه الكبير .. : مشيت من البيت ولا توك ؟
حس بصوته متغير لكن ماحب يسأل .. لانه خايف يسمع شي مايسره : لا توني انتظر
امي مسوية شوربة لابوي وجايين ليه ؟
بلع غصته وتكلم : الوالد يطلبك الحل ..
جاه صوته المتألم وهو يردد : لاحول ولاقوة الا بالله .. لاحول ولا قوة الا بالله ..
سكر منه وقام يبي يطلع من المستشفى شوي .. يحس انه مختنق و وده يستنشق هوا
غير هوا المستشفى اللي ازكم انفه .. كان يحس بألم كبير بصدره .. هالفقد اوجعه وكل
التفاصيل اللي تبعته امتلت سواد .. كان شكل ابوه في الأسابيع الأخيرة مفزع ..
ضعف بشكل كبير ولونه مصفر .. ويتكلم بصعوبة .. مايقدر ينسى كلمته له قبل مايروح
الصلاة .. " لاجيت من الصلاة تعال بعلمك شي يفرحك " رجع بلهفة يبي يسمع الاخبار
المفرحة .. وطول الطريق من المصلى لغرفته وهو يفكر وش ممكن يكون هالشي .. لكن
اصطدم بخبر وفاته اللي اوجعه .. وتحول الفرح والحلم والأمل لحزن بثواني .. " اللهم لا
اعتراض على حكمك يارب العالمين " مر عليه وقت طويل وهو على هالحالة .. دموعه
ماوقفت من مشى بهالطريق رفع جواله اللي كان حاطه على السايلنت .. وشاف اتصالات
اخوانه .. سحب نفس عميق وزفره .. واتصل على اكبر اخوانه .. بعد السلام و رده عليه
تكلم : شلون امي ؟
رد عليه وهو يطلع من البيت : حالتها حالة وربي .. الحين خالاتي بيجون عندها .. انت
وينك من أول ادق عليك ؟
نايف وهو راجع لطريق المستشفى : بروح المستشفى بكمل الاجراءات وأوقع الأوراق اللي
محتاجينها واجيكم البيت ..
رد عليه وهو يركب السيارة : يالله انا الحين جايك ..
وصلو اثنينهم للمستشفى وانهو كل اجراءاته .. وتقررت الصلاة عليه بعد صلاة الظهر ..
ومن بعدها الدفن .. لانهم منتظرين عمهم اللي بالشرقية يجي ..
من بكرة وبعد صلاة الظهر اقامو عليه صلاة الميت ودفنوه في احدى مقابر مدينة الرياض
وابتدا من هاليوم أول ايام العزا الحزينة .. وجلسو في مجلسهم المتوسط يستقبلون المعزين
وبعد ما انقضى اول يوم تظاهر فيه بالقوة والصبر ومن دخل غرفته حتى بدا يظهر حزنه
وتتساقط دموعه .. على من كان قبل يوم بس معاه ويسولف له .. واليوم بقبره تحت التراب
قام وتوضى وصلى لربه ركعتين اكثر فيهم من الدعاء لوالده وطلب الرحمة والمغفرة ..
/
\
/
\
مرت الأيام عليهم بطيئة .. وبداخلها يتعاقب شعورين .. اوقات كثيرة تحتاجه ..
واوقات تخاف من قربه .. الاكيد مابين هالتناقضات اللي بداخلها الا انها تحس
بامتنان عظيم له .. رفضت من البداية انها تسافر وهذا اللي اتفقت معاه عليه ..
كانت حياتها ماشية مثل ماتتمنى .. الا ان اكثر مايتعبها الكوابيس اللي تكررت
عليها كثير وانهكتها .. غير هالشي هي تعيش بسعادة نسبية ترضيها الى حد ما ..
الحبوب اللي تاخذها من أول زواجهم خففت من حدة الكآبة اللي كانت تصيبها قبل
وكلماته التشجيعية عززت من ثقتها في نفسها .. وفضفضتها له عن كل شي صار
بحياتها قبل واتعبها .. شال جزء كبير من الحمل اللي كان ملقى على عاتقها فتحت
باب الغرفة بهدوء وشافته جالس في الصالة ابتسمت وهي تشوفه متحمس مع مباراة
في التلفزيون .. سكرت الباب بنفس الهدوء .. خذت جوالها واتصلت على اخوها ..
ومن رد عليها جلست على طرف سريرها تسولف معاه : تصدق اني اشتقت لك ..
ضحك بصوت عالي وهو يكلمها : ماشاء الله اليوم المزاج تمام ..
ابتسمت على كلامه : الحمدلله مرتاحة كثير " وبهمس " عادل ..
عادل : هلا ..
دانا وهي مغمضة عيونها : مادري ليش اذا صرت مستانسة ودي انكم كلكم حولي ..
" وبضحكة .. " اوقات احس اني خبلة .. لا تضحك علي والله جد .. بس من يلومني
اللي شفته مو قليل .. يالله الحمدلله على كل حال ..
عادل يمازحها : يقولون الحب يصنع المعجزات ..
حست بخجل كبير من كلامه : تصدق انه ماكان يبيني ..
عادل : ايه عارف من أول .. بس الله اللي كاتب انكم تجتمعون ببيت واحد من انخلقتو
قاطعته دانا : وانت .. متى بتفرحنا ؟
غمض عيونه وتكلم : متى ماتبون ..
دانا بابتسامة : رسيل صح ؟
تنهد قبل مايرد عليها : تتوقعين بتوافق على واحد ابوه سكير وبالسجن ..
؟ واذا هي وافقت ابوها بيرضى ؟ عني انا بصراحة ما أتوقع .. وما ألومهم مو يقولون
دايم غلطة الآباء يدفع ثمنها الأبناء وانا ماودي انصدم اقول اخذ من بنات خوالي اضمن
اكيد ماراح يردوني ..
كان ودها تزرع بداخله امل .. أو تطمنه مثل ماكان دايم يطمنها .. لكن رسيل صديقتها
وتعرفها .. قومت الدنيا وقعدتها يوم تزوج اخوها قروية .. شلون راح ترضى بعادل
وابوه مقطوط بالسجن تكلمت بنبرة حاولت تكون متفائلة : ومن هاللي ماتتمنى عادل ..
رسيل خلها علي انا بكلمها ..
قاطعها بسرعة : لا دانا تكفين .. ماودي اتعلق بأمل وبالأخير يطلع وهم ..
دانا بإصرار : ولو ما حاولت بتقعد تلوم نفسك اذا راحت لغيرك .. انت ولا يهمك قلت
لك خلها علي انا بقعد معها وامهد لها الموضوع .. بس شوي مو الحين .. هالأيام يقال
لي عروس ..
ضحك على كلامها : ليش مو مصدقة يعني ؟ .. احلى عروس بعد ..
ابتسمت بخجل : مو ملاحظ اني عطيتك وجه .. والفواتير على يزيد المسكين ..
عض شفته بقهر : ايه يقولونها تصرف .. ولا تحاسب عند ابوها .. واذا راحت لبيت
زوجها تبدا في الاقتصاد تراه دكتور ومريش الفلوس مثل الهم على قلبه ..
حطت يدها على فمها تكتم صوت ضحكتها : اللهم لا حسد .. الدعوة مو اقتصاد بس
عاد في اشياء مالها داعي ..
عادل يصطنع الزعل : افاااا ماهقيتها منك يا دنو اجل السوالف معاي مالها داعي
" كمل وهو يسمع صوت ضحكاتها " الشره مو عليك .. علي انا اللي مضيع وقتي
وقاعد اسمع لك ..
دانا وهي مازالت تضحك : سلم على امي وخواتي .. ان شاء الله بجيكم بكرة ..
ودعته وسكرت منه وشعور الفرح بداخلها كبر .. تسائلت كثير هل انتهى الحزن من
حياتها للأبد هل الفرح صار ديدن حياتها مو مجرد لحظات عابرة تهدي لها مضادات
الاكتئاب .. اللي تعرفه ان اليوم من صحت الظهر وهي تحسه غير .. وكأنها انولدت
من جديد عشان تعيش الفرح وبس شكرت ربها من قلب على نعمه وعطائه .. تعلمت
من قيام الليل الصبر .. ومن الدعاء في جوف الليل الأمل .. ومن قراءة القرآن الراحة
والطمأنينة .. ومن الرضى بما قسم الله لها احساس السعادة .. يكفيها نصيبها اللي
جمعها بانسان متفهم لحالتها واحتياجها .. انتبهت لصوته يناديها ولفت عليه تطالعه ..
تكلم وهو مبتسم : ضحكيني معتس ..
ابتسمت بخجل : صوتي كان عالي ؟
هز راسه بإيه : عساه دوم يارب .. البسي عباتتس بنطلع نتعشى ..
ناظرت ساعتها وشافتها تشير لـ 10:25 م : الحين ؟
تكلم وهو يلبس شماغه : ايه .. انتظرتس بالسيارة ..
قامت على طول بدلت ملابسها ولبست عباتها ونزلت له .. ومن ركبت السيارة مد يده
وشبكها في يدها .. ابتسمت بخاطرها وزفرت كل الهوا اللي بداخلها وهي تحس بيده
تضغط على يدها .. جلس يسولف لها يحس انه اذا تكلم معاها بكل شي بحياته بتفهمه
اكثر وتحبه اكثر .. يكفي وجوده معاها اعطاها احساس الأمان اللي افتقدته فترة طويلة
/
\
/
\
بعز الصيف ودرجة الحرارة تجاوزت منتصف الأربعينات .. وتحت شمس الرياض
الحارقة في هالفترة من السنة .. وقفت تنتظره كانت متضايقة وواصلة حدها منه ..
هو قايلها انه برا ويوم طلعت وكلمته رجع يقول لها انه شوي ويوصل رجعت تدخل
شوي الين مايوصل .. ومن شافت سيارته من خلف الأبواب الزجاجية .. راحت له
وهي معصبة .. ركبت وهي تتأفف .. وعلى طول قبت فيه وهي زعلانة : يوم انك
بتتأخر ليش لاطعني برا .. وفي هالشموس اللي تذبح الواحد ..
بكل برود تكلم .. : لا تعالي طقيني احسن .. بعدين فيه شي اسمه سلام بالاول ..
تكلمت بنفس العصبية : مانيب مسلمة زين ؟
قاوم ابتسامته عليها وهي معصبة .. : لا مو زين .. ياشين الحريم لاحملن .. ماودك
تقربهم ..
لفت عليه تناظره ينرفزها اذا صارت معصبة وهو ياخذ الامور باستهبال .. ولفت
انتباهها احد قاعد بالسيت الخلفي ركزت نظرها وشافت بنوتة صغيرة قاعدة وهي
مبتسمة .. رجعت تطالع في طلال مستغربة : من هذي ؟
تكلم بدون ما يناظرها : من هي .. ؟
قهرها بروده معاها تحس وده تصارخ عليه و تذوب قالب الجليد اللي جنبها : البنت
اللي معاك من هي ؟ " ولفت تأشر عليها " هذي هي ..
بنفس البرود تكلم : بنتي ..
شهقت وهي تطالعها وتطالعه : وشووووو ؟
لف عليها متنرفز : شوي .. شوي فجرتي اذوني .. بنتي .. وش الغريب فيها ؟ محد
بالدنيا عنده بنات ؟
عجزت تستوعب كلامه اللي يقوله لها شلون بنته وهي توها تعرف .. حاولت انها
ماتعصب ولا تتنرفز : طلال واللي يسلمك فكني من هالمزح الماصل .. وتكلم من
هذي .. ؟
لف عليها ورفع نظارته يناظرها .. : يعني تبيني اكذب ..؟ هذي جزاتي اللي جاي
اصارحك واعلمك الصدق .. بس عاد تدرين بكيفك مو لازم تصدقين ..
لف على البنوتة وهو واقف عند الاشارة وهو يضحك لها .. : لولي قلبي .. تعالي
بوسيني
قامت بدلع وقربت منه .. وباسته على خده .. كل هذا ونورة تناظره مصدومة ..
استجمعت كل حروفها و تكلمت : بس انت قايل لي انك طلقتها قبل يجيكم عيال ..
شلون الحين جايب لي هالبنت ..
تأفف من تحقيقها : اووووف وانتي بتقعدين طول الطريق تحققين معاي .. ترى
الدنيا عز الظهر .. الواحد بالقوة يقدر يتحمل نفسه .. وانتي تبين تغثيني بأسئلتك
اللي ماتنتهي ..
فتحت عيونها على اتساعها وهي مستغربة تناقضه ..: هااااو .. وراك قلبتها علي
الحين .. هماك تقول انك جاي تعلمني اجل شلون اعرف وانت ساكت ماتكلمت ..
ولا انت هذا طبعك .. لاشفتني زعلانة ماتحب تعتذر .. وتقلبها علي لين اجيك انا
وارضيك .. " وغصب عنها نزلت دموعها .. من هالموقف اللي حطها فيه وهمست
بحزن " الله يسامحك بس ..
طلال بابتسامة : افااا بس زعلت الحنونة .. يعني الحين مصدقة ان عندي بنت وتوك
تعرفين .. هذي ليان بنت خويي رياض اللي سولفت لك عنها .. ول ماينمزح معك
انتي .. على طول تقلبينها جد ..
حست بلحظتها ودها تذبحه .. صرت على اسنانها وهي تكلمه : وهذا مزح ؟ ماتخاف
ربك انت ؟ لو صار فيني شي الحين بسبتك وش كنت بتستفيد ..
طلال وهو يوقف عند البيت : ياحبك لتكبير السوالف .. لا تسوين لي فيها انك زعلانة
عاد ..
نزلت وهي معصبة وسكرت الباب بكل قوتها بدون ماتقول له شي ودخلت البيت تحس
نفسها ودها تنفجر من الغضب .. يقهرها بروده .. اوقات تحس انه انسان بلا مشاعر
و تصرفاته غير مسئولة شافت خالتها والبنات قاعدين في الصالة سلمت عليهم وحبت
راس خالتها قعدت معاهم وهي متضايقة ..
ام طلال تناظرها مستغربة : وش فيك ياحافظ ؟ احد قايل لك شي ..
نورة بقهر : ولدك مايرتاح لين يجلطني ولا يموتني .. شايف حالتي هالأيام شلون ..
بنت عمي بين الحياة والموت بالمستشفى وهذا جاي يلعب باعصابي ..
دخل عليهم وهو شايل ليان .. سلم عليهم وعلى امه وقعد جنب نورة اللي من ضيقتها
بعدت عنه شوي .. سما من شافت ليان قامت تاخذها منه : ياحبي لها لولي .. ياعمري ياناس والله كبرت
قعدت تبوس في خدودها وتلعبها وطلال يعلمهم بالسالفة والبنات يضحكون .. ناظرته
ام طلال معصبة : ياصغر عقلك .. الناس تكبر وتعقل وانت ماشاء الله زاد هبالك ..
اجل جاي تقول لها هذي بنتي وتبيها تضحك لك .. سبحان الله مثل ابوك مايروق الا
بالسنة مرة ولا راق طلع لي الشيب في راسي .. الله يهديكم بس ..
تكلمت نورة بدون ماتناظره : ولادتي ان شاء الله بعيد الأضحى .. " وقفت تستئذنهم "
يالله انا بروح انوم لي شوي من اصبحت وانا بهالمستشفى ..
طلعت لجناحها ودخلت تسبحت ومن طلعت شافته جالس قدامها طنشت وجوده وهي
تروح لغرفة ملابسها .. لبست لها بيجاما وخذت جوالها واتصلت على راكان تسأله
عن سارة اليوم .. ومثل كل يوم سمعت نفس الجواب .. غيبوبة والى هالحين حالتها
غير مستقرة .. سكرت منه وهي تدعي ربها .. يسبل عليها ثياب الصحة والعافية ..
ويقومها بالسلامة .. رجعت لغرفتها وتمددت على سريرها بدون ماتقول له شي ..
تغطت وغمضت عيونها وهي للحين مقهورة منه ..
كان من الاول يحوس بجواله .. ومن شافها تجاهلته ونامت .. حاول انه يحتك فيها
ويكلمها .. : نورة .. " انتظرها لثواني ترد عليه ورجع تكلم بعدها " ترى قلت امزح ..
لا تزعلين عاد ..
رفعت اللحاف عنها وناظرته ..: ممكن تخليني انوم .. وبنت الناس اللي راميها تحت
رجعها لاهلها ..
قام وجلس على طرف السرير جنبها .. : الحين بروح .. بس لا تكلميني وانتي قافلة
اخلاقك .. فكيها عاد ..
قعدت على طول وتكلمت بعصبية بدون ماترفع صوتها : طلال انت تستهبل ولا تحاول
صعب يعني تقول غلطت ؟ تراها كلمة وحدة بس تطيب خاطري .. لكن انت تحب دايم
تضيق خلقي .. خلاص روح وخلني انام شوي بقوم اقعد مع اهلك قبل يسافرون ..
مسك يدها : خلاص حقك علي .. وربي اني كنت طفشان .. ومانويت امزح هالمزحة
بس شفتك معصبة علي قلت اغير الجو شوي ..
نورة وهي تناظر بعيونه : تغير الجو تعصب بي اكثر ؟
باس خدها وهو قايم : هالمرة سماح خلاص .. ادري قلبك طيب ومايهون عليك تزعلين
على نور عيونك ..
اخفت ابتسامتها وهي تعاتبه : وانت كل مرة تلعب بعقلي بهالكلمتين .. روح انت خلاص
ولا جيت بيروح اللي بخاطري كله للحين بقلبي عليك شوي ..
طلع من عندها واخذ ليان من عند خواته ومشى راجع للشركة ومن وصل للشركة مسك
جواله وارسل لها مسج اعتذار .. وبداخله متأكد بقلبها الطيب راح تنسى اللي صار كله
اذا عرفت ان اللي بقصده كله مزح حتى لو كان بدون معنى ...
/
\
/
\
من لحظة انكشفت كل الحقائق وهي تعيش بعذاب نفسي ما انتهى .. استحقاره لها
وكلامه اللي زود همومها وعذابها .. وفوق هذا حرمانها من ابسط وسائل الاتصال
خلتها تحس انها تعيش الحرمان بكل تفاصيله المتعبة .. جياته المتكررة وكلامه اللي
تحسه موجع اكثر من الضرب .. وشماتة امه وخواته فيها خلاها تعيش بحزن كبير
وزاد عليها هالهموم كل المشاكل اللي صارت في بيت اختها واتعبتهم .. نزلت عند
امها اللي من صار اللي صار ما تكلمها .. بالنسبة لها ممكن تتحمل كل شي الا كلام
امها لها اللي للحين مو قادرة تنساه .. وكل يوم يتردد في بالها .. وكأنه درس عليها
حفظه وتسميعه .. " والله ما اسامحك على اللي سويتيه ابد " جلست جنبها ودموعها
بعيونها : يمه تكفين وربي خلاص توبة .. بس ابيك ترضين علي .. والله اني اموت
في اليوم مليون مرة وانا انتظر منك كلمة ..
مسكت يدها تبي تحبها .. وسحبتها منها بدون ما تناظرها .. مسحت دموعها وتكلمت
بصوت مبحوح من الصياح : وربي توبة .. خلاص يمه انا عفت كل شي عقب اللي
صار .. ولد عمي كل ماجاني يعايرني " وبرجاء " اقسم بالله ماعاد امشي هالطريق
ابد ..
لفت عليها وناظرتها معصبة : وانتي تعرفين الله .. ؟ تالي عمري بناتي يفرقون بين
المرة ورجلها بالسحر .. ؟ ياويلكم من ربكم .. على هاللي سويتوه .. " رفعت يدينها
للسماء وتكلمت بحزن كبير " يااااارب اشهدك اني بريئة من فعلهم يارب لاتواخذني
بسواتهم ..
تكلمت بدفاع عن نفسها : بس يمه انا ماسويت لهم شي .. وربي تبت عن هالسحر
خلاص .. وش اللي استفادته فوزية منه .. والله ما اتدخل بحياتهم ابد ولا ابي منهم
شي .. حتى لو طلقها مابياخذني .. يمه انا مكتوب علي الشقى .. وهذا نصيبي مع
طلال ولا عزام ..
ضحكت بسخرية بدون ما تناظرها .. : العيب منك انتي .. ولا كلهم رجال وكلن
يمدحهم .. قومي عني مابي احاكيك ابد .. انا حالفة بالله ما اسامحك على فعايلك
انتي واختي .. وتراني ماولدت احد ولا ربيت .. من اليوم ماعندي بنات ولا ابيكم
عسى الله يغنيني من فضله ..
حنين وهي تحس بضيقة بصدرها .. : عاجبك حالي يعني .. وهم كل يوم والثاني
يدقون عليك ويتشمتون فيني ؟
بكل برود تكلمت .. : كفوك .. محد جاب لك الحكي الا انتي .. تحملي اللي سويتيه
عمرك كله .. رجلك راميك عندي .. وحالف علي ما اخليك تطلعين .. ولا تمسكين
التليفون .. ولا مو هو اللي حالف وربي ماتعتبين هالباب الا على قبرك ..
قامت من عندها يكسوها الحزن .. لمست قسوة بكلامها بحياتها امها ما كانت قاسية
ابد .. كانت بالنسبة لها الحنان اللي بحياتها ماعرفت مثله .. كانت ماترضى زعلها
واللي تبيه هي يجيها لو بأصعب الطرق ..
ماتلوم امها او تلوم عزام على اللي هي فيه الحين كل هذا نتاج حياتها قبل .. لعبها
واهمالها ولا مبالاتها .. خلقت منها انسانة تعيش حياتها بتفاصيل قمة في التعاسة
تعيش بسجن ممل وكئيب .. وكل زواياه تحكي فضيحتها .. او بالاصح فضايحها
ومابين عزام و طلال وقفت بالنص خسرانة " لا نالت عنب اليمن ولا بلح الشام "
واثنينهم استمرو بحياتهم من دونها .. ووقفت هي حياتها بانتظار هالاثنين ..
عورها قلبها على مصيرها وظلت لساعات تبكي بحرقة .. ماتحسفت على اي شي
كثر كلام امها ومعاملتها اللي تغيرت .. ودها لو الزمن يرجع فيها لورى .. وتختار
طريقها صح من البداية .. يمكن كانت للحين تعيش مع طلال بقمة سعادتها ..
تكورت على نفسها .. وهي تبكي بحرقة مصيرها المجهول .. قال لها انه بيتركها
معلقة .. وتدري انه يبي هالشي عشان يعذبها وهو بيعيش حياته مع انسانة غيرها
وبتظل هي هالمرة بعد .. تصارع غيرتها وحسدها .. وهي تشوف العالم يعيشون
بسعادة .. وهي ماحصدت بحياتها الا التعاسة ..
اما هو مو قادر ابد ينسى صدمته فيها شي ابد ماكان يتصوره .. مو لأنها زوجته
بس لأنها بنت عمه اللي ماتخيل ابد انها تكون رخيصة .. صحيح انه هددها انه
راح يتزوج على طول .. لكن هالصدمة افقدته الثقة في جنس حواء .. ومحتاج وقت
ممكن يكون طويل ويتناسى هالهاجس الموجع ..
ماوده يفكر فيها .. ولا يضيع دقيقة من عمره يتحسف عليها .. بنظره هي انسانة
ماتستحق منه ادنى تفكير او اهتمام .. وحياته راح تستمر فيها او بدونها .. وكل
انسان مهما كان نصيبه بيوم قاسي وقادتهم الدنيا لفراق قدره الله عليهم .. بيلاقون
العوض مع شخص آخر ونصيب مختلف .. وهذا اللي هو مؤمن فيه ولو بعد حين

الجزء الرابع عشر

[ الفصل الأول ]‎‎‎‎

/
\
/
\
راحْ عُمْري وقِلتْ : يالله ما عليه
كِنتْ أبيِّنْ راحِتي وجَرْحِي نِزَفْ
قلبي المُتْعَبْ .. أنا وشْ في إيديه؟؟
ما يجيه الحَظْ .. حتَّى بالصِدَفْ
يا حبيبي .. ما تِفيدْ الحينْ / ليه؟
والله العَالِمْ // بِمَا فِيني وعَرَفْ
[ إنتْ ].. أكْثَرْ شَيْ بالدِّنيا أبيه
وما حَصَلْ لِي فِيكْ قِسْمَه للأسَفْ
- بعد 4 اشهر -
بعد انتهاء مدة عدتها اللي استمرت 4 اشهر و 10 ايام .. قررو اليوم يروحون لبيت اخو
زوجها .. تبي تخطب لولدها بنت عمه .. تجهزت ولبست عباتها وقعدت بالصالة تنتظره
بيتهم كان من دور واحد من 6 غرف متوسطة .. وغرفته هو كانت وحدة منها .. صوتت
له وهي كل شوي تناظر ساعتها .. شوي الا وهو طالع لها .. ابتسم لأمه وقرب منها يحب
راسها .. ماكان يبي هالخطبة تصير بهالوقت .. ابد مو مستعد لها نفسيا .. محتاج وقت
طويل حتى يتخطى حزنه على ابوه اللي خطط معاه على هاللحظات بالتفصيل .. مشى معاها
لسيارته رايحين لبيت عمه .. قال لها من البداية .. مايبي ملكة كبيرة .. مختصرة جدا وتقتصر
على العائلة بس .. والعرس بعدها بفترة هو بعدين يحدده .. بس ماراح يكون قبل 3 اشهر ..
هم عارفين و متأكدين ان الموافقة راح تتم وروحتهم اليوم شكلية .. مجرد اجراء روتيني لازم
يصير بكل خطبة ..
كان يستمع لسوالف امه عليه .. يدري انها هي بعد كانت تتمناه يكون معاهم بهاليوم .. لكن قدر
الله وماشاء فعل .. رد على اتصال اخوه الكبير يستعجله .. وبعد ماسكر لف على امه يكلمها
.. : يمه ..
كانت تسبح بيدها .. كملت تسبيحها لثواني ورجعت بعدها تناظر فيه : هلا يمه ..
نايف بلهجة جدية : لاحد يقول فيه شوفه ومدري وشو .. بشوفها يوم الملكة .. البنت بنت عمي
وماله داعي هالسوالف كلها ..
تكلمت برجاء : اجل عجل على العرس وانا امك .. وخل هالعناد عنك .. فلوسك والحمدلله
عندك .. وعمك عارف احوالك كلها وماهوب محملك فوق طاقتك .. وهذاك مستقر بالرياض
والبيت بيت ابوك موجود .. مايبي لك الا شوي تجديد فيه .. وربك بييسر كل امورك ..
تنفس بعمق وتكلم وهو يناظر الطريق قدامه : ان شاء الله خير يمه ..
هزت راسها برضى وهي تردد : ان شاء الله .. ان شاء الله ..
ورجعت بعدها تكمل تسبيحها .. وسرح هو بأفكاره لهاليوم اللي راح يغير من حياته ..
"وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون "
.. واليوم هو رضى بما قسمه الله له لعل في الأمر
خيرة .. وصلو لبيت عمه ونزل هو وراح لأمه يسندها .. ضغطت على يده بقوة وهي تطلع
الدرج .. كلم اخته تجيه عند الباب .. وبعد مامسكت امها راح هو لمجلس الرجال .. دخل
وسلم عليهم وجلس بعدها عند اخوه .. مراسم الخطبة مرت ثقيلة وكئيبة .. لحظات تمناها
تعدي بسرعة ويرتاح .. كان يدري بالجواب مسبقا .. البنت موافقة عليه وتبيه .. ابتسم لعمه
وتكلم : ابي الملكة بعد اسبوعين .. والعرس متى ماتبون انا راضي ..
تكلم اخوه الكبير على طول : بعد الملكة بشهرين .. وش قلت ياعمي ؟
عمه بسعادة بالغة : توكلنا على الله ..
طول الوقت كان مبتسم وكأنه مبرمج نفسه على هالتعبير الوحيد لحين انتهاء الخطبة ..
استئذنوهم طالعين وطول طريق الرجعة وامه تسولف له بلا توقف .. وفضل هو الصمت
حتى اشعار آخر .. بعد مانزلها طلع يتمشى بسيارته شوي .. كان محتاج لوقت يكون فيه
لحاله بعيد عن المجاملات والرسميات المرهقة الى ابعد الحدود .. كان يلوم نفسه على
لحظات اعتبرها طيش حتى لو كان قصده الخير .. من القرية وبيوت الطين واهلها الطيبين
ماتبقى له الا ذكرى حلوة .. ولحظات عذبة من العمر مستحيل تمحيها السنين .. ومن ملامح
سلمان البريئة .. ونظرات عيونها الخجولة .. تبقى بقلبه جرح .. كيف لحظة وحدة بس فرقت
مابين شعورين متناقضين .. فرح وحزن والسبب عادات قديمة ضرت اكثر من مانفعت ..
تمنى بس لو انه يملك فرصة وحدة بس ويبرر لها اللي صار .. ويسرد لها تفاصيل حكاية
خذلانه .. للحظات يهونها على نفسه .. متوقع انها بعد اللي صار ممكن تكون كرهته ..
وهالشي يسهل لها نسيانه .. تعوذ بالله من الشيطان .. وهو يدعي ربه ان الماضي يظل
ماضي بأوجاعه وجراحه وآلامه .. وتشرق له شمس الأفراح بحاضره ومستقبله ..
/
\
/
\
/
\
/
\
من طلع من المسجد من ساعة وهو يقرأ قرآن .. كان يقرأ بخشوع وترتيل ومع هالقراءة
يحس بارتياح ماله حدود .. هالأشهر الأخيرة غيرت فيه كثير وخلقت منه انسان ثاني غير
اللي قبل .. كان شخص يعيش الدنيا بدون اي تفكير بالآخرة .. والحين بالنسبة له الدنيا آخر
همه .. وش اخذ منها غير مصايب وهموم وهالشي من بعده عن خالقه .. وانغماسه في
ملذات الدنيا .. والحين مايبي الا رحمة ومغفرة رب العباد .. لعل الأيام القادمة تحمل له
الفرح والسرور .. اتم قراءة سورة التوبة وسكر المصحف على دخلة اخته عليه .. ابتسم
لها وهو يرد السلام : هاااه جاهزة نمشي الحين ؟
هزت راسها بإيه : من اول جاهزة وانتظرك .. وزياد طول الوقت يحن على راسي ..
رمى عليها مفتاح السيارة : يالله اجل اسبقوني .. بروح اسلم على امي واجيكم ..
خذت المفتاح اللي طاح على الأرض .. وراحت للسيارة هي وزياد .. وراح هو لغرفة امه
اللي خصصوها لها من شهرين بالدور الأرضي بعد ماطلعت من المستشفى .. شاف جسدها
ملقى على السرير بلا حراك .. لو ما تحرك يدها اليسرى كان ممكن يظن اي شخص انها ميتة ..
جلطة في الدماغ سببت لها شلل نصفي .. ومابقى لها في هالعمر الا المآسي .. واصبحت
الجهة اليمنى بلا اي احساس يذكر .. ومازاد الأمر سوء عندها صعوبة الكلام دنق عليها
وحب راسها وجبينها : اشوفك على خير يمه .. ان شاء الله محنا مطولين .. بكرة اذا الله
احيانا بنرجع ومعاذ عندك لاحتجتي شي ..
حاولت تحريك لسانها .. تبي تقوله شي بخاطرها .. مد يده وضغط على يدها : مأجورة
يمه .. الله يجعلها لك تخفيف ذنوب ..
رجع حب راسها وطلع من عندها .. ركب سيارته ومشى رايح للشرقية .. لأول مرة من
يوم طقها بيشوفها اليوم .. محتاج يشوفها ويعتذر منها يمكن تقدر .. تسامحه على ماضيه
الأسود معاها .. كان الزمن قاسي عليها وكمل هو وكل من في هالبيت عليها .. مازالت
مشاعره متناقضة مابين احساس فرح لديما .. واحساس حزن على منال .. واحساس آخر
بالشفقة والرحمة على امه .. مايدري اذا ديما راح تسامحه أو لا .. لكن هالمرة جد هو ندمان
على كل شي صار .. الفترة اللي قضاها بالسجن برغم قصرها .. الا انها كانت فترة محاسبة
للنفس .. فضيحة ابوه والحجر على كل أمواله الا البيت وفضيحة اخته اللي صارت على كل لسان ..
ومرض امه من هالصدمات كلها .. حتى خالته اللي انفضحت بين اقاربهم وكلن صار يتكلم
عليها .. و " سارة " اللي تسبب في اذيتها وماكان لها ذنب الا سذاجتها .. واللي دخل السجن
بوقت كانت روحها مابين الحياة والموت .. ترك كل تفكير اتعبه خلف ظهره .. وبدا يسولف
مع مروى .. هالانسانة اللي خايف عليها من المستقبل .. وده يكون حولها طول الوقت ..
ويمنعها من الانحراف خصوصا ان هالزمن مايرحم .. والمغريات موجودة بكل مكان .. اما
هي كانت تشوف فيه نقيض طارق اللي قبل .. كان شخص لا مبالي .. آخر اهتماماته اهله
وخواته والبيت .. شيئين ماكانت تفارق يده ابد .. جواله وزقارته .. ودايم عابس ومعصب ..
هذا في الأوقات القليلة اللي يكون فيها في البيت .. لكن الحين هو شخص غير .. ملتحي ودايم
مبتسم رغم ان واقعهم مكتظ بالوجع .. ومالقو مساحات الفرح من اشهر .. والأهم انه صار
يصلي كل صلاة في المسجد .. وهو اللي كان ابعد مايكون عن ربه .. ناظرته مروى وتكلمت
بارتباك : طارق ..
تكلم بدون مايلتفت لها : هلا ..
مروى وهي تناظر بالطريق قدامها : تتوقع شلون تستقبلنا ؟
لف عليها يناظرها : مادري شلون بالضبط بس الأكيد انها مو مرحبة فينا ..
تجمعت الدموع في عيونها وهي تتذكر ماضيها معاه .. نزلت راسها وهي تشبك يدينها في
بعضهم : ظلمتها كثير ..‏ كنت دايم اذا سويت شي غلط احطه عليها .. وهي اللي تاكل الضرب
عني ..

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات