رواية سجينات خلف قضبان القصور -39

رواية سجينات خلف قضبان القصور - غرام

رواية سجينات خلف قضبان القصور -39

ان شاء الله ربي عوض عليها فيه وينسيها سعد وسنينه " وبتردد " موضي بعلمتس
شي بس لا تضحكين علي .. " هزت راسها بفرحة ".. وكملت نورة : ولا تقولين
شي بعد .. بس ابي اقول اللي بخاطري وعقب بعطيتس ظهري وانوم ..
اتسعت ابتسامتها بعد ماحست وش اللي تبي تتكلم فيه نورة .. : قولي ..
قربت من اذنها وهمست : ذابحني الشوق وانا اختس .. يالعنبو ذا الحب لاعبن
في قلبي ياموضي .. بعدت عن اذنها وهي تمسح دموعها اللي نزلت غصب عنها
وعلى طول قلبت على جنبها الثاني وتغطت بلحافهم .. ابتسمت موضي وهي
تردد كلمات نورة في بالها .. " مردتس بتشوفينه يالنوري مير البلا اللي تشتاق
ولا كتب لها ربي تشوفه " .. كبتت كلماتها بداخلها وغمضت عيونها بقوة كأنها
ترتجي النوم ويجيها .. وبعد جهد ووقت طويل نامت ..
/
\
/
\
/
\
/
\
اليوم عرس شيخة والكل فرحان بهالمناسبة .. يمكن كان الفرق بينه وبين
زواج نورة كل التخطيطات السابقة واللي نفذتها لمياء هالمرة الزواج تقليدي
مثل كل زواجات الديرة .. بسيط الى ابعد الحدود بخيام كبيرة تنصب في كل
زواج لاهل هالديرة وبكرة راح يكون حفل زواجها بالخرج .. بين اهل الوليد
وجماعته .. من بدري جاهم راكان وقبل العصر وصلو ام العريس وخواته
كانو مقررين يمشون على الساعة 11 ومايطول هالعرس لان بكرة وراهم
تعب ومجهود اكثر بعد صلاة العشا وعلى صوت الطق الشعبي تجمعو الحريم
والبنات يرقصون كانت حتى ملابسهم بسيطة .. وشيخة " العروس " مالبست
فستان ابيض اليوم .. كل هالامور مأجلة لبكرة كانت لابسة فستان ذهبي ناعم
وزينتها نورة باللي تعلمته خلال فترة اقامتها بالرياض ..
كانت نورة ماشية وتصب القهوة للحريم ووراها حصة بصحون الحلى اللي
جايبينها اهل العريس .. وقفت تناظر اذا احد يبيها تصب له او لا وضحكت
من قلب وهي تشوف سارة ماشية وجوالها بيدها .. : السوري ..
جاتها مبتسمة : هاااااه ..
ضحكت بأعلى صوتها : هويتي في دزليب ان شاء الله .. وراتس تصارخين
علي ..
وقفت متكتفة وهي تهز رجلها .. وتخفي ابتسامتها ..: مانيب صابة القهوة لو
تموتين .. وش عندتس ؟
تكلمت بصوت حاولت مايسمعها فيه الا هي : مابي منتس شي بس هالجوال
اللي بيدتس وشوله ؟ لا هو اللي شغال بديرتنا ولا شي ..
نغزتها بكوعها وهي تسكتها : اسكتي بس ابي اكشخ فيه عند جماعتنا روحي
صبي القهوة لوضحى هذا هي رافعة لتس فنجانها ..
ناظرتها نورة برجاء : تكفين طلبتس يابنت عمي خوذي الدلة وصبي لهن
وربي تكسرن رجليني ومانيب قادرة اشيل عمري من هالدوخات اللي تجيني
خذت منها الدلة وهي تحط جوالها بصدرها .. : عيبي ماقدر ارد لتس طلب
واللي تامر فيه النوري البيه ..
جلست مكانها وهي تدعي لها : ياجعلني ما خلا من هالزول قولي آمين ..
سمعت صوتها وهي تردد " آمين " دقايق وقامو مع امهم يودعون شيخة ..
ماكان وداعها هالمرة يقل عن وداع نورة حزن رغم انها هي هالمرة اقلهم
حزن عليها لانها تدري انها بتكون قريبة منها ومع هذا بكت لانها وداع ..
اما شيخة حست بقلبها يوجعها من كثر الألم اللي تحسه .. هالمرة بتفارق
اهلها ومهما حاولت تخفي مشاعرها راح تظهر ضمت امها ونزلت دموعها
اللي من اول حبستها : يمه تكفين ابوي لايصير فيه شي وانتي بعد لاتتعبين
عمرتس ترى كلنا نشتري راحتتس ولا نشوفتس تعبانة ..
رفعت يد امها وباستها .. ورجعت حبتها على راسها وعلى جبينها : ادعي
يالغالية ..
ترددت دعواتها والكل يسمعها : عسى الله يوفقتس ويسهل امرتس وعساها
تتيسر دروبتس ويكتب لتس الله بهالعرس الخير كله ..
ودعت بعدها خواتها وقريباتها .. وسلمت على كل اللي جو يسلمون عليها
ومشت معاهم .. كانو حولها خواته وامه اللي ماسكتها من يدها تمشي معاها
للسيارة ..
ركبت معاه بسيارته وراحو هم بسيارتهم الثانية .. كان الفرق بينها وبين
نورة انها ودعت كل شي بصمت لانها تعودت تخفي حزنها بداخلها كل شي
مرت عليه وتشوفه اليوم لآخر مرة وهي عايشة بين اهلها تودعه بهدوء ..
كانت ساكتة بدون اي كلام او حتي انفعالات وبداخل قلبها كل ضجيج هالكون
خوف والم وحزن وتوتر وارتباك .. مد يده ومسك يدها وارتجف جسدها
خوف .. وهالمرة بعد كان هو نقيض طلال بكل شي .. كان حاس بحجم حزنها
واغتنم هالطريق الطويل بالسوالف رغم انه خجول شوي .. لكن قدر يسولف
لها ويسمع منها ردود على تساؤلاته حتى لو كانت بسيطة ..
ساد الصمت لفترة مو قصيرة .. وغصب عنها فاض فيها الحنين .. " يارب
صبرني على فراقهم انت وحدك تعلم وش كثر عندي غلاهم يارب " ماكانت
تبيه يشوف دموعها اللي خذلتها ونزلت .. راحو للرياض لشقتهم ومن بكرة
بيروحون للخرج من اول مادخلت الرياض راحت عينها لكل المناظر حولها
وقعد هو يسولف لها عن الاحياء اللي مرو فيها وكأنه يرضي فضولها ..
ومن وصلو للشقة نزل هو وفتح لها الباب ,, مد يده ومسك يدها وهي تنزل
قفل السيارة وطلع معاها للشقة .. " الحمدلله يارب ان نورة قايلة لي على كل
شي ولا كان تفشلت اليوم عنده " جلست في الصالة وجلس جنبها شال غطاها
وهو يناظرها مبتسم : ابي اشوفك الحين زين ..
نزلت راسها بحيا وهي تحس نظراته تحرجها .. اول ماشاف حمرة خدودها
شال عيونه عنها : الف مبروك ياشيخة ..
تكلمت بصوت بالكاد ينسمع : الله يبارك في عمرك ..
كان وده يقترب منها اكثر بس خجلها يبعده شوي .. يبي يريحها هاليوم من
اي ضغط ويريح نفسه هو بعد .. قام وهو ماسك يدها : تعالي شوفي البيت ..
قامت معاه وهي ترفع عباتها مسك العباية وفصخها : هذا بيتك وانا زوجك
وشوله هالتعب كله ..
حطت يدينها على كتوفها وكأنها تغطيها .. رغم ان فستانها مو عاري الا
ان اكمامه الشيفون كانت مسبب لها احراج كبير مسك يدها وراح يوريها
شقتهم المتواضعة كان اثاثها حلو ورخيص مناسب لامكانياته ومن وصلو
غرفة النوم دخلها الغرفة وفك يدها .. : هذي غرفتك خذي راحتك وسوي كل
اللي تبين .. انا باخذ هدومي وبتسبح وابدل ..
هزت راسها بابتسامة : زين ..
ومن اول ماطلع من الغرفة وسكر الباب .. كانت تتبع كل نصايح نورة اللي
نصحتها فيها .. كل شي كانت مجهزته لها في مكانه بدت تفتش عن قميصها
اللي بتلبسه هالليلة .. جهزت كل شي وحطتهم على السرير وراحت للباب
تقفله دخلت الحمام ( تكرمون ) وتسبحت بعد مالبست وجففت شعرها فتحت
الباب وقعدت تحط روج وكحل .. تعطرت على دخلته عليها .. كانت تبي
تروح للسرير قبل يدخل بس هو فاجأها غمضت عيونها وهي تشوفه يقرب
منها مسك يدها وهمس لها : تعالي ارتاحي ..
جلست جنبه وهي تحس باحراج عمرها ما كانت فيه " الله يسامحتس يانورة
ليتتس مخليتني البس لي دراعة بدل هالفاصخ اللي جايبته لي .. وش يقول
علي الرجال والله ليقول هذي ماتستحي " كان قميصها طويل بسيور رفيعة
وعليه روب طويل من الدانتيل ومع هذا كانت تحس باحراج كبير منه لانها
اول مرة تشوفه وتجلس معاه ..
اما هو كان حاس فيها وبخجلها اللي واضح على كل تعابير وجهها وحاول
بكلامه انه يخليها تتعود عليه شوي .. غمضت عيونها تقاوم كل مشاعرها
وهي تحس فيها يلمها باحضانه .. وكل اللي بقلبها تردده " يارب وفقني ..
وانت ولي التوفيق "
/
\
/
\
/
\
/
\
بعد مارجع للرياض طلع هو وخوياه يومين كاشتين بالبر .. رغم ان الجو
بدا يصير حار الا انهم يبون يوسعون صدورهم ويغيرون جو كان مشاري
وعبدالله يطبخون العشا .. وراكان ومنصور يلعبون ورق وكل شوي صوت
صراخهم يعلى .. التفت لهم منصور : ياخي قوي النار بيذبحنا الجوع وعشاكم
ماخلص ..
طقه راكان على فخذه بقوة : اقووووول العب وانت ساكت .. ماعليك فيهم
يالدب ..
ضحك راكان وهو يسمع صوت مشاري يهاوشه .. : ماعليك فيه هالفيل اصلا
مايشبعه شي والله لو تحط له مفطح كلاه بلحاله ..
قام منصور وطمر فوق راكان بكل قوته .. : انا اوريك من هو الفيل يالزرافة
كان راكان يضحك وانفاسه مكتومة بعد ماجلس منصور على بطنه .. : وخر
عني بتذبحني .. الحقووو علي " وبصوت بالكاد يطلع " مشاري الحق علي ..
منصور بكل خبث .. : مانيب قايم الا اذا قلت لو سمحت يامنصور قوم عني ..
كذا ابي اسمعها بذوق واحترام ..
راكان وهو يستجمع انفاسه : لو سمحت " وتنفس بصعوبة " يامنصور قوم
عني ..
وخر عنه منصور وهو يضحك : اييييييييه الحين تعرف شلون تكلم منصور
ولا عاد اسمعك تقول الفيل ولا والله لا اتوطى في بطنك ..
وقف راكان وهو ماسك بطنه ويضحك : اول مرة بحياتي افهم وش معنى
اتوطى في بطنك لعنبو ابليسك خفف من هالشحوم والله اللي تقعد عليه بيموت
قعد يضحك مكانه وهو يلتفت على مشاري وعبدالله : ياعيال وين عشاكم تراكم
ذليتونا يهالكبسة ..
مسكه راكان مع كتوفه واتكى عليها : اصبر وانا اخوك الصبر زين هذا مشاري
اللي طابخ لنا ومايحتاج اعلمك عاد كبسة مشاري لا يعلى عليها ..
استمرو اغلب الوقت على مشاحناتهم بعدها حطو عشاهم وتعشو .. وبعد العشا
ضبط لهم راكان الشاهي وقعدو على نور القمر والضو اللي شابينه يتسامرون
راح عبدالله وجاب لهم المسدس : يالله ياعيال خلونا ننوم وهذا عبوه رصاص
ما اعرف له ..
اخذه منه منصور وهو يبي يحط الرصاص فيه .. قعد يلفه وهو يناظر فيه من
الداخل : ياخي هذا فيه رصاص ..
عبدالله وهو يفرش فراشه : لا والله ابوي يقول لي مافيه رصاص .. عاد شوفه
انت انا ما اعرف له ولا عمري شلته ..
قعد منصور يطالعه كذا مرة : صدقني فيه رصاص اجل وين احط هذا ؟
تمدد عبدالله على فراشه وتلحف تاركهم يحوسون فيه قام بعدها راكان وشال
فراشه يبي يحطه .. ووقف معاه منصور مد له المسدس وهو يأشر له على
داخله : شوفه مليان صح علي ؟
خذاه منه راكان وصار يقلبه في يدينه يبي يتأكد اذا كان فيه رصاص او لا
ثواني بس قبل يفجر اذانهم صوت دوي رصاصة .. جمدت الكل بمكانه قام
عبدالله من مكانه مفزوع وشاف اثنين قدامه بدون اي حركة راكان اللي بيده
المسدس ويناظر مذهول .. ومنصور اللي استقرت الرصاصة في صدره ..
تجمعو مشاري وعبدالله على منصور يبون يكلمونه وراكان مازال على نفس
وضعه ماتحرك .. الصدمة شلت رجلينه وطاح مكانه يناظرهم .. : ماااات ؟
" وبشفايف ترتجف " مشاااري علمني الحين منصور مات ؟
الكل كان مصدوم ومايعرف شلون يتصرف .. راكان اللي صوبه بدون ما
يقصد وعبدالله اللي قال لهم من البداية انه مافيه رصاص اما مشاري رغم
صدمته قرب من منصور يتحسس نبضه .. ويوم لاحظ عليه سكرات الموت
بدا يلقنه الشهادة : قول اشهد ان لا اله الا الله
جا له راكان يبعده عنه : وخر عنه انت صاحي الولد مابيموت .. منصور
رد علي .. منصور تكفى كلمني .. انا راكان رد علي وربي ما ازعلك ولا
اعاندك .. " مسك يده وهو يحسها قالب جليد .. ودموعه تنزل على خدوده
بغزاره " منصور طلبتك هالمرة بس رد علي ..
التفت على عبدالله : يا بو عابد تكفى قول له يرد .. خله يحاتسيني ..
مسكه عبدالله من كتوفه يبعده عنه .. وكمل مشاري تلقينه الشهادة .. ثواني
وسلم روحه لبارئها .. جلس راكان على الارض مغطي وجهه بيدينه : انا
اللي ذبحته .. انا اللي ذبحت منصور ..
قرب منه مشاري وعبدالله وكل واحد فيهم صدمته لا تقل عن الثاني حاولو
يهدونه ويقومون راجعين للرياض بأسرع فرصة لكن صوت صراخ راكان
مو مخليهم يركزون بشي .. قرب منه مشاري ضربه كف يصحيه من حالة
الهستيريا اللي صابته ..
/
\
/
\
انتهى الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

[ الفصل الأول ]‎‎‎‎

/
\
/
\
الى حضرة سمو الحزن : أبسأل بس وشـ باقي؟
وش اللي طالبه منّي لـ أجل تهديني | عنوانك؟
ابسأل حضرتك يا حزن عن اللي كان بأعماقي
قبل لا يمرّني طيفك ... وتدندن جرحي الحانك
علامك جيت لي كلّك ؟ ولا فكّيت لي وثاقي ..
وأنا ما يوم ناديتك ... ولا دقيت بيبانك ..!
حضنت أيّامي بقسوة وأحسّك همت بـ عناقي
وصوّرت العمر بيدك وعلّقته بـ جدرانك ..
ياليتك تبعد وتنسى ياليتك تعلن فراقي ،
أنا ماعاد فيني شي يصبّرني : على شانك
كتبتك يا حزن عمري وفَرَح غيري من أوراقي
أنا لو تحسب جروحي : خطا في عدّها لسانك ..
دخيلك لا تشبّ النار وش إللي يفيد بـ إحراقي
تمهّل يا حزن وإصبر ، قبل تنهيني نيرانك
ترفّق يا حزن .. مابي تشمّت فيني رفاقي !
علامك تحسب طعوني زياده بدفتر إحسانك،
سقاني هـ الزمن مرّه وصنت المر والساقي ..
تقهويت التَعَب منّك .. ولا هزّيت فنجانك،
أمانة عوفها دنياي و رجّع كل أشواقي ..
أنا عندي كثير أحزان ولاني بحاجة أحزانك !
لاحت ساعات الصباح الأولى تحمل معاها قلوب اتعبها هالمصاب العظيم .. الكل
يدري انه مات بوقتها لكن تمسكو بآخر خيط امل انه ممكن يكون على قيد الحياة ..
ومع اعلان وفاته رسميا بدت المأساة وبدت معاها التحقيقات .. بالغرفة الصغيرة
تجمع عدد من المحققين مع الشباب الثلاثة .. كان صوت مشاري هو اللي واضح
وقتها .. لا راكان قادر يتجاوز الحادثة و يتكلم .. ولا حتى عبدالله اللي يلوم نفسه
و يعتبر انه هو السبب في اللي صار كانت اشكالهم تعبر عن المأساة بكل صورها
تكلم الضابط اللي يحقق معاهم : خذوهم التوقيف الحين وضعهم مايسمح نحقق معاهم
ومن بكرة ان شاء الله راح نعرف تفاصيل الحادثة كلها ..
خذو الشباب الثلاثة للتوقيف ومن دخلو تجمعو بزاوية الغرفة شباب صغار والحادثة
اكبر من تحملهم مهما واجهو في الحياة ماعندهم المقدرة التامة انهم يواسون بعضهم
كانت عيونه محمرة ومازالث آثار الدم على ثيابه .. ناظرهم وتكلم بصوت كسير : انا
ذبحت منصور .. انا اللي ذبحته وهو توه ماتخرج .. " التفت لمشاري بعيون مليانة
دموع " كان يبي العرس يامشاري ودايم يطريه .. ذبحته وهو بعده ماشاف دنيا .. بدا
ينتحب بشكل يقطع القلب و بجنبه عبدالله اللي دافن وجهه بين رجلينه ومبين عليه انه
يصيح من اهتزاز كتوفه ..
مشاري اللي حاول يتكلم وماقدر كل الحروف ضاعت منه بوقتها .. كان يبكي بصمت
مايدري اي مصيبة اهون عليه .. وفاة منصور ولا التهم اللي راح تلصق باخوياه ..
حط راكان يده على راسه وهو يناظر مشاري : ياليتني استسمحت منه قبل لا يموت ..
والله اني مانيب قاصد ولا اعرف له .. ياااارب سامحني انت اللي عالم بنيتي ..
رفع عبدالله راسه والتفت له : لا تلوم نفسك انت مالك ذنب والله ماذبحه الا انا ..
" وبصوت مرتجف " يارب لا تعاقبني ..
اقترب منهم شخص في الأربعينات من عمره .. كان الوحيد الصاحي هالوقت معاهم
وبنفس " غرفة التوقيف " شخصين من جنسيات اجنبية .. : السموحة يالأخوان انا
سامعكم من اول ما دخلتو ولا ادري وش السالفة بالضبط .. بس لا تلومون انفسكم كل
شي يصير لنا قضاء و قدر والواحد فينا يطلع من بيته ويقول كم ساعة وراجع يمكن
ماعاد يرجع ابد .. انا راجع لبيتي من الاستراحة ولا شفت اللي طلع بوجهي وموقفيني
الحين بقضية دهس .. والله يستر من اهل المتوفي كان طلبو دية ما اقدر عليها ..
لف عليه راكان وهو كاره وجوده .. حس انهم بوضع مايسمح لهم يتكلمون وهذا جاي
يسولف : ياخوي واللي يرحم والديك اللي فينا كافينا .. محد رايق لك ..
سكت الرجال احتراما لنفسيتهم .. هو الثاني كان مهموم و محتاج يفضفض .. يمكن
بمواساتهم لبعض يخف الألم شوي ..
من التعب نامو كلهم الا راكان اللي ماغمض له جفن طول الوقت يفكر بكل اللي صار
انتبه للنور اللي ظهر له اول ما انفتح الباب وقام أول ماسمع اسمه .. كان جالس
يجاوب على كل تساؤلاتهم وهو يستجمع قوته .. اللي صار له اكبر من احتماله : والله
العظيم وأقولها لك للمرة المليون ماكنت ادري انه فيه رصاص .. ولا عمري شلته
بحياتي ولا اعرف له ..
تكلم الضابط بهالوقت : اوكي .. خلك شوي برا ..
طلع راكان والتفت الضابط لمساعده : كل الثلاثة اقوالهم متطابقة .. مادري اذا هم
متفقين على نفس القصة أو هذا فعلا اللي صار ..
تكلم مساعده : اذا هم يكذبون راح نضغط عليهم واكيد بنحصل ثغرة توصلنا للحقيقة ..
أشر الضابط للشرطي اللي واقف عند الباب يدخل الشباب الـ 3 وأول ماوقفو قدامه
تكلم بصرامة : راكان انت راح تنتقل للسجن بتهمة قتل منصور محمد الـ ...... وبتستمر
معاك التحقيقات .. اما انت يا اخ عبدالله راح تسجن بتهمة حيازة السلاح واستخدامه
بدون تصريح من الجهات المختصة .. " و لف على مشاري يناظره " وانت تقدر تروح
الحين ..
طلعو كلهم و وقف راكان مع مشاري : انتبه لا يدري الوليد باللي صار ابد " هز له
مشاري راسه برضا " واتصل على طلال رجل اختي خله يجيني رقمه بالنوتة اللي جنب
التليفون ..
لاحظ عليه رجفة شفايفه وهو يتكلم ونظرات عيونه اللي تحكي كل معاني الصدمة : ابشر
بكل اللي تبي .. الحين بروح معاهم نبلغ اهل منصور والله يجعل كل امورنا خير يارب ..
ودعهم اثنينهم وطلع من القسم رايح للشقة ومن بعدها يتجه لديرة اهل منصور .. كانت
قريتهم تبعد حول الـ 260 كيلو عن الرياض .. بعيونه تلاشت صعوبة هالطريق مع
صعوبة موقفه ..
جلس مستمع وتارك لرجال الشرطة كامل الحرية انهم يشرحون لابو منصور كل تفاصيل
الحادثة ..
ردد ابو منصور بصوت عالي : لا حول ولا قوة الا بالله .. انا لله وانا اليه لراجعون ..
اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها " مسح بيدينه على وجهه وكمل " والله
ما اسكت عن حق ولدي واخذه الين آخر يوم بعمري ..
و رغم كل محاولات مشاري المستميتة لتوضيح الصورة الا ان تهديدات ابو منصور
استمرت .. واللي زاد الأمر صعوبة عليه اكثر صوت صياح الحريم في البيت .. رجع
بعدها للرياض محمل بهموم اكثر من قبل كانت الساعة تجاوزت الـ 11 بالليل .. تسبح
و بدل و جلس بالصالة يستجمع كل اللي صار بهاليوم كله .. بمثل هاليوم قبل اسبوع
كانت هالشقة كلها ازعاج وحركة .. واليوم صمت فظيع منصور و توفى و بكرة راح
يصلى عليه بعد الظهر .. الوليد و تزوج و راكان و عبدالله بالسجن و التهم متفاوتة ..
ذكر ربه وهو يحاول انه يتصبر .. ومن بكرة راح يتصل على طلال مثل ماطلب منه
راكان ..
/
\
/
\
/
\
/
\
كان جالس بمكتبه ومغمض عيونه وغارق بوسط تفكيره .. طلعه من هالدوامة صوت
رنة جواله .. سحب الجوال وناظر بالرقم لثواني و بعد ماتذكره تركه الين يقفل ويرجع
هو يتصل عليه .. أول ما قفل سجل الرقم باسم راكان قبل ينسى واتصل عليه .. ما
انتظر كثير قبل يجيه صوت مشاري المرتبك .. الجمته الصدمة عن الكلام وهو يسمع
كل تفاصيل الحادث .. كل شي انقال مزعج الى ابعد الحدود .. شباب بهالعمر وانحطو
بهالموقف اللي محد يقدر يتحمله .. ومن وقت اللي سكر من مشاري اتصل على محاميه
و قام رايح له .. اول شي جا في باله انه يطلع راكان من هالمشكلة كلها لانه يشوف ان
عمره ما يتحمل صدمات بهالكبر .. و " هي " شلون لا درت باللي صار لأخوها وهو
يدري وش كثر هي متعلقة في اهلها .. وصل لقسم الشرطة وطلب انه يقابله .. دقايق
ودخل عليه راكان .. شكله هالمرة نقيض اللي يعرفه كان يبان بعيونه رغم الحزن لمعة
الأمل .. واللي قدامه انسان اشبه للميت فاقد للحياة بكل ألوانها .. ومن سلم عليه شاف
التأثر الواضح عليه : راكان اذكر ربك .. هذا شي مقدره رب العالمين وانت مالك يد
فيه .. و بحول اللي ماتنام عينه بتطلع منها ..
رفع راسه وناظره مستفهم : وشلون اسامح نفسي وشلون اعيش باقي عمري وانا ذابح
خويي ..؟
بكل هدوء تكلم : قدر الله وماشاء فعل ..
قطع عليهم نقاشهم الحزين دخول المحامي اللي من شافه طلال قام يسلم عليه .. تركهم
لدقايق اطلع فيها على القضية وبعدها تكلم : راكان ..
التفت له بدون مايرد وكمل المحامي كلامه : ان شاء الله تكون قضيتك سهلة وما تحتاج
للكثير من الاجراءات .. اذا ثبت وقوع الخطا فكل اللي عليك دفع الدية والكفارة اللي هي
صيام شهرين متتالين مثل مايقول الله عز وجل " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ
ومن قتل مؤمنا خطأً فتحرير رقبة مؤمنة وديةٌ مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان
من قومٍ عدوٍ لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قومٍ بينكم وبينهم ميثاق
فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من
الله وكان الله عليماً حكيماً" .. والحق العام يحدده القاضي وممكن يكون مدة السجن قصيرة
واذا تم العفو واسقطت الدية مايكون عليك الا الكفارة و الحق العام ..
طلال مستفسر : طيب شلون تثبت انه قتل خطا ؟
تكلم وهو مركز نظره على راكان اللي غارق بعالم ثاني بهالوقت : مع التحقيقات والتحريات
.. على العموم تطمن ان شاء الله انها قضية سهلة ..
جمع كل المعلومات اللي يحتاجها واستأذن رايح لشغله وعند الباب استوقفه طلال وبصوت
هامس : واذا ماقدرنا نثبت انه بالخطا ..
رد عليه وهو يسحبه لخارج الغرفة ويسكر الباب : اذا ما عفو عنه اهل القتيل .. بهالحالة
يكون الحكم " القصاص " ..
غمض عيونه وهو يردد : لا حول ولا قوة الا بالله .. الله يعين ان شاء الله ..
رجع لراكان بعد ما ودع المحامي اللي وعده بكل خير .. ومن شافه يجلس تكلم : مشكور
و ماقصرت على اللي سويته كله .. انا مناديك اليوم ابي منك خدمة ..
طلال وهو منصت له تماما : آمر ..
بلع غصته وهو يتكلم : ابيك تروح لم اهلي و تعلمهم باللي صار كله .. ابيك تقول لابوي
هالمرة ابتليت في ولدك .. و تكفى يا طلال مهد له الموضوع شوي .. شوي اخاف يصير
فيه شي والسبة انا ..
بدت تلمع دمعته بعينه الى هالحين وهو مو قادر يصدق اللي صار معاه ومهما سمع من
كلمات تهدية او مواساة بالنسبة له كل هذا كلام واسهل شي بالدنيا الكلام .. قرب منه
طلال وحاول انه يهديه وهو يشوف رجفة جسده : الله يسهلها وانا اخوك ..
وقبل ما يكمل كلامه انفتح الباب و تكلم الشرطي : العذر اخوي .. انت اخذت اكثر من
وقتك وانا مضطر اخذه الحين للسجن ..
قام راكان بدون ادنى مقاومة ومشى معاه كانت خطواته كسيرة و موجوعة .. هو اللي
ماعمره غلط على احد بيوم وليله اصبح قاتل .. وما قتل الا انسان شاركه يومه طيلة 3
سنوات و نص اللي جمعتهم فيها شقة وحدة تقاسمو كل شي بينهم حتى الهموم ..
ومشى هو طالع وراجع للبيت .. بيروح اليوم للديرة بما ان الظهر توه يأذن .. و بداخله
هم كبير من هالحمل اللي اثقل فيه .. " يارب يسر لي امري " ...
/
\
/
\
/
\
/
\
بصالة انتظار النساء الصغيرة واللي تبعد عن غرفة الدكتورة خطوات قليلة فقط ..
قعدت هي وموضي بانتظار دورها وهم يسولفون .. : هذي متى تخلص زهقنا وهم
ماقضو من هالتحاليل ..
لفت عليها نورة اللي مزاجها اصلا ما كان رايق : وش اللي حادتس تجين معي الا اللقافة
رفعت موضي برقعها وهي مبتسمة : والله من اعرستي و ثاقلن دمتس دام هذي علومتس
لا ابعدتي عنه .. فكينا منتس ولا تجينا خلتس مع رجلتس ابرتس ..
ضحكت على كلامها وهي تحسب في يدها : بقى له 3 ايام و يجي ياخذني .. ياموضي
والله مدري وش فيني لا صرت عنده يذبحني الشوق لكم .. واذا جيت الديرة احس اني
مابي افارقه .. الله يخليه لي " سكتت يوم شافت الممرضة جايتها مبتسمة و بيدها ورقة "
يارب اجعله خير ..
مدت لها الممرضة الفلبينية الورقة واتسعت ابتسامتها : مبروك مدام هامل " حامل "
لفو على بعضهم ثنتينهم وكل وحدة فيهم مستانسة بهالخبر .. ضمتها موضي وهي
تبارك لها : مبروك يالنوري الله يتمم لتس يارب .. ويرزقتس بالذرية الصالحة ..
مسحت دموعها اللي نزلت من فرحتها وهي تنزل برقعها على وجهها : الله يبارك
بعمرتس .. عقبال ما اشوف عيالتس وعيال عيالتس ..
رفعت يدينها للسماء وهي تضحك : آمين .. الحمدلله ماهنا احد من الديرة ولا خبرتس
وصل لهم قبل لا نوصل بيتنا ..
مشو ثنتينهم ورا الممرضة اللي صرفت لها ادويتها وطلعو راجعين للبيت .. كانت
نورة تحس باحاسيس غريبة .. تختبر مشاعر لاول مرة بحياتها تجربها .. حلمها اللي
راودها من الصغر تحقق اخيرا وبتصير ام مثل ما كانت تتمنى .. اول شي طرى في
بالها كان زوجها تبيه يجي وتزف له هالخبر اللي اكيد راح يسعده .. ودها بس تشوف
علامات الفرحة على وجهه وهي تقول له هالخبر الحلو احساس عظيم يغمرها الحين
ربي جمعهم على خير و حب .. وتعلقت فيه لدرجة صارت تحس انه يقاسمها روحها
ويمكن اكثر بعد .. وهو بعد اللي كانت تحس بحبه قبل مايقول لها اللي بقلبه .. خالتها
اللي كانت دايم تقول لها انها تبي تشوف عيال طلال وتفاصيل كثيرة جميلة بانتظارها
تحس بحماس كبير لهاليوم اللي بينتشر فيه خبر حملها والكل يعرف فيه راح تفكيرها
لسما ورسيل وابو طلال بعد .. ودها تستعجل الايام وتزف لهم هالخبر الحلو وتعيش
اجمل ايام عمرها بانتظار اول مولود لها .. هالمولود اللي تعتبره ثمرة حبها له .. كل
شوي كانت تشوف موضي اللي بتسبقها لاهلها وتزف لهم الخبر وصلو للبيت وركضت
موضي قبل نورة ودخلت تبشرهم ومن اول مادخلت نورة استقبلوها بالتهاني توردت
خدودها خجل من هالاحساس اللي تعيشه الحين سلمت على امها وابوها ودخلت للغرفة
سحبت مخدة وانسدحت لها شوي تبي تريح .. ومع التفكير بهالحلم الجميل اللي تحقق
لها .. خذت لها غفوة ماتدري كم مدتها .. ماقامت الا على اصوات خواتها اللي جايين
لها للغرفة .. ومنيرة اللي واقفة عند راسها : النوري قومي رجلتس جا ..
فزت على طول من سمعت طاريه .. : تقولين الصدز يامنيرة ؟
قعدت قبالها وهي تحلف لها : والله انه جاي تو ابوي يوم يقعد في فرشتنا الا ويشوف
موتره وقال لي ادخلي البيت هذا رجل اختس جاي ..
رتبت خصلات شعرها المتناثرة .. وفكت ضفيرها اللي تعودت دايم بالديرة تسويها
وقفت عند المراية تناظر نفسها وابتسمت .. حطت يدها على قلبها : موضي علميني
الصدز طلال جا ؟ " وقبل ماترد موضي سمعت صوته وهو يسلم على ابوها .. " اي
والله هذا هو جا .. اروح له ولا انتظر لين يصوت لي ؟
سحبتها موضي من يدها تبي تجلسها : اقعدي انتي الحين شوي .. وعقب روحي اقعدي
معهم ..

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات