رواية سجينات خلف قضبان القصور -33

رواية سجينات خلف قضبان القصور - غرام

رواية سجينات خلف قضبان القصور -33

مسكته من يده وبايدها الثانية كتبه اللي لافهم بالسجادة ومشت هي وياه
ومنيرة ... كانت تتمنى انها تشوفه تبي تتأكد انها تجاوزت حزنها او انها
مازالت سجينة مشاعرها البريئة له .. خطواتها كانت مرتبكة موجعة الى
اقصى الحدود بدت تحس بكل قوتها تتكسر مع كل خطوة تقربها من المدرسة
" ماهوب الحين مابيها تنزل الحين .. " حست انها قطعت يد سلمان من كثر
ماتضغط عليها واول ماشافته يسحبها من يدها عرفت انها اكيد عورته ..
لأول مرة من بعد ما كتب لها القصيدة تروح للمدرسة فرق بين آخر مرة شافته
فيها وهالمرة ..
لمحته اول ماقربو من المدرسة وهو واقف مع مجموعة من الطلاب كانت
توهم نفسها انه مو هو .. اي شخص ثاني الا انه يكون هو سمعت صوت
سلمان وهو يفتح جروحها اكثر : موضي شوفي هذا استاذ نايف اللي كان يبي
يعرس عليتس .. ثمن هون ..
طفل بريء مايعرف من المفردات الا اللي ينطقها .. ومايحسب حساب كلمة
يقولها ممكن تكون هالكلمة اقوى مصدر للألم .. تجاهلت نظراتهم لها وهي
تمشي بكل ثبات وكأن الأمر ابد مايعنيها وهاللي يتكلمون عنه انسان ثاني مو
هو نفسه اللي خذلها من فترة بسيطة بس ..
هالقوة اللي غلفت نفسها فيها بدت تتهشم تدريجيا وفاض فيها الحنين بشوفته
ماكانت تظن ابد انها اذا شافته بتحن له .. هي اقنعت نفسها انها صارت تكرهه
تكره كل شي يذكرها فيه .. لامت نفسها على خطوتها المتسرعة .. استعجلت
انها تداوي جروحها .. ماكانت تدري انها بهاللحظة بشوفته ذرت الملح فوق
جروحها .. وقبل تتوقف عن هالخطوة الغبية وترجع من نفس طريقها لمحت
نظرته لها .. نزلت نفسها لسلمان ومدت له كتبه : خلاص ما اقدر اقرب اكثر
هذا هم العيال متجمعين .. روح انت تعرف دربك ..
سحبت يد منيرة ومشت بدون ماتطالع وراها مشت بدون ماتلتفت لكل الجروح
الموجعة اللي خلفتها وراها ..
حطت يدها على فمها وهي تقاوم شهقتها لا تطلع ناظرت في منيرة وضحكت
تخفي جروحها : الظاهر اني كبرت على هالمشاوير رجليني تعورني الله يعين
بس مدري شلون برجع للبيت ..
ضحكت وهي تسولف معاها ومجرد ماودعتها سقطت كل الاقنعة اللي غلفتها
من دقائق .. نزلت دموعها بغزارة وحطت يدها على فمها خوف احد يسمع
صوت شهقاتها اللي عجزت تكبتها .. دخلت بين البيوت وجلست على الارض
غطت وجهها بين يدينها ..وتركت المجال لنفسها انها تفرغ كل اللي بقلبها من
حزن تجدد بشوفته ..
قبلها بوقت يوم كان واقف مع العيال يبيهم يدخلون لفصولهم سمع واحد منهم
وهو يقول : سلمان جا ..
رفع عينه يشوفه ولمحها .. ماكان متأكد بأول لمحة بس عرفها .. هي اللي ابد
مايقدر ينسى كل تفاصيلها اللي عشقها .. نسى كل اللي حوله وناظرها ماقدر
انه ينزل عينه عنها وهو يشوفها جاية اليوم " نستني .. ؟ ولا جاية تشوفني ؟
يارب ابي بس اعرف وس اللي بخاطرها عني .. "
كان وده يصيح .. الدموع اللي مانزلت بحياته تمنى بهاللحظة انها تنزل يمكن
تقدر تغسل ذنبه انه كسرها وهي اللي كانت تعيش حياتها بانطلاق .. حتى يوم
اقفت رايحة عنه تبعها بنظرته .. مايدري ليش جات اليوم وزادت هموم القلب
اكثر .. يا الله وش كثر هالشوق متعب الى اقسى الحدود ..
/
\
/
\
انتهى الفصل الأول

الجزء التاسع

[ الفصل الثاني ]‎‎‎‎

/
\
/
\
{ .. على ممرآت الرحيل ..
وقفت يوماً ما بعيداً عن عالمي ..
انزويت في اركان الزمان لاستجمع بقاياي ..
لملمت شتاتي المتناثر ذات جرحٍ مضى ..
وانتزعتك من قلبي بلا رحمة ..
او هكذا ظننت ..!
تسائلت مراراً وتكراراً الِهذا الاشتياق حد ..؟
أويمسي القلب الحزين موعوداً بانسكابات فرح ..
ام سيبقى كحروفٍ من حلم خططناها ذات أمل
على شواطيء الأمنيات فباغتتها امواج الأحزان
موجاً تلو الآخر فمحت من ذاكرة الزمـآن اسمينا ..!
ربّـآهـ اتراي انا التي امسيت غريبةً في داري..
فما عدت أجدني .. هنـآ أو هنـآك ..
اكاد أجزم بأننّي احتضر .. حيث الحنين يتوسّدني ..
ومابين اضلعي يخفق بشدة ذاك المضرّج بالألم ..
وملامحي أُثخنت بالدمع حد انسكاب الوجع ..
رحمـآك يـآ الله ..!
مابين خطوات الشموخ وخطوات الانكسار كانت لحظة .. تحطمت كل قواها
اللي استجمعتها من لحظة اعلان الخبر المؤلم .. تمنت لو انها تمتلك الجرأة
وتروح تسأله .. تبي بس تفسير واحد لكل المشاعر الموجعة اللي تجتاحها ..
انسانة رقيقة ما اعتادت ابد انها تقسى على احد ويوم اتيح لها المجال لقسوتها
كانت هي الضحية .. قست على نفسها بحب ماتعرف وش آخره .. وباشتياق
فاق حدود احتمالها .. صحت من قوقعة حزنها على صوت الشباك اللي انفتح
قامت تنفض التراب اللي علق في اطراف عباتها .. وتنفض معاه طوفان الحنين
اللي اجتاحها .. سمعت صوت يناديها من خلف الشباك .. تظاهرت بانشغالها
بعباتها وردت بدون ماتلتفت : هلا خالتي ..
جاها صوتها الحنون متسائل : وش فيتس طايحة بالأرض يابنيتي ؟
استجمعت كل قوة ممكنة واطلقت ضحكة تخفي اوجاعها ..: جاية مسرعة ابي
الحق الفطور مع امي وخواتي .. تكرفست وطحت ..
كانت على بعد خطوات منها .. التفتت لها وهي تناظر بالشمس وتغطي عيونها ..
تكلمت العجوز اللي جاوزت الستين عام : عسى ماتعورتي وانا خالتتس ؟
ضحكت وهي تأشر بيدها مودعة : مافيني الا العافية .. يالله ياخالتي بروح لم بيتنا ..
وقبل تمشي استوقفتها بتساؤلها : وراه حستس متغير ؟ عسى بس محدن مزعلتس ؟
لفت عليها وردت باسلوبها المرح : لا والله بس هالزكام لعب فيني ..
ماكانت تبي تطيل النقاش معاها تحس نفسها متعبة وهاللقاء استنزف كل مشاعرها ..
مشت ودعاء العجوز يتردد على مسامعها .. ومثل كل مرة كانت تمشي بين البيوت
وتسلم على كل وحدة تصادفها .. ماتدري ليه وقتها حست كل مشاعرها مفضوحة
وكأن كل العيون اللي تناظرها تشوف الحزن اللي بقلبها .. وصلت للبيت وهي تسمع
صوت ضحكات البنات ببيت خالتها دخلت بيتهم ومرت من عند ابوها بدون لا تناظره
بالغرفة وقفت عند المراية وضحكت على شكلها شلون صاير عيونها متفخة وخشمها
صاير احمر .. رمت عباتها وراحت تغسل .. كانت تغسل وجهها وهي تغسل همومها
توضت و صلت ركعتين الضحى .. مسكت بعدها مصحفها تبي تقرأ قرآن .. رغم
تعليمهم المحدود الا ان القرآن ومصطلحاته رافقتهم سنين عمرهم بعد ما تعهدو قراءته
كل يوم .. وقبل ماتبدأ بالقراءة رفعت يدينها للسماء وهي تردد " اللهم إني عبدك ابن
عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو
لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في
علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ,, وجلاء حزني وذهاب
همي "
بدت بعدها تقرأ ماتيسر من القرآن .. كل حرف تقرأه يدخل بصدرها قدر كبير من
الانشراح وأول ماوصلت آية " وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا
شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "
بدت تقراها وترددها بصوت عالي .. زفرت آهة متعبة بداخلها " خيرة ياموضي ..
عسى الله ينزع حبه من قلبي وارتاح "
قامت وهي تحس برضى كبير عن نفسها الحزن مو جديد عليهم رافقهم سنين عمرهم
وكأنه انولد معاهم .. ورغم كل أحزان سكنتهم كان الإيمان بالله اقوى سلاح تسلحو
فيه من الصغر ..
طلعت من الغرفة وشافت ابوها يغط في نوم عميق .. ابتسمت وهي تشوف جسده الملقى
على الأرض .. فقد رجله وبعدها بزمن فقد رجله الثانية وقبلها فقد اهله .. وأهدت له
الدنيا أوجاع اكبر من ان يحتملها بشر .. ومع هذا كله ابتسامته ما تفارقه ابد .. وكلمة
" الحمدلله رب العالمين " يرددها لسانه في كل وقت .. ايمان تمكن بقلبه حتى اكسبه
الرضى بالقضاء والقدر ..
غمضت عيونها وهي تردد الآية .. وطلعت من البيت رايحة لبيت خالتها تاركة خلفها
كل الم سكن قلبها ..
/
\
/
\
/
\
/
\
كان يشوفها من بعيد ملامح مبهمة مو قادر يركز فيها .. كل اللي يعرفه انها هي بكل
تفاصيلها اللي يعشقها .. مشى لها بخطوات متعثرة برجلين حافية .. كل ما اقترب
منها بدت له اجمل من قبل .. كل ماكبرت صار احلى .. طفلة حتى في شبابها ..
مايدري ليش كل ماقرب منها خطوة ابتعدت خطوات .. سرع خطاه يبي يوصل لها
بأي طريقة .. بس بعدت هي اكثر حتى ماصار يشوف الا بنت واقفة بعيد عنه تحمل
الدم اللي يسيل من رجلينه وركض لها وفجأة قبل بس يوصل لها بخطوات صادفته
حفرة طويلة غيبته عنها .. طاح وهو يسمع نداءاتها الباكية " راكان .. راكان "
فز من نومه وهو يتعوذ من الشيطان نفث عن يساره .. وقام مايبي يرجع ينام وتكتمل
فصول هالحلم المزعج ..
شاف مشاري يتفرج على مباراة معادة وابتسم .. هوسه بالكورة عجيب .. غسل وجهه
ورجع جلس معاه يبي يطرد أي تفكير في الحلم ..
قصر على صوت التلفزيون وناظره : وش اللي مقومك الحين وانت مالك الا ساعتين
من نمت ؟
تمدد واسند ظهره على المركى وابتسم له : شبعت نوم وقمت اسولف مع اي احد .. الا
وش مسهرك انت ؟
حس فيه شي مبين على نظراته ولو حاول يخفي هالشي : رجع لك نفس الحلم ؟
انتبه من سرحانه على وقع هالسؤال .. حط يدينه ورا راسه وهو يناظره بتعب : والله
انه من فترة ماجاني وقلت الحمدلله زانت اموري .. الله يستر بس محد يعلم الغيب الا
هو .. ماتتخيل وش كثر هالحلم يخوفني .. ياليتني ادري وش اللي بيصير لي وارتاح ..
كمل شكواه له وهو يحس بألم فظيع بصدره .. كان مبين هالضياع على ملامحه ..
قعد يستمع لكلمات مشاري بدون تركيز ابد .. فعلا اسهل شي بالدنيا الكلام ولا
اللي بقلبه محد يعرفه الا خالقه .. متعب الى ابعد حد هالشعور اللي يحسه هو
صار متأكد ان تكرار هالحلم اكثر من مرة ينبئه عن شي راح يصير بس وش
هو مايدري .. كل التفاصيل مهما كانت موجعة راح يواجهها بكل قوة ..
عمره ماكان بالهم لوحده .. كل انسان له نصيبه من الألم لكن العبرة في اللي
يقدر يتجاوز هالألم ويبدا من جديد مهما تعثرت فيه الخطوات ..
الضيق اللي بصدره متجاوز كل حد لكنه يتجاهله وهو يعيش حياته بكل لحظة
فيها .. ابتسم وهو يطالع مشاري : طلع البلاي ستيشن خلنا نلعب بدل هالمباراة
اللي من سنة جدي مدري وشوله تشوفها ..
وقف رايح للمطبخ وهو يأشر على الكيس اللي بجنب التلفزيون : هذا هو عندك
شغله وانا بروح اضبط لنا الشاهي واجيك ..
اشر له بيده على فمه يسكته : قصر حسك العيال بسابع نومة خلاص روح انت
انا بشغله ..
سحب الكيس وبدا يطلع البلاي ستيشن وكل ملحقاته .. وهو يضبط التوصيلات
واول ماجا مشاري اختار كل واحد فيهم فريقه واختار لعيبته وبدو التحدي بينهم
وكل واحد فيهم جنبه بيالة شاهي .. وكل ماعلت اصواتهم سمعو صراخ منصور
عليهم من الداخل يسكتهم لان نومه خفيف ويصحى من ادنى صوت ..
كان باله مشغول ولو حاول يخفي كل المشاعر اللي سكنت قلبه من شاف هالحلم
لكن مابيده شي الا انه يدعي ربه يسهل له اموره ..
سجل مشاري هدف وقعد يضحك على راكان بصوت عالي فز على طول وسكر
باب الغرفة ورجع عنده وهو يضحك : مجنون انت ماتعرف منصور لا قام معصب
والله ليكسر هذا على روسنا ..
كملو لعب وسط صرخات وتعليقات مكبوتة قدر المستطاع .. احساسه اللي بقلبه
مؤرق الى حد مؤلم لكن يحاول يخفيه .. يحاول يتعايش مع الواقع بكل آلامه هو
كذا تعود من الصغر .. الألم مو جديد عليه تحمل من الآلام اقسى من حدود تحمل
اي انسان بعمره وما اشتكى .. مازال يتبع طموحه حتى آخر لحظة .. مهما تعثرت
دروبه مازال الامل موجود والايمان بالله اكبر دافع لتحقيق هالطموح ..
على صوت آذان الفجر انهو آخر قيم وقامو يصحون الشباب يروحون الصلاة في
المسجد القريب .. رجع بعد الصلاة وهو مو قادر يفتح عيونه من النوم محاضرته
اليوم قبل الظهر وعنده وقت كافي انه يشبع نوم .. تمدد في فراشه وهو يردد اذكار
الصباح .. نفث على يدينه ومسح على جسده حط راسه على مخدته وغمض عيونه
وهو ينتزع كل صورة مؤرقة تمر قدامه .. وبعد صراع طويل مع الافكار المتعبة
قدر ينام ..
/
\
/
\
/
\
/
\
صحت وهي تحس بصداع فظيع يتعبها .. غسلت وجهها وراحت للمطبخ تجهز
الفطور لهم .. شالت الصحن اللي حطت فيه الفطور طقت الباب وحطته لهم عند
الباب وراحت تكمل شغلها .. ماتدري هاللي تعيشه الحين وش ممكن تسميه سجن
من نوع آخر يختلف عن سجنها الأثيري السابق ..
هنا تعيش بعيد عن عالم كانت تعيشه قبل .. كل مشاعر الخوف اللي كانت تحسها
بمجرد سماع اصواتهم انتهى وتبلد عندها الشعور .. هالمرة الهروب شبه مستحيل
مع قيود هالسيدة العجوز .. كرهت في داخلها كل تصرفاتها الغبية الى هاليوم وهي
انسانة بلا هوية .. الى الآن مازالت ماتمتلك حق اختيار مصيرها ولو ارادت .. بكل
تصرفاتها تابعة لكل من حولها ماعندها شخصية مستقلة تعرف وين الصح وتروح له
اعتادت على هذا المصير من الضياع .. جاها صوتها المزعج بكثر تطلباتها واوامرها
اللي ماتنتهي : لاقضيتي من المطبخ اغسلي ثياب الشايب واكويهن ..
هزت راسها برضى وهي تحس نفسها خادمة لهم .. بحقيقة الامر ما تعودت ابد انها
تشتغل بالبيت وماتعرف ابسط ابجدياته .. ويمكن الحسنة الوحيدة اللي كسبتها بهالبيت
انها تعلمت وشلون تنظف وتطبخ حتى لو انها اشياء بسيطة بس بدت تتعلم وهذا الاهم
كانت العجوز قاسية لكن قسوتها هالمرة غير عن القسوة اللي تعودتها .. الحين تحس
ان هالقسوة اللي فيها نابعة من حرص تتبعها بكل تحركاتها وتمنعها من اشياء كثيرة
خلتها تستسلم لها بكل انصياع .. حتى محاولاتها التملص منها والاتصال بعمتها او
ميساء كانت مستحيلة .. على الساعة 10 تقريبا شافتها لابسة عباتها وتبي تطلع مشت
وراها : خالتي بروح معك تكفين انتي قلتي بتعلميني شلون ابيع مثلك وللحين ماعلمتيني
والله اني زهقت وانا من دخلت هالبيت ماطلعت منه ..
لبست برقعها وتكلمت بصرامة : خلتس بالبيت احسن .. وش لتس بقعدة الشوارع عيون
الناس بتاكلتس .. اقعدي فيذا استر لتس ..
قربت منها ومسكت في عباتها : لا تكفين والله اني زهقت من قعدة البيت .. ابي اكلم
اهلي واعرف اخبارهم ..
فكت يدها وطنشتها وطلعت .. سمعت صوت قفلة الباب وقعدت على الارض تصيح ..
رغم كل اللي صار لها قبل اتعبها الشوق لاهلها ابوها رغم ظلمه وقسوته بس اشتاقت
له .. ماتبي شي الا انها تشوفه .. ماتبي ترجع عنده لان الرجوع معناه موعد جديد مع
الآلام اللي ماتنتهي .. كانت تجهل هالاحاسيس المتناقضة ليش تحن للألم ليش تشتاق
لكل عذاب عاشته يمكن لانها ماعرفت غيره لقت نفسها فجأة بعيدة عن كل شي عرفته
اول .. كان صوت نحيبها مسموع وهي اللي ماجفت دموعها ابد ..
سمعت صوت الباب ينفتح وقامت فرحانة .. اكيد حنت عليها ورجعت تاخذها مسحت
دموعها وابتسمت لها اول مافتحت الباب .. في ثواني بس تلاشت هالابتسامة وهي
تشوف شخص آخر مكانها .. لثواني او اكثر وقفو اثنينهم يناظرون بعض .. لا هو
توقع وجودها ولا هي توقعت غيرها بيجي البيت .. بلحظة حست بصعوبة موقفها
ركضت للغرفة الصغيرة اللي تنام فيها وقفلتها على نفسها .. حطت يدها على قلبها
وكأنها تسكن هالنبضات اللي تسارعت بشكل جنوني " هي قالت لي مافي احد بالبيت
غيرهم .. من هذا ؟ من يكون ؟ "
حست بالصداع رجع لها اقوى من قبل وهي تسمع صوت خطواته تقترب .. خوف
كبير حست فيه بهاللحظة .. تخاف يكون عنده مفتاح لهالغرفة بعد .. مسكت يد الباب
بقوة وهي تضغط على المفتاح بقوة .. حطت اذنها على الباب ماعاد صارت تسمع
شي ابد .. كانت ترتجف خوف هي ورجالين غريبين عليها ببيت واحد .. يا الله اي
مصير ينتظرها ..
بعدها بوقت سمعت صوته .. ركزت سمعها اكثر كان واضح انه يكلم الشايب بصوت
عالي لان سمعه ضعيف جدا .. ولازم الواحد يصارخ شوي لا كلمه .. فركت يدينها
في بعض من الخوف .. كانت تدعي الله طول الوقت يرجع العجوز يمكن تنقذها من
خوفها اللي يزداد كل ماسمعت صوته .. مر وقت طويل قبل ماتسمع صراخ العجوز
عليه .. : وش اللي جايبك البيت وانا قايلة لاحد يجيني الا معلمني قبل ورا ماقعدت
ببيتك وقابلت مرتك وولدك ..
كان صوته هادي وهو يرد عليها بلا مبالاة :خليها تنطق عند اهلها كم يوم الين تعرف
السنع .. والله اني ماعرفت الراحة من خذيتها ..
فهمت من النقاش اللي بينهم انه ولدها ومتزوج .. واكيد يعاني من مشاكل مع زوجته
اخذتها الافكار كثير وهي تحلل كل شي يصير بهالبيت .. شوي وسمعت صوت طق
على باب الغرفة .. ارتجف جسدها خوف وتكلمت بصوت بالكاد طلع : مين ..؟
جاها صوتها الشديد من خلف الباب وهي تتكلم بصرامة : افتحي الباب بسرعة ..
تكره هالامر بشدة دايما هالجملة وراها عقاب قاسي هالشي تعودت عليه من الطفولة
فتحت الباب ووقفت مكانها تناظرها .. دخلت وقفلت الباب وراها ومسكتها من يدها
تجلسها : اسمعي وانا خالتتس .. ولدي جاي بيقعد عندنا اسبوع وبعدها بيروح مع
مرته للشمال .. هالغرفة ماتعتبينها ابد اذا بغيتي شي انا اجيبه لتس صحيح انه ولدي
واعرفه بس الشيطان حريص وانا اخاف عليتس لا قعدتي بالبيت معه ..
هزت راسها لها وهي تسمع كل كلمة تقولها .. راح يصغر هالسجن ويصير غرفة
بس .. عادي مو جديد هالألم عليها مادام انها خايفة عليها هذا معناه انه فيها الخير
وهالشي يخليها تأتمن نفسها عندها ..
قامت من عندها وخذت المفتاح وطلعت قفلت عليها الباب من الخارج .. كان ودها
تصيح من اللي صار الحين .. هي تخاف على نفسها ومستحيل تطلع وهو موجود
بالبيت .. ليش قفلت عليها الباب الحين .. هالشي بجد يحسسها بأنها في سجن مع
وقف التنفيذ بتهمة الى هاليوم هي تجهلها ..
/
\
/
\


من اول وهي تترجاه وبكل مرة كانت تسمع نفس الجواب " الرفض " كرهت فيه
هالعناد اللي ركب راسه بهالوقت وهو ماكان ابد عنيد .. كان دايم يطاوعها ويلبي
لها رغباتها مهما كانت صعوبتها .. جلست على الارض ومسكت يده : حبيبي ..
تكفى لا تردني وانت تعرف انا ليش ابي اروح لها ..
حس اصرارها غريب هالمرة .. وهي اللي ماعمرها فتحت معاه هالموضوع قبل
مشكلة هروب ديما : يابنت الناس وين تروحين لها .. وش تبين تقولين لها اصلا
حتى البنت اختفت وماندري وين ارضها من سماها ..
قامت وجلست جنبه وناظرته برجاء : انا حلفت لها اني القى لها امها واعرف كل
شي عنها .. فيصل واللي يسلمك خلني اريحها وهي اللي ماعرفت الراحة بحياتها
ادري بتكرر علي كلامك وبتقول اخوك .. البنت تدري بكل شي وسمعت كل الكلام
اللي انقال وكل هذا ما يهمها هذي امها .. حتى لو تحملت ذنوب هالعالم تبقى امها
حرام عليك لا تصير انت قاسي بعد ..
سكت وهو يفكر بكلامها .. وبعد صمت تكلم : بس وش تستفيدين لا فتحتي عليها
جروحها وبالآخر قلتي لها مدري وين اختفت ..
قاطعته بلهفة وهي تحس انه بدا يقتنع بفكرتها : ابي اعرف ليش تركتها هالمدة كلها
وما سألت عنها ابي افهم منها وش هي اسبابها .. يمكن اقدر الاقي اعذار اقنع فيها
ديما ..
مسح على وجهه بيده وناظرها مستفسر : وبعدين ؟
تكلمت بحماس : بقول لديما عن مكان امها .. بعلمها كل شي وهي تقرر تعيش اي
حياة تختارها بعدها .. اذا تبي ترجع تعيش عند ابوها او تروح تكمل حياتها عند
امها ..
ناظرها مستغرب كلامها اللي تقوله : شلون تعلمينها والبنت ماندري وينها فيه ..؟
بثقة غريبة تكلمت : بتتصل فيني .. صحيح مادري متى بس هي قالت لي انها بتتصل
وانا راح انتظر هالاتصال ..
قرب منها وحبها بين عيونها : نفسي اعرف وش مخلوق منه هالقلب اللي ماينسى
احد .. ماتعبتي وانتي تشيلين هموم الناس وتنسين بزحمة هالهموم نفسك ..
لمعت عينها وناظرته شوي قبل تتكلم : من يوم كنت صغيرة وانا اروح مع امي
الله يرحمها لكل مكان تروح له .. وانت تعرفها ماتعرف احد محتاج وماتساعده
ولا مهموم وما تخفف عنه .. " ونزلت دموعها على هالذكرى .. مسحتها بيدها
وابتسمت له " هاه وش قلت ؟
هز راسه برضى : اوكي لك اللي تبين يمكن اذا وصلتها لأمها اقدر اسامح نفسي
على اهمالي لها من الاول .. بس ابي منك وعد بالأول هالشي بيني وبينك محد
يعرف عنه ابد ..
قربت منه وباسته على خده : والله محد يعرف عنه وعد بيني وبينك " وقامت
تبي تطلع من مكتبه " لا تطول بهالشغل وتنسى نفسك البنات مشتاقين لك ويبون
يجلسون مع ابوهم ..
ناظر بساعته وتكلم : احسبي لي نص ساعة ولو ماجيت تعالي اسحبيني بالقوة
ضحكت وهي طالعة .. وقبل تسكر الباب : ماقلت لي متي بتوديني لها ؟
فيصل وهو يقعد على مكتبه : خليني اسأل عنها وعن عنوانها وكل شي وان
شاء الله بوديك لها ..
ابتسمت له وهي تسكر الباب وطلعت .. شافت الصالة كلها العاب متناثرة كل
العاب البنات حاطينها بالصالة ويلعبون .. ضحكت وهي تشوف شكل رنا وهي
لابسة صندلها الكعب العالي ( تكرمون ) وتمشي فيه بصعوبة وبالطرف الآخر
كانت روان لافة الطرحة عليها وتسولف مع نفسها .. قربت منها وهي تضحك
ومدت لها يدها تسلم عليها .. : اجل مسوية حرمة ؟
ضحكت وهي تفصخ الطرحة مستحية : كل شوي اقول لرنا تلعب معاي ماتبي
وانا اطفش ما احب العب لحالي ..
لمتها على صدرها بقوة : انا العب معاك اللي تبين .. بس دوري شي غير لعبة
الحريم .. من وانا صغيرة العبها ..
ضحكت بصوت عالي وبانت غمازتها الوحيدة بخدها الايمن : ماما كنتي تلعبينها
زمان ؟
ضحكت معاها وهي تشوف رنا جايتهم تمشي بصعوبة بعد ماشافت امها : ايه
كنت العبها مع خالتك لمياء .. " سكتت وكأنها تتذكر كل ماضيها " بعدين كبرت
قبل عمري وانا اروح مع امي لكل مكان .. " فزت على طول وهي تشوف رنا
تتعثر بخطواتها وتطيح " بسم الله عليك ياقلبي ..قلت لك كذا مرة لا تلبسينه وهو
اكبر منك بتطيحين وماتعرفين له ..
جلست مع بناتها تلعبهم .. بهالوقت اللي تنتظر فيه فيصل يطلع يجلس معاهم ..
وماعدت اكثر من ثلث ساعة الا وهو جاي لهم مبتسم ومن شافت بناتها يصارخون
وقامو يركضون عرفت ان فيصل طلع من مكتبه التفتت وراها وشافتهم بحضنه
ضحكت على شكله وهو طايح على الارض و خام بنات يبوسهم ..
حست بارتياح كبير من موافقته على هالخطوة رغم خوفها بالبداية انه يرفض
بعد اوامر اخوه اللي نفذوها سنين طويلة وجا الوقت اللي تشوف انه مناسب انها
تجمع كل التفاصيل الممكنة .. شكرت الله اللي وهبها هالزوج المتفهم وهالاطفال
اللي تعتبرهم اغلى ماتملك ..
/
\
/
\


/
\
/
\
خلص كل شغله اللي بيده وقام على طول رايح لمكتب صديقه اللي قريب من
مكتبه .. شافه منهمك في شغله مابين الاوراق اللي قدامه والملفات اللي متناثرة
بكل مكان على المكتب .. سلم عليه ودخل يجلس معاه شوي .. رد عليه السلام
بدون مايرفع راسه عن الاوراق ..
كان مبين عليه انه غرقان بالحسابات والفواتير قام على طول يبي يطلع : اجل
شكلك مشغول ومنت فاضي لي .. اروح البيت احسن ..
رفع راسه على طول يناظر ساعته .. وبعدها ناظره : تروح البيت الحين ؟
ابتسم على شكله وهز راسه بإيه : ليش فيها شي .. ؟
بعد الاوراق اللي قدامه وسحب شماغه : لا والله بتروح البيت وانا اللي بقعد
ملطوع هنا واكرف لحالي .. بعدين من متى الحبيب يطلع قبل صلاة المغرب ؟
انا اذكر انك حتى غدى ماتروح للبيت ..
شافه يضحك وهو مسوي نفسه معصب .. وكتم ضحكته : ياخي خلصت شغلي
اليوم بدري .. وابي اروح اريح شوي ..
قام ومسك يده وجلسه على مكتبه : اجل خلص عني اشغالي وانا اللي بروح للبيت
بطلع اتمشى انا واهلي شوي ونغير جو .. لي 3 ايام اداوم من بعد صلاة العصر
الى بعد صلاة العشى .. خلني اونسهم اليوم ونغير جو ..
ضحك بأعلى صوته على كلامه .. وكل ما جا يقوم جلسه رياض بالقوة : طيب
اصبر ابي افهمك ..
قعد على المكتب الكبير وهو مازال ماسك يد طلال : فهمني ياحلو طحت بغرامها
وماعاد تقدر تبعد عنها ؟ اعترف قول اللي بالقلب ..
ابتسم وما رد عليه كان عارف انه بيعلق عليه بهالموضوع وهو مايبي يتكلم فيه
ابد كمل رياض كلامه : لا تسكت ماتعودتها منك .. اذا ماتبي تتكلم مابي اجبرك
على شي .. اعرفك لا نويت تتكلم بتقول لي اللي بالقلب كله ..
قام وهو يضحك على يد رياض اللي للحين ماسكة فيه : تعالي نقعد هناك وبقول
لك كل شي .. وبعدها مسموح انك تروح .. عشان تعرف اني احسن مدير ممكن
تصادفه بحياتك ..
مشى معاه لطرف المكتب الكبير وقعدو على الكراسي الجلدية الكبيرة : والله لو انك
اسوء مدير بالعالم كله احبك .. هذا شي من الله مو بيدي ..
اشر له قدام وجهه بيده : هيييه انت تراني طلال مانيب ام ليان تغازلني بهالكلام ..
كانت هذي دايم تعليقاته عليه وتعود انه يضحك عليها بدون مايرد .. انتظره يتكلم
لانه يدري انه مايحتاج مقدمات ولا حتي استفسارات اذا كان يبي يتكلم .. بعد صمت
طال شوي تكلم طلال : وشو ؟ وش فيك تناظرني ..
ابتسم له : انتظرك تتكلم ..
ماكان عارف اصلا وش يبي يقول له او وش اللي ممكن يتكلم فيه .. : تصدق اني
مادري وش اللي احس فيه .. ارتاح اذا رحت البيت لاني احس نفسي مستقر وفي
وحدة دايم تنتظرني في البيت .. بس مادري ليه احس شعوري تبلد يعني ماقدرت
احبها للحين .. " انتبه لنظرات التعجب وكمل بابتسامة " رغم انه كل شي فيها ينحب
بس العيب فيني انا ..

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات