رواية سجينات خلف قضبان القصور -24
نزل راسه بأسف وهو يسمع كلام الدكتور اللي كمل : يعني عارف من زمان عن
هالشي وساكت .. ؟ للأسف انت مشترك مع عائلة كاملة في هذي الجريمة البشعة
و اللي خلاك اليوم تتحرك وتتكلم يوم شفتها على مشارف الموت ؟ انا مضطر
اطلع الحين بتنتهي مناوبتي وراح يشرف على حالتها زميلي في العمل وانت بعد
روح لبيتك وجودك الحين ماراح يغير شي .. حط رقمك هنا وهم راح يتصلون
عليك اذا جد شي بحالتها ..
قام يبي يستأذنه لانه شافه مستعجل يبي يطلع : ان شاء الله يادكتور مشكور وما
قصرت .. انا بمشي الحين وان شاء الله راح ارجع قبل الظهر ..
استوقفه قبل يطلع مع الباب : هالمرة ان شاء الله تعدي على خير .. انتبه لايصير
لها مرة ثانية مثل اللي صار اليوم .. صدقني تجينا حالات كثيرة تعرضت للضرب
والاعتداء الجسدي تسببت لهم بعاهات مستديمة والبعض يتوفون اثر هالتعذيب ..
حس بتأنيب ضمير فظيع من كلامه .. آخر مرة هي استنجدت فيه لكنه خذلها و
رجعها لهم يسوون فيها اللي يبون .. مايدري اذا هذي اول مرة يطقونها فيها ولا
هالمرة لانها كانت الأقوى اضطرو يستعينون فيه .. اكثر شي اتعبه يوم عرف عن
آثار الحروق اللي بجسدها .. ماكان يدري انه تعذيبهم وصل لحد الحرق وهالشي
جدا صدمه واثر عليه .. مشى راجع للبيت وهو يعيش بصراعات مختلفة خوف
وتوعد واصرار انه يتخذ موقف هالمرة .. اول ماوصل شافته كان منهار وهالشي
واضح على ملامحه المتعبة .. : تعباااان .. وابي انام لي ساعة او ساعتين وبروح
لها المستشفى ..
ماحبت انها تزعجه باسألتها .. اكيد لو عنده شي غير اللي قاله لها بالاول بيتكلم
الحين .. طلعت معاه لغرفتهم واول ماحست انه بخير طفت الانوار وقبل تطلع من
الغرفة ناداها : تعالي جنبي ابيك ..
قربت منه ولمته في حضنها .. وقال لها على كل شي صار فيها .. كانت تسمعه
وهي تتذكر وعدها لها اللي انشغلت بالدنيا ونسته .. بس بعد اللي سمعته اليوم راح
تحاول بكل جهدها تعرف اي شي عنها .. يمكن لو عرفت كل شي عن امها ترتاح
حتى لو كانت هالأم مو موجودة بالدنيا ..
/
\
/
\
من رجعت من مدرستها مانامت فرحانة لانه اليوم طلال ونورة راجعين للرياض
وهذا معناه انها خلاص بتستقر معاهم في البيت .. شافت الشغالات ينظفون لهم
الجناح .. وراحت للمطبخ شافت الحلى اللي مجهزينه والقهوة .. ورجعت تقعد
بالصالة تنتظرهم .. كانت لابسة فستان احمر قصير باكمام كت تزينه شريطة
ساتان من تحت الصدر .. والميك اب مجرد لمسات خفيفة لانها صغيرة وماتحب
تكبر عمرها .. شافت امها طالعة من المجلس وبيدها المبخرة : احلى يا ام طلول
وش هالكشخة كلها ..
ضحكت عليها وهي تقرب منها : انا دايم كاشخة شوفي نفسك اليوم تقول رايحة
لمناسبة ..
دارت على نفسها وهي مبتسمة : بالعكس ستايل ناعم جدا .. اصبري على ريسو
لا نزلت الحين وربي تسوي بنفسها حفلة .. ماتنسى شي ابد لا اكسسوارات حتى
تسريحة شعرها لازم تغيرها بكل طلة .. الله يعين اللي بياخذها 24 ساعة مقابلة
مرايتها ..
مدت لها المبخرة : خليها تسوي اللي نفسها فيه ومحد يتكلم عليها .. اجل تكشخ له
ومايعجبه بعد .. روحي لجناح اخوك فوق بخريه وبشويش عن الطفاقة لا يطيح
الجمر يحرق لهم الجناح ..
خذت المبخرة وطلعت للجناح بهدوء .. كلمت الشغالة تنزل خلاص بعد ماتأكدت
انهم منظفين كل شي وسكرت الجناح ونزلت تقعد مع امها .. بعد نص ساعة دخلو
عليهم نورة وطلال سلمو عليهم وقعدو .. شوي وجابت لهم الشغالة القهوة والحلى
وهي تناظر بنورة متشققة من الوناسة .. حتى الشغالة كاشخة معاهم اليوم ..
شاف امه بتقوم تصب القهوة : ارتاحي يمه خلي سما تصبها ..
لاول مرة تقوم وما تعارض كلامه .. صبت لهم القهوة وقعدت جنب نورة : ايه
ماقلتي لي كيف الشرقية ؟ عساك استانستي
ابتسمت على طول لها .. هي من الاول مرتاحة لها كثير : الحمدلله " واستغربت
انها ماشافت رسيل معاهم " وين اختس ؟
رفعت لها صحن الحلى تقربه لها : الحين بتنزل ليش ماتاكلين ؟ والله حلو انا اللي
مسويته " قالتها وهي تضحك "
التفت عليها طلال وهو مبتسم : ايه هين .. انتي لو اقول لك شلون شكل السكر
ما عرفتي له .. " بعدها طالع في نورة وهو يكلم امه " من عرفتها وهي كل اكلها
لقمتين وقامت .. توصي فيها خليها تاكل ..
ناظرتها وابتسمت لها : ان شاء الله بتاكل .. هي بالاول تكون مستحية حتى الاكل
ماتتهنا فيه .. بس احنا اهلها وان شاء الله بتاخذ علينا .. كلي يانورة لا تستحين ..
هالمرة حست انه ابتسامتها من القلب دعت ربها انها تكون بالفعل معاها بهالطيبة
وما تصطنعها قدام طلال .. بدت تفك شوي من حياها وتسولف معاهم .. جاتهم
بعدها رسيل وهي لابسة تنورة فوشيه لنص الساق مع توب ابيض بسيور وعلى
الجانب مرسوم قلب صغير بكريستالات فوشي .. مع الحلق الفوشي والصندل
الابيض .. وشعرها اللي مخليته كيرلي ورافعته على فوق وتاركة خصلات منه
نازلة على وجهها و كتوفها .. : السلام عليكم ..
انبهرت من شكلها كثير رغم ان رسيل مو خارقة الجمال الا ان اناقتها تكسبها
شكل ملفت وجذاب ردو عليها السلام وجات تسلم على طلال وزوجته .. وقعدت
جنب امها .. نورة للحين ماحفظت اسمها كل مرة تسمعه وتنساه مو مثل اسم سما
اللي حسته سهل وبسرعة ينحفظ ..
كشرت وهي تشوفها لابسة تنورة جينز كحلي طويلة مع توب وردي باكمام طويلة
بدون اي اكسسوارات .. حتى شعرها مخليته على طبيعته ومو قاصته او مسوية
فيه شي ..
ناظر فيها طلال واشر لها تنزل عيونها عنها .. وقال بصوت هامس مايبي نورة
تسمعه : خفي على البنت لا تاكلينها بعيونك ..
كان جالس معاهم وعينه كل شوي تروح لها بدت تاخذ راحتها وتسولف ولو انها
حتى مع اهله خجولة .. لكنه شكر من قلب سما اللي مخليتها تضحك وهي تسولف
عليها .. قام يتوضا بيروح لصلاة العشا .. وهو طالع مع الباب صادف سامي اللي
توه بيدخل وقفه مكانه : ماتحس انه صار لك اسبوع مو شايفني ؟
ابتسم باحراج وسلم عليه : هلا والله توني انتبه لك ..
حط يده على كتفه : يالله امش معاي للصلاة ..
وقبل مايكمل تكلم هو : بروح اتوضا والحقك .. اسبقني انت ..
سحبه من يده يوقفه : وين مدرعم انت ..؟ يعني ماعرفت للحين اني صرت متزوج
وزوجتي داخل ومو على كيفك تجي وتروح بدون ماتشوف الطريق اذا احد قدامك
او لا ..
" ول عليه هذا وهو اول يوم سمعني هالموشح " : ان شاء الله .. وتنحنح عند الباب
وهو ينادي امه ..
مات ضحك على شكله الى هالحين وهالانسان مازال فيه طفولة رغم انه مو آخر
العنقود .. لكنه مدلل بشكل كبير وهالدلال مأثر عليه حتى شكله مافيه اي رجولة ..
قامت نورة تصلي وراحت معاها سما توريها جناحها : معليش الجناح صغير بس
على مايجيكم عيال ويكبرون نكون انا وريسو تزوجنا ويصير لكم هالدور كله وسام
يدبر عمره ولا ينام بجناح الضيوف تحت ..
ضحكت على كلامها وهي تشوف جناحهم المكون من غرفتين ( غرفة نوم وغرفة
مكتب لطلال ) وصالة ومطبخ تحضيري " كاونتر " وحمام واسع ( تكرمون )
كان هالجناح كله اكبر من بيتهم اللي يعيشون فيه هي واهلها كلهم .. حمدت ربها
على نعمه والتفتت على سما : وين القبلة ؟
تلفتت حولها وهي تحاول تتذكر وين القبلة فيه بهالغرفة وابتسمت ببراءة : تصدقين
مادري .. بس تعالي صلي بغرفتي الين يجي طلال وهو يعلمك بعدين ..
راحت مع سما لغرفتها توضت وصلت العشا وقعدو يسولفون .. رغم ان سما اصغر
منها بكثير ويمكن تعتبر بنص عمرها الا انها ارتاحت لوجود احد ياخذ ويعطي معاها
خصوصا انها تحب تسولف وتتكلم كثير .. عكس اخوها اللي ماتطلع منه السالفة الا
بصعوبة ..
بعد مارجع من الصلاة كان قاعد بالصالة مع امه ورسيل .. وكل شوي عينه تروح
للدرج متوقع انها بتنزل هي وسما .. دخل عليهم ابوه قام على طول سلم عليه وحب
راسه .. وبعد ماسولف مع ابوه التفت على رسيل : رسيل روحي نادي نورة تجي
تسلم على ابوي ..
قامت تروح تناديها ومن وصلت للدور الثاني وهي تسمع صوت ضحكها مع سما ..
تحمدت ربها وراحت لهم : نورة ابوي تحت تعال سلمي عليه ..
وطلعت بدون ماتتكلم غير اللي قالته .. اما نورة حست بارتباك فظيع هذي اول مرة
من تزوجت تشوفه : سما عطيني شيلة من عندتس ..
ناظرتها مستغربة : نعم ؟ تراه ابو زوجك ..
هزت راسها بالنفي : شلون اسلم عليه تسذا وانا ماعمري شفته ..
ابتسمت لها بخبث : هذاك تجلسين مع طلال وتلبسين له و انتي اول مرة تشوفينه ..
طقتها على يدها : ومن قال لتس ما استحي منه .. ماتشوفيني ما اعرف احتسي لا
قعدت معه ..
سحبتها من يدها نازلين : امشي بس بكرة تتعودين على وضعنا ترى ابوي حبوب
وينحب على طول ..
اول ماشافها ماشية ورا سما اللي ساحبتها من يدها عرف انها مستحية .. ابتسم
على اشكالهم .. وهو يشوف حمرة وجهها اللي تميزها لا استحت .. قربت تسلم
عليه .. وقام لها ابو طلال وهو يهلي ويرحب فيها .. مسك يدها وجلسها جنبه ..
وقعد يسولف معاها ويسألها عن اخبارها كانت تحس باحراج فظيع من هالموقف
وعينها راحت له تبيه ينقذها من هالموقف اللي انحطت فيه : يبه خف على البنت
شوي وتقطع عمرها من الحيا ..
التفتت له بقهر حست انها متعمد يزيد احراجها .. ناظرها بابتسامة خفيفة حست
وقتها ودها تروح له وتذبحه .. اما ابو طلال حط يده على كتفها وهو يكلمها : من
اليوم ورايح انتي بنتي الثالثة .. لك كل الحب والدلال اللي لهم .. واي احد يزعلك
علميني وانا اتفاهم معاه ..
ضحكت برقة يوم فهمت قصده .. : ان شاء الله ..
من اول ماجلست معاه حست بارتياح كبير له .. شخص مريح الى ابعد الحدود
حست انه يحمل بقلبه حنان كبير واضح في نظراته لبناته .. وكل اللي فكرت فيه
وقتها طلال اللي ما اخذ هالصفة من ابوه .. بالعكس تحس انه انسان جامد رغم
انه اوقات يسولف معاها اوقات لكن ماحست منه اي مشاعر او بالاصح غموضه
مو مخليها تعرف وش المشاعر اللي لها او لغيرها في قلبه ..
/
/
\
قاعدة بالصالة تناظر منال اللي جالسة بآخر الصالة وجوالها بإذنها تسولف
وهي كل شوي تناظر ساعتها تنتظر العشى اللي طالبينه من ساعة وللحين
ماوصل .. : منووووو وجع سكري وتعالي اقعدي معاي .. اذا رجعتي البيت
كلمي براحتك ..
بدلع قالت له : حبيبي بروح اقعد مع خالتي وبعد العشى برجع البيت واكلمك
.. خلاص حبيبي لا تزعل .. يالله باي ..
وجاتها تصارخ : وانتي ماتخليني آخذ راحتي كل ماشفتيني اكلمه ازعجتيني
سكري سكري ..
قعدتها جنبها : اقول اقعدي بس لاحقة تكلمنيه الين تشبعين .. تعالي علميني
ماقالت لكم ميساء شي عنها ؟
ناظرتها مستغربة : من هي ؟
زمت شفايفها بقهر من غبائها : من هي يعني .. زوجة سعيد الحظ طلال ..
كشت على وجهها : مالت بس وانتي للحين تفكرين فيه .. مو قلتي خلاص
بتاخذين ولد عمك وتفكيني من هالسيرة اللي امرضتيني فيها من زمان ..
زفرت بقهر من كلامها : اووووف منو وبعدين معاك .. تكلمي لا تلعبين
باعصابي ..
قاطعتها بعصبية : لا ما قالت شي ولا سألتها اصلا .. يعني وحدة قروية
تبينها تجي متعجبة .. اكيد مو قد المقام بس عاد هذا نصيبه ..
ابتسمت بفرح على كلام منال : يعني صام وافطر على بصلة .. احسسسن
والله ليندم على اليوم اللي راح لغيري فيه ..
ناظرت ساعتها بملل : ياختي وين عشاكم ؟ بعدين هذا طلال خلاص شيليه
من راسك .. انسيه الرجال راح لنصيبه وانتي ان شاء الله تتزوجين عزام
وافتك من سالفتك اللي تغث ..
كشرت من تذكرت عزام على طول : ووع ياكرهي له هالعزام الله يصبرني
على ما بلاني ..
ضحكت بأعلى صوتها : وش اللي بلاك انتي الثانية .. تراك انتي لزقتي فيه
وتبين تتزوجينه بالطيب بالغصب ..
انسدحت على الصوفا وغمضت عيونها : ابي اقهر طلالوه .. ابيه يندم علي
ولا هالخايس اكرهه وما اطيق حتى شوفته .. وووع مغرور وشايف نفسه
قامت وهي تشوف الشغالة تجيب لهم العشى اللي طلبوه : وليش زعلانة ياقلبي
كلكم نفس النمونة .. يعني وافق شن طبقة ..
رمت عليها الكوشية وهي تضحك : بس عاد انتي اللي الطيبة والتواضع
مقطعينك .. الا تعالي وش صار على اختك ؟
تكلمت بلا مبالاة : مافيها الا العافية بس منومينها الظاهر انها صارت مجنونة
يعني ماتدري عن شي .. والله مدري وش سالفتها راحت لها مروى امس تقول
ماتتكلم مع احد ولا هي دارية عن احد حتى عمي فيصل ماتتكلم معاه وطارق
ماعاد شفناه من يوم جونا من مركز الشرطة يبون ياخذونه وابوي بيجي بكرة
عاد نشوف وش اللي راح يصير معاها .. يابنت الناس هالبنت تغثني وسيرتها
تجيب لي الغلقة وضيقة الصدر خلينا نتعشى تراني ميتة جوع ..
بدو يتعشون ثنتينهم وهم يسولفون وكل وحدة فيهم همها اسعاد نفسها وبس ..
بدون ماتفكر باللي حولها وش اللي يصير عليهم .. منال اللي اتفقت مع صلاح
يجي يتقدم لها بعد شهر بعد ما تأكدت ان طارق ماشاف وجهه وتعيش هالايام
اسعد ايام حياتها اللي بتجمعها مع الانسان اللي تحبه من 3 سنوات .. اما حنين
كل همها تعرف كيف زوجة طلال وكل تفكيرها عن مشاعره واذا حب زوجته
ولا للحين يحبها هي .. وهل هي احلى منها .. وكل هالامور اللي تثير غيرتها ..
وبولد عمها اللي عرفت انهم ماخطبو له للحين ولو انهم مرشحين له كذا وحدة
بس ماتقدمو رسمي .. واذا جوهم من بكرة راح تقول لهم امها على موافقتها ..
وانها استخارت وفكرت وحست نفسها مرتاحة له .. كانو يشتركون في نفس
الاحلام التافهة .. ويفكرون يبنون حياتهم على اساس من هوا .. فارغ ماراح
يكون له اي قيمة ..
/
\
/
\
كانت نايمة في فراشها تصيح .. صار لها كم يوم من عرفت من سلمان
انه ماعاد يجي للمدرسة وهالشي أكد لها مخاوفها من انه ماراح يرجع لها
وهي اللي من حست انه طول ماجا لهم عورها قلبها كثير وتوقعت ان
زواجها منه ماراح يتم ابد .. شكت انه اهله رفضو رغم انها ماتدري وش
هي اسباب رفضهم لكن هروبه واختفائه معناها انهم رفضو والدليل انه
ما رجع لهم مع اهله مثل ماوعدهم انه بآخر الاسبوع راح يجيبهم والحين
صار لهم حول الشهرين ومابعد جو .. على طول تطري في بالها شيخة
اللي راح عنها سعد وتزوج غيرها .. والحين هي تواجه نفس مصير اختها
اللي الى هاليوم ماجفت دمعتها .. رغم رجعته لها وطلبه الزواج منها الا ان
هالطلب كان كفيل بأنه يفتح كل جروح الماضي ويستنفر كل مشاعرها اللي
كبتتها من زمان ..
حست بيد تمسح على شعرها ورفعت عينها شافت سارة تناظرها : وشوله
هالصياح كله .. اللي بيروح بكيفه عسى الله لا يرده .. واذا هو شاريتس
ويبيتس صدقيني بيرجع لتس .. بس لايضيق صدرتس وتنكدين على عمرتس
هذا هي شيخة زعلت عمرها كله ويوم جاها ردته .. تكفين ياموضي والله
ما استانس الا لا شفتس مستانسة ..
غمضت عيونها وهي تسمع كلام سارة .. حست انها تواسيها وكأنه فعلا
راح وماعاد راح يرجع لها .. ماكان احد يدري وش اللي بقلبها له .. يمكن
كانت متعلقة فيه بالأول .. لكن بعد ماتقدم لها وصار الكل يردد اسمه عندها
حبته وتعلقت فيه اكثر من قبل .. : خليني بلحالي ياسارة .. شوي واجيكم
سحبتها تقومها : لا مانيب مخليتس .. وبتقومين معي الحين رجلتس على
رجلي .. ترى الصياح مايرد احد لو صحتي من اليوم الين باتسر لو بيرجع
احد تسان رجع ابوي اللي الى هالحين واحنا نصيح عليه موضي عن الهبال
واقعدي معنا واذا الله كاتبه من نصيبتس بيرجع لتس ولو عقب سنين ..
مسحت دموعها وهي تناظر سارة : بس هو اختفى وماندري وينه .. وش
اللي يدريني الحين اذا هو يبيني ولا هون ؟
قعدت ترتب لها شعرها : انتظري عليه شوي .. لو انها شهرين واذا ماجا
عنه خبر بقلعته الله اللي جابه بيجيب غيره وبيجيتس نصيبتس انتي توتس
صغيرة وشباب الديرة واجد اللي بياخذون من عمرتس مو مثلي انا وشيخة
اللي كل اللي كبرنا واكبر منا اعرسو من زمان ..
كلامها كان فعلا صحيح كل شي تقوله عين العقل وهذا الواقع ماتنكره ابد
بس اللي ماتعرفه سارة انها تحبه وتموت عليه .. وان هالحب هو اللي مزود
عذابها الحين ومخليها ترهق نفسها بهالتفكير .. وكل اللي يدور في بالها ليش
راح بدون سبب على الاقل لو جا وتكلم وقال ان اهله رافضين كانت بتنصدم
لكن بيظل حبه في قلبها .. مهما انجرحت الا انه راح يبقى له صورة حلوة
بداخلها ..
لكن هروبه من الواقع واختفائه معناها انه ماقدر يواجههم بشي ولا برر لهم
سبب تأخره .. قامت مع سارة وهي تخفي مشاعرها بقلبها ابتسمت ابتسامة
بسيطة : عسى الله يرزقتس بالرجل الصالح اللي يسعدتس خلينا نطلع نقعد
معهم .. ولا لو قعدت بلحالي انهبلت ..
طلعت وقعدت مع اهلها بمكانهم المعتاد كل يوم .. ومن شافت امها عيونها
من ورا البرقع .. عرفت على طول انها كانت تصيح .. حست بجرح كبير
بداخلها حياتها كلها هموم وماعرفت للسعادة طعم .. كل ما اهدت لها الدنيا
افراح جاتها هموم اكبر واثقل .. بناتها اللي كل ماتمنت تفرح فيهم كانت
الظروف اقسى منهم .. حتى فرحتهم بنورة ما اكتملت وهم ينتظرون نايف
اللي خطب موضي قبل يجيهم طلال يخطب نورة .. والى هالحين ماعاد
جاهم منه خبر .. وهالشي كان موجع لهم الى حد كبير .. توجهت بقلبها
لله تدعيه يوفق بناتها وعيالها وييسر امورهم " يا الله انك تفرحني فيهم قبل
لا تاخذ عمري يارب العالمين "
/
\
/
\
جلس في مكتبه يقلب ملفها الطبي بغضب .. : يعني هي متعرضة للتعذيب
الجسدي من زمان .. وانت تقول آثار الحروق من فترة طويلة يعني ممكن
تكون من كذا سنة صح ؟
تكلم الدكتور وهو يشوف نتائج الفحوصات اللي اجروها عليها : هذا اللي
انا اتوقعه .. بس للأسف مالقينا منها اي تجاوب ابد .. وما هي راضية
تتكلم معانا او تجاوب على اي اسألة حتى عمها اللي جلس معاها لحاله
وحاول ياخذ منها اي كلمة عشان التحقيق .. بس للاسف للحين ماتكلمت ..
ناظر ساعته وهو يشيل ملفها ويقوم : اكيد انها تتعرض لمشاكل عائلية في
البيت .. ممكن يكون الضرب لهالدرجة اسبابه اخلاقيه .. بس بما ان آثار
التعذيب بجدسها من زمان معناها انها تعاني من تعذيب جسدي من فترة
طويلة وهذي مشكلة لازم تنحل قبل لا ترجع للبيت . طيب ما سألت عمها
وش اسباب الضرب .. او كيف هي تعيش حياتها ؟
هز راسه بالنفي : لا .. وانا انصحك تجلس مع عمها وتعرف عنها كل شي
قبل تروح لها .. لا نها مو متقبلة احد اصلا ..
حس انه كلام الدكتور منطقي : وينه عمها موجود ؟
قام وهو شايل الاشعة والتقارير بيده : ايه توني شفته من شوي .. انا بروح
وبرسله لك وانت شوف شغلك ..
دقائق وجا عنده فيصل اول ماطق الباب رحب فيه : هلا والله اخوي تفضل
مد له يده وصافحه .. جلس على الكرسي المقابل لمكتبه : آمرني ..
تكلم بكل شي يخصها سأله عن حياتها ومعيشتها .. كل تفاصيل حياتها اللي
عاشتها عند ابوها من يوم جات من عند امها كان متأكد ان هالانسانة واقعة
تحت رحمة مجموعة وحوش .. واكد له هالكلام فيصل اللي اثبت له انه هذي
مو اول مرة تدخل المستشفى بسبب ضربهم لها . بس كل مرة كانت تروح
مستشفيات خاصة وترفض انهم يبلغون عن اخوانها وابوها اللي طقوها ..
كان يسجل كل شي في الاوراق اللي قدامه .. يبي يدرس حالتها الاجتماعية
من كل النواحي .. : اوكي اخوي ....؟
بادره على طول : فيصل ..
ابتسم له : حياك الله اخوي فيصل .. واتمنى هالمرة انك ماتتخلى عن بنت
اخوك وانت السند الوحيد لها بما اني عرفت ان ابوها واخوانها كلهم مشتركين
في الاعتداء الجسدي عليها هذي مسئوليتك انك تمنعهم يوصلون لها .. هالمرة
كانت حالتها جدا خطيرة والحمدلله عدت على خير . بس انت تعرف مو كل
مرة تسلم الجرة ..
ناظر باسمه البارز على سطح مكتبه .. الدكتور متعب الـ ..... ,, اخصائي
اجتماعي .. : ان شاء الله .. مشكور اخوي متعب ماقصرت ..
قام وهو رايح لغرفة ديما مع عمها .. كان يفكر بهالانسانة اللي صار لها كم
يوم بالمستشفى ومازارها الا عمها وثنتين بس .. ماشاف ابوها او اخوانها
او اي احد من اقاربها تسائل بداخله اي قلوب يمتلكون هالبشر .. كيف بكل
سهولة يتلذذون في تعذيب انسانة بريئة بدون ادنى محاسبة للنفس او الضمير
لانه لو حاسبو انفسهم كان ممكن يراودهم شعور الندم بعد اول مرة .. لكن
تكراراهم لهالطريقة الهمجية في التعامل معناها انهم بلا قلوب .. والمجتمع
للأسف فيه كثير من القلوب اللي تجرد اصحابها من كل معاني الانسانية و
تفننو في تعذيب الابرياء .. انتظر عمها اللي دخل قبله عندها .. بعدها سمح
له يدخل معاه لغرفة ديما ..
انتهى الفصل الأول
مساء الورد لعيونكم
العذر والسموحة على التأخير
توني اجي البيت والله وعلى طول نزلت لكم الجزء
الجزء السابع
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
{ ... يوماً ما ..
كنا على اعتاب الطفولة ..
نراقص الأحلام حيناً ..
ونشدو بأعذب الأمنيات حيناً آخر ..
يوماً ما ..
التقينا انا وانت .. على رصيف الذكريات ..
تبادلنا اطراف البراءة .. واسكنتك في داخلي ..
" هنا " ناحية الصدر شمالاً ..
واليوم ..
جمعتنا الأقدار سوية ..
فغيبت الآلام ملامحك قسرياً ..
وماعدت حتى اعرف من انت ..!
رغم كل محاولاته المضنية انها تتكلم او تقول له شي من اللي صار الا ان
الصمت كان الجواب الوحيد في كل الحالات استسلم بالأخير لرغبتها وطلع
من الغرفة مع عمها : تبي نصيحتي ؟ خل حالتها تتحسن بالأول واعرضوها
على طبيب نفسي .. بما انك تقول انها تعرضت للتعذيب هذا معناه ان حالتها
جدا صعبة واكيد ماتعتبر نفسها مثل الناس .. واذا تبيني اساعدك انا مستعد
اكلم صديقي يشرف على حالتها ..
مد له يده يصافحه : مشكور اخوي ماتقصر والله انا من فترة مفكر بهالشي
لكن ماقدرت اسوي شي مع وضع اهلها وابوها ..
ابتسم وهو يناظره .. : والله لو منت اخوه كان بردت قلبي .. وقلت كل اللي
بخاطري .. للأسف حالة بنت اخوك مو اول حالة تصادفنا الحالات كثيرة
واغلب المتضررين اطفال .. رغم ان اغلب حالات الاعتداء الجسدي تكون
من اشخاص يعانون من امراض نفسية .. او مدمنين " وبعد تفكير " تعال
معاي للمكتب نتفاهم على كل شي .. توجهو اثنينهم لمكتبه .. واول مادخلو
جلس على مكتبه وجلس فيصل في الكرسي المقابل له : ابي اسألك مجموعة
اسألة واتمنى انك تجاوبني بكل صراحة ..
اشر له بيده يتكلم : تفضل ..
فتح احد الادراج وطلع له مجموعة اوراق وبدا يسأله : اخوها اللي يطقها هل
يعاني من امراض نفسية ؟
فيصل : لا .. حسب معرفتي فيه ابد ..
ركز نظره بالاوراق اللي معاه وكمل اسألته : اوكي يعاني من اكتئاب وتقلب
مزاجه ؟ شهيته للأكل ضعيفة ؟ احمرار بعيونه
ابتسم على كلامه : والله انا ما اشوفه كثير اصلا عشان احكم على تصرفاته
بالنسبة للمزاجية تقريبا هو شخص مزاجي ودايم متضايق وطفشان ..
قاطعه : ونومه ؟ طبيعي
بعد تفكير طويل : اغلب الاوقات ما ينام بالبيت .. لكن من النوع اللي ممكن
يواصل لساعات طويلة ..
كان يستمع له وهو يدون كل اللي يقوله : ما اقدر احكم عليه الا من اشخاص
معايشينه تماما .. لان الضرب بهذي الوحشية مايكون الا من اشخاص مغيبين
الذهن اما مؤقتا بالحبوب والمخدرات .. او بشكل دائم بسبب امراض عقلية او
نفسية .. عموما هذا رقم صديقي طبيب في مستشفى الصحة النفسية .. ابي
منك وعد تاخذها له بمجرد خروجها من المستشفى حتى لو رفضت انها تروح
وانا راح اكلمه واشرح له اوضاعها كلها ..
ابتسم له وقام يشكره .. طلع من عنده وهو يضحك بداخله على اسألته اذا كان
الضرب في نظرهم لهالاسباب معناها كل العائلة مريضة نفسيا او عقليا لان
الكل يضربها بدون استثناء ..
رجع لها غرفتها وشاف ابوها عندها وهي نايمة سلم عليه وقعد جنبها : متى
وصلت ؟
كان يناظر وجهها المبقع بألوان مختلفة وراسها الملفوف بشاش مغطي اغلبه
وابرة المغذي المغروزة بيدها : توني من شوي .. وش مسوية هالمرة ؟
ناظره باستهزاء : وبتحطها على راسها المسكينة مثل كل مرة ؟ اسألك بالله
انت عمرك شفتها تسوي شي اصلا عشان تغلط ... راضية بحالها وساكتة
ولا عمرها اشتكت واذا صار الغلط وانطقت بعد حطيتو اللوم عليها .. ياخي
خاف ربك فيها تراها بنتك من لحمك ودمك ماجبتها من الشارع ..
انقهر من اسلوبه معاه وهو يجادله صر على اسنانه وقال له بغيض : ومن
انت عشان تعلمني شلون اتصرف معها .. وانا وش يدريني اصلا انها بنتي
يمكن تكون بنته هو ..
وقف يقاطعه : ومادامك ماتأكدت اذا هي بنتك او لا .. ليش ماخليتها تروح
عند امها اللي ولدتها على الاقل هي متأكدة انها بنتها .. ورحمتها منك ومن
مرتك وعيالك اللي ماريحوها ..
قرب منه ومسكه من رقبته : مالك شغل بحياتي .. اسوي اللي ابي وهالبنت
بربيها على كيفي واذا تظن انها بتتمرد علي وتمشي طريق امها بذبحها قبل
تفضحني بين الناس ..
كتمت انفاسها وهي تسمع نقاشهم الهامس " يمكن تكون بنته هو ! " ترددت
هالكلمة بداخلها .. طعنة جديدة اوجعتها .. انتظرت عمرها كله تبي تعرف
شي عن امها .. ويوم عرفت اليوم شي عنها لقت نفسها في دوامة جديدة ..
من هو ابوها .. وهاللي عاشت عمرها معاه ورباها من يكون بالنسبة لها ..
هنا جاوز الألم حدود احتمالها .. كان ودها تصرخ فيهم تبي تبعدهم عنها
تبي ترتاح من هالحياة اللي تعيشها حتى عمها اللي تحبه يمكن يكون شخص
غريب بالنسبة لها .. ومجرد ما اختفت اصواتهم وعرفت انهم طلعو من
الغرفة .. بدت تسترجع كل الكلام اللي سمعته .. ابوها ماكان الرجل الوحيد
بحياة امها .. او بالاصح هالرجل الغريب اللي ماتدري وش صلة القرابة
بينهم ..
دخلت عليها الممرضة مبتسمة وبيدها الابرة المسكنة شافتها تحرك يدينها
وكأنها بتقوم .. : ايه ..؟ عاوزة اية ؟
مسحت دموعها بيدها : ابي اموت .. تكفون خلوني اموت .. مابي اعيش
مسكت يدها ووقفت جنبها تتأملها كل من يشوفها يعرف في ملامحها حالة
الضياع اللي تعيشها .. واستها بكلمات كانت في نظرها مالها اي قيمة تذكر
الا انها تحصيل حاصل شي يقال ويتكرر وبالاخير راح ترجع لنفس العذاب
اللي تعيشه .. نفس الألم يتكرر باختلاف نوع العذاب بكل مرة .. ام مجهولة
وقذف في العرض والشرف .. تعذيب جسدي ونفسي واخيرا اب مجهول
الهوية هو الآخر .. غمضت عيونها وهي تحس بوخز الابرة الخفيف وفي
داخلها صراعات مؤلمة جدا ..
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك