رواية وشايات المؤرقين -4

رواية وشايات المؤرقين - غرام

رواية وشايات المؤرقين -4

أستعيد تلك الدغدغة اللذيذة التي تسري في أعصابي و كل أوردتي لتفقدني صوابي عند كل غزوة عاطفية يمن بها عليَ من خلال نظراته العميقة ! .. هو .. لعنة أبدية أهرب منها لأعود لاهثه أتصيدها صدفة .. و في غمرة أستغبائي لذاتي و خداعي لِما رممت من عقلي ظهر ساري أمامي صدفة .. ساري و طفل يبكي في أحضانه .. يهدهده و يخبره بأن غياب والدته لن يطول .. و يسأله بنبرة أبويه حانيه لم اعرفها في صوته يوما .. ألا تحب أن تكون معي أنا أبيك .. ألا تحب أن تكون معي يا صغيري .. و الطفل يتعلق بعنقه خائفا كأنه يهذي من بين شهقاته ..
من هي أمه ساري ؟ .. من هي تلك المرأة التي نافست وضوح سرا .. من هي المرأة التي جعلتك خجلا أمامنا و أنت تتوارى كا المذنب في البيت المهجور .. و تردد برجاء .. أعطوني فرصه أن أكون من يخبرها أولا ... ماذا سوف تخبرها ساري .. ماذا سوف تخبرها .. واضح ساري كل ما تريد قوله .. واضح بهيئة طفل لم تنجبه هي و كم تمنت أن تكون هي أمه .. هل ستخبرها بأنك تناسيت فاجعتها بفقدها أخيها و مولودها في نفس اليوم .. و قررت ان تنجب أنت و تحقق ابوتك بعيدا عن من فجعت في أمومتها .. سيحترق قلبها لا محاله كما أحترق جسدها الشاب في منزل الرعب الذي سلب روحها للأبد ... سيحترق الليلة ذاك القلب الذي وهبته لك !
*
*
*
عيناي كا مرصاد و جسدي مثقل من تطرف هذا الانتظار .. أنتظرها و كأني به هو الآتي .. أنتظرها لتوعد بي هناك لقربه و قربهم بذات ..
*
*
أم ساري تسد الطريق على وصايف : وين رايحه ؟
وصايف التي تتابع فينوس من خلف والدتها : بروح أسلم على فينوس .
أم سار ي: أقول أستريحي بس و لا تفشلين نفسج و تجيبين الكلام لنا قدام المعازيم
وصايف : يمه شدعوه . .لسلمت على بنت خالي حماتي تصير سالفة و فضيحه .
أم ساري : مسرع ما نسيتي و إلا حسبالج سامحوج مدامهم أسحبوا القضيه ضدج
وصايف بدهشة : سحبوها ؟
أم ساري : أي سحبوها.. شملان بلغني اليوم و أبوج في إجرائات بيسويها و يطلع بعد هو ..
وصايف بفرحه غمرتها تحتضن والدتها : الله يبشرج با الخير .. بس يمه ليش ما قلتي لي أول ما عرفتي .
أم ساري بتأفف : هذا أنت عرفتي ما فرقت ساعه أو ساعتين ..
وصايف و علامات الدهشه تنبثق من بؤبؤ عينيها : ما تفرق .. شلون ما تفرق يمه و انا بموت عشان اشوف عيالي ..
أم ساري : و شدخل هذي ف هذي .. شفتي أنج ما عاد تفكرين .. هم سحبوا القضيه بس عيالح أنسيهم و أكل طبختيه يا رفله أكليه ..
*
*
تركتني أقف مكسورة بعد ان وبختني كما ظلت تفعل لأيام ... كأم لا يمكن لي أن أفهم هذه القسوه .. لماذا تصر أمي أن أثقب ذاكرتي و أصرف صورهم لنسيان .. با الأمس وقفت فوقي كا مطرقة تهوي علي با اللوم و العتب .. و عندما انتفضت و أخبرتها انني سأجد الحل هوت علي مره أخرى بكلماتها التي مزقت فؤادي .. لا تصلحين وصايف أن تكوني أم !! .. و رددت فينوس ستكون لهم أم .. اتركيهم لها و أقلبي الصفحة و عيشي حرة مره أخرى !!
*
*
لا اعرف كيف أعبُر لها فأنا أكره القفز في وجهها و هي تبدوا محلقة بعيدا ..احتاجت لأكثر من خمس دقائق لتنتبه لتواجدي أمامها ... و كل ما صفته من عبارات السلام أطلقته على موجة مشحونة بالتوتر .. بدت لي وصايف على غير عادتها .. مضطربة غير متماسكة تكرر جملها كأنها تحاول أن تصطاد مني كلمه تفتتح بها أهم مطالبها .. لم أساعدها و اكتفيت با الابتسام لها ..
*
وصايف تبدأ المواجهة بعد أن تعبت من أختيار الجمله الاستهلالية المناسبة : آخر مره كلمتج فيها قلتِ لي محد بخير .. و صرختي فيني ما ابي أشوفج مره ثانيه بحياتي ..
فينوس : هذاك أمس و حنا اليوم ... أنت غلطت و خسرتي بس حنا كلنا صرنا بخير
وصايف توترت أكثر و نقلت التوتر لكفها التي فشلت في ضم كفها الأخرى : أمي قالت لي أنكم تنازلتم عن القضيه ..
فينوس : صحيح .. با الأخير حنا اهل حتى لو أنتي نسيتي ..
وصايف التي تعرف بضعف موقفها : تعرفين فينوس بحياتي ما ظنيت أني بسمع منج ها النبرة الهجومية ..
فينوس : قصدج لما كنت اعرف أن الكل يهاجم امي ما رفعت في يوم الصوت و قلت لكم بس .. معاج حق بس اليوم عشان الأبرياء اللي انا عمتهم بقول لج بس يا وصايف بس و خلي اللي صار درس و لا تحاولين تعيدين اللي سويتيه مو لأن بنسمح لج و بنعطيج فرصه بس لأنج بتكونين في بيتنا أم لعيال عذبي و بس ...بنأمنج عليهم فا أحفظي الأمانه ..
وصايف بنبرة مستنكرة : بتوصيني على عيالي .. تعتقدين أني بانتقم فيهم ؟!!
فينوس بنبرة هجومية : أسألي نفسج شنو اللي تقدرين عليه بعد ما ضميرج سمح لج تخونين الثقه و تهددين استقرار عيالج المعوني و المادي ..
وصايف تلتقط آخر ما لمحت له فينوس : أنت ما تعرفين في شغل المؤسسه و مسمى الاختلاس أكبر من القضيه اللي ورطت نفسي فيها ..
فينوس تقطع عليها طريق التبرير : سرقتي . .أي أو لا ؟
وصايف تنفي بشده : طبعا لا .. الموضوع كله أني أتفقت مع ابوي ناخذ عمولة اكبر من اللي متفق عليها عشان يعادل تعبنا و جهدنا اللي مو معترف فيه ..
فينوس بضحكه قصيرة متهكمة : ماني متعلمه مثلج و لا اعرف في الشغل بس أنتِ أدنتي نفسج بنفسج ..
وصايف تبتلع غصه : أنت ما فهمتي علي ..
فينوس تقاطعها : أنا أقولج با المختصر اللي أنا فاهمته .. .أنتِ مثل ما يعرف الكل كل يوم بهوشه مع عذبي و بما أنه في الاخير مل من الهواش و ما عاد يلقيج بال قلتي بلفت اتتباهه با اللي هي فيه ... و تعاونتي مع ابوج اللي الغراب وشوشله با الخطه اللي مشيتوا عليها با الملي بس أصيل خرب عليكم با الأخير ..
وصايف ملت من تلقي اللوم : و أنت جايه تقولين لي اللي فهمتيه عشان تبررين المكان اللي رسمت حدوده أمج لي و بتحبسني فيه ..
فينوس : و انت شايفه أي مكان مع عيالج حبس ؟!!
وصايف بكبرياء : أنا غلطت و اعتذرت بس لا يمكن أصير مثل عمتي أم ديمة و أتحمل العقوبة للأبد ..
فينوس ملت الحوار : يعني ما تبين عيالج ؟
وصايف بنبرة تحمل التوجس : أبيهم بس ما ابي أدخل نفسي بمواجهة مع أمج و لا ابي أقيد نفسي و أعرف أن تعاستي مع عذبي بتستمر .. يعني راح يزيد وضعي سوء ..
فينوس : حيرتيني يا وصايف .. يعني تبين يرجع الوضع مثل ما كان .. تبين تردين لجناحج و تامرين و تنهين كأنج وحده من أهل البيت .. يعني ما راح تكتفين بدور المربية ؟
وصايف بتحدي و عنجهيه قفزت من أعماقها الحقيقية : أي يا فينوس لأن هذا حقي و حق عيالي .. و عذبي أنا راح احل مشاكلي معاه بشكل مختلف ها المره .. و لا تخافين راح أعطيج مقابل يرضيج و يرضي أمج .. انا مستعده اتوسط بينج و بين شملان .. أدري أنج للحين تحبينه ...
فينوس بنبرة باردة لحد التجمد : عذبي طلقج يا وصايف ؟
*
*
أشرت لها باتجاه العتبة و مهدت لها الطريق إليها حتى أنني أرشدتها في كيفية
تخطيها لكن قبل أن تقف عليها عادت لطيران كا عصفور خشى أن يتبلل !
*
*
وضوح بحزم : بنزف هند اللحين يله انزلي قبل ما ينتبه احد انج اختفيتي ..
وصايف التي تدور في غرفتها و تتنفس با صعوبه : اقولج طلقني .. طلقني .. فينوس تقول طلقني ...
وضوح : يعني أنت كنت منتظره شي ثاني .. اكيد بيطلقج .. المهم اللحين عيالج ..
وصايف تقف أمام وضوح و هي تنتفض ب غضب حجر الدمع في مقلتيها : ما أبيهم .. خليهم له يربيهم ..
وضوح : هذا كلام وحده منفعله .. بكره بتنسين كل شي إلا هم ..
وصايف كمن فقد عقله : انسى شنو يا وضوح .. انساه .. شلون ..
وضوح بنبرة رجاء : طلبتج وصايف انسي كل شي بس لربع ساعه و خلينا نزف هند بعدين بنفكر بكل شي .. يله قبل ما عمتي تعصب و يرتفع ضغطها ..
.................................................. .......... .....
*
*
*
أريد أن تقف اللحظة الآن و تعود الساعات بشكل عكسي سريعا ... مستلقية في فراشي و أنفال توبخني لأني لم اغلق إنارة الممر خلفي .. أسيبوخني خالد لأني أكره الظلام الدامس و أشعل أي إناره تعطي المكان أمانا !
كيف سيكون مزاجه صباحا عندما أصحوا مبكرا و أركض باتجاه النافذة أستقبل الشمس لتتربع اشعتها في كل إرجاء المكان ...
المكان .. كيف يستوطن الأمكنة ؟
هل سيكون خالد فوضوي يترك كل شي خلفه مرمي على الأرض و أنا ألهث خلفه أعيد كل شيء لمكانه .. أعلي أن أهتم بكل تفاصيل حياته .. ماذا يحب أن يأكل و ما هو ممنوع أن يوضع على المائدة أمامه .. هل هو نزغ و لا يعحبه أي شيء ..
هل يحب السهر ؟ ..أنا أكرهه .. لا أطيق أن تشرق الشمس إلا و أنا معها ..
ماذا عن الرياضه .. كرة القدم و السباقات .. لا .. لا أطيق هذا النوع من الرياضة
.. كيف إذن إن كان مدمن لها ... و ستكون هي محور حديثنا كل ليلة .. لا هو لم
يتكلم في الرياضه معي قط .. لما خطر هذا في بالي من الأساس ..
توقفي .. توقفي عن التفكير السلبي .. كل الإجابات ستحصلين عليه في الغد ...
*
*
*
خالد الذي أنعطف بسيارته لشارع المجاور : حبيبتي بنمر أمي ..
هند بدهشه : بنمرها ؟
خالد : أي أميمتي حبيبتي كان ودها اليوم هي اللي تزفج لي بس تعرفين الروماتيزم متعبها اليومين .. عاد قلت لها تستريح و حنا بنمرها قبل ما نروح للفندق ..
هند بحرج : بس خالد شلون تبيني أنزل بنفنوفي و حوستي أنا يله ركبت السياره و امي و اختي حولي ..
خالد بحنان : و أنا حولج و معاج و إلا ما أنفع ...
هند بخجل تبتسم من تحت غطائها : أنت البركه كلها .
خالد يطلق ضحكه : الله يبارك لنا و يهنينا قولي آمين ..
*
*
*
أبتعلت ضيقي من قراره الذي فاجأني به .. و نزلت بصعوبه من السياره و فستاني الثقيل يعيق حركتي و غطائي الطويل يمنع الرؤية أمامي .. تمسكت به على الرغم من خجلي و تمنيت بشده لو أنني كنت أكثر شجاعه و أصريت على أن ترافقني والدتي و أنفال للفندق .. لكن الآن فهمت لما كان اعتراضه !
*
*
*
أم خالد بعد أن هم خالد لتقبيل جبينها و قدم هند بين يديها : الله يباركلكم و يهنيكم و يرزقكم الذريه الصالحه ..
خالد يقبل كف والدته و يستنشق الحنه فيها :و يخليج لنا و تربينهم على ايدينج يا اميمتي ..
أم خالد تلتفت على هند : علامج واقفه يا هند ترى البيت بيتج لا تستحين يا بنيتي .
هند بنبرة خجوله : أكيد يا خالتي بس ..
خالد يقاطع هند : لا تقولين خالتي أمي ما عندها بنات و أنت اللحين بنتها يا هند .. قولي لها يمه ...
هند لم تستطع أن تخفي ملامح الضيق التي داهمتها و هذا ما رصدته أم خالد : الخاله حسبة الأم يا خالد و ما تفرق قالت خالة و إلا يمه ..
خالد بنبرة حازمة : لا أنا مصر .. هند بتناديج ..يمه ..
*
*
*
لم أنادي عمتي التي شاركت بتربيتي ب " أمي " و ها هو يطلب مني أن انادي أمه التي عارضت زواجي به ب " يمه " !! ..
*
*
*
خالد بعد أن وصلا لغرفتهم الصغيره التي حجزها ليوم في فندق يطل على البحر : خيلنا نصلي السنه و بعدين راح أطلب عشى لنا .. أحس بموت من الجوع .. اليوم أسند و حمد بذات غثوني ما خلوا مقلب ما سووه فيني ... تخيلي أقولهم ..
هند التي تحبس غضبها منذ أن غادرا منزل والدته تقاطعه : شكلك يا خالد بتسولف طول الليل و أنا زهقت من ها النفنوف و تعبانه من الفراره بسياره ..
خالد فهم مقصدها و هاجم : الفراره ؟!! .. الحين عشان مرينا أمي خمس دقايق صارت فراره ؟!!
هند تدافع عن نفسها : ما قصدت بس أنا فعلا تعبانه.. من الصبح بين اللي تحط لي مكياج و اللي تسوي لي شعري و أحاتي النتيجه و بعدين مقابله المعازيم و الباقي تعرفه .. مفروض تحس فيني ..
خالد يهدأ من نبرته و يتلطف في كلامه : أنا آسف حبيبتي .. روحي بدلي و خلينا ننقذ اللي باقي من الليله ..
*
*
*
تبدوا أنثوية جدا بازينتها الطاغية .. أحبها ابسط .. لا أحب التعقيد و الإسراف و التزييف ..
و هذا ما أحببته جدا في هند .. دائما تبدو بسيطه في كل شيء .. غير معقدة التفكير لا تلف و لا تدور و ما يعجز لسانها عن التعبير به يعوضه جسدها بتعبيره .. حتى اليوم و تحت كل هذه المساحيق استطعت أن أقرا كل تعابيرها التي تصرخ بعدم الرضى .. أعرف إنني فاجأتها و أحرجتها بطلبي لها أن تنادي أمي كما أناديها لكن أنا عازم أن أرسم الحدود اليوم .. أريدها أن تعرف ماذا أريد و أن لا أجعل أمامها أي فرصه لتفاوض .. أردت أن استقل خجلها و حضور أمي الهادئ لأفوز بما أريد من غير معارك ..
و كم أود اليوم أن أجعلها بكل المعاني زوجتي ... لكن ما كان يزعجني و تناسيته أصبح أكثر وطأه و هي بقربي .. فقد فقدت حماسي لهذه الليلة منذ حل نهار هذا اليوم .. تسرعت في قراري .. هذا أول ما خطر في بالي قبل أن أبرح فراشي و السبب أبدا لم يتعلق باختياري .. أنا أحب هند و مقتنع بها جدا .. لكن ما وشوش به صديقي حمد جعلني أوسوس و اشك في صحة قراري ..
*
*
..... من ذاكرة خالد ......
*
*
حمد : ليش معصب علي .. أنا بس أسأل
خالد : أحتفظ با سألتك لنفسك ..
حمد : لا ما راح احتفظ فيهم لنفسي .. مدامك مدخلني في كل موضوع و ناط لي بكل وقت و صاجني بمرتك تحمل اللي بتسمعه .... أبوها معقول لهدرجة مشغول و إلا فعلا للحين بسجن ؟ .. زين خلنا من ابوها .. بنقول أنت عارف ظروفه .. أخوها وين .. كم مره شفته من خطبت لين ملكت .. و ولد خالهم ها الغريب ليش ساكن بشقه فوق السطح و مضيق عليهم و بيته المحترق جمبهم و لا تقول لي ما عنده يرمم بيته ترى السياره اللي يسوقها ما تقل قيمتها عن عشرين ألف .. و خالهم اللي ماخذ عمتها ليش ماله حس حضر الخطبه و غاب عن الملكه ! .. يعني با المختصر كلهم وينهم ليش محد حاسبك و لا احد قال لك ليش لعجله ..
خالد بنفاذ صبر : جيب من الآخر . أنت شتقصد ؟
حمد : ما اقصد شي أنا بس مستغرب منهم .. تعرف كلنا جيرانهممن عمر بس ما نعرف عنهم شي .. رجالهم غامضين و ما يتواصلون مع أحد .. يمكن لو ما حريمهم يطلعون و يجون جان أعتقدنا أن ما في البيت أحد !
خالد بغضب : انت واضح تلمح لشي . .شايف شي و بتقوله .. تكلم ..
حمد يتملص من الإجابه : أنت وين راح تفكيرك .. أنا بس أسولف ..
خالد يقف للمغادرة : سوالفك تغث ..
*
*
*


*
*
*
حمد أصبح صديقي منذ أول يوم ارتدنا المدرسة الابتدائية سويا .. أعرف عنه كل شيء .. متى أبتدأ نطق حرف العين بشكل صحيح لأني كنت أتعمد إغاظته على الدوام و أفقدني هو تلك المتعه بتصحيح نطقه .. أعرف لأي طول أستطاع أن يترك شعره قبل أن يلاحظ والده و يجره للحلاق ليجعله " أقرع " .. و أعرف أنه معتوه و متسلق محترف للجدران فكم من مره رافقته مرغما للهروب من بعض الحصص حتى لا يصفني با الشاطر أكال الكتب ! .. أعرف تاريخ اليوم الذي حصل على رخصة قيادته .. و اعرف متى خلع ضرس العقل و بدأ عقله با الاتزان ! .. ليصبح " تكانه " كما يصفه أخوته ممازحين له .. و برغم من كل صفاته الشقيه التي ميزت أيام مراهقته إلا أني أعرف أنه صادق و لا يمكن له ان يكذب .. لا يتدخل في شئون الآخرين و لا يكثر الثرثره إلا إذا كان هناك ما يضايقه .. لذا عندما أخبرته إنني اخترت هند زوجه لي و بدى غير متحمس و أكثر في الثرثره و تمادى في تشكيكي بأهم قرار لي .. شككت انه كان يخطط لخطبتها و اني سبقته لها .. لكن ما قرأته صدفه في بعض الأوراق الملقاة في سيارته أعاد لي الأمان .. فا صديقي بصمت يعشق أبنة عمه .. إذا هناك فعلا شي يخيفه و يخفيه .. ما هو حمد .. ما الذي عجز لسانك الفصيح عن نطقه ؟!!
.................................................. .......... ......................
ما إن غادرت آخر المدعوات حتى نسينا كلنا هند و التففنا حول وصايف التي ألقت برأسها بين أحضان عمتي و هي تأن من كثرة البكاء ..
طلقها عذبي . . لن اقول أنني تفاجأت فقد كان هذا كل ما نتوقعه منذ زمن بعيد لذا محكاة الصدمة و ادعاء المفاجأ بعدما حدث مؤخرا سذاجه .. لم يكونا سعيدين .. أو على الأقل هذا ما كنت أراه و هي تأتي حامله حقائبها و مردده لن أعود إليه لنفاجأ بعد بضع ليالي بهروبها في منتصف الليل خفيه عنا لتعود إليه !
أصبح الأمر روتينيا .. تغضب منه و تعود لمنزلنا لتبيت بضع ليالي لتعود بعد أول اتصال منه يطالبها فيه با العوده إليه .. و كلما حاولت أمي منعها من معاودة الكره و العودة من غير كرامه منكسة أعلامها تمادت في الحماقة .. أذكر آخر مواجهة لها مع أمي .. كيف أتهمتها أنها تريد أن تدمر زواجها الذي لم تكن راضيه به منذ البدايه .. أتذكر كيف قاطعتنا لشهر و كيف حاولت أمي أن تخفي حزنها عنا من قطيعة وصايف لها .. و عودتها كانت فقط من أجل خالي الذي رأف في حال أمي ..
*
*
*
العمه أم ديمة تأخذ كاس الماء من أنفال لتناوله وصيف : سمي يا قلبي ..
وصايف بدموع تأبى التوقف : آخ يا عمتي .. آخ .. ما يقدر الماي يطفي النار اللي بصدري ..
العمه : النار تولع في عدوينج قولي آمين .. لا تبجين و لا تحرقين قلبج و الدنيا كلها قدامج .. طلقج أحسن من أنه يعلقج و يروح شبابج في رجاه ..
وصايف تشهق بدموعها التي عاودت النزول : لو علقني يا عمتي جان قدرت اخدع نفسي و أقول للحين شاريني و مو قادر يتخلى عني .. و إن الموضوع كله مسألة عقاب و لما تطيب نفسه بيسامحني .. بس يطلقني .. يطلقني .. يا عمتي .. هذا اللي ما جى في أسوء كوابيسي ..
*
*
*
مازلت صغيره وصايف .. لا تعرفين كيف هو مؤلم أن يضيع شبابك في رجاء رجل كبريائه يأبى أن يطلق حبلك و جبنه يمنعه أن يقترب و يعتذر .. لا .. لا تريدين أن تكوني نسخه عني ... أن تمر الليالي بك و أنتِ نصف زوجه و نصف أم و عزباء من دون حلم ..
أنت محظوظة وصايف حتى و إن رأيتي أن الليلة حبيبك يقتلك على ارض غريبة ..
*
*
*
تركت وصايف المنهارة في أحضان عمتها و ذهبت ابحث أنا عن عمتي التي لم تبخل علي يوم با عاطفتها .. عمتي التي ربتني مع بناتها وكانت دوما اقرب لي من أمي التي بدت لي دوما غريبه تزورني فقط في المناسبات و عند الحاجة .. و أنا بأحضان عمتي لم أحتاج لها في يوم .. و لأصدقكم القول .. أنا مدينه لها بإنجاب تؤم روحي و حبيبي ساري أكثر من امتناني لها بتربيتي ..
*
*
*
تمنيت لو أنها صفعتني و حققت لي ما توقعته منها .. لكن رؤيتها و هي تنهار على المقعد و تحاول استعادة القدرة على التنفس أفزعتني ..
*
*
أم ساري ما زالت تحاول أن تستوعب : أبي ماي .. جيب لي ماي ..
*
*
ساري الذي يحمل طفله النائم على كتفه سارع بإنزاله و هو في قمة التوتر ليضعه بين أحضانها من غير تفكير واضح .. و ذهب بسرعة البرق لتلبية طلبها ..
*
*
*
طفل صغير نائم بأحضان عمتي .. لوهله أعتقدت أنه صلاح الصغير أبن وصايف لكن ما إن اقتربت لتقبيله حتى اكتشفت أنه يشببه لحد كبير و لكن من المؤكد أنه ليس هو ..
*
*
وضوح بإبتسامه متسائله : منو ها الحلو يا عمه ؟
أم ساري المضطربة و التي اختفى الدم من عروقها منذ دخول وضوح ألتزمت الصمت و هي تركز نظرها با طفل ساري ..
وضوح بقلق من ملامح عمتها الغريبه و صمتها الأغرب : عسى ما شر . .فيج شي يا عمه ؟
*
*
......... سمي يمه هذا الماي .............
هذا ما نطقت به قبل أن أتبين أن وضوح و ليس أنفال هي من تقف أمام والدتي .. لم أتعرف عليها لوهلة .. فانا لم أراها بكامل زينتها منذ سنين طويله .. قبل سبع سنوات با الضبط ...
*
*

................... من ذاكرة ساري .........................

*
*
*
ساري : و الله حلوه ... خلاص عاد تعالي ..
وضوح التي ما زالت تتأمل شكلها با المراية : ساري تكفى لا تجذب أعرف أني من حملت و انا مختبصه .. كأني مو أنا .. كل شي فيني متغير . ..
ساري يضحك من أعماقه : أي حليانه زود على حلاج ..
وضوح بنبرة متململة : أنت ما ينوخذ منك لا حق و لا باطل بتقعد تمسخر علي لين أولد ..
ساري الذي كان يتمدد على سريره نهض ليقترب منها : قولي أن شاء الله تولدين عن قريب قبل ما ينبط خشمج .. و تتمزق أصابعج و يتساقط شعرج كله و تصيرين واحد من الربع ..
وضوح بدلال غاضب : أي شعليك تمسخر أنا اللي أحمل و اتعب و أنت اللي تنكت و تختار الاسم ..
ساري يقف خلفها ليحتضنها : و الله ما يسميه إلا انتِ ..
وضوح بفرحه تلتفت لتمسك وجهه الحبيب بين كفيها الناعمتين : أحلف .. أحلف ساري أن أنا اللي راح اسميه ..
ساري يقترب ليضع أرنبة انفه على أنفها : بس عاد مو تختارين اسم صعب و اقعد اشرح للعالم و مختار الصحاح في جيبي ..
وضوح تبتسم له با حب : لا الاسم اللي مختارته سهل ..
ساري يمرر الاسم الذي يتمناه : ما في أسهل و أحلى من اسم محمد ..
وضوح بدبلوماسية : أكيد عشان جذيه هذا بيكون أسم ولدنا الثاني أن شاء الله بس ها الولد أبي أسميه علي ..
ساري بضيق مفاجأ : علي ؟!!
وضوح برجاء : تكفى ساري أنت وعدتني لا تغير رايك اللحين ..
ساري يحاول استعادة توازنه : ما راح أغير رايي بس ماني فاهم ليش نسمي أسم موجود في عايلتنا خلينا نغير أحسن .
وضوح : لا أنا خاطري أسمي على أخوي ..
ساري : الله يهداج وضوح تكلمين عنه كأنه ميت ..
وضوح تقاطعه : بسم الله عليه .. الله يطول في عمره ..
ساري : آمين . بس أنتِ غريبه تبين تسمين على اسمه كأنه مو موجود ..
وضوح بحزن : وهو موجود يا ساري ؟ .. صار عقله يغيب أكثر كل سنه .. أنا خايفه الأيام تمر بسرعه و ما عاد يعرف أحد منا.. و ينسى حتى اسمه .. و يغيب عنا كلنا و ما عاد احد يفقده و لا يناديه بأسمه ..
ساري تأثر بعمق الحزن الذي تجرد في صوت وضوح : خلاص حبيبتي ولدي ماله اسم إلا علي ..
وضوح بفرحه غمرتها و أنهت نبرة الحزن في ثانيه : أحلف لي إذا تحبني ..
ساري يبتسم بصدق : و الله اللي حط لج الغلا كله في قلبي أن ما ينادوني الناس إلا . . يا أبو علي ..
.................................................. .......... ...................
*
*
*
منذ أن عرفت أنه طلقها و أنا قابع هنا بين الملفات ابحث عن عمل يلهيني عن كل الأفكار الخبيثة التي هاجمتني في لحظة و على دفعه واحده ..
فرصه .. فرصه .. هذه الكلمة الوحيدة التي كنت أراها في كل الأوراق التي أمامي .. طلقها نعم لكن يبقى هو أخي و هناك بينهما أطفال .. ما هي الفرصة التي أراها أمامي ؟!!
نعم فرصة .. و اكبر فرصة تلقى أمامي لتصحيح وضعي ! .. أنتقم و اشبع نفسي لما تاقت له لسنين .. و بعدها أستعيد زمام الأمور و أرتب حياتي كما أريد ..لكن كيف أضمن أنه لن يعيدها لعصمته .. و ما الذي يضمن لي موافقتها أن تكون لي من بعده ..و ذاك المشئوم شملان لابد انه بدء التخطيط منذ الآن .. و هو يسبقني بخطوة .. هي هناك تعيش في نفس المنزل الذي يعيش به .. وأخته من المؤكد في صفه و عمتي من الإستحالة أن تقف ضده .. و والدها الذي خرج من السجن الليلة خالي الوفاض سيقتنع بأي لقمة يمررها الثعبان شملان أمامه ..
لذا يجب أن تكون خطوتي كبيرة و أن أصل إليها قبله . .مهما كان في الأمر من خبث .. يجب أن أفكر بنفسي أولا و قبل الكل !
*
*
*
فينوس تتصل بأصيل لأول مره منذ سنين و بنبرة خجوله تبدأ حديثها : أنا متصله اسأل عن عذبي .. موبايله مسكر ..
اصيل : و انا المربيه اللي لازم تصير ظله و هو منزعج ؟
فينوس بتردد : أنا بس أسال إذا شفته أو تعرف مكانه ؟
أصيل : لا أنتي متصله علي توصيني عليه بس بشكل مو مباشر .. لأن أكيد أتصلتي على ابوي قبل ما تتصلين علي و قالج أنه معاه في المزرعه ..
فينوس باضطراب تخلل نبرتها المتعبة : وفيها شي إذا وصيتك على أخوك ؟
أصيل : أيه فيها أنه كبير و واعي و يقدر يدبر أموره .. و شرط يومين و بتلقينه على أول طياره و متناسي همومه ..

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات