رواية وشايات المؤرقين -40
شرعت الباب و لم أواريه و عليه علقت لافتة فارغة حتى يكتب فيها ما يريد !
لم أقر بذنب لم ارتكبه و أرفض أن أحشر نفسي بين صدوع ماضيه .. ذاك الماضي الذي لم أكن بطلته و كانت هي نجمته ..
ظلم بحقي أن يحاكمني بذنبها و إجحاف منه في حقي أن يعريني من فضائل هو أكثر شخص على وجه الأرض يعرف بامتلاكي لها ..
لم أخنه .. و حتى تلك المشاعر الفوضوية التي اعترتني أمام أصيل كانت متعلقة فيه , كنت أرى الشبه و أنجذب له لأعود و أوبخ نفسي و أسهر معذبة الضمير من مجرد ردات فعل بريئة متمثلة بارتباك في حضرته و خجل يبعثر كلماتي أمام قامته ..
*
*
*
علي و إحساس الخيانة يطغى على ملامحه : ردي علي .. جاوبيني
وداد بكبرياء : ما عندي شي أقوله .
علي يمسك بذراعها بقوة لم يستعملها ضد أنثى من قبل : لا تقهريني .. ردي علي بأي جواب حتى لو فيه موتي .. بس تكلمي و فهميني
وداد تتحمل الألم الجسدي الذي لا يقارن بألمها النفسي : أنت اللي جاوبني .. أنت شايفني مثلها ؟ ..
علي ينفض يده من ذراعها : لا تلعبين معاي ها اللعبة .. انتِ أبسط من كل ها التعقيد .. أي أو لا .. بتكفيني .. ليش تعذبيني ..
وداد تبتلع عبراتها و تنطق بقهر : و أنت ليش تسألني و أنت تعرف ؟!
علي يتأمل وجهها الصافي : اعرف أن الماي تتغير خواصه و لونه الصافي لما يطيح فيه أي شي .. و أعرف أن الطفل في محيطه بريء و لما يكبر و يطلع منه يتلوث .. و أعرف ..
وداد بدأت البكاء و أهدرت صوتها : تعرف ! .. و أنا أعرف ... أنك تعتقد أن كل أنثى كنت معاها صادق خانتك ؟!! .. وأن في كل مره حبيت لقيت أحد ينافسك ؟!! ..
علي يمد كفه لا إراديا ليمسح دموعها التي غطت خديها : بس ما كنت أعرف اني في يوم راح أكون السبب في دموعج ..
وداد تبعد كفه لتمسح دموعها بأناملها المرتجفة : مدامها نزلت خلنا ما نوفر .. و بسألك .. أنا بديل عنها ؟ .. لو كانت هي الممكن بصير أنا المستحيل ..
علي يبتسم بعذوبة لتتلاشى آخر علامات الغضب : يعني اللحين أنتِ ممكن ؟
وداد التي أمام ابتسامة علي تتلاشى : أنا لك أكيد .. بس أنت ..
*
*
*
يمكن للكل الآن أن يختفوا فلست آبه .. فا هي الآن بين أحضاني زوجة تنقش في قلبي إحساس أكبر , أعمق .. لا متناهي ...
معها لا أحتاج لعقلي فا إحساسي الطاهر بها منطق ..
وداد بكل الصدق الذي بها تمثل تضفي على الأمكنة و كل ما تلمس شيئا من روحها .. لا أشعر معها أني مستهلك أو يمكن لي أن أتكرر .. أنا معها عاشق قبلها لم يذق الحب يوما .. و الآن بت أعرف !
*
*
*
فزت بالمعركة التي خضتها من دون أن أستعد لها ! ..
أم هو الذي فاز و حطم آخر حصوني ..
ما الفرق ما دمت راضية ؟! ..
صوته الساحر و عينيه الثملة لم يخدعوني بل مرروا لي رسائل مكتوبة با الفصحى .. و أنا لست راهبة و عن كل ما لمحته في عينيه لشهور جاهلة , هو فقط التوقيت الذي لم أحسب حسابه, لكن أي قانون كتبناه و أي قانون كسرنا ؟!
*
*
*
علي بخجل لم يستطع أن يخفيه :أنا وعدتج بعرس و أنا عند وعدي.
وداد بنبرة خجولة : صدقني ما يهمني .. يكفي أنك معاي ..
علي يبتسم برضا : يعني أجيب غشي و أعفس غرفتج ..
وداد تبتسم بالمقابل : أنت عفست حياتي بتوقف على غرفه .. جيبهم و الله يعيني ..
*
*
*
احدنا نام غرير العين و الآخر بات ساهرا ..
فا وضوح هي الآن من تتقلب على الجمر بعدما سقطت من عيني علي الذي ملأت وداد عالمه .. أما أنا لو كنت خططت لان تسير الأمور بهذا الشكل لما وصلت لهذه النتيجة الباهرة .. فا علي الليلة حل جميع قضاياه ..
و أولها أصيل .. أصيل الذي أتى قبل ساعة مرعوبا يبحث عن علي الذي ترك له رسالة على هاتفه الجوال مفادها أنهم لم يعودوا أصدقاء .. و لان العريس بدأ شهر العسل كنت أنا من استقبلته لدقائق معزيا له على موت صداقتهم ..
*
*
*
لان اختلافنا شديد تسلق هو القمة و وقعت أنا في قاع سحيق ..
لِما كان دوما أفضل و عني دوما متقدم ؟ .. لم تتوفر لي الأجوبة أبدا و لم أسعى في امتلاكها .. فقد كنت مهتما فقط بمنافسته على كل خطوة ! .. حتى بات الأمر يسري في دمائي و أصبحت أتقدم عليه بخطوة , حتى وداد التي لم أعرف أنها زوجته انجذبت لها لأني عن غير وعي رأيت بها الأنثى التي تستحقه !
و خسرته لها ...
وبت مجرد من كل العلاقات الإنسانية ..
لا أملك صديق و لا حبيبة و لا حتى أخوة لي يهتمون .. و حتى عاطفة والدي الذي رحل لم أتأكد منها في يوم و والدتي كأنها معه رحلت و عن بعث العاطفة أكتفت !
مسخ لا يستحق أن يحبه أحد .. هذا أنا !!
*
*
*
(.. يقول جبران " من تحب ليس نصفك الآخر , هو أنت في مكان آخر في الوقت نفسه .." ! قد يفسر ذالك إحساسي بك .. بمدى قربك على الرغم من ترامي المسافة بيننا .. و هذا ما يجعلني أكثر فضولا , و يملأني با الأسئلة .. فا أنا يمكن أن لا أعرف نفسي إلا معكِ ! .. فهل تقبلين بي زوجا حتى يعرف كلانا نفسه ؟ .. )
في صندوق الوارد وصلني طلبه .. لأضحك و ابكي و تغمرني شتى المشاعر .. فوضى لم أعرف كيف يمكن لي أن أرتبها أو كيف لي أن أتصرف ..
*
*
*
ديمة : شهيق زفير .. شهيق زفير ..
أنفال :شايفتني بولد ؟!!
ديمة : لأ بس شايفتج متوترة و مو قادرة تركزين ..
انفال : تلوميني ؟
ديمة بابتسامة خبيثة : شوي .. يعني حيل خابه عمرج تراه أقصاه سنيّد أخو خويلد ..
أنفال بابتسامة مماثلة : شكلج خايفه منه يمنعني عنج ..
ديمة : و أنتِ عاد إذا قال لج تقطعين علاقتج فيني بتقولين له سمعا و طاعة ؟!.
أنفال تضرب رأس ديمة با الوسادة : وين عايشين حنا عشان يحدد لي سي السيد علاقاتي الأجتماعية .. هو يعرف مكانتج في حياتي و لو يقول نص كلمة فيج بيكون الغلط عليه لأنه اختارني ..
ديمة بفرح حقيقي : أي جذيه طمنتيني .. زين اللي بعده ..
أنفال : شنو اللي بعده ؟!
ديمة : يعني شنو راح تسوين ؟
أنفال : و أنا متصله عليج و مخليتج تجين بسرعه عشان تسأليني .. أنا أبي حل ..
ديمة : ردي عليه عن طريق هند . .لا تعطينه مجال يتواصل معاج عن طريق ثاني ..
أنفال : أنا فكرت جذيه .. يعني مو معقول برد عليه انا موافقة أتزوجك عن طريق الإيميل .. قلنا تطورنا بس مو لهدرجة ..
*
*
*
هند التي تطعم دانة الصغيرة: اها .. اللحين فهمت ..
أنفال : شنو فهمتي ؟!
هند : خالد و سوالفه اللي ما تنتهي عن سند .. كل ما سولفنا دخله في الموضوع و قعد يمدحه .. و امس يقول لي أمي أدور له عروس ...
انفال بهلع : أدور له عورس ؟!! .. و أنا .. ليش يتلقف و يخطبني و امه أدور له عروس ...
هند : أنتش هبله .. خالتي ما أدور له و لو كانت أدور له دريت منها مو أنا مقابلته طول اليوم .. هذي سوالف من خالد يبيني أتكلم في الموضوع و يجيب طاريج لانه كذا مره يسأل ما جاج أحد يخطبج .
أنفال ك أول مره ادري أن خالد فضولي و ملقوف ..
هند : لا أنفال .. لا تظلمينه .. هو مو من هاالنوع .. عشان جذيه أستغربت ليش يجيب طاري أخوه في جملة و يجيب طاريج في الجملة الثانيه ..
أنفال : و انتِ كل هذا و ما فهمتي ؟!!
هند : يمكن لأني تمنيت أني ما أفهم ما حبيت أبحث في الموضوع أو أعطيه مجال يروح فيه لابعد .
أنفال: ما فهمت ؟!! ..
هند : أنفال الزواج مو بس إعجاب متبادل بين رجل و امرأة .. لازم يكون فيه احترام و تفاهم ... و مثل ما عرفت منج قبل أن سند صادفج في كذا موقف سخيف ..
أنفال : هذا أنتِ قلتيها كذا موقف سخيف و مو مهم .. و هو لو مو شايف أني محترمة و عاقل ما خطبني ..
هند : إذا أنتِ شايفه جذيه .. خلاص هذي حياتج و أنتِ حره .
أنفال : لأ أنا مو حره .. أنا مقيدتني مشاعري .. أنا أحبه ..
هند بتعاطف : خيبه .. أجل خلاص ما عاد يفيد القول .. تزوجيه و الله ييسر أمورج ..
أنفال في محاولة اخيرة : أنتِ شرايج فيه .. هو حماج و معاج في نفس البيت .. أكيد تعرفين عنه لو شوي ..
هند تتحرى الأمانة و تجاوب بصدق : رجال و النعم فيه .. مصلي و مسمي و مرضي أمه ..
أنفال بفرحة : خلاااااص يكفيني جوابج ..
هند بقلق واضح بنبرتها : بس ..
انفال : شنو بعد ؟!!
هند : شسالفة موقعه اللي مخليها مراسلات و غراميات..
أنفال: لا مراسلات و لا غراميات .. الموقع كله متنفس و فضاء واسع للفضفضة ..
هند : مدري أنتِ أبخص .. تبين اكلم خالد اللحين ؟
أنفال التي لاحظت عدم حماس هند للموضوع : هند أنا أستخرت .. و اللي كاتبه ربي بيصير .. أنا موافقة و إذا ربي كاتبه لي باخذه و إذا ربي ما تمم لنا راح أكون راضيه ..
*
*
*
كأني بخالد منتظرا و في أحضانه الهاتف .. بل يمكن لي أن أتخيل سند بجانبه ينازعه عليه و هو متأهب لسماع جواب أنفال .. موافقة هذه الكلمة الوحيدة التي نطقت بها ليتعالى صوت خالد بتبريكات لأخيه الذي تردد صدى ضحكاته عبر الهاتف ..
و من المضحك أني الوحيدة التي كنت بمنأى عن كل هذا المخطط !
أين كنت ؟! .. لا أتذكر !
و ها هو خالد يفاجئني بسرعة طلبه لموعد حدده لهذه الليلة لتتم الخطبة رسميا ..
...........................................................................
*
*
*
كنت أعتقد أنني أرمي مشاعري في سلة المهملات لاكتشف إنني كنت أدخرها عمرا ضاق به صدر الزمان .. و ها أنا أشق السكون و أنادي الصدى و أعطيه كل ما في جعبتي من إحساس .. لعل ذاك الذي زاحم ظلي يسمع و يستمع و يصغي لي باهتمام !
و في محاولته الخامسة استجمعت قوتي و رددت على هاتفه و أنا مشحونة بقوة فلينية تفتت أمام عذوبة صوته الذي غرقت به لثواني
, ألتزمت الصمت و تركت له صدر الحديث ..
*
*
*
أنفاسها من ردت على هاتفي و تركت لي مساحة التعبير فارغة !
و كل مفرداتي المهزومة التي أصر على ترميمها لم ينفعني نطقها , لذا أنتهيت بما أتقن و اعرف أنها دوما معه تجاوبت !
*
*
*
شملان : كل دليل ينقذني بحرقه ..و راضي با الإعدام عشان أريحج مني للأبد ..
فينوس بنبرة استجمعت بها كل قواها : مدامك مقرر ليش مسبب لي قلق باتصالك ؟!! .. و لعلمك أنا كارهه أرد عليك من ورى أخواني بس بقيت أريحك و أخليك تقطع اتصالاتك ..
شملان يبتلع خوفا تملكه : أبيج تحلليني ..
فينوس ببرود أتقنته : أنا محللتك .. بس في غيري ناس واجد خربت لهم حياتهم ولازم يحللونك ..
شملان بجزع : مثل منو ؟
فينوس : مثل وضوح اللي خليتها سنين قدامك تعذب و تعتقد أن علي مات محروق .. كانت موقفه حياتها و رافضة تعيش و تستريح و أنت خليتها بيد الكل و نفضت أيدك ..
شملان بألم : و غيرها ؟
فينوس : ساري اللي زوجته سكريتيرتك و وهقته ..
شملان مصدوم : شلون عرفتي ؟ ..
فينوس : وضوح اللي أعرفت و قالت لي ..
شملان يحاول التبرير : أنا .
فينوس بصرامة : خلني أكمل و لا تقاطعني ... و أبو ساري اللي استغليت كل نقطة ضعف تعرفها فيه و خليته أداة ضد أمي .. و هذا هو اللحين على بساط الفقر عالة على ولده بسبتك .. لازم تطلبه يحللك .. و عمتنا أم ساري اللي حفرت و حفرت حول بيتها لين أخذته مفروض تطلب منها بعد تحللك .. و ديمة أختي اللي غذيتها بقصص بشعة و كبرت قلبها علينا و حرمتها من الأمان مفروض تطلب أنها تحللك .. و عذبي اللي حطيته بموقف مرعب و خليته ينطعن من زوجته مفروض تطيح قدامه و تطلب منه يحللك .. و آخر ضحاياك أصيل اللي فجعته بصديقه بدال المره مرتين مفروض تطلبه يحللك..
شملان ينفجر : و أنا ؟ .. منو اللي لازم لي يعتذر .. و إلا أنا الوحش الوحيد بينهم .. و أنا اللي سبب كل آهاتهم و عذاباتهم ..
فينوس بقهر : أنت الشرارة لكل شي يستعر و يمتد و يحرق كل شي قدامه ...
شملان بقهر أكبر : لهدرجة أنا بشع بعيونج ؟!!
فينوس :لا تسألني و أسأل نفسك.. و يكفي تزيد عذاباتي و تحاول تقهرني أكثر .. انا فعلا سامحتك و حللتك على كل اللي صار في الماضي بس لا يمكن أسامحك على خطاك في حق نفسك .. إذا أعدموك و أنت بيدك تبرأ نفسك ما راح أحللك ..
شملان بأمل : يعني اهمج ..
فينوس بألم : تهمني لدرجة صرت أخاف على نفسي من شخصك اللي في الظل و توني أعرفه .. صرت أشوفك خطر و مخلوق يخوف و لا يمكن أقترب منه بإرادتي ...
*
*
*
بعض الآلام أزلية و لا ينفع معها أقراص وردية .. ألم مزمن يزول مؤقتا بمسكن تزيد جرعاته مع مرور الزمن .. و الحل متمثل.. با بتر و فصل و انتهاء .. ليتفاقم الألم !
أغلقت الهاتف لتعلق أنفاسه بصدري و تحتل الرئة , لأرتمي على الأرض بعد أن اختنقت بسمية صوته .. وجوده يلوث عالمي و يزعزع ثقتي بطهارة قلبي .. قلبي الذي ينبض له على الرغم من معرفته بكم الشر المنتشر في دمه ..
*
*
*
قطعا مني تناثرت و ظلت عينيّ مشدوهة .. كأنها رمت علي قنبلة قسمتني لأجزاء متساوية ... لأصبح أنصافُ عارية في مهب الفقد طارت .. لأكون دوما غريب من دون أمل برجوع إليها ..
و أنا المجنون من ظننت أني ما زلت أعرفها و تناسيت أني أهملتها على ذاك الرصيف لأعوام لتلوثها الحياة !
ما عادت فينوس تلك الوردة الرقيقة التي تفرح بندى بل أصبحت نبتة صحراوية تحتمل العطش ..
....................................................................
*
*
*
عندما تريد كل شيء فمعناه أنك لا تشعر انك تملك شيء ! ..
لسنوات كنت في قحط .. و كنت دوما أنام على أمنية أني أصبح صاحبة توقيع مهم ... لأصبح بين عشية وضحاها أملك !
ورثت من والدي قدرا من المال يفوق حاجتي و فجأة لم يعد مهم .. فا أنا لم أعد محتاجة و لا خائفة فا معهم كنت أشعر أني املك أهم شيء , العائلة .. عذبي عندما سلمني الشيك المتضمن ورثي أخبرني أنه لا يعني انه تنازل عني , نظر بعيني و قال أنه أصبح يشعر أني أبنته و أنه يرفض أن أختفي من حياته و أعيش بعيدا عنهم ..
فينوس هي الأخرى احتضنتني و برجاء همست بأذني أن أبقى ..
لترفع من صوتها كأنها تؤكد مقصدها و تقول .. لا تجعلي حفنة من الورق أي كانت قيمتها تسلب منك أصولك القيمة المتمثلة بعائلتك .
حتى أصيل المتجهم الذي لم يوجه لي كلمة طيبة أو يمرر لي لمسة حنونة قال بصوت جهوري أن لا مكان لي إلا بينهم و أنه من المستحيل أن يسمح لي با الرحيل ! .. وأي كانت دوافعه كرها أو بعض حب لا يهم مدام يهتم !
و أمي ؟! .. هكذا تساءلت برجاء .. أردت أن أبقى معهم و أن أجلبها لحياتي من دون أن يفروا هم منها ..
و على لسان عذبي جاء الحل ..
*
*
*
حل يرضي جميع الأطراف أو يرضي كل منهم بطريقة أو أخرى , فا الرضا كلمة فضفاضة أمام جشع النفس البشرية !
ابتدأت بوالدتي التي منذ رحيل والدي توحدت مع نفسها و أصبح من الصعوبة استخراج الكلمات منها , فا حزنها أنتقل بها لفصل الخريف على عجل و حولها لعجوز تأن عند أي حركة ..
لأجد نفسي أملأ دورها الذي لم يحاول والدي من قبل أن يملأه ..
لأقرر و أنفذ و أنا على يقين أنني سأقنع الكل !
*
*
*
............. عذبي قبل عدة أيام ..............
*
*
*
عذبي : لا يمكن أبتعد عنج لو بعدتهم ..
أم عذبي المتعبة : بينقسم قلبك بيني و بينهم ..
عذبي : قلبي كبير و با يكفي الكل ..
أم عذبي : يسلم قلبك يا وجه أبوي .. طلبتك يا عذبي لا توديهم بعيد
عذبي يبتسم لها بحنان : با لأرض اللي قدام بيتنا .. مو بعيد ..
أم عذبي تحاوط بكفيها المرتعشتين وجه عذبي لتقبل جبينه : الله يوفقك و يعينك على المسؤولية ..
*
*
*
بعد الحصول على الموافقة من والدتي حان الانتقال إلى المحطة الأخيرة , لا اعرف حقا ما عليه سوف تكون ردة فعلها لكني مستعد للأسوأ ..
*
*
*
عذبي : عندج مشكلة مع عمتج أم ديمة ؟
وصايف التي عادت في الليلة الماضية من منزل عائلتها : لأ !
عذبي : يعني ما راح يكون عندج مشكلة تعيشين معاها في نفس البيت ..
وصايف باستغراب : أعيش معاها ؟!!
عذبي : الأرض اللي مقابله بيتنا اشتريتها و راح أبني عليها فيلا ..
و ديمة و أمها بيعيشون معانا ..
وصايف تتأمله بحيرة : اللحين أنت تستشيريني و إلا قررت .. و جاي تعطيني خبر ..
عذبي يمرر عينيه على بطن وصايف : أفهميها بأي شكل المهم أن راح ننتقل من ها البيت اللي طول عمرج تبين تطلعين منه ..
وصايف تضع كفها بحركة لا إرادية على بطنها : أنا فاشلة بتخطيط .. و أنت سيد العارفين .. و ما راح أعتذر لأن في طفل جاي بطريق ولا راح أقبل أنك تبتزني ..
عذبي بلهجة صارمة : شنو مفروض أفهم ؟ .. انج تحَدْيني و تحَدْين نفسج و بتهديني من جديد ..
وصايف على عجل : أكيد لأ .. أنا راح أمشي وراك و المكان اللي راح تحطني فيه بتقبله بس أرفض أنك تمنعني أحلم و أتمنى ...
عذبي بابتسامة رضا يشوبها غرور : لج كل الحق تحلمين و تتمنين .. بس المهم في الواقع أنا اللي لي الكلمة الأولى و الأخيرة ..
وصايف : صحيح .. بس تأكد أنك ما تعلمني درس و لا تحطني قدام أمر واقع بأسلوبك المتسلط معاي .. أنت بس تخليني أتمسك أكثر بحلمي .. راح يكون في يوم لي بيت و محد يشاركني فيه بس وقتها ما راح أكون لك شاكره و شكري و عرفاني راح يكون لزمن اللي خلاك شايب مسلم أمورك و منتهي ..
عذبي يضحك كما لم يضحك منذ زمن طويل : وقتها يا وصايف محد راح يلومني .. بيقولون طاح عن حيله و شالته عجوزه ..
وصايف بغيض: تدري انك أحيانا تقهرني و تغثني و ودي .. ودي
عذبي الذي يتأملها بحب : تحبسيني هني و تعلميني درس ..
وصايف تمثل الغضب : أنت طالب متعب و راح ترسب بأي منهج..
عذبي بنبرة أكثر مهاودة : حاولي .. و عندنا العمر كله ..
......................................................................
*
*
*
مر هذا العام بسرعة مذهلة .. و كان عام بألف سنة ! ..
كأننا ولدنا و كبرنا و شخنا بين الفصول الأربعة ..
و في نهايته أهدتني وداد ولي العهد و شبيه عمه .. لا .. لم يحمل أسمه بل اخترنا أسم والدها الراحل ليكون أسمه .. فهد .. صغيري الماكر الذي يضحك لخاله سالم فقط !
أما صداقتي بأصيل التي انتهت لعدة شهور عادت تدريجيا لكن ليست بقوتها السابقة , فما زلت منه متوجس و أمامه الكثير من الاختبارات التي عليه أن يتجاوزها بامتياز ليحظى بصداقتي للأبد ...
*
*
*
وداد تحادث وضوح عبر الهاتف بينما علي يجر الهاتف منها : يعني أكيد ..
وضوح : للمرة العاشرة هذا حنا طالعين للمطار ..
علي يسحب الهاتف من وداد : لا تنافخين على أم فهد .. شنسوي فيج أنتِ و اخوج كم مره تقولون بتجون و تأجلون ..
وضوح تبتسم بحب : لأ ها المره أن شاء الله جايين .. ما تخيل شا كثر مشتاقة لكم .. و متحمسة لعرس أنفال من زمان ما صار عندنا عرس و طقطقة و وناسة ...
علي ممازحا أخته : أفهم يعني أنج بتمترين الصالة و أنتِ ترقصين
وضوح ضاحكة : لا يا أبو فهد اللي بتمتر الصالة وداد عشان تستعيد رشاقتها أما أنا بما أني رشيقة برز نفسي با لأستقبال ..
علي يلتفت لوداد : زين جذيه الكل يقول عنج بطيطه ..
وداد تجر السماعة من يده : وضوح لا تصدقينه لما تجين بتشوفين أني ما تغيرت بعد الحمل و الولادة و هذا أنا مثل ما كنت ..
وضوح التي ما زالت تضحك : زين صدقت ..
وداد بعد أن أغلقت الهاتف : علي بقولك شي بس لا تزعل ..
علي الذي يكتم ضحكته : و أنا أقدر أزعل على أم فهد !
وداد : علي ترى أنا ملاحظة شعرك بدا يخف من جدام .. الظاهر بديت تصلع ..
علي من دون تفكير سارع لتفحص شعره أمام المرآة : وين .. مو شايف شي ..
وداد تضحك بصوت عالي : أكيد مو شايف شي لأنك صلعت ..
علي بغيض : لا تخليني أقعدج عن عرس أنفال ..
وداد تبتسم بخبث : لأ .. مو معقول تسويها .. أنت قلبك أطيب من قلبي ..
علي يضع أرنبة أنفه على انفها الدقيق : أجل يا حظج فيني ..
......................................................................
*
*
*
صغيرتنا الليلة ستكون عروس و سنودعها لتمضي لحياة جديدة فيها سوف تكبر بمفردها لتتغير ملامحها و تنبت في أرضها مشاعر جديدة , قد يأتي يوما لا يمكن لنا أن نذكر صغيرتنا التي نعرف في محياها لكن سنظل دوما نحبها لأنها في يوم كانت مشاعرنا الصغيرة !
*
*
*
أنفال : مو حلو مو حلو ..
وصايف : شنو اللي مو حلو ..
انفال : كل شي .. مو عاجبتني التسريحة و المكياج ثقيل ..
ديمة : ترى أنتِ من الصبح مسويه لنا فلم ..
هند : إلا سوت دراما من مية حلقة ..
انفال : اللحين كلكم اتفقتوا علي ..
وصايف : بس يا بنات .. أسمعيني يا انفال .. التسريحه حلوه و المكياج روعه و الوقت مو بصالحنا بعد ساعتين لازم نزفج .. فا استغلي ها الوقت بتصوير و الراحة ورانا طريق بزحمة على ما نوصل الصالة ...
أنفال بعدم رضا: خلاص مو مهم .. أصلا أنا كنت عارفه ان شكلي بيطلع مو حلو بعرسي ..
ديمة تنفجر ضاحكه : تكفين انفال شلون عرفتي ...
أنفال تنطلق وراء ديمة بثوبها الثقيل : تبين تعرفين شلون وقفي ..
ديمة تختبأ خلف وصايف : خلاص ما أبي اعرف ..
أنفال تصرخ فجأة : عرفت ! .. ديمة غيري مكياجج ..
ديمة بحيرة : ليش ؟
انفال : لاني كل ما شفته و قارنته بمكياجي اكرهه ..
ديمة : يا سلااااااااام .. هذا اللي ما تبيني أعرس ..
*
*
*
ديمة و أنفال عادا لأيام الطفولة كل منهما تريد أن تكون مطابقة للأخرى في الشكل و من لم تفلح منهن ببلوغ الهدف تصر على الأخرى أن تغير من هيأتها لتتمكن من مجاراتها ..
*
*
*
ديمة تبتلع القهر : صرت كأني مشعوذة ..
أنفال برضى : أي جذيه يبين إننا نصير لبعض ..
ديمه لم تجد بدا من الضحك : زين أوريج بعرسي ..
...........................................................
*
*
*
وجدت ساري قبلي في المطار و جدا استغربت !
بعد ساعتين من الآن سوف تزف أنفال و هو هنا لاستقبال شملان أو با الأحرى لاستقبالها هي !
*
*
*
علي : شكلك من زمان تنتظر ...
ساري : لأ .. صار لي شوي .. بس أنت شعندك ؟
علي المستغرب : أنا منتظر شملان و وضوح طيارتهم على وصول من لندن .. و أنت ؟
ساري بارتباك : أنا منتظر أم علي ..
علي يصطنع ابتسامة : يعني بتردون لبعض ؟
ساري : علي محتاج لأمه و أنا محتاج لزوجة و هي محتاجة لأحد يعيلها يعني تقدر تقول صفقة الكل فيها رابح ..
*
*
*
لم نسهب في الحديث فقد وصلت عروس ساري و لمحت من بعيد وضوح و شملان .. و ساري الذي بان عليه عدم الأرتياح أستأذن قبل أن يسلم على شملان .. و شكرت له سرا مراعاته لشعور وضوح العائدة لتو من رحلة العلاج ..
*
*
*
شملان في السيارة : كأني لمحت ساري في المطار ..
علي : أي ..
وضوح التي أيقنت ان علي لا يريد أن يفتح مجالا لنقاش : و منو اللي كانت معاه ؟
علي بارتباك : أم علي ..
وضوح : ردوا لبعض ؟
علي يختصر الأجوبة : عشان علي ..
وضوح : الله يهنيهم ..
شملان : ما باركت لوضوح ..
علي : مبارك لها بدال المره ألف .. و شكرت الله اللي قومها بسلامة و ردها لنا معافاة ..
وضوح بخجل : شملان يقصد شي ثاني ..
علي : ما فهمت ..
شملان : وضوح انخطبت و وافقت ..
علي بصدمة : منو و متى ..
شملان : فايز اللي قلت لك عليه ..
علي : قصدك اللي جاي مع امه علاج ..
شملان : أي ما غيره ..
علي : زين ... أنت متأكد أنه مضبوط ..
شملان يضحك على تعليق علي : متأكد انه جدا جدا مضبوط .. مو صح وضوح ؟
وضوح بخجل : اللي عرفته عنه أقنعني بشخصه .. و على كل حال ربي يكتب اللي فيه الخير ..
*
*
*
قد يبدوا معيبا أن يبكي الرجل الشرقي لان أخته وجدت من يعوضها عن حب فاشل لكنني فعلا شعرت باني على وشك البكاء , أن تكون وضوح سعيدة يعني لي فرحة أبدية تستقر بصدري لأمارس حياتي باستقلالية بينما أنا مطمأن عليها ..
....................................................................
*
*
*
كانت الليلة متنفس و فرصة للفرح في رحلة على الدرجة الأولى لعاصمة كل من فيها عاشق .. أنفال في منتهى السعادة تتبادل النظرات الخجولة مع من تعشق , فرحتها توازي فرحته .. و هي و هو لا يشعرون بحد ممن حولهم .. كل منهم سخر كل حواسه المفتونة في نبض الآخر ...
تأملتهم و في عيني الدمع تحجر , في دعاء رفعته من أجلهما .. أن يحميهما الله من خيبات الزمن هكذا رددت , لأختمه بتمتمة " عسى الله لا يفرقكم " .. فا الفراق بندقية في وجه كل طير للفرح يحاول أن يرتفع ... و أنا أكثر العاشقين معرفة !
فا حنيني لذاك الفخم تضخم حتى أصبح جبلا من وله .. العام الماضي كان عبأ على رزنامتي التي مزقتُ أوراقها منتصف الربيع
حيث رددت على نفسي أنها لا تعنيني , فكل شروق و مغيب لا يأتي به ليس ممكن أن أحسبه من عمري .. ذاك كان يوما فيه أعلنت ثورة على كبريائي بعدما فشلت أكثر من مرة من قذف نفسي لأعماق النسيان من دون العودة من جديد لتسلق سواري السفن التي تخوض البحار المستعصية, و قررت حينها أن علي أن أجد له و لي وطن صغير نموت فيه بعيدا عن أعين البشر !
*
*
*
أدمنت القهوة السوداء التي تسرق النوم من عيني حتى لا تعود معشوقتي في أحلامي .. و حشوت مساحات عقلي بقراءة نهمه لكل ما يستجد على الساحة السياسية و الاقتصادية حتى لا أرى فراقها أكبر أزماتي ! .. و حشوت خريطتي الذهنية بكل الأمكنة التي لم تسير فيها يوما و أشبعت حاسة تذوقي بكل الأطعمة التي لم تحببها قط , و كل ذلك حتى يتسنى لي نسيانها في كل ما لم تطأ و تستنشق و تتذوق و تقرأ و تحب و تكره .. و أنساني النسيان أن القلب الذي فيه سكنت يحملها معي لأي أرض لها أرتحل ! ..
با الطبع قبل أن أحاول كنت أعرف أني سأفشل .. و ها أنا منذ أن عدت من سفري الذي امتد لعام قابع أمام هاتفي و عيناي تراقب الساعة .. قد قطعت عهدا على نفسي أنني إن لم استجمع قواي عند الساعة الثانية عشر سأُرحَل محاولتي لليلة القادمة لكني لن أستسلم !
*
*
*
فينوس التي لتو تأهبت لنوم انتبهت لضوء الصادر من هاتفها لترفعه و تكتفي بصمت .. !
شملان من دون مقدمات و بهمس : "وشايات المؤرقين" .. عنوان مذكرات علي ..أنا و أنتِ بس اللي فيها نعشق بعض و كل من حولنا أرقتهم الأسئلة و يوشوشون فيها لبعض .. أكبر أسألتهم .. شنو شاف فيها وشلون قلبها الأبيض أعشقه ؟! .. و أصعب أسألتهم .. متى راح يفترقون عن بعض !
فينوس : و افترقنا با قرار منك يا شملان ..
شملان برجاء حمله صوته المكسور: و بقرار منج ممكن نرجع لبعض .. فينوس .. أنا اعرف في كل نبض أني أحبج بس مدري إذا قلبج للحين يذكرني ..
فينوس التي لم تعد تقوى على التماسك بكت بحرقة ....
شملان بأنفاس مقطوعة : إلا دموعج .. تكفين فينوس لا تتعبين قلبج
فينوس تشهق بدموعها المتدفقة: أنا كنت معاك ما أحتاج لحضن أي حي و فيك ما أجوع لأي أحساس و كنت اعتقد أنك مثلي على البعد ما تقدر .. شلون أرخصت فيني .. شلون هنت عليك .. سنين و أنا اسأل نفسي .. لين تعبت ..
شملان محاولا التمسك بها لآخر نفس : قولي لي شلون اعتذر .. علميني وين أروح عشان أشتري رضاج .. أنا نادم و تايب و مستعد للي تبينه ..
فينوس تستجمع قوتها و تستعيد تركيزها : مكالمات نص الليل عيب في حق أهلي .. و هذي أول غلطة ..
شملان محاولا التبرير : فينوس ..
فينوس مقاطعة له : تدل بيتنا و ما تحتاج ولي أمر يخطب لك ..
شملان يقف غير مصدق ليعود و يجلس محاولا أن يستفهم : يعني أقدر أجيكم اللحين ..
فينوس : وين تجي حنا بنص الليل ..
شملان المرتبك بفرحته : أي قصدي أصلي الفجر بمسجدكم و أخطبج با عذبي ..
فينوس بخجل أختلط مع بحة البكاء : ما يصير لين ورى صلاة العصر ..
شملان بجدية : ورى صلاة العصر الملكة و بعد ما نصلي العشا نصير لبعض للأبد ..
*
*
*
حتى لو كانت مستحيلة ... بعض الأمنيات تأبى أن تموت !
و في قلب العاشق تبقى دوما فتية ... و تستحق الحياة .
*
*
*
النهاية .
..
مابعد النهاية
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
أتمنى أن النهاية ما تكون مجرد ختامية سعيدة .. اتمنى تكون منطقية بدروسها و مفهومة من دون فلسفة .. و في الأول و الأخير قراءه ممتعة ..
تجربة الكتابة النتية كانت با النسبة لي فسحة ذهنية و متنفس , تجربة رائعة عشتها و راح أحتفظ بذكرياتها للأبد ..
" وشايات المؤرقين " آخر كتاباتي النتية و اتمنى في يوم يتحقق حلمي و أشوف أبطالي يسكنون الورق ..
شكرا مفردة جدا ضيقة ما تحمل أحساس العرفان اللي يطغى علي بها اللحظة لكل من قرأ لي و شجعني ... لكل من عطاني من وقته .. و لكل من نقل رواياتي و لكل من شجع على قرائتها ... ولكل من دعا لي الله يوفقني ..
أعود قارئة معكم و أبحث عن الجمال أيا كان فا لا تنسون أدلوني على الأقلام اللي بعدتني الكتابة عن القراءه لهم ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تجميع ♫ معزوفة حنين ♫..
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك