رواية وشايات المؤرقين -39
وضوح اندفعت لدولاب ملابس وداد لتلقي ما فيه على الأرض :
أطلعي برا حياتنا .. علي ما يبيج و مو ملزوم يدفع الدين .. أبوج مااات و شبع موت تقبلي ها الحقيقية و أطلعي من حياتنا ..
علي الذي صعق من سلوك وضوح الوقح و كره ما رددت : وضوح أنتِ أنجنيتي .. أذكري الله و أهدي ..
وداد التي لم تقدر على مكافحة دموعها : أنا طالعة بس عطيني ساعة ألم أغراضي و أغراض اخوي ..
علي بعصبية واضحة بنبرته: و أنتِ بعد أنجنيتي ؟!!.. هذا بيتج و ما أنتِ رايحه مكان ...
وداد بعناد : إلا راح أروح بيتي اللي ما يهاجمني فيه أحد و يطردني
علي يصرخ بها غاضبا : هذا بيتج يا وداد ..
وداد : من يقول ؟!! .. وضوح و إلا شملان .. و لا تقولي أنت .. لأن أسمك مو موجود بأوراق ملكية البيت ...
وضوح تطلق ضحكه تهكمية : حلو.. أطلعي على حقيقتج .. تبين تقلبينا على بعض و تفرقينا .. شفت يا علي شوي و تقول يا أنا يا وضوح في ها البيت بعد ما خلتك تقط أخوك بسجن ..
علي ينظر لوضوح با ضيق : أنا ما قطيت شملان بسجن .. أفهمي ... و هي ما قالت شي ما قلتيه ... أنتِ توج طاردتني كأنج تقولين ما في شي يثبت وجودك و أن لك حق في ها البيت ..
وضوح بندم : أنا ما قصدت جذيه ..
علي يقاطعها : الكلام لج و لها .. اللي تبيني في حياتها ما تختبر غلاها .. و أنا رجال ها البيت و لقلت الكل يسمع و إن ما جازلكم الوجه من الوجه أبيض .. امشي في طريقي و أخليكم كلكم وراي و اعرف أنكم مو حسوفة ..
*
*
*
غادر علي و تركني معها .. كلانا يحاول أن يحدد مساره , من المؤكد أنها تفكر إن كان من الذكاء أن تتابع ما بدأته أمم تتراجع و تنسحب مؤقتا ! ..
أما أنا كما كنت دوما أقف مترددة و أنتظر الآخر حتى يقرر عني مساري .. إن كانت وضوح تكره وجودي هنا فا لا يمكن أن أحتمل أن أبقى , لكن إن كان فيما قال علي تهديد جدي فا سيكون من الغباء أن أغادر , فا أنا لا يمكن أن أحتمل خسارة علي و ليس هو من طردني و لا يمكن أن أصدق أن مشاعره لي هي رد دين و تخفيف عبأ عن ضمير معذب ..
*
*
*
وضوح تنطق أخيرا : خليني على بالج أنتِ هني عشان خاطر علي بس أنا واعية لج و أعرف شلون تفكرين ..
وداد تحاول أن تهدأ نبرتها : لا يمكن تعرفين شلون أفكر بس ممكن تقيسين على تجربتج و تحاولين ..
وضوح بغضب : شنو قصدج ؟
وداد : أقصد مو كل زوجات الأخوان يفكرون بشكل واحد و مو معناه أنج كنتِ زوجة و عند حمولة بتعرفين شلون أنا أفكر كا زوجة و عند حمولة ...
*
*
*
لم استطع كتم غيضي و ألقيت بكفي على خدها بصفعة تردد صداها حتى وصل علي الذي جذبني خارج غرفة وداد و أمرني بأن أختفي سريعا قبل أن يرد لي الصفعة !
*
*
*
وجدت هروبي في منتهى الجبن .. كيف تركتهن ورائي ...
لذا عدت لأستطلع الوضع بين وضوح و وداد لكن قبل أن أدخل الغرفة وصلني صوت صفعة لأقتحم الغرفة و أجد وداد تغطي خدها بكفها المرتجفة, لأعرف أن وضوح هي المعتدية !
تعاظم غضبي و لم أعد قادرا على التحكم بأعصابي .. لذا سارعت لوضوح لأطبق كفي على ذراعها النحيلة و أخرجها من غرفة وداد آمر إياها أن تختفي من أمامي قبل أن أنتقم لمحبوبتي !
*
*
*
علي محاصرا وداد بأحضانه : لو شملان هني جان طرت فيج من ها البيت و ما خليتج تضيقين ساعة .. بس يرضيج أهد أختي في البيت بروحها ..
وداد تبتعد عن أحضانه و تمسح دموعها : لا طبعا ما يرضيني .. بس ..
علي يحثها على الكلام : بس شنو ؟
وداد تشهق بدموعها : على أنا أعترف أني استفزيتها بس عزت علي نفسي .. أنهنت في مكان مفروض أسميه بيتي ...
علي يحاصرها بنظراته : أنا بيتج يا وداد .. و ما عاش من يهينج ..
وداد : لا تردد كلام مجازي .. اللي تقصدها أختك ..
علي : معاج حق .. هي أختي و ما راح أبيعها و أشتريج بس بنفس الوقت لا يمكن أبيعج و اشتريها .. تكفين وداد لا تحطيني بها الموقف إذا تحبيني .. تجاهليها عشان خاطري ..
*
*
*
ألتزمت غرفتي ليوم كامل مقاطعة حياتي الباردة , لم يهتم لي أحد , و لم يفقدني أي بشر .. فاعلي غاضب مني بكل تأكيد و وداد لابد أنها سعيدة بأنها حولتني لمسخ مسجون في قفص .. و شملان .. أخي المسكين باع حياته عندما رفضت فينوس أن تعيشها معه !
و طليقي لابد أنه الآن يبحث عن أم لأبنه ! ..
*
*
*
علي يطرق الباب بعجل : وضوح بسرعة أفتحي الباب ..
وضوح تسارع لفتح الباب حتى ترمي با عتبها : خلوني بروحي .. ما أبي منكم شي .. و لما أطلع شملان عند وعدك هذاك الوقت تذكرني ..
علي يمد بصحيفة لوضوح : أخذي ..
وضوح تأخذ الصحيفة بتمهل لتفاجأ بصورة شملان في صفحة الأولى لتسارع بقراءة العنوان الرئيسي بصوت عالي : " تعلم القانون ليتجاوزه ! " ..
علي قبل أن تكمل : صارت قضية رأي عام . . طبعا عشان الجريدة تبيع نسخ أكثر .. و اللي يبي يهاجم جهة يهاجمهم من خلال قضية شملان .. عقدوها يا وضوح عقدوها ...
وضوح بهلع : يعني شملان ضاع ؟
علي بخوف غلف نبرته : لأبعد حد .. ليتني منعته .. ليتني وقفت بوجهة قبل ما يضيع نفسه ..
*
*
*
لكني كنت أناني و اتخذت إصراره ذريعة .. أردت أن أعود و لم أبالي لو غاب ..كأنني أردد الأعذار و أرتب الاتهامات في نفس الوقت .. و النتيجة قد أعود للحياة و تنتهي حياته للأبد ..
.....................................................................
*
*
*
عبرت سريعا للجهة المقابلة من دون أن ألتفت أو أن أتأكد أن الطريق خالِي من أي مركبات مسرعة أردت فقط أن تخبرني أن حالتي ساءت و أني أصبحت أتوهم صورته على صفحات الجرائد !
*
*
*
فينوس ترتجف و تمد الصحيفة لديمة التي كانت تنتظرها بسيارة : هذا شملان أو أنا أتخيل ؟
ديمة تأخذ الصحيفة بسرعة لتتأكد : أي .. هذا شملان .. و كاتبين أسمه بعد تحت الصورة ...
فينوس تعض على شفتيها بجزع : هذي نهايته ؟!!
ديمة بقلق ظاهر بنبرتها : لا تفاولين عليه .. هذي الجريدة تحب الأكشن و مو كل شي ينكتب فيها ينصدق ..
فينوس بيد مرتجفة تبحث في حقيبتها عن هاتفها : لازم أتصل بعذبي يشوف شسالفة ..
ديمة تسحب من فينوس حقيبتها : بيعرف من غيرج .. ماله داعي تبينين للكل أنج للحين مهتمة فيه ..
فينوس بعصبية : و ليش ما أهتم .. مو ولد عمي ؟ .. و إلا لقلت ما عدت أحبه معناه صرت أكرهه و ما أهتم لو يحترق ..
ديمة : زين هدي أعصابج .. و خليني أنا أتصل بعذبي ...
*
*
*
نعم بعدما كنت اعتقد أن حياتي انجرفت لمصير مجهول أتى عذبي بعاطفة أبوية جديدة لم أعهدها فيه , ليصبح في غضون أيام أهم شخص في حياتي و الذي باهتمامه أحسست بأن لي مكان انتمي له .. فقد أصبح علي من السهل أن أتواصل مع فينوس و معه من دون أن احمل على ظهري ذنوب والدتي و من دون أن احملهم ذنوب والداتهم .. أتمنى لو أني عرفت قبل أعوام مضت ما أعرفه الآن من أن من يشاطرنا المكان دوما يحمل لنا عاطفة إيجابية حتى لو أراد أن نختفي من مساحته ! ... أخوتي ليسوا شياطين و لا بملائكة هم مثلي بشر يحبون و يكرهون بقدر ما يحبهم الآخر أو يكرههم ..
و أصيل مهمتي الجديدة , لا يمكن أن أسمح له أن يكرهني إلى الأبد لأني سوف أحبه و أرى الناتج !
*
*
*
*
أصيل يرمي با الجريدة على الطاولة التي أمامه : معقول علي يخش عني ؟!!
عذبي : لا تاخذها بشكل شخصي .. أكيد شملان موصيه ما يقول لأحد ..
أصيل المتضايق: ولو .. لو قالي يعني بروح أسولفه !
ساري الذي تواجد بطلب من عذبي : على كل حال هذا أنت و حنا عرفنا .. الحين المهم شلون نساعده .
عذبي : أول شي ها الصحفي التعبان و رئيس تحريره الحقير لازم يتأدبون .. راح نرفع عليهم قضية سب و تشهير ..
ساري : أخاف بدال من نكحلها نعميها ..
أصيل : خلنا ما نصعد الموضوع و نهدي السالفة و نكلمهم عن طريق أحد يمون عليهم ..
عذبي : لأ .. هذي النوعية ما تجي إلا با العين الحمرة .. لو حاولنا نتواصل معاهم و نهدي الموضوع بيكبر راسهم ..
ساري : أنا ما أعرف بها السوالف .. إذا أنت تشوف ها الشي بينفع شملان أنا معاك ..
أصيل : زين خلنا من الجريدة و خلنا في القضية الأساسية ..
عذبي : القضية ما يقدر يحلها إلا شملان .. و لازم نطلعه بكفالة و نخليه يرد لبيته و يرتاح و يفكر بشكل صح ..
ساري : تبون الصراحة .. لو راح نعتمد على شملان لحل القضية فمعناها بياخذ إعدام .. أنا و انتم عارفين أن شملان بايعها ولا يهمه .
*
*
*
عندما لا تقدم لنا حوافز يصبح من الصعب علينا أن نشحذ قوانا و نحد سنان عزيمتنا و نقدم على المعركة .. كلنا و إن لم نصرح نعرف ما علة شملان و لماذا يراكم في ملفه الأدلة التي تدينه ..
شملان لا يريد أن يريح ضميره و يصحح الأمور بل يريد أن يعاقبها ! ..
*
*
*
أصيل : اسألي ...
فينوس التي كانت توحي لمن يراها أنها مستغرقة في قراءة الكتاب الذي بين يديها : عن شنو ؟
أصيل يثبت نظرته على وجهها: عن قضية شملان ..
فينوس : ما يحتاج أسال كل شي مكتوب با الجريدة .. و كل الحقائق و الإشاعات و الآراء متداولة في الشبكات الاجتماعية ..
أصيل بإصرار: أنتِ فاهمه شنو أقصد ..
فينوس ترمي با الكتاب على الطاولة المقابلة و تقف لتواجه أخيها : أي مهتمة .. و كل اللي أفكر فيه شنو راح يصير على ولد عمي .. مثل ما ديمة و و وصايف و هند و أنفال يفكرون ..
أصيل : لأ ... انتِ تفكيرج غير .. و هذا هو اللي يبيه .. قط بنفسه بتهلكة عشان يقهرج و يخليج تندمين .. و طبعا عارف أن الكل بيستنفر عشانه إتباعا لمقولة الظفر ما يطلع من اللحم .. و انه بيطلع منها بكذا لقب .. بطل .. مضحي و آخر شي بياخذ الجائزة اللي حطها براسه .. اللي هي أنتِ ..
فينوس : لا تبالغ .. شملان با اللي سواه خسر كل شي .. وظيفته و مستقبله و حتى سمعته .. و أنا مو جائزة تنعطى و هو عارف ها الشي ..
أصيل مستمر في محاكمة فينوس : لو طلع براءة بتردين له ؟
فينوس : تبيني أقول ما راح أرد له لو باقي له ساعة و يعدمونه و أنا آخر أمنياته ..
أصيل : مفروض هذا يكون ردج ..
فينوس : هذا ردي .. ارتحت ؟
أصيل يبتسم : جدا .. اللحين أقدر أوقف معاهم عشان نبرئه و أنا عارف أني ما صرت ضدج و راح أظلمج ...
*
*
*
أنت و هم و كل من نظر لي بعيون الشفقة ظلمتموني و أرغمتموني أن أرتدي عباءة الكبرياء البالية و كلما أردت أن أرميها ذكرتموني بسبب ارتدائي لها , لأعيد ترقيعها بأنامل تقيحت بها الجروح و أرتديها بحزن من جديد ..
*
*
*
*
هذه الجدران الرمادية هي أنيسي في هذا السجن المزدحم فا عليها أعلق صوري الذهنية و أتأملها لساعات .. لم أعرف من قبل أن العقل يمكن له أن يحلل الصورة المحفوظة بكل دقة و لا أن امتداد الوقت يساعد في تصفية ألوانها حتى تصبح أقرب للحقيقة ...
لكن ها هي فينوس معي و هي من كانت دوما تختبئ بخجل عند وجود البشر من حولي ... و ها أنا لم أعد أخاطب الأنس و لا أهتم للجمادات من ورق و قلم و لا أتطلع لمقابلة أحد .. هي معي و هذا يكفي !
*
*
*
علي الذي يزور شملان بالسجن يهمس غاضبا: لا تجنني يا شملان ... لما تطلع بكفالة المفروض انك تستريح في البيت و تفكر لك بحل مو تخطط تهج من الديرة ...
شملان المسترخي على مقعده : أقعد في الديرة ليش ؟
علي : ليش ؟!! .. شا السؤال الغبي ؟!!
شملان بهدوء : أنا لما سلمت نفسي حليت قضيتك و رديت لك هويتك و عطيت وضوح درس بأن محد لها .. بس أنا خسرت كل شي و قررت أني ما أطلع من هني إلا و أنا مستفيد ....
علي بغضب : أولا أنا للحين من وزارة لوزارة أدور عن هويتي و وضوح ما صحاها اللي صار و حالتها متردية ... و أنت اللحين رديت لطبعك و تبي تهرب ...
شملان : الموضوع أبعد عن تصورك .. أنا أبي أنحاش با فينوس و أهج من ها الديرة و منكم كلكم ..
علي المصدوم : شنو ؟!!
شملان يستبدل نبرته الهادئة بأخرى غامضة : إذا كانوا اللي حولك سلبيين و يخافون من اللي يهمسون حولهم لازم أنت تكون إيجابي أو مغامر المهم تقدم و تغير و لا تهتم ..
علي بتهكم واضح : دايما تبرر لنفسك .. كنت اعتقد أنك تغيرت بس للأسف ما في شي فيك تغير ..
شملان : يمكن .. بس أنت تغيرت و صرت تعيب و أنت معيوب .. طالع نفسك و شوف ليش أنت تخبط من وزارة لوزارة أدور عن هوية تقدر تحصلها بمكالمة ...
علي : بمكالمة ؟!!
شملان : أصيل صديقك الصدوق و تؤمك الروحي بمكالمة وحده يقدر يحل لك الموضوع .. بس طبعا أنا و أنت عارفين أنك ما تبيه يساعدك و هو ما يبي يساعدك .. كل واحد منكم ما يبي شي يتغير .. كلكم خوافيين و تحطون قدامكم فزاعات و تلتفتون وراكم و تخوفون اللي يتبعكم ...
علي : اللحين لما عريتك يا الفاضل طلعتني سايكو !
شملان لم يهتم لهجوم علي : وداد حبتك مجنون و عاقل و ما راح تختفي من حياتك مثل وصايف .. روح طلع هويتك و أثبت وجودك و تزوجها و خلني أعيش حياتي مثل ما أبي ..
علي يبتلع غضبه : فهمني .. لا تخليني أرد البيت و أنا أحاتيك ..
شملان منهيا النقاش: روح يا علي من دون ما تفهم ..
*
*
*
يحدث معي أحيانا أن أتخيل حوار لم يحدث إلا في خيالي , كنت دوما اعتقد بان جرثومة في جزيئاتها الجنون هي المسئولة لكن اكتشفت أنها وشايات لمؤرقين ولدت مع روحي ... شملان و وضوح و أصيل و كل هؤلاء المؤرقين احتلوا دوما مساحات شاسعة في مساحة السكون التي أجد نفسي بها أتنفس .. منذ صغري و أنا أتخيل حياتهم ...أرسم عواطفهم و أعزف أحاسيسهم و أقف بهم على المنعطفات و أراقبهم من الزوايا .. و أتساءل أحيانا هل هم من صنع خيالاتي أم شخوص من واقعي ! ... ألست مجنون و كل ما أنطق به من صنع خيالي ... قد أكون من وجدتهم في غرفتي البيضاء أم هم من وجدوني ليصبح لحياتي معنى ..
هل أخلد لنوم و أتجاهل وشاياتهم و أترك الأرق لهم .. أم أستمر في السهر و أرسم لهم نهاية سعيدة ... أم اهتم بنفسي و أجعل وداد هي أنيسي الوحيد في غرفتي البيضاء التي تشبه قلبها .
......................................................................
*
*
*
يوم الاثنين مساءا وشايات المؤرقين تودع أبطالها ..
ألتقي فيكم على خير بأذن الله ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الأخير :
*
*
*
بعض القلوب عندما تعشق تصبح قليلة الحيلة ...
و أخرى تكسر كل قانون من أجل من تعشق ...
و في النهاية كلها تموت !
*
*
*
فُتحت البوابة و خرجت لتتلقاني رياح شهر يناير الباردة لأدفئ نفسي بوعد .. أنها ستكون في شتاءاتي القادمة ...
ها أنا اخرج من هنا و أنا على يقين أنني أتممت مدة العقوبة حتى آخر دقيقة .. فتلك الفصول المجدبة و كل الأعياد التي لم أحتفل بها معها .. هي أكبر شاهد على أنني عوقبت بشكل كافي !
فقد استطعت أن أقسوا عليها و أٌقصيها من حياتي و لم استطع أن اقسوا على نفسي ! .. أي أناني أنا ؟! ..
ضعيف أنا .. و هذا الفراق بات غير محتمل ! ..
و من يحب عليه أن يدفع ثمن باهظا ليعيش با سعادة .. و سعادتي معها هي فقط ..
*
*
*
في عينيه توق و في إيماءاته و حركاته همة يكفي قامته المشدودة كا شاهد على عزمه المضي فيما خطط له ...
و لا يبدوا أني قادر على ثنيه و لا أجد أنه من الشجاعة أن أقف أمامه و اختار له طريقه .. فا لا أنا و لا هم سنعيش حياته ..
دوري يقف هنا و له قدمان تحملانه ...
*
*
*
علي عاد بعد ساعة من استراحة شملان في غرفته : وضوح ما جت تسلم عليك ؟
شملان من دون أن يرفع عينيه عن الملف الذي يتفحصه : لأ ..
علي بتردد: زين ما راح تروح لها .. تراها حابسه نفسها بغرفتها صار لها أسبوع ..
شملان : في أحد مزعلها .. و إلا هي مزعله نفسها ..
علي بحيرة : كل واحد منا زعل الثاني ..
شملان : خلها أجل ترضى من نفسها ..
علي : تكلم من جد ؟
شملان يرفع عينيه ليلتقي عيني أخيه : للأسف ساري دلع وضوح لدرجة أنها صارت تزعل على أتفه سبب .. و لا أنا و لا أنت مستعدين نصير مثله نردد عليها سنين أسفنا .. و أنت شفت النتيجة .
علي : ساري و سبب زعلها يختلف .. أنا أقول نروح لها و قبل ما نعتذر أكيد بترضى ..
شملان : إذا هذا رايك ليش صار لها اسبوع زعلانه و ما أعتذرت لها .
علي : حاولت بس كل مره تقول لي لا تجيني إلا و شملان معاك .
شملان يزفر بملل : يعني أنا اللي لازم يرضيها !
*
*
*
موبوءة هكذا أشعر في عزلتي التي فرضوها علي ..
نعم فُرضت علي العزلة و لم اخترها , فا كيف لي أن أخالطهم و الكل يتحاشى المرور من جانبي , علي لم يقترب من بابي إلا في محاولة خجولة ردد فيها أن علي أن أخرج لأتنفس !
أما تلك الأفعى التي تعلق بها توجت نفسها ملكة في منزلنا و زرعت أخيها المراهق في مجلسنا .. بت لا أستدل على طريقي في منزلنا الذي غيرت به اصغر الأشياء حتى كؤوسي الكريستالية وطأتها يديها القذرة و غيرت من بريقها !
*
*
*
شملان : سنين و أنتِ على راحتج و صاحبة قرارج .. و محد تجرأ يقول لج لو نص كلمة .. و اللحين جايه تحاكميني ؟! .. هذي حياتي و أنا حر ..
وضوح بنبرة محتقنة با الغضب : حر ! .. تبي تنقط بسجن للأبد و تقول حر ..
شملان : إن كان زعلج علي فا أنا اطلبج ما ترهقين قلبج .. ممكن .. لو سمحتي ما تحمليني زعلج ..
وضوح برجاء: شملان خلك مني و من العالم كلهم و فكر بنفسك .. معقول تبي أدمر حياتك و تنسجن للأبد و ما تطلع إلا لقبرك ..
شملان : هذا أنتِ ساجنه نفسج .. و إلا تحسبين أنج حره و عايشه و تتنفسين ؟.. توهمين الكل أنج تخططين لتغيير بس هذا أنتِ من سجن لسجن .. أول في محيط البيت و اللحين في محيط غرفتج و يمكن باجر تسجنين عقلج و تنجنين ..
علي الذي تضايق من قسوة شملان و من عبوس وضوح قرر التدخل : حنا أخوانج يا وضوح و أكثر ناس مهتمين في مصلحتج .. خلينا من باجر نباشر علاجج و بعدها أبدي خطوة جديدة و عيشي ..
وضوح كا طفلة متحدية : وين أعيش ؟ ..
علي باستغراب : وين بعد ؟ .. هني في بيتج ..
*
*
*
تطاولت قامتها فا أصبح ظلها موحش .. غيره شديدة فخخت بها مفرداتها الملغومة , ألبست وداد الطاهرة أسمال ساقطة امتهنت الحب ! .. و الهدف من كل هذا رميها خارج حياتي ..
لأرد لها الصفعة التي تركتها على خد وداد من دون أن أتردد لثانية
*
*
*
وضوح بدهشة جمدت الدموع في عينيها : تطقني عشانها ..
علي بأنفاس مقطوعة : عشانج يا أختي العاقلة .. عشان ما تنزلين من عيني أكثر ...
شملان الذي كان يقف على الحياد : أعتذر لوضوح ..
علي يصرخ في وجهه : ما راح أعتذر و هي اللي إذا تبيني في حياتها تطلع تعتذر لوداد ...
شملان : و على شنو تبيها تعتذر ؟!
علي بدهشة : ما سمعتها شقالت ..
شملان : اللي قالته ما جابته من خيالها و الغلط الوحيد اللي سوته أنها استخدمت ها المعلومة القديمة عشان أهدافها الخاصة ..
وضوح ببكاء حار : أنا ..أنا ما جبت شي من مخي هذا كلام ديمة و عندك أصيل أسأله .. و أنا .. أنا ما كنت مصدقتها بس من عرفت بخططها صدقت فيها ..
علي كأنه يبحث عن هواء ليتنفسه : أنتم شتقولون ... أنا ماني فاهم عليكم ...
شملان ببرود: با المختصر أصيل كان جدا مهتم في وداد لما كانت تشتغل في بيتهم مربية لعيال عذبي .. و ديمة شاهد .. شنو اللي حصل و اللي ما حصل مو مهم لأن الأهم أن وداد معاك اللحين و شاريتك ...
*
*
*
تابعت من حيث توقفت وضوح , لأني أردت أن ينهي علي صداقته مع أصيل , فا أصيل كومة الشر و احفورة الحقد و السبب الرئيسي لعذاباتي و قسوة فينوس لا يستحق صداقة علي ...
فا أنا على يقين الآن أنه لم يرد أن يعود علي إلا في عالمه , و الدليل أنه لم يحث و لم يساعد علي على استخراج هويته و العودة من جديد للحياة ..
و قد تكون وداد سببا آخر و قصة مكررة لقصته القبيحة مع وصايف .. لا .. لا وداد و لا وصايف شاركن بفصولها فا دوما أجاد ذاك الشرير رسم الأحداث حسب ما يهوى ..
أصيل با المختصر تمنى دوما لو كان هو علي , و لأن هذه الأمنية مستحيلة أصبح تؤمه قصرا !
*
*
*
شرعت الباب و لم أواريه و عليه علقت لافتة فارغة حتى يكتب فيها ما يريد !
لم أقر بذنب لم ارتكبه و أرفض أن أحشر نفسي بين صدوع ماضيه .. ذاك الماضي الذي لم أكن بطلته و كانت هي نجمته ..
ظلم بحقي أن يحاكمني بذنبها و إجحاف منه في حقي أن يعريني من فضائل هو أكثر شخص على وجه الأرض يعرف بامتلاكي لها ..
لم أخنه .. و حتى تلك المشاعر الفوضوية التي اعترتني أمام أصيل كانت متعلقة فيه , كنت أرى الشبه و أنجذب له لأعود و أوبخ نفسي و أسهر معذبة الضمير من مجرد ردات فعل بريئة متمثلة بارتباك في حضرته و خجل يبعثر كلماتي أمام قامته ..
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك