رواية وشايات المؤرقين -38
لكني دوما رهنت نجاحها بمقاييسي ... و لم أشعر أنه سيرضينني كا أم أن تكون أبنتي المرأة التي انتهت وحيدة ! .. لم أبرر لها أو أجد سبب لوحدتها التي تتصل بمعرفتها لقيمتها الحقيقية و رفضها التهاون أو الغش في وزنها من أجل عاطفة كبلتها أو خوف أسرها !
فينوس من دون أن أدرك تعلمت من تجربتي الكثير ... و عرفت أنها ليست فقط وجه قبيح !
*
*
*
منذ أن كانت لي ضفيرة و أتسلق تلك الشجيرة التي زرعها والدي
قبل أن أولد و أنا واعية لكل ما يحدث !
كنت أعرف أنها كانت تمارس جلد الذات من دون أن تدرك ..
حيث جعلت نفسها فار تجارب لتتراكم النظريات الفاشلة على طاولتها المستديرة !
لا تبكي والدتي على رجل أحبها بل على رجل هي أحبته و أرادت أن يحبها با المقابل !
والدتي تبكي مشاعرها المهدورة و كل أحاسيسها المذبوحة , و كل العمر الذي أمضته تحاول أن تتأكد بأنها أصبحت في حياته حقيقة جميلة !
والدتي فهمت اليوم أنها قبحت نفسها بعينيه و دفعته عنها عندما كانت تحاول التمسك به !
.......................................................................
*
*
*
منذ أن اندسست بفراشي بعد صلاة الفجر و أنا أحملق با السقف , حاولت أن أنام لساعة قبل أن أبدأ نهاري لكن محال .. النوم غادرني و يرفض العودة ! ..
بالي جدا مشغول .. و لدي قائمة من الأحداث التي تحتاج مني تحليل فهذا الشهر الذي مر سريعا علي كان مليئا با الأحداث التي لم أستطع تفسيرها ! ...
و فيه كان مجمل التغيير ! ..
متقلب .. مزاجي .. شخص غير اعتيادي بصفاته المقيتة !
لا .. لم أكرهه .. با الطبع لم افعل و لن أفعل !
و نعم .. مشاعري له ما زالت على حالها و هذا لب المشكلة !
عندما زرتهم قبل شهر لم يخفى علي محاولته الاقتراب و المبادرة با السلام لكنه با لطبع تراجع و اكتفى "بنحنحه" لتنبيه عند مروره با القرب من مجلس النساء , و أمه الطيبة التي كانت منه جدا منزعجة بادرت با الاعتذار مني و أخبرتني أنها نبهت على كل أبنائها أن يغادروا المنزل حتى أشعر براحة ..
ليلتها عدت للمنزل و سارعت لكمبيوتري لأجد ما كنت أنتظره !
" يبدوا أنكِ عندما غادرتِ تركتي خلفك عطرك , حاولت لملمته و تخزينه في رئتي حتى أتنفس .. لكنه هرب مني في لعبة اختباء بدأت من مغيب الشمس و لم تنتهي حتى الآن .. و للأمانة أشعر بذنب لمواصلتي ملاحقة عطرك .. فأي حق أملك فيه ؟ .. "
وددت لحظتها أن أترك ردا سريعا أخبره أني موافقة , أليس فيما كتب تلميح برغبته الجدية في الزواج مني .. لكني تراجعت و حدثت نفسي أن لا أتسرع و أن لا اسمح له أن يجرني لملعبه , التواصل عبر هذه الوسيلة ستكون نقطة ضدي حتى لو كنت متأكدة من جديته , و هكذا فعلت ...
بعدها با أسبوعين أهدتني ديمة السيارة التي كنت جدا بها سعيدة و التي اتجهت بها سريعا لهند حتى تكون دانة أول من يركبها , و يكون هو أول من يهنئني أو هكذا حلمت ! .. لكن مصادفتي له أمام منزلهم أربكتني و با الأخص عندما استجوبني بوقاحة !!!
*
*
*
سند أنتبه لسيارة التي تطابق موديل سيارته التي باعها لعلي : متى شريتيها ؟
أنفال و على خديها بانت حمرة الخجل : ما شريتها .. جتني هدية
سند بعد صمت قصير : هدية ! .. و سيارة !! .. هدية بايخة ! .. في احد يهدي سيارة موديلها انتهى من قبل سنتين ؟!
أنفال المصدومة ردت بحرج مبررة : لو جديدة ما قبلتها .. و بعدين بنت خالي شافت اني محتاجه لسيارة و اهدتها لي .. المهم الفكرة ..
سند بتهكم : بنت خالج !!!
*
*
*
ترك دانة بين يدي كأنه يرمي بها علي و رمقني بنظرة مستهزئة أرقتني لليالِ طويلة في ساعتها الثقيلة كنت أحاكم نفسي وأبحث عن خطأ و با الأخص و أنا أقضيها أمام شاشة الكمبيوتر أحدث صفحته التي أعتاد أن يكتب بها لي .. ليقتلني تجاهله !
*
*
*
مزاجي منذ مدة معكر و تبدأ هذه الحالة منذ بزوغ الشمس حتى غروبها و تنتهي بأرق ليلي أدمنته !
لم أولد بهذا المزاج الصعب و لم يعرف عني التجهم مع إشراقه الصباح , و لست كائنا ليليا و لا أعشق السهر , لكن هذا المزاج يرافقني منذ شهر , منذ أن بعت بكل حماقة سيارتي التي ادخرت كثيرا لاقتنائها و استبدلتها بسيارة اقتصادية لأوفر لها المهر !.. لأكتشف أنها قبلت سيارتي هدية بعد أن قام هو بتغيير لونها و إزالة كل الملحقات التي قضيت ساعات طويلة و جهد مضني لتركيبها بيدي , و للأسف تمادت أمامي با الكذب و ادعت أنها هدية من ابنة خالها !! .. لكن حقا .. من منهم أشتراها أو من منهم أهداها ؟!!.. علي أم أصيل ؟..
عندما أخبرني علي أنه سيشتريها مني ليهديها لشخص عزيز على قلبه لم أتصور وقتها أي شخص إلا عندما عرفني بأصيل و طلب مني تسجيلها باسمه لكنه من سيدفع الثمن !!
لكن عندما تباهت بها أمامي احترقت , إذا هكذا كان الأمر .. لعبة !!
.. هل أرادت أن تضعني بموقف مخجل حتى لا أرى نفسي في موقف أفضل عندما أتذكر أخطائها هي و ابنة خالها البلهاء ؟!!
آو أحبت أن تستمتع بمغامرة عاطفية و عندما وجدت بديل أفضل تركتني بكل سهولة !! .
لا أعرف .. أم أعرف .. أو هي تعرف إنني كنت صاحب ذاك الموقع , نعم ..و لما لا ؟ .. أخي خالد يعرف بموقعي و لابد أنه أخبر هند و هي بدورها أخبرت أختها التي بدأت اللعبة !
غبي .. أنا غبي و هذا ما كنت اردده على نفسي خلال الأيام المنصرمة ...
*
*
أم خالد تطل على أبنائها المجتمعين حول مائدة الفطور : يا خالد وين هند من أصبحت ما شفتها و لا سمعت حس لدانة ..
خالد الذي يحتسي الشاي بكل هدوء : توني منزلها عند أهلها ..
أم خالد بقلق : ها الصبح قبل حتى ما تريق .. لا يكون متزاعلين ؟!
خالد ينهض من مكانه و يأخذ بيد أمه : ممكن تريحين شوي و تجين تفتحين نفسنا على الفطور ..
أحد أخوة خالد الصغار : عندك خبر شين قوله و ريح أمي بدال ها الديباجة ..
خالد ينهر أخيه : أنت ما بلعت ريوقكك يله تقلع لمدرستك ..
أم خالد بغضب : تهاوشوا بعد قدامي ..
سند يسبق خالد و يقبل رأس والدته : ما عليج منهم يمه كلن غيران من الثاني تعالي بس خليني أشبع من ريحتج ..
خالد : رح وراك أنا عندي خبر لأمي بينسيها وجودك ..
سند ممازحا : لا يا حبيب ماما أنا عندي خبر أحلى ..
أم خالد استبشرت با الخير : فرحوني جعلني ما أذوق حزنكم ..
خالد يقبل رأس والدته : هند حامل و بأذن الله بتجيب لي ولي العهد .
أم خالد بفرحة غامرة : الله يبشرك با الخير .. و الله يقومها بسلامة و تجيب لك الولد الصالح ..
سند لإغاضة خالد: و إذا جابت بنت ..
أم خالد قبل أن يرد خالد : أن جابت مثل دانة بتسوى عندي جيش .
خالد : يكفينا دانة و أمها و شهوله كثرة الدلوعات .. أدعي بس لنا بوليد يكسر سيارات عمانه ..
أم خالد تنهره : كل اللي يجي من الله حياه الله .. بنت و إلا ولد ما تفرق أهم شي الذرية الصالحة ..
سند : خليه يمه في أحلامه لين تطفش منه هند و تهج و تخليه وراها
خالد : تخسى .. حرمة أم عيال و ين تروح و تهج .. مالها إلا أنا و عيالها ..
أم خالد : اللي أنا قبلها هجيت من أبوك و ش يرد هند المدلعة .. بنات ها الوقت ما هن ضعوف أن ما جزت لها ردت الباب دونك .. أهجد و أمسك مريتك و عن رفعة الخشم ..
*
*
*
كان الوجوم من تلبسنا ! ..
لم نعرف يوما بهذه المعلومة ..
" هجيت من أبوك " !! .. متى .. و كيف ... و الأهم .. لماذا ؟!!
لم ننطق بتساؤلاتنا لكنها لم تتركنا بلا جواب ..
*
*
*
أم خالد تسرد عليهم ما أوجعها لسنوات : الله يرحمه كان يحسب الرجال هو اللي في بيته ما يضحك ! ... ما كان مقصر علي و لا عليكم لا با أكل و لا ملبس جعل عظامه للجنة كان مرهي علينا .. بس كان بخيل في مشاعره , كنت معاه أحس با الفقر و هو غني معطيه الله ذرابة اللسان للأهل و للجيران من قريب و بعيد .. بس لقابلني ما يتخير إلا كل كلمة توجعني .. منه ضقت و هجيت و كلن لامني , و أبوي الله يرحمه ردني عليه و هي الرده إلا مت فيها و لا حييت إلا لما تعدل حاله و عرف خطاه .. و أنت يا خالد تمشي ممشاه و لا أنت داري و محد بيتندم كثرك و أنا أمك .. و ترى هند لا روّحت مره ثانيه ما ظنتي بتعوّد .. تراني أشوفه بعيونها و لحد قالي ..
سند يقبل كف والدته المتجعده : يمه وين ألقى مثلج و أحطها فوق راسي ...
خالد يضرب رأس أخيه : حنا وين و أنت وين .. يله بعد أنت روح لدوامك أبي أقعد مع أمي بروحنا ..
سند يتجاهل خالد : يمه مو كأني لمحت بشغله و أنتي سكتم بكتم ..
أم خالد : لصرحت و أنا أمك تكلمت أما التلميح ما وراه إلا التردد ..
سند بخيبة : واضح أنج مو متشجعة لعرسي .. يله على العموم خالد و بنته أخذوا كل الغلا ..
أم خالد تمسك بأذن سند و تعنفه بحنان بالغ : آه منك يا الغيور .. أنا أبيك اتصمل مو أروح أخطب بنت الناس و أنت توهق ..
سند : أنا كنت مصمل و بعدين ترددت .. يمكن ماني بجايز للبنت و أخطبها و تردني ..
خالد الذي انفجر ضاحكا : أثر مزاجك المتعكر وراه بنت ..
سند بنبرة هجومية: أي وراه بنت تعرف بطبعك و يمكن تحسبني مثلك و لخطبتها تهون ..
خالد يسبق أمه التي خمنت العروس : لا يكون تقصد أنفال ..
سند فاجأ نفسه : أي .. عندك مانع ؟!
خالد : قلوا بنات العرب .. يعني أخوي و متحملك تبي بعد تصير عديلي ..
سند : أقول روح وراك بس ... ها يمه شقلتي ؟
أم خالد : اللي قلته لآخوك قبلك .. تراها مدلعه مو تاخذها و تجي تحلطم مثل أخوك ..
سند بخيبة يوافق والدته : معاج حق .. خلاص أنسي الموضوع ..
أم خالد تتركهم ورائها : يله كلن يروح بطريقه با أنظف البيت قبل ما يجن جاراتي يتقهون عندي ..
*
*
*
لا أعرف ما الذي دفع فكرة الزواج من أنفال التي صارعت خلال ثلاثين يوم لدفعها في آخر اهتماماتي لتصبح با المقدمة في ثانية !
لكن رد أمي و عدم تشجيعها أنقذني !!
و هكذا تركت المكان بعد أن غادرت والدتي و اتجهت لغرفتي آليا أنوي إنهاء المسألة كأن هناك ما يجبرني على وضع نقطة النهاية ! , فتحت الكمبيوتر و عندما نويت الاتجاه لصفحتي توقفت على صوت خالد فوقي ...
*
*
*
خالد : إذا خاطرك فيها و تبيني أجس النبض .. أبشر .
سند : لا خلاص أنسى السالفة .. أمي معاها حق .. بوهق نفسي بوحدة مدلعة ..
خالد يبتسم بسخرية: وشفيها المدلعة أجل تبي تاخذ وحده مسترجلة
سند يصحح ما قاله : قصدي ابي وحده تكانه ..
خالد بنبرة مدافعة: وأنفال تكانه و إلا انت شايف شي ثاني ..
سند بضجر : أنت شتبي اللحين ؟! .. اللي يسمعك يقول أنك أسعد زوج في العالم و تتمنى الكل يجرب الزواج مثلك .. و لا اللي يضحك بعد أنك ماخذها بكيفك و عن قناعة ..
خالد : يعني عشان تهاوشت معاها كذا مره صرت أتعس زوج في العالم و صرت مو طايقها .. با العكس غلاها كل يوم يزيد ... و أنا ماني نادم أني أخذتها و لا أتخيل لي زوجة غيرها ..
سند بتعجب : أنت عن جد تكلم ؟!!
خالد بغضب : شايفني أنكت !
سند بهدوء : لأ .. بس مدام هذا اللي تحس فيه أجل تلحلح شوي و لا تصير مثل أبوي و سالفته مع أمي ..
خالد يستعيد هدوئه : فاهم ! .. بس يا أخي مشكلة التعبير .. لما أجي اعبر و أتكلم عن اللي أحس فيه أنطرم .. و هي بعد ما تساعد ..
سند : خلك منها لأنها مراح تبادر و أنت جلف ... و ترى مو كل الناس يعرفون يصففون الكلام بس عاد من له حيلة فا ليحتال .. تنق من أبيات الشعر ودزها مسج .. و إذا ما عندك ذائقة شعرية خلاص يكفي تصبح عليها بمسج أو أتصل أسال عنها لو أنت غايب لك ساعه , يا أخي لشفتها أذكر الله بصوت عالي حسسها أنك تشوفها شي ثمين و تخاف عليه من العين ..
خالد يرفع حاجبيه بدهشة : أمش يا كزنوفا .. من وين لك كل ها الخبرة ..
سند : أي عاد جينا لتحطيم .. الشرها علي اللي أبي أضبطك ..
خالد يغمز بعينه : ما عليه ضبطني و أضبطك ..
*
*
*
كأنني كنت أرغم نفسي على النوم منتظرا من يطبق على عيني و يمنعني من إنهاء حلمي , و خالد أتى لينقذني من لحظة تهور قد أندم عليها عمرا بأكمله ..
.. قررت أن أضع خلفي كل هواجسي و أنفي التردد , الأمر أبسط من كل التعقيدات التي أدخلت بها نفسي طوال شهر , أرق و تعب و تعاسة لا متناهية أحاطت بي من مجرد إحساسي بأنها باعتني و أنا كل ما أعرفه أن أبن خالها أشترى مني سيارتي ليسجلها باسم أبن عمه الذي قد يكون أعطاها لأخته لتهديها لابنة خالها ! .. تحليل منطقي لما حدث .. أليس كذلك ! .. , أنا لست متأكد و يمكن أنها فعلا صادقة و كل ما علي فعله هو طلبها لزواج أن رفضت جاءني الرد و كفى .. و إن وافقت أعرف حينها أنني فزت.
*
*
*
سند يوقف خالد الذي هم با المغادرة : أسمع لا تكلم هند بسالفتي إلا لما أضبط أمورك معاها , أخاف ما تشجع أختها و السبب أنت ..
خالد بتعاطف مع أخيه : قلنا ما أعرف أعبر بس مو معناه أني ما أفكر .. روق أنت و أنا راح أتكتكها لك صح ...
....................................................................
*
*
*
قد يأتي الصباح بمفاجأة قد تبدوا في أي ساعة من النهار جدا سارة لكننا لا نستسيغها باكرا ! .. لذا لم استطع الابتسام و وجدت نفسي آليا أتساءل بهلع ...
*
*
*
.... " شتسون هني من ها الصبح ؟!! " ....
وصايف : الناس يصبحون و يرحبون بضيوفهم مو يقولون شتسون هني من الصبح !
أنفال بتوجس : أمي وينها ؟ .. عمتي وين ..
هند التي كانت منزوية بمقعدها تجلس باعتدال : تعالي سلمي علينا بدال ما تشخلينا با الأسئلة ..
وصايف تتبرع با الأجوبة : أمي تلبس علي و عيالي مقابلين التلفزيون و عمتي مثل العادة في غرفتها ...
أنفال بقلق ظاهر على محياها : ودانة ؟
هند بإستغراب: وراج ما تشوفينها ...
*
*
*
كيف لم أنتبه لها و هي ورائي ترفع كلا يديها باتجاهي و تبتسم بفرح , احتضنتها بشدة ليهاجمني عطره .. نعم أنا متأكدة من انه عطره ! ... أم أصبحت من طول الهجر أتخيل ؟! .. نعم أنني أهذي .. أنه مجرد عطر للأطفال تستخدمه هند دوما لدانة بعد الاستحمام !
*
*
*
أنفال بعد أن تركت آلاف القبلات على خد دانة: أخلصوا علي قبل ما أروح دوامي . . شجايبكم من ها الصبح ؟
وصايف بإرهاق : ثنتينا نتوحم .. عاد تحمولنا ها اليومين عندكم ..
أنفال بفرحة : مبروووووووووووووووك .. فديتكم .. تكفون كثروا لنا من البنات ..
هند تلتفت لوصايف : أنتِ بعد بتنامين هني ؟
وصايف : أي عندج مشكلة ؟
هند بإعتراض : وين ؟ .. مالج مكان ..
وصايف بتهكم واضح بنبرتها و حركاتها : يا سلام .. يعني انتِ و بنتج البطة يصير لكم مكان و أنا لا ...
هند بدلع تتقنه : أنا و بنتِ خفيفين مثل النسمة مالنا حس و لا نضيق على أحد .. أما أنتِ و القبيلة اللي معاج من يبزاكم ..
وصايف بغضب : يا سلااااام ....
أنفال تسارع لإنهاء الحرب : هييييييه هدوا شوي .. كلكم بيشيلكم المكان ..
*
*
*
فعلا المكان ضيق وأن وسعنا لن يرتاح الكل , لكن أحتاج للبعد فا المكان هناك على رحابته أصبح خانق , منذ موت خالي و المكان يتشح بسواد , حتى تلك المتفرعنة المتسلطة اختفى صوتها و لم تعد تبالي بما يحدث في العالم من حولها , و هو انزوى على نفسه ليعالج حزنه بعيدا عني و كلما اقتربت قال برجاء امنحيني وقت , لكن ما هو الوقت الكافي و كم هو الوقت الذي بحوزتنا ؟... , ألم يتعلم شيئا من موت خالي .. ألم يتعلم أن الوقت ليس ملكية مطلقة و إن كان بحوزتنا .. و أنه قد يصبح عدونا و يسلب منا حياة كاملة !
*
*
*
هند تستقبل مكالمة خالد باستغراب : خير ؟
خالد البدائي في تنميق عبارات الغزل: خير بوجهج يا حلالي ..
هند ترفع حاجبها بدهشة : فيك شي ؟
خالد بمقدمة غير موفقة : أنفال موجودة ؟
هند بخوف : لا .. توها طلعت لدوامها .. ليش في شي ..
خالد الذي لم يلاحظ نبرة هند : كنت بعزمج على غدا و نخلي دانة عند خالتها بس مدامها مداومة نخليها عشا . .شرايج ؟
هند تكتم غيضها : شنو المناسبة ؟
خالد يقلد نبرتها : يعني لازم في مناسبة عشان نطلع نتمشى بروحنا ؟!
هند : لأ . .بس أنا اعرف أنك تكره المطاعم و ما ترتاح في الأكل إلا في بيتك .. شنو عاد اللي جد و خلاك تقرر تعشا برى ؟
خالد المحتار في الإجابة : عاد جذيه طقت براسي .. تبين نروح نتعشى برى و إلا أروح لربعي عندهم دوري بلي ستيشن ..
هند بقهر مكتوم : مدام فيها دوري و عند ربعك أجل بغص بعشاي و أنت تستعجلني .. فخلنا نختصرها و روح لهم و خلني أتعشى عند أهلي أبرك ..
خالد بغضب : تدرين الشرها علي مو عليج .. يله مع السلامة ..
*
*
*
وصايف التي سمعت طرف أختها من المكالمة : خبله أنتِ .. يعزمج و تسوين له فلم هندي ..
هند: تكفين وصايف راسي مصدع ومالي خلق أتكلم عن خالد و سوالفه البايخه ..
وصايف بأمر تمد الهاتف لهند: أتصلي عليه بسرعة ..
هند بعناد : ما راح أتصل .. خليه يولي ..
وصايف : إن ما أتصلني اتصلت أنا ..
هند : أنجنيتي انتِ ؟!!
وصايف : أخلصي أتصلي عليه و قولي خلها غدا .. و دانة مع عيالي و ما عليها خوف ..
هند بتردد : خلاص تلقينه اللحين معصب .. و بيزفني لو أتصل عليه ..
وصايف : حاولي ما أنتِ خسرانه شي ..
*
*
*
قبل أن ينتصف الحديث بيننا و يتصاعد النقاش كنت أتمنى أن أسترجع اللحظات و أخفف من لهجتي المندفعة و انعم با الهدوء لكنني دوما أفشل و أجعل كلماته المستفزة تقودني لصراع أنا الخاسرة الوحيدة فيه .. و هكذا عندما أصرت وصايف على أن أتصل فيه ترددت لدقائق لأني أعرف أنه لا ليقبل الاعتذار بسهولة وانا فاشلة بتقديمها .. لكن عندما تخسر لا تصبح الأمور أسوء إلا بمخيلتك فا في الواقع ساءت لتنتهي و يبدأ أمر جديد !
*
*
*
كلما حاولت فشلت .. ألا تكفي نواياي الطيبة ؟!
نعم أعرف أنه لا يمكن أن تفهمني بشكل صحيح و أنا أظللها بكلمات طائشة و أسلوب جاف , لكن لتعطيني فرصة فا أنا أحاول , و هي تعلم أنني بمحاولتي أخرج من دائرتي التي ارتاح فيها لدائرتها التي لا أرى مداخلها في محاولة مني لإنقاذ ما بيننا, فا لا أنا و لا هي نستطيع تحمل أدنى خسارة بعد أن أصبحنا والدين لطفلة رائعة و طفل في الطريق قادم لتكبر به عائلتنا ..
*
*
*
هند على استحياء و من دون مقدمة تندفع قبل أن يرد بكلمة : وصايف زايره أهلي و بخلي دانة عندها و نقدر نطلع نتغدا على راحتنا و با الليل تروح لربعك ..
خالد يكتم فرحته بنبرة جادة : خلاص أمرج بعد ساعة ...
*
*
*
ذهبت لأستعد و نبرته الجدية الخالية من أي عاطفة ترن في أذني , لا أريد أن أذهب حقا و لا أتطلع للقائه على مائدة الطعام التي اعرف مسبقا أنه سوف يختار أصنافها من دون أن يهتم لما أشتهي , ليلاحقني بتعليقاته التي تتعلق بملبسي و صوتي و كل ما لا يعجبه فيني , فا خالد الذي كنت أراه فارسا لأحلامي و فيه كل الخصلات النبيلة ما هو إلا رجل جاهل , لا يعرف عن المرأة شيء و يرفض أن يتعلم !
*
*
*
المرأة الوحيدة التي عرفتها قبل هند هي أمي , و أمي لم تخبرني من قبل أن هناك عيبا فيني !
لم تردد على مسامعي كم افتقر للباقة في حديثي و تصرفاتي , لم تتضايق يوما من مزحي و لم تخاصمني أو تجبرني على الاعتذار عندما أغضب و أعود نادما من دون تقديم تنازلات ..
أمي لم تنزعج يوما مني عندما كنت اختار لها أصناف الطعام و استفرد برأيي بما يختص بوجهة عطلاتنا أو كيف نقضي أيام الإجازات .. دوما كانت تردد علي أنني رجل البيت و أنها تثق بقراراتي الصغيرة منها و الكبيرة !
لكن هند تتصرف كا أخوتي !
دوما تجادلني و دوما تحاول أن تعاكس رأيي و تصر على أن تختار ما أكره و تصنف ما أحب في قائمة الممنوعات !
لكن المذهل أني أجد نفسي دوما مستعد لتنازل أليس بهذه الطريقة تسير المراكب !
....................................................................
*
*
*
ثورة و غضب عارم و صوتها الكاسر جعلني أسارع لحماية نفسي من كل ما تطاير !
حاولت أن أشرح لها لكن أمام غضبها كان من المستحيل حتى أن أقف بشكل متوازن ..
*
*
*
علي : نطلع وين نروح ؟!!
وضوح تصرخ به بصوت عالي : با اللي ما يحفظك أنت و هي ..
علي يكتم غضبه : وضوح أنا مراعي زعلج و فاهم عليج بس اللي تقولينه عيب ..
وضوح تطلق ضحكه تهكمية : اللي يتبع المره و يقط أخوه بسجن يعرف العيب ! ..
علي : أنا ما قطيته بسجن هو اللي سلم نفسه يبي يبري ذمته .. و وداد لا دخلينها في الموضوع لأن مالها شغل ..
*
*
*
لم ترد علي بجواب تركتني و توجهت لغرفة وداد مسرعة الخطى لأتبعها محاولا ثنيها عن أي حماقة قد تقوم بها , فا لا يمكن أن أسمح أن تجرح وداد حتى و لو بكلمة ..
*
*
*
أنا المسئولة و لو بشكل جزئي ... فا أنا من أصررت أن ينهي الكذبة و أن يصارح وضوح بحقيقة غياب شملان , فقد كرهت أن اعلم الحقيقة و هي الأقرب له تعيش مع كذبة ... فا قبلها كنت ضحية لكذبة طالت لسنوات و أرفض أن أكون مشاركة في جريمة مماثلة ... و الكذب حبله قصير و لحظة كشفه مره و نتائجه معضلة .. أما الصراحة و الوضوح قد يوفر علينا سنوات من الضياع و يجاوب على الكثير من الأسئلة التي تعطل عقولنا بتعقيداتها !
*
*
*
جاء بكل بساطة ليخبرني انه كان يكذب ! ..
منذ عرفته و هو أصدق المخلوقات التي عرفتها , قد يكذب الورد و يهاجمني شوكه و لا يفعلها علي و يختلق كذبه ..
لقد علمته هي كيف يكذب و يحور الحقائق ... أليست هي من أختارها شملان لتكون معاونة له في إخفاء علي ..
هذه المخلوقة التي تمشي الهويدا و تمثل الخجل مجرد أفعى تلتف على علي لتدق عنقه ...
با الطبع لم يعجبها الوضع الجديد و لم تتخيل أني سوف أكون أحد أركان هذا البيت لذا بدأت بشملان و سوف تنتهي بي !
*
*
*
وضوح اندفعت لدولاب ملابس وداد لتلقي ما فيه على الأرض :
أطلعي برا حياتنا .. علي ما يبيج و مو ملزوم يدفع الدين .. أبوج مااات و شبع موت تقبلي ها الحقيقية و أطلعي من حياتنا ..
علي الذي صعق من سلوك وضوح الوقح و كره ما رددت : وضوح أنتِ أنجنيتي .. أذكري الله و أهدي ..
يتبع ,,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك