رواية وشايات المؤرقين -33

رواية وشايات المؤرقين - غرام

رواية وشايات المؤرقين -33

شملان يسارع له و بلهجة متحكمة : لا تفكر حتى تلمح لها .. وداد و سالم تجاوزوا غياب أبوهم و عاشوا .. لا تقسي عليهم با حقيقة تردهم لضياع .
علي بقهر يصرخ بأخيه : تبيني أجذب و أزور مثلك ؟!! .. تبيني أتلفت وراي و اشك في الكل و تمادى با الجذب و أخطي في اليوم ألف ألف مره على من أحبهم و اسمي الحقيقة ضياع .. ضياااع يا شملان ؟!!
متى الحقيقة كانت ضياع .. لو ما أعرفك قلت أنك تبي تحمي نفسك بس أنا أعرفك تعتقد محد راح يحبك إلا إذا جذبت !
شملان بألم : بعض الحقايق من بشاعتها تعلمنا الجذب .. بس أنا ما أجبرك تجذب .. أنا يا علي ما عاد تهمني نفسي هذا أنت رديت و وضوح ردت معاك و فينوس ابتعدت للأبد, أنا أنجزت مهمتي .. و أنت سو اللي تشوفه صح ..
*
*
*
انطلقت أجري في أرجاء المنزل باحثا عنها أريد أن ارتمي تحت قدميها و أطلب المغفرة من دون الفوز بالصفح , أن أقرب لها هاتف المنزل وأطلب لها رقم الشرطة حتى يقتادوني بجريمة قتل والدها لتأخذ العدالة مجراها و أقتاد لمصيري و أتخلص من ذنوبي لعل في الجنة أكون زوجا لها !
*
*
*
لا أعرف كيف أصبح أمامي وأنا في الطريق لطابق العلوي الذي هجر كل الطرق المؤدية إليه هربا مني , لذا عندما استوقفني ذهلت حتى أنني شككت للحظة أني أتخيل وجوده , كانت شفتاه ترتجفان و الدموع لها مجرى على خديه واقف على بعد خطوات مني يتأملني لأقترب فزعة أطلب منه أن يخبرني إن كان سالم بخير و لم يصبه أي سوء !
*
*
*
*
*
*
علي بعد أن قدم لها الماء البارد : يا بنت الحلال هذي ثاني مره أحلف لج سالم ما فيه إلا العافية و نايم بفراشه .. سمي و أشربي الماي وهدي نفسج ..
وداد بعد أن ارتشفت من كأس الماء الذي قدمه لها: أجل شفيك ؟ .. صاير شي .. متعبك شي .. أروح أنادي لك شملان ..
علي يجلس بجانبها : خليج معاي .. و قولي لي .. منو تحبين بعد سالم ؟
وداد المرتبكة بعفوية مصطنعة : ردونة .. يا الله شنو اشتقت لها ..
علي بخيبة تملكت نبرته : كنت اعتقد بتقولين أنت ..
وداد تبتسم بخجل : أنت ! .. أنت مفروض ما تسأل و لا تحط نفسك قبل و لا بعد أحد ..
علي برجاء : إذا تحبيني قوليها .. خليني أسمعها لأول و لآخر مره .
وداد و دمعه طفرت من عينها على حين غرة: ما راح تكفي مره و أنا اللي في قلبي أكثر ..
علي بإلحاح : زين قوليها .. قوليها تكفين و هونيها علي ..
وداد بخوف : أنت تخوفني .. علي .. قولي شا اللي صاير ؟
علي الذي يأس من أن تنطق وداد بما يتمنى أن يسمع بدأ بسرد القصة من ذاكرة لم تتعافى كليا ...
*
*
*
كان يتوقف لثواني ليعتصر الذاكرة من ثم يسرد ما لا يمكن جمعه , ليتوقف و حيرته تطغى على ملامحه ليفاجئني بعينيه تتأملاني باحثة عن ردة فعل لم أتبرع بها , تركت ملامحي مسترخية و أنا أستمع لاعترافاته متأمله ملامحه التي تنطق بصدق , كم هو حنون و يملك أروع صوت , في بحته أجد وطن و في ابتسامته الصادقة متسع لحياة رغدة أودع فيها الحزن الذي لسنوات كان ظلي الوفي !
*
*
*
علي يختم اعترافه : و ما بقى من بيتنا إلا رماد و جثه وحده ظن الكل أنها لي ...
وداد تقاطع علي : خلاص أرتاح .. و لا أتعب ذاكرتك .. كل شي دونته با مذكراتك و أنا قريته ..
علي المفاجأ : مذكراتي ..
وداد بعفويتها المعتادة : سالم أخذ مذكراتك في اليوم اللي هربنا فيه .. قالي بعد مده أنه تخلص منهم بس كان يجذب علي عشان يحميني من الحقيقة .. تبيني أجيب مذكراتك عشان تكمل اللي خانتك ذاكرتك في جمعه ؟
علي بتردد : ما أبي أقرأ شي .. أنا راضي با اللي بقى من ذاكرتي و معترف بذنبي ..
*
*
*
غادرت ما إن انتهيت من اعترافي , لأضع رأسي حيث كانت تجلس و أجهش ببكاء مر لا يليق برجل .. ليصل أنيني لوضوح التي تلقفت حزني و رتلت على مسامعي آيات من الذكر الحكيم لأستكين بأحضانها مرددا " يا ربي سامحني " ..
*
*
*
انطلقت نحو غرفتي لاهثة يدفعني حبي لعلي و أمل بمستقبل يجمعنا , سارعت لدولابي و أخرجت دفتره الذي دسسته بين ملابسي كا تاريخ أريده أن يختفي تحت كومة الأيام , فا منه عرفت مصير والدي الذي مات من عقب سيجارة عرضها على علي الذي رفض استنشاقها ..
كتب علي ..... ( خنقني الزائر المدعو با أبو سالم المفروض وجوده من شملان , لم تكن هذه المرة الأولى التي يجلبه شملان للمنزل ليضمن حضوره لجلسة من جلسات قضاياه المتتالية , لكن هذه المرة ضقت ذرعا به و أردت أن أطرده كما طردت أصيل , أريد أن أبقى في منزلي لوحدي لأصرخ و أحطم كل ما حولي من دون أن يكون هناك من يردد مجنون قيدوه و أعطوه المهدئات ليستريح و يريح ... و كيف أرتاح و من عشقت مزقت قلبي و ارتمت بأحضان من لن يحبها بقدر ما أحببتها .... تبا لها .. لتخرج من ذاكرتي إن كانت تأبى الخروج من قلبي ... نعم .. نعم أبو سالم ... كنت في طريقي لسلم لأجده في منتصف الطابق متأملا الديكور و اللوحات و عندما نبهته لوجودي رحب بي قائلا "يا مجنون كم كلفتكم كل هذه التحف ؟ .." , توجهت له مسرعا أريد أن أقذفه خارجا بأسرع وقت لأجد سيجارته النتنة أمامي يعرضها علي كا عربون صلح قذفتها لتطير و رائي ليأخذ أبو سالم بتأنيبي لقلة تهذيبي و نسي أنه من قلة الأدب أن يتسكع الضيف بين غرف النوم , و بعد جدال قصير انتبهت لنار التي اشتعلت بستائر لأسارع في إطفائها بكل ما تقع عليه يدي و أبو سالم ورائي مرددا يا مجنون لنخرج من هنا قبل أن نموت لينقطع صوته بصرخة أطلقها عندما وصلت النار له قبل أن تصلني .... ليغيب عقلي من جديد و يعود لي مرتعدا بين حاويات القمامة خائفا أبكي متسائلا أين أنا لتمتد لي كفان أعرفهما كما أعرف كفاي عارضة علي انتشالي من الضياع, لأتوقف عن البكاء حالما اكتشفت أن المنقذ هو شملان و أن عقلي لم يكن يخدعني ) ..
كانت هذه المرة الوحيدة التي ذكر بها علي أبي و كانت كافيه لأعرف أنه كان يعنيه هو و ليس شخصا يحمل نفس اللقب , حتى أخي سالم عندما واجهته أسر لي بأنه يعتقد أن من ذكره علي في دفتره لابد أن يكون والدي , و هذا ما جعلنا نفهم دوافع شملان و مصدر اهتمامه و لما أصبحنا جزءا من حياته رغما عنا !
موت أبي كان حادثا مأساويا و ليس على شملان أو علي أن يحملان عبأ الذنب و يطلبان العفو, و ليس علي أنا و سالم أن نعاقبهما أو نكره أي منهما , قد يكون ما حدث رحمة لنا , فأبي لم يكن فارسنا ذو الدرع الحديدي و لم تسوء حياتنا برحيله و رضائي بقضاء الله و قدره واجب و حبي لوالدي لم تقهره النيران الذي مات فيها شهيدا !
*
*
*
قضينا الليل بأسره نقرأ مذكرات علي مره بصوته المتعب و مره بصوتي المحمل با الندم و مره بصوت أختنا المتعطشة لمعرفة كل ما فاتها من حياتنا ...
*
*
*
كنت ألتهم الكلمات كا طفلة مهووسة با القراءة ووقعت بين يديها رواية مليئة با لإثارة تدور أحداثها في عالم آخر و أبطالها لهم ملامح شرقية تكاد أن تقسم أنها لمحتها فيمن تحب , , حاول كلاهما أن يثنيانِ عن القراءة و يقنعاني بأخذ استراحة لكني رفضت اقتراحهم و هربت با الدفتر لغرفتي لأنفرد با قراءته طوال الليل ....
بعض ما كتبه علي بدا طلاسم و غير مفهوم و يمكن أن أعزي ذلك إلى عواصف الجنون التي كانت تهب على عقله و هو يقاوم خسارته , و في بعض ما كتب كان يسرد ما تبقى من ذاكرته , بدا انه يكتب بذهن صافي حتى يمرن عقله على البقاء , أما ما وجدته شاعريا و لامس شغاف قلبي هو حديث قلبه الذي أرخه , من بداية التلاقي إلى آخر ما أستقر في قلبه من عاطفة خاصة لها ....
*
*
( لأن عقلي يغيب لزمن لا يمكن لي حسابه أجد من الصعب أن أحدد اليوم الذي تأصل شعوري بها .. لا أعرف إن كان إحساسي مرده لجفاف أيامي و كآبة كل ما يحيطني أم هي استثنائية و تستحق أن ينشغل عقلي الواعي بها ) ..
.
.
( لا يبدو أنها واعية لنور الذي يتلصص من خلفها و يجرد لي محاسنها , لم أخجل من أفكاري بل وجدتها مضحكة لأني تخيلت ردة فعلها إن علمت أن النور تحالف معي ضدها و هي من توصد الأبواب بيني و بينه بمفاتيحها التي تثقل بحملها أناملها ) ..
.
.
( يبدو أنني في لحظة غياب عقلي أرعبتها , ويبدوا أنها قررت أن تستعمل القسوة منهاجا في التعامل معي , وددت أن أخبرها أن الدور لا يليق فيها , فملامحها الأخاذة و هي عاقدة حاجبيها ستجعلني أدمن القسوة و أتلذذ بإثارة غضبها ) ..
.
.
( لم أراها منذ زمن , و عندما سألتها أين كانت أخبرتني بنبرة حنونة أني أنا من غادر لأيام , لحظتها شعرت بعبرة تتكور في مجرى التنفس و وددت لحظتها لو أن لي المقدرة في الانقضاض على عقلي وتهشيمه لأنه سلبني وقتا لا يعود برفقتها .. نعم تأكدت من آثارها من حولي أنها كانت هنا برفقتي تحمل الأسلحة و الدواء بجانبها .. تحرسني و تحترس مني )
.
.
( اليوم على غير عادة لم تنطق بحرف و اعتصمت خلف الصمت , كانت تنظف بآلية مكاني و ترفض المسافات التي تقربها مني , و كنت أبعد تلقائيا عن المكان الذي أخمن أنها تريد تنظيفه .. شعرت بغصة و بكبريائي يتعاظم و أنا أرى منها الصد , و السبب كله في سؤالي البريء الذي تجرأت على طرحه " هل أحببتِ مثلي من قبل ؟ " ..)
.
.
( لأيام حاولت أن أقترب و اشرح مضمون سؤالي , حتى لو سببت إحراجا لنفسي .. فمعاملتها الصامتة تقتلني ببطء .. نعم ضمنت سؤالي ماضي قلبي حتى ارفع الحرج عنها و عني .. حتى أشعرها أنني لا أتسول حبا و أني لست منهزم و فلبي اعتاد المغامرات العاطفية و لي المقدرة على تخطي الرفض ! )
.
.
( يتقاتل النور و الظل على البقعة التي انزويت فيها في معتقل وحدتي , متسائلا هل وداد حقيقة أم هي من نسج المخيلة ... هل هي من العالم الذي أرفضه أم من العالم الذي يرفضني .. أي كانت الإجابة فا مشاعري لها حقيقة لا تحتاج لعقل واعي ليقر أن القلب ينبض كلما مر طيفها .. ) .
.................................................. ............
*
*
*
ملتصقة في فراشي و مزيحة الغطاء الذي خنقني و مترصدة لباب الغرفة أرسم ما يحدث خلفه , أتخيل أنه يقف هناك مترددا يريد أن يستأذن بدخول تارة و تارة أخرى يريد أن يقرر أحقيته في المكان و صاحبته من دون أن يستأذن , فا منذ أن قرأت أفكاره التي دونها في دفتره و أنا أتمنى أن ألتقي به مره أخرى لأجعله يتأكد من مشاعره و عندما أعطيته الدفتر هذه الليلة لم يكن هدفي الأوحد تخليصه من الذنب بل أردت أن أحقق أمنية أخفيتها في صدري لشهور مضت, أردت أن يتذكر مشاعره نحوي و يتفحصها و يقرر هل أنتمي لعالم يرفضه أم لعالم يرغب ببنائه معي ...
*
*
*
كنت أعيش حلما لذيذا كانت فينوس بطلته حتى قطعه علي موقظا لي ...
علي الذي لم يستطع أن يتوقف عن الضحك : قوم يا شملان وصل ركعتين أحسن لك و استغفر ..
شملان بخجل : أذن الفجر ..
علي مازال يضحك : لا .. بس قوم تهجد ..
شملان بقهر : فارق و خلني أنام يا مزعج ... و يا ليت تطلع من غرفتي كلها ما أكثر من غرف البيت ..
علي مبتسما : زين بطلع بس أبي أقولك أني باجر بخطب وداد من سالم ..
شملان يجلس على فراشه : تخطب زوجتك ؟!!
علي يغمز له : هي زوجتي بقرار منك يا الشايب العزوبي .. أنا لا خطبتها و لا ملكت عليها بوعي .. و الحين أبي الأمور تاخذ مجراها الطبيعي .. أبي أخطبها و أنتظر ردها و يااارب توافق و أملي ها البيت عيال ..
شملان بصدق : اللهم آمين .. بس با الأول خلنا نحل موضوع أوراقك الرسمية لأنها تحتاج وقت .. و إلا تبي أخوك يضيع مستقبله ؟
علي بعاطفة أخوية صافية : أبي لك اللي أبيه لنفسي يا اخوي ..
*
*
*
عدت أطبق عيني و أنا أحلم أن أكون مكان علي , أن أستعد لخطبة من تعلق قلبي بها و أخطط معها لإنشاء عائلة .. الحلم مجالي لتحقيق الأماني بعد أن خسرتها في واقعي .
*
*
*
أردت أن يرى شملان أن الكل يمضي في حياته إلا هو , أنا سأتزوج و أخطط لإنشاء عائلة و هو متقوقعا على نفسه في أحلامه , شملان جعل أنجاب الأطفال حجر عثرة في استمرار حياته مع فينوس , اتخذ قراره و أرغمها على قبوله من دون أن تعرف سببه , و تغاضى شملان عن حقيقة أن المرأة أكثر إخلاصا لمن تحب , و أنها في سبيل من تحب تختلق الأعذار و تخلق من المحن فرص .
*
*
*
علي يطرق باب وضوح قبيل الفجر : شكلي بطبع نسخ من دفتري و أبيعه و أستفيد .. و يمكن بعد يسوون فيلم عني و أصير مليونير .
وضوح تبتسم : بس لا تنسى تقسم الأرباح بينك و بين بطلة القصة .
علي يدخل الغرفة مطلقا ضحكاته الرنانة : لا تخافين أنا مخطط لكل شي و عن قريب جيبي و جيبها بيصير واحد .. شرايج في عقلية أخوج التجارية ..
وضوح تحارب دموعها التي باغتتها : يا الله يا علي شنو أشتقت لك
علي يحاوط بذراعيه وضوح : تكفين و ضوح مو كل ما قعدت معاج قلبتيها فلم هندي ..
وضوح تمسح دموعها و تسلمه الدفتر : خلاص وعد ما عاد أبجي قدامك ..
علي : لا تكفين .. إذا تبين تبجين أبجي قدامي و خليني اواسيج و لا تبجين من ورانا ..
وضوح تمسح دموعها و تعاود الابتسام : خلك مني و قولي شنو قررت ..
علي مبتسما : قررت أخطب وداد و أمشي با الموضوع بترتيب .. و أنتِ شنو خططتي له ؟
وضوح : تواصلت با الإيميل مع مستشفى با لندن متخصص با معالجة الحروق و ..
علي بفرحة : و أنا اللي بوديج ..
وضوح : لا يا المعرس انا ماراح يروح معاي ألا شملان و لي أهداف ثانيه غير العلاج ..
علي بفرحة : تبينه يزور طبيب مختص بعلاج العقم ..
وضوح بحرج : هذا موضوع حساس ما اقدر أفتحه مع شملان , أنا أبيه يروح معاي لندن لأني عرفت أن فينوس بتروح لندن تاخذ لها دورة .. يمكن أقدر أجمعهم مره ثانيه ..
علي بعد صمت قصير : زين .. شاورتي ساري ؟ .. تراه للحين زوجج ..
وضوح على عجالة و هي تغلق دفتر علي : ساري يدري با الموضوع , لا تحاتي ..
علي بإصرار على متابعة الحديث : و علاقتج فيه ..
وضوح منهية الحديث : بتنهيها الأيام .. أنا ما راح أجبره يطلق بس راح أخليه يتقبل حياته من دوني بتدريج ..
*
*
*
تعتقد وضوح أن طريقها لتشافي يبدأ من انفصالها عن ساري , لما و كيف وصلت لهذه النتيجة يصعب علي الإجابة , هي فقط من لديها كل الأجوبة .. و كل ما أتمناه أن لا يكون طريقها التي قررت أن تسلكه هدفه الثأر لكرمتها ..
.................................................. .......................
*
*
*
لم يغمض لي جفن و لا يبدوا أن أحدا منهم زاره النوم , لكن الوحيد الذي صرح بإحساس الوحشة و عدم مقدرته على التأقلم مع مكانه الجديد الذي عليه أن يتعود على النوم فيه هو علي الصغير .. فا بكائه و صراخه شرخ سكون الليل و تركنا مرتبكين , من أحضان عمتي لأحضان أمي لأتلقفه أنا با المقابل ليجيء دور ساري و علي الصغير مستمر بصراخ و العويل ... و لقلة حيلتنا نحن النسوة بكينا لتكون دموعنا ظاهرها تعاطفا مع علي و في حقيقتها مراسم حزن نقيمها في أول ليلة نقضيها كا غرباء في هذا المسكن الموحش ...
هربت منهم عندما فشلت بإيجاد دور مفيد لي , لا أعرف التعامل مع علي الصغير ولا يمكن لي التخفيف عن أمي , وجدت نفسي ألجأ لكمبيوتري المحمول و أسارع لأرض الغرباء أبحث عن خاطرتي الأخيرة لأزيد عليها جرحا جديدا .. لأجد ردا صعقني و شل أصابعي عن متابعة الكتابة ...
الرد من كبير الغرباء .. ( للحب .. السند موجود مادامت المشاعر صادقة وليست محاولة لتلاعب , و ليس في عالم المحبين مجال لمثل هذا الخطأ و كل ما دونه .. غفرانه وارد .. سوء فهم و مواقف عدة تشوبها الشوائب , لكن المحب يجد للغفران سبيل و يسلك له كل طريق , و نعم الدانة جدا محبوبة و من قريبتها الماسة جدا شبيهة.. ووعد لن يقف السند مره أخرى حاملا الدانة في طابور المخابز .. ) ..
*
*
*
أغلقت كمبيوتري على عجل و قفزت من مكاني قاصدة فراشي لأندس تحت الأغطية ... حلم . .بل كابوس .. نعم أنا أتخيل بل أتوهم فا هذا البيت ملعون !
.................................................. ..................
*
*
*
خضعت لتحقيق من وضوح عن مسيرتي القادمة و أخبرتني سرا أنها تنوي أن تعاود علاجها في لندن و أن علينا أن نكون على تواصل , لم أسالها من سيكون مرافقها و أنا أحاول أن أستبعد أسمه
فأنا الأخرى في طريقي لرحلة علاج من نوع آخر تبدأ من نسيان أسمه ..
*
*
*
أبو عذبي : جهزتي كل أغراضج ..
فينوس بسعادة : كل شي جاهز .. بس تمنيت ناخذ ديمة معانا تغير جو ..
أبو عذبي بعتاب : تبيني أكافئها على رسوبها ؟
فينوس التي شعرت با الحرج : لا بس ..
أبو عذبي مقاطعا : خلينا من ديمة و فكري معاي بعروسة لأصيل ..
فينوس بدهشة : أصيل يبي يتزوج ؟!!
ابو عذبي بنبرة عدم رضا : ما تعرفين أصيل .. بكل شي يبي يقلد علي ..
فينوس بخيبة : أي .. يعني الموضوع تقليد .. اجل أنا طلعوني من الموضوع ... ما أبي أكون سبب في تعاسة أحد .
.................................................. ..................
*
*
*
لشخوص التي من ورق تكتب النهايات
حيث كل عقدة تنتهي بحل ..
و شخوصنا التي لم تسارع با الحلول .. قد تنتهي حياتها قبل أن تعيشها !
.................................................. ..................
إلى اللقاء في الخميس القادم بإذن الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الجزء الثامن و العشرون 

*
*
*
غريزة البقاء مدهشة ...
نشطب المستحيل و نقبل على ما هو ممكن .. لنبقى !
*
*
*
ما إن انتهينا من أداء صلاة الفجر في المسجد حتى سارعت لسالم متبرعا أن أقوم بدوره لهذا اليوم و هكذا سارعت الخطى نحو المخبز لأكون أنا من يسلم الخبز حارا لوداد ...
لكن ما إن وقفت في آخر الطابور حتى عصفت الأفكار في ذهني و أوهنت عزمي حتى إنني فكرت با الانسحاب قبل أن يقف أحد ورائي ! ..
نعم أريد أن أتزوج وداد و ليس عندي أدنى شك باني سوف أكون سعيدا معها , لكن أريد أن أبدأ حياتي الجديدة معها من دون قضايا معلقة أهمها وجودي ! ..
أنا غير موجود فا كيف لي أن أتزوج و أنجب أطفال ينسبون لي و تكون لهم أوراق رسمية تثبت ذلك .. حتى أنني لا املك شيئا باسمي لأطمئن أني سوف أترك ميراثا لها يحميها من تقلبات الزمن , نعم شملان يردد على مسامعي انه سوف يحل الأمر لكن أعرف يقينا انه غير متأكد في كيفية إثبات وجودي من دون أن يجر على نفسه متاعب أكبر لا يمكن حلها , و أنا لا أريد أن أحل قضيتي بإدخال أخي في متاهة لا يمكن له الخروج منها سالما ...
و هكذا ليكون لي وجود يجب أن تتعقد الأمور و يتأذى من أحب !
*
*
*
كنت لتو أقف في طابور المخبز و أفكاري تنحصر بأنفال و أسئلة ارددها على نفسي منذ ليلة الأمس .. ( هل ما فعلته صحيح أم خطا فادح لا يغتفر ... هل هو أخلاقي أو دليل على دنو أخلاقي .. هل هناك فرصة أم قتلت بحماقتي أصغر فرصة ) .. لتبتر أفكاري من الرجل الطويل الواقف أمامي .
*
*
*
علي الواقف بطابور يؤشر على سيارة سند : هذي سيارتك ؟
سند بتوجس : أي نعم .. في شي .
علي يبتسم : تبيعها ؟
سند الذي لا يبدو أنه بمزاج جيد : لأ ..
علي يستمر في رسم ابتسامته : لا تستعجل برد قبل ما تسمع عرضي .. يمكن أشتريها منك با سعر وحده جديدة .
سند بتهكم : خلاص أجل أشتري وحده جديدة .
علي : مو المشكلة أني أبي اشتري سيارة هدية لشخص عزيز محتاجها بس أنا متأكد انه ما راح يقبلها إذا كانت جديدة ..
سند و كأن الفكرة راقت له : و بكم ناوي تشتريها مني ؟
علي : بكم أنت تبيها ؟
*
*
*
على الرغم من تعلقي بسيارتي و با الأخص أن دانة ولدت فيها إلا أن الواقع يفرض علي بيعها , فا صيانتها مكلفة و أنا انوي الادخار فا تكاليف الزواج باهظة ..
و يبدو أن أنفال تجدها قبيحة , هكذا شعرت من عدة تعليقات وصلتني منها .. و ما دخل أنفال با الموضوع ...
من أخدع .. لها كل دخل .. أريد أن تعجب سيارتي أنفال !!
.................................................. ....
*
*
*
كآبة مزاجي هذا الصباح ملاحظة , فا كل ما يحيط فيني يدعو للحزن ! ..
لم أنم الليلة الماضية و أنا أتخيل والدتي تبكي خسارة منزلها الذي في زواياه شيدت الحب و أرّخت على جدرانه ذاكرة تضم كل من تحب , لتغادره منفية للأبد ! ..
أتمنى لو كان بإمكاني أن أمد يد المساعدة لها بدل الحزن عليها ... لكن ما با اليد حيلة و كل ما أقدر عليه هو اقتحام مطبخ ردينة و إعداد طعام يليق بملوك خسروا ميراثهم بغفلة , على الرغم من أني متأكدة أن الحزن اتخمهم حتى فقدوا شهيتهم لما هو آت .
*
*
*
لا يبدوا لي أنها بمزاج جيد و أنا فاشل في إيصال المعنى الصحيح لقراراتي , فا أنا أعلم يقينا أنها سوف تحور رغبتي بسفر مع أبي و فينوس لمعنى آخر لا أقصده , فا أنا أريد أن أطمئن أن والدي و فينوس استقروا في مكانهم الجديد قبل أن أتركهم , قد يحتاج الأمر لأكثر من شهر أو لأقل من يومين , لا أعرف على وجه الدقة و هنا المعضلة , هل أذهب بوعد العودة بعد يومين أو أجعل المدة غير محددة !
*
*
عذبي الذي انتهى من ارتداء ملابسه : اذا تحبين بعد تقعدين يومين عندهم أنا ما عندي مانع ..
وصايف مستغربة : أنام يومين أنا و عيالي ؟!! ..
عذبي : العيال يحبون علي و بيستانسون معاه .. و أنتِ بعد بتونسين أمج و عمتج .. أكيد يبي لهم وقت على ما يتأقلمون في بيتهم الجديد
وصايف بتوجس : و أنت ؟
عذبي بكل بساطة : أنا بسافر مع أبوي و فينوس .. يومين وراد ..
وصايف بصدمة : تسافر !! .. بها السرعة مليت و رديت لطبعك ..
عذبي الذي توقع هجومها : طبعي !! ..
وصايف تسارع با الهجوم : طبعا لما رديت و حطيتني بجيك و تأكدت ان منافسك بيعرس و ما عاد يمثل لك خطر قلت يله أروح أكافئ نفسي بسفرة ..
عذبي ينطلق نحوها بغضب : فعلا عقلج صغير و الشرها علي اللي أعطيج خبر و أشرح لج أسبابي ..
وصايف تختنق بدموعها : لا بعد .. تبي تسافر و أنا آخر من يعلم .. شرايك أروح أنا و عيالي لأهلي للأبد ..
عذبي يحاول أن يكتم غيضه و يستعيد هدوئه : بلاها ها التهديدات الفاضية .. و أهلج فيهم اللي مكفيهم و أنا بروح مع أبوي و فينوس لأني أبي أتطمن عليهم مو لاني بنحاش منج ..
المسالة كلها أن ابوي ما عمره سافر لأوروبا و لا يعرف يصرف نفسه و فينوس مهما سافرت و راحت و جت إلا أنها بنت و أخاف عليها .. . أرتب أمورهم بيومين و أرجع .. لا تكبرين الموضوع ..

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات