رواية وشايات المؤرقين -32

رواية وشايات المؤرقين - غرام

رواية وشايات المؤرقين -32

أنفال توقف السيارة مره أخرى : أنتِ شتقولين .. انا ألاحق ها التعبان ..
ديمة بخبث : مو اللي أنا شايفته أن ما عندج سالفة إلا سند كل ما كلمتي هند .. " شنو شرى سند لها بذوقه التعيس " , و " قولي لسند الغثيث لا يكثر عطره و يخنق البنيه " .. " و دزي لي كل صورها حتى لو كانت مع واحد من عمانها أقص صورته و أحتفظ بصورتها " .. و ..
أنفال بحرج : بس .. بس .. ويييين راح تفكيرج ..
ديمة تواصل أبتسامتها الخبيثه : لا يا ماما تفكيري سليم بس أنتِ اللي مو بسليم ..
.................................................. .......... .......
*
*
*
عاد الوضع لمساره الطبيعي في منزلي , عذبي و عائلته الصغيرة في كنفي من جديد و أصيل لا ينفك عن ترديد كم هو مقدر و شاكر لي مساعدتي في عودة علي و انفكاك السحر عنه , و أبو عذبي عادت له ديمة و تخلى عن أم ديمة و أهدى لي ورقة طلاقها كا عربون شكر , أما أبنتي الوحيدة و خيبتي الكبيرة لم يتغير وضعها و إن بدا لي انه أزداد سوءا , تتذرع با التعب و أحيانا المرض و آخر ما صرحت به حاجتها لسفر ! ..
*
*
*
ردينة : اللحين منخشة بغرفتج طول اليوم و محرجتني مع العالم اللي متجمعين على الغدا عشان تجيني آخر الليل و تقولين بسافر أدرس !
فينوس : أبي أكمل تعليمي .. مو هذا اللي أنتِ تبينه .. أتعلم و أوقف معاج بشغلج ..
ردينة : التعليم با الممارسة أفضل , أنزلي معاي باجر لشغل و أنا أعلمج كل شي يخص شركاتنا و شغلنا من إلى ..
فينوس : أنا أفضل أتعلم أكاديميا با الأول بعدين أتدرب , على الأقل ما أسمع أحد من وراي يقول ما وصلها إلا انها بنت أمها ..
ردينة : هذي سوالف أصيل مو سوالفج ..
فينوس : تلومينه .. أصيل الكل يكرهه في الشركة و ماله صاحب و منبوذ بسبب انه جاسوسج .. لو خليتيه يشتغل بعيد عنج و في المجال اللي يبدع فيه كان اللحين هو إنسان ناجح و واثق من نفسه و له أصدقاء و عالم يخصه , مو بس مجرد تابع في عالم يخصج أنتِ ..
ردينة تنهي هجوم فينوس: و ين تبين تسافرين ؟
*
*
*
يمكن لي أن أرى الأدخنة تتصاعد من أنفاسه , منذ أن دخل جناحنا الخاص و نهر أطفالنا و أنا أحاول أن أتجنب المرور من أمامه , لابد أنه غاضب من قدومي لسلام على علي , لكن كنت مضطرة فقد دعاني عمي مع من دعا لسلام عليه و لم أجد عذر منطقي يجعلني ارفض .
*
*
*
لم استطع أن أصل إليها بغضبي , هناك ما جعلني أتجرع غضبي و أحاول أن أتصرف بطبيعية , نعم صرخت بأبنائي عندما حلقوا حولي مطالبين بنزهة , و نعم صرخت با الخادمة من دون سبب , و نعم لم أناديها أو أبحث عنها و تمنيت أن لا تقف أمامي و أنا في قمة الغضب ..
*
*
*
وصايف تقترب : إذا ما راح أطلع العيال الحديقة باخذهم معاي لسوق ..
عذبي يرد بسؤال : ليش ما عطيتيني خبر , ليش خليتيني اتفاجأ بدخولج علينا ..
وصايف : اللي يسمعك يقول داخله بروحي , و بعدين عمي أحرجني و قال أمشوا كلكم سلموا على علي و لا أحد يقعد ..
عذبي يلجم غضبه بنبرة متحكمة : و أبوي ما كان راح يمانع لو قلتي له أستأذن من عذبي با الأول , بس شكلج كنتِ أدورين عذر .
*
*
*
لم أجاوبه و لم أهتم لأتهامه و ناديت على أبنائي ليرافقوني إلى السوق , فليس هناك من داعي لشرح و التبرير و هو من أعلن أني مذنبة قبل أن أنطق بأي تبرير .
*
*
*
هذي وصايف الجديدة أكثر هدوءا و لا يمكن لأي شيء أن يستفزها , تركتني مشتعلا ورائها و مضت لتسفه ردة فعلي و تجعلني أعيد التفكير بحجم خطئي ..
*
*
*
عذبي يسارع للحاق بهم : وصايف .. أول نوديج السوق بعدين نطلع العيال للملاهي ..
وصايف تبتسم بصدق : لا خلنا نوديهم الملاهي و نعشيهم و السوق لاحقين عليه في يوم ثاني ..
عذبي يبتسم با المقابل : على ها الخشم أنا كم وصايف عندي ..
*
*
*
سأعتبره اعتذار و أقبله بحب , نعم مازلت أتمنى و لم أتنازل عن حلمي با الاستغلال في بيت لا تحكمه والدته لكن لن افرض هذا الحل عليه و أتعس نفسي في محاولة اللحاق بركب السعادة و سأترك له رؤية الاستقرار الذي يحيطنا عندما لا تتدخل والدته في حياتنا ..
.................................................. .......... ..
*
*
*
علي قبل أن يغط با النوم نادى على شملان : أقول شملان .. وصايف كم عندها عيال ..
شملان أعاده السؤال للغرفة : ثلاث .. ليش تسأل ..
علي : فضول .
شملان يقترب للجلوس على حافة سرير علي : خلنا من وصايف أم العيال وركز معاي بوداد زوجتك ..
علي : قصدك الممرضة اللي زوجتني لها و أنا مجنون ..
شملان بضجر : أيه .. أخلص علي شتبي تسوي ...
علي يدس رأسه تحت الوسادة : يصير خير ..
شملان يمد يده ليسحب الوساده من على رأس علي : بجيبها هي و اخوها هني .. أنا خايف عليهم في الخرابة اللي ساكنين فيها ..
علي يطلق ضحكة تردد صداها في أرجاء الغرفة : يا حنين ...
شملان : تمسخر ؟!!
علي يباغته بجواب ينتهي بعلامة استفهام : أنت تعتقد أني فعلا نسيت من تكون وداد ؟
شملان و علامات التعجب تقفز لعينيه : مدري عنك !
علي يعتدل لوضعية الجلوس : وداد شافتني بأسوء لحظاتي , شافتني بقمة ضعفي .. و هربت مني في الأخير .. حتى لو ما نسيتها الأفضل لها و لي أنساها و ابتدي من جديد .. أنا ما أحتاج وحدة ثانية تخيب رجاي ..
شملان بشرود : زين .. أرتاح اللحين و نام و بكره نشوف شراح نسوي ...
*
*
*
في الواقع عندما يحل الصباح سأنطلق نحو منزل وداد و أجعلها تحزم حقائبها و حقائب سالم على عجل لأعود بها هنا زوجة لعلي , فا بعودته عاد على أثره أصيل لحياتنا من جديد , و لن يلجم نفوذ أصيل في حياة علي إلا وجود وداد ..
نعم أنا أرى في أصيل مشكلة, فا على الرغم من إدراكي لمشاعره الصادقة اتجاه علي إلا أنني أتخوف من تأثيره السام , أصيل آفة و مخلوق في أصله الشر و حسنته الوحيدة صداقته مع علي ..
.................................................. .......... ......
*
*
*
جافاني النوم و ها هو الليل بثقله يرفض الرحيل و أنا أتقلب على فراشي محموم كا مريض , أنا مستاء جدا من نفسي و اشعر بذنب لجرحي لها , نعم هي وقحة و ما فعلته ينتقد في أي عرف لكن لم أحب الشعور الذي داهمني عندما رأيت الدموع تلمع في عينيها , لو أنها ردت و وبختني لكن شعوري أفضل ! ..
*
*
*
كم أحتاج هذه الليلة لمن يواسيني و يهون علي الخطأ الذي ارتكبته في حق نفسي , أشعر با الخجل الشديد و ليس عندي أي تفسير لتصرفي الأرعن ...
*
*
*
قفزت لموقعي الذي يؤمه كل من أراد ان ينفض حزنه , لأجد تلك التي كانت من أنشط أعضائه حاضرة بخاطرة أزعجتني ! ..
( حاولت من دون وعي مني أن ألفت انتباهه و لجهلي في عالم المحبين شوهت ملامحي في عينيه التي كلما خجلت من نظرتها القاسية أطلقت صوتي بأقبح جمل لم أعرف من قبل أن لي المقدرة على صياغتها , حتى عندما اتفق قلبينا على حب دانة و تجدد في داخلي الأمل وجدت نفسي أعيد نفس الخطأ .. و أنا الآن متورطة با حب من دون سند ! )
.................................................. .......... ...
*
*
*
*
لنجرد رؤيتنا من تعملق السلبية ..
لنرى الخسائر جوائز .. وفي مجمل الفشل نجاحات و أمل !
*
*
*
ألتقي معكم بأذن الله الخميس المقبل .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجزء السابع و العشرون :

*
*
*
الحب لا يكفي لنمضي معا ..
*
*
*
سلمته علي الصغير الذي تعلق في رقبتي متقوقعا في عالمه الذي أمثل فيه جذع لشجرة تعود على تسلقها , لينظر لي ساري من دون أن ينطق بكلمة تاركا نظراته العاتبة لتؤنباني ..
و على ماذا يستند في تأنيبه .. و أي حق يملك ..
هل يؤنبني على كسر القيد و التحرر من عاطفة كبلني بها ؟ ..
أم يؤنبني على استهواء الأنانية و المضي قدما من دونه ؟!!
و أي كان سببه .. لا يهم .. فا ها أنا أتقدم بعد أن توقفت في نفس المحطة لأعوام أنتظر ما لم يوجد على جدول الرحلات ..
و هكذا تركته و انسحبت من حياة علي الصغير من دون ندم , غير مبالية ولا مودعة لأي من ساكني ذاك البيت الذي ضاق بي , لأنزل الستارة و أختم المسرحية .. ليغادر الكل إلى الأبد ..
و إلى الأبد أكون بذلك عدت ! ..
عدت لكنف أخوتي و عادت لي روحي , لتتغير أبسط خطواتي و ينقلب روتيني ليصبح بعفويته مخطط سعادة , أستيقظ مبتسمة و أسبق الشمس لأوقظ الكل , لأحلق في أرجاء المنزل لأتأكد أن كل شيء بمكانه و أني ما زلت هنا !
*
*
*
كانت حقيبة أبني هي آخر الأمتعة التي ازدحمت بها الحافلة المستأجرة , كنت لآخر لحظة أتمنى أن تتمسك وضوح بعلي و أن ترفض تسليمي حقيبته حتى أترك علي بأحضانها على أمل أن تحن لأحضاني أنا و تعود و لو بعد عام من البعاد , لكن قطعت بتخليها عن علي آخر ما تبقى من خيط الرجاء الذي مددته بيني و بينها ..
و هكذا غادرنا المنزل الذي لم نعرف غيره و كل منا غارق بحزنه الخاص , أبي هو الوحيد الذي نأى بحزنه و هرب قبل الكل نحو المنزل الصغير الذي استأجرنا , و أنا كلي يقين أنه الأكثر حزنا و انكسارا و الخاسر الأكبر بيننا , هو الرجل المغامر الذي كان يحلم با الغنى ليجد نفسه على مشارف الكهولة مفلس من دون بيت يركن له في كِبَره ..
*
*
*
رفضت أن اسمع كل الوعود التي رددها والدي و أنا أسلمه مرغمة مفاتيح سيارتي ليبيعها و يبحث لنا عن مأوى نداري به خيبتنا ..
جردنا والدي من كل ذكرياتنا و أمانينا و كل أحلامنا التي كنا نصبو لها , با عنجهيته و استفراده في البت با القرارات المصيرية و مغامراته الغير محسوبة فقدنا أبسط ما تحتاجه العائلة و هو المنزل الذي يجمعهم , نعم فقدناه لشملان منذ أعوام لكن كان هناك أمل خفي تضمه قلوبنا أن صكه سيعود باسمنا مُلّاكا له , لكن ماتت الأماني بنفس الوقت الذي ولدت فيه عند غيرنا ! ..
فا لبيت الجيران عادت الحياة .. عاد علي و ليستيقظ الأموات !! ... عادت الحياة لشملان و وضوح و من قبلهم أصيل .. و حتى خالي أصبحت الحياة تنبض في عينيه و كأنه عكس عقارب الساعة ليولد من جديد , ليطلق عمتي و يتركها بعهدتنا حمل ثقيل لا مفر لنا من حمله .. لنرحل قبل أن يصرح جيراننا بأمر الرحيل , فا يكفي رحيل وضوح كا إشارة بوجوب سرعة المغادرة , و ها نحن نمتثل للأمر الواقع و نجر الخطى مغادرين ..
حقيقة .. لم أدرك مدى تعلقي با منزلنا إلا عندما رأيته خاويا من مقاعدنا الوثيرة و مدفئتنا التي نحلق حولها في ليالي الشتاء القارصة , و جدرانه التي تركنا أنا و هند بصماتنا عليها آلمتني با صداها المودع لنا , و حتى بيت الدرج مكاني المفضل الذي خبأت به دفاتر ذكرياتي و ألعابي المشتركة مع هند أصبح موحش و لم يعد يضم إلى ثريا متهالكة رفض ساري أن نحملها معنا ..
غادرنا منزلنا لتتصاعد العبرات لمجرى الدمع و تفضح حزني الذي خيم في قلبي و أنا أردد كلمات الوداع كأني أفارق عزيز أبت الحياة إلا أن أفارقه ! ..
*
*
*
ساري الذي ينزل أمتعة عائلته يوجه حديثه لوالدته : الله يخليج لي يا يمه تكفين لا تزيدين همي هم ..
أم ساري بتعجب و هي تنزل صندوق يضم أكوابها الثمينة : و ش سويت يا غناتي ..
ساري يتناول كف أمه ليقبلها : استريحي تكفين .. و لا تكابرين أنا أدري أنج موجوعة ..
أم ساري تمسح على رأس أبنها الوحيد : وش يوجعني و أنت معاي و كل اللي أحبهم حولي .. يا أبو علي يا غناتي البيت مو جدار و سقف البيت عائلة و أنتم بيتي ..
ساري يبتسم بألم : و أنا يا يمه بيتي ناقصه عامود ..
أم ساري بتعاطف : الله يعوضك يا غناتي ..
ساري كأنه يخاطب نفسه ليهمس : مابي فيها عوض.. وضوح تسوى عندي ها الدنيا كلها ..
أم ساري بأسى : اللي جبر قلب عمتك يجبر قلبك ..
ساري بحزن : أن صرت مثل عمتي يا عزتي لي ..
*
*
*
عتمة كل ما أرى مدجج با الظلمة ..
عيناي تؤلماني و جفناي من الجفاف تأبيان أن تطبقا , و هذا الحزن الذي رافقني لعشرون عاما قرر اليوم أن يعزف النزف الأخير ..
غادرنا المنزل الذي ولدت به و ترعرت فيه و نبض قلبي با الحب لأول مره تحت سقفه , ذاك المنزل الذي كنت فيه ابنة و أخت و من ثم زوجة و أم و عمة محبوبة , و السبب أنا من دون أن يوجه أحد أصبعه نحوي متهما , لا .. أخي أبو ساري ليس السبب الحقيقي , بل جريمتي البشعة التي دفع الكل ثمنها كانت المسبب الحقيقي لخروجنا من منزلنا ..
و ليس المنزل أول ثمن أدفعه لجريمتي , بل آخر خسارتي في سلسلة بدأت بخسارتي لمن خسرت قلبي له ليعلقني بحبل الأماني أعواما طالت , كانت كوابيسها طلاقي و أجمل أحلامها لحظة التلاقي , لتنتهي قصتنا بطلاق و فراق أبدي أدمى قلبي الذي أشعر بنبضاته سكاكين تجبرني على مواصلة الإحساس ليمتد الألم و تتبعه ديمة أبنتي الوحيدة في الرحيل إلى الأبد ..
فا ديمة التائهة لم تجد فيني ما يغري , لم أكن أما تحارب الأشباح التي سكنت خيالاتها طفلة , و لا أما ذو خبرة تطمئنها أن أعوام المراهقة قصيرة و منها يوما ما سوف تضحك , و لم أكن أما حكيمة تعود لها مستشيرة بقرارات مصيرية تتعلق با مستقبلها الذي نحوه تنطلق ..
كنت دوما لها خيبة و علامة استفهام عملاقة حيث الأجوبة بعدها مرعبة ..
و ها هي جريمتي تطول بظلها حياة أبناء أخي و ترهقهم بمستقبل مزعزع ... لأجد نفسي مكبلة أبحث عن ما يخفف من حملهم و يزيدها علي ....
*
*
*
أنفال بتعب : يا عمتي ريحي نفسج ما أنتي عارفه له ..
العمة أم ديمة تحتضن علي الصغير و تبتسم : خليه معاي بتعود عليه و يتعود علي و أنتِ قومي ريحي عشان مشوارج باجر مع ديمة ..
أنفال بنبرة شك : انتِ عارفه ديمة و ين تبي تاخذني باجر ؟
العمة بهدوء: عارفة .. تبي تروح معاج لأم عذبي عشان توظفج ..
أنفال و علامات التعجب تطغى على ملامحها : و أنتِ يا عمتي شايفه الموضوع عادي ؟! ..
العمة تمد كفها لتمسك بكف أنفال لتحثها على الجلوس بجانبها :
الدنيا تقدم لنا الفرصة لمرة وحدة و أن ضيعناها ممكن نخسر عمر قربي يا أنفال و اسمعي قصة خسارتي اللي بدت من اللحظة اللي فيها تزوجت خالج ..
*
*
*
.......... قبل أعوام في الشهور الأولى من حمل أم ديمة ..........
*
*
*
أم عذبي المخدوعة بغضب لم يخفي ألمها : شلون هنت عليج و أنا اللي عديتج أختي الصغيرة .. من وراي أتفقتي معاهم و تزوجتي أبو عيالي بسر!!
أم ديمة التي لم تتعد الثامنة عشر حينها : أخت ! .. قصدج مثل بنتج يا العجوز .. و أي نعم دللتيني و كل شي أبيه لي جيبتيه . .ليش ؟ .. لأنج عارفه أني خطر عليج من شاف فيني ولد عمي الأنثى اللي ما شافها فيج .. و قلتي في نفسج أملي عينها لين ما عاد تقدر تحطها في عيني و أضمن ولائها غصب ..
أم عذبي تغلق عينيها و تتنفس بعمق لتفتحها و تبدأ من جديد : شلون بتعيشين ؟ .. شلون بتربين ها الطفل اللي بعد كم شهر بيولد في الفقر .. و إلا نسيتي أني أنا اللي شايله ها لبيت ..
أم ديمة بسذاجة : زوجي حبيبي هو سندي و ذخري ...
أم عذبي باستهزاء تحمله نبرتها الغاضبة : أبو عذبي حتى ثوبه اللي عليه ما يملكه عشان يقدر يوفر لج بيت يلمج أنتِ و أهلج ..
أم ديمة تطلق ضحكة مستهترة : يا حراااام .. تكسرين الخاطر .. عرفتي أنه راح يتخلى عنج و يترك عالمج و يبني له عش ما يدخله إلا أنا و الجاي بطريق .. وجيتيني تخوفيني عشان ما تخسرين ..
أم عذبي تبتسم بثقة : لا يا صغيرة عيدي حساباتج .. و خلينا نتفق إن محد فينا يخسر .. لان حتى لو أبو عذبي أتبعج و رضى با الفقر و التعب بيخسر أكثر لما أحرمه من عياله ... و راح يجي اليوم اللي يهده فيه الفقر و قتها ما يعزيه جمالج اللي بيذبل مع العمر .. تخيلي حياتج وقتها ..
أم ديمة بتهكم : لا تحاتين حياتي يا أم قلب كبير .. عن ابو عذبي ما راح أتنازل أنا أحبه و هو يحبني أكثر ..
أم عذبي مقاطعة : أنا بعرض عليج اتفاق , بتربحين منه أكثر من ربحي ... بحط لج مكان في بيتي و بمشي لج و لأهلج معاش و الجاي بطريق بيتربى مع عيالي بشرط ما تحطين أبو عذبي في موقف يختار فيه بينج و بين عياله.. و لا تعطيني رد اللحين .. أخذي وقتج با التفكير و شاوري أهلج ...
أم ديمة بعناد : ما راح أشاور أحد و لا راح أقول لأحد أنج عرفتي و أخليلج الحرب و الضرب و أنا بحط رجل على رجل و أنطر حبيبي لين يخلص إجراءات طلاقه منج ..
أم عذبي بحزم : أجل أخذيها مني وعد أنج راح تكونين متعلقة طول عمرج و أنتي تشوفيني آخذ كل من تحبين منج واحد ورى الثاني ..
*
*
*
أم ديمة تعود من سرد ذكرى أول مواجهة : أم عذبي ما ظلمتني و حتى لما ظلمتها و خنتها عطتني فرصة ثانيه و مدت لي أيدها بس أنا بقلة خبرتي و بغبائي رفضت و خليت قلبي و عقلي يراهنون على أبو عذبي , و با الأخير لما حسيت أني بخسر كل شي و عرفت أن أم عذبي فازت با الحرب اللي أنا بديتها تهورت و تماديت با الخطى و النتيجة كلكم تعرفونها و ذقتم مراراتها معاي.
أنفال : يا عمتي الرازق الله و الفرص حنا اللي نصنعها و ما وقفت حياتنا على أم عذبي .. أنا ما راح أروح مع ديمة لها و أترجاها و أكسر نفسي ..
أم ديمة برجاء : انفال فكري بمصلحتج و خلي كرامتج على صوب
أنفال : و ها الكلام ليش ما قلتيه لساري .. هذا هي أعرضت عليه كذا فرصة و خالي بعد حاول فيه بس لما اتخذ موقفه و رفض محد جادله ..
أم ديمة تبتسم لأنفال : و أنتِ تعتقدين ساري بيرفض الفرص اللي انعرضت عليه كرها في أم عذبي أو ثار لكرامة , ساري كان يداري خاطر وضوح خاف يخسرها لو اقترب من بيت خالج ..
هذا كل الموضوع .. الكل يدور على مصلحته يا أنفال .. دوري على مصلحتج و لا تهتمين لأحد ..
أنفال بقسوة : و أنا كنت أسأل نفسي ديمة ليش صارت أنانية و ما يهمها إلا نفسها !
أم ديمة بحزن : ديمة مو أنانية , ديمة ما تبي أحد يشيل همها حتى لو كنت أنا .. هي اللحين ما تحتاجني و أنا اللي احتاجها و أنا عارفه أن كل اللي تخطط له و تمشي فيه هدفه حياة كريمة لها و لي ..
*
*
*
تأثير الجينات في سلوكنا ساحر و كنت اعتقدها تقتصر على ما نرثه في كريات دمنا و أشكالنا التي تشي بصلة قرابتنا , لم تعش ديمة تحت جناح عمتي و عاشت حياة طويلة تحت ظل ردينة لتصبح نسخة من عمتي و لا تشبه ردينة بشيء !
إذا هذه عمتي التي لم أعرفها , عمتي التي طمرها الذنب حتى أستصعب علينا من قبل رؤية شكلها الحقيقي , عمتي الغيورة التي أرادت أن تمتلك كل شيء , عمتي الخائنة و الحقودة و التي تتساهل بكل شيء من إيمانياتها التي تشكل قيمها إلى نبضات قلبها التي تشكل أحاسيسها , حتى تصل لهدفها الذي رسمته على بيوت الآخرين كانت مستعدة لفعل أي شيء !! .. , و ها هي تنال العقاب العادل تكفيرا إلزاميا لم تحسب حسابه , فقدت عمتي منزلها كما أرادت أن تهدم منزل ردينة , و أمي و أبي المشاركين لها برسم الخطة انزلقوا معها في نفس الهوة الخاسرة ..
و من المضحك أني الآن أرى الصورة من زاوية أخرى , ديمة لو أصبحت نسخة من ردينة أو في أحسن الأحوال أخذت من صفاتها لكانت امرأة حكيمة لا ترغمها العاطفة عن التخلي أو التهاون في قيم تؤمن بها .
ردينة أمام من حسبت أنهم معنى لنقاء تبدو الآن ماسة قيمتها لا تنبع من شكلها بل من أصلها ...
.................................................. ....................
*
*
*
كاد أن يهوي قلبي مع انزلاق الكوب من يدي , و هذه ليست المرة الأولى فا في الآونة الأخيرة لم يعد ذهني يسعفني لتدارك أخطائي !
نعم يبدوا قلبي متطرفا ليهوي مع كوب كاد أن يتهشم على أرضية المطبخ اللامعة, لكن لهذا الكوب معزة .. فقدت أعتدت كل مساء أن أحتضنه في كفي قبل أن أغسله و أتأكد من وضعيته على الرف العلوي بجانب كوبي لعله يخطف من قبله و يصبح ملكا له !
*
*
*
أصبح من الصعوبة علي أن أدخل أي غرفة من غرف المنزل من دون أن أتردد , لا أريد أن ألتقي بها و أنا على يقين أنها تتحين الفرصة للقائي صدفة ..
نعم أتجنب صورها و صوتها و حتى رائحتها , لا أريد لقلبي أن يتعذب مرتين فا الحياة قصيرة و أنا عدت لأعيش و ليس لأموت فيها !
*
*
*
شملان : شفيك يا علي , يا طالع مع أصيل يا حابس نفسك با الديوانية , معقول حتى غرفتك ما تبي تنام فيها ..
علي بضجر وبلغة جديدة : شملان تعرف أني اكره أعلي صوتي عليك .. تكفي خلني و لا تزيدها علي ...
شملان بمزاح محاولا به استعادة أخيه الغاضب منه : شلون أخليك و أنا ما عندي غير اخو واحد ..
علي مقاطعا بغضب : أنت مو سويت اللي براسك و جبت وداد .. خلاص أجل خلني براحتي ..
شملان بإصرار : أنا أبي تفكر و تقرر مو تنخش هني و تهرب من المواجهة ..
علي : مو أنت صعبت الموضوع عليها و علي , أنا كنت بطلقها ..
شملان مقاطعا : جذاب لو كنت تبي أطلقها جان ما ترددت ..
علي : ترددي له سبب بعيد عن السبب الوحيد اللي تفكر فيه ..
أنا مو قليل مروءة أطلقها و أخليها بليا سند ..
شملان بعد تردد يوجه دفة الحديث لوجهة أخرى غير بعيدة عن وداد : علي تبي تعرف السبب الحقيقي اللي مأخرني في استخراج الأوراق الرسمية اللي تثبت انك حي ..
علي بتوجس : في سبب غير أنك زورت وفاتي ؟
شملان بما يشبه الهمس : أبو سالم هو اللي أندفن بأسمك ..
علي يقفز من محله و يقترب من شملان ليمسكه من كتفه : شلون مات .. لا تقول أني ذبحته .. تكفى شملان لا تقول أني ذبحته ..
شملان يخلص نفسه من علي و يبتعد لزاوية : أنا السبب .. أنا اللي جبته ينام في بيتنا هذاك اليوم .. مو ذنبك أنك في لحظة جنون شبيت النار في البيت و احترق أبو سالم فيه ..
علي و دموعه تدافعت على وجهه : يا الله ... يا كبر ذنبي ... يا الله .. لو تدري وداد راح تكرهني ..
شملان يسارع له و بلهجة متحكمة : لا تفكر حتى تلمح لها .. وداد و سالم تجاوزوا غياب أبوهم و عاشوا .. لا تقسي عليهم با حقيقة تردهم لضياع .
علي بقهر يصرخ بأخيه : تبيني أجذب و أزور مثلك ؟!! .. تبيني أتلفت وراي و اشك في الكل و تمادى با الجذب و أخطي في اليوم ألف ألف مره على من أحبهم و اسمي الحقيقة ضياع .. ضياااع يا شملان ؟!!
متى الحقيقة كانت ضياع .. لو ما أعرفك قلت أنك تبي تحمي نفسك بس أنا أعرفك تعتقد محد راح يحبك إلا إذا جذبت !
شملان بألم : بعض الحقايق من بشاعتها تعلمنا الجذب .. بس أنا ما أجبرك تجذب .. أنا يا علي ما عاد تهمني نفسي هذا أنت رديت و وضوح ردت معاك و فينوس ابتعدت للأبد, أنا أنجزت مهمتي .. و أنت سو اللي تشوفه صح ..

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات