رواية وشايات المؤرقين -30
ساري بحزن : أنا بشر و ما اقدر احمل هموم كل من أحب لو أهتميت و فزعت , يمه أنتِ عارفه ان ولدي يبي له مدارة و متابعة و وضوح من عرفت بسالفة علي و هي ساعة معانا و ساعة غايبة و أختي الله يهداها ما هي مقدرة النعمة اللي هي فيها و تبي تزيد همي هم .
أم ساري بألم أنفجر في نبرتها : أنا اللي همي هم .. الله يعين .
ساري يقبل كف أمه ليحتضنها مواسيا : تشيلين الهم و أنا موجود ؟!! .. أشكي لي يمه .. قولي اللي بخاطرج كله ..
أم ساري : الديانه أكلوا وجهنا .. و البيت بيت ولد خالك و حنا ضيوف ثقال مع عمتك و اللي سوته .. كل يوم أحسبها و أكسرها و لا لقيت لها حل .
ساري بضيق : الله كريم .. تفرج يا الغالية بس انتِ لا تضيقين صدرج .
*
*
*
و أنا عاله أخرى , هذا ما وصلني مرارا من خلال الجداران الهشة
أصبحت أمي تضيق بمصروفي و بكل طلباتي التي أجدها ضرورية و تجدها والدتي غير مبررة , فا كل ما أمتهن أمُله و أجد نفسي أكتب استقالتي , مترددة هذه حالتي وأنانية هذا ما ألقت به هند على مسامعي عندما أخبرتها بأني ساترك وظيفتي التي تسد فقط حاجياتي التي أجدها ضرورية و تجدها أخواتي إكسسوارات تجعلني أجاور ديمة في نفس الطبقة فا صداقتي بديمة مكلفة و لم أعي ذلك إلا مؤخرا عندما قلت مواردها و لم تعدل سلوكها الشرائي تباعا !
ديمة الغبية التي تركت منزل والدها و كل الترف أصبحت عاله على عاله و علي أن أجد الحل الذي ينقذنا كلنا ..
*
*
*
أنفال عادت إدراجها لحيث ديمة : بقولج فكرة مجنونة ..
ديمة التي تفاجأت بعودة أنفال : خير شنو ها الفكرة اللي طلعتي فيها من ها الغرفة للباب ..
أنفال : أتزوج أصيل ..
ديمة بذهول : تزوجين أصيل ؟!! .
أنفال تعرض قضيتها : أنا وحده ما أعرف أشتغل و تعودت على الحياة المترفة و أهلي مفلسين لا بيت و لا ذخر و الدياّنه كل يوم واقفين على بابنا .. مالي إلا اصيل المريش ينتشلني من الحفرة ..
ديمة : يا سلام أصيل اللي كان مستذبح على اختج بياخذج أنتِ يا البزر .. أقول استريحي بس و أطلعي بفكره ثانيه ..
أنفال بحماس : ديموه يا آخذ أصيل يا تاخذين مسامح .. أهلي و امج مو قاعدين للأبد في ها البيت كلها كم يوم و يرد شملان و يطرد أمج
و حنا وراها .. من تبين تروحين له .. لردينه مثلا ؟
ديمة التي كانت تخفي مخططها عن أنفال تقرر البوح : لا يا حلوه مسامح ما يناسبني .. أنا بتزوج علي ..
أنفال تبعثرت أفكارها : علي !!
ديمة تبتسم بثقة : أي علي .. ولد عمي ..
أنفال بسخرية : أي إذا لقيتيه نزوجج اياه ..
ديمة : و من قال ما لقيته !
أنفال تشد ديمة من ذراعها : انتِ تعرفين وين علي ؟
ديمة تنتزع ذراعها من أنفال : قصري حسج لحد يسمعج ..
أنفال بغضب : تكلمي وين علي ..
ديمة : في مزرعة ردينة صارله شهرين .. تعالجه و راح تزوجنا من بعض ..
أنفال برعب : ديمة أبي تقولين لي كل السالفة .. علي شدخله بردينه و ردينه شلون أتفقت معاج .. تكلمي لا تجننيني ..
*
*
*
جذبني نحيبه , كان في الزاوية متكورا على نفسه يبكي في بيت السلم .. أردت أن أتكلم معه و أستعطفه و أطلب عفوه عن أمي و اخبره عن عذاباتي و أنه ليس الوحيد االذي عانى و أن أمي أخذت كفايتها من العذاب ., لكن حالته الغير طبيعيه جعلتني أتردد من الاقتراب منه , أغلقت خلفي الباب و أحكمت أقفاله و سارعت بطلب العون من آخر شخص يهتم لي .. ردينه . .و كانت لي مبرراتي !
.................................................. .......... ........
*
*
*
في عز انكساراتنا نقف على فوهة التلاشي مرددين
" هل من مزيد " ..
مزيد من تعب ؟
مزيد من خيبة ؟..
مزيد من سعال الموت على فراش "نهاية حتمية" ..
.................................................. .......... .............
*
*
*
إلى اللقاء يوم الخميس بأذن الله ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
الجزء السادس و العشرون :
*
*
*
بعض البشر متمرسين في توقع الأسوأ
و البحث عن مواضع الخلل فن قبيح يجيده المتشائم منهم
و أكثرهم حظا من يتوكل على رب العباد و يقدم ..
*
*
*
ملاك المفردات و أصحاب الأقلام و كل الشعار لا يمكن أن يسعفوا من وجد توأم روحه من بعد ما فصلهم الموت و عادت بهم الحياة !
لعنان السماء وصلت ضحكاتي لأعود معاتبا ما ترجل من دموعي ,
ليس للأحزان دعوة و ليس هناك من مرحب و لا مستأنس بها عند تلاقي الأحبة , جامحا بأمنياتي انطلقت إليه هذا الصباح أردد مع نبضاتي اشتقت لك يا صديقي , لأتعثر في أول خطواتي له بنظراته التائهة و أسقط على بعد خطوات لأكتفي بتأمله !
لم يعرنا انتباهه و عاد لمرآته كأنه يعود لشخص حي يجاذبه أطراف الحديث !
*
*
*
ألتزم مكانه و توقف الزمن تاركا لكل منهما تأمل الآخر لتنتهي اللحظة بخطوة للوراء أتخذها علي نحو مرآته ..
لم يكن هذا ما رسمته في خيالي لهذا اللقاء الذي طال انتظاره , فا هذا الصباح كان يشع با الأمل و كل مشاعر يترجمها الفرح , سارعت أنا و أصيل نحو المزرعة لنلتقي علي من دون أنا نثير بلبلة أو نتقاذف الاتهامات أو نكثر العتب لردينة فا سعادتنا بمعرفة مكانه و حقيقة أنه حي و بخير كانت تكفي لتحميلنا عرفانا با جميل لا يمكن قياسه , لكن هذا الجمود و التباعد من علي جعلنا متوجسين و في حيرة من أمرنا , هل فشل علاجه ؟!! .. و هل من ظننا أنه عاد للحياة ما زال مكبلا خلف أسوار الجنون ؟!!
*
*
*
استحضر عقلي كل ما فات كأني كنت في سبات عميق و أفقت بلحظة اختصرت فيها كل الأزمنة !
صور متعددة تتداخل في عقلي كأنها تعد لمعركة , منها ما هو ممزق لألف ألف قطعة , و منها ما هو شديد الوضوح لدرجة مرعبة !
وها أنا أقف أمام مرآة بلورية تعكس الزمن الحقيقي كاشفه عن ما غيرته الأعوام التي مضت , أبدو كا شخص ترك جسده و مضى في آلة الزمن حيث المستقبل ليعود و يجد جسده مل الانتظار و انتحر !
*
*
*
أصيل بنبرة اختلطت بها العبرة يهمس لوالده : ما عرفنا ..
أبو عذبي هامسا بنبرة مواسية : بنتعرف عليه من جديد ..
علي مقاطعا بابتسامة مرهقة : شصار لي يا عمي , كلي متغير ؟!
*
*
*
لم يجاوب والدي با كلمة فقد أندفع نحو علي محتضنا له مرددا انه آسف و انه يحمل أثقالا من الذنوب و كل ما يرجوه العفو , أما أنا فقد جلست بمكاني أجهش ببكاء مر غلف استيعابي لما يدور حولي , كأنني لتو استوعبت حجم المفقود و طول الفقد , خائف من الاقتراب و اكتشاف أن ما كنت أبحث عنه مجرد طيف لروح أبت المغادرة !
*
*
*
علي الذي ما زال عمه محتضنا له أطل برأسه مناديا أصيل : أصيل يا أخوي لا تهدر دموعك ترى الوجع عني خف ...
*
*
*
ضحكت و عدت للبكاء فقد اختلط ما أدركت و ما تمنيت حصوله , ها هو علي بروحه الحساسة و سماحة خلقه و حنيته المتدفقة يسامح و يعفو و يطلب أن ننسى الماضي ! .. هاهو علي صديقي عاد بهيئة جديدة و روح مناضلة تحارب ما علق بها من تعب تطلب منا المؤازرة في رحلته الجديدة ..
*
*
*
علي الجالس بين عمه و أصيل : آخر ما أتذكر لما أكلنا من مرقوقة أم ديمة اللي وصتنا نوصلها لأم عذبي بعدها كل ذكرياتي مشوشة
أصيل غير مستوعب : اللحين بتفهمني أن من كان عمرنا 11و أنت عقلك مغيب .. شلون أجل كملت حياتك طبيعي .. درست و كونت اصدقاء و ..
علي يبتسم مكملا : و حبيت .. و خطبت ..
أصيل بخجل : و حبيت و خطبت ..
علي : ما كنت طول الوقت غايب و لا كنت طول الوقت حاضر .. المشكلة لما أحضر أحتار وين كنت غايب !!
*
*
*
لكنك الآن طاغي حضور و في وجودك يبدوا العالم في منتهى الاختلاف ... أشعر باني أصبحت بخير و أن العالم أصبح أجمل .. حتى الخوف المبهم الذي كنت أحمله بين أضلعي .. بحضورك لم يعد له وجود !
.................................................. .......... ................
*
*
*
منذ أن علمت بقصة علي و هي محنطة !
جسدها موجود و روحها هاربة ..
تعمل بكل آلية , تطبخ و تنظف و تحمل علي الصغير لكل الأمكنة التي تقصدها و أنا هناك في الزاوية مهمل , لا أعرف لما تعاقبني على الرغم من أنني أقسمت أمامها بأني كنت آخر من يعلم ..
لكن هذا الصباح اختلف الوضع و كنت مع أوائل من علموا و لها سارعت با الخبر حتى أحضا با الصفح عن ذنب لم أقترفه !
*
*
*
ساري بذهول : أقولج لقوا علي و هو بخير و فوق جذيه تعالج ورد له عقله ..
وضوح : و أنا أقولك .. بشارك بنات خالي في مشروعهم .
ساري بخوف و توجس يمسك بوجه وضوح بين كفيه : وضوح علي حي .. علي رد ..
وضوح تنفر منها دمعه لتسقط على كف ساري : حرام عليكم تعبتوني .. علي مات .. خلاص .. خلاص ماااات .. و انا حية و بعيش .. أبي أشتغل و أكون اسرة و أطلع من ها البيت التعيس ..
*
*
*
توقفت عن سرد أمنياتها و ارتمت على صدري جاهشة ببكاء مر
لم يتوقف إلا عند إغفائها من التعب ..
.................................................. .......... ...................
*
*
*
شملان يغلق حقيبته : هذا اللي فهمته من أصيل .. علي ما يتذكر منو أنتِ ..
وداد الواقفة بجانب أخيها في منتصف غرفة المستشفى الذي ينوي ساري مغادرته الليلة : وأنت تصدق أصيل الجذاب ..
شملان مستهزأ باتهامها : جذاب !! .. شنو مصلحته ؟!! .. وليش من الأساس يجذب بشي راح ينكشف .. على العموم أنا بنفسي رايح لعلي اللحين و راح أعرف منه كل شي ..
وداد برجاء : أخذني معاك له .. أكيد لما يشوفني بيتذكر ..
شملان يستعد للمغادرة : الأفضل اللحين يكون حوالينه الناس اللي كانو معاه با الفترة الأولى من حياته .. اللي فهمته من أصيل أن علي حاليا تنحصر ذاكرته في الزمن اللي سبق حريق بيتنا .. بس هذا مو معناه أنه ما راح يتذكر شي من الفترة اللي قضاها معاج ..
وداد تتصارع مع أحزانها و ترد الدمع : و أنا شنو مصيري لين يتذكر ..
شملان قبل أن يتركها ورائه : أنسيه و راح أعوضج عشان تبدين حياة جديدة ..
*
*
*
حياة جديدة من دون علي لا تغريني ..
علي هو كل الحياة التي أتمنى أن أعيشها , هو مجمل الأمنيات و سقف الاكتفاء , و ممارسة حياتي من دونه عبث أراوغ به قلبي الذي ثقب مع أول ابتسامة خصني بها ..
يا لك من قاسي متجبر اخترت أن تنهي مهمتي التي لم أختر بعد أن كسر قلبي و أصبح ملكه .. كيف أبدا من جديد و أنا منذ أن تاه لم أعد أعرف من أنا .. كان الكل يبحث عنه و أنا أبحث عني أنا ..
فكل ما كنت أراه بمرآتي ملامحه .. و كل صوت يحمل كلماتي كان يحمل نبرته .. حتى مفرداتي العادية أصبحت أزينها لتشبه ما كان ينسج .. لعلي أحتاج لأعود لتلك التي أغدق عليها حنانه !!!
.................................................. .......... .............
*
*
*
.......... بعد شهر من عودة علي لحياتهم ...........
*
*
*
كان عتبة في حياتي تركت عليها السعادة بكل سذاجة لأمضي مرغمة في طريق مجهول , لم يكن حقا مضيا إلا بما يقاس من الزمن فا أنا لم أتعلم و لم امضي بروح مناضلة نحو ما هو قادم بل تركت لهم مهمة دفعي للإمام بينما أنا أنظر للخلف متسائلة !
.. وضع غريب جعلني بموقف ضعف فقدت به إرادتي للأبد و أنا الملامة الوحيدة لما آلت إليه حياتي ...
*
*
*
ديمة تقتحم خلوة فينوس : أنتِ للحين ما لبستي !
فينوس تترك مرآتها لتلغي بجسدها على فراشها المثخن بأحزانها : أنا تعبانة و ابي أنام لو سمحتي طفي اللمبة و سكري الباب وراج .
ديمة باهتمام تقترب : أنتِ صار لج مدة ما أنتِ طبيعية , إذا يعورج شي لا تهملين نفسج راجعي الطبيب .
*
*
*
حل بسيط يتناسب مع تفكير ديمة العقيم , لكن هذا لا يمنع أن اعترف أن ديمة تجيد ممارسة حياتها ! ..
أختي الصغيرة محظوظة بعقل لا يعقد المشاعر و يأسرها تحت مسمى يرهقها , فها هي عندما لم تعجبها الحياة مع والدتها لم تجبر نفسها على التكيف و ترديد مقولة الوقت خير معالج بل اختارت الحل الأسهل و عادت تحت ظل والدتي التي عادت لها الحياة بهزيمة أم ديمة إلى الأبد !
و ها هي ديمة المشتعلة النشاط و المحلقة في أفق السعادة تضجرني بأحلامها من جديد ..
*
*
*
ديمة بحالمية و هي تتجه للباب: علي اليوم كشخته كشخة معرس , على العموم طبيعي يكشخ مو وليمة الغداء على سلامته ...
فينوس تقفز من فراشها لتسبق ديمة نحو الباب و تغلقه: لا تعلقين فيه لأنج بتتعبين , علي للحين يحبها و ماراح يفكر يتزوجج أو يتزوج غيرج , هذا هو تخلى عن الوحيدة اللي تحملت جنونه .
ديمة مهاجمة : أنتِ اللي أصحي و لا تعممين تجربتج الفاشلة , علي حب وصايف حب مراهقة و هو مو بكامل عقله و نسى الثانية لأنها ما احتلت جزء من قلبه عشان تستحضرها الذاكرة , أما أنا راح يشوف فيني مستقبله اللي يتقدم له بكامل عقله .
*
*
*
ألجمت كلماتي و صغرت الفكرة التي انطلقت منها بهدف حمايتها , طرحت ديمة قضيتها و ترافعت بها أمامي بكل ثقة , فا هي لم تردد أسبابا وردية على شاكلة أنها معجبة أو وقعت في حبه من أول نظرة , و لم تتمادى و تتحدى بأنها سوف تجعله يقع في حبها , ديمة جردت الحقيقة بكل بساطة حيث وضعتها في حزمة مصالح متبادلة ... علي يريد أن يمضي نحو مستقبل لا يضلله طيف أنثى غدرت به ونبذت مشاعره أمام الكل , و لا هو في حاجة لأنثى تمثل فيها الضعف بكل صوره ليكون كل ما يعرف عنها أنها كانت ممرضه بثمن باهظ رافقته في حقبة يرفض أن تستعيدها الذاكرة .
*
*
*
ديمة تنتشل فينوس من شرودها : شملان قاعد تحت وماكل الجو يضحك ويسولف وينكت بعد , و ابشرج زايد وزنه و صابغ شيباته و لا درى عنج يا المسكينة ...
*
*
لم تستطع ديمة استفزازي فما ألقت على مسامعي رأيته بأم عيني قبل ساعة عبر نافذتي المطلة على الخيمة التي نصبها والدي للاحتفال با عودة علي ..
بدى شملان جدا متألق و وسامته التي محورها ابتسامته كانت محور حديثي الداخلي , كنت في صراع بين عشقي له و مقتي الشديد لشخصه الذي لم أكتشفه إلا باعترافه الذي آذى به روحي إلى الأبد .
.................................................. .......... ......
*
*
*
تفرق الجمع من مأدبة الغداء التي كان نجمها علي بامتياز , ليبقى أفراد العائلة يحيطونه باهتمامهم و حبهم , وهو كان أكثر من سعيد بكل هذا الاهتمام , ابتسامته لم تفارق محياه طوال الوقت حتى عندما أتى عمي بنساء العائلة لسلام عليه و من ضمنهم وصايف , بل بدا مسرورا و غير مهتم بأحد معين , يوزع ابتساماته و سلاماته للكل من دون استثناء , أما تلك التي تأسر تفكيري لم تحضر من ضمن من حضر و أنا من كنت التصق بعلي حتى أسمع صوتها بوضوح و هي تلقي عليه السلام , فا أنا كنت أجلس هنا في حالة مزرية أصطنع ابتسامات متعبة و أراقب النوافذ خلسة لعلي ألمح لها طيف لتخذلني الستائر المنسدلة بقسوة , لم تحضر و الجواب واضح لم تغفر لي و لن تغفر لي أبدا .. لكن أليس هذا ما رددت أني أتمناه لها .. أن تكرهني و تمضي نحو حياة أسعد تظلل بحنانها أطفال يشبهونها ليكون هذا العالم أجمل ..
و الآن كل ما أريد أن أعرف إلى أي مدى وصل بها الكره لي و لأي مدى هي مستعدة للمضي قدما , فأنا غير قادر على الابتعاد و يجب أن تتخذ هي الخطوة الأهم لإنهاء قصتنا.
*
*
*
أجر أنفاسي و عضلاتي تصرخ تحت وطأة الحركات المصطنعة من أجل المجاملة , فا خداي تؤلماني من شد الابتسامة و الإصرار على المحافظة عليها لأطول وقت ممكن , ويداي اللتان أود أن أحطم بها كل ما حولي تأن من شدي لأعصابها ...
هي السبب .. فا حضورها باغتني و صوتها الهامس بسلام متباطئ أشعل النيران في قلبي ..
كيف لم تبلغني بحضورها لسلام على علي , بل كيف تجرأت على السلام عليه و هي تعرف أن كل ما يحفظ في ذاكرته بكل دقة هو تفاصيل حسنها و كل أمنياته بقربها !
كيف لها أن تضعني في هذا الموقف الذي يكاد أن يزهق روحي و يفقدني عقلي الذي يموج بأفكار شريرة تتمحور حول إنهاء تواجد علي الذي باغتني .
*
*
*
لا أعرف حقا أين كنت أعيش طوال الأعوام التي تركت آثارها على هيئتي فا ذاكرتي مشوشة , فمنذ أن أفقت و أنا في حالة ذهول تختلط بحالة سعادة مصدرها إدراكي لكيفية عمل عقلي على الدوام فا لا يوجد زمن مستقصى مليئا با العتمة , فلم يعد عقلي مضطربا و لا متحفزا لأي هجوم من قوى ظالمة ...
و ها هو سير الأحداث و كل الشخوص في حياتي يا تعاقبون بترتيب و نظام حيث لا يوجد ما يشوش أو ينقص من ما تختزله الذاكرة .
لكن أكثر ما أدهشني هو القفزة الزمنية التي سلبت مني إدراك التغيرات التي مر بها كل من حولي و با الأخص الظاهرية منها ..
الكل من حولي تغيرت ملامحه , لم أرى حتى الآن معالم السعادة الحقيقية و لا الاكتفاء و الرضا الذي ينعكس راحة تعم ملامح البشر الذين يعيشون بسلام , و قد تكون وضوح هي أكثر من أخافتني بملامحها الميتة , فا يبدو أن حروقها النفسية كانت مضاعفة و لم يتم ترميمها , و تواجد علي الصغير لم يزد الأمر إلا سوءا كما لخص شملان الوضع , فا ذاك الذي عشقت بحث عن أخرى في قمة محنتها و تخلى عنها ليرمي بأحضانها النتيجة و يجعلها تتجرع الألم يوميا و هي صامتة تحت مسمى أمومة مهداة إليها !
*
*
*
علي يهمس لشملان : أتصل في وضوح و خلنا نمشي ..
شملان بتوجس : فيك شي ؟
علي بنبرة ممازحة : أن قلت لك تعبان و فيني نوم بيكون فيني شي غير سلطان النوم ؟
شملان يبتسم بارتياح : اجل خلنا نتوكل على الله ..
*
*
*
أنفال مبتعدة با وضوح عن الجلسة العائلية التي تضم نساء العائلة باستثناء أم ديمة : طلبتج وضوح سامحي عمتي , اليوم كانت بتطلع من البيت لشارع لو ما حلف لها أبوي أن راح يأجر بيت ثاني ..
وضوح الغير متعاطفة : عمتج ما تهمني قعدت و إلا طلعت , شملان لو يبي يطردها طردها من زمان ..
أنفال : بس أنتِ طلعتي من البيت و رافضة تردين لساري و خليتي عمتي تشيل فوق ذنبها ذنب ..
وضوح : بكل بساطة ما عدت قادرة أعيش في مكان هي فيه , و لا أنا قادرة اطردها و لا أقدر أقول لشملان أطردها و ساري يدل مكاني .. يبيني يتبعني ..
أنفال : يعني تبين أمي و ابوي ينقهرون بطلعة ساري من البيت ؟
وضوح : و عادي أنا أنقهر ؟!!
*
*
*
لم تكن هناك فائدة من محاولة أقناع وضوح با العودة فا وضوح بدأت حياة جديدة لا تريد أيا منا أن يكون له دور فيها , حتى أني أشك أنها تهتم إن تبعها ساري أو عنها تخلى ! ..
*
*
*
أنفال قبل أن تتحرك بسيارته تنتبه لطارق على نافذتها : نعم خير شتبين ..
ديمة : بسم الله .. شفيج أكلتيني ..
أنفال : آسفين حضرت جنابج بس انا مستعجله و أنتِ معطلتني ..
ديمة : زين أفتحي الباب بروح معاج لأمي ..
أنفال تفتح قفل الباب : زين تذكرتي أن عندج أم ..
ديمة تستوي على مقعدها و تربط حزام الأمان : الحمد الله و الشكر في أحد ينسى أمه ..
أنفال : أجل شنو تسمين ها الشهر اللي شلتي فيه غشج ورحتي لبيت عدوة أمج .
ديمة : أففففف .. مشكلتج ما طالعين لأبعد من خشمج ..
أنفال بقهر : أنا ما ..
ديمة تقاطعها : تعوذي من الشيطان و خليني أشرح لج ..
انفال تحرك سيارتها : أعوذ باالله من الشيطان ..
*
*
*
تبريرات ديمة كانت مبررة مبتدئة با حقيقة أن والدتها مذنبة و أم عذبي منتصرة , و الوقوف ضد التيار متعب و غير مجدي , و التقرب من علي طريقه أصيل أبن تلك المتحكمة ...
*
*
*
انفال : أنا اللي محيرني و مخلي ملايين من علامات الاستفهام تحوم فوق راسي أنتِ شلج في علي ؟!!
ديمة : لي فيه أنه ولد عمي و مفتاحي لتواجد مهم في العائلة أبوي و أصيل يحبونه و حتى يمكن يبدونه علي , وله بيت و متعلم و يقدر يعتني فيني و في أمي .
أنفال : مو هذي هي أمج .. تعتقدين علي بينسى حقيقة أن أمج هي اللي سحرته ..
ديمة : أمي ما كانت تقصده و هو يعرف ها الشي ..
أنفال مقاطعة : أستغفر الله , كانت تقصده أو ما كانت تقصده اللي سوته حرام و كفر ..
ديمة : بس امي تااااابت .. لمتى يعني بيعاقبها الكل ؟!!
أنفال : تدرين بكيفج سوي اللي بتسوينه أنا مو مهتمة ..
ديمة ك أي أحسن لا تهتمين و تعفسيني ..
أنفال كأنها تحدث نفسها : لا هذا مو من صجه .. أكيد أنجن ..
ديمة تذهب بنظرها لحيث المكان الذي تنظر له أنفال : شفيج وقفتي فجأة بغيتي تعدمينا .. من شفتي ؟!!
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك