بارت من

رواية وشايات المؤرقين -29

رواية وشايات المؤرقين - غرام

رواية وشايات المؤرقين -29

الجزء الخامس و العشرون :

*
*
*
بعض الوجوه تشبهنا عندما تلبس الأقنعة
و بعض الأقنعة تغشنا عندما تفرج عن دمعة !
*
*
*
على هوية كنت أبحث و لتلاشي ذهبت بملأ إرادتي ..
تلاشيت من حياتهم من دون أن يكترثوا , لم يلتفت أحد للبحث عني
كأني كنت طفيلية فروا من حولها عندما تشبثت واهمة بغيرهم ..
كنت أعتقد باني سوف أكون بقربها الأسعد لكن دموعي تغرق وسادتي كل ليلة لأصبح الأتعس !
*
*
*
أنفال : ديمة و صمخ أكلمج ..
ديمة تنتبه من أفكارها : نعم ..
أنفال : الله ينعم عليج .. أقولج تروحين معاي لهند .
ديمة : عشان يطلع بوجهنا حماها و يعطينا نظرة احتقار مثل هذيك المره .
أنفال بغضب : خليه يولي هو و وجه المغبر .. يله بس أمشي معاي
ديمة : خليها مره ثانيه , أنا اليوم بزور أبوي .
أنفال بإصرار : أقول بس أمشي معاي .. خالي هذا هو كل أسبوع يجي يزورج ماله معنى تروحين و تشوفين ردينة و تنغثين .
ديمة بعد تردد : مو أنا لازم أروح .. برد خاتم فينوس و مسياح عذبي و ساعة أصيل ..
أنفال بجزع : أنتِ مو حلفتي لي انج تبتي !!
ديمة بحزن : تبت بس .. أنا أخذتهم ذكرى بس بعدين فكرت أني أخذتهم بدون اذن يعني اللي سويته سرقة .. بس أحلف لج مو قصدي ..
أنفال بغضب : أنا مدري ليش شاغله نفسج فيهم .. هذا أنتِ صار لج شهرين هني و محد طل منهم أو تصل عليج ..
*
*
*
جرحتني أنفال و هي تقصد مؤازرتي , نعم أنا أكترث لهم و أبحث عن كل ما يتعلق بهم , أحبهم من دون أي ذكرى تثير مشاعر الأخوة في عروقي , أشتاق لهم رغم غيابهم الذي اعتدته و أنا معهم
أما أمي لم أجد في قربها مواساة , أنا وهي أعتدنا على التواصل عبر المسافات , لم تتأقلم هي على وجودي و لم أتأقلم أنا مع حقيقة تواجدها الدائم بقربي !
أي جنون يعصف بعقلي و يطيح بأعمدة قلبي !
*
*
ضحكاتهم تتسلل إلى مسامعي و أنا أقترب لتلصص عليهم , كل منهم يحاول أن يلفت انتباهها و يحوز على إعجابها ..
فاطمة تمد رسوماتها التي تزهو بكل لون حتى تكاد تلصقها بوجه وصايف المشرقة , أما الرجل الصغير عبد الله يمسك بكفها و يشد عليها حتى تنتبه لما يروي عليها من مغامرات شهدها في مخيم الكشافة , و الصغيرة ردينه ليست ببعيدة عن المنافسة فهي تجلس بأحضان والدتها و تحاصر وجهها بكفيها الصغيرتين لتأسر انتباهها بابتسامة تذيب قلب أعتا الجبابرة .. أطفالي عادوا لأحضان والدتهم و أصبحت هي كل عالمهم , و هذا يكفي ليدحض كل المشاعر السلبية التي تراكمت في صدري خلال الشهر المنصرم , كنت حتى هذا الصباح أؤنب نفسي و أحاسبها و أردد في نفسي ما الذي استفدتُ من تهوري و الإعلان عن مشاعري و الرضوخ لتهديد ساري ! ..
وصايف هي السبب بكل ما أنا عليه من تناقض !
منذ أن جررتها حرفيا لهذا المنزل و هي تظهر لي وجه آخر لم أعرفه عنها من قبل , وصايف اتخذت مسارا جديد بتعامل معي لم تتبعه من قبل و هو التجاهل ! .. تتجاهل وجودي و لا تنتبه لحديثي و لا ترضخ لي عندما أطلبها ... و إلى أين تريد أن تصل ؟ .. أين تريد وصايف أن تذهب بعلاقتنا ؟ ...هذا ما أريد أن أعرف جوابه قبل أن أفقد ما تبقى من صوابي ..
*
*
*
يحاصرونني من كل اتجاه لأجد قلبي مفعم بنشاط , كم كنت محرومة من غير إدراك .. لم استشعر أهميتهم من قبل في حياتي , كنت أمحور وجودي حول و الدهم و أعتقد أن وجودهم تحصيل حاصل , بل عندما تعمقت في نبش أعماقي وجدت أن سبب ولادتي لهم أناني !
كنت أنجبهم لكل الأسباب التي لا تتعلق بمشاعر الأمومة ..
أردت لمولودي الأول أن يكون صك ملكية لارتباط أبدي با عذبي و مولودتي الثانية أردتها وسيلة لتواصل قصرا بعذبي الذي فقد اهتمامه بي كا أنثى , أما طفلتي الأخيرة كانت آخر محاولة لمنتحر و حبل نجاة ألفه على عنقه حتى لا أفقده إلى لأبد !
كنت أنجبهم و أمضي له ..
لم أكن أرى ابتساماتهم و أسعى لأي إيماءة منه و لو كانت عبوسا !
لم أكن أستنشق رائحة الطهر بهم و تترصد حاسة شمي أي رائحة لأنثى تهدد علاقتي به !
لم أكن واعية لعلاقتي الأبدية معهم و مشغولة ببناء علاقة لم يكفي وجودهم لتثبيت دعائمها ..
كنت متعبة و مشوشة و مستهلكة لأقصى حدود العاطفة والآن كل ما أريده هو استراحة لنقاهة أرتب بها أولوياتي و أفرز مشاعري على حسب الأهمية ! ..
هذا كان جوابي عن تساؤلاته الأنانية , تلك التساؤلات التي تعكس نرجسيته , و لا يمكن أن ألقي عليه اللوم كلياً فا أنا من عمقت به الشعور با الأهمية..
و با الأمس فاض به الكيل ! .. برغم أن سلوكي الجديد الذي رجعت به لم يمضي عليه أكثر من شهرين إلا أنه لم يطق هذا الشعور الجديد الذي لم يعتده مني و اتهمني فورا بتجاهله , لأبتسم متهكمة سرا فقد رأيت نفسي بسلوكه الجديد و كأن الأمور أصبحت معكوسة , إذا هكذا كنت مثيرة لشفقة و أنا أطلب اهتمامه لسنوات و هو يتمنع متعمدا معيدا حساباته !
*
*
*
عذبي بعد أن أمر المربيات بأخذ الأطفال : فكرتي با للي طلبته منج أمس ؟
وصايف تجمع ما ترك أطفالها : يا ولد خالي ما تغير شي من أمس لين اليوم ..
عذبي يوقف عملها ليحاصر وجهها بين كفيه : بلاها هذي ولد خالي .. قولي عذبي .. حبيبج عذبي .. و إلا نسيتي أسمي ؟
وصايف تتخلص من حصاره : يا عذبي يا ولد خالي و أبو عيالي , أنا قلت لك أمس أنا منجرحة منك و تعبانه و أحتاج وقت , و بعدين حنا ردينا لبعض بظرف مو عادي , أنا للحين مو قادرة أكلم أبوي ولا ساري .
عذبي محاولا أقناعها : لا دخلين المواضيع مع بعض , خلينا أول نبدي بعلاقتنا لأنها الأهم ..
وصايف تتفحص وجهه و تحاول أن تخمد الغضب : علاقتي في أبوي و اخوي مهمة ..
عذبي يتدارك خطأه : أنا ما قلت مو مهمة , بس أقصد أنا و أنتِ موجودين في نفس المكان و الموقف و فيه فرصة قدامنا لازم نستغلها و ما نأجلها لأي سبب و علاقتج في أبوج و ساري الوقت بيحلها لان مو معقول أبوج و أخوج بيكرهونج للأبد
وصايف تنطلق با غضب : لو أنت وضحت موقفي و ما خليتني قدام الكل مشاركة لك جان ما كان في سوء فهم و قطيعة بيني و بين عزوتي ..
عذبي يحاوطها بذراعيه ليضمها لصدره رافضا أن تجره لمعركة أخرى يتبادلان فيها الاتهامات : حقج علي و أنا لج عزوة و سند , و ساري خليه علي أنا بحل الموضوع معاه و بخليه يقنع أبوج .
*
*
*
كنت كا وطن هجرها أشجع فرسانها عندما ظن أنها أصبحت هي العدو ! .. و عذبي هو الفارس الذي عاد عندما أدرك خطأه ..
تركته يطرق على مسامعي ما كنت أتسوله لسنوات و أطلقت
العنان لحزني ساكبة دموعي على صدره لعلي أفرغ الخذلان الذي اختزلته لتتشرب بها عروقه التي حاولت أن تطرد نبضي من صدره .. و من ثم بكل جبن هربت بمشاعري كما كان يهرب مني عندما أهمس له " أحبك " ...
*
*
*
نهرت نفسي عن التراجع وراء المكابرة و تبعتها حتى لا اسمح لها و لا لنفسي بكسر آخر ما تبقى في علاقتنا ..
*
*
*
عذبي يمسك الباب قبل أن تغلقه خلفها : هذا مو حل .. لان كل باب بتسكرينه بيكبر المسافة بينا ..
وصايف تأخذ دقائق لتستعيد أنفاسها و تمسح دموعها التي أغرقت صفحة خدها : لقفيت تبعتك و لوقفت رجعت لي .. يمكن هذي دعوة علي ..
عذبي الذي أستفزه ذكر علي : شجاب ها الطاري .. و إلا تبينا نخليه شماعة ؟!
وصايف : علي يا عذبي هو كل القصة.. تكاثرت نفسي عليه و تكاثرتني عليه .
عذبي بإنفعال و غضب برز في عروق رقبته : بس عاد .. و اسم ولد عمي لا عاد تذكرينه قدامي .
وصايف بعناد : ما مات .. و كل يوم با ينذكر قدامنا .. و يعيش بينا
عذبي يتلقف وصايف بين يديه : شتبين .. فهميني ..
وصايف بنبرة مسكورة : ما يحبوني يا عذبي و في عيونهم أشوف الشماتة .. كلهم يا عذبي حتى أهلي يلوموني لو ما تكلموا ..
عذبي الذي يعرف بثقل ما يحمل ضمير وصايف : أنا أحبج . ما يكفيج ؟
وصايف برجاء : أبتعد فيني ..
عذبي : لو آخذج لأقصى ها الأرض ما راح تفرق لأن المشكلة في ضميرج ..
وصايف برجاء : حاول ..
عذبي بتوجس : .. شنو اللي تبينه ؟
وصايف : أبي نتحرر .. نطلع من ها السجن .. أبي لي بيت كل اللي فيه يحبوني .. بيت يخصني و أنا راعيته ..
*
*
*
لم تكن هذه المرة الأولى التي تطلب أن نستقل في بيت يخصنا و قد يكون هذا هو الطلب الذي منه أبتدأ نفوري منها , فا تكرار طلبها و الإصرار على إدخاله في كل جلسة تجمعنا كان أمرا لا يطاق , و عندما توقفت اعتقدت أنها رضخت لرفضي لكن اكتشفت أنها لم تتراجع إلا أمام هاجس المرأة الأخرى , و الآن أجد نفسي أشكك , هل ستأسرني وصايف بين هاجسين و تجعلني أصارع لإثبات حبي طيلة عمري , فا وصايف لا تستسلم و عندما تريد شيء تذهب لأقصى الممكن لتحقيقه ..
*
*
*
عذبي يكتم غيضه : يعني كل ها الدراما و الأكشن اللي مسويته عشان أنفذ لج الطلب الوحيد اللي رفضته من جملة طلباتج ..
وصايف بخيبة : أي تصدق ! .. عذبتك و عذبت نفسي و شتت عيالي عشان أطلع في بيت مستقل ..
عذبي بصرامة : الشرها علي اللي صار لي شهرين أركض وراج و آخرتها تستعملين ها الأسلوب الوقح معاي ..
وصايف بإستنكار مقاطعة : وقح ؟!!
عذبي يسترسل في حديثه : و خليني أريحج إذا ضميرج معذبج , أنا لا يمكن أقهر أمي و أطلع من ها البيت و أنتِ هني معززة و مكرمة و في العين و على الراس و ولد عمي و سالفتنا القديمة ما عاد تنذكر قدامي و لا أبي تكون مرجع لخلافاتنا .. و انتهى الموضوع هني و الأمر كله راجع لج .. تبينا نرتاح بنرتاح و إذا بتعذبينا الشكوى لله ..
*
*
*
*
تركتها تهرب و أنا على يقين من أني هناك بين أضلعها و يمكن لي الآن أن أرتاح و لا اشكك بشعورها اتجاهي , هي مجروحة و تريد أن تعاقبني و لا تعرف ما عليها أن تفعل و غير واثقة من شعوري و تريد أن تتأكد , لكن أتمنى أن تتوقف للحظة و تتذكر أنني عفوت عنها و تنازلت عن كبريائي و تغاضيت عن خيانتها لثقتي , لتعرف أنني أكن لها مشاعر لم يزدها الزمن إلا عمقا .
*
*
*
لشهرين و أنا أتحرى كل صباح حتى أكمل بحثي الذي ينتهي عندما تحل العتمة و يشير لي جسدي بانتهاء طاقتي لأعود لسريري منهكا أطلب النوم الذي يستعص علي عند طلبه لأنادي الشمس هيا أشرقي !
*
*
*
أم عذبي تهاتف أصيل للمرة الأولى بعد موقفها الأخير معه : أنت تبي تذبح نفسك .. أنسى علي و تذكر نفسك .. شا الفايده من أنك كل يوم من الصبح تطلع تفتر بها الشوارع أدور مجنون ؟!
أصيل بغضب مكتوم : ها المجنون اللي تعايريني فيه كان ممكن تكونين مكانه .. مفروض أنتي اللي اللحين أدورينه معاي مو تطلبين مني أنساه ..
أم عذبي تراجع نفسها حتى لا تفقد أصيل : زين يا أصيل بساعدك بس شلون ؟
أصيل : مو أنتي لج ثقلج بسوق و معارفج كباريه ..كلميهم .. خليهم يتدخلون ويلفتون انتباه الشرطة و يهتمون أكثر في البحث عن علي .. يمه أنا خايف كل ما طال الوقت الشرطة تمل و لا عاد يهتمون فيه . . أخاف واحد من أهل الحرام شافه مجنون و أخطفه لواحد من ها المخيمات و إلا في أحد ها الشقق المشبوهة ..
أم عذبي تبتسم سرا لأنها نجحت بجعله يلجأ إليها : و توعدني أنك ترتاح و بعدين ترد شغلك و تخلي الشرطة تشوف شغلها ..
أصيل الذي لم يعد يرى طائل من بحثه : خلاص أجيج اللحين ....
أم عذبي و على محياها ابتسامة نصر : تعال و ما يصير خاطرك إلا طيب ..
*
*
*
كنت ألمح لها منذ عودتها في بداية هذا الأسبوع من إجازتها التي كان المقصد منها الهرب من مشاكلنا بأهمية تدخلها لحث الشرطة على الاهتمام في قضية علي التي مر عليها حتى الآن شهر , لكن في كل مره كانت تتعمد عدم الفهم !
و كرامتي الغبية كانت هي الناهية لي من التجرؤ على الطلب مبكرا .. فا لم يكن أصيل هو الوحيد الذي سخر وقته في البحث عن علي , فا أنا ما إن تنتهي زيارتي لشملان حتى أجد نفسي أتفحص وجوه المارة في الشوارع الضيقة للمدينة التي تعج بمختلف أصناف البشر آملا أن ألمح علي الحبيب بينهم تائها لأنطلق نحوه و أكون أول من يضمه , فا كم من مره تخيلت علي بين يدي و أنا أمسح الضياع عن ملامحه الحبيبة و أطلب عفوه .. عفوه عن تهاوني و خوفي و تضيعي لكل فرصة لاسترجاعه من غياهب الجنون و معتقلاته ..
*
*
*
أم عذبي بغنج لا يظهر إلا بحضرته : ما تغير فيني شي يا أبو عذبي .. صج أنا ماني بمزيونة بس للحين وجهي ما تغير و الزمن ما ترك عليه آثاره ..
أبو عذبي أنتبه من شروده : و أنا قلت غير ها الكلام ؟!
أم عذبي : أنت ما قلت بس عيونك اللي صار لها ساعه تفحصني خلتني أشك ..
أبو عذبي يبتسم : ما أظن شكيتي بنفسج .. ما شاء الله ثقتج و عقلج مجملينج ..
أم عذبي بخيبة اعتادتها فيما يخص مشاعره : و ها الكلام يا أبو عذبي شنو تصنيفه في بحور الغزل .. و إلا على ما قالوا ما أنتِ بحلوه بس عاقلة و مملوحة ! ..
أبو عذبي لم يتمالك نفسه و غرق بضحك : و الحين الحلوة ما يصير تكون مملوحة و عاقل ..
أم عذبي بنبرة لم تفضح غيرتها و دستها بتلميحها : أنا أقيس على اللي حولي .. و أم ديمة و و صايف مثال ..
أبو عذبي الذي كان منذ ثواني مسترخي وجد نفسه مشدود الأعصاب : فكينا من ها السيرة و قولي لي السبب في تغيير رايج بخصوص علي .. و شا اللي خلاج تقولين لأصيل بساعدك ؟!!
أم عذبي بكل بساطة : لأني اعرف وين علي ..
*
*
*
*
أشعر بلفحات برودة قد يكون سببها تعرقاتي التي انقع بها كلما تسللت لزيارة شملان في المصح النفسي , فا أنا أعرف يقينا بان ما أفعل عقيم , فليس هناك نتيجة من زيارته كل يوم من دون رؤيته !... فا ها أنا يوميا أتسكع ذهابا و إيابا في الممر الذي توسطته غرفته , متخفية لعلي ألمحه عندما تفتح الممرضة أو أحد الزوار بابه , و أتسلل لزوايا كلما رأيت أحد أقاربنا أو أحد معارفه يزوره .. و بين خوف انكشاف أمري و لهفتي لكل خبر يستجد عنه أجد نفسي مأسورة , قد أكون فقدت صوابي و لم أعد أعرف لآي جادة علي أن أركن , وها أنا أردد على نفسي أن ما أفعله إنساني .. و أن العمر الافتراضي لاهتمامي سينفذ قريبا حالما يغادر المستشفى !
*
*
*
وداد التي اصطدمت با فينوس الشاردة لتتعرف عليها من صوتها معتذرة على عجل : هذي أنتِ فينوس ..
فينوس التي كانت تختبئ خلف غطاء الوجه لم تنتبه لوداد : ها .. أنا
وداد بقلق : عسى ما شر فينوس , ليكون شملان صاير له شي ؟
فينوس بجزع : لا ما فيه إلا العافية .. ( لتدارك الأمر ) هذا اللي سمعته من أبوي .. انه طيب ..
وداد بفضول أخرق : أجل شتسوين هني ؟
فينوس لم يعجبها أن تستوجبها وداد : أقدر أطرح عليج نفس السؤال
وداد : أنا جايه مع أخوي سالم نزوره و هذا هو سبقني عشان يتأكد أن ما عنده احد .. و انتِ جايه تزورينه ؟
فينوس تسارع لنفي و لاختلاق كذبة : أكيد لا .. أنا جايه أزور رفيجتي هي وحيدة ابوها و هو منوم هني .. تعرفين قسم رياجيل و هي قاعده مع أبوها بروحها قلت اجي اونسها ...
وداد بنبرة تكشف عن عدم تصديقها لمبررات فينوس : عشان جذيه لابسة غطوة ؟!!
فينوس بإرتباك : تقدرين تقولين جذيه .. و إذا تبين أعطيج غطوة ثانية عندي بسيارتي ..
وداد تبتسم بتعجب : ما يحتاج , شملان في غرفة خصوصية و هو حافظ شكلي ..
فينوس تفشل في كبت غيضها : تبين الصراحة أحس واجد مطيحة الميانة مع شملان ...
وداد التي شعرت با الإهانة : شملان حماي و انا جايه أزوره مع أخوي بس يا بنت الحمايل أنتِ اللي في مصحة نفسية خاصة و تمشين في جناح الرياجيل وخاشة نفسج ورى غطوة ما عرفت أنج تلبسينها من قبل ..
*
*
*
أهانتني و لم تسعفني الكلمات أن أرد عليها . بل لم تسعفي الأسباب لدحض اتهاماتها , فا أسبابي غير حقيقية و أنا فاشلة جدا في تطوير كذباتي فا أقصى ما أقدر على فعله أن أخلق كذبه مرتبكة لا يمكن لها الاستمرار حتى خط النهاية !
*
*
*
ليست هذه المرة الأولى التي أزور بها شملان فا منذ أن عرفنا أنا و سالم بوجوده في المستشفى و جدنا أن علينا أن نكون بجانبه ..
قد يكون الأمر برمته مضحك فا علاقتنا التي كانت على شكل آمر و مأمور أصبحت حميمة و أصبح تصنيف زياراتنا (عائلية) !
نعم نحن عائلته هكذا أخبرنا بنفسه و وعدنا بأنه سوف يخرج قريبا و يصحح وضعنا , و للحقيقة لا اعتقد أن سعادتي ستكتمل إلا برجوع علي لحياتي بأي صورة كانت و حتى إن ظللت الزوجة التي ارتضت الخدمة خلف الأسوار .. أو هكذا كنت أفكر , لكن الآن أتمنى أن أقف أمام فينوس و أخيها المتكبر و أصرخ بهم أني مهمة في حياة علي و أن لوجودي معنى و سبب شرعي غير متصل بأي شبهة !
*
*
*
سالم ما إن همت أخته بدخول حتى بادرها ساخرا : كل هذا قرقه .. صج حريم لو حتى الوحدة ما تعرفونها من كلمه تسون حوار طويل عريض و ما ينتهي ..
شملان الذي لاحظ تغير وداد : عيب يا سالم تكلم أختك بها الطريقة
سالم مدافعا عن نفسه : أنا أتغشمر معاها .. ما تشوف وجهها تقول أحد معطيها كف ..
وداد تفر من عينيها دمعة : سالم امش خلنا نرد البيت ..
سالم يقفز بسرعة لجانبها و بإندفاع يستجوبها : شفيج .. في أحد تحرش فيج .. قولي .. و الله أدفنه في محله .. تكلمي ..
شملان ينهر سالم : و ين حنا فيه يتحرش فيها احد .. خبل أنت .. المستشفى كله كاميرات و ناس رايحه و جايه .. و سوالف أذبحه و أدفنه لا عاد أسمعها منك .. أكبر عاد و صير رجال ..
سالم بغضب : أنا رجال و أختي مسؤولة مني .. و بعدين أنت ما تشوف دموعها ..
وداد التي لجأت لمقعد قريب لتستريح عليه و تكفكف دموعها : خلاص يا سلوم لا تصدع راسي و تسوي أكشن من مخك ..
شملان يقاطع سالم و يبادر بتوجيه السؤال لوداد : شفيج يا وداد ؟
وداد تنطلق بما تريد أن تصرح به : اللي فيني أن الكل يحسب أن وجودي في حياة علي تحت بند مستخدمة مؤقتة ..
شملان بنبرة أبوية : و منو ها الكل اللي من كلمة منه بجيتي ..
وداد محرجة : أنا محد يخليني أبجي .. بس عزت علي نفسي ..
شملان بنبرة هادئة متناسبة مع ابتسامته : أنتِ زوجة علي و الكل اللحين صار يعرف حتى وضوح قلت لها بنفسي ...
وداد منفعله : قول لطليقتك ها الكلام .. ترى صار لي كم يوم أشوفها هني .. با الأول كنت أحسبها وحده من أهل المرضى بس اليوم تأكدت أنها هي لما اصطدمت فيها و سمعت صوتها .. تخيل متغطية و حالتها حالة و آخرتها تقول لي أنا هني أزور رفيجتي اللي أبوها منوم ..
شملان يعتدل في جلسته المائلة على سريره : أنتِ متأكدة أن اللي شفتيها فينوس ؟
وداد : أقولك كلمتها و كلمتني .. و قالت لي كلام يسم .. تقول مو حلوه تقطين الميانه مع شملان .. قولي أنا قاطه الميانه معاك يا حماي ؟
شملان بضيق : ما عليج منها .. و أنسي الموضوع ..
وداد بقهر : لا ما راح أنسى الموضوع .. وإن ما كلمتها و خليتها تعتذر لي أنا بكلم أبوها ..
شملان بإنزعاج : وداد أنتِ من متى شريه جذيه .. خلاص طوفي السالفة ..
وداد تتمادى : و الله الناس لما تسكت لهم يحسبونك حيطة هبيطة .. و أنا شاكيتها لأبوها شاكيتها ..
شملان بغيض : وداد مو أنتِ قلتي لي كل ها السالفة عشان تحرجينها .. أعتقد انج تعادلتي معاها و أخذتي حقج .. فا أنسي السالفة أحسن .
وداد بان على أختلاج صوتها مدى إحراجها : أنا قلت لك عشان تفزع لي مو عشان أحرجها ..
شملان بعتب : اللحين تلمحين لي انها هني عشاني و أن أبو رفيجتها عذر و تقولين ما أحرجتيها ..
وداد تحاول أن تبني قضيتها من جديد : هو صحيح أنا ما دخل مخي أنها جايه تزور رفيجتها اللي أبوها منوم .. بس يعني ما في غيرك مريض بها الممر ؟
شملان بشك : شنو تقصدين ؟!!
وداد المجروحة تتخبط بما تقصد و ما لا تقصد : أقصد لا تسوي علي شريفة مكة و بعدين وجودها له أكثر من تفسير و ممكن اشكك فيها مني لباجر بس أنا وجودي هني قدام الكل و ما تخششت عن أحد ..
شملان بغضب : سالم أخذ أختك الهبلة و لا عاد تجيبها معاك لزرتني .. خلها تنطق في بيتها لين نلقى علي و نخلصه منها ..
وداد بخوف : شنو يعني تخلصه مني ؟!!
شملان : أنتِ مو وداد اللي أعرفها , هذا أنتِ أول ما صرتي زوجه با العلن تفرعنتي أجل شراح تسوين لما يرد علي .. الظاهر بتاكلينا كلنا ..
وداد تغص بدموعها : شفت شلون أنحريت بس عشان أحد شكك فيها أجل أنا يحق لي أنقهر لما تسمني بكلامها ..
سالم الذي كان يراقب الوضع بخجل أنتفض لدفاع عن أخته : وداد أمشي , هذولي يشوفون الناس بعين طبعهم ..
*
*
*
تركتهم يخرجون و أنا غضبي لا يقل عن غضبهم , غاضب جدا من فينوس , كيف تضع نفسها في هذا الموقف , نعم أريد أن تكون قربي و أن أستشعر وجودها حولي لكن ليس بهذا الشكل الذي يجعلها ناقصه في عيون الآخرين قبل عيني !
*
*
*
عدت سريعا لسيارتي لاختبأ بها خجلة , ضميري يؤنبني على ما قلته في حق وداد , و الآن ما يضيق علي أنفاسي و يغلف سيارتي بثاني أكسيد الكربون هو ما قالته وداد لشملان , لابد انها أخبرته بوجودي فقد اختفت من امامي غاضبه و تحمل في عينيها تهديد و عيد ..
وآتاني الرد في ثواني رسالة على هاتفي من شملان نصها ..
" لا تتعبين نفسج في رجى من غشج .. أنا ما أجيب عيال "
.................................................. .......... ..........


*
*
يردد الجاهلون أن الأيام تلين قلب فطر على حبك و جرحته عن غير قصد ..
منذ تلك الليلة و هي تقنن كلماتها الموجة لي و تقفز واقفة من أي مكان أنوي الجلوس فيه , سألتها " شمزعلج يا الغالية " و جاوبتني " وش يزعلني من نظر عيني " , و بعد شهرين من المكابرة ذهبت لها شارحا ما أخفيته ..
*
*
*
ساري : تشكين أني ما أحب أختي و أتمنى لها الخير ؟!! .. الموقف مو أنا اللي صنعته بس بنفس الوقت أنخلقت قدامي فرصة . .نيتي كانت كسر كبريائها .. كنت أبي أساعدها ترد لعيالها ..
أم ساري بعد صمت طال : و خربت علاقتها في أبوك و نزلت قدرها عند أبو عيالها ..
ساري بخجل : وقتها ما حسبتها بها الشكل و أبوي ما توقعت ردة فعله حتى بعد ما شرحت له و عذبي قدرها عنده من قدر عياله ..
أم ساري معاتبة : و ليش كل ما اتصلت عليك صديتها ..
ساري : لأني خايف منها و عليها , يمه وصايف تبي تخرب حياتها و تبينا نساعدها , تبي ترد علاقتي فيها عشان تستند علي لطلعت من بيتها و تخلت عن مسؤولياتها ..
أم ساري بخيبة : و أنت ما تبي تكون لها سند , تبي تقابل ولدك الغايب و مرتك اللي بتتبعه و تنفض أيدينك منا يا أهلك .
ساري بحزن : أنا بشر و ما اقدر احمل هموم كل من أحب لو أهتميت و فزعت , يمه أنتِ عارفه ان ولدي يبي له مدارة و متابعة و وضوح من عرفت بسالفة علي و هي ساعة معانا و ساعة غايبة و أختي الله يهداها ما هي مقدرة النعمة اللي هي فيها و تبي تزيد همي هم .
أم ساري بألم أنفجر في نبرتها : أنا اللي همي هم .. الله يعين .
ساري يقبل كف أمه ليحتضنها مواسيا : تشيلين الهم و أنا موجود ؟!! .. أشكي لي يمه .. قولي اللي بخاطرج كله ..
أم ساري : الديانه أكلوا وجهنا .. و البيت بيت ولد خالك و حنا ضيوف ثقال مع عمتك و اللي سوته .. كل يوم أحسبها و أكسرها و لا لقيت لها حل .
ساري بضيق : الله كريم .. تفرج يا الغالية بس انتِ لا تضيقين صدرج .

يتبع ,,,,,

👇👇👇


تعليقات