رواية وشايات المؤرقين -28

رواية وشايات المؤرقين - غرام

رواية وشايات المؤرقين -28

مشاعر الحب الخالصة التي تكنها اتجاهي , و باتت تؤنبني سرا و تنصحني في جلسات لا تضم سونا , أما هذه الأنثى التي ارتبطت بها بميثاق قوي و أنجبت لي طفلة أختلط بها دمها و دمي انتهزت أول فرصة لمعاقبتي علنا بعد أن جعلتني اعتقد أنها سامحتني ! ..
كنت أضم كفها هذا الصباح بعدما طبعت عليه قبل الاعتذار و استشرتها با الاسم الذي ستحمله أبنتنا , لم تبدي أي اعتراض و لم تبدوا حتى مستاءة مني لأي سبب , لتفاجئني الآن با اسم لم تستشرني به و سبب خلفه أستشعره الكل بصمت حتى و إن كان ساري الوحيد الذي نطق به ..
*
*
خالد منتبها : سم يا عمي ؟
أبو ساري : أقول شرايك تسمونها أفراح .. و الله اني من شفتها و قلبي فرحان و أحس الخير كله بنشوفه من فتحت عيونها ..
أنفال بفرحة صادقة جعلتها تسبق خالد : يا حلو فروحه و من قدها جدها اللي سماها و فرح فيها ..
أبو ساري مؤنبا أنفال : أنفال علامج يا أبوج ما أذكر أنج ملقوفة ..
خالد يبتسم بصعوبة : أنفال ما قالت إلا اللي بقوله يا عمي ..
*
*
*
كان من السهل الموافقة على الاسم الذي أقترحه جد أبنتي فا يمكن لي أن أتخيل طفلتي مراهقة تريد أن تعرف أنها كانت محبوبة منذ أن علم الكل بوجودها , لكن بنفس الوقت أشعر بغصة و خيبة ثقيلة ترزح تحتها أنفاسي , كنت أتمنى أن أسميها أي اسم من اختياري لعل أسمي يورد عندما تسمع قصة ولادتها للمرة الأولى !
*
*
*
راقني جدا الاسم الذي أختاره أبي , و من المضحك أنني كنت سأوافق على أي أسم سيقترحه حتى لو كنت أمقته من قبل !
فا اهتمام أبي بطفلتي أذاب كل الجليد الذي تراكم حول ذاك الجزء الذي يخصه في قلبي , و أفراح قد تكون حياة جديدة ابني فيها علاقة صحية معه حيث أكون بها الابنة المحبة و يكون هو السند .
سأمنحه فرصة أخرى لأني أصبحت متأكدة أنه كان دوما يحبني من دون أن افهم .. و هذا أول درس تجود به الأمومة علي !
وقد يتفوق على نفسه , و يقوم بدور الجد بأفضل مما أدى به دوره كا أب !
و كم أتمنى أن أجد عاطفتي الجديدة تقف بصف خالد هذه المرة لكن تجربتي السابقة كا أبنه تؤرقني و تزيد من مخاوفي .. فكم هو مخيف أن تتكرر معاناتي مع أبي من خلال أبنتي و أبيها .
لا أريد لأفراح أن تذرف الدمع و هي مختبئة خلف سور المدرسة ترصد حركة المارة لعلها ترصد خطوات أبيها الذي نسي موعد انصراف الكل ! .. و لا أن تستيقظ في الصباح بكل حماس لتعود لنوم في أحضان والدتها بعد نوبة بكاء كان سببها نسيان والدها لوعده با اصطحابها بنزهة لمدينة الملاهي .. لا أريد لأفراح أن تنسج الأكاذيب على شكل أعذار لأبيها الغائب دوما عن كل التزاماته , لا أريدها أن تغفوا كل ليلة و هي تتمنى أن يهدي لها الغد أبا جديدا يحبها .. لا أريد لأفراح أن تغضي مراهقتها ترسم الطريق للخروج من منزل والدها لمنزل رجل لا يشبهه لتفاجأ بان الذي نهرب منه ننتهي إليه !
.................................................. .......... .....
كان خوفنا مبرر فا نحن على وشك كشف سر خطير يهدد و يبشر بنشر الحزن و الفرح , لكن كلانا كان يريد أن ينتهي الأمر بأي نتيجة , فا الكابوس أصبح يهدد صحتنا العقلية و النفسية و النهاية حتمية ..
وصلنا إلى هنا مع وداد التي لم تعترض و لم تتردد با الذهاب معنا عندما أخبرناها بمرض شملان و باحتمال وجود علي في منزل عائلته وحيدا , لكن إلى الآن و بعد ثلاث ساعات طويلة لم نحل أي شيء ! .. أو با الأحرى لم نجد إلا دلائل لوجود علي لكن لا وجود له فعليا في مسرح الجريمة ! ..
*
*
فينوس تواسي وداد : خلاص عاد .. بسج بجي ..
وداد المرهقة من البكاء : علي كان هني .. هذي أغراضه و أدويته .. بس وين راح .. وين راح .. أنا خايفه عليه ..
فينوس بصوت أقرب للهمس : كله مني أنا .. أنا اللي دخلت شقة شملان و لما سمعت الصوت تخرعت و أنحشت و خليت باب الشقة وراي مفتوح ..
وداد تعاود مسح دموعها : لا تلومين نفسج .. مثل ما قدر يكسر باب غرفته كان سهل عليه يكسر باب الشقة .. أكيد كان خايف و جوعان و آخرتها ثار و كسر كل شي حوالينه ..
فينوس بعدما أطلت في ساعة معصمها : أصيل طوَل ..
وداد : و بيطول أكثر .. الشرطة ما راح تساعده في البحث عن ميت.
*
*
*
الصورة القديمة لعلي و التي كنت احتفظ بها في محفظتي بدت خياري الوحيد عندما طلب ضابط التحري أوراق المفقود الثبوتية و وصف دقيق لهيئته عندما غادر المنزل قبل اختفاءه , لكن كان أخراجي لها مدخلا للاستخفاف من قبله ..
*
*
ضابط التحري : أكيد نبي صورة بس ها الصورة قديمة و مو واضحة و بعدين مو معقول ما عندك و لا شي يثبت شخصه ..
أصيل : يا حضرة الضابط يمكن هذي ثالث مره أردد أنه طلع و معاه كل أوراقه الثبوتية و ما عندي إلا ها الصورة له ..
ضابط التحري : و هذي بعد ثالث مره يا أخ أصيل أقولك ها الشي ما يدش العقل . مدامه فاقد للأهلية كان من المفروض تحتفظون بأوراقه المهمة .. و بعدين على حسب كلامك المفقود ما يختلط مع الناس و ماله أصحاب يعني ما عندنا خيط أولي نبدأ منه ..
أصيل بغضب لم يستطع كتمانه : يعني تبي تقول ما عندي سالفة و الشرطة مو فاضيه لنا ..
ضابط التحري : أنا راح أسوي نفسي ما سمعت شي .. و على العموم اللحين بعمم على الدوريات يمكن يلقون أحد تايه و يكون هو ولد عمك ..
*
*
*
شعرت بأني طردت حتى مع محاولة الضابط التخفيف من امتعاضي باقتراح حل بديهي ! ..
نعم من البديهي أن تخرج قوات الشرطة التي تعلمنا أنها في خدمة الشعب لتبحث عن أحد أفراد هذا الشعب , و لو كان الأمر بيدي لجعلت كل قوات الأمن يبحثون عنه معي ..
منذ أن رأيت كل ما يخصه في تلك الغرفة التي حبسه شملان داخلها و أنا أتلفت بكل ركن أمر بجانبه لعلي ألمحه , أكاد أجن و أنا أتخيله تائه يتخبط على الأرصفة حافي القدمين , أود أن أصرخ عاليا " وينك يا عليوي " ليرد علي " أنا هني يا العتوي " ..
لا .. هذه مجرد أمنية .. علي لن يكون إلا بقايا .. ميت و إن كان يتنفس .. علي صديقي الذي أعرفه مات مع تلك التي خذلته .. و مات قبلها بأعوام في نظر الكل عندما فقد عقله .. عقله الذي كان دوما حاضرا أمامي حتى في لحظات جنونه , عقله الذي سلب على يد تلك الحقيرة التي لم تكتفي بسلب قلب أبي بل أرادت سلب أمي منا لتنتهي بسلب علي من بين أحبابه و هو بينهم , لا عجب أن أبنتها احترفت السرقة , ديمة ما هي إلا نسخة مصغرة من والدتها , أفهم الآن لما كان قلبي يأبى أن يحبها !
.................................................. .......... ..
*
*
*
تأخروا جدا !
أيعقل أنهم مستمتعون بزيارة شملان أو بزيارة هند الحزينة ؟!
أم أنهم وجودها فرصة للهرب من هذا المنزل الذي تطبق جدرانه يوما بعد يوما على أرواحنا المرهقة , أي كان سببهم فا هم في قمة الأنانية , كيف لم يفكروا بي أنا !
*
*
أبو عذبي الذي لاحظ إحراج وصايف : يابوج حنا أهل بيت ..
وصايف تضع هاتفها جانبا : أكيد يا خالي أنت من أهل البيت .. بس لو ما اتصلت على أمي عشان أقولها انك هني بتزعل علي ..
أبو عذبي : وين فطوم ماني شايفها ؟
وصايف تبتسم : فطوم لقت لها ونيس و بس مقابلته ..
أبو عذبي يبتسم : الله يستر من ولد ساري لياخذ قلب بنيتنا ..
وصايف تبتسم بخجل : لحظة أجيبها ..
أبو عذبي حالما غادرت وصايف لكز أبنه الصامت بعضده : أستح على وجهك و أحشمني
أبو عذبي : لك الحشيمة يا ابو عذبي .. بس شنو اللي بدر مني أزعجك .!!
أبو عذبي : عيونك طايره في وصايف و أنا قبل ما أدخل منبهك أن عينك ما ترتفع عن فنجالك .
عذبي بإحراج : منك السموحه ..
*
*
*
أثبتت لي المرآة صدق شكوكي , كنت أتجاذب الحديث مع خالي و أنا أشك بأن وجهي يتحول تدريجيا لسلة طماطم , و ها هو وجهي تنتشر عليه الحمرة التي لا استطيع أن أمسحها ..
كم أنا غبية !
كيف سمحت له أن يجلس هناك بصمت يتفحص وجهي ؟ّ!
كان علي أن أكون أذكى و أن أرمي على وجهي حجاب يمنعه من التمتع بما عنه صد و أهمل ..
*
*
ساري : وصايف علامج متنحه قدام المنظرة ؟!!
وصايف ارتبكت : انتم جيتوا ؟!!
ساري يبتسم : شرايج أنتِ ؟!
وصايف بإحراج : بروح أجيب فطوم لأن ..
ساري مقاطعا : عرفت السالفة كلها جيبها و تعالي معاها ..
وصايف : أن شاء الله ...
ساري : وصايف لحظة .. لا تدخلين إلا و أنتِ مغطيه وجهج ..
وصايف : بس أنا مو منقبة .. وبعدين توني كنت عندهم و ..
ساري مقاطعا : أدري بس لمصلحتج أطلب منج ها الطلب ..
وصايف : ما فهمت ؟!
ساري : وجهج يا وصايف يفضحج .. و أنا ما أبي تحرجين نفسج و تحرجينا .
وصايف بإنفعال : لا يكون أنت بعد تحسب أني أنا اللي رايحه لبنتي وجايبتها و حطيتها براس السايق ..
ساري متسائلا با دهشة : من يقول ها الكلام ؟!!
وصايف عرفت أنه لم يعني ما استنتجته : قبل ما يوصل خالي كلمتني أم عذبي و غثتني بكلامها .. ها العجوز قلبها اسود ..
ساري قبل أن يغادر : وين لا أطولين ..
وصايف : لحظة ساري .. إذا ما كنت تقصد اللي قالته ام عذبي .. أجل شنو كنت تقصد بان وجهي بيفضحني ؟!!
ساري بغيض يواريه خلف نبرته الهادئة : أقصد ما شفت وجهج بها الشكل إلا لما جى عذبي بعد الملكة عشان يشوفج ..
*
*
*
تركني ساري أعتصر خديي من شدة الإحراج .. إن كان ساري لاحظ إذا عذبي قبله دوّن ملاحظاته بسخرية ..
*
*
*
أبو عذبي يُقبل فطوم و يحتضنها بحنان : هلا بحبيبة جدها الغالية فطوم . .أفا يا فطومي تطلعين من البيت ما تقولين لأحد و تخوفين ماما و بابا وجدتج ردينه ..
فطوم التي كان الكل يصغي إليها : ماما ردينه ما تحبني ..
أبو عذبي : من يقول ؟!!
فطوم بتذاكي : مخي ..
أبو عذبي يبتسم مستغرب : و ليش مخج يقول ماما ردينه ما تحبج ..
فطوم ببراءة : لأن الصبح ما تريقت معاي ..
أبو عذبي يقبل جبينها : حتى أنا ما تريقت معاي لأنها مريضة مو لأنها ما تحبج و ما تحبني .. زين فطوم منو اللي جابج هني ؟
فطوم : السايق الرجال ..
أبو عذبي : و منو هذا السايق .. الرجال ؟!
فطوم بعد تفكير قصير : واحد جديد يعرف ماما ..
عذبي بغضب يوجه حديثه لوصايف المذهولة : منو هذا اللي دازته يجيب بنتج يا مدام ..
ساري يقاطع عذبي : يا ابن الحلال أستهدي با الله و خلنا نفهم السالفة بتفصيل ..
عذبي الغاضب : شتبوني أفهم . .الأمور واضحة و لا يبي لها تفسير
وصايف تتجاهله و توجه حديثها لابنتها : فطومي حبيبتي .. منو هذا السايق اللي يعرفني ؟ .. تعرفين أسمه ؟
فطوم تسرد كل الحكاية ....
*
*
*
فطوم في الحديقة : أنا فطوم عذبي ..
علي مبتسما : حيل تشبهين أمج ..
فطوم : تعرف ماما ؟
علي : أي أعرفها .. كانت تبي تجيب لي بنت حلوه مثلج بس لما شافت أبوج غيرت رايها ..
فطوم لم تفهم شيئا و بتمني تساءلت : أنت سايقها .. صح ؟
علي يطلق ضحكة قصيرة : تبين أصير سايقها أصير ..
فطوم بحزن بان في مآقيها : أبي أروح لماما ..
علي بتعاطف : و ماما وين ؟
فطوم : في بيت جدي ..
علي يمد كفه لتمسك بها فطوم : أنا سايق ماما و جيت آخذج لها ..
*
*
*
ساري بعد أن حل الصمت على جميع الجالسين : فطوم حبيبتي .. السايق هذا وينه ؟
فطوم : راح يجيب لي أنا و علي كاكاو من الجمعية ..
أبو عذبي يهب واقفا بعد أن استيقظ من صدمته : بروح الجمعية ..
عذبي يهدأ من روع أبيه : يبه الله يطولي بعمرك أهدى وأستريح ..
أم ساري التي كانت طوال الجلسة صامته : يا اخوي أستريح و العيال بيطلعون يدورونه ..
ساري المضطرب : علي .. علي !!!
وصايف تقترب على عجل من ساري المذهول : ساري أسمعني ..
*
*
*
انطلقنا نبحث بأرجاء الحي عن علي و ما هي إلا دقائق حتى توقف أصيل في منتصف الشارع متسائلا عن سبب خروج الكل , فا أخبرته با المختصر عن السبب من دون أن يثير وجوده هنا في هذا الحي بذات بوصلة شكوكي لكن من دون أن أسال تبرع أخي با الإجابة .
*
*
*
أصيل : فعلا أنا غبي .. شلون ما شيكت على سيارة شملان إذا با المواقف أو لا ..
عذبي المشتت ذهنيا : و الحل اللحين ..
أصيل يلتقط هاتفه من جيبه : بتصل على المحقق و أعطية أسم شملان با الكامل أكيد راح يقدر يطلع رقم السيارة اللي با اسمه و يعرفون أوصافها ..
*
*
عندما خرج ساري و عذبي للبحث عن علي انطلقت أنا و أنفال نبحث في أرجاء المنزل بينما عمتي التي علمت با الموضوع كله من أنفال فضلت أن تتوارى عن الأنظار في غرفتها التي كانت دوما المعتزل ..
*
*
*
أنفال : ديمة روحي أقعدي مع أمج ..
ديمة تتجاهل أنفال : لا ما راح أروح اقعد مع أمي و بدور على علي معاكم ..
أنفال : أنتِ حتى ما تذكرين شكله .. فا شلون بتعرفين علي لو شفتيه ؟!
ديمه : يا ذكيه حنا ندور في البيت يعني أي واحد بلقاه بيكون علي ..
أنفال التي تبحث في المخزن تحت السلم : زين ليش مهتمة با علي .. توج من كم ساعة تقولين أن علي مو مهم لأي أحد و الأهم هي أمج و لازم كلنا نسامحها ونوقف معاها ...
ديمة : لا تبهرين كلامي .. أنا قلت مدام وضوح أكبر المتضررين من الموضوع قدرت ها الصبح تعامل أمي بشكل عادي فلازم كلكم تسون نفس الشي لان علي ما عاد مهم و أمي الأهم لأنها للحين بينا
أنفال : خليني أصحح نظرتج .. اللي شفتيه اليوم من وضوح مو تسامح .. هذا تجاهل .. وضوح تجاهلت وجود أمج و خلت الكل يتجاهلها من ساري لين أمي .. و اللحين عاد برجوع علي تصوري موقف أمج الجديد ..
ديمة تهم للخروج من المخزن : هذا مو موضوعنا .. يله خلينا نطلع من هني اختنقت .. و امشي لسطح ندور هناك ..
أنفال توقف ديمة : فهميني .. ليش مهتمة ..
ديمة : و ليش ما اهتم ؟!! .. مو أنا وحده منكم و علي ولد عمي .. و إلا فجأة صرت أنا و أمي حزب بروحنا ..
*
*
*
لا أعرف ما هي الحقيقة و إن كانت ديمة تحورها , لكن لدي شعور قوي أن ديمة تريد أن تجد علي قبل الكل و لسبب صعب تخمينه !
*
*
*
كنت أقطع المسافة بين منزلنا و بين منزل شملان و الخوف هو ظلي , كنت قد انتهيت من البحث في الطابق الثاني عندما طلبت مني والدتي أن أذهب مع أنفال لمنزل شملان للبحث هناك , لم أنادي أنفال لأن فينوس قد أرسلت لتو رسالة لهاتفي المحمول مفادها أنها مع زوجة علي في شقة شملان .. الجو متوتر و الكل يبدوا ضائع و يمكن لي أن أتخيل علي جالسا فوق أحد الشجيرات يراقب الوضع , فقد كانت هذه عادته منذ أن كان طفلا , يختبأ ليخرج الكل بحثا عنه ..
*
*
*
كانت تتجول با الحديقة الخلفية و تتوارى وراء جذوع الأشجار العملاقة و عيناي تنقادان من دون إرادة لكل حركاتها , حتى و هي شاردة تمشي ألهوينا , تبدوا كا ملكة محسوبة خطواتها .
*
*
*
وصايف تضع كفها على صدرها لتعود لها أنفاسها : بسم الله خرعتني .. شتسوي هني ؟!
عذبي بهمس : جيت آخذج ..
وصايف بتعجب : تاخذني ؟!
عذبي : أنا اليوم جيت آخذ فطوم و آخذج ..
وصايف بتهكم : صج ؟!! .. مو هذا اللي فهمته .. لأني حسيت أن كنا في محاكمة و أنا المتهمة ..
عذبي يتجاهل تهكمها : يمكن هذا اللي فهمتيه و ممكن أنا طلعت بفهم مختلف ..
وصايف بتكبر : و القصد يا ولد الخال ؟
عذبي المقهور : القصد أنج تبين تردين بس تبيني أركع لج أول .. تبيني أترجاج و أطلع أنا الغلطان و اردج بأعتذار على أن لجينا للحق أنا المطعون اللي ما يفيد العلاج بجروحه .. أنا اللي بكل الحالات رديتي أو ما رديتي خسران ..
وصايف تتمادى في تهكمها : لا تقول لي أنك ما تنام من كثر ما تعدد خساراتك ..
عذبي يتجرأ ويزيل الحجاب الذي أسدلته وصايف بينها وبينه ليحاصر وجهها بين كفيه : لا تغطين وجهج عني .. أنتِ ملكي .
*
*
*
خبأني وراء ظهره و طلب من أصيل الابتعاد , شعرت لوهلة أنني ملكه و أن هو الوحيد من له الحق با الأختلاء بي .. لكن هذه الفكرة تبخرت تحت وطأة الذنب الذي تفشى في قلبي حالما وقعت عيني ساري علي , شعرت أني محاصرة من جميع الأعين المؤنبة , أصيل الذي تشبع كرها لي و أخي الذي أشبعته خيبة , و الأصعب من كل هذا أن كلاهما أستعمل القوة فا أصيل سحب عذبي مؤنبا و ساري سحبني وراءه ليرميني في سيارة عذبي !
*
*
*
عذبي المحرج : ساري أنت الظاهر فهمت غلط ..
ساري الذي يكتم غيضه : سود الله وجهك و وجه بنت عمتك .. ما فيكم اللي يعرف يحشم و يقدر ..
عذبي بعصبية لم يقدر أن يثبط من قوتها : ساري ما اسمح لك ..
أصيل تدخل على عجل قبل اشتعال الموقف : عذبي أنت غلطت فما له داعي تمادى با الغلط ... يله خلنا نمشي با اللي أمر فيه ساري ..
ساري قبل أن ينطق عذبي : لا تحاول حتى تعترض .. و إلا و الله لأدفنك و أدفنها الليلة هني ..
عذبي الغاضب : أنت أنجنيت .. اللي يسمعك يقول شفت شي يمس الشرف ..
ساري يلتفت حلوله : أنا ما شفت .. بس كم واحد أو وحده ورى ها الدرايش المضلله طل على الحديقة و شاف شي يستحق التصوير , يمكن الليلة أنت و المدام موضوع الواتس أب ..
عذبي بقلق يلتفت حوله : أولا ما صار شي .. ثانيا من بيشوف شي و الشجر حوالين السور ..
ساري بصوت لم يستطع السيطرة على نبرة الغضب فيه : و أنا عاد بقعد لين أتأكد أحد شاف و إلا ما شاف .... يله خلنا نمشي و أنا بكلم أبوي يسبقنا للمملك .
*
*
*
بكائها لم يتوقف منذ أن انطلاقنا لوجهتنا , و للحقيقة كنت أتلذذ بنحيبها , أكرهها و لم اعد أحبها , هكذا و بكل بساطة .. و قبل أن نجد علي سيكون من الحكمة التخلص منها , فا علي بكل حالاته عاقل أو مجنون يعشقها و وجودها حوله عازبة سيجدد ألمه و أمله ,
لكن ماذا عن وداد و ما هو دورها في حياته و ما الذي تعنيه له أو ما الذي ستعنيه له عندما يعود حيا ؟! ..
وداد قد تحدث الفرق الذي لم يقدر شملان أو أنا أن نحدثه في قلب علي .. وداد قد تكون المنقذ له من تلك الأفعى التي أبتلي بها هو و أخي الأحمق الذي لم يقدر خلال سنوات زواجه أن ينقي دمائها من السم الذي يجري فيها , لذا من الطبيعي أن يعاود الفشل و من الطبيعي أن تكون هي عقوبته , فا ليعود إليها و يعاود نسج أخطائه حول علاقتهم القبيحة .. فانا لم اعد أكترث !
*
*
*
أود أن أواسيها لتتوقف عن النحيب الذي يؤذي حنجرتها لكن الجو المشحون بسيارة لا يشجع على أي مبادرة إنسانية مهما كانت صادقة و خالية من أي أجندة , فا أصيل مستمتع جدا با الموقف الضعيف الذي وضعت نفسي به و ما همس به لي عند ركوبنا السيارة اختصر شماتته , أما ساري يكتم غيضه و لم ينطق بأي حرف طوال الطريق و لا يبدو أنه مهتم لنحيب أخته ..
و على أن هذا ما تمنيته .. رجوعها لي مكسورة .. لكن لم أتخيل نفسي مصابا بجانبها ..
*
*
*
أشعر بأضلعي تتصدع و تحتها قلبي يئن , هذا الشعور لا يطاق
أحاول و أكرر المحاولة على كتم أنفاسي و اقتلاع عبراتي لكني لا استطيع فا عند كل محاولة أنهار , أشعر با المهانة و الضعف كلما تذكرت نظرة ساري ...
و ها أنا أعود لمن جعلني عار , أعود منكسة الرايات مهزومة من دون شرط و لا قيد . سيحلو له معاودة الكرة و معاملتي كا شيء ليس له أهمية . ولم لا ؟ .. فا أنا أصبحت ملكه للأبد من دون سند .. ساري لا يمكن أن يكترث لحالي بعد الآن , و عائلتي التي كل أفرادها يعيشون بقلوب هشة سيسعدون بتخلص من عبأ وجودي للأبد .
و ها أنا أتوقف عن البكاء مرغمة بصفعة ألقتني تحت قدمي أصيل
كان مصدرها أبي الذي وشوش له ساري بذنبي , فقد أتى أبي مسرعا و في نيته الاعتراض على عودتي لعذبي , فا أبي لم يحب عذبي يوما و لم يستطع أن يقبل به ابن ثاني له ..
لكن ها هو يجرمني و هو المجرم و رأس الشر ومن عمل المستحيل لتقريبي من عذبي ليصعد السلم سريعا لثروة ردينة .. وهو الذي بعد سلسلة هزائم قرر الانتقام و لم يكترث أن بإشراكي ينهي حياتي الزوجية .. و ها هو يقرر خسارتي للأبد بذنب لم أقدم عليه ... بينما أنا حاربت كل شيء حتى لا اخسره في يوم !
*
*
*
عذبي يسارع لالتقاط من أصبحت لتو زوجته من تحت قدمي أصيل : قومي معاي ..
أصيل يستعجلهم : يله امشوا شكلنا غلط و العالم تلتفت علينا ..
وصايف تستجمع قوتها لتدفع عذبي عنها : ما راح أروح معاك .. و اللحين أطلقني ..


*
*
*
نتنافس على القلوب لتسيدها
و عند التتويج نغتصب كرامتها !
لنزرع بذرة ثورة تلتهمنا بحصاد لم نستعد له ....
.................................................. .......... .....
ملاحظة : اللي كانو متأملين إن يتم لقاء علي با عائلته .. يعذروني ...
لأني حابه حضور شملان في الجزء القادم ... و اتمنى ما تشوفون ها الأمر تمطيط لأن بجذيه تمشي الأحداث مثل ما رسمت لها ...
و التقيكم على خير بأذن الله ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
يتبع في [ 3 ]
روآية : وشايات المؤرقين ..
للكــآتبة ضحكتك في عيوني ..
منتديات غرام | أقلام لا تتوقف عن الإبداع
[ 3 ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجزء الخامس و العشرون :

*
*
*
بعض الوجوه تشبهنا عندما تلبس الأقنعة
و بعض الأقنعة تغشنا عندما تفرج عن دمعة !


يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات