رواية وشايات المؤرقين -25
فينوس التي أنتشلها عذبي تصرخ بأخيها بهستيريا : شملان مات .. مااااات ..
*
*
اخترق صوتها المذبوح قلبي و كفي التي كانت تشد على ذراعها بعنف حاوطتها لتستكين بين ضلوعي و رغما عني قطعت لها وعدا بمساعدته .. فا موته سيعقبه نهايتها هذا ما قرأته سريعا في عينيها !
*
*
لا أعرف ما الذي أصابني هل تعثرت ووقعت قبل أن أصل إليه أم عاجلني هو بصفعة أسقطتني تحت قدميه ؟! ..
لوهلة كنت حائرة في كيفية تفسير ألامي الجسدية التي جعلتني كا خرقة بالية و لم أعد من شرودي إلا و أنا محاطة بذراعي ديمة الصغيرة كأنها تسندني و تستند علي و تحاول بكلمات غير مرتبة أن تهون الأمر عليها و علي ! .. دفعتها بعيدا عني في إشارة غير محكية باني لست بحاجة لمساعدتها و باني قادرة على الوقوف و تسديد ضربة أقوى له أرد بها اعتباري .. لكن قبل أن أهم بما عزمت الأمر عليه مر سريعا بجانبي و هو يحمل على كتفه العريضة جسد شملان الهزيل و فينوس تقع بأحضاني تبكي بمرارة و تردد متسائلة " وصايف شفيه شملان.. ليش ما يرد علي .. هو مات و إلا مت أنا ؟! " ..
كدت أن اقسم لحظتها أن قلبي توقف لثانية .. فا كيف لي أن أعرف من منا مات الليلة و كلنا نتنفس ؟! ..
*
*
عندما أبعدتني وصايف تهت لم أعرف ما علي فعله و لم أكن أبدا بصدد التوجه لمساندة أختي التي تبدوا أنها فقدت الشعور با المكان و الأشخاص لذا تبعته هاربة و قبل أن ينطق رميت بنفسي بمقعد السائق المجاور و تركت الرجاء في عيني يطل أن لا تتركني هنا و أجعلني أذهب معك في دور مساعد لسائق .. و هكذا طار بنا سريعا للمستشفى ليودع شملان في غرفة الملاحظة و يتفرق لي أنا !...
*
*
*
ديمة بعد أن أنهى عذبي اتصاله مع أصيل : لهدرجة مثقله عليك عشان تتصل بأصيل يجي ياخذني ؟
عذبي المرهق : أنتي فهمتي غلط .. أصيل بيجي يقعد مكاني هني .. مثل ما تعرفين أنا ما لغيت رحلتي عشان أقابل شملان في المستشفى و إلا نسيتي .. أو تراجعتي ؟!!
ديمة بخجل : لا .. ما تراجعت ..
*
*
*
لم يرد متابعة الحديث و كأنه اكتفى بتأكد أني لم أتراجع هذا ما فهمته بعد أن قاطع كلامي بوقوفه المفاجأ و هو يخبرني أن أنتظر هنا بينما يذهب هو للبحث عن ماكينة القهوة .. لم يسألني إن كنت أرغب با القهوة و لم أتوقع منه أن يسأل .. نعم هو أخي الأكبر لكن لا أذكر أنه في يوم جلب لي و لو قطعة حلوى !
*
*
*
كنت مشتت الذهن .. أفكر بفينوس التي تركتها ورائي منهارة و با تلك التي أريد أن أمحو صورتها و هي تذرف الدمع من أجله أما هو فا زادت حيرتي معه ما أن شخص الطبيب حالته بانهيار عصبي !
و هكذا لم أشعر بقلة ذوقي إلا بعدما عدت للجلوس بجانبها على مقاعد الانتظار لأجد نفسي مجبرا على الكلام معها و هذا ما كنت أتحاشاه طوال الوقت , فأنا لا أجيد التعامل مع ديمة .. فا هي ليست طفلة و لا راشدة و لا حتى غريب يمكن لي أن أجامله فا هي في ذاكرتي بقت دوما تلك الرضيعة التي جلبها والدي و اخبرنا مرارا و تكرار ألا تقتربوا منها فقد تؤذوها من دون أن تشعروا و هي كا اليتيمة ستحتار لمن تشكوا !
*
*
*
عذبي يجمل الموقف : تصدقين زادو مسميات القهوة على الماكينة و ما عرفت با الضبط شنو اطلب لج .. كنت رايح على اساس بلقى نوع واحد و توهقت ..
ديمة : أنا ما أحب القهوة ..
عذبي : فيه كافتيريا بطابق الأول إذا تحبين تجيبين لج شي على ما يجي أصيل و نمشي ..
ديمة وقفت بشكل آلي ثم عاودت الجلوس : ما تبي أجيب لك شي ..
عذبي يرفع فنجان قهوته : بكتفي با القهوة .. شكرا ..
*
*
*
سلوكيات عذبي لا تناسب ما يعد طبيعيا في أعراف مجتمعنا .. لكن هذا هو عذبي مختلف بكل شيء .. و لا يمكن أن يوضع بقائمة ما هو صحيح أو ما يعتبر خطأ مثلي أنا !
.................................................. .......... ....
*
تلقفته بأحضاني و لم أجد في نفسي الغضب الذي كان يستشيط في دمائي .. هو هنا .. بخير .. و هذا يكفي .. فا الساعات الطويلة التي قضيتها بانتظاره و الخوف ينخر قلبي جعلني منهكة القوى و ليس باستطاعتي تناول الغضب أو لفظه ..
*
*
وداد : يعني للحين ما جعت ؟
سالم الذي يمثل انغماسه في الدراسة : مو قلت لج تعشيت مع شملان
وداد : مو هذا اللي محيرني .. شوداك لشملان ؟!!
سالم بغضب : يووووووه عاد ما راح نخلص من ها التحقيق .. من دخلت الباب و أنتِ سين و جيم مو كافي باجر وراي امتحان ..
وداد تستقيم بوقفتها و بلهجة حادة : مو لأني طوفت لك غيبتك عن البيت يوم كامل تحسب أنك كبير و مالك والي .. و اللحين أبيك تفهمني شموديك لشملان .. .و شلون يجيبك و لا يوجه لي لو حرف كأنه بينكم أتفاق ..
سالم : أي بينا أتفاق .. أني ادرس و انجح و هو بيتكفل بكل مصاريفي و مصاريفج ..
وداد و شعور بريبة يقتحم نبرتها الغاضبة : و المقابل ؟!!
سالم : المقابل أني ما اسلم دفتر علي لأحد ..
وداد تطلق ضحكه متهكمة : و تبيني أصدق أن شملان يفيد معاه الأبتزاز .. و لا من واحد ما يجي ربع عمره .. أضحك علي بغيرها
سالم بقلة حيله : عاد هذا اللي صار يعني تبيني أجذب عشان تصدقين ..
وداد بعد صمت قصير كانت تراقب به سالم الذي عاد لدراسة : زين وين دفتر علي ؟
سالم من دون أن يرفع عيناه عن كتابه : شايله و ما راح اعطيه لأي أحد ..
وداد : يا سلام و أنا أكيد ها الأي احد ..
سالم : أنا حلفت و أقسمت قدام شملان .. تبيني أقطع حلفي ؟!!
وداد : علي زوجي و دفتره يخصني ..
*
*
*
وجدت نفسي خارج غرفته .. لقد حركني بقوة لم أعلم أنه يملكها !
عدت سريعا لأطرق بابه بغضب ليزجر بصوت يمكن أن يستخدم لطرق الحديد أن علي أن أحترم حدودي و أن لا أتعدى على خصوصيته .. " كفي عن إزعاجي " .. آخر ما نطق به قبل أن أعود لغرفتي مذهولة .. اندسست بفراشي خائفة منه و عليه و في راسي تسبح مخاوفي بهيئة أسئلة تبدأ با كيف و تنتهي با متى .. كيف سأتعامل مع مراهق و متى ستنهي مهمتي اتجاهه , علمي بثقل عبأ تنشئته و مراقبته ينمو بطريقه صحيحة ليس بجديد لكن في هذه اللحظة أدركت أني أشهد أهم مرحلة من رحلته لبلوغ سن الرشد و علي أن أكون في منتهى الحذر بتعامل معه و أي كان مستوى تعليمي و فهمي و إدراكي لما حولي و اعترافي بفشلي الشخصي إلا أنني أمام كل ما يتهدد أخي عازمة أن أملك القوة حتى و إن سلبتها من مخدع أعتا الجبابرة ! ..
.................................................. .......... ..
*
*
*
قفزت من أعلى قمة اختبأت بها عن كل البشر لأغوص لأقصى نقطة تسلب مني التفكير با الذي مضى ... عدت من إجازتي القصيرة و ارتميت بأحضان العمل من جديد و لم أترك أي فسحة و لا حتى لساعة إلا و ملأتها بكل ما قد يشغل ذهني و جسدي حتى لو كان ذلك يعني أن أقوم بعمل مضاعف لا يندرج تحت مسماي الوظيفي ! .. و هكذا عندما طلب مني عذبي أن أتواجد با المستشفى لأرافق شملان الذي لا أتذكر انه مرض من قبل بمرض يستدعي دخلوه للمستشفى لكن هذه الحقيقة لم تسقي فضولي و لم أسال عن أية تفاصيل لم يتبرع عذبي با الإدلاء بها و اكتفيت بتحرك بشكل آلي لملأ الوقت !
*
*
*
أصيل : ديمة معاك ؟!!
عذبي يريد أن يختصر التفاصيل : أي لما أغمى على شملان كنا في بيت عمتي و ما حبت تقعد هناك و أخذتها معاي ..
أصيل : زين من متى راحت للكافتيريا ؟
عذبي : يعني صار لها يمكن عشر دقايق .
أصيل مقرعا لأخيه الكبير : عذبي الله يهداك تخلي أختك الصغيرة أدوج في المستشفى بروحها .. يعني ما قدرت تروح معاها الكافتيريا
عذبي : ترانا بمستشفى مو بشارع .. يعني شنو بيصير ..
*
*
*
فضيحة جديدة .. هذا بكل بساطة ما قد يحدث .. لم أشرك عذبي فيما يدور في خلدي فانا لست بصدد معالجة أي قضية أنا فقط أريد أن أحد الضرر و أترك الأمور تسير في مجراها الطبيعي , لكن علي البحث عنها أولا قبل أن تفرغ الكافتيريا من جميع محتوياتها .. و هكذا توجهت لحيث مكان تواجدها الذي لم أجد أي أثر لها به , انتابني القلق و بدأت أراها في مخيلتي تدس الإبر و الأدوية في حقيبتها الكبيرة و هذا سيكون الأمر الذي لن تفلح معه تسديد فاتورة مضاعفة لصاحب البقالة فا الدكاترة عقلياتهم تختلف و يشخصون أي حالة شاذة بكل بساطة و على حسب التزامهم بمسؤولياتهم يتصرفون , مما قد ينهي مرض ديمة بأحد المصحات ليتسرب ملفها المليء با العقد كا مقال رئيسي على صفحات جرائد الفضائح لتنتهي أكبر صفقه خططت لظفر بها والدتي التي ابتدأت معاناتها بدخول أنثى جميلة لحياتها الرتيبه لتصبح لها غريمه و الآن من حقها أن تنهيها في صفقه يضحى لها أغلى ما تملك أم ديمة !.
*
*
ديمة التي وجدت أصيل أمامها و في عينيه قرأت قائمة مليئة با التهم : كنت أسال الصيدلي عن كريم أستخدمه للحبوب ..
أصيل : أفتحي جنطتج ..
ديمة تتدفق الدموع لمقلتيها و تهمس برجاء : أصيل شلون أبطل لك جنطتي و تفتشها قدام الناس ؟!! .. ما يكفي أني أحلف لك أني ما سرقت شي ..
أصيل : أنا و أنتِ نعرف أن السروق ما تفرق معاه يحلف .. على كل حال أمشي قدامي للمصافط عذبي في سيارته ينتظرج ..
*
*
*
كنت قد مددت يدي بخفه انوي على قطعة السكاكر الأخيرة ليوقفني صوت متوسل أن اتركها له .. كان طفل صغير يمثل على محترفة البراءة .. تركتها له و قلبي مستنفذ القوى فقد كان لعدة دقائق يستجمع كل تهور ذاب في دمي ليضخه في أطرافي التي احترفت السرقة .. كدت أن أتسبب لنفسي بفضيحة و عذبي ليس كا أصيل .. لن يبتزني و يصمت بمقابل بل سينزل بي عقوبة تناسب اختلافه ! .. قد ينهي حلمي با الاستقرار مع والدتي بعيدا عن والدته .. قد يحبسني بجانب طرفة لأكون أضحوكة .. و يُسرق عمري أمامي من دون أن يجرم أحد و أصبح أنا العقوبة و المجني عليه و الجاني ...
*
*
*
عذبي الذي لاحظ غياب ديمة : صار شي بينج و بين أصيل ..
ديمة بارتباك " شنو يعني بيصير ؟!!
عذبي : يعني تهاوشتوا .. طالبته شي و رفض ..
ديمة بأختصار : لا ..
عذبي : أنا ما أدعي أني اعرف طبيعتج بس شكلج مو طبيعي ..
ديمة تستحضر روحها المراوغة : يمكن لأني سرحت شوي تحس أني مو طبيعيه ..
عذبي بفضول : بشنو سرحتي ؟
ديمة : فيك و في أصيل .. أنا أدري أنكم ما تعودتوا تتحملون مسؤوليتي بس أنتم أصلا في حياتكم مسئولين .. بس لما أستند عليكم ترتبكون و أخاف لا أطيح ..
عذبي أبتسم بتعجب : كلامج كبير يا صغيرة ..
ديمة تبتسم با المقابل : مو الكلام الكبير ما يطلع إلا من الصغير ..
عذبي يأخذ نفسا عميقا و يبدأ بحديث لا يعرف إلى ما سوف ينتهي إليه : أسمعي يا ديمة أنا و أصيل نتحمل مسؤولية مؤسسة تقوم على أصول و رؤوس أموال لان ندخل بمبدأ الربح و الخسارة .. بس في العلاقات الإنسانية صعب الواحد يخلي نفسه مسئول و يعرض نفسه لاحتمال الخسارة ..
ديمة : على جذيه راح تعيشون بروحكم ... لأن إذا بتخافون الخسارة ما راح تنشئون أي علاقة ..
عذبي يبتسم مجددا : صحيح .. بس في علاقات من قبل ما تنشأ يكون احتمال الربح فيها اكبر من الخسارة ..
ديمة تكمل : و في علاقة تشبه علاقتنا .. أنا الخسرانه من يوم انولدت..
عذبي : ديمة أنتِ يوم أنولدت كنت داخل العشرين .. كان ممكن أصير أبوج .. و احساسي فيج أكبر من أحساس أخ .. أنا خفت أتحمل وقتها مسؤوليتج و للحين أرفض ها المسؤولية بس تأكدي أني حبيتج من أول مره شلتج فيها و قبل لا تعرفين أني أخوج ..
ديمة تغالب دموع استثارها حديث عذبي : و مسامح بيشيل مسؤوليتي ؟
عذبي يصمت لدقيقة : تبين الحقيقة أنا واثق في مسامح و قدرته على تحمل المسؤولية بس مو واثق فيج .. هو يناسبج بس أشك أنج تناسبينه ..
ديمة بتساؤل حقيقي : أجل ليش تشجعني أتزوجه ؟
عذبي : لان أنتِ و أنا و كل اللي في البيت بنستفيد حتى أمج بتستفيد .. و هو مو جاهل أكيد حاسب ربحه و خسارته ..
ديمة تستجمع شجاعتها و تنتهي بسؤال الذي كانت تريد أن تبدأ به : لو وحده من بناتك في مكاني بتشجعها تتزوج مسامح ..
عذبي تنزلق منه الحقيقة على عجاله : لا ..
*
*
*
كنت لتو أخبرها أني أحبها فطريا حتى و إن لم أتصرف كأخ لتعاجلني بسؤال كبلني با الخطايا و وسمني با العار في هيئة جواب عفوي لم أتمهل في صياغته .. و الآن تركت حائر في كيفية تصحيح الخلل و ترميم ما هزه جوابي ..
*
*
*
كأني بكل أنوار الشوارع تختفي و كل ما كان يمر بنا من أصوات لسيارات تنقطع .. أصبح شعوري بين عدم وضوح برؤية تسبب به دمعي و ضجيج مصدره قلبي صم أذني .. إذا هذه الحقيقة .. و كل ما كان قبله كذب .. لم يشعر بي كأب و لم يحبني في أول مرة حملني بين يديه .. بل أنا عبأ فرضه والدي على كل من سكن ذاك السجن و حتى لا يخسروه تركوني في زاوية التجاهل و عندما استدعت الحاجة أصبحت الأخت التي كانوا يجدون صعوبة في التعامل معها لخوف منبعه حب أكبر من التعبير !
*
*
عذبي يركن سيارته في حارة الأمان : ديمة بس لا تبجين ... خليني أشرح لج جوابي ..
ديمة التي تشهق بدموعها الحارة : لا تخاف أنا مو شرهانه عليك .. أنت أصلا ما تعرف تحب .. و وصايف أكبر مثال ..
*
*
توقفت هنا عن أي محاولة لرأب الصدع .. الضرر تم و ها هي تنتقم مني بتشخيص حالتي العاطفية .. هي فعلا ليست بطفلة و لا للبراءة تنتمي .. أختي ذكية و تتلاعب بعواطف أي شخص منها يقترب ..
و جلبت وصايف في المنتصف لتقلدني المشنقة من دون أن اعترض .
.................................................. .......... ...............
*
*
*
لو أضعها في الميزان لما اشتكى لكن يدي الخاملتين رددت الشكوى و أنا أحارب ضعفي لأسند ثقلها .. كم هو عظيم هذا الحزن و الألم الذي يقبع كا ثقل بين عظامها الواهنة ! ..
لم أرد أن أجرها للمنزل ليوقظ بكائها و مناجاتها لشملان كل من بات حزينا في منزلنا , و با الأخص و وضوح تنام أخيرا في أحضان ساري آمنه .. فا هذا ما أخبرني به با المختصر في رسالة قصيرة أراد بها أن أطمأن عليها و أنام .. و كيف يا ساري لي أن أنام ؟!.. و لك كل العذر في الاختباء فا حزن وضوح يكفيك لهذه الليلة , و حزن فينوس سأتكفل به لعلي أعوض على صديقة كل لحظات الخذلان التي منيت بها على يدي ..
و كأنها قرأت أفكاري و بنظرة أعلنت بها الموافقة رافقتني لندخل من نفس الباب الذي تردد في فتحه لتمتد أناملها لمفاتيحه الباردة التي ظلت بعده معلقة , و بكل قوة تحتضنها و تزيد في نحيبها المكتوم ..
*
*
فينوس : أبي أروح شقته ..
وصايف بتردد : هذي شقة هند اللي أطلعت منها علي يمينا و اقرب لنا خلينا نستريح فيها ..
فينوس : وصايف أنا مو طفلة تخافين عليها تنكسر لصعدت مكان عالي .. أنا بصعد لشقته و أنتِ معذوره إذا ما بغيتي تجين معاي ..
وصايف : أنا بروح معاج لأي مكان .. بس أحس فشلة ندخل شقة واحد عزوبي و في غيابه ..
فينوس تضحك بإنكسار : هذا كان ردي عليج و انتِ تترجيني أدخلج جناح عذبي في غايبه ..
وصايف صدمت من جر فينوس لواقعة قديمة لتقيس بها الحاضر : أنا أكبر من أمس و انتِ دايما كنتي أكبر .. شنو اللي خلاج تصغرين ؟!!
فينوس بمرارة : خبرج تغير .. و أنا وحده غير اللي عرفتيها .. و لا تكثرين أسئلة أنا تعبانه ..
.................................................. .......... ......
*
*
*
كانت حلمي الذي ادخرت له لأعوام و يوم امتلاكي لها نمت بأحضانها متحديا ليالي الشتاء القارصة .. لكن اختطفت مني و تحت ناظري تحولت بثوانِ لبركة من الملوثات !
بدأ الأمر بوالدتي تحثني أن أسارع الخطى لمنزل أهل هند لنقلها للمستشفى فا هي على مشارف الولادة و خالد على شاطئ أحد الجزر حط رحاله ليقضي نهاية الأسبوع من دون أن يهتم بمسؤولياته التي تكفلت بها كما يجب على الأخ لكن لم يدر في خلدي أن تبدأ ولادة طفلته في سيارتي و تستفرغ من الخوف أختها على مقاعد سيارتي الرياضية ..
*
*
سند : يمه الله يهداج ليش تبجين . .أنا اللي لازم أبجي على سيارتي .
أم خالد تمسح دموعها وتضرب كتف أبنها : و هذا كل اللي همك .. الحديد أهم عندك من بني آدم ..
سند يأخذ كف والدته ويقبلها بحرارة : مزح يمه مزح .. أبيج تبتسمين بدال ها الدميعات ..
أم خالد المتأثرة بولادة أول حفيدة لها : تلومني يا سند .. صار عندي بنية..
سند : يوووووه قولي أن كل ها الدميعات عشان صار في بيتنا بنت .
كدينا خير بعد ها السنين كلها بتجي بنت خالد و تحكم البيت و تسرق قلب أميمتنا ..
أم خالد تضحك من أعماقها : جعلي أشوفها تامر و تنهي و الكل يقولها سمي في بيت أبوها ..
سند بإمتعاظ يرفع من صوته ليسمع الجالسة في الزاوية : يعني بتخربون البنت و تخلونها دعله ..
أم خالد بغضب مصطنع : أشوفك جاورت ها البنيه و توها طالعه من بطن أمها ..
سند : أنطري علي خليها بس تعرف العلم و اقصص أقرونها .. العوبة ما أقدرت تقعد في بطن أمها لين نوصل المستشفى ..
*
*
*
هذه قصتي معه .. فصول من الإحراج .. يبدو أن في كل موسم حتم علي إلقاء به في حدث لا ينسى , سند من الأشخاص الذين يتواجدوا بحياتك لتشك بنفسك و سلوكياتك و تصبح غريما و ناقدا غير صادق لروحك , و ها أنا مهما تحاشيت كل تقاطع يجمعني به أجد شخصيتي المضطربة الخائنة تقع بشكل درامي أمامه في أضيق زقاق يؤدي لطريق مسدود يعود بي له ليتفحص أخطائي من جديد عن قرب ! ..
و من الخوف و الرعب استفرغت .. ما هو الجرم الذي ارتكبته ؟!.. أنا إنسانة و لا يمكن لي دائما أن أسيطر على انفعالاتي في موقف لم يمر علي من قبل ما يشبهه .. أختي بصياح زلزل عظامي تخبرني أنها سوف تموت و أنا بكل قوتي أتشبث بها بكفي المرتعشة و في نفسي خوف عميق بأنها سوف تغادر لأعود بيدي الأخرى الأكثر ارتعاشا للأمام لأبحث عن من يمسك بي في سيارته الضيقة التي يطير بها بجنون على الشوارع المتهالكة .. لينتهي بي الأمر مذنبة
و أُقرع بدل أن يتم المباركة لي بسلامة أختي و بلقبي الجديد كا خالة.
*
*
*
ما إن عادت الإشارة لهاتفي المحمول حتى توافدت رسائل عدة تستعجلني الرد .. كان أولها من هند و آخرها من سند .. و النتيجة التي وصلت إليها مرعبة .. من المؤكد أن هند في المخاض .. اتصلت بسند و أنا متأهب لسماع الأسوأ لكن ما إن بدأ الترحيب بي بنبرته الفرحة حتى علمت أن الأسوأ قد مر و هذا ما أكده و جعلني أتنفس الصعداء .. نعم كنت قد تأهبت و أعددت الخطط المطلوبة منذ زمن طويل استعدادا للحظة التي سوف تلد بها طفلتي و لكن في قرارة نفسي لم أكن مستعد و كنت عن غير وعي أتهرب من هذه اللحظة و قد يكون اختياري لعطلة هذا الأسبوع بذات لممارسة هوايتي دليل على خوفي و عدم استعدادي الحقيقي , و هذا ما أخشى أن تكون توصلت إليه هند قبلي ..
*
*
*
سند بعد انتهى من سرد القصة كاملة بما فيها خسارته الفادحة : عاد كنت باخذ منك تعويض بس هونت ..
خالد الذي يراقب أبنته من خلف الزجاج : و شا اللي خلاك تهون ؟ .. و لا تقول لأني أهديتك لقب عم .. و عفوا قبل ما تقول شكرا ..
سند يضحك بعمق : عاد تحسب لقلت عفوا بنتعادل .. لا يا الحبيب أبي من الحين تقول تم ..
خالد : على شنو ..
سند : على زواج ولدي من بنتك ..
خالد يقطب حاجبيه : و أنت من وين لك ولد ؟!
سند : أنت لا يكون تحسب بقعد عزوبي طول عمري .. إن شاء الله بتزوج و أجيب عيال ينافسون عيالك على قلب أميمتي ..
خالد : أي قول جذيه . السالفة كلها متعلقة في قلب أميمتي .. الظاهر خفت من بنتي ..
سند : الصراحه بنتك تخوف .. من اللحين جا لها غلا أجل و أشلون لنادت أمي يا جده ..
خالد : يوووه و قتها كلنا بنكون صفر على الشمال عند أمي ..
سند : إلا ما قلت لي منافستي الجديدة و شسمها ..
خالد : توه أمي حلفت علي ما اسمي عليها و تقول أشور عليك تسميها على خالتها ..
سند و الخوف توسط عينيه : خالتها منو ؟
خالد : منو بعد .. خالتها اللي أول من شافها ..
سند بإعتراض : لا تكفى خالد .. مو حلو أسم انفال ..
خالد : با العكس حلو أسمها ..
سند : لا ما أحس حلو ..يعني حتى لو بغيت أدلع بنتك صعب ..
خالد : لا عاد التدليع سهل بأي حرف من اسمها ..
سند باستهزاء : لا تكفى خلنا ندلعها بأول حرف من أسمها و نقولها أوأو..
خالد بغضب : أي عادي كل شي لايق لها ..
سند متجاهلا لغضب أخيه : أقول بس لا تستعجل و تورط بنتك بها الاسم ..
خالد بإمتعاض واضح بنبرته : واضح أن اللي مو عاجبك صاحبة الاسم مو الاسم بنفسه ..
*
*
عندما هممت بتوضيح أستسخفت محاولتي .. أنفال فتاة غريبة و من المروءة أن لا أتكلم عنها بسوء و الطفلة بأي أسم ستنادى ستكون في النهاية ابنة أخي التي أحبها و مجموعة حروف على شكل أسم لن تغير من الأمر شيء .
.................................................. .......... ...................
*
*
*
للأسماء أرض تحتفي برموز الحروف
ليغرب حاملها في يوم تاركا وراءه وسم كا اسم !
.................................................. .......... ...............
لقائنا الأسبوع المقبل بأذن الله ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الثالث و العشرون :
*
*
*
ماهرون في صب القوالب و صنع الحاويات
لكل شيء ..
بدأً من حاجياتهم حتى مشاعرهم !
*
*
*
للأمكنة ذاكرة من صور وروائح و هنا أستوطن عطره .. رائحته المتكلفة التي دوما وجدتها في علاقة تضاد مع بساطة أحاسيسي
كلفتني رجاحة عقلي ! .. كنت جدا واضحة عندما سألني إن كانت تزعجني لأهمس له خجله " لا أحب استنشاق غيرها " و في ابتسامته الماكرة كان أكثر وضوحا و هو يمرر لي رسالة مفادها لكنها سلبت إرادتكِ و جعلتكِ دمية .. و كم كنت كاذبة أمام صدقه !
و ها هو حان حديث الصادقين أمام مقعده و فنجانه و هذا الكم من أوراقه .. كل ما لمس و كل ما حرك من ساكن أشعر معه با الألفة .. نعم أنا و الجمادات بيننا صلة قربى فا كلنا طوع بنانه .. يحركنا و ينسانا و نحن هنا بانتظاره !
كم من صباح تكاسلت نسيانه و شرعت لذاكرة باب خلفه يقبع الماضي .. حضوره الآسر و المربك .. في صمته و كل ما ينطق
و فضولي المحترف في التلصص على سكونه و اختلاجاته و نبض الحياة في عنقه .. و كم من مره عدت غير مدركة أني خنت نفسي بل كم من مره تماديت في التحايل على قلبي و واربت بابه لعله يعود و أخرق عهدي الذي عذبني و لم يشفي أي جرح خلفه هجره .. و ها أنا أعود و أجلس أمام غيابه أستحضر صورته و ألونها اشتياقي تسكني الحسرة و الأسى و خوفا مرعب من فقدانه ..
ألهي أطلبك أن يعود ..
ليعود .. لأي كائن أو أي جماد لا صلة له بي . .فقط يعود .. و يكفي أن أعيش حياتي على شرفة الماضي المطلة على خيباتي !
*
يتبع ,,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك