رواية وشايات المؤرقين -24

رواية وشايات المؤرقين - غرام

رواية وشايات المؤرقين -24

أم ساري التي كانت تتخبط با الأفكار المظلمة منذ أن غادر أخيها اتجهت لمحادثة أم ديمة المعتصمة في غرفتها : ليش ما رديتي عليه .. كلامه اللي قاله عيب في حقج .. أنا من الصدمة أنشل لساني.
أم ديمة تمسح آخر دمعة علقت بين رموشها و قررت أن تكمل ما بدأه أبو عذبي : أم ** تذكرينها ..
أم ساري با نبرة ملئها الاستغراب : ما غيرها أم السعف و الليف ؟ .. قطع طاري و شذكرها عليج ..
أم ديمة بخجل أختلط بأحساس مذنب تساقط دموعا : رحت لها تسوي لي سحر عشان اجنن فيه أم عذبي و ما أكله إلا علي اللي تجنن .. هذا ذنبي اللي يعايرني أبو عذبي فيه ..
*
*
*
التففنا كلنا حول والدتي التي لم تكف عن البكاء و كلنا من دون شعور بكينا معها .. لم يتحمل أي أحد منا رؤيتها بهذا الشكل .. فا هي حتى و إن عودتنا على بكائها لأتفه الأمور إلا أن في بكائها هذا ألم و حزن و شيء لا نستطيع تجاهله .. لم نراها أبدا تقسو على نفسها بهذا البكاء الذي تشهق به حتى كدنا أن نقسم أنها سوف تحطم أحد ضلوعها .. منهارة أمامنا و كل منا يستنتج السبب.. كل منا غير مصدق أن خالي أبو عذبي قد قال ما يجرحها أو أن هكذا تعترض على زواج ديمة الذي تعارضه عمتي أيضا .. لم نفهم !
*
*
حزمت خوفي و أعددت حقائب ملآ بذنوبي .. و ذهبت لهم حتى أخلصهم من حيرة سكنت مآقيهم ..تسببت بحزنهم و ها هم أمامي يبكون على هذه الرفيقة التي بي فجعت .. اعترفت .. من دون مقدمات أخبرتهم بإثمي و عيناي على تلك التي وقفت مذهولة في الزاوية تردد لا اصدق .. لا أصدق أنكِ قتلتِ أخي !
*
*
كانت ليلة مرعبة بكل ما فيها من تفاصيل .. الكل هنا رمى بنفسه في زاوية محاولا أن يحل المعادلة الصعبة التي بين أيدينا .. مذنبة أم ضحية جاهلة .. تستحق العقاب أم عوقبت بشكل كافي لأعوام ..
لم نعرف التوصل لحكم .. فعلا صعب أن تحاكم من أحببت ...
*
*
وصايف : هند ردي بيتج و أنسي الموضوع و لا تفتحينه قدام زوجج و تفضحين عمتي .. فاهمه ؟
هند المرهقة : ما اقدر أروح بنام هني اليوم .. أحس أني بولد ..
أنفال بقلق : وصايف خلينا نوديها المستشفى .. شكلها فعلا بتولد ..
وصايف : وين أوديها و أخلي وضوح .. ما اقدر لين يرد شملان .. أتصلي في خالد ..
هند المتألمة : خالد طالع الحداق مع ربعه ..
أنفال : هذا وقت بحر في عز الغبره .. صج متفرغ ...
وصايف : خلاص أتصلي في أم خالد .. خليها توديج مع واحد من حمانج ..
هند : لا . . لا خلاص ما في داعي أنا ما فيني شي ..
*
*
*
هند تتقلد شجاعة زائفة ... من الواضح أنها تعاني و لكن لا تريد أن تغرق أحد بمسؤوليات ذاك الأحمق .. لذا تجرأت و اتصلت بوالدته أطلب عونها فا أنا لا يمكن أن أترك هند أمامي تعاني بينما الكل هنا لا يمكن أن يساعدها في هذا اليوم الذي لا يريد أن ينتهي ..
*
*
أم ساري : وين أخوج .. تأخر ..
وصايف : يمه أنا ما قلت له تعال بس أكدت عليه يجي للعشا أخاف أقوله أن وضوح تعبانه يجي طاير و يصير فيه شي حنا مو ناقصين اليوم كله تعيس .. و بعدين أكيد شملان بعد بيجي خلينا ننطرهم أحسن ..
أم ساري بقلق : و عمتج ؟
وصايف : عمتي ما تبي تفتح الباب لين تجي ديمة ..و عاد ديمة مأساة ثانية .. شكل عمتي تبي تعلمها بسالفة ..
أم ساري و علامات الإرهاق متضحة في ملامحها : أنتِ اتصلتِ في ديمة ؟
وصايف : لا عمتي هي اللي كلمتها و طلبت منها تجي .. و هذا أنا با قعد هني لين تجي و ما راح أخليها هي و عمتي بروحهم .. روحي أنتِ يمه ارتاحي ..
أم ساري بحزن : لا . .أنا بروح لعلي ..
*
*
*
و أنا أيضا أمي أتمنى أن أذهب له ! ..
أستغفر الله من كل ذنب عظيم . .أستغفر الله .. كيف أطلب أن ألتحق با ميت بينما كنت أهرب منه و هو حي ؟!!
علي .. كيف سلبك الشر منا ؟.. لِما لم تقاومه بكل الحب الذي كنت تكنه لنا ؟!
علي .. آسفة على كل كلمة رددتها أعني بها أني لا أعرفك ..
فا أنا الآن فهمت ما الذي تغير بك .. ما الذي جعلك بعيني غريب ..
سألتني مره و أن أعد لك ما تتمنى .. هل سوف تخذليني في يوم ..
يومها أذكر كيف نظرت بعينيك و قلت لك أنصرف أيها المجنون فمازلنا مراهقين ! .. هل أصابك الفال .. هل كلماتي المخبولة آذتك
و أنت من كنت دوما تحميني حتى و أنت تتصنع إيذائي .. و كم كنت أقهقه كلما أخبرتني .. لو كنتِ حتى سمكه برائحة زفرة سأحبك دوما و أصبح من أجلك قطة ! ..
كيف زهدت بك علي .. و تركتك كأني أتخلص من عقوبة .. و أنت رغم الآفات التي احتلتك لم تدعهم ينتهكون صورتي في قلبك .. ظللت تحبني حتى آخر أنفاسك بينما أنا كنت أتنفس عذبي عن قرب متناسيه أنك ورائي !
آسفة .. أتمنى أنك تسمعها ..
.................................................. .......... .....
كان في منتهى القسوة .. يتعمد أن يهمس في أذني كلمات جميله تبكيني .. و كنت أتذرع بقسوته لأرتمي في أحضانه أنشد بعضا من حنانه .. و لم يصدقن هن ما كنت أردده .. أني حظيت بمن يتفنن في بوح مشاعره .. ما زلت أذكر كيف كن يمررن النظرات بينهن و كأنهم يهمسن سرا " هل يعقل أنها تصدقه " .. و في أعماقي كنت جدا أوافقهن .. نعم لابد أنه يردد علي كلمات عفوية يجبره الموقف على ابتكارها بينما هو لا يعني ما تحويه من مشاعر .. لا أعرف إن كنت ما أزال غاضبة منه أم بدأت أغضب من نفسي أنا .. يمكن لو أخبرته بما كنت أراه في أعين الكل لكان أراحني من كل أكاذيبه و لم اسمح لنفسي أن بتعلق به.. أنا من أجبرته على ممارسة الكذب و هو فقط كان يمارس دوره كا رجل !
*
*
*
أم عذبي : عشتو .. تحب أيدها ظهر و بطن أن واحد مثل مسامح ال** خطب بنتها ..
فينوس : هي أمها و أكثر شخص يهمها مصلحة ديمة ..
أم عذبي : و من يقول مصلحتها مو مع ولد الحسب و النسب .. رجال الكل يشهد له في أخلاقة و طيبه ..
فينوس : ومدام كل ها الصفات فيه ليش يا يمه ما بغيتيه لي ..
أم عذبي ارتبكت : أنتِ .. أنتِ مالج إلا ولد عمج .. يحبج و شاريج بعد شتبين ..
فينوس تمضي فيما خططت له : عرفتي من أبوي سبب طلاقنا ..
أم عذبي : تعالج و ما فيه إلا العافية .. تعوذي من الشيطان و ردي له .. لا تضيعين عمرج ..
فينوس : أن طعتج ضاع عمري مع جذاب مع واحد كان بيتركني طول عمري أخمن سبب طلاقنا لو ما لقى علاج لنفسه ..
أم عذبي : في بعض الأمور يا فينوس ما ينفع معها التحليل .. صارت و خلصنا .. ردي لولد عمج و إلا بيجي يوم و تندمين و تقولين ليتني رديت له و جبت عيال يشيلوني ..
فينوس : و من قال أني بحط أيدي على خدي لين يجي اليوم اللي أندم فيه ..
أم عذبي : سمعيني شنو اللي في بالج ..
فينوس تقف : ما عمري طلبتج على اني دايما كنت أحتاجج .. طلبتج تصيرين أمي أو حاولي تصيري مثل أم ديمة وحسي فيني من دون جمع و طرح و حسابات لربح و خسارة ..
أم عذبي بنبرة فيها الكثير من التهكم المترامي بتعالي : و شلون تبيني أصير مثلها ؟
فينوس : خلصيني من شبح شملان ...
*
*
*
نتهور لنراهم يقفزوا عن السحب
لتدق أعناقهم أو لتنكسر قلوبنا ..
و هل يوجد فرق ؟!
*
*
*
انتهى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجزء الثاني و العشرون :

*
*
*
تتسع أرض الغربة لكل سر قرر الرحيل
و في كف الغريب يُحتسى العلقم كا رحيق
*
*
*
نبرتها الآمرة اخترقت طبلة أذني و لوهلة بدت لي بصورة زوجة أبي الشريرة .. اعرف أنها غاضبة لكني لا أقر بأحقيتها بإبداء الرأي بمصيري فا هذه ليست القضية التي أود أن تحتل بها مكان ولي الأمر .. و با المختصر هي دوما رددت على مسامعي أن والدي و زوجته الأعرف با مصلحتي .. إذا ما الذي تغير ؟!! ..
*
*
*
كا عادتها عندما تحتار تطرق بابي على استحياء ..
و كا عادتي أفتح ذراعي لها لترمي برأسها العنيد في أحضاني
فا شعوري بها يتجاوز عاطفة الأخوة ليرقى لعاطفة أقرب للأمومة .. و كم هو شعور طاغي يحاصرك ويضعك في موقع ضعف باسم الحب !
*
*
*
فينوس تدعي عدم المبالاة : أنتِ مالج كبير و أنا مالي خص ..
ديمة : لو مالي كبير ما طعت أبوي و تصرفت من كيفي ..
فينوس : تجذبين على منو ؟!! .. أبوي ما وافق إلا لما شافج موافقه و باصمة با العشر ..
ديمة بعناد : انا موافقه عن أقتناع ..
فينوس : فعلا أنتِ موافقه عن قناعة أنزرعت براسج .. على العموم بكيفج و مثل ما قلت لج أنا مالي خص ..
ديمة بنبرة رجاء : فينوس مهما صار بينا أنتِ الوحيده اللي اعرف أن مصلحتي تهمها . .ساعديني ..
فينوس :.. قلت لج ها المسامح ما يناسبج و أنتِ معنده إلا تبين تزوجينه . .شتبيني بعد أساعدج فيه ؟!!!
ديمة : أمي .. شلون أقنعها ؟ .. أنا ما أبي أخسرها لأني مخططه بعد ما أتزوج أجيبها تعيش معاي في بيتي ..
فينوس و لتو أدركت السبب : اهاااا .. و هذا سبب الزواج طبعا ..
ديمة : بس هذا مو السبب الوحيد .. مسامح عاجبني ..
فينوس بتهكم : خلاص روحي لأمج و قولي لها بكل بساطه عاجبني ..
ديمه تقترب من أختها الكبرى لتمسك كفها ممره في نفس الوقت نظرتها المترجية على وجهها : محتاجتج .. تكفين فينوس تعالي معاي .. امي تحبج و تقدرج و أكيد بتقتنع لما تشوفج موافقه ..
فينوس تنفض كفها من كف ديمة : و من قال اني مقتنعه ؟!!
ديمه تدعي الصلابة و الثقة : كل اللي أطلبه منج تحبيني مثل ما أنا .. أنا جذيه تقبليني و أحترمي قراري .. أنا بتزوج مسامح سواء رفضتي أو وافقتي و با المثل موافقة و رفض أمي ما راح تغير شي .. اللي بيتغير بس أنكم بتكونون يا قراب أو بعاد عني في حياتي الجديدة ..
*
*
كنت دوما أقرأ هوامشها و لم أتطلع يوما لسطر الذي وقفت عليه طويلا متأرجحة تدندن يمكن لي أن أستمر من دون رفقة .. هكذا هي عنيدة حتى لو أصبحت وحيدة .. و ستمضي بما خططت له بعد أن تجبرنا أن ننحني لمطالبها أو نقع في فخ التخلي عنها .. و في كلا الحالتين يبدوا الخيار لنا !
وافقت مبدئيا و أنا لا أعرف على وجه الدقة ما علي فعله لتجنيبها ارتكاب أكبر حماقاتها كل ما أعرفه أني ضد هذا الزواج و بما أني تبينت السبب الحقيقي لموافقتها فأنا لست بصدد تغيير رأيي ..
سارعت بارتداء عباءتي و التقاط حقيبتي التي كنت قد تركت هاتفي النقال بداخلها و قبل أن أهم با الخروج هزمت إرادتي و أخرجته أنظر لشاشته و أتأكد إن كان هناك رسائل واردة .. فمنذ أن استلمت رسالته با الأمس و أنا أخفي هاتفي كا لغم و أراقبه عن بعد ! .. و عندما لم أجد رسالة جديدة كما أملت تحماقت و أعدت قراءة رسالته التي لم استطع إلغائها .. " ليتني رحلت و لوحت لج مودع و لا رميت قلبي عليج و قلت طالق .. تحلليني يا بنت عمي ؟ "
يريد أن يرضي ضميره و يودعني مره أخرى بشكل لائق حتى لا لا تلحق به ذنوبه و تقتص منه في وقت عاثر .. إذا هكذا نوى أن يبدأ من جديد و يرحل لأرض بعيده ليزرع بها ما لم يفلحه في أرضي ! ..
أحللك ؟!! .. دعني أبدأ بانتشالك من كل هوة تركتها في قلبي و أبعدك عن كل شريان تجري به مع دمي قبل أن أطلق سراحك و أموت !
*
*
فينوس : من متى تهتم ؟! .. و إلا ها المره لك أكبر مصلحة ..
عذبي يهم بإغلاق باب سيارته : تحبين تركبين قدام أو ورى ..
فينوس تركب بجانبه : لا تشيل ذنبها .. و تصرف كا أخ ..
عذبي يربط حزام الأمان : و هذا أنا أتصرف كا أخ .. قالت لي أبيك توقف معاي و أنا قدام أمي و قلت لها على ها الخشم ..
فينوس تهمس له قبل أن تصل ديمة للباب الخلفي : تراني من اللحين أقولك أنا بصف أم ديمة ..
*
*
*
هذه ثاني نصيحة جادت بها زوجة أبي علي .. أن دوما أجعلي برفقتكِ متضادان لتحضي بقوة الجذب !
و هكذا اخترت فينوس و عذبي الذي اعرف أن كلاهما يحب الآخر مهما اختلف معه .. سيقفان بجانبي أي كانت أرائهم و أجندتهم لأن أي منهم لن يتخلى عن الآخر عندما يراه يسقط !
*
*
فينوس تلتفت لديمة : جيبي من الأخير ليش قلتِ لعذبي يودينا ..
ديمة بنبرة تدعي بها البراءه : لأن مسامح صديقه و يقدر يتكلم عنه أفضل مني قدام أمي ..
فينوس بغضب : جذابه ..
ديمه بغضب مماثل : كل يرى الناس بعين طبعه ..
عذبي ينهر كلاهما : بس .. أنتم ما تستحون كل وحده لسانها و شطوله و لا كأني معاكم ..
*
*
*
يمكن لي أن أرى وجهي من غير مرآة .. لابد أنه أصطبغ بلون الأحمر .. جعلتني ديمة أتصرف كا طفلة أجادل و أرمي التهم و لا أهتم للمكان أو لمن صف خلفها في دور مساند ! ..
*
*
أعذر فينوس أنها خرجت عن ما ألفنا من هدوء في تصرفاتها .. فهي كانت في مهمة إنقاذ و أتيت أنا بخطة مضادة أنقذ بها مصالح لا تكترث لها ..
كنت قد هممت بتجهيز حقائبي و قضاء نهاية الأسبوع بعيدا عن صخب حياتي و جنون أطفالي الذين أصبحوا عبأ علي كا عازب حتى قاطعت ديمة خططي بطلبها الذي كنت سأرده لو لم اعلم بان فينوس سوف ترافقها .. "لن أتركها لفينوس التي تستميت لإنهاء هذا الزواج قبل أن يبدأ" .. هكذا حدثت نفسي ..
.................................................. .......
كلما داهمني المخاض ردد الضعف أنها أطول الساعات و أقساها ..
و ذهني المستباح بآلاف المخاوف يرفع رايات العصيان و يأبى امتصاص الوهم و تبديد الوقت حتى تشرق الشمس من جديد و ترجع حياتي لروتين !
لكن هذه الدقائق الممتدة أقسى جدا من أي مخاض مررت به ..
فا وطئت الوقت محمل بمأساة امتدت لسنين و لا تنبأ بولادة أمل جديد !
و ها أنا منذ أن خرجت أنفال مع هند للمستشفى و دخل ساري على عجل ليواسي وضوح أقف خلف ستائر النافذة متلصصة منها لعلي ألمح قبل الكل توافد المغدور بهم ( شملان و ديمة) خائفة و غير واثقة من قدرتي على إحجام انعكاس الحقيقة على أفعالهم التي دوما بدت للكل في منتهى الثورية .. فمن يصدق أن ذاك الشاب الخدوم و الودود مع الكل سيصبح شيطان يتجول على سطح الأرض و أن تلك الطفلة الخجولة التي تهاب من تحرك الظل معها ممكن أن تتحول لجاسوسة و لصة !
و في زحمة أفكاري لمحت شملان يترجل من سيارته و يتجه لمنزله و في تقاسيم وجه بانت علامات الشرود ! ..
ما خطبه ؟ ..
هل أستشعر الحزن في أرجاء الحي أم لاحظ الظلام المحيط بمنزلنا التعيس .. أم حزنه يشبه حزني الذي مصدره الفقد .. كم هو مضحك مبكي أن شملان و أنا تركنا في ذاك القصر قلبينا و هربنا بشكل مخزي .. من المؤكد أن فينوس أصبحت حلم ليس وارد تحققه على ارض الواقع كما أصبح عذبي بنسبة لي ! .. أي كان السبب الأقوى لحزنه و أي كان وجه التشابه بيننا فا وجهتي تغيرت لطريق الذي يجمع منزل التعساء بمنزل الأشباح و ما إن وصلت حتى جبُنت و رددت على نفسي أن علي التراجع قبل أن يشعر بتواجدي لكن تفكيري تشتت بحركته البطيئة و شروده الذي تجلى في تأنيه عندما مدي يده و اخرج المفتاح ليضعه بتردد في القفل و يفتح الباب ببطء كأنه يستكشف المكان .. و في لحظة كأنه أفاق ليلتفت خلفه و يجدني متسمرة و في عيني الذنب ! ..
*
*
*
شملان الذي تفاجأ من تواجد وصايف : بسم الله الرحمن الرحيم .. وصايف شموقفج هني ؟!
*
*
*
لم اعرف من أين علي أن أبدأ .. و كيف لي أن أشرح له كل ما جرى الليلة و كل ما كان من أسرار خبأت لسنوات عنا .. و في غمرة أفكاري زجر بي متسائلا ما خطبي و لخوفي و ارتباكي لم أدقق باختيار كلماتي .. ألقيت الحقيقة مجردة كما هي من دون أي مقدمات .. و كم كان وقعها عليه مخيفا .. و كم ندمت !
*
*
*
كنت آخر من خرج من السيارة .. تعللت بعباءتي من ثم بحذائي و با الأخير وجدت أن لا مفر من إغلاق الباب ! ..
كان كلاهما يقف أمامي و في أعينهم بان التحدي .. فينوس تتحداني أن أواصل ما يعرف كلينا أنه الخطأ و عذبي يتحداني أن أكسب أهم صفقه في حياتي ! ..
لا يهم أي منهما سيفوز با التحدي لان الآخر سينتهي به الأمر غير راضِ ليفسد لحظة الفوز على الآخر .. و أربح أنا في كل الأحوال !
*
*
كان عذبي هو من قاد الخطى و تبعته أنا تاركة ديمة تجتر خطواتها خلفنا لتتعثر فجأة بعباءتي فقد توقفت متعمده حتى أعطيها فرصة لتراجع و العودة لطريق السوي .. لكن قبل أن أنطق أعتلى صوته المزمجر سكون الليل لينتهك كل جوارحي و يأسرها في لحظة صمت ليتوقف كلاهما ينظر لي كأني بهم يتساءلون هل صوته أنفطر من قلبي أم أتى مع الريح العاصفة التي تكاد تقتلع الشجر المائل على سور الحديقة ؟!!
*
*
عذبي غير متأكد مما سمع : سمعتوا شي ؟
ديمة تقطب حاجبيها : كأنه صوت شملان . .الظاهر معصب و يهاوش !..
فينوس تضع كفها على قلبها لتهدأ روعه : عذبي تكفى روح شوف شصاير .. صوته أختفى !
*
*
لم أحتاج لهذا الرجاء المثخن با الخوف حتى أسارع لمصدر الصوت القادم من الحديقة الخلفية الذي وصلته بلمح البصر
ليتراءى لي من خلف بضع شجيرات هيئتها التي أعرفها من بين ملايين البشر .. كانت هناك راكعة بجانبه و شالها الأسود الذي تمرد تحته شعرها يكاد يسقط بأحضانه .. تبكي و تهمس له بكلمات لا تصلني و هو يمد كفه المرتعشة لها !
زوجتي .. بل زوجتي السابقة ... لا .. ابنة عمتي .. بل أم أطفالي .. مع رجل آخر تحت الظلام و خلف الشجيرات ! . .صورة تشوبها كل شائبة .. و تشعل في القلب موجة حرائق ليتحول الدم لنيران و تُشل الأطراف و يصبح السير محال ..
*
*
*
ذهب هو لاستكشاف الوضع و دخلنا نحن لمنزل خالي حيث الباب كان مفتوح كأنه يستقبلنا .. دخلت فينوس قبلي و بدت خطواتها خجولة و تبعتها و أنا خائفة أن تقفز والدتي أمامي و تبدأ المواجهة
لكن أختي الأضحوكة قررت أن تقف في أول الممر لتعيد تاريخها و تتصرف بحماقة !
*
*
فينوس بهمس : هدي أيدي ..
ديمة بهمس مماثل : وين رايحه ؟!! .. ما سمعتي عذبي يقول أدخلوا البيت و أنا وراكم ..
فينوس على عجالة : وهذا حنا دخلنا و ما في صوت لأحد و أخوج طوّل .. أنا بروح أشوف شا اللي صار ..
ديمة : وين طوّل ؟! .. حتى خمس دقايق ما مرت ..
فينوس تتوقف لثانية لتضع يدها على قلبها الذي زادت نبضاته : أنا خايفه .. أحس صاير شي .. ديمة أنا مو سامعة صوت في البيت و لا برى ...
ديمة تسيطر على خوفها المماثل لخوف أختها : زين نطلع ندور عذبي بس يمكن نلقاه يسولف مع شملان و مو صاير شي و آخرتها يصير موقفنا بايخ .. و با الأخص انتِ ..
فينوس بحل طفولي : بنطل من بعيد ..
ديمة تخرج هاتفها : أنا بتصل بأنفال عشان تنزل لنا و هي اللي تروح تشوف شنو اللي صاير ..
فينوس تنطلق لما عزمت الأمر عليه : سوي اللي يريحج .. بس أنا ما اقدر أنتظر ..
*
*
عجيب ! .. كيف تبادلنا الأدوار ؟ .. قبل ساعة كانت هي الأخت الكبرى الأكثر نضوجا و أنا الطفلة التي تختلق الأعذار و الآن أنقلب الحال و أصبحت طرفة في ثوان ! .. و حتى لو أصبحت طرفة و للحماقة أستاذة فا ليس أمامي إلا ألحاق بها فا الجو هنا مريب و أنفال حلي الأخير على هاتفها لا تجيب .. و أنا لا أملك الشجاعة الكافية لأن أقف وحيده أو أتحرك شبرا بمفردي في هذا المنزل الذي يبدوا مهجورا ..
*
*
أتلف نفسي لأصبح مادة لزينة على موائد الشفقة .. هذا أنا أخطأ من جديد في حق نفسي و أعرضها في طريق من أقسمت أني عنه تبت .. لكن رسالته الأخيرة و صوته المزمجر بهلع سلبا إرادتي و لم تعد بي طاقة على تمثيل القسوة , و تأجيلها ليوم آخر لن يحدث أي فرق في حالتي الميئوس منها ! ..
*
*
كنت أريد أن أساعده و انتهيت باغتياله .. ليتهاوى أمامي ينشد الهواء الذي استعصى على دخول لرأته .. انفجرت باكية و لدقائق تهت في دوامة الهلع حتى طلب مني با الإشارة أن أساعده في فتح ياقته التي تكاد تقطع عروق النبض في رقبته .. تنفس .. تنفس ببطء .. شهيق زفير .. هكذا رددت .. لكنه فقد الوعي أمامي خلال ثواني !
*
*
*
وصلنا لنتلصص من بعيد على أخينا الذي لا نرى إلا ظهره .. و لم نعرف على ماذا نتلصص و هو واقف لوحده !.. محنط هكذا بدا
و عندما اقتربنا و شعر بنا ليتلفت و يلجمنا بهالة الغضب التي أحاطت به و جعلت من الخطر الاقتراب منه ! .. لكن تصاعد صوت بكاء أنثى قادم من خلف الشجيرات التي وقف تحتها عذبي سبق أسئلتنا التي أردنا بها توضيحا .. لتنفلت فينوس من بيننا تركض كا مجنونة .. ويكتمل المشهد !
*
*
*
وصلت النجدة هكذا صغت الجملة التي هممت بنطق بها ما إن رأيت فينوس تركض باتجاهنا .. لكن شل لساني ما إن رأيت عذبي يراقب الوضع من بعيد و على وجهه ظهرت علامات ألا مبالاة !
مسحت دموعي بباطن كفي بغضب و هرولت باتجاهه كأني قنبلة موقوتة تهرول لساعة الصفر ..
*
*
وصايف تصرخ بعذبي : ولد عمك يموت قدامك و أنت واقف هني مثل الصنم ؟!! .. تحرك .. سو شي ..
*
*
عادت الدماء لعروقي و الحرارة بكفي التي هبطت بقوة على خد وصايف .. لتسقط تحت قدماي و تنتشلها ديمة التي رددت بذعر " شااللي صار ؟؟ .. شفيكم ؟ " .. لم أجبها بل اتجهت لأفرغ غضبي
في تلك الغبية التي احتضنت رأس طليقها تغسله بدموعها المنسكبة بغزارة متناسية الدين و العرف و كل ما مرت به من ألم مصدره هذا الرأس !
*
*
فينوس التي أنتشلها عذبي تصرخ بأخيها بهستيريا : شملان مات .. مااااات ..
*
*
اخترق صوتها المذبوح قلبي و كفي التي كانت تشد على ذراعها بعنف حاوطتها لتستكين بين ضلوعي و رغما عني قطعت لها وعدا بمساعدته .. فا موته سيعقبه نهايتها هذا ما قرأته سريعا في عينيها !

👇👇👇


تعليقات