رواية وشايات المؤرقين -23
حمل و تخلصنا منه .. كنت أنا و وصايف نفكر في كيفية مساعدة شملان .. فا لصراخ المرعب الذي سمعته لعدة ليالي كان لمأسور يطلب الخلاص كأني به ينادي أنقذوني من عذابي .. كان مؤذي لدرجة هروبي لأحضان أختي .. كنت لعدة ليالي أبنتها التي تخاف من النوم في الظلمة و تعتقد بوجود وحوش تحت السرير وبين الملابس في دولابها الصغير .. و ها هي وضوح كانت تشاركني المعاناة من غير أن أعرف لكنها عانت لمدة أطول و لو لم تعترف بمخاوفها لاعتقدت بجنونها .. لكن أنا في موقف أفضل من موقفها فا هي الآن تحارب الظنون بجنون أخيها الوحيد و تقرر التوجه لمنزل أخيها عازمة على المحاربة من أجله و إنقاذه مما هو فيه ... بينما والدتي هي الأخرى قفزت لهاتف المنزل لتتصل با ساري لتخبره أن شملان يعاني !
*
*
سيموت على يدي ..
أنا سأصبح قاتله ..
لا اكف عن تخديره .. و هو لا يكف عن الصراخ كلما أستعاد وعيه
و ها أنا هنا خائف مرتبك أفقد عزمي و تركيزي بات في قمة التشوش .. اعتقدت أني أنقذه و ها أنا أتمادى في تعذيبه .. يجب أن انقله من هنا فورا .. سيكشف أمره لا محالة .. ركز .. فكر.. تنفس .. هذا كل ما اردده على نفسي كلما ضاقت بي الحيلة ..
الهروب به تحت جنح الليل كان أسهل مما تخيلت و حتى الخلاص من ذاك المتطفل خالد كان أسهل مما خططت له .. و حتى هدم المنزل المنعزل الذي كان علي يعيش به لسنين كان أبسط ما فعلت .. فا المال دوما يجد من يتعاون معه .. لكن .. شراء شخص كا وداد صعب .. من يمكن أن أثق به و أترك أخي في عهدته .. من الذي أعرف أن مخاوفه تهزمه و الخلاص منها مستحيل بتعاظم مشاعر مرهقة لا يوجد لها تفسير !
*
*
*
لم يستجيب لطرقاتي لكن عندما ناديت " شملان طلبتك أفتح الباب و طمني عليك " .. حتى وجدت نفسي بين ذراعيه .. محتضنا لي بشدة كأني أتيت له منقذة !
أخي الذي كنت ألهث وراءه لعدة أيام و يحاول هو أن يبعدني بكل ارتباطاته المنهية التي لا تنتهي الآن أمامي في حالة يرثى لها .. بلغ من الهزال ما جعلني أتحسس عظامه و هو في أحضاني و عندما أبعدته و أردت التأكد أن هذا وجه أخي وجدت الحزن مربكا في عينيه .. و بدأت أتأمله و أقارن و أقارب .. الهالات السوداء و تشقق شفتيه و حتى لحيته التي دوما كانت مهذبة أخبرتني انه المارد !
*
*
*
وضوح : شفيك .. تكلم .. شنو اللي صاير لك .. و لا تقول فينوس .. أنت عايش سنين من غيرها .. أصلا في بعدها صرت اقوى ..
شملان بألم : و أقسى ..
وضوح برجاء : تكلم .. أنا أسمعك ..
شملان يتأمل عينيها : خسرت قضية ..
وضوح بتعاطف : و منو فينا ما عمره خسر ؟!
شملان بإنكسار : محد خسر كثري ..
وضوح على حد البكاء : خسرت شغلك ؟ .. عندنا خير .. أعطيك كل اللي عندي و تبدأ من جديد .. خسرت فينوس ؟ .. لا .. هي اللي أخسرتك .. بس طلبتك .. تكفى يا أخوي لا تخليني أخسرك ..
شملان يحدق في عينيها متسائلا : و إذا أنا غلطت في حقج .. منو الخسران فينا ؟
وضوح بصدق: محد .. أنا و أنت أخوان و هذا ربحنا .. مهما ضرينا بعض ما نخسر بعض .. تذكر شملان .. تذكر شلون كنت أغار عليك من فينوس .. ياااا شكثر تحملتني و هي تحملتني بعد .. كنت خايفه أخسرك و كنت با نفس الوقت أسوي كل اللي ممكن يخسرني أخوي !
*
*
*
دفعت الباب الذي لم يكن من الأساس مغلق .. كان شملان يضع رأسه في أحضان وضوح و يبكي .. نعم يبكي و دموعها تغسل رأسه ! .. لم أعرف ما سبب كل هذا العرض المبالغ فيه من العاطفة الأخوية التي دوما كانت تخصهم ! ..
لكن لم أجد إجابة فقد فضل كلاهما الصمت .. و فضلت أنا التغاضي
عن وضع لم أجربه في يوم ..
*
*
ساري : خلاص عاد شملان لا تعاند ..
شملان : أنتم اللي لا تعاندون ..
وضوح : أنا اللي طابخه الغدا .. ما يغريك ها الشي ..
شملان يحيط بذراعه وضوح ليقبل رأسها : تخلينه لي عشا ؟
وضوح : وتاكل أكل بايت ؟ .. لا يمكن .. أنت بس تعال على العشا و بتشوف قدامك بوفيه ..
ساري مقاطعا لحماس وضوح : شوف الحريم !! .. اللحين مو أنتِ اللي كل ما قلت لج عشيني تقولين نام خفيف أصح لك ..
وضوح : يله عاد بدت الغيره ..
شملان مراقبا لساعة : شكلكم مطولين و أنا أبي أجهز نفسي و أطلع لشغلي ..
وضوح تختفي ابتسامتها و يبدو القلق عليها : شملان شكلك تعبان أستريح اليوم و أنا بروح البيت بجيب لي ملابس و بقعد أخدمك ها الشهر كله وما أنت مفتك مني لين يزود وزنك ..
شملان الذي يحاول ضبط أنفعاله : لااا .. أنا أحب اللمة .. خليج في بيتج و با أنتظم عندكم . .ريوق و غدا و عشا .. بعد شنو تامرين عليه ؟
*
*
*
نعم ..يبدوا شملان جدا متعب .. لكن لم يعجبني أن تغفل وضوح عن حقيقة مسؤوليتها اتجاهي و اتجاه علي .. أليس شملان رجل بالغ عاش لسنين كا عازب .. يمكن له أن يصرف أموره و أن يهتم بنفسه و نحن هنا با القرب منه ..
*
ساري أول ما وصل شن الهجوم بحذر : يا بنت الحلال خنقتي أخوج ..
وضوح متسائلة بعدم فهم : خنقته ؟..
ساري : أي خنقتيه .. اوكلك .. أشربك .. ليش شايفته كبر علي و محتاجج ..
وضوح تنتبه لما يلمح له : في الواقع شملان يحتاجني أكثر من حاجة علي لي .. علي عنده أبوه و جدته و عماته و بكره بيجي و يدور على أمه .. أما أخوي ماله غيري ..
ساري يتجاهل تلميحها : ليش حنا وين رحنا ؟!! .. كلنا هني أهله .. و شملان مو صغير و أكيد ما يحب احد يتدخل في أموره او يعامله كأنه صغير و هو لما يشكي لج ما يحتاج تعاطفج هو بس يبي يفضفض .. فا لا تخلينه يندم ..
وضوح تبتلع عبراتها و بنبرة ترتجي بها التعاطف من ساري : الصراخ اللي اسمعه كل يوم طلع صراخه ..
ساري : عرفت من أمي .. عادي مضغوط من شغله و من سالفة فينوس .. و صرخ .. شنو يعني ؟ .. أنا و أنتِ و كل من في البيت عنده طريقه تختلف عن طريقة الثاني في تفريق الغضب و الحزن و كل التعب .. با العكس اللي يسويه صحي أجل تبينه يكتم لين يجي يوم و ينفجر ..
وضوح تصمت قليلا و كأنها تبحث في كلام ساري عن تعزية : يمكن معاك حق .. يمكن بالغت في ردة فعلي .. بس أنا مو ندمانه أني رحت له و خليته يعرف أني حاسه فيه ..
ساري : و أنا ما ابيج تندمين .. با العكس ابيج تهتمين بشملان بس با الحد المعقول .. انتِ أخته مو أمه ..
*
*
*
أخته ! .. و لست .. أمه ! .. و ما الفرق ساري ؟ .. أم تريدني أن أصنع الفرق حتى أحصر عاطفة الأمومة لأبنك الذي لم أنجبه !
ما زلت أناني .. و لا تعرف كيف تحب ..
*
*
*
منذ أن ذهبت وضوح برفقة ساري و أنا ها هنا أراقب الباب الذي خلفه ضحيتي لأعود و ألمح الساعة .. فا موعد استيقاظه أقترب و أنا ها هنا خائف .. خائف من أن أفتح الباب و أقترب لأنظر لوجه أخي المخدر .. و كم أكره أن أملأ تلك الإبرة و أعاود غرسها في لحمه حتى يتمدد المخدر و يهزم حواسه .. أنني حتى لم أعد أنتظر أفاقته بل أسبق انسحاب المخدر و أخدره من جديد .. فا صراخه أصبح يهدد بكشفي و ها هي وضوح و كل من في ذلك البيت على بعد خطوة من كشف أمري ..
*
*
*
علي يفتح عينيه قبل أن يغرس شملان الأبرة في ذراعه : ابي ماي
شملان تجمدت كفه في الهواء : هذا أنت علي ؟ ..
علي يضحك من أعماق قلبه رغم وهنه : سؤالك غبي ..
شملان يتنفس الصعداء و يرمي الإبرة في سلة المهملات : ثلاث أيام بلياليها ما تقوم لحظة إلا تصارخ جنك مارد عنده مية حنجرة ..
علي يجلس بتأني على فراشه : وداد هني ؟
شملان يتهرب من الإجابة و يمد كاس الماء لأخيه : أستريح في مكانك على ما أسوي لك شي تاكله ..
علي بوهن : شملان .. ما راح آكل .. لا تعب نفسك ..
شملان بغضب : كل هذا عشان ست الحسن ..
علي المتعب : أنت وعدتني تجيبها .. وينها ؟
شملان بنبرة أمر : تاكل و تاخذ دواك و بعدين اجيبها ..
علي بغضب هده التعب : قلت ها الكلام من قبل و ما جبتها ..
شملان يتلطف في الكلام : بس ها المره بجيبها .. وعد ..
*
*
*
انطلقت بحماس اعد له كل ما اعرف أعداده من طعام .. و للحظة وجدت الابتسامة تتسلل لشفتاي .. ابتسمت و أنا أردد كم أشبه وضوح .. و كيف من السهل أن تعبر عن الحب حتى بإعداد أسهل وصفة .. من السهل أن أعتني به و أتحدث إليه عندما يكون أخي الذي أحب !
*
*
علي بعد أن انتهى من تناول حساءه : من كنت أتكلم قبل ما تدخل علي ؟
شملان يتوجه لطاولة حيث أدوية علي مرصوصة : ما كنت أكلم إلا أنت ..
علي يسترخي في فراشه قبل أن يغلق عينيه : أجل لا تحاتي .. ما خسرتني ..
*
*
*
خسرت حريتي له .. هذا كل ما كنت أفكر به لسنوات بل كان ما أعتقد به .. لم أفكر يوما بأنه موطني الذي ولدت بين أحضانه لكن اليوم أعرف أنني سوف أختاره بحرية كاملة لو خيرت و هذا قد يفسر شعور الغربة الذي احتلني ببعدي عنه و من المضحك أنني دوما كنت مشتته بين آلاف العواطف بقربه .. و الآن كل عاطفة تخسر أمام قوة شوقي لرؤيته !
إذا لم يكن ذنب شملان بل ذنبي أنا ! ..
أنا من أحكمت القيود حول معصمي و قررت أن المفتاح بيده
بينما القيد و المفتاح كان بيدي لكني لم أرد الخلاص .. لا .. لم أكن دوما خائفة و مترددة .. بل كنت أحيانا أثور و أقرر التحرر .. لكن ذاك الإحساس با الفراغ في خيالات المستقبل هي من كبلتني .. لم يكن متواجدا في مستقبلي و أنا محررة .. و هذا ما لم أكن أستطيعه .. جربت الابتعاد .. و عدت في أول محاولة ابتزاز .. لم أكن أعي وقتها أنني فعلا لم أكن خائفة بقدر ما أنا محتاجه لوجودي بقربه .. أحتاج رؤيته و سماع صوته و حتى تلقف ضحكاته ليتردد صداها في ذاكرتي ..حتى اصغر أشياءه كنت فخوره با الاعتناء بها .. كنت أحب ثيابه و استمتع بملمسها و حتى ملعقته كنت أستعملها حتى لا تصدأ ! ... كنت عبقرية بخلق المسببات من دون أن أفكر ما هو السبب ؟!! .. و ها أنا نادمة على فوات الأوان و تضييع الفرص ..
*
*
*
كان يتبعها بعينيه من دون خجل و كم من مره نهرته لغيرتي الشديدة
فا لم أرد أن يفكر أخي الصغير بزوجتي المستقبلية .. لكن الأهتمام كان متبادل فقد كانت دوما تخصه با الأبتسامات و التدليل .. فا دوما كانت تصنع له ما يحب و هي من لا تحب العمل ! .. لذا أستسلمت سريعا و ركنت لظل فا أحساسي به أعمق من أحساسي يا أنثى جميلة .. لكن جذبني من خلف الستار الحقيقة التي أقت بها وضوح من غير أهتمام .. رددت أمامي ان وصايف فقط تشقف عليه و لم تحبه قط .. هو فقط صديق الطفولة التي تعرف أنها المفضلة لديه من بين أقرانه و أصبح ذاك المراهق المجنون الذي تتعاطف مع حالته .. ليس أكثر .. هو مجرد عاشق في سلسة ضحاياها ..
و كم هي جاهلة الأنثى بقدرتها على خلق حرب و قتل شعب ..
فقد أشعلت جنونه و أدمت قلبه .. و رأيت بأم عيني هلاك أخي
الذي رغم جنونه لم يؤذها و تركها في أقصى الذاكرة .. لم أسمعه يذكر أسمها مجددا أمامي بل بدا لي في لحظات صحوه مسافر لا يريد أن يذكر أحدا أمامه أحد أحبابه حتى لا يبكي و هو لا يملك حق تذكرت السفر ! ... و عندما أردت أن أستبدل أنثى بأخرى في حياته
وجدته يحور خطتي و يستبدلها بأخته التي فضل أن لا يذكرها مجددا أمامي .. كل محاولاتي لتقريبه من وداد على مر السنين التي مرت ببطء علينا فشلت و عندما وهن عزمي وجدته مفتون بها و أنا أجهل ! ..
وعدته و سأنفذ وعدي و لن اسمح أن يجرح مرة أخرى .. وداد ستكون الليلة زوجته .. هذا ما كان يدور في ذهني و أنا في طريقي لابتزاز وداد بكل ما املك من صكوك رهن قامت بتوقيع عليها عن جهل .. لكن غيرت اتجاهي و سلكت الطريق المؤدي لمخفر الشرطة حيث تم استدعائي على عجل و ما إن وصلت حتى صدمني السبب ... سالم هو من طلب من الضابط الاتصال بي بعدما تم القبض عليه بتهمة ارتكاب جريمة الكترونية يعاقب عليها القانون .. جلست لدقائق حتى استوعب الملف الضخم الذي عرض أمامي فيه من التهم ما سوف يدمر مستقبل هذا الصغير .. و عندما أحضروه أمامي مكبلا با القيود و على وجهه علامات البكاء قفزت صورة علي في نفس الموقف عندما ذهبنا أنا و عمي لننقذه من أحد حماقاته كما كان يردد أبي .. أذكر بكاء علي و أبي يعنفه و يعنفني أنا على طلب العون من عمي .. و كيف لا أطلبه من أكثر شخصا أثق بمقدرته على التعاطف مع يتيم مشاعر !
*
*
*
شملان يمسح بكفيه وجه علي : يا كثر دموعك .. لا تضحكهم عليك و يقولون عنكم بنيه ..
سالم يشهق بين كلمه و أخرى : من الصبح الشرطة يطقوني ..
شملان : يبونك تعترف ..
سالم الشاحب : ما أعرف إلا اللي قلته لهم ..
شملان : يعني كنت تساعدهم من دون مقابل ؟! .. ما يعطونك فلوس .. مخدرات .. شي ثالث ؟
سالم مازال يتنفس بصعوبة : لا .. أنا ما كنت أبي منهم شي بس كنت ابيهم يكفون شرهم عن اختي ..
شملان بدهشة : أختك ؟!! .. ليش هم تعرضوا لوداد ؟!
سالم : هددوني فيها .. و أنا خفت عليها .
شملان بغضب لم يستطع إخفائه : و ليش ما قلت لي ؟ .. أنت تدري أني محامي و اعرف أساليب ها الناس الواطيه و أقدر أحميك منهم .. الدنيا مو فوضى ..
سالم يثبت عينيه المرهقتين من الدموع : أنت مثلهم تهدد وداد فيني و هم يهددوني فيها .. و هي دايما تحميني و صار الدور أحميها ..
شملان يبتلع الحقيقة بمرارة : بس هذا أنت طلبت مساعدتي .. ما أنت خايف ابتزها فيك من جديد ..
سالم بخجل : إذا ساعدتني بعطيك مذكرات علي و ما راح أقول لأحد أنه حي ..
شملان من دون شعور ضحك بدهشة : تبتزني ؟!!
سالم لا يعرف إلى أين يبعد نظراته : أنا أبي أطلع من هني ..
شملان يمسك بوجه سالم ليثبت نظرته : لا تخاف .. .أنا أطلعك ..
بس أبيك تحفظ كل كلمة أقولها لك و تثبت عليها و لا تخليهم يرهبونك ..
.................................................. .......... ........
*
*
*
دعتني لنبدأ من جديد .. و هذا ما فعلت .. أصبح خروجي من هذه الغرفة فقط من أجل محاكمتها و تعرية فضائلها المنسوخة عن فضائلي المشوهة .. لكن عندما كنت أهم بشن غارة جديدة تراجعت فقد كانت وضوح أمامي تلك الصديقة التي تطلب مساعدتي في إعداد قالب الحلوى الذي يعشقه علي ! ..
*
*
*
وصايف : أنتِ متأكده أن هذي هي وصفة الكيكة اللي يحبها شملان
وضوح : أي متاكده ..
وصايف : غريبه .. اتذكر قبل لما كنت اساعدج تسوينها كنتِ تقولين أن علي ما ياكل غيرها من الكيك ..
وضوح تبتسم لذكريات : كنت اجذب .. ما كان لي خلق أسوي كيكتين فا كنت اسوي الكيكة اللي يحبها شملان و أحبها أنا و أما علي كان يكتفي بأنج مسويتها معاي و ياكلها و هو ما يحبها ..
وصايف ترتبك : انتِ فعلا سخيفة .. شلون كنتِ تجذبين علي و على أخوج ..
وضوح تنطلق بضحكة مجروحة من أعماقها : شفيج وصايف عصبتي .. السالفه من زمان ايام المدرسة و أنتِ اللحين معصبة ؟! ... و بعدين علي الله يرحمه كشفني و ما زعل نفسج إلا كل ما تذكر ضحك .
وصايف : أي أكيد أعصب لأني خايفه أني راح اكتشف حقايق ثانيه أثرت على مجرى حياتي من غير ما اعرف .. في شي ثاني و إلا بتخليني عميه ..
وضوح تتجاهل تعليق وصايف : أنتِ للحين ما خليتي طبعج لصرتي معزمة على الهواش تخلقين سبب من أي سالفة ..
وصايف بدهشة : يعني أنا أزعل نفسي بنفسي و هاوية مشاكل ؟!!
وضوح بصراحة جارحة : أي .. هذا طبعج والكل يعرفه .. و أولنا أبو عيالج ..
وصايف ترد الهجوم : و أنتِ بعد ما خليتي طبعج لما تعرفين انج غلطانه بدال ما تعتذرين تهاجمين .. ما ألوم ساري يوم اعرس عليج
وضوح وجدت الطحين أداة لغضبها لتقيه في وجه وصايف : تنفسي الطحين يمكن تموتين و تفكين العالم من شرج ..
وصايف التي وقفت مذهولة من تصرف وضوح أنطلقت لتمسكها من شعرها : إذا بتصرفين مثل الأطفال تحملي اللي يجيج ..
*
*
*
دخلنا معركة سخيفة .. لا هي و لا أنا نعرف كيفية التعارك جسديا فا حدودنا لفظية !.. و كل ما كنا نفعل هو خلق الفوضى و التصرف بحماقة .. و لم نتوقف إلا مع دخول أنفال لاهثة تخبرنا أن خالي و عذبي في مجلسنا و علينا أن نحضر القهوة بسرعة ...
*
*
*
وضوح بإستعجال : أنا راح أسوي القهوة روحي أنتي رتبي نفسج و أكشخي
وصايف : أكشخ ؟!!
وضوح بحماس : أي تكشخين .. يعني يا عبقرية عمي و عذبي مع بعض جايين ليش ..
*
*
*
ارتبكت .. نعم هذا ما خطر في ذهني عندما ذكرت أنفال أن عذبي أتى برفقة خالي .. و عندما حثتني وضوح على أن أتزين تساءلت هل سوف يتم استدعائي .. نعم أن تم استدعائي و هو متواجد سأكون في أبهى حالاتي .. سيسألني خالي إن كنت أريد العودة لأبنه و سأجاوبه .. لكن .. بماذا ؟! .. هل سوف أتسلق كبريائي أم أستسلم لكل ما يعرض علي من تسوية قد تعود بي لوضعنا السابق .. لا ..لم يأتي هنا لنعود لما كنا عليه .. لابد أنه أشتاق لي و عرف بمقدار أهميتي في حياته ..لكن .. هل سامحني ..هل عفا و صفح عن خيانتي الغير مبررة .. نعم لابد أنه سامح و إلا لم يكن هنا ..
يا ألهي كيف لي أن أقابله من دون أن يسقط قناعي و يعرف أني مهزومة أمامه .. علي أن أعود بشروطي فا أنا قطعت كل هذه المسافة و سيكون من الغباء الرجوع لخط البداية ..
*
*
*
أنفال بعد أن استأذنت بدخول : ليش ها الكشخه كلها ؟!!
وصايف أرتبكت : لبسي مبالغ فيه ؟
أنفال : خليني أعرف وين بتروحين و اقولج مبالغ فيه أو لا ؟
وصايف بتردد : مو خالي هني ؟
أنفال : أي هني بس معاه عذبي ..مو معقول تفكرين تنزلين ترى بيطلع شكلج بايخ ..
وصايف : طبعا ماراح أنزل إلا لما ينادوني ..
أنفال : و ليش ينادونج ؟!! ..
وصايف نفذ صبرها : اللحين عذبي شيبي جاي مع خالي ..
أنفال تعض على شفتها : يوووه لا يكون كنتي تحسبين أنه جاي يردج .. لااا .. أنا ما قلت لج عن ديمة ؟!!
وصايف أنشطر عالمها و لم تعرف كيف تصيغ المفردات : شسالفة ؟!!
أنفال : ديموووووه الجاهل كبرت و بتعرس .. صارلها أسبوع مجننتنا تبيني أناديها مدام مسامح .. و هذا خالي و عذبي جايين يعطون عمتي خبر ..
وصايف تبتلع عبراتها : أي الله يهنيها ..
هند تقتحم الغرفة : أبي ماي .. اللحقوا علي بماي ..
أنفال و وصايف هرعوا لهند التي تكاد أن تلد : شفيج خرعتينا ..
هند تشرب الماء على عجل : ديممموه الخبله صارلها أسبوع تتغزل في عريس الغفله آخر شي طلع شايب كبر أخوها و عنده مره .. يعني هي الثانية .. و عمتي يا عمري تحت تبجي ..
أنفال و الدهشة تشتت أفكارها : زوجة ثانيه ؟ .. و المعرس كبر أخوها الشايب .. خير أنجنت هذي ..
وصايف : بس أنتِ وياها .. إذا مسامح رفيج عذبي فا باركوا لها بتعيش معززة و مكرمة .. و يله روحوا عاونوا وضوح مسويه عشى لشملان ..
*
*
*
عذبي هنا من أجل صديقه لتكون أخته زوجة ثانيه له .. هناك سر خلف هذا الموضوع .. عذبي لم يكن يوما مهتم لأمر ديمة و لا أعتقد أن زواجها يهمه في شيء لكن من المؤكد أنه مستفيد من عقد هذه الصفقة .. بدل .. زواج البدل أحد فروع الزواج التقليدي . لما لا .. عذبي الآن عازب و يحق له الزواج مره أخرى .. و من سوف يتزوج ؟ .. با الطبع طفلة تمنعها قصر قامتها عن رؤية عيوبه التي رسمت على جبينه .. و المضحى بها ديمة الأخت التي لم يكترث لتواجدها أبدا .. الصفقة جدا رابحة !
*
*
*
أنفال : أمج مو راضية .. لا تعاندين و فكري ..
ديمة عبر الهاتف : و من متى أهم أمي و إلا درت عني ..
أنفال تنهرها : عيب تقولين ها الكلام .. في أم ما تهتم في بنتها خاصة لصارت وحيدتها ..
ديمة : أفففف ... المشكلة راح نختلف على شي أنا و انتِ نعرفه .. أمي مو موافقه لأنها ما تبيني أعيد تجربتها .. بس نست أني ما تربيت على أيدينها ..
أنفال مشككه : ديمووه لا يكون أم عذبي هي اللي أقنعتج ..
ديمة : لأ .. و بعدين سكري ها الموضوع و أفرحي معاي .. أنا مقتنعه في خطيبي عذبي وراني صورته .. و انا حييييل صرت مقتنعه ..
أنفال بخيبة أمل : شفتي صورته و اقتنعتي .. مالت عليج و على اللي ينصحج يا ناقصة العقل ..
*
*
*
اعتقدت أن نتائج علاقتي به انحسرت على قلبي الممزق لكنها ها هي كا طوفان تغرق أغلى ما املك .. مأساتي تولد من جديد على يديه في صورة أبنتي ديمة .. ديمة التي عاشت كا روح ممزقة بيني وبينه سيتركها على قارعة الطريق لرجل مهم في قلبه لا يوجد شاغر لتتكرر ماساتي .. ما هذه الخيبات المتوالية التي تأبى أن تبطأ من سرعتها .. و أي كومة حزن ستتراكم أمامي عندما تصبح أبنتي ضحية أخرى ..
*
*
*
عذبي : الرجال أنا أعرفه من سنين و لا يمكن اعطيه أختي إلا و أنا عارف أنه كفو ..
أم ديمة : أنا كلامي مو معاك .. أنا كلامي مع اللي عطيته الأمانة ..
أبو عذبي الذي يمنع عينيه من التواصل معها : و أنا حفظت الأمانة أنتِ تعيبين في تربية بنتي شي ؟!! .. و هذي سنة الحياة .. البنت في سن زواج و جاها اللي ما أشوف في دينه و لا أخلاقه عيب ..و رجال حسب و نسب .. و شا للي أطلبه اكثر لبنتي ..
أم ديمة الغاضبة : أنا رافضة ..
أبو عذبي بغضب مماثل : رفضج من غير سبب مرفوض و أنا أبوها و ولي أمرها موافق و حنا ما جينا نشاورج كل مجينا لج مجاملة ..
أم ساري تسارع في التدخل : تعوذوا من الشيطان .. و أذكروا الله .. هذي ما هي طريقة لتفاهم .. يا أبو عذبي ديمة جاهل و اللي خاطبها حيل أكبر منها ..
أبو عذبي : أنا أخذت أمها و هي كبرها ..
أم ديمة مقاطعة : لا تكمل و توجع قلبي .. لا تخليني أتخيل ديمة ترد تعيش اللي عشته .. و مثل ما قلت لك أنا رافضة و بنتي ما تتزوج ها الرجال بذات ..
أبو عذبي يتجاهل تلميحها با مدى معاناتها كا زوجة له ليهب من محله : تحديني ؟!!
عذبي يقف بجانب والده مهدئا : خالتي أم ديمة ما تقدر تحداك .. هي بس تقول رايها و إلا الراي الأول و الأخير لك أنت ولي أمرها ..
أم ديمة قبل أن تغادر : لا تحسب أني ما اقدر أشتكيك ..
أبو عذبي : هذا اللي بقى بعد تشتكيني في المخافر لأني بزوج بنتي
أم ديمة : أنا ما أدل المخافر أنا أدل اللي ما تنام عينه .. بشكيك لله ..
أبو عذبي المقهور : وأنتِ تعرفين ربج ؟! .. أنتِ أكثر وحده ما تخافين الله و سوالفج و علومج أنتِ أخبر فيها .. لا تخليني أبيح سدي ترى ما ينظلم وقتها إلا ديمة ..
*
*
*
لا أعرف لِما أختار أبي أن يتلفظ على أم ديمة بتلك الكلمات الجارحة .. هل يعقل أنها خانته ؟! .. لا أحب أن أفكر بها بهذا الشكل لكن هذا يفسر الكثير .. انفصاله عنها و تربية ديمة في منزلنا بعيدا عنها.. و الآن موافقة والدي السريعة بتزويج ديمة من أول خاطب من دون الالتفات لأي مانع يوافق ما استنتجته !
*
*
ممتنة جدا بتجريدك لي من أخلاقي أمام الكل .. نعم ليظنوا بي ما شاءوا فا كل ذنب أمام ما فعلت يبدوا ضئيلا .. فا صورة علي تعذبني أكثر مما عذبتك .. و أتهامي و تمريغي في الذنب هو ما احتاجه للخلاص من تأنيب ضميري .. لعلي في يوم أطلب السماح منهم و أجد منهم من يقبله ..
لكن متى هذا اليوم ؟ ...
دوما تساءلت .. و قد يكون اليوم قريب بعد انفجارك الذي باغتني به و لم تسمح لي أن أستعد له ..
*
*
*
أم ساري التي كانت تتخبط با الأفكار المظلمة منذ أن غادر أخيها اتجهت لمحادثة أم ديمة المعتصمة في غرفتها : ليش ما رديتي عليه .. كلامه اللي قاله عيب في حقج .. أنا من الصدمة أنشل لساني.
أم ديمة تمسح آخر دمعة علقت بين رموشها و قررت أن تكمل ما بدأه أبو عذبي : أم ** تذكرينها ..
أم ساري با نبرة ملئها الاستغراب : ما غيرها أم السعف و الليف ؟ .. قطع طاري و شذكرها عليج ..
أم ديمة بخجل أختلط بأحساس مذنب تساقط دموعا : رحت لها تسوي لي سحر عشان اجنن فيه أم عذبي و ما أكله إلا علي اللي تجنن .. هذا ذنبي اللي يعايرني أبو عذبي فيه ..
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك