رواية وشايات المؤرقين -22

رواية وشايات المؤرقين - غرام

رواية وشايات المؤرقين -22

هناك أكثر من بضع حاجيات عليك لملمتها .. و منها على وجه الخصوص مشاعري اتجاهك .. فيك من الخصل السيئة الكثير و الكثير منها تطفوا على السطح من دون أي تمهيد .. و أنا دوما على أهبة الاستعداد معك لا أعرف أي طريق سوف تسلك و أي طريق سيسعنا أنا و أنت !
.................................................. .........
لا يمكن أن يتسع لأكثر من عائلة أفرداها اثنان ..
المكان جدا صغير و ضيق و به شيء من الكآبة .. و على الرغم من الفقر الذي ينبض بكل زاوية منه إلا أن صاحبته تفانت في تزيينه .. يبدوا أن لديها حس فني فريد لا يلاءم هيئتها البسيطة !
أيعقل أن هذا من صنع يدها ؟! ..
هل هذه هوايتها ؟ .. تجميع الأشياء التي تنطق بالتناقض لتجبرها على التمازج منتجة عمل فني ممهور بتوقيعها .. لابد أن لها فلسفه خاصة .. فا كيف تصنع كل هذا الجمال من هكذا تعقيد ؟!
*
*
*
ما إن أشرقت الشمس حتى كنا في منزلي الصغير الذي بدا جدا مختلفا هذا الصباح .. كأنه يسخر مني في السر !
أو يودعني لوجهتي الغير معلومة ؟!
لكن على الأكيد أن من هنا سوف أنطلق للحرية ! ..
*
*
*
سالم بتذمر : بعد نريقهم ؟!!
وداد بهمس : قصر حسك مو من كبر البيت .. و عيب يا ولد ..هذولي ضيوفنا ..
سالم : أنا مو ولد .. أنا رجال و ولي أمرج ..
وداد تهاوده في الحديث : زين يا رجال البيت خلصنا قبل ما تجي أم زينب وتوديني لعلي .. روح للخباز قبل ما يصير زحمة و أتأخر بريوق ..
سالم : يا سلااااااام تبيني أخليج بروحج في البيت مع ها الشايب وولده ؟!!
وداد بنبرة تقريع : و الله يا ولي أمري كنت في بيتهم أشتغل و ما شفت منهم إلا كل خير .. و إذا خايف علي خل الباب مشرع ما أظن احد بيدخل و هم في الحوش قاعدين ..
سالم يقطب جبينه برفض : لا يعني لا .. في بيتهم حريم أما هني بيصير راسج و راسهم ..
وداد بغضب : أنا مدري شلون تفكر ؟!! ..
سالم : أفكر مثل خلق الله .. تبين تضيفينهم حطي لهم من اللي عندج
وداد برجاء : سالم فشله خبزنا صارله يومين و يابس .. روح جيب لنا خبز حار .. لا تفشلنا ..
سالم بحزم : لا يعني لا ..
*
*
*
لم أعرف إن كان علي أن أضحك أما أتوجس من سلوكه الجديد لكن من المؤكد أن أخي كبر و يشعر با المسؤولية اتجاهي .. و هذا مدعاة للفرح .. أليس هذا ما أحتاجه .. سند .. رجل أعتمد عليه في مجتمع شرقي يدين أي سلوك غير مفهوم من امرأة وحيدة !
*
*
*
أبو عذبي : وين سرحت يا أصيل ؟
أصيل ينتبه : لا ما سرحت بس أطالع ها التحف الغريبة ..
أبو عذبي يبتسم : الغريب أنك مستغرب ..
أصيل يبتسم با المقابل لوالده : و وين الغرابة ؟!!
أبو عذبي : هذا أول دليل أن علي حي و أن وداد أقرب شخص له ..
أصيل بانزعاج حاول أن يخفيه : أقرب شخص له ؟!! .. ما فهمت .
أبو عذبي : تذكر التحف اللي كان يصنعها علي و يهديها لك .. تراك تارس فيهم المخزن إذا ما تذكر ..
أصيل ينفي ما يعرف : هذي أيام المتوسطة إذا حبسه عمي جمع كل شي يطيح في أيده و لصقه في بعض .. بس لما كبرنا نسى ها الهواية .. أصلا من أيام الجامعة و كل شي يهندسه عبقري .. بسيط في مكوناته و سهل في تصميمه بس يفك فيه عقد !
أبو عذبي يبتسم بحنان : يمكن معاها رد طفل .. اللي يحب يا أصيل يخلق من كل شي معقد شي جميل .. أنا اللحين متأكد أن علي حي و أن كل ها السنين كان سعيد لأن ربي ربطه في إنسانه حبته لذاته ..
أصيل يشدد على النفي : و من قال أنها تحبه .. نسيت كلامها ..
أبو عذبي : ما شفت في كلامها شي .. هي مشكلتها مع شملان .. شايفه أنه محاصر علاقتها مع علي .. علي لا يمكن يعيش معاها طبيعي و شملان حابسه .. أكيد هي ملت و تبي حل ينقذها و ينقذه
يمكن اللحين فكرت أن لازم يكون عندها عيال منه و لازم تحل المسألة لو حتى بمساعدة ناس ما تعرفهم ..
*
*
*
اختنقت بعبره لم أعرف كيف أفسر تصاعدها ..
هل اتضحت لي الرؤيا بعد أن عانيت با البحث عنها في ذاتي
ما هي إلا حلم .. تلك المعشوقة التي ألبستها ألف وجه ..
فأنا من صهرتها و ذوبتها بشراييني حتى أصبحت وقودا لنبض قلبي .. لكن أحاسيس المعطوبة دوما ظللتني .. فا كل أنثى جعلتها هدفا لمشاعري انقلبت ضدي و اتجهت لأقرب شخص لي ..
أم هو ذنبي .. نعم ذنبي .. أنا من كنت أرمي مشاعري كا طعم و أمسك الصنارة من غير مبالاة منتظرا من دون أمل ..
*
*
*
لم يتناولوا شيئا ..
يبدوا أن أبو عذبي جامل و أكل بعض الخبز لكن ذاك المغرور الذي على وجهه بدى التقزز من كل ما يحيطه لم يجامل .. نعم ليس من مستواه كل ما قدم له ! ..
ليس مهم .. فا أم زينب قادمة و هم سيتبعوني و ننتهي هناك حيث علي و يتغير كل شيء كما آمل ..
*
*
انتظرنا طويلا المدعوة أم زينب و لم تأتي .. و طالبنا حينها وداد با الاتصال بها لكنها ردت ببلاهة أنها لا تعرف لها رقما..
غير معقول و ثغرة أخرى في قصتها الغريبة ! ..
*
*
لم يتوانى عن رسم علامات عدم التصديق على جبينه ..
لكن لا يهم فا أبو عذبي ما زال يصدقني بل حثني على الإسراع معهم لحيث البيت الذي أحفظ طريقه كما أحفظ أسمي ..
ترددت في البدء و با الأخص أن سالم تأخر على مدرسته و لا يريد الآن الذهاب و تركي أذهب معهم ..
*
*
سالم أخذ وداد بعيدا عن ضيوفه : رجلي على رجلج .. ما أخليج تروحين معاهم بروحج ..
وداد : زين مو عليك اليوم امتحان ؟
سالم بعناد : ماني رايح لا تحاولين ..
*
*
و قبل أن أنطق برجائي له أن يذهب لمدرسته و أنا لا يخاف علي حتى سمعنا أبو عذبي مناديا له أن هناك من يسأل عنه !
و كم هو عجيب كيف تبدلت قناعاته من محادثه قصيرة مع هذا الصديق !
*
*
*
سالم : شوفي أخذي معاج سكين و اقعدي ورى ..
وداد تكتم ضحكتها : حاضر .. بس وش غير رايك ..
سالم بإرتباك : آآآ .. هذي صديقي فلاح يقول أستاذنا متحلف في اللي يغيب عن الامتحان يقول حتى اللي يجيب عذر طبي ما راح يعيده له ..
*
*
بطبع ليس هذا السبب و لدي الكثير من المواقف التي يمكن لي تذكرها لترتفع عندي نسبة الشك في سلوكياته الجديدة .. و كل مره أقنع نفسي أنه يمر بأول مراحل المراهقة و كل سلوكياته ستكون غريبة و علي أن أكون مرنة معه حتى ينتابني القلق كلما رأيت أحد من أصدقائه فكل منهم يبدوا بهيئة غريبة !
*
*
تحركنا و آثرت الصمت و تركت لأبي مهمة التحدث مع وداد التي كانت تصف الطريق بسهولة حتى وصلنا لأحد الجسور و ما إن رفعت عيني في المرآة متسائلا أي طريق أسلك حتى وجدتها في قمة حيرتها تردد أنها غير متأكدة ! ..
*
*
كنت في قمة تركيزي و أن أصف الطريق الذي أحفظه عن ظهر قلب لكن ما إن وقعت عيني با المرآة التي عكست لي عيني ذاك الشرير حتى اختفت ملامح المدينة و لم اعد أرى الشوارع و جسورها فقدت تماما بصري و أصبح كل ما أمامي فراغ ..
وعاد ضميري يعذبني و وددت لو ابكي حتى أتطهر !
*
*
لا أعرف ما علتها لكنها بكل تأكيد خلقت العلل لنا ...
*
*
أصيل بغضب : الطريق هذا و إلا هذا ؟
وداد بخوف و تردد : أعتقد هذا ..
أصيل : شنو يعني تعتقدين .. أنتِ عارفه الطريق أو لا ؟
ابو عذبي الذي لم يعجبه نبرة أبنه و أن عذره : ما عليه أن ما طلع هذا طريقنا نرد ثاني مره و ناخذ الطريق الثاني ..
وداد بخجل : أن شاء الله أن هذا هو الطريق ..
*
*
*
وصلنا لوجهتنا حيث الحواري الضيقة و الأرصفة التي تأن تحت وطأة القاذورات .. كان كل شيء هنا ينطق باستحالة تواجد بشر.. و وقفنا في طريق مقطوع لا يمكن أن تقطع السيارة أكثر مما قطعت لذا ترجلنا و بدأنا با المشي و أكاد أجزم أن هذه آخر مره سألبس فيها هذا الحذاء فا من المستحيل أن يعيش بعد كل ما علق به من طين ..
ما الذي دهاني أفكر بحذائي و مدى اتساخه بدل أن أعالج مشاعري و أجعلها تتحضر لما هو آتٍ .. كيف سيكون اللقاء .. و كيف ستكون ردة فعل علي .. هل سوف يعرفنا أم كل ذكرى لنا اندثرت في عقله الذي تفشى به المرض ؟!
*
*
*
إذا ها هنا خبأه .. حيث لا يمكن لأي بشر أن يعيش .. نعم هذه مقبرته و بها مات من دون أن يصلى عليه !
كيف أستطاع أن يترك أخيه في هذا المكان التعيس بينما هو نفسه من كان يأبى دخوله لمشفى المجانين ؟!!
ما الذي كنت تفكر به يا شملان و أي خطأ ارتكبت .. و أي خطأ أنا صنعت ؟.. و الآن علي يتخبط من أسر السحر إلى قيود المكان على عقله المتعب .. لابد أنه هنا جن .. لابد أنه هنا فقد الاتصال مع إنسانيته .. لا أريد أن اصدق .. لا أريد .. نعم لابد أن هناك ما تبقى منه و هذه الأنثى منعته من المغادرة .. نعم هو هنا بلا شك ..
*
*
*
وداد تقف بعينين جاحظتين: وين البيت ؟!!
أصيل بغضب يتأفف : أففف .. و اللحين بعد بتقولين أنج مضيعه البيت ؟!
وداد : لا .. لا .. أنا متأكدة أن هذا هو البيت ...
أبو عذبي : يا ابوج و شلون يكون هذا هو البيت و اللي قدامنا هدام ؟
*
*
أقسمت أمامهم أن هنا كنت أعيش لسنوات مع علي.. هنا كان المنزل قائما حتى الأمس .. لكن في عيني أبو عذبي رأيت التشكيك و في ملامح أصيل الشامتة رأيت المناداة بمعاقبتي !
و من يمكن أن يلومهم ؟.. فا الذي أمامهم لا يمكن أن يطلق عليه بيت .. هو مجرد بنيان متهالك أحتضن سقفه أرضيته بينما جدرانه تهاوت تحضن بعضها البعض في محاولة لتآزر !
*
*
*
وداد مدافعة عن نفسها أمامهم : أكيد شملان عرف و أنحاش بعلي ..
أصيل بسخرية ظاهره : و هدم البيت في نفس الوقت ؟!! .. هذا سوبرمان مو شملان ..
وداد المضطربة تحاول التماسك : اللي موت أخوه و جذب على أهله ممكن يسوي كل شي .
أصيل المنفعل : هذا إذا كان اللي تقولينه صحيح .. إذا كان فعلا علي حي و أنتِ زوجته مو مجرد وحده عرفت بقصته و تبي تنتفع من وراها ..
أبو عذبي يقاطع شملان : وداد حنا ما راح نضرج و ما نبي منج شي .. روحي يا أبوج في حال سبيلج ولا عاد تعرضين لأحد فينا ..
*
*
*
تركوني ورائهم غاضبين بينما أنا هنا أقف وحيدة في مكان مهجور
تملكني الحزن و الخوف و كم تمنيت لو كان سالم معي ليشهد معي و ليحميني ..
*
*
ما إن وصلت السيارة حتى استوعبت أننا تركنا تلك الشريرة في هذا المكان المخيف وحيدة و هذا أيضا ما خطر في بال والدي الذي طلب مني أن أذهب لأتأكد أنها بخير و أن أعرض عليها إيصالها لحيث منزلها ..
*
*
*
وداد الجالسة بضعف با القرب من المنزل المتهالك تتأهب : أنا ما جذبت عليكم .. و عندكم أخوي سالم اسألوه ..
أصيل يصرخ بها : بس .. بسج جذب.. إذا الموضوع عندج تربح مادي على حساب قضية تهمنا أو تصفية حساب مع شملان فا أنتِ ما حسبتيها صح .. و أكبر غلطة سويتيها أنج لعبتي معانا ..
وداد المذعورة : أنااا ..
أصيل يقاطعها : مروءتي تمنعني أني أخلي مرة بروحها في مكان مثل هذا و إلا ما رديت آخذج لأن هذا مكانج في الحقيقة .. يله أمشي أوصلج بيتج ..
*
*
*
لم أستطع النطق و تبعته بصمت و كل ما أفكر فيه أن شملان الآن يعد لي مصيبة و الآن أنا وحيدة و علي مواجهته من دون أسلحة و لا حتى تلك المذكرات التي لغبائي لم اقرأها .. المذكرات.. نعم مذكرات علي التي كانت بحوزة سالم .. لا .. لا أعتقد أن سالم أتلفها أعرفه يحب أن يحتفظ بأي شيء و با الأخص تلك التي يجد الكل ينافس على اقتناءها .. لكن و إن كانت مذكراته بحوزتي هل هذا دليل على وجوده .. يمكن أن أكون سارقة و هذه المذكرات مفقودة من مكتبة شملان .. و لا شيء يدينه و كل الأدلة تدينني أنا ! ..
.................................................. .......... .....
*
*
*
عادوا لديار يرتدون الهزيمة .. كل منهم مطأطأ رأسه ويأبى التحدث
أبي الأكثر حزنا و في وجهه بانت علامات التعب و ما إن طلبت منه والدتي أن يذهب معها ليرتاح حتى سلم نفسه طواعية و من دون أي نقاش على غير عادته .. فا هو أبدا لم يستريح يوما و هي بقربه و لم يلجأ لها و لا للحظة في قمة حاجته و ضعفه !
أما أصيل فا حزنه و ضيقه أختلط مع غضبه و ما إن ذهب والدي حتى جلس أمامي و هو يتوعد و يهدد بفناء وداد !
*
*
فينوس : و ليش بتخلق جذبه بها الحجم .. ها الكلام ما يدش العقل ..
أصيل بإنفعال : بس يدش العقل أن علي حي و شملان خاشه عن الكل ؟!!
فينوس بتشتت واضح على ملامحها : مدري .. مدري شلون لازم أفكر .. معقول تجذب .. يا ربي قويه الجذبه .. يعني رايحه معاكم و عارفه أنكم با الأخير بتكتشفونها و مع كل هذا أستمرت با الجذب !
أصيل منفعل ينطلق ملخصا كل ما حصل من وجهة نظره : البنت هذي داهية خططت تشتغل في ها البيت عشان تطلع بتأمين مادي يعيشها طول العمر براحة ..
فينوس : معقول ؟! .. زين شنو علاقتها بشملان .. واضح أنها تعرفه !
أصيل بغضب يقف : محامي و وحده مجرمة .. يعني شنو بتكون علاقتهم ..
فينوس بحيرة : ما فهمت ... قصدك شملان هو اللي دلها علينا ..
أصيل يشد ياقة ثوبه كأنه يختنق : يووووه و انا و شدراني عقلي أحتاس .. يا هي راعية سوابق و ماره على شملان و شافها عندنا بصدفة و كلمها و إلا شملان حاطها هني تسرق أوراق تخص المؤسسة بما أن وصايف أحترق كرتها ..
*
*
*
ليس أنت فقط من تعاني الالتباس .. أنا أيضا عقلي تجزأ و يأبى العمل .. و شملان و وداد بينهم علاقة و أي كانت هذه العلاقة فأنا أحترق ها هنا من دون وجود حل !
*
*
فينوس : أمش خلنا نروح لها مدام أبوي نام .. اليوم ما أطلع منها إلا عارفه الحقيقة ..
أصيل : أقول استريحي تبيني آخذج لمكانهم المشبوه .. أصلا هذي وداد ما أبيج تكلمينها ثاني مره في حياتج .. حنا ما ندري ها الأشكال شلون تفكر و شنو تخطط عليه ..
فينوس : خلاص مثل ما تبي .. خلنا من وداد .. روح لشملان وشوف شسالفته معاها ..
أصيل بعد صمت قصير : اللحين أنا تعبان و أبي أنام .. أحتاج لراحة عشان أفكر بشكل صحيح ..
*
*
*
تركني أصيل و تركت أنا المكان لأتوجه لملاذي لكن أستوقني عذبي متسائلا بغضب : وين أمي ؟
فينوس : في غرفتها .. اليوم هي و أبوي متفاهمين لا و الحلو أصرت عليه يستريح حسيتها تبي تقوله أنا هني و بآزرك ..
عذبي : و أنا ما يصير أستريح ؟.. أبوي لمتى بيعيش بقلبين .. قلب معانا و قلب معاهم ..
فينوس تعقد حاجبيها : شصاير ؟!!
عذبي : أبوي حاط ملف وصايف با الموارد البشرية يبي يعيد تعيينها !!
فينوس بدهشة : لا مو معقول .. شفيه أبوي مسرع ما نسى ؟!!
عذبي : و القهر أمي موقعه على إعادة التعيين ..
فينوس : خلاص مدام أمي موقعه أجل أمي عندها هدف من إعادة تعيين وصايف .. فلا التعب نفسك و تعترض ..
عذبي بتحدي : أن تعينت وصايف مشيت أنا ..
فينوس : عذبي لا تتهور .. شنو بتستفيد لخليت لها المكان .. خلني أنا اليوم أروح لها و أعلمها مكانها .. وقبل ما تباشر العمل تستقيل ..
عذبي : فهميني يا فينوس .. وصايف شنو جنسها .. ليش لما اختارت الفراق ما ألتزمت فيه .. ليش أشوفها تحاول ترد لمحيطي بأي طريقة .. با الأول عن طريق العيال و اللحين عن طريق الشغل
فينوس : وهذي عاد يبيلها سؤال .. هي نفذت قرارك اللي مأجله عشان تطلع هي اللي باعت مو اللي أنباعت ..
عذبي : ما كنت راح أطلقها على أني مليت منها .. أحيان أحبها و أحيان عادي .. بس الأكيد أنها أم عيال وبنت عمتي و كنت أشوف وجودها في حياتي مهم و طبيعي ..
فينوس : بس عاطفيا انفصلت عنها و كنت مقرر تبعد أكثر و هي تحبك هذي كل المشكلة .. لو ما كانت تحبك جان رضت با الوضع اللي كانت فيه .. سيدة عاملة و متزوجة و فوقها مترفة .. بس هي ما كان يهمها كل هذا قدام حقيقة ابتعادك عنها ..
عذبي : بس ما في شي يبرر تحالفها مع الشيطان ..
فينوس : هذا أنت سامحته و تحالفت معاه ضدي ..
عذبي يبتسم : أنا عندي مشكله مع شملان .. ما اقدر أكرهه على كل عيوبه .. يمكن لأني متأكد أنه يحبج .. أكيد اللي يحبج فيه شي ينحب .. و إلا شرايج ..
فينوس : عذبي تكفى لا تعور لي قلبي .. أنا الموضوع عندي انتهى و انت بنفسك كنت معصب من سالفته اللي قال أبوي أنها سبب طلاقه لي ..
عذبي : لما فكرت شوي عذرته ..
فينوس تطلق ضحكه متهكمة : بس ما عرفت تعذر وصايف !
.................................................. .......... .........
*
*
*
هو الزمن من ينحت دواخلنا ..
حتى تصبح أحاديثنا مسطحة ..
فيها تعرى أمانينا و تختتم هزائمنا !
*
*
*
و حتى الملتقى سلامي ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الجزء الحادي و العشرون :

*
*
*
للفضاء .. لأبعد ..
لما وراء الأماني التي تجلت فيها التعاسة نذهب
لنصل حد الذنب من دون أن نعرف من فينا أجرم !
*
*
*
أهرول في العتمة لأتعثر في الفراغ ..
وهذا القلب ينبض بشدة متذرعا با الهلع !
أصل أليه و أردد علي ..علي.. صغيري علي .. لا تفزع أنا هنا با القرب منك ... لكن سكونه و هدوء ملامحه و هو يقط في نوم عميق يربكني بقدر ما يبعث الطمأنينة في قلبي الفزع .. لأعود لفراشي غير مستوعبة ما حصل .. و تمر الليالي لأدرك أن علي الصغير بريء من ذاك الصدى المجلجل لوحش مسلسل !
لا أعرف إن كان يسكن أحلامي أم هو مارد ينذر باحتلالي .. كل ما أعرف أن النوم بات معضلة و أرقي الذي أصبح ممتد لأيام الكل لاحظه ..
*
*
*
أم ساري : وضوح عسى ما شر تونسين شي ؟
وضوح المرهقة : لا يا خالتي ما فيني شي ..
وصايف التي لم تتحدث مع وضوح منذ أيام : شراح يصير لقلتي تعبانه و بينتي السبب .. ترى حنا مو عدوان ..
أم ساري تنهر وصايف : علامج على وضوح أكلتيها ..
وضوح المستنفذة قواها : معاها حق يا خالتي .. أن ما شكيت لكم من راح أشكي له ..
أم ساري باهتمام يطغى على نبرتها : خير يا بنيتي ..
وضوح بصدق تختصر ما وصلت إليه : الظاهر أني بنجن .. أسمع أصوات غريبه محد يسمعها غيري ..
أم ساري تقفز من مكانها و تقترب من وضوح لترقيها بينما فينوس
تحثها على التفسير : شلون يعني تسمعين أصوات غريبة ؟
وضوح : صار لي أسبوع أسمع صراخ يروع .. و أفز من نومي و أنا متأكدة أني ما أحلم .. و ساري عندي نايم و لا سامع شي .. و لما طولت السالفة أصريت عليه يسهر معاي عشان يسمع الصوت اللي أسمعه بس ذاك اليوم بذات غاب .. أنا أنجنيت..
فينوس ارتخت ملامح وجهها بعدما كان القلق يطغى عليها : ساري نومه ثقيل و أكيد ما سمع شي بس الأكيد إن أنفال أسمعت اللي سمعتيه ..
وضوح باهتمام : أنفال بعد تسمع أحد يصرخ با الليل ؟!
أم ساري بذعر حقيقي : بسم الله عليكم .. أنا من رحتن عرس جيرانا و أنا قلبي قارصني .. أنا اعرف أم السعف و الليف نفسها حاره و ما تذكر الله ..
فينوس بامتعاض : لا حول و لا قوة إلا با الله .. يمه شفيج خلطتي الأمور .. الصراخ اللي يسمعونه البنات حقيقي .. أنا سهرت مع أنفال و سمعته و أنا لا رحت العرس و لا شفت أم السعف و الليف
وضوح تبتعد عن أم ساري لتجلس ملاصقة لفينوس التي تفترش الأرض : حقيقي ؟ ..
فينوس تعض على شفتيها في محاولة جاهدة لترتيب مفرداتها : الظاهر شملان معصب و مخنوق من سالفة خطبته اللي ما تمت و يفرق شحناته السلبية با الصراخ ..
وضوح مستنكره : شقاعده تقولين ؟!.. شلون يعني شملان بيقعد يصارخ كأنه مجنون بنص الليل ؟!..
فينوس: هذا التفسير الوحيد .. منو الي بيته لاصق في بيتنا و درايشه تطل على دريشتج و دريشة أنفال بذات ؟
أنفال التي وصلت على آخر الحديث و فهمت عما يدور : قبل أمس لما وقف صراخ طليت من الدريشه و شفته واقف في البلكونة كأنه كان مخنوق و توه يتنفس ..
وضوح التي وضعت كفها على صدرها كأنها تمنع قلبها من الهروب : يا ويلي على اخوي ..
أنفال تنهرها : وضوح لا تويلين الويل لأهل النار .. أذكري الله ..
*
*
*
حمل و تخلصنا منه .. كنت أنا و وصايف نفكر في كيفية مساعدة شملان .. فا لصراخ المرعب الذي سمعته لعدة ليالي كان لمأسور يطلب الخلاص كأني به ينادي أنقذوني من عذابي .. كان مؤذي لدرجة هروبي لأحضان أختي .. كنت لعدة ليالي أبنتها التي تخاف من النوم في الظلمة و تعتقد بوجود وحوش تحت السرير وبين الملابس في دولابها الصغير .. و ها هي وضوح كانت تشاركني المعاناة من غير أن أعرف لكنها عانت لمدة أطول و لو لم تعترف بمخاوفها لاعتقدت بجنونها .. لكن أنا في موقف أفضل من موقفها فا هي الآن تحارب الظنون بجنون أخيها الوحيد و تقرر التوجه لمنزل أخيها عازمة على المحاربة من أجله و إنقاذه مما هو فيه ... بينما والدتي هي الأخرى قفزت لهاتف المنزل لتتصل با ساري لتخبره أن شملان يعاني !

يتبع ....

👇👇👇


تعليقات