بارت من

رواية حكايات من خلف الجدران -1

رواية حكايات من خلف الجدران - غرام

رواية حكايات من خلف الجدران -1 

"حـكـايـات مـن خـلـف الـجـدران" 
تجميعي زهور حسين 
الروايه 30 بارت 
بقلم فتاة بلا الم 

بــــــسم الإلـــــه أبــــدا
\
\
سطور فارغة بصفحــــات بيــضــاء
كلـــمات مــقــيدة بحـــــــروف ذات خناجر
ومشاعــــــر ضائـــعة بين قلب وعقل
وأحاسيس ظالمــة بـــــلا ظالــــم
\
\
فــجـــــر.. نسائــــم حـــارة
ونــــــور..اختفى بالأفق البعيد
والأمل.. ضائع من طول الانتظار
وربما نهاية قريبه لأمال تبعثرت 
\
ليل ...اشد ظلما وقســـوة لهما
سكون رهيب ..وهدوء أعجب..
سواده حالك..وربما غيوم سوداء..والقمر تائه بظلمة الليل..
وقارب محطم من موج هائج ينتظر بدر يسطع\
\
\
وقـــفـه عـــلى صفحــه منــزوعة مــن صفــحـــات المــاضــي.
.
.
لم يكن فجر..ولم يكن ليل .. وإنما كانت طرق متعرجة ..وصبيان مشردين
ونساء متلفعات بسواد كأشبه بالغربان ..وعقول محلقة بسماء ملئت بضباب ..وقلوب مفعمة بحب لم يشفع لها .... ولم يكن بسمائهم طيور تحلق ..ولا عصافير تغرد ..ولا سحب تجتمع ..وإنما هي حارة يطلق عليها حارة الشقاء لكثر ما سطرت جدرانهم بذالك المسمى ولكثرة الشقاء التي تحتويه ..
وكــــــانـــــت كــــمـــــا تــــسمــــــى
\
\
همسة " طالما هناك فجر ينتظر..وبدر زف بين النجوم ..فهناك حياة تجدد"

شمـوخ في زمـن الانـكسـار

" الجـــــــزء الأول "

(1)

بشروق الشمس على تلك الحارة القابعة خلف تلك المباني الشامخة والشوارع الراقية
وبذالك البيت الطيني المعاند لجبروت الـظلــم ..وريـــاح الــــــقسوة وألــــــم
تخفت خلف النخلة الوحيدة في البيت وهي تكتم ضحكتها براحتها اليمنى
وتطاير أطراف شعرها الذي عبث فيها الهواء وصرخت بشقاوة طفولة لم تدنسه تلك الصحون ألفاضيه..ولا الحياة الرفاهية .." شروق تعالي هنا"
ولم تنتبه لظل الذي تبع خطاها وهزها بصوته الغاضب .."أنا كم مره قلت لكم إذا كنت نــــائــــــــــــم ما تلعبن عند راسي .."
رفعت عينها بعينه وبغيض كسى وجهها.."يووووه منك بندر ابعد عني الحين بسمة تكشفني"
زادت حدت صوته وتــــــعوج جبينه.." وكمان مجمعة بنات الحارة تلعبوا شرعة ببتنا.."
حاولت تسرق نظرها لقادم من طوله الفارع وبصوت منزعج.."يا سلام لو لعبنا بالشارع فضحتونا ولو لعبنا في البيت فضحتونا اجل وين نلعب".. وتخفت خلف الشجر .."يلا ابعد لا تشوفك بسمة "
رد بندر بضحكة يغيض فيها طفلته البريئة.."لا تعلبي عشان إذا شافك احمد يقول هونت عروستي بزر لسه تلعب بالشارع.."
أظهرت جسمها من خلف الشجرة و ضربت بالأرض وتناثرت ذرات من الرمل بدنيا قد تفرق ولكن نادر ما تجمع .."والله لا علم عليك أمي يا قليل الأدب.."
وبصرخة القادمة أفزعتهم .." كشفتك يللا دوري "
روعة.." لا غش هذا بندر خرب علي اللعبة .."
بسمة بروح معاكسة لشخصيتها.."مالي شغل يلا دورك"
ضحك بابتسامة ذوبتها حرارة الشمس الساطعة..وتركهن بجدال ربما لن ينتهي أمد الحياة
استوقفه صوتها الصارخ وهو يتخلل آذنيه كأنغام الكناري .."بندر بندوره دب مثل الكوره.."والله ما راح أخليك تنام طول عمرك".. ومدت لسانها بطوله وركضت تجري بتحدي وشموخ ورثته عن بيت نال من الدنيا بما يكفيه وربما تحديها أصاب وسجلته ذاكرة الأيــــام..وخــطتـــه أقـــــلام الــــــكتــــاب..

خرج من ألبــقــالـــه بعدما رمــى الـــفلوس..استوقفه سرحان قـــاده إلى أمـــاني كثــــيرة
تنفس الصعداء..وفتح علبة الببسي فتناثرت بوجهه..احكم الغطاء بشدة.. ثم سترشق منه قطرات وابتسم بحب اخوي لقادم "هلا أبو الشباب وش مصحيك..خبري فيك نائم"
تمتم بغيض بعدما حجب سلاطة الشمس براحته الغليظة.." وكيف بالله تبني أنام و أنا عندي شياطين في البيت.."
ضحك فارس.." الحمد الله توقعتك بتقول أختي روعة"
بندر.."هو في غيرها الجنية و مجمعة بنات الحارة يلعبون عند راسي.."
فارس بابتسامة لا تختلف عن أخته.." حرام عليك والله حتى أخواتك شروق وغروب جنيات وكلهم نفس الطينة صجة ولجة.."
بندر.." والله على الأقل أخواتي يخافون مني ..وتمتم بغيض وهو يسرد ذاكرته أمامه..ويحــــلق بلا أجنحه "حسبي الله عليها خربت علي حلمي..تخيل حلمت إني أسوق ماكسيما و نائم بفله عيال الشاعر ومتزوج بنت ابو ..وووو "
قطع شروده واسترساله بأحلامه إلتي دائما تقود إلى باب مغلق وبحر لا شاطئ له .." قلتها حلمت وفكينا من خربيطك..وفاتت عليك مباره عمرها ماتتعوض"
بندر بحماس أنساه أحلامه.."هاااا لا تقول جبتوا رأسهم.."
فارس ضرب صدره بفخر.." انا فارس ما اجيبها وستة صفر وماتوا بغيظهم .."
بندر بحسره تنفس فيها.." خسارة راح علي نص عمري ياليتني كنت وقتها موجود"
اكمل فارس كلامه بغيض واضح.." بس الخبل ولد عمك خربها علينا قال ايش تسلل.."
بندر.." الله يأخذه أكيد سيف الحقود.."
فارس.." لا أخوه يوسف.."
زفر بندر بضيق وجلس على عتبة بيت مهجور وأرخى رجليه لعنان.. "فكنا من كلامك وقول لي اليوم مريت بيت جنان"
تغيرت ملامحه وعاد لشروده من جديد انزل رأسه وتأمل بيوت الحارة والجدران الملونة بقلوب ممزقه والسهام تخرق فيها من كل جهة..تنهد بيأس بعدما استوقفته كلمة الحب عذاب المنقوشة على الجدار..وهمس بحرمان.. (ايه و يا ليتني ما مريت)

***

جالس بينهم مثل الغريب ..مثل المنبوذ ..عيونه تسرق النظر لكل فرد منهم. يشوف العز واضح عليهم من ملابسهم من جولاتهم وسيارتهم من قصرهم الفخم يتامل زوجة عمه الي ذهب مالي يده. والانتقام يرجع يتولد بداخله ..سك على اسنانه ورجع يلعب بجواله العنيد اقدم جوال .صحا من تاملاته على صوت ولد عمه " هي انت تعال اشحن جوالي البطاريه فارغة "
ناظره من فوق لتحت وطنشه وكمل سرحانه
ماحس الا بصوت اخترق اذنه تبعه الم حاد التفت عليه شاف المفاتيح قريبه منه وعمه الشرر يتطاير منه .رفع عينه بكل كره وغيض لعمه " ليش تضرب "
عم بسام .." لما يطلبك الي اكبر منك ترد عليه والمفروض تكون خادم له وترد بعض جمايله عليك"
يخسا مابقى الا هو " قالها بكبرياء واضح
قام ولد عمه وشده من طرف ثوبه وتفل بوجهه " تخسا انت وجهك " ودفه بكل قوته على الارض
بسام مسح تفلته .."ايه تمردوا علي وانفخوا ريشكم بس خله يجي سعيد والله لاخليه يعلمكم كيف تمدوا يدكم علي "
تكلم عمه وهو يلعب بمسبحته بطرف اصابعه .." ههههه اخوك الحين تلاقيه عند ابوك ولا حافر له قبر جنبه "
قام بسام بطريقه عصبيه "عمر سعيد ماناساني ولا عمره راح ينساني وصدقوني لاخذ حقي منكم واحد واحد وتشوفوا مين بسام "
وطلع خارج البيت استوقفه بنت عمه تلعب بالحبل والبراءه مطبوعه على جبهة كل وحده منهن
بسام بمكر وعينه على الباب .."مرام تعالي معي الدكان اشتري لك حلاوة "
رمت كل شي بيدها وركضت له .." وكمان ابي مارس"
ضحك بين نفسه.." ولو تبي اعطيك المحل كله ..بس هاااا ياويلك تخبري احد عشان اماني واحلام يزعلوا لوا عرفوا "

هزت راسها والفرحة ماليها وجهه.. ومسكت بطرف ثوبه وطلعت معه
استدرجها لخارج البيت وقف بعيد تحت ضل شجرة عمهم الاخر نزع
سلسالها بهدوء وبعدها التفت لها
مرام شوفي الدكان مسكر ارجعي على البيت والعصر تروحي معي
تغيرت ملامحها للعبوس وزفرت بضيق .." خلاص بس لاتضحك علي "
هز راسه بانتصار على عمه ولد عمه .." لا تخافي مستحيل اضحك عليك"
دخل السالسال بين اصابعه ونشوة الانتقام بانت من ضحكته الي دوت بصوت عالي ليهرب من حياته البائسه ويختفي يوم يومين حتى تخلص قيمته السالسال ويرجع خائب لهم.

***

توقف بوسط الشارع بسيارته الفارهه ..وغير الاتجاه وانطلق مسرعا ..وعلى رغم صغر سنه إلا انه امهر بالقيادة من يسبقه بعشرات السنين ابتسم لشقيقه وتومه ونسخته الاصليه الا من خدش في الجبين ..غير ان شعر نادر كان انعم واكثف..من شعر عامر المميز بتجعيده وسواده الفاحم
عامر بحيرة .."وش فيك"
نادر.."ابي امر على حارة الشقاء"
عامر بتقزز .."اخ أقول لا تقرفنا لف على شارع التحلية ..ولا العليا..ما لقيت غير حارة الشقاء"
التف له نادر بالتفاته بسيطة .." تصدق عاد تعجبني هالحاره فيها ترابط غريب ما اذكر ما مريت بيوم إلا أشوف حرمه داخله ولا وحده طالعة..والشباب ملتفين حول بعض ..حتى عيدهم احسه مختلف عن عيدنا.."
عامر بفكره لمعت برأسه .."جل مر خلينا نقهر عيال حمود بسيارتك الجديدة.."
نادر.." عمرك ما تترك طبعك الشين"
استوقفته طفله تجري بوسط الحاره..وصرخت لما أفزعتها صوت البوق وهو يصرخ
وتوقفت امام السياره ..وغطت وجها براحتيها
صرخ عامر.." انتبه لنفسك"
نزل نادر والتفت لصغيره يهدي من روعها .."ايش فيك تركضي"
غروب بأنفاس متقطعة .."مافيني شيء"
مال عليها نادر ومسح على شعرها.." ايش اسمك"
غروب بخجل كسى وجهها حمرة فأصبح شيء عجيبا.." غروب"
ابتسم لها ونزل بمستواها.."يعني مثلا هذا" واشر لها على الغروب
هزت رأسها بتأكيد وعيونها ما فارقت منظر المغيب.." أيــــه"
عبس بوجهه وابتسم معاندا .." بس أنا ما أحب الغروب أحب الشروق.."
ابتسمت ولفت وجهها وكأنها تعطيه درسا عن التفاؤل .." لا الغروب أجمل.." وحركة أناملها الصغيرة وطوقت بها وجهه وأدرته نحو الغروب وببراءة.." ناظر الغروب أحلى منظر من الشروق "
انتابه شعور غريب وجهه بين كفيها وراحة عجيبة فقدها ولازال يبحث عنها ومال فمه بابتسامة جانبية." ايه حلو بس الشروق قلت لك أحلى"
غروب بإصرار.." بالعكس شروق الشمس دائما تؤذينا بحرارتها وقاسية على البشر أما القمر هو ارحم لنا وكمان الغروب لسكون والهدوء..واشرت على القلب ..وكمان لهذا"
ابتسم بإعجاب.." مين علمك هالكلام"
ناظرته بغرور مزج بثقة.." أمــــــــــي "
تقدم عامر بخطوات تملوها التكبر والاشمئزاز.." أشوف بنت حارة الشقاء طابت لك" وغمز بعينه بلوم
وقف نادر بطوله الفارع.." تدري انك ماسخ"
مشى عامر وقف عند باب السيارة.. وتكلم بإشفاق .. "وتدري انك عاطفي زيادة عن اللزوم.."
أشرت له غروب من بعيد بيدها مودعه وابتسم بحب وكرر لها نفس الحركة
ركب السيارة نادر وبادره بالكلام.." أموت بالبنات وخاصة لكانت حلوات"
وغمز بعينه يغيض عامر..
ابتسم عامر واخذ جواله.." وأموت باللحظات الحلوة عشان كذا لازم أصورها ".. ومد الجوال بكــــل مكـــر

***

مع فرار الشمس لمغيب..ورحيلها ليوم مضى ..ومزق من تقويم الأيام..وطوته صفحات التاريخ ولم يسجل به شيء يذكر..اجتمعت العائلة على المباراة بين فريق النصر والاتحاد
تمدد بندر على الأرض بعدما حضن المخدة إلى صدره بقوة وصار يتابع بشغف..وفارس جالس ومتكئ على الجدار ومتقلب بجلسته من شدة الحماس..وعمر ألأصغرهم سنا تفرش الأرض بكامل جسمه..
ام شروق وروعة وغروب تجمعن بزاوية الصالة ..وأصوات ضحكاتهم قطعت عليهم استرسالهم بالمتابعة ,,
"قسم بالله لو ما سكتن لا مسح فيكم الأرض".. صاح فيهم بندر بغيض
ام بندر المنشغلة بسماع نور على الدرب من إذاعة القران الكريم.."بسم الله الرحمن الرحيم اترك أخواتك يلعبن.."
فارس بضيق وعينيه تصارع الكوره.."يا خالتي والله أزعجنا خليهن يذلفن بالحوش ولا بالسطح او اي مكان.."
شروق بتحدي وعناد.." احنا حرات وين مانلعب نلعب وبدا صوتها يعلى .."الفلاح بالحقول يزرع قمح ثم يقول "
بندر.."يوووووه يمه شوفي صرفة لبناتك.."
ام بندر بضيق بعدما أقفلت الراديو.."اقول بسرعة قفلوا المباراة وعلى دروسكم انت ناسين إنكم ثانوية عامة.."
قفز عمر أخير من سكوته ومن دنيته الي صنعها بنفسه.."طيب انا مالي دخل فيهم ابي اتابع المباراة.."
قامت من جلستها وتمسكت بقوة بالجدار بعدما اهلكتها قدميها من الالم والوجع..وقبلها أهلكتها جور الايام وقسوة تلك القلوب الغافلة..وتكلمت بتعب.."انا داخله اسوي العشاء لو اسمع كلمة وحد ما يصير لكم خير"..وبتهديد.." سامعين.."
أنغاظ بندر من كلمات امه..وتمدد فارس بانسجام..وعمر عاد لصمته ودنيته.
" يا فاطمة يا فاطمة ما تأكلي"
قفز بندر بعدما صوتهن أزعج مسامعه ومسك شروق بيد وغروب بيد وشدهن بقوة..وصرخ محذرا.."تأكلن تبـــــــن سامعات اسمع كلمه زيادة هالمره ما راح أرحمكن.."
علق فارس وهو مشدود النظر بالمباراة.."ايه من الفلاح لـــــ ما تأكلي لو قلتن ما تزرعوا أزين لكم.."
روعة بتحدي.." والله لا علم عليك أمي " وبسرعة هربت دخلت المطبخ وبذكائها قدرت تقلب رأس أمهم عليهم
طلعت ام بندر من المطبخ..وأثار العجين لازال محتل بن أصابعها وصرخت بغضب
"بندر فك أخواتك حسبي الله عليك من ولد"
نزع يده من شعر أخواته ورد بضيق.." ما خرب بناتك غير الدلع"
تركته بدون ان ترد عليه واتجهت لتلفاز ونزعت سلك الاريل.." وردت بعدما استعادت نفسها.."وانتم ما خربكم غير هالتلفيزون"..وبحده أمره.." يللا على دروسكم ولا أشوف احد هنا.."
ضحكن الزهرات بانتصار تعلونهن ابتسامة شروق بشماتة..
أما بندر وفارس اخذوا شنطهم ونثروا كتبهم أمامهم..وعقلهم كان يحوم حول المباراة
و عمر بقى جالس بالصالة ويزفر بضيق ويتمتم بكلمات مفهومة بقاموس الشتم
بندر يتظاهر بالقراءة والتركيز وبهمس .." مين تتوقع يفوز النصر ولا الاتحاد"
فارس بعينين مشدود بالكتاب .."والله مافائز علينا غير الروعة ملت راس خالتي وكملن الفلاح ..وتأكلن تبــن يا فاطمة.."
بندر.."وش أسوى هذي أختك مصيبة بذاتها ولو أنها أختي كان كسرت رأسها"
فارس.."وهذا أنت كاسر رأس اخوتك وكل يوم لهن راس جديدا"
"
"
وبعد ساعة قضوها بالسرحان والشرود إلى أماني مبعثرة وأحلام محطمة
نادت ألام بعاطفتها الرحيمة.. وبقلبها الجياش..نادت بنداء الفطرة لأغلى
حب واقدس قلب نادت " يلا العشاء جاهز"
رمموا كتبهم..والتفوا حول السفرة
ام بندر ." هاااا عساكم حفظتوا لكم كم كلمة"
فارس.." افا ياخاله ماهو كم كلمة قولي كم كتاب "
بندر همس بأذنه وتظاهر بالانشغال بالأكل .."من جنبها"
تجمعوا حول السفرة بحلقه مكتملة ..بحلقه تعمها المحبة والإخاء..وتبث عبيرا يملى النفوس راحة واستقرار..وبهدوء المكان انبعث صوته قاطع لجواء السكينة والطمانيه
عمر.." يمه ابوي يحضر عرس سالم"
تغير وجها وشدة من ملامحها..ثم استرخت بصعوبة تاركه خلفها جبل من الهموم والغموم.." أنا وش دراني"
وانشغل الجميع بالأكل غير إن كلمة غروب صاحبة الثمانية سنين أفزعتهم .."يا رب عساه ما يحضر كل ما يجي حارتنا غير يفضحنا.."


في داخل تلك الغرفة المتهالكة..

وعلى ذاك الفراش البالي.. تقلب على الفراش بمحاولة يائسة لهروب من.. الحب من الفقر ..الذل..من أشياء يراها أمامه كل يوم
وبنيران داخله تأكله وتتركه هشيما محطما وبسهام تخترق قلبه وتمزقه وتخره صريعا..تذكر كلماتها..وصوتها ..وحركاتها.." ليان قولي لناصر خليه يدخل مشتاقين له حيل.."
هزت رأسها الطفلة ذات الثمانية سنين وكأنها تنفذا مايقال لها
لفت جنان وبنظرات لازال يجهلها.." عن أذنك فارس أنا ماني فاضيه لك"
تنهد بضيق وتقلب على الفراش لمرة العاشرة متوسل لنوم ان يرحمه وان يسعفه باحلام طالما تمناها واقع يتعايش
حس بكثرة تقلباته وهمس بشك.."فارس نائم"
تنهد وغطى رأسه بالغطاء .."لا ليش"
بندر .." أكيد تفكر بجنان "
سكت فارس ولا رد عليه وربما لم يلقى جوابا يسعفه..الا زفره اتعبته وهي محبوسة بداخله
تنهد بندر بحزن .."حاول تنساها"
سكت فارس برهه ثم تكلم بيأس.. "صعب والله صعب حاولت اكثر من مره بس ما قدرت وكل يوم اقطع مشوار لأخر الحارة واجلس تحت الشمس بس عشان أشوفها وهي راجعه من المدرسة.."
بندر.." بس مستحيل البنت تكون من نصيبك ولا تنسى عيال الشاعر ناصر ونادر وعامر حتى سامر الي بسن عمر راح يوقفوا لك بالمرصاد.."
قفز من نومه وتكلم بغيض ملى صدره ومنعه أن يتنفس.." الله يأخذهم ما في مصيبة إلا وهم فيها"
بندر بواقعيه.." لا تزعل ..حتى لو ما يحبون جنان يأخذوها نكد علينا"
صرخ فارس بضيق ورمي الغطاء جانبا.."اصلا وش يربطهم فيها غير هالفلوس "
بندر .." بس في هالزمن الفلوس هي تربط وهي إلي تبعد والدم ما صار له أهمية "
فارس بتحدي وبشموخ.." مايهمني هذا الكلام انا الحين عمري 17 وإذا خلصت الثانوية بقدم على الجيش وبتوظف وبعدها بتزوج جنان واشوف احد يقدر يمنعني عنها.."
بندر بابتسامة تمردت على ملامح وجهه من حال فارس.."والبنت وش مخطط لها"
فارس يبني أمانيه أمامه ويخط مستقبله وزفر معاندا لكل شيء يواجهه وربما كان شامخ رغم الانكسار.."هي الحين عمرها 13وبعد ثلاث سنين بيكون عمرها 16 واظن كذا عمرها مناسب لي ولها.."
بندر بقسوة ومحطم كل الي بناه فارس.."وانت مخطط وضامن انا البنت بتوافق عليك تراها عرقها وعرق عيال الشاعر واحد"
صرخ بغيض وأشياء كثيرة تحطمت بالقاع وأصدرت إيقاعات حزينة ويائسة غطى رأسه ورمى نفسه على الفراش هاربا من الواقع وهمس متوعدا .." اشوف احد يفكر بجنان صدقني وقتها المــــــــوت ارحــــــــم له..والأيام بينا.."

بالبيت الأخر المقابل لبيت ام بندر كان أفضل حالا بالنسبة لغيره من البيوت المصطفة حوله
طالعت بشكلها على المرايا..وزاد بكاء ..وارتفع نحيبها.. والتفت لامها برجاء حار
"انا كم مره قلت لك ما أبيك تسوي لي ظفريتين"
ام سالم.." اقول احمدي ربك اني لميت كشتك"
بسمه.." بس انا ما حب الظفريتين وكمان بنات عمي يضحكوا علي لا شافون شعري كذا"
ام سالم.." بلا دلع وبسرعة هاتي المكنسة ونظفي الاحواش العصر بيجونا حريم"
بسمه.." لا انت قلتي لي راح اخليك تلعبي مع بنات عمك"
ام سالم.." ياسلام وهن بنات عمك ليش مايلعبن عندك..غير انت كل يوم تروحي لهن"
بسمه ببراءه.."أمهم ما تخليهم تقول عيب البيت كله عيال"
ام سالم.." اذا هي تخاف على بناتها من عيالي حتى أنا أخاف عليك من عيالها..
ولو اشوفك واصله بيتهم لكسر رجولك"
دخل سيف ويوسف وقطعوا كلام أمهم ..ورموا نفسهم على الأرض بتعب وكسل
سيف بوهن بعدما مد رجليه أمامه ينزع الحبال من جزمته الرياضية.." بسمه هاتي لي مويا"
صرخ يوسف وهو ينزع الكاب.." اول طلعي لي ملابسي ابي اتسبح"
سيف.."ياسلام شايفني رسلتها قبلك "
يوسف مسفه سيف وبحدة غاضبه.." ولا كلمه وبسرعة يابسمه طلعي ملابسي"
قفز سيف متحديا.." اشوفك تتحركي"
قام يوسف ونزع يدها بقوة.."قلت لك يللا طلعي ملابسي"
سيف نزع يدها من يده غير مبالي بروح تلك الطفله البرئية وشدها بقوة.. "وقلت لك جيبي لي مويا" واشر على المطبخ بتهديد
وضاعت بسمه بين إخوانها وبين حياتها؟؟؟..فهل ياترى تكون حياتها القادمه اسعد من كذا

***

وقف بسيارته الفارهة..وتجمع أطفال الحارة حولها وكأنه مكوك قادم من الفضاء
نزل من سيارته ودخل البقالة الوحيدة بالحاره بعدما رمى بنظراته المتعاليه شبان الحاره
"اف هذا وش جابه"..قالها بندر الجالس على رصيف الحارة
يوسف.." شوف ابو العز كل يوم جاي هو واخوانه بسياره جديده "
سيف.." ياعمري بس لو يعطيني دوره الف فيها الحاره وارجع"
فارس وطيف جنان محتل ذاكرته..تمنى انه عنده سياره مثلها او يملك قصر مثل قصرهم او روح متعالية كأرواحهم ..تنفس بحسرة وقام من مكانه بدون ما يشعر الآخرين به
خرج ناصر من البقاله وأدار عينيه على الشباب الملتفين حول بعض وخرج منه صوت استخفاف واستحقار ..اخرج سيجارته وأشعلها ثم نثر الدخان بوجههم
وتكلم بأنفه."هي أنت ياولد حمود خذ كيس الارز والسكر من السيارة"
قفز عمر وتبع قفزته قفزة بندر وبغضب لون وجهه وشد من عظلاته .." عسى بس تعطينا رزق على الخدمة"
ناصر.." لأسف بس يمكن اقطع عنكم الرزق"
بندر.." تخسى ياولد الكلب"
تقدم ناصر وشده من مقدمة ثوبه.."انا ولد الكلب ياولد حمود"
دفعه بندر بكل ماوتي من قوة وارتطم على الارض بذل مهان
بندر بعدما استعاد نفسه.." الكلب الي ساكت لك "
وانكب عليه بالضرب والركل والصفع..حاول ناصر ان ينفلت من يديه ولكن قسوة قلب بندر لم ترحمه..تجمع شبان الحاره..بين متفرج ومفزع
واخيرا تسلل من يديه وركب السياره وهو يتنفس بصعوبة وقبل مايدخل راسه .." راح تندم ياولد مريم..وتشوف ناصر ايش يسوي.. وقطرات الدم لاتزال تقطر من فمه وتختلط بكلماته..

على الساعة الثانية والنصف ليللا ..وبسكون اهل الحارة..الا من اصوات الحشرات والقطط وهي تبحث عن من ياوي جوعها وعطشها..ومن يسكن وحشتها وياوي روعتها
صرخت ام بندر بضيق وجلست بزاوية من زوايا البيت.." انا كم مره قلت لكم مالكم دخل بإخوان عزيرة.."
بندر.." يمه انت ماشفتيه كيف شايف نفسه علينا ولا يمن على النعمة الي يرسلها ابوي لنا"
ام بندر.." وارتحت يوم يجي بكره ابوك ويفضحنا بالحاره كلها "
فارس.." طيب بندر ماغلط هو الي شايف نفسه ويتخدم وعمي لازم يعرف الحق من الباطل ماهو كل ماارسلته عزيزة ازبد وارعد على باطل.."
ام بندر بيأس امتلى بقلبها منذ سنين.."ياوليد الي يكلم حمود ينفخ بقربه مخروقه .." ولفت على بندر .." ومن بكره دور لك ناس تنام عندهم وتفتك من شر ابوك لجاءك
بندر بشهقه.." وين تبني اروح"
ام بندر.." روح عند خالتك ام احمد او عند جارنا عبد ربه المهم ابوك لجاء مايشوفك
بندر.."لا انا ماسويت غلط عشان اهرب"
فارس..." ايه ياخاله خليه يواجهه عمي لو مره بالحياة"
سكتت ام بندر ولا ردت عليه وهزت راسها طارده لخواطر المحتله بداخلها..وتركتهم بحيرهم هم بذاتهم استغربوها


يتبع ,,,,

👇👇👇

تعليقات