رواية وشايات المؤرقين -10

رواية وشايات المؤرقين - غرام

رواية وشايات المؤرقين -10

لم استطع أن أجادله لأن جسدي الواهن أرتمى ليحتضن الوسادة كأنها قارب النجاة ... بكيت .. بكيت و كأني لتو شعرت بحروقي
.. لتو ألتهبت .. و تقيحت .. لتلتئم بثوان تحت الضمادات الخشنة .. و أصبح الاقتراب منها مخيف .. فا ذكرى الألم قابع في كل الخلايا
*
*
أردت أن أهرب من بكائها الذي اخترق كل مساماتي حتى تشبعت بحزنها ..
لكن قبل أن أجتاز الباب عُدت .. عُدت لأكون قربها حتى لو أرادت أن أكون ابعد حي عن مدارها الليلة .. و ليس لأنها تحتاجني اقتربت .. و لكن لأني أحتاج أن أواسي نفسي بفقدها !
*
*
كانت هذه المره الأولى التي لم يهرب بها من ألمي .. لأول مره يجلس بجانبي و يستمع لبكائي من دون أن ينطق بمفردات خاوية يحاول بها أن يواسي نفسه أكثر من مواساتي .. جلس صامتا و أنا أبكي .. و عندما أرغمني الصداع على أن ارحم نفسي و أتوقف وجدته يرتمي بجانبي و يمسح الدمع عن خدي ..
نظراته من هذا القرب .. كدت أنساها لتباعد الوقت .. كان يتأملني و أنا با المثل كنت أتأمله ... حتى لامتني عيناي على كثرة صوره المنسوخة لأطبق عليها جفناي المرهقة بتعب ..
*
*
نامت و أنا ما زلت أشاركها الوسادة .. أتأملها عن قرب .. هواية كنت أحترفها منذ سنين عندما كنت أتنفس عن قرب عطرها و تدغدغ الأماني قلبي النابض بعشقها .. كنت أنتظر كل صباح أن تفيق حتى أعرف أن يومي ابتدأ و أصر كل ليلة أن تغمض عينيها قبلي حتى أقبلها على غفلة و استسلم أنا با المقابل لنوم ...
*
*
لم أنم .. كنت فقط مغمضة عيناي في محاولة مني لمعالجتهم من الجفاف !
.. و كنت أثناء ذلك أعد الأرقام .. واحد .. اثنان .. حتى وصلت المائة و فقدت الأمل !
كنت في أعماقي أنتظر و كلي أمل أنه سوف يتذكر طقوسه بعد أن أصبح بهذا القرب ..
و عندما يئست و في طريقي للبكاء أصبحت .. فاجأني بقبلاته الرقيقة تداوي عيناي المتعبة ... و تستريح على خدي الذي أصبح مستنقعا لبحيرة .. لأستسلم لنوم بعمق لأول مره منذ سبع سنوات مضت ...
.................................................. .........
*
*
جعلت من زيارتي له روتين .. و قسمت وقتي بينه و بين علي ..
و ما جعل الأمر متيسرا .. أنه لا يذكرني و ليس في عقله الحاضر أي أحكام مسبقة و قلبه خالي من أي أحقاد رسمها عقله الضال في الماضي .. أما ذاك الذي ما أن يراني حتى يهاجمني بكل شكل .. تيسر لي الأمر بعدم مصادفته . .فا هو مقل با الزيارة إما لأنه لم يعد يبالي بأخيه الذي لم يعد يذكره أم لأنه غير مهتم بخائن !! ..
و اشك .. انه الآن بات على علم بما اخفى أخيه في قلبه لسنوات ..
لابد أنه أطلع على مذكراته .. نعم أنا متأكد من أن أصيل كريم في البوح لأوراقه البيضاء .. أليس علي و أصيل تؤمان با نظر كل من عرفهما .. كِلاهما مفتون با التدوين و كلاهما وقعا في الحب ! ..
أصيل ذاك الفتى المتميز بروحه المنافسة و طموحه الذي ليس له حدود كان دوما من علي يغار .. و كنت أنا فقط أرى ذالك ..
أذكر أول مره لاحظت أن غيرته تجاوزت ما هو معقول و صحي ..
عندما حقق أبو ساري رغبة جدي المحتضر بخطبة علي لوصايف
جاءني أصيل مغتاظا يهذي ...
*
*

............ من ذاكرة شملان ............

*
*
أصيل : أنا ماني فاهم مو هي في خاطرك أنت .. ليش يخطبها أبوي العود لعلي بدالك ..
شملان الذي كان يتمرن : بس أنا مو في خاطرها .. بنت عمتي صاده و ما تشوفني و حسيتها تميل لعلي أكثر .. و بعدين أنت ليش معصب .. اعتقدت أنك أول واحد بتفرح لعلي ..
أصيل بتلعثم : أنا فرحان ..
شملان يقاطعه بضحكه : لا يكون تحسب أن وصايف بتحل محلك .. لا يا أبن الحلال ما في مثل الصديق الصدوق .. يمكن أول العرس بيلهي عنك شوي بس تلقاه بعدين يلاحقك من مكان لمكان و يغثك بعد .. هذا إذا ما قال تزوج و حده من خواتها عشان تكون ولد عم و عديل بنفس الوقت ..
أصيل : هذا أنت قلتها أنا أقرب واحد له .. تعتقد أن علي مؤهل لزواج ..
شملان با غضب تدفق بصوته : قصدك عقله ناقص .. حتى أنت يا أصيل تردد ها الكلام الفاضي .. علي بس مختلف بتفكيره .. عبقري محد يفهمه و يحتاج فسحه بعيده عن الكل .. بس انت تعرف ان اغلب الوقت علي مثل أي واحد فينا .. عاقل و ما فيه إلا العافية ..
أصيل : يا أخي وصايف ما تناسبه .. دوروا له وحده تقدر تستوعبه
شملان بعصبية لم يقدر على التحكم بها : تقدر تستوعبه ؟!! .. يعني قصدك على قده .. لا يكون أنت شايف أن ست الحسن وصايف ما تناسب إلا واحد مثل حضرت جنابك ..
أصيل تجرأ : أسال أي أحد و بيقول لك بيني و بين علي أنا أكثر واحد يناسبها..
شملان أقترب بسرعه ليطبق بقبضته الحديدية على عنق أصيل : تبيها يا أصيل ... ضحي با أختك فينوس اللي بنظر الناس ناقصه .. و هي على قده و تناسبه ...
*
*
دخلنا با عراك دامي لم ينقذنا منه إلا علي الذي وقف بيننا مؤنبا ..
*
*
علي : شفيكم بقيتم تذابحون ..
أصيل اللاهث يمسح الدم الذي ينزف من أنفه : ما فينا شي ..
علي يلتفت لشملان الواقف بغضب ليقول له بنبرة مثقلة بضيق : تدري أنك لما مديت أيدك على أصيل وجعتني أنا ..
شملان ألتفت على أصيل : يعل اللي يوجع قلبك يا أخوي للموت
*
*
لم تكن هذه المره الأخيرة التي تواجهنا بها .. فقد أتى لي أصيل بعد عدة أيام و هو في قمة الضيق ..
*
*
أصيل : أحس اني مو أنا .. و ودي أصير أنت ..
شملان بإستغراب : و شلون فجأة صرت تتمنى تكون أنا ؟!!
أصيل : لما شفتك تركض لعلي و ترتب أموره عشان ما يتأخر العرس و بنفس الوقت أنا متأكد أنها كانت في خاطرك و تبيها .. أنقهرت أني مو قادر أتخلص من أنانيتي و اصير مثلك و افرح لعلي كثر ما أحبه ..
شملان يضع كفه على رأس أصيل الذي أنحنى به للأسفل : لما أنت و شوشت له أني أبيها جاني وقال لي انا آسف ما كنت أعرف و اللحين أنا بفك خطبتي منها و تراني بروح معاك أخطبها لك .. و قتها نزع ربي حبها من قلبي و ما عدت اشوفها إلا وحده غريبه .. روح و قول لعلي أنك تبيها .. و انا متأكد انه بيعافها عشانك .. لأني أعرف أنه يفضلك علي يا أخوه و مستعد يعطيك قلبه لو طلبته .. و على موقفه معاي قيس ..
أصيل أنفجر باكيا : اعرف .. اعرف أن علي أعقل مني و منك و أن قلبه أكبر من قلوب البشر مجتمعه .. و وصايف معاه بتكون اسعد ..
*
*
و مرت سنه بها تغير الكثير .. مات جدي وساءت حالة علي أكثر .. و في يوم مفصلي قبل زفافه بأيام ثارت وصايف رافضة أتمام العقد .. و تركت علي مسلوب العقل و القلب .. و تمادت الشريرة و فاجأت علي و أصيل بزواجها السريع من عذبي الذي باغت الكل و خطفها من تحت أعيننا و نحن في غفلة .. و تلك الليلة حلت المصيبة التي نتجرع مرارتها حتى هذا اليوم ليزيد الشقاق بيني و بين أصيل و كلانا يلقي اللوم على الآخر ...
*
*
أبو عذبي : أنت للحين هني ؟
شملان بحرج : أي قعدت اسولف مع اصيل لين غفى ..
أبو عذبي يتجه للجلوس با القرب من اصيل النائم : و شسولفت له ؟
شملان يبتسم بصدق لعمه : سولفت له عن أيام الطفولة و مواقفنا في بيت جدي ..
أبو عذبي بحزن و هو يتأمل أصيل : و ما ذكر منهم شي ..
شملان : لا ..
أبو عذبي : سولفت له عن علي ؟
شملان بضيق :أي .. بس ما ذكره ..
أبو عذبي بخيبة : أنا قلت ممكن ينسانا كلنا إلا علي ..
شملان : يا عمي مو مهم الماضي اللي راح في خيره و شره .. هو اللحين ممكن يبني ذكريات جديده و يمكن ها الشي أفضل له ..
أبو عذبي يرفع هاتفه الذي تعالى رنينه : هلا و غلا فيج يا ريحة أمي ..
*
*
تعاظمت نبضات قلبي و تدفق الدم لبويصلات شعري حالما عرفت أنه يحادث فينوس عبر الهاتف ..
*
*
أبو عذبي : شملان وين رحت .. انا أكلمك ..
شملان أنتبه اخيرا : هلا ..
أبو عذبي : أقول توكل على الله و روح لأهلك تأخر الوقت ..
شملان يبتسم : أولا يا عمي تو الناس الساعه سبع ثانيا مالي أهل غيركم ..
أبو عذبي با عتب : حنا كنا أهلك قبل ما ترخص فينا يا شملان .
شملان انكسرت نظرته : ما أرخصتكم بس القدر حكم ..
أبو عذبي يتجاهل رده : أهلي بيجون و أنت عارف ان فيهم اللي ما يبي يلقاك هني .. توكل على الله ..
*
*
لا أعرف ما علت شملان الحقيقة .. يقترب و يبتعد با المقدار نفسه .. يصر على تصوير نفسه با المحارب لأم أبنائي التي يراها سارقة لما ورثته العائلة من مال قليل بعد وفاة أبي .. و الحقيقة أبسط من ذلك فا هي أسهم و معاملات تجارية تفضلت هي بها عليهم و عندما أشركتهم معها لم يستطيعوا مجاراتها .. و ربحت هي و خسروا هم لذكائها و جشعهم ..
و في أوقات كا هذه يفاجاني .. ليصبح شملان أبن الأخ و الصديق و المحب لكل أفراد العائلة !! ..
و مثال لغرابته .. كيف أقترب لا إراديا مني و أنا أتحدث لفينوس عبر الهاتف حتى اعتقدت أنه سيتجرأ و يطلب مني التحدث لها !!
أم هي أمنية دفنت في أعماقي .. و أمل با تصالح يقرب بينهما من جديد .. على أني أجهل لما تم الطلاق إلا أنني أتأمل .. فا أنا اعتقد ان الوقت كفيل بتجاوز سببه .. فا الكل يكبر و يتغير .. هذه حال الدنيا ..
فا أنا قبل سبع أعوام كان من المحال أن أرضى زواجهما .. لا لعلة رأيتها به لكن لِما اسر به لي أصيل.. شملان مغرم با وصايف و فينوس ستكون فقط أداة وصل !! ..
أنتابني الرعب الذي وازى غضبي .. و رفضت زواجهما الذي تم بهروبها معه ! .. و استسلمت للأمر و رضيت بما تم !
*
*
تركت عمي لأفكاره و عبرت الممرات و انا أتمنى أن التقي بها صدفة .. ألم تساعدنا الصدفة بزواجنا ..
*
*

... من ذاكرة شملان ...

*
*
شملان الذي تفاجأ بتواجدها : بسم الله .. انت و شجايبج هني ؟
فينوس تغالب دموعها : أنت اللي شجايبك..
شملان : أنا جاي آخذ الخيام من السرداب ..
فينوس : و أنا تهاوشت مع أهلي و خليت البيت ..
شملان يبتسم لها بخباثه : أنتِ صدقتي اني جاي آخذ الخيام .. ترى أنا جاي اخطفج .. يا المختفية ..
فينوس بخوف : شملان لا تقول ها الكلام . .ترى حدي خايفه ..
شملان بتهكم : خايفه و أنتي شايله غشج و مندسه هني في ها البيت المهجور ..
فينوس مدافعه عن نفسها : أنا مو مندسة .. أنا هني في بيت جدي .. وين المشكلة ؟
شملان : بيت جدج ما فيه إلا الاشباح .. بتقعدين مع أشباح ..
فينوس المتوتره : ترى مو ناقصتك أنا أصلا حدي خايفه .. لا تزيدها علي ..
شملان بنية التلاعب : اللحين بفهم كل ها الدراما اللي مسويتها عشاني أنا .. لهدرجة تحبيني ..
فينوس برقة : و تشك ؟
شملان تعاظم غروره : لا يا حلوه ما اشك .. بس أحب أسمعج تأكدينها .. ترضين غروري لرددتيها ..
فينوس المغرمة حد الثماله بمن خدعها بتمثيل الحب : انا مستعده احارب كل ها الدنيا عشانك ..
*
*
كنت أستحثها على النطق بما يعتمر في قلبها و فاض على جميع جوارحها فقط لأشحن ذاتي با ثقة .. و بأن هناك أنثى ترغب بي حد محاربة الكل من اجلي كما فعلت وصايف من أجل عذبي .. و لم أكن مهتم لرفض عمي زواجي منها .. فقد كانت محاولة مني لتقويض سلطة ردينه و إرهابها لعلها تتنازل لنا في بعض معاملاتها التجارية و نجاحها و فشلها ليس آخر حلولي و لا هادما لخططي .. بل أنني في أعماقي تمنيت أن يقف الكل بوجه هذا الزواج و با الأخص أصيل الذي يعرف كيف انظر لفينوس و بمن سكنت قلبي قبل سنين ..
لكن الذي لم يجول أبدا في ذهني أن يصل عمي لينهار أمامنا لاعتقاده باني و أبنته و قعنا با الخطأ ! ... و هكذا قُرِر عني و تزوجت منها مرغما و طلقتها أيضا رُغما عني !..
*
*
*
من صوت أبي استشعرت وجوده و تأخرت متعمده في السيارة حتى أتأكد من تلافي التصادف معه !
*
*
ديمة : أنتش متأكده أنج ما نسيتي بوكج في البيت ..
فينوس : أي متأكده .. يله دوري تحتج ..
ديمة التي تعبت من البحث : و أنا من اليوم شسوي .. خلصينا خلينا ننزل و لردينا السيارة يصير خير ..
فينوس استسلمت : زين .. يله مشينا ..
*
*
كنت أتباطأ بخطواتي وراء ديمة و أنا أجول ببصري خائفة من أن يمر من أمامي و يسوء حظي أكثر بمصادفة عذبي .. عندها لا محالة من حدوث معركة أنا ضحيتها ..
*
*
كنت أرصد بنظري الزوايا و أتلصص على المنتظرين عند المصاعد لكن وصلت لسيارتي من دون أن المحها .. ويا لسوء حظي .. فقد توقف عذبي بسيارته ينتظر خروجي ..
*
*
عذبي بنفاذ صبر : مطول با المصفط ؟
شملان ببرود : سيارتي باردة بحررها ..
عذبي يطل برأسه لداخل السيارة ليرصد مؤشراتها : أعتقد سيارتك مستعدة بس الظاهر أنت اللي تلكك ..
شملان يحاول أن يكبت غضبه : أنت شنو مشكلتك معاي ؟
عذبي يلتف حول السيارة ليركب مستويا على المقعد المجاور لسائق : انا ما عندي مشكله .. انت اللي عندك مشكله و أبيك تحلها ..
شملان : و شنو مشكلتي باعتقادك ؟
عذبي بنبرة باردة : فينوس ..
شملان بلغت مستويات التوتر عنده أعلاها حتى بانت على أختلاج صوته : و بنت عمي شلون تكون مشكله با النسبة لي ؟
عذبي : أبي أعرف ليش طلقتها ..
شملان أرتفع صوته من غير شعور منه : كم مره قلت لك و لعمي و لكم كلكم ما أرتحنا مع بعض .. ليش تعيد بسالفة انتهينا منها ..
عذبي بصوت خافت مخيف : أنت شفت عليها شي .. قول تراها طلعت من وجهك لوجهي ..
شملان الذي صعق بما وصل به عذبي من شك : أنت انجنيت .. تشك بأختك ؟!!
عذبي بغضب طفح : أنا صرت أشك حتى بنفسي .. خلصني و ريحني .. شنو شايف عليها يوم أطلقها و تردها لنا منحورة .. فهمني
*
*
*
.................................................. .......
*
*
تحت فصل " ثأر مؤجل " تُفهرس نهاياتنا المبتورة
لنخوض معاركنا الغير منتهية بقوى خائرة و مفضوحة..
*
*
نهاية الجزء ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجزء العاشر :

*
*
ما وسم على كف الورق .. و ترك في زوايا الأمكنة..
و كل الذكريات المؤرخة ..
تنقذنا عندما يشحب الحاضر و تندثر الذاكرة
*
*
كنت دوما أخاف ان تشيخ الذاكرة لتتغير الفصول من دون أن ألحظها .. كنت أخاف أن أستيقظ يوما و أرى صورا ناقصة لأتحير من الذي ألتقطها ؟!! .. كنت أخاف أن يأتي يوما لا اعرف من الذي يستخدم صوتي و يرى بعيني فا ذاكرتي أصبحت معدمة ! ..
و ها أنا في كامل لياقتي الذهنية أراقب أبني يمشي الهويدا .. خائف .. متردد .. لا يستدل على طريقه .. لأنه من غير ذاكره بات يعيش
*
*
ردينه الأم تضع كفها الحانية على كتف أصيل : هذا جناحك الخاص كنت تقضي معظم وقتك فيه .. مهووس با كمبيوترك بعد ما ودعت
هواية النجارة ..
أصيل يجول بنظره متفحصا الملصقات على الجدران : و مهووس با الكوره ؟
ردينه بتردد : كنت مهووس فيها بس من توظفت في المؤسسه ما عدت تهتم ..
أصيل متسائل : زين .. ليش أجل صور ها الاعبين و جداول المباريات بتواريخ قديمة للحين معلقة على الطوفه ؟
ردينه احتارت في إيجاد التفسير : يمكن كنت مخليهم ذكرى ..
*
*
ذكرى ؟!! ..
أنا لا أذكر أي شيء .. و كل ما عرفته عن نفسي على لسانهم و في أشيائي لم يملأ الفراغ الذي مقره عقلي ؟!!
و مما أرى حولي أنا لما أتجاوز العشرون من عمري و هذا ما يخالف ما دون في شهادة ميلادي من أني بلغت الثامن و العشرون
أيعقل أنني كنت عالق في مرحلة عمرية لم أتجاوزها عقليا بينما كبر جسدي منفصلا عن ذاك القابع في رأسي ! .. و ها هو يعاقبني و يجعلني أماثل الطفل الرضيع بذاكرة ليس بها صور ..
*
*
ردينه : تحب تنام اللحين و ترتاح أو تنزل تغدا معانا ؟
أصيل الجائع : شنو راح نتغدا ؟
ردينه تبتسم : اكلتك المفضلة ..
أصيل يبستم با المقابل : يمه شفيج نسيتي ؟ .. أنا ما أعرف شنو اكلتي المفضلة ..
ردينه ترفع حاجبا : يو ! .. حتى هذي يبيلها ذاكرة ..
أصيل يضحك بصدق : على أني فاقد الذاكرة بس أعتقد أن العقل هو مصدر كل شيء .. و إلا ما شفتيني ضايع ما أعرف حتى شنو الأكل اللي أحبه و شنو أبي با الضبط !
.................................................. ......
*
*
*
أتمنى لو كان هناك معيار واحد للكرامة حتى يكون الثمن واضحا و لا يقبل مزايدة ... فا تركها للمقاربة أتعبني ..
تعبت من كرامتي المجروحة و مشاعري المتضادة ..
أريد أن أستريح .. أن أنسى و أكون بذاكرة جديدة كا أصيل !
لكن هذا من المحال و عني ببعيد ..
لكن هناك ما جد و حسابات أخرى علي أن أوازنها .. فا الأمر لم يعد متعلقا بي ! ..
بل متعلق بهذا الكامن في أحشائي .. و بهم .. هؤلاء الذين حولي و أثقلتهم الديون و المصاريف .. في عيونهم أرى الرجاء ممتد لي أن ارحل بمن في أحشائي و أخفف عنهم الحمل .
*
*
كل ما كانت تحتاجه هو سبب منطقي حتى تعود إليه ! .
سبب يمكن أن تقف به بوجه كل من يعرف أنها تكرر أخطاء وصايف .. و خطأ تلو الآخر من المؤكد أنها سوف ترتكب ..
*
*
هند : لا تقعدين تفلسفين علي ... أنا صارلي حامل اللحين شهرين و كل ها المدة أفكر شنو راح اسوي يعني قراري مو وليد ها اللحظة .. أنفال .. أنا راح اصير أم و تفكيري و مشاعري ما اعتقد ممكن تفهمينها ..
انفال التي كانت تحاول أتحكم بأعصابها : بس انا عندي عقل و ألاحظ و أميز .. لازم يكون قرار رجوعج أبدا مو متعلق با الحمل لأن إذا استمر سي السيد بشكه و عنفه ما راح ياكلها إلا عيالج ..
و با الأخير بتصفينهم وراج و تحشرينا فيهم با ها البيت اللي حتى إيجاره ما نقدر ندفعه ..
هند : هذا هو كل اللي تفكرين فيه .. خايفه أحد يزاحمج برزقج وإلا ياخذ جزء منه .. زين .. إذا طعتج و قعدت أنا و اللي في بطني بنحتاج مصاريف .. تقدرين توفرينها لنا ؟
أنفال : الحمد الله و الشكر ..أنا و أنتِ و اللي في بطنج أن رزقنا على الله .؟..
و كل اللي أحاول أقوله ان ربي عطانا عقل و خلى لنا حق الأختيار
. .أختاري صح عشان اللي جاي ..
هند : و عشان اللي جاي أستخدمت عقلي و قررت و أخترت .. و انتهينا و ما أبي تناقشيني في الموضوع ..
أنفال بقهر : زين يا هند .. و قولي أني ما قلت .. بس بتصيرين نسخه مكرره من وصايف ..
*
*
*
أخافتني أنفال با الفزاعه التي غرستها أمامي .. وصايف !
لكن أنا مصممة .. لا أريد أن أكون نسخة لوصايف و هذا ما سوف أتأكد منه حالما أرجع لخالد .. سأرسم الخطوط و أضع الحدود حتى أضمن كرامتي و استقراري ..
*
*
متعجرفة و مغرورة و أنانية و كل الصفات القبيحة التي طالما ألصقوها بي و أنا أتجاهلها لم تعد تهمني و لم أعد بحاجة لدفاع عن نفسي مرارا و تكرار ..
فا أحلامي لم تعد قابله لتجزئة ... وصك خسارتي أريد أن أتلفه و أكتب عقدا جديد أضمن به أرباحي مقدما !
فا أنا أنثى تبحث عن عرش و تصبو لإرتداء التاج و إن منعت عنها رغباتها و حجبت عنها صفوة الملذات ولت ظهرها و مضت في رحلة بحث أخرى لمملكة هي تحكمها .. كا ملكة و ليست عاله و لا حمل ثقيل بل حاكمة لا يصلح المكان إلا بتواجدها .. هذا ما أريد ..
*
*
العمة بتردد : وصايف الله يهداج وين يجون و أنتِ للحين ما خلصتي عدتج ..
وصايف : أولا باقي لي أسبوعين و أخلص العدة .. ثانيا زيارتهم بتكون لتعارف ..
العمة ما زالت لم تقتنع : زين صديقتج تعرفهم زين ؟
وصايف : أي هم جيران بيت عمها من سنين و تمدحهم حيل ..
العمة : وصايف يا بنتي و ش لج في وجع الراس .. أنا و أنتِ ندري أن ما يصلح لج تكونين زوجة ثانية .. أنت غيورة و ما تحملين أحد ياخذ شي لج و شلون لو كان زوجج ..
وصايف تبتسم بهدوء لعمتها : الزواج الثاني له ظروفه و انا شايفه أنه يصلح لي و من اللي عرفته من صديقتي ان أصلا منفصل عنها بس ما يقدر يطلقها عشانها بنت عمته و أم عياله و مالها غيره ..
العمة : و الله مدري عنج يا وصايف أنتِ كبيرة و فاهمه و أدرى بمصلحتج ..
وصايف : أكيد أنا أدرى بمصلحتي بس أنا أبيج تكونين بصفي قدام أبوي و ساري و حتى أمي احتمال توقف بوجهي .. مالي غيرج يا عمتي ..
العمة تضع عينيها بعيني وصايق و تطيل النظر : يعني يا وصايف وقفتي قدام الكل و أخذتي عذبي بيصعب عليج اللحين و انتي أم عيال تسوين اللي تبينه ..
وصايف بخجل تطرق برأسها : لا .. بس أنا تعلمت من أخطائي .. هذي مو حياتي بروحي و الكل بيتأثر بقراري .. يعني لو أرد بعد مطلقة بياكلونها أهلي . هم اللحين ما يدرون شلون يدبرون نفسهم ...
العمة بنبرة شحنتها بدفاعات : خالج و شملان مو مقصرين و ساري الله يعينه ماكله الدين بس هذا هو يشتغل صبح و ليل ..
وصايف : أي يا عمتي أنا عارفه بس خالي محكوم و يمكن زواجي يعكر الجو و تنقطع المساعدة .. و شملان مرده بيتزوج و بيتحمل مسؤولية و ما راح يقدر يفتح بيتين .. اما ساري هذا هو بلشان بعمره بين دين و بين ولد يحتاح أهتمام و مصاريف زايدة ..

يتبع ,,,, 

👇👇👇


تعليقات