رواية مسلسل ذو العيون الصغيرة -5
فقال جابر مهما صدر مني أتجاه أبني فأنا أحق الناس به
فلما سمع ذو ما يحدث خرج وهو في قمة هيجان الغضب
وبدأ يسب أبوه ويقول من أنت أيها الرجل السكران الوضيع لكي تكون أحق الناس بي
حينها أكتمل غضب جابر فأمسك برأس ذو وأراد أن يضرب به الجدار لكنه أحس أن شيء قد لامس ظهره فلما إلتفت وجد أمه وبيدها مسدس
فقالت اقسم بالله لو ضربته ساجعل هذه الطلقات تخترق ظهرك
فقال جابر صدقتي فأنتي ممن يقول ويفعل
ثم رفع يده عن رأس إبنه وقال لأمه هل لا زلتي تريدين أن أخرج من البيت وبرفقتي هذا الفتى
فقالت أمه أن وعدتني أن لا تمد يدك على ذو فأبقى
فقال جابر إذا نتفق فأنا أعدك ما دام هذا الفتى في البيت لن أضربه
ولكن أقسم بالله لو خرج شبرا واحدا من البيت سأقتله
سأحبسك في هذا البيت لمدة أسبوع
فقالت جدته والصلاة والمدرسة
فقال جابر يصلي في البيت والمدرسة لن تهرب
ثم ذهب جابر لغرفته لينام
أراد ذو أن يخرج من البيت غير مبالي بما قاله أبوه ولكن أم جابر حالت دون ذلك وقالت أن أباك ممن إذا قال فعل
فمرت ثلاثة أيام دون أن يخرج
فبدأ الشيخ محمود يسأل عن ذو فذهب للشيخ معيض وقال له ألم ترى ذو فقال الشيخ معيض لم أره منذ ثلاثة أيام وكان السيف مقبلا نحوهما فلما وصل عندهما بادراه بالسؤال كليهما أرأيت ذو
فقال السيف لم أره مثلكم ولكني سألت عنه فعلمت من أم جابر أن أباه حبسه في البيت
فقال الشيخ معيض حسبنا الله ونعم الوكيل
فقال الشيخ محمود سوف أذهب وأكلم أباه فأمسكه السيف وقال إياك أن تفعل وأتقي شر أباه فأن ذهبت له سيؤذيك
وبينما ذو محبوس في البيت لليوم الثالث وبعد أن صلى العصر مشت جدته بجواره ومسحت على رأسه وقالت سوف أخرج لأبحث لك عن بيض في الحضيرة لأطبخه لك
إبتسم ذو مع أنه من الداخل يحترق لأنه يعلم أن جدته ليس بيدها شيء فلما خرجت وأرادت الذهاب للحضيرة سمعت رجل يلقي لها التحية فلما نظرت له وكانت الشمس في عيناها مما زادت الصعوبة في معرفة من أمامها فقالت من أنت
فقال أنا أسامة
فقالت وما تريد
قال أسامة أريد مقابلة جابر فأبتسمت أم جابر وقالت سبحان الله إلتقى الغراب بأخيه
هو في البيت نائم كالحمار
لم يكترث أسامة من كلام أم جابر فهو يعرف أنها سليطة لسان
فلما طرق أسامة الباب فتح ذو وكان أسامة معه خروف أتى به لجابر تعبيرا عن فرحته بعودته بخير وسلامة
فقال أسامة لذو تعال وخذ هذا الخروف للحضيرة فجدتك في الحضيرة وهي لا تحب رؤيتي
فنظر ذو له وقال أبي منعني من أن أخرج شبرا واحدا
فقال أسامة تعال ولا تخف من أباك فأنا سأطلبه أن يسامحك
لكن ذو دخل البيت وترك الباب مفتوح فدخل أسامة وترك الخروف وبدأ يصرخ يا صعلوك جاء يبحث عنك صعلوك
حيث كان كلا من جابر وأسامة ينعت الأخر بالصعلوك
فلما سمع جابر صوت أسامة نهض من فراشة وأسرع له فلما تقابلا بدأ بالحضان والبكاء وكل يقول أشتقت لك يا رجل
فقال جابر إني كنت أعرف أنه لن يفرح بعودتي للقرية سوى صديق السكر والخمر وقد خشيت أن أخوك عبدالرزاق قد أفسدك وجعلك تكرهني كما فعل أهل القرية بهذا الفتى
فقال أسامة والله إني كنت أعيش في ضيق وحزن بعد رحيلك وكنت أمني النفس بعودتك
ولقد أتيت لك بخروفا كأنه ثور لأني أعرف أني لو عزمتك لن تأتي ولكني تركته خارج البيت فأسمح لذو أن يخرج ويأخذه للحضيرة
فأشار جابر لإبنه أن ينفذ ما طلبه أسامة فلما خرج سأل أسامة جابر لماذا منعت أبنك من الخروج فبدأ جابر يخبره بالقصة
خرج ذو وأمسك الخروف وبدأ يجره للحضيرة فلما أدخله رأته جدته فأنطلقت له بسرعة وأمسكت بيده تجره للبيت كي لا يراه أباه خارج البيت
فقال ذو على مهلك يا جدة فأبنك من أمرني أن أحضر الخروف للحضيرة
فقالت جدته إذا عد للبيت بسرعة
فلما دخل ذو البيت
قال أسامة لجابر بالصداقة التي تجمعنا أطلبك أن تسامح ذو وتسمح له بالخروج من البيت
فنظر جابر لأسامة وقال لو غيرك طلب هذا ما وافقت ولكن أنت لا يمكن أن أرد لك طلب
ثم قال جابر لذو أخرج من البيت فقد سامحتك
حينها من شدة الفرح بدأ ذو يركض ليخرج من البيت فناداه جابر وقال إلا تشكر عمك أسامة الذي توسط لك
فوقف ذو وقال شكرا أبا زيد
فقال أسامة لا تشكرني وإنما أشكر قلب أباك الطيب
ثم أنطلق ذو إلى الإسطبل لكي يمتع ناظرية بالخيل وخاصة المشهر الذي يحلم أن يركبه يوما ما
فرآه السيف فجاء من خلفه وأغمض عيناه
فقال ذو أن يداك الخشنتان تخبرني أنك عمي السيف
فضحك السيف وقال لماذا لم تأتي إلى الإسطبل منذ ايام
فلم يتكلم ذو فعرف السيف ما في خاطره
فقال هل لأني طردتك لما وقعت المشكلة التي بينك وبين نمر
فأنا لم أطردك من أجل أن أرضي عبدالرزاق ولكني طردتك خوفا عليك منهم
ثم قال أسامة لجابر أين كنت هذه المدة فقال جابر
الحديث هنا لا ينفع دعنا نذهب خارج البيت قبل أن تأتي أمي وتسمعني وتسمعك ما تكره
فقال أسامة قد أسمعتني شيء من ذلك
ذو العيون 19
قال أسامة قالت لقي الغراب أخيه
فبدأ يضحكان بما وصفتهم أم جابر ثم ذهبا للغرفة التي طالما سكرا فيها
وبدأ جابر يقص ما حدث له في السنين التي مضت
فقال كنت بالغرفة في منتصف الليل وقد أتفقت أنا وصديق لي من اليمن أسمه نادر على أن نجازف مجازفة العمر فإما نصبح أصحاب مال كثير أو ندفن تحت التراب
حيث كان معي ثلاثون ألفا فوضعتها في حقيبة بحيث أضع ثلاث أورق نقدية من فئة الخمسمائة ريال فوق وتحت وبينها أوراق بيضاء ليعتقد من يراى الحقيبة أن فيها مليون ريال
لأني أنا ونادر أتفقنا مع تجار مخدرات أن يوفروا لنا بضاعة بمليون ريال
وقد أتفقت أنا ونادر أن نحاول أن نعطيهم النقود ثم نأخذ البضاعة بأسرع وقت لأنهم سيثقون في نادر فهو يتعامل معهم من أكثر من خمس سنين
فلما بقي على طلوع الفجر ساعات خرجت من الغرفة
بعد أن كنت في أغلب ليلي سكران لا أدري ما يدور حولي لأني كنت قلق جدا من هذه العملية أن تفشل فتزهق روحنا معها
وبعد أن وعيت وذهب أثر المسكر فألتفت فرأيت طفل رضيع قد أدخله ذلك الوغد سالم ثم هرب حيث لم أكن حينها قادر على الحراك
وبعد خروجي بدأت أصعد الجبال حتى وصلت للحدود اليمنية فدخلتها وأتجهت للمكان الذي أتفقت أن أقابل نادر فيه
ثم
قابلته فسألني نادر عن المال ففتحت له الحقيبة فلما رأى المال قال أشعر أنهم سيعرفوا أنها محشوة بأوراق بيضاء فبدأت أطمئنه وأقول له هم سيرون الحقيبة في الظلام وبضوء كشاف فلن يكشفوا شيء
ثم قلت له هل تعرف كم عدد من سيقابلنا فقال أثنان
فشعرت بالراحة بحيث لو كشفانا سنستطيع أن نتخلص منهما
وبالفعل وفي منتصف الليل وفي شعب موحش تقابلنا فكانا كما قال نادر أثنان
فلما أعطيتهم المال طلبت منهم البضاعة ولكنهما قالا نريد أن نتأكد من المبلغ فقال نادر إلا تثقا بي
فقالا أن هذه المهنة لا يزاولها سوى مجرمون لا أمان لهم فأن أمنت لهم فثق أنهم سيخونونك
فلما قلبا المال نظرا أحدهما إليهما وقال كنت أشعر أنكما تحاولا خداعنا
ثم أراد أن يخرج من جيبه مسدسا حينها أيقنت أن لا حل إلا بقتلهما فأنقضيت عليه ونادر أنقض على الرجل الثاني فما لبث معي سوى بضع ثواني وهو ميت بين يدي فلقد خنقته بكل قوتي
فنظرت لنادر فرأيته لا زال يتصارع مع الرجل فأنقضيت على الرجل وكسرت رقبته فمات على الفور
ثم حملت الحقيبتان اللتان فيهما المال والبضاعة ثم قلت لنادر هيا لنسرع قبل أن يأتي أحد ولم أنهي كلامي حتى سمعت طلقات رصاص أصابت إحداهما نادر في أسفل ظهره فما أستطاع أن يمشي فحملته على ظهري وبدأت أركض واسمع أصوات الرصاص تمر من جواري وأسمع أصوات الذين يتبعونا وهم يقولون أتركوا الحقيبتان
فقال نادر ليس لديك حل سوى خياران إما أن تترك الحقيبتان فيتوقفا عن ملاحقتنا أو تتركني هنا وتنجو بنفسك وبالحقائب وثق أيما أخترت فلن أغضب لإختيارك
فشعرت من كلامه شيء من التوسل والرجاء الخفي بأن لا أتركه
وما لا أصدقه حتى الآن أني تركت الحقيبتان من أجل أن أنقذ نادر
فبعد أن تركت الحقيبتان لم أعد أسمع صوت رصاص فأختبأت أنا ونادر في جرف صغير لنرتاح قليلا ولكي نضمد جروحه ونوقف نزيف الدم
وبعد أن عزمنا أن نرحل قلت لنادر أين سنذهب فقال نادر إلى قريتي فأبي شيخ تلك القرية ولكن لا أريده أن يعلم أني أصبت وأنا أحاول تهريب المخدرات فأن عرف ذلك فسيموت حزنا وكمدا
وإنما سأقول له أنني أصبت بعد أن أستقبلتك وأردت أن أضيفك في قريتنا وبينما كنا نمشي بجوار قبيلة الشيخ أحمد أطلق أحد علينا الرصاص
فأبي سيصدق ذلك لأن قبيلة الشيخ أحمد لهم ثأر عند قبيلتنا
وبالفعل لما وصلا للقرية وضعوا نادر على سرير في مجلس أبيه الشيخ أبو نادر وقلت لهم الكلام الذي قاله لي نادر
لأن نادر أصبحت حاله متدهورة جدا
وبقي على الفراش مريضا فأقسم بعض رجال الشيخ أبو نادر أن لو يموت نادر أن يقتلوا من قبيلة الشيخ أحمد عشرة رجال
فسمع الشيخ أحمد ما قاله هؤلاء الرجال فقال من معه سنرسل لهم وفدا يقسموا لهم نيابة عنا أنا بريئين من دم ولد الشيخ أبو نادر
فأبتسم الشيخ أحمد وقال هم يعرفون أننا ما قتلنا إبنهم ولكنهم أستضعفونا ويريدون منا أن نصلح معهم ووننسى الثأر الذي لنا عندهم وهذا أمر لن يحدث ما دمت حي
مكث نادر سبعة أشهر وهو يصارع جرحه لكنه بعد ذلك مات متأثرا بجراحه
وكان أغلب كبار رجال القرية بما فيهم الشيخ أبو نادر موجودا حين وفاة نادر فأقسم جابر حينها أن أثأر له والكل يقولون نحن معك ما عدا الشيخ وفتى في التاسعة من عمره
فتكلم هذا الطفل وقال ليس الثأر حلا فنظر له جابر نظرة جعلته يرتجف من الخوف
لكن الشيخ أبو نادر نظرا لجابر وقال أترك هذا الفتى يتكلم
وقال تكلم يا مجاهد ولا تخشى أحدا
فقال نبعث لهم وفدا ونطلب منهم أربعين رجلا يحلفون بالله أنهم لم يقتلوا نادر ولا يعرفون قاتله
فقال الشيخ أبو نادر نعم الحل هذا بشرط أن هم من يرسلوا لنا وفدا يعزونا في ولدنا ويقسموا لنا أنهم ما قتلوه ولا يعرفوا قاتله
عرف الشيخ أحمد بموت ولد الشيخ أبو نادر فأستشار قبيلته هل يرسل من يعزي لهم نيابة عنهم
لكن أغلب رجال القبيلة رفضوا ذلك وقالوا ليس منطقا أن نرسل رجالنا ليلقوا حتفهم
أنتظر الشيخ أبو نادر ثلاثة أشهر وكنت بضيافته وأستعجبت أن هذا الشيخ ليس لديه إلا هذا الولد وبنت أسمها نوره
وسمعت أنه رفض الزواج بعد وفاة أم نادر لأنه قال سأظلم أي إمرأة أتزوجها لأني سأقارنها بأم نادر في جمالها وخلقها
فسخرت منه داخل نفسي وقلت أي رجل يجعل حب إمرأة يسيطر علي قلبه لا يستحق أن يكون رجلا
ولكني تراجعت بعض الشيء عن كلامي بعد أن رأيت نورة فكأن وجهها الشمس
فما تمالكت نفسي فذهبت للشيخ أبو نادر وخطبتها
فنظر لي بإستغراب فهم مقبلون على أخذ ثأر إبنهم وأنا من حرض القوم على ذلك ثم أطلب الزواج من إبنته
لكن الشيخ أبو نادر إختصر الكلام بقوله إنها مخطوبة لإبن خالتها فارس
فكتمت في نفسي أمرا كان لزاما أن أفعله
ثم بدأنا نترصد لقبيلة الشيخ أحمد وكنت قد أضمرت في نفسي أن أرمي عصفوران بحجر واحدة حيث كنت أنوي أن أقتل أكبر عدد يمكنني قتله من قبيلة الشيخ أحمد وأيضا أقتل فارس وأدعي أن أحد رجال الشيخ أحمد قد قتله
وبالفعل حدث ما خططت له
قتلت ستة من قبيلة الشيخ أحمد وأيضا قتلت فارس ثم حملت جثته ومعي ستة من رؤوس رجال الشيخ أحمد
ثم دخلت بهم القرية وأنا أنعي لهم فارس
شعر الشيخ أبو نادر بالندم فلقد قال له الفتى مجاهد أن الثأر ليس حلا بل نار تأكل الأخضر واليابس
ثم أرسل للشيخ أحمد يطلب منه الصلح وبالفعل أصلحوا
وبقيت في ضيافة الشيخ أبو نادر وبدأ صيتي ينتشر بينهم فأنا أقوى وأشجع رجل عرفوه
وأيضا أبهرتهم بحسن رمايتي فكنت أصيب إبرة الخياطة من بعد مئة متر
وبعد مضي أكثر من ثمان سنين تقدمت مرة أخرى لخطبة نورة فقال الشيخ أبو نادر يسعدني أن أزوجك أبنتي ولكن سأرى رأيها
فلما سألها قالت لن أتزوج رجلا بعد خطيبي فارس الذي حتى الآن لا أعرف من قتله
فرجع الشيخ ابو نادر إلي وأخبرني بما قالته
كنت أشعر أنها تشك أني من قتله لكنها لا تملك دليل على ذلك
كانت نورة ذات شخصية قوية وكانت إمرأة قوية وذات كرامة لا يمكن أن تتزحزح
فبدأت أترقب فرصة سانحة لأفعل بها ما فعلت بالمها ولكن الشيخ أبو نادر لا يغادر البيت إلا وأنا معه ولا أعود البيت إلا وهو معي
كنت أحياننا أستأذن الشيخ أبو نادر بالخروج للصيد فأغيب ثلاثة أيام أو أكثر أنا وصديق معي من أهل القرية أسمه منير كنا نذهب في مكان منعزل فنشرب الخمر ونسكر كان نعم الصديق
وأستمريت أترقب الفرصة حتى لم أجد وقت أنسب من صلاة الفجر
حيث كان الشيخ أبو نادر يصحوا مبكرا فيوقظني من النوم ثم يسبقني للمسجد
فلما أيقظني من النوم وذهب للمسجد بدأت أتسلل حتى وصلت غرفة نورة فتقابلنا عند باب غرفتها حيث كانت قد توضأت وتريد أن تصلي فأرادت أن تصرخ لكني أطبقت على فمها ثم أدخلتها غرفتها وفعلت بها ما أردت ففقدت وعيها
فذهبت للمسجد حتى لا يفقدني الشيخ أبو نادر
شعرت بخوف شديد وأن هذا الأمر لن يمر كما خططت له فبعد أن صليت أتجهت لبيت صديقي منير وقلت له أنا سأذهب للمكان الذي نقضي فيه وقت سكرنا
فأن سمعت أن الناس هنا بدأوا يبحثوا عني فتعال عندي وأخبرني
رجع الشيخ نادر لبيته وكان معه بضعة رجال من قبيلته إعتادوا أن يجلسوا بعد صلاة الفجر في مجلس الشيخ ويشربوا قهوتهم ويناقشون أمور قبيلتهم
فإذا شرقت الشمس إتجه كل رجل لأعماله
ولكن هذه المرة مرت ساعة وهم يتناقشون أمر وجود جابر في بيت الشيخ أبو نادر كل هذه المدة وأن هذا الأمر لابد له من حل فالشيخ أبو نادر يستحي أن يقول لضيفه قد أطلت المكوث فأتفقوا أن يبنوا له بيت في القرية ومبدئيا سيسكنوه في بيت تركه صاحبه منذ شهر وسكن في بيته الجديد فسيستأجرون البيت لجابر
ولكن كما قيل ما ينفع الصوت بعد فوات الفوت
حيث سمعوا صراخ نورة وهي تبكي وتقول وا عاراه
فنهض أبوها وخالها فلما رأوا نورة بذلك الحال سألوها من فعل بك ذلك
فقالت الضيف الخسيس جابر
فأنتشر الخبر في القرية وبدأ رجال القرية يبحثون عن جابر ليقتلوه
بالطبع لما سمع منير بذلك أطلق ساقيه إلي وأخبرني بما حدث وقال أهرب قبل أن يجدوك
فما وجدت مكان غير أن أعود لقريتي
نظر أسامة إلى جابر وهو يقول كما عهدتك لا أمان لك ستبقى طيلة حياتك مجرما
فقال جابر دعنا من ذلك فأنا أريد أن أعرف ما فعلوا أهل هذه القرية حتى أفسدوا إبني علي
ذو العيون 20
فقال أسامة سأخبرك كيف تعيد إبنك لك
إذا أتبعت أمرين لك
ففي غيابك كان ذو يحظى بكل عناية من قبل الشيخ معيض والسيف
حيث كان الشيخ معيض لا تكن عنده مناسبة أو اجتماع في بيته إلا ذهب بنفسه لذو وطلب منه الحضور
أما السيف فأنت تعلم أنه هو من علم إبنك الفروسية بل وعده بخيل يكون من سلالة خيله الأصيل المشهر
وأضف على هذان الشيخ محمود فأنت بلا شك تعرف أن إبنك حافظ القرآن كاملا وبالقراءات السبع وذلك بفضل الله ثم بفضل الشيخ محمود
فإن استطعت أن تفصله عنهم فسوف تسيطر على خمسين بالمائة من تصرفات ذو
أما إذا أردت أن تسيطر عليه سيطرة مطلقة
فعليك أن تعلمه شيء لا يجيده
فذو يعشق عشقا تام معرفة كل شيء
ولم يعرف هذه النقطة في ذو سوى الشيخ محمود الذي وعد أبناء القرية بجائزة قيمة للذي يفوز بالمركز الأول في السباحة
وكالعادة فاز ذو فقدم له الشيخ محمود دراجه الجائزة التي وصفها بالقيمة
ولكن ذو شعر بالخيبة فهو كان يمني نفسه أن تكون الجائزة إما فرس أو صقر
ولكن الشيخ محمود طرق في ذو الباب الذي يعشقه وهو التحدي
فتحداه أن يجيد ركوب السيكل وكلما أجاد شيء زاد في الأمر صعوبة حتى وصل ذو إلى القمة فشعر بقيمة الجائزة التي جعلته يخوض هذا التحدي
وأنا أقترح عليك أن تعلمه الرماية فأنا أعرفك تصيب إبرة الخياطة من مسافة بعيدة
وأيضا يجب أن تعرف شيء عن إبنك ذو
فذو لا يمكنك أن تجبره على فعل شيء ولكن حاول أن تقنعه بما تريده عن طريق الحوار حاول دوما أن تناقشه في كل الأمور
هذه نصحيتي قدمتها لك ولك حرية في السماع لها أو تركها
فهز جابر رأسه وعزم على تنفيذ ما قال له صديقه اسامة
وفي صبيحة اليوم التالي وبعد أن ذهب إبنه للمدرسة أتجه جابر لغير عادته إلى بيت الشيخ محمود وطرق عليه الباب ففتح الشيخ محمود فلما رأى شعر بالخوف فوجه جابر يتضح من معالمه الشر
ولم يكن الشيخ محمود يعرفه لأن جابر لم يدخل في حياته المسجد حتى يصلي
فما كان من الشيخ محمود سوى أن رحب به ودعاه للدخول
ولكن جابر ظل واقفا وشاخصا بصره في وجه الشيخ محمود وكان يريد أن يدخل الرعب في قلب الشيخ محمود
فبدأ الشيخ محمود يقول في نفسه اللهم إكفني شره
ثم أخيرا تكلم جابر وقال أتركوا إبني وشأنه فأنا أعرف بمصلحته منكم فأن جاء إليك في الحلقة فأطرده وإلا ستدخل نفسك في مشاكل أنت في غنى عنها
فقال الشيخ محمود إذا أنت أبو ذو لا أدري ما الذي أغضبك مني فأنا لم أعلم ولدك الرقص بل أعلمه دينه
فوضع جابر يده على كتف الشيخ محمود وبدأ يهزه لكي يريه مدى قوته وقال أبعد عن ذو وحسب ثم ذهب
وأتجه إلى بيت الشيخ معيض فطرق الباب فلما فتح الشيخ معيض الباب تفاجأ بجابر فرحب به ودعاه للدخول
لكن جابر قال لا أريد الدخول وإنما أريد أن أقول لك كلمتان
فقال الشيخ معيض لست أنا من يحدث الناس عند بابه ولست أنا من يصل الضيف عند بابه ولا يدخل أدخل يا جابر المجلس وقل ما تريد وأحضر أن ينفذ صبري عليك فحين ينفذ صبري فإما أقتلك أو تقتلني وأن قتلتني فثق تماما أنك لن تعيش طويلا بعدي
فشعر جابر أن الشيخ معيض جاد في كلامه
فدخل المجلس ثم قال أريد منك إلا تدعو إبني لأي مناسبة أو إجتماع عندك
فقال الشيخ معيض بيتي مفتوح ولن أرد أحد عنه
فأن جاء إبنك فلن أمنعه
فقال جابر إبني ذو يملك عزة نفس كبيرة ولن يأتيك إلا إذا دعوته فأرجوك يا شيخ معيض وأتوسل لك لا تجعل المشاكل تقع بيننا
فقال الشيخ معيض لك ذلك ولكن أقولها لك مرة أخرى أن جاء ذو فلن أمنعه ثم ذهب جابر وأتجه إلى بيت السيف
فلما أستقبله ورحب به نظر جابر إلى السيف وقال له أنت أكثر أهل القرية معرفة بقوتي فأنا أعتقد أن معرفتك هذه ستجنبني وتجنبك الدخول في مشاكل
فقال السيف إلى ماذا تلمح له
فقال جابر لست ممن يلمح بل أنا دوما أصرح
لا أريد ولدي ذو يأتي إلى اسطبلك وأن جاءك فأطرده أو ستحدث مشاكل لن تحمد عقباها
فقال السيف ما رأيك أن أعطيك عشرة الاف ريال وتترك ذو بحاله
نظر جابر إلى السيف بغضب وقال هل تشتري ولدي مني
أنا لا أريد منك سوى أن تترك تربية إبني لي
ثم رجع إلى بيت أمه لينام فهو قام مع الصباح الباكر من أجل أن ينجز مهمة ولقد أنجزها
وكان ذو في الصف يتبادل الحديث معا صديقاه سليمان وعيسى
وكان عيسى أبن الشيخ معيض يحدثهم أن صديق أباه البدوي مداوي سيتناول العشاء عندهم اليوم وأعتقد أن أبي عزم السيف فلا تنسى ياسليمان أن تحضر معه وأيضا قال لي في الصباح وقبل أن أذهب للمدرسة أن أذكره بعد صلاة العصر بأن يدعوك يا ذو فأنا سأنتظركما
وقال سليمان أبن السيف وأنا أيضا عندي لك يا ذو مفاجأة فبعد أن سمع أبي الشيخ محمود يثني عليك ويقول أنك حفظت الاربعين الحديث النووي بأسانيدها
فهو سيفاجأك في عصر هذا اليوم بالمحاولة بأن تمتطي المشهر
شعر ذو بقيمته وحب الناس له
وبعد أن أنتهى الدوام رجع إلى البيت وبقمة الفرح
ولكنه لما طرق الباب وعلى غير العادة فتح له جابر أباه الباب ورجب به وبدأ يحمله وهو يصرخ ويقول هذا الشبل من هذا الأسد
طبعا أم جابر تناظر هي وذو وهما في قمة أستغرابهما
فقال جابر لأمه إلا تريدي يا أمي الحنونة أن تحضري لعصفورك ذو الغداء
فنهضت أم جابر دون أن تتكلم فهي تخشى أن لين تعامل جابر يكون كالهدوء الذي يسبق العاصفة
طبعا أجلس جابر إبنه ذو إلى جانبه وبدأ يحاوره ويناقشه
وقال جابر يا ولدي ذو أنا لاحظت في حظيرة أمي ناقة لا تحلب ولا فائدة منها
فما رايك أن نبيعها ونستفيد من ثمنها
او أن كانت لا تلد دعنا نذبحها ونأكل لحمها
لما سمع ذو كلام أبيه جن جنونه فكيف يسمح بذبحها
فذو يعتبر ناقة البركة أمه
فقال ذو أن هذه الناقة بمثابة أمي
أتعرف معنى كلمة أمي التي حرمتني منها
فضحك جابر وقال يا بني لا تكن ساذجا أن هذه مجرد ناقة
لا تدري من أنت
وكانت أم جابر تسمع كلامهما فدخلت وقالت بصوت حازم هذه النافة في ذات يوم أندفعت على ذو لتحميه من عقرب كادت أن تلدغه
وأنت تركته يبكي ويصرخ والجوع يكاد يهلكه وذهبت وأختفيت فقلي أين الأفضل أبوه الجاحد أو الناقة التي حمته وشرب من حليبها
فضحك جابر وقال كنت أعرف أنك ورثت السذاجة من جدتك
ولكن أسمع ياذو أن الطيب في الناس كالحذاء
فالحذاء تتحمل عنا الأذى والشوك وبمجرد أن تقطع يرميها صاحبها في أقذر مكان
وهكذا الطيب مع الناس فأنهم يستفيدوا منه فأن قضوا حاجتهم منه همشوه
بل أيضا لا يهتمون بأمره
فقال ذو بل الطيب محبوب بين الناس وهذه ما أراه يحدث أما ما تقوله فمجرد وسواس شيطان
فضحك جابر وقال سترى اليوم صحة وصدق ما قلته
ذو العيون21
شعر ذو أن أباه يتكلم من ثقة وأنه قد دبر أمرا لا يعرفه
فلما تناولوا الغداء رجع جابر لينام بعد أن أوكل أبن صديقه أسامة بمراقبة ما يحدث لذو بعد صلاة العصر
فلما أذن العصر ذهب ذو للمسجد وقبل الدخول تقابل مع الشيخ معيض وإبنه عيسى وسلم عليهما وبدأ ذو ينتظر متى يعزمه الشيخ معيض للعشاء
وكان عيسى يقول لأبوه أنت قلت لي أذكرك أن تعزم ذو فهذا هو أمامك
لكن ذو أندهش من تصرف الشيخ معيض الذي تظاهر بعدم السماع ودخل المسجد فشعر ذو بأن هناك أمورا لا يعرفها
فلما أنتهت صلاة العصر وأراد الجلوس في الحلقة أمسك بيده الشيخ محمود وبدأ يبتسم وهو يقول أريد أن أعتذر لك فسوف أوقف متابعتي معك لحفظ الحديث حتى يتسنى لي التركيز على بقية الأولاد
فأنا سأمنحك إجازة لوقت غير محدود
أحس ذو أن أباه له يد فيما يحدث فخرج من المسجد وبدأ يجر قدميه ولم يشعر إلا وهو واقف أمام اسطبل السيف فلما رآه السيف ذهب له
وقال اليوم لن أستطيع أن نخيل بالخيول فأنا أشعر أن هناك شيء أكلته يجعلها تتألم
وأخشى أن تبقى على هذا لعدة أيام
فقال ذو ياعمي السيف أخبرني ماذا يحدث ليجعلك تتهرب مني بل ويجعلان الشيخ معيض والشيخ محمود يحاولا التهرب مني
فقال السيف سأصدقك القول يا ذو فأباك اليوم وفي الصباح الباكر مر علي وطلب مني أن أبتعد عنك وأنت تعرف أن أباك رجل فيه شر فأنا لا أريد أن أقع معه في مشاكل
فقال ذو هل ترى أن أبي على باطل
فقال السيف لما تسألني هذا السؤال
فقال ذو أرجوك أجبني وحسب
فقال السيف نعم يؤسفني أن أقول أن أباك على باطل
فقال ذو وهل تؤمن أنك على حق
فقال السيف نعم
فقال ذو فما دام أبي على باطل وأنت على حق فلا خير في فروسيتك أن كنت تخشى دحر الظلم
ثم أنصرف ذو
بينما السيف ظل واقفا ساكتا وكأنه يتمنى أنه لو مات قبل أن يسمع تلك الكلمات
فتوجه ذو إلى بيت الشيخ معيض فلما قابل الشيخ معيض
قال ذو أنت تعرف يا شيخ مقدار حبي لك ولكن أسمح لي أن أقول لك لو كنت شيخا بما تعنيه الكلمة لما كنت سكت عما فعله جابر في الماضي وما يفعله الآن
ولو أنك جمعت القبيلة وجعلتم رأس أبي يتمرغ بالتراب لما تمادى في أفعاله ثم خرج ذو من بيت الشيخ معيض
بينما الشيخ معيض ظل يردد كلمة صدقت يا ذو لأكثر من عشر مرات
ثم توجه ذو إلى المسجد وكان أولاد القرية خارجين من الحلقة فلما قابلوا ذو قالوا ما بك لم تذهب إلى الإسطبل فأجاب ذو وقال أني أشعر أني متعب فأذهبوا أنتم
خرج الشيخ محمود من المسجد يريد أن يذهب إلى بيته
لكنه تفاجأ بذو أمامه
فقال ذو أعرف أن أبي جاء إليك وحذرك أن تعلمني
ولكن الذي لا أعرفه أن أبي جاء إليك والشيطان يحرضه من أن تعلمني دين الحق
وأنت كنت تعلمني لأنك كنت تريد الثواب من الله
فلا أدري كيف لا يخشاك أبي مع أن الشيطان وليه
ولا أدري كيف تخشاه والله وليك
أسمح لي ياشيخ محمود مع ما أكنه لك من احترام أن أقول لك
لو كان الخير سيجعلني ضعيفا والشر سيجعلني قويا فسأختار طريق الشر لإني أرفض أن اعيش ضعيفا
ثم ذهب ذو
بينما الشيخ محمود بدأت عيناه تدمع وبدأ يبكي مما قاله ذو
عاد ذو للبيت فلما رأته جدته استغربت من عودته للبيت في هذا الوقت
فلما وصل عند جدته أخبرها بما حدث وبينما جدته تحاول أن تهون له ما حدث
نهض جابر من نومه وأقبل إليهما وقال لذو قد قلت لك الطيب في هذا الزمان ليس له مكان
هيا يا ذو أنهض اريد أن تذهب معي
فقالت أم جابر أين تريد أن تأخذه
فقال جابر لنزور عمه حسن
فقال ذو أن أخاك لا يحب أن يدخلني بيته
فقال جابر أتعرف لماذا
فقال ذو لأنه يعتبرني أبن زنا
فضحك جابر وقال لا ليس ذلك
فقال ذو إذا لماذا
فقال جابر لأنه يعرف أنك طيب وأنه لن يحدث منك شر
هيا تعال معي لترى ذلك بإم عينيك
وبينما هما يمشيان قال جابر قد أخبروك بما حدث
فقال ذو من تقصد
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك