رواية مسلسل ذو العيون الصغيرة -2
ذو العيون 3
طبعا سالم وضع خطة لكي يترك القرية بمن فيها ولم يكن لأبوسالم حل سوى الرضوخ لأمر ابنه لأنه يشعر أنه هو السبب فيما حصل لإبنته
وبعد أن مر شهران من أعلان زواج المها من جابر إلا أعلن الطلاق بينهما ونشر بين الناس أن سبب الطلاق أن المها حاولت بشتى الطرق أن تجعل جابر يصلي ولكنه رفض أن يصلي فما كان منها سوى طلب الطلاق
وبعد أن مضى اربعة أشهر حانت ساعة الولادة وكان سالم قد خطط خطة جهنمية حيث أتفق مع عماته أنهم بعد أنتهاء ولادة المها يعلنون أن المها أصيبت بنزيف حاد حتى توفت
وبالطبع كان قد أتفق سالم مع عبدالرزاق أخو صديق جابر ببيع جميع ما يملك في القرية من بيوت ومزارع
وبالفعل ولدت المها بطفل ثم أعلنت عماتها أنها ماتت
أنتشر خبر وفاة المها في القرية
وأحضر سالم لعماته كفن وكان قد أتى بمجسم أرسله له نسيبه بدر الذي كان يصله كل الأخبار التي تحدث بالقرية
وفي اليوم التالي حفر سالم قبر لكي يدفن المجسم الذي سيعتقد الناس أنها المها
بينما كان عمات المها مجتمعات وكأنهم يغسلون المها ويكفنونها
وبعد أن كفنوها طرق الباب فلما فتحت أحدى عمات المها تفاجأت بأن من طرقت الباب هي أم جابر
التي أستحت أن تبقى في بيتها دون مساعدة في غسيل المها وتكفينها
فلما دخلت ورأت أنهم قد كفونها أرادت أن تكشف عن وجهها وتقبلها ولكن عمات المها حاولوا أن يمنعوها فنظرت لهم بنظرات غاضبة وقالت لن تمنعوني من تقبيل أم حفيدي فكشفت الكفن فوجدت الدمية
فلما أحس عمات المها أنهن كشفن قالت أحداهن أن كل ما يحدث من مصائب لنا بسبب أبنك
فأتمنى أن تكتمي ما حدث وتجعلي المها تستطيع أن تعيش حياتها من جديد فلا تقضي عليها كما فعل أبنك
أما حفيدك
فبعد أن تنتهي أيام العزى وقبل أن يسافر أبوسالم وأسرته سيأتي سالم لك بحفيدك لتعتني به
خرجت أم جابر وهي مطأطأة الرأس فهي لا يمكنها سوى الصمت
وبعد مضي أيام العزى وفي منتصف الليل أراد سالم أن يسافر من القرية إلى الرياض دون أن يرآه أحد فأراد أن يأخذ الطفل من المها ليوصله لبيت جدته لكن بدأت المها تتوسل أبوها وأخوها بأن يسمحوا لها بأخذ أبنها معها
لكن سالم أنتزع ولدها بكل قوة ثم قال لها بعد خمس عشر دقيقة سنسافر من هنا وخرج سالم وهو يحمل الطفل ولما أقترب من بيت أم جابر خطر بباله فكرة شيطانية فهو يعرف أن جابر يسكن في غرفة في طرف القرية ويكون في هذا الوقت في حالة سكر شديد
فأن أعطاه هذا الطفل في هذا الوقت فأن حياة الطفل ستكون في خطر شديد وبالفعل وصل الغرفة ووضع الطفل عند الباب وطرق الباب ففتح جابر الباب وسالم واقف من بعيد
فقال سالم ياشيطان هذا طفلك فأعتني به
ثم مشى وترك طفل مولود عند أب سكران يخشى هو على نفسه منه
ولكن سالم كان يرجوا أن يختفي أي شيء يذكر الناس بهذا العار
فحين ولدت أخته بعد ستة أشهر عرف الناس أن هناك أشياء حدثت قبل الزواج وأنما أقيم هذا الزواج من أجل أن يستر هذه الجريمة
فأن قتل جابر أبنه فيكون قد صاد عصفورين بحجر واحدة
سافر سالم وأبوه وأخته التي يعتقد أهل القرية أنها ماتت
إلى الرياض لتبدأ الأسرة حياة جديدة
حمل جابر الطفل وهو يترنح ورمى به على الفراش وهو استلقى على الأرض ونام وقبل شروق الشمس أستيقظ بعد أن أنتهى مفعول الخمر
فأخذ كل ما معه من مال ليتقابل مع صديق له من اليمن يكون وسيط بينه وبين مروجي الحشيش
ذو العيون 4
وبعد شروق الشمس أتجهت أم جابر لبيت أبوسالم فلما وصلت وجدت عبدالرزاق وأبنه مشبب عند البيت بالطبع كان كل منهما يكره الاخر فسألت أم جابر أين ابوسالم فأجاب أبومشبب قد سافروا جميعا ولن يعودوا أبدا
فقالت والطفل أين هو
فغضب أبومشبب وقال هل تحقيقين معي لا شأن لي بك وبطفلك فالذي يجب أن تعرفيه أن هذا المكان أصبح ملكي فلا تعودي هنا أبدا
أتجهت أم جابر إلى بيت الشيخ معيض وقالت قد ذهبت إلى بيت أبوسالم وقد رحلوا ولا أدري أين وضعوا حفيدي فلقد قال لي أبنهم سالم أنه سيحضره لي قبل رحليهم
أبتسم الشيخ وهدأ من روع أم جابر وقال لا تخافي الأمور ستكون على ما يرام
فأنا أعتقد أن أمه تمسكت به وأصرت على أخذه فهو الآن في احضان أمه وأنت يا أم جابر اصبحتي كبيرة على رعاية طفل
قالت أم جابر أنا أعرف سالم فلن يرتاح له بال حتى يتخلص من الطفل
فغضب الشيخ معيض من أم جابر وقال بإنفعال إتقي الله ولا تسيئي الظن بسالم فكل ما يدور برأسك من وسوسة الشيطان
وبينما الشيخ يتكلم قاطعه أحد ابناء القرية وكان أسمه مهدي حيث كان خارجا بالماشية إلى المراعي التي تقع الغرفة التي يسكنها جابر فسمع صوت طفل يبكي بكاء مرير
حين سمعت أم جابر الكلام أطلقت ساقيها للريح تركض بدون شعور وتبعها الشيخ معيض
فلما وصلت الغرفة وجدت الباب مفتوح فدخلت الغرفة فوجدت الطفل يبكي وقد أنهكه البكاء
حملته بأحضانها وبدأت تبكي مع الطفل
فلما وصل الشيخ معيض ورأي الحال أرسل الولد مهدي إلى بيته ليحضر رضاعة
فمن الأكيد أن الطفل يبكي من الجوع
وبالفعل بعد أن رضع الطفل سكت عن البكاء فحملته جدته إلى بيتها
ذو العيون 5
بدأ الطفل بالبكاء مرة أخرى فأحتارت أم جابر ما ترضعه فليست تملك سوى كم شاه لا لبن فيها
ولكنها تذكرت ولدها حسن فهو قبل شهر رزق بمولودة أسماها سلمى فلن يرفض حسن أن ترضع أمراته أبن أخيه
فذهبت لبيته والطفل معها فلما رأى حسن الطفل أسود وجهه فالكل عرف قصة جابر وما فعله بالمها
فقالت أمه أريد من زوجتك أن ترضع ابن أخيك مع أبنتك سلمى
فنكس حسن رأسه وقال يا أمي أن هذا الطفل شرعا ليس أبن أخي لأنه تزوج أم هذا الطفل وقد حملت به
نظرت الأم بشدة لحسن وقالت الآن أصبحت تتكلم عن الشرع والدين فحين تصلي الخمس الصلوات في المسجد حينها تكلم عن الشرع
خذ هذا الطفل وقل لزوجتك ترضعه فما يدريك لعله هو من يحامي عن عرضك وأرضك
وزوجته بالغرفة تستمع للحوار فغضبت من كلام عمتها فخرجت عليها وبدأت ترفع صوتها وتقول هل تعتقدين أني بقرة أسقي المواليد حليب
وهل تريدين من طفل الشوارع هذا يصبح أخا لسلمى
وأيضا أين كنتي من قبل فلم تحضري زواجي بأبنك ولم تزوريني لما ولدت بسلمى فلما أحتجتينا اتيتي الينا ؟
فأخرجي من بيتي من غير مطرود
نظرت أم جابر لولدها حسن الذي سمع كلمات الطرد لأمه ولم يحرك ساكنا
فخرجت من بيت أبنها ورجعت لبيتها وزاد بكاء الطفل فما كان بيدها سوى البكاء معه
فطرق الباب ففتحته بسرعة ترجو من الله الفرج
فوجدت الشيخ معيض ومعه ناقة وقال لها أعرف أن الطفل يحتاج لحليب ليرضعه وأنت لا تملكين مصدرا للحليب فهذه أعز وأكرم ناقة أمتلكها أسميها بالبركة لغزارة حليبها فهي هدية مني للطفل
فملأت الدموع عيني أم جابر وقالت والله لا أملك شيء لاعطيك غير الدعاء لله بأن يوسع رزقك
فقال الشيخ أن دعائك هذا أغلى عندي من كنوز الدنيا
ثم أستأذن للإنصراف ولكن أستدار بسرعة وسأل أم جابر ما أسميتي الغلام
فقالت لم أسمه بعد
فما رأيك أنت
فقال هو حفيدك وأنتي من لها الحق في تسميته
فقالت بل أقسمت بالله عليك أن تسمه أنت
فقال الشيخ أن كنت مسميه فأني مسميه خالد فأنا واثق أنه ستبقى أفعاله خالدة على ألسن الناس
فقالت أم جابر ونعم الأسم وأنا من اليوم سيكون أسمي أم خالد فهذا الولد ليس بولد أبني بل ولدي
جلست أم خالد طبعا نزولا لرغبة ام جابر ابدلنا لها أسمها
تتأمل في خالد حيث يتضح أن خالد كان يشبه أمه أشد الشبه ما عدا عيناه الصغيرتان فهي كعينا أباه
أبتسمت أم خالد وقالت في نفسها أخشى أن اتعب في تربيته ثم يصبح مثل أباه
ثم أستعاذت بالله من هذه الأفكار
وبدأت الأيام تتوارى ليبان المخفي وتتابعت الشهور حتى وفت الأثنى عشر شهر لعمر خالد حيث أصبح عمره سنة واحدة
وكالعادة كان الشيخ معيض يأتي كل يومان يتفقد أم خالد وولدها(بالطبع الجدة أم جابر اعتبرت خالد ولدها للتذكير)
فلما وصل وجد السيف يتكلم معها ويسألها عن أحتياجاتها فسلم الشيخ عليهما فردا عليه السلام
ثم قال السيف لا أدري أبارك لك أولا مع أن مولودك جاء في ظهر اليوم بينما مولودي جاء في صباح اليوم
فقالت أم خالد بل أنا من ابارك لكما فلم أعلم إلا من كلام السيف
فقال الشيخ لا أريدكما تباركا لي بل أدع الله أن يبارك الله فيه ويصلحه
فكلما سمعت أن أبوان رزقا بمولود إلا دعوت لهم أن يصلح لهم مولوهم ويرزقهم بره
نظر الشيخ لأم خالد وهي تذرف الدمع من عيناها فأحس الشيخ أنها فهمت كلامه خطأ فأراد أن يوضح لها
لكن قاطعته أم خالد وقالت أنا أعرف أنك لا تقصد ولدي
ولكني فرحت بعد ولادتي بولدي ولم أكن أعلم أنه سيأتي يوم أتمنى أني لم ألدهما
فحاول السيف أن يهون عليها مصيبتها فأشار إلى خالد وكان جالس يلعب بالتراب بينما كانت الناقة تبعد عنه أمتار تنظر له
وفجأة أنطلقت الناقة بأتجاه خالد بأقصى سرعته فظن السيف أنها تريد أن تبرك عليه فأخرج خنجره يريد أن يقتل الناقة
لكن الناقة بدأت تضرب بخفها على الأرض بجوار خالد
ثم توقفت فلما أقترب السيف منها وأبعدها عن الولد ونظر في المكان الذي ضربت الناقة بخفها وجد فيها عقرب كبيرة قد ماتت من أثر خف الناقة
فكبر السيف ووحد الله وقال والله أن الحيوانات أكثر رحمة من البشر
أنتشر خبر الناقة والعقرب بين أهل القرية وأصبحت قصة تقال في كل المجالس
وفي أحد الأيام زار القرية بعض المصطافون فوجدوا كرم الضيافة في كل مكان ذهبوا له بل أقام الشيخ لهم وليمة غداء فلما تناولوا غداءهم أبدى أحد المصطافون وكان أسمه ثامراستياءه من مبنى المدرسة والمركز الصحي وأيضا عن الطرق الترابية
فقال الشيخ نحن كل شهر نرسل خطابات لوزارة الصحة ووزارة التعليم دون فائدة تذكر
أستأذن الضيوف للإنصراف للعودة لديارهم
ولما وصل ثامر عند الباب أمسك الشيخ وقال له أن أردت كل أمور قريتك تتحسن فأكتب معروض بأحتياجاتكم ثم تذهب بنفسك وتقابل الملك فأن وصلت للملك فثق أن كل مشاكلكم حلت
ذو العيون 6
بعد أن ودعوا الضيوف اجتمع الشيخ معيض بجماعته وأخبرهم بما قاله ضيفهم ثامر
فعزموا على أن يفعلون ما نصحه به ثامر فجهزوا معروض وسافر الشيخ معيض للرياض وبعد أسبوع من المحاولات لمقابلة الملك نجح الشيخ في ذلك وأصبح في مجموعة من الناس قد اصطفو يريدون أن يقابلوا الملك
وبالفعل صافح الشيخ الملك وقدم له المعروض وشرح له حالة القرية فوعده خيرا
ولما رجع الشيخ لقريته أخبر جماعته بما فعله ولم يمر أسبوع إلا ومندوبي من وزارة الصحة والتعليم يزوروا القرية ويحددوا المواقع التي سيقام فيه المشاريع
وكذلك وصلت معدات من وزارة المواصلات من أجل صيانة الطريق وزفلتته
ولم ينتهي ذلك العام إلا والمباني جاهزة
فأجتمع الشيخ بجماعته وذلك من أجل حل مشكلة سكن المعلمين وكذلك الطبيب وممرضيه
فأقترح أن يبنوا لهم مساكن بجوار مقر عملهم
يكونون فيه ضيوف معززين مكرمين وبالفعل تم الموافقة
من قبل الجميع
وزاد السيف أقتراح آخر أن يبحثوا لهم عن شيخ يجعلونه أمام للجامع وكذلك يعلم أبناءهم القرآن وقت العصر
فقال الشيخ فهل تعرف شيخا يقبل أن يقوم بذلك
فقال أعرف شيخ مصري أسمه محمود
وافق الجميع على ذلك ولكن الشيخ أضاف أن يفرغوا أحد أبناء القرية من الأعمال التي يقوم بها الأبناء من رعي الغنم أو جمع الحطب
ويبقى مع الشيخ محمود فيحفظ القرآن ويتفقه في الدين فأن رحل الشيخ محمود يكون هناك أحد أبناء القرية موجود يعلم ابناء القرية دينهم
فقالوا من تقترح ياشيخ معيض من أولاد القرية
فقال لا أجد أكثر من مهدي أجدر بهذه المهمة
فقال السيف ونعم الأختيار فمهدي من أكثر أولاد القرية صدقا وأمانة
وبالفعل تم تطبيق ما قالوه في واقعهم
وبدأت الأيام تمر لتجري الحياة بعجلتها فتغير الأحداث فيصبح الفتى شابا والشاب مسنا وهكذا الدنيا
ولن أقول لكم أن خالدا أصبح شاب بل أصبح عمره خمس سنوات
وأصبحت جدته او لنقول عنها أمه تعتمد عليه في كثير من الأمور
حيث كان مع الصباح يذهب للحضيره فيطعم أمه لا تعتقد أني أخطأت بل هي الحقيقة التي رسخت بقلب خالد فهو يعتبر الناقة التي أسمها البركة أمه فهو يبر بها كما يبر أمه التي هي جدته
وكان أيضا يجمع البيض لكي تعده أمه للفطور
طبعا كان هناك من أهل القرية وأسمه بشير مشهور بأنه ينتج أجود السمن حيث كان معه خمس بقرات وكانت زوجته هي من تقوم بحلب البقرات ثم أنتاج السمن
ولكن ولأن الحياة يجب لها من نهاية توفت زوجة بشير
فأحتار ما يصنع بعدها
وجاء الشيخ معيض بعد عدة شهور من وفاة زوجته يريد شراء سمن فتفاجأ أنه لا يوجد لديه شيء
فسأله لماذا فقال أنت تعرف بعد وفاة زوجتي لم يعد أحد يحلب البقرات وبناتي رفضن أن يقمن بذلك فلم أرد أجبارهن
فقال الشيخ هل أدلك عن من يهتم بحلب البقرات وتعد السمن
فقال بشير من
قال أم خالد أذهب لها وأعرض لها الموضوع
وبالفعل ذهب بشير لأم خالد وتفاهم معها على الشراكة حيث يحضر بقراته في حضيرته وهو من يتكفل نفقت أكلها
وعليها أن تحلب البقر وتعد السمن والأرباح بالنصف بينهما
وافقت أم خالد مباشرة فهي تريد أن تعتمد على نفسها في نفقتها
وبالفعل بدأت أم خالد بالعمل وأصبحت تنتج سمن أجود من ذي قبل
وبدأت حالتها المالية تتحسن
من بيع السمن وعادت الأموال تتدفق على جيب بشير من هذه الأتفاقية
وكان خالدا يساعد أمه فهو من يحلب الأبقار
وفي أحد المرات أزداد طمع بشير فجاء بثور
لأن أم خالد أخبرته أن أحدى البقرات لم تعد تحلب فقال في نفسه أتي بثور فحل
فأحضره لحضيرة أم خالد من أجل أن يزيد في أعداد الأبقار وبالتالي تزيد الأرباح
وبعد أن أدخل الثور نادى أم خالد ليخبرها أنه أحضر ثورا وأيضا يحذرها بأن لا تدخل حتى يأتي هو ويخرج الثور
ولكنه لم يجدها في البيت فقال في نفسه سأمرها في الليل ولكنه نسي
كانت أم خالد وخالد في زيارة لزوجة السيف وكان خالد يلعب مع أبن السيف الذي كان يصغره بعام وأسمه سلمان
ولما أرادت العودة لبيتها قابلها السيف وسألها هل يوجد لديك سمن فقالت نعم مرني غدا صباحا فقال بكم قالت أما ما يخصني من قيمته فقسما لن أخذ منك شيء فجميلك علي كثير ويبقى عليك ما يخص بشير
فقال السيف كنت أريد أن أربحك ولكنك بقسمك بالله أجبرتيني على أن أخسرك
فعادت لبيتها ومعها أبنها فناما مبكرا فغدا لديهم الكثير من الأعمال
وبالفعل وفي صباح اليوم التالي جاء السيف على موعده وكان خالد متجها كالعادة للحضيرة لحلب الأبقار فسلم على عمه السيف وأستأذنه وما لبث قليل حتى خرجت له أم خالد ومعها السمن فلما أخذه السيف سمع صوت صادر من الحضيرة
حيث أن خالد دخل كالعادة وبدأ يحلب الأبقار ولم ينتبه للثور
فنطحه الثور نطحة أخرج الدماء من رأسه
فأسرع السيف إليه وحمله وذهب به المركز الصحي حيث قاموا بتخيط رأسه بثلاث رتب
فلما أرجعه للبيت وضعته أمه على الفراش وبدأت تضحك وتقول لا تغضب مني كيف لم تنتبه للثور أين كانت عيونك
ثم أستأذنت من أبنها لبضع دقائق كانت تريد أن تشتري له هدية بمناسبة سلامته
فلما أرادت أن تنصرف نظرت له فلم تستطع أن تمسك ضحكتها
فقال يا أمي أعدك أن لا يذهب دمي هدرا
فحين سمعت امه ما قاله زادت في الضحك وقالت أنصحك أن لا تقترب منه فأنا أخشى أن يقتلك
بعد أن رحلت أمه أخد فاسا ودخل للحضيرة وبدأ صراع بينه وبين الثور فبدأ خالد يضرب الثور في رأسه وبطنه ورجله
طبعا ذهب السيف إلى بيت الشيخ معيض فوجد بشير عنده فقال له السيف كاد ثورك أن يقتل خالد
فضرب بشير رأسه وقال يا رب قد نسيت أن أخبرهم سأذهب إليهم قبل أن يقع مكروه آخر
فقال الشيخ سأرافقك لأسلم على خالد فقال السيف وأنا معك
فلما وصلوا للبيت سمعوا أصوات ضرب في الحضيرة فلما أقتربوا من باب الحضيرة شاهدوا الثور ميت بين دماءه وخالد مستمر في ضربه
وصلت أم خالد لترى بأم عينيها وخالد يقطع الثور أمسك السيف وهدأه خوفا أن يكون دم الثور هيجه
وبشير واقف لا يتحرك يناظر في عينا خالد
فما كان من أم خالد إلا أن قالت أنا أعتذر لك مما فعل أبني ولو كان ضربه سيعيد الثور حي لضربته حتى يوشك على الموت
ولكن ما يمكنني فعله أن أقسط لك قيمة الثور
بدأ بشير يهز رأسه بالرفض ويقول أنا أستحق ذلك فلم أخبرك بأمر الثور
وما فعله ثوري كان جديرا بخالد أن يقطع الثور ويقطعني معه
لكن غدا سأتي وأخذ بقراتي
فظلت أم خالد ساكته لا تدري ما تقوله
فلما انصرف بشير تبعه الشيخ والسيف وقالا له ما بك تريد أخذ بقراتك
ألست تكسب من وجودها هنا النقود
قال بلى ولكني بعد أن رأيت نظرات خالد تذكرت نظرات أبوه
وأنتم تعرفون كيف كنت أتعامل مع جابر حيث كنت أقطع له أي سبيل في التعامل معي حتى أكتفي شره وبعد أن أختفى كنت من أكثر الناس فرحا وأن تأكد خبر موته سأكون جدا سعيدا
فنظرات خالد تنذر بشؤم وأخشى أنه أذا كبر سيصبح كأباه
فأنا أريد أن أقطع أي تعامل معه فهو أن كبر سيصبح
وأراد بشير أن يزيد في الكلام ولكن الشيخ قاطعه
وقال لا ورب الكعبة ما هو بمثل أباه فأنا أعرف أباه منذ كان صغيرا حيث كان الشر يظهر في كل أفعاله منذ صغره
فأن أصبح خالد شريرا فأن ذلك بسبب تعاملكم معه ثم افترقوا
وفي صباح اليوم التالي جاء بشير لبيت أم خالد وكانت جالسة بقرب الحضيرة مع خالد فسلم بشير وأخد بقراته
وكانت نظرات أم جابر تودع البقرات بصمت فهذه البقرات قد اغدقت عليهم بالمال
فأحس خالد بغلطته فأخذ عصا وأعطاها أمه وقال له عاقبيني على ما فعلت
فنظرت له وقالت وما فعلت
فأستغرب ألست نادمة
طبعا أخفت الام مشاعرها وقالت بالطبع لا فأنت أرحتني من عمل شاق
ومازال لدينا دجاج نأكل بيضها ولقد جمعت بعض المال يساعدنا أن نشتري بعضا من الخراف
طبعا بات الشيخ محتارا في كيف يساعد أم خالد لكي توفر لها لقمة عيشها
فخطرت في باله فكره
ذو العيون 7
فتذكر الشيخ أنه بعد غد سيأتي له صديق من البادية ومعه بعير فحل حيث تربط الشيخ بهذا البدوي علاقة وطيدة
وبالفعل وصل مداوي الرجل البدوي ومعه البعير الفحل أستقبله الشيخ وأكرم ضيافته
وبعد أن تناولا وجبة الغداء خرجا ليرى الشيخ البعير
فلما رآه الشيخ أوجس خيفة في نفسه وهم بالفرار لكنه تحامل على نفسه
فرؤية الجمل وفمه يخرج منه الزبد يأتيك الشك أنه حيوان مفترس
فبدأ مداوي يحدث الشيخ عن هذا الجمل فقال أسميت هذا الجمل بالسفاح
فقد مات بسبه ثلاث نياق وأيضا قتل خمسة من الجمال
بل قد قتل أنسان برك عليه حتى قتله
فقال الشيخ أخشى أن يقتل نياقي فأبتسم وقال أن كانت نياقك ستمتنع منه فلست أضمن لك ما يحدث
ولكن أن ولدت منه فسوف تدعوا لي فصدقني أني لا اسمح للسفاح أن يضرب ناقة أحد إلا بعشرة ألاف
فأستعجب الشيخ فقال له مداوي لا تستغرب فأي ناقة يضربها يباع صغيرها بعد خمسة أشهر من ولادتها بخمسين ألف
ويختلف الأسعار بأختلاف الناقة التي يضربها
فهناك ناقة كان أسمها السلوى ضربها السفاح فولدت بحاشي باعه صاحبه بعد سنة بنصف مليون
تذكر الشيخ الناقة التي أعطاها لأم خالد فهي أفضل ناقة بالقرية
فأخبر الشيخ صديقه مداوي أنه يريد السفاح أن يضرب ناقة لأم مسكينة يعيش معها ولدها
فقال مداوي من يعز عليك يعز علي
لكن اجلب الناقة في صباح الغد لأني سأسافر بعد أن تشرق الشمس بساعة
وفي صبيحة اليوم الثاني أتجه الشيخ لأم خالد
وقال لها أن ناقة البركة أصبحت عالة عليكم فهي لم تعد تدر الحليب والآن عندي صديق بدوي معه جمل فحل فأن وضعنا ناقتكم معه لعلها تلد بعده بحاشي تربحون في بيعه دراهم ليست بالقليلة وأيضا تشربون من حليبها
فقالت أم خالد لا اخالف لك رايا
أخذ الشيخ الناقة وذهب بها إلى المكان الذي وضعوا فيه الفحل
طبعا جلست أم خالد تنتظر خالد يستيقظ فيجمع البيض من الحضيرة فتطبخه وتفطر عليه هي وأبنها
لم يطل أنتظارها حيث خرج خالد كعادته متجها للحضيرة ولكنه لم يرى أمه الثانية وأقصد البركة أسم الناقة
فجن جنونه ظنا أن أحدا سرقها فخرج لأمه مسرعا يخبرها بذلك
فهدأت من روعه وقالت قد أخذها الشيخ لكي يضعها مع جمل صديقه
أشتعلت نار الغيرة في قلب خالد وقال كيف سمحتي له بذلك ولكي علي قسما لو لمس هذا البعير أمي لأقتله
فأخد عصا ضخمة كانت على الأرض وأتجه لحضيرة الشيخ
كان الشيخ ومداوي يحتسيان قهوه الصباح ويتبادلان الحديث فاذا بهما يسمعان جلبه وصوت وصراخ
حيث أن خالد قد جاء ورأى البركه في الحضيره فقفز السور الذي احاط بالسفاح والسفاح متجه جهة البركة
فرأه مداوي وبدأ يصرخ عليه ويقول أرجع يا مجنون فألتفت الشيخ ورأى خالد متجها للبعير الهائج فوضع يده على رأسه وأغمض عيناه وهو يقول يارب سلم سلم
فلما تواجه خالد مع الجمل بدأ يضربه في رقبته ورجله ولم يتوقف فكلما أقترب الجمل منه ضربه حتى تراجع الجمل فأمسك بأمه البركة وأحتظنها وقال لا تخافي سأحميك منه
وبدأ يقودها للباب والجمل يقترب منه فأن وقف خالد وأستعد تراجع الجمل حتى أخرج الناقة من حضيرة الشيخ
فلما رأى الشيخ سجد لله شكرا أنه سلم خالد
فقال مداوي أن هذا الغلام لم يكن يدافع عن ناقة بل كنت أشعر أنه يدافع عن عرضه فهو ضحى بحياته من أجل ما يعتقد أنه يحمي شرفه
فوالله أن توجه هذا الغلام للخير فسينفع الناس وأن توجه للشر فويلا للناس منه
رجع خالد بالناقة إلى بيته
بينما ودع الشيخ مداوي وبعد أن سافر مداوي مع جمله السفاح
توجه الشيخ إلى أم خالد وعلامات الغضب تبان في وجهه
فلما وصل لقي أم خالد وأبنها جالسين بجوار الناقة البركة
فقال الشيخ ما فعلته اليوم يا خالد كان سوء أدب وقلة عقل
ظل خالدا ساكتا والأم تحاول بكلمات الأعتذار أن تهدأ الشيخ
ولكن الشيخ أستمر بالكلام وقال ما الفائدة من هذه الناقة أن لم تكن تلد او تحلب
فقال خالد ما ترجو من عيسى(هذا أسم أبن الشيخ الذي يصغر خالد بسنة) في الغد فقال الشيخ أريده أن يرعاني ويهتم بي في كبري
فقال خالد وأن كنت في ذلك الوقت لا فائدة منك بل لو كنت لا تستطيع أن تخدم نفسك فهل هذا يحق لأبنك أن يتخلص منك
فقال الشيخ لم يلد عيسى رجل بل ولد طفلا بذلت له مالي وصحتي حتى صار شاب قادر على الأهتمام بشؤنه فهل ينسى بعد ذلك تعبي
فقال خالد فهل تريد أن أصبح عاق عند أمي فوالله لا أريد منها أن تلد أو تحلب بل أريدها أن تعيش باقي حياتها في عز ورخاء
وأنا أعرف ياشيخ أنك أعطيتني الناقة بلا مقابل ولكني أعدك عندما أكبر أعطيك ما تطلب من مال في أمي البركة
سكت الشيخ قليلا ثم قال هل تعتبر هذه الناقة أم لك
فقال خالد نعم
ثم قال الشيخ وهل كنت تقاتل الجمل من أجل لا يهتك عرض الناقة التي تعتبرها أمك
فقال نعم
فقال الشيخ صدق مداوي صدق
ثم أتجه إلى خالد وأمسك برأسه وقبله وأعتذر منه وقال والله لو كنت أعلم بذلك ما كنت تجرأت ولمست ناقتك
فلما أنصرف الشيخ ذهب للسيف يخبره بما حدث وبما قاله مداوي صديقه البدوي
فقال السيف صدق مداوي يجب أن نوجهه للخير
وبعد أسبوع سيأتي الشيخ محمود ليستلم الجامع ويعلم أبناء القرية قراءة القرآن
ولكن يجب أن أحفز أبناء القرية لكي يتنافسون وبالأخص خالد
فقال الشيخ كيف ستحفزهم
قال السيف غدا حين أجمع أبناء القرية أخبرك
ذو العيون 8
فلما أجتمع أبناء القرية في صباح اليوم التالي عند السيف والذي كان يرافقه الشيخ ليرى بما يحفزهم
فأخذهم إلى الإسطبل الذي يمتلكه
وقال لهم من يجلس ساعة مع الشيخ محمود بعد صلاة العصر يتعلم قراءة القرآن الساعة التي تليه يأتي هنا أعلمه الفروسية
فرح ابناء القرية بذلك ولكن السيف قال ليس ذلك وحسب
بل من يحفظ القرآن كامل أمنحه خيلا يكون أبوه المشهر
فالمشهر كان في القرية يعبر عن معجزة وجدت ليعرف عن طريقه من الفارس المعجزة الذي يستطيع أن يمتطيه ويروضه
انصرف ابناء القرية ليخبروا أهاليهم بما وعدهم به السيف
وبقي السيف وأبنه سليمان والشيخ معيض وأبنه عيسى
وأيضا خالد الشارد الذهن فكل حواسه تراقب المشهر
فأنتبه له السيف فقال سأقول لكم حقيقة لا يعرفها إلا أنا حتى الشيخ لا يعرفها
هذا الخيل لم يستطع أن يركبه حتى الآن إلا رجل واحد
فنظر الشيخ بإستغراب وكذلك الأولاد داعبهم فضول المعرفة من هذا الرجل
فأشار السيف بيده لخالد وقال أبو هذا الغلام
أمسك الشيخ السيف وقال كيف حدث ذلك قال السيف سأخبرك بحقائق حصلت بيني وبين جابر وبدأ يسرد له كل ما حدث بينهم
ولم يقطع حديثه سوى صراخ سليمان وعيسى وهم يشيرون إلى خالد وهو يركض متجها للمشهر
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك