رواية مسلسل ذو العيون الصغيرة -18
فقال فهد ما الذي جاء بك إلى هنا قال خالد أرجوك أن تعفيني من أسئلتك بل وأرجوك أن تنسى ما كان بالماضي وإن كنت لا تستطيع فسأرحل من هذه القرية
قال فهد لا لا ترحل أنا سأعتبر أني عرفتك هذه اللحظة
ثم دخل طلال ومعه العشاء وبدأ يقول لقد حدث لي قصة لم أكن حتى أحلم أنها ستحدث لي
قال فهد وما هي قال بعد أن خرجت من عندك قلت في نفسي وما يذهب بي للمدينة التي بالقرب من هذه القرية
فقررت أن أتمشى بين الجبال فبدأت أمشي في تلك الطرق الغير ممهدة حتى رأيت غزال صغير فبدأت أتبعه دون أن أشعر أني قد ابتعدت وما هي إلا لحظات إلا وصوت إنفجار نزلت فوجدت أن العجلة قد شقتها أحدى الصخور الحادة فحاولت أن ابدلها لكن لم أستطع فك المسامير فبدأت أمشي على قدمي لكن غروب الشمس وأصوات الذئاب أرعبني فعدت للسيارة وأقفلت على نفسي وبقيت طوال الليل مستيقظا من شدة الخوف ولكن النوم أخيرا غلبني فنمت وما نهضت إلا بسبب حرارة الشمس ثم نزلت من السيارة وحاولت بالعجلة مرة أخرى لكن دون جدوى فأخذت جوالي وبدأت أبحث عن أبراج وغربت الشمس وأنا لم أجد شيء
رجعت للسيارة وانا أشعر بجوع شديد وعطش أشد وشرقت الشمس وأنا لا أستطيع الحراك فكنت أؤمن أنها نهايتي فلما حل الليل صليت ثم وضعت رأسي على المقود ولم أعد قادر على الحركة
ثم فجأة أصبحت أسمع أحد يطرق النافذة فكنت أعتقد أنها تخيلات ما قبل الموت لكن صوت الطرق إزداد فنظرت للنافذة فرأيت خالد فخفت منه أشد الخوف كنت أظنه ملك الموت
فبدأ فهد بالضحك وهو ينظر لخالد وهو يقول لقد كدت تقتله وأنت تريد تقديم المساعدة له فكيف لو كنت تريد قتله
قال طلال دعني أكمل فهذا الرجل التي تشمت به أنقذني بينما أنت كنت تراقب التلفاز
فقال فهد ليس ذنبي أن رجل بمثل طولك لا يستطيع أن يبدل عجلة سيارة
ثم قال طلال فلما دخلت البقالة قلت لصاحب البقالة أريد شراء كل ما في بقالتك فنظر لي نظرة فيها شك فقال لي هل أنت بكامل قواك العقليه؟
فقلت له بل أنا جاد بكلامي وأنت تعرف أني معلم هنا
فقال صاحب البقالة وما تريد أن تفعل بكل هذا فقلت له سوف أخذ أغراض والباقي أريدك أن توزعه على الضعفاء في القرية
ثم نظر إلى خالد وقال ولك أنت عندي هدية عظيمة أحس فهد أن طلال ضرب الوتر الحساس عند خالد فهو يعرفه منذ كان في القرية فخالد سيعتبر أن هذا الكلام إهانة له
لكن الغريب أن خالد قال إن كنت بالفعل تريد أن تهديني فأبحث لي في القرية عن رجل يبحث عن راعي غنم
قال طلال تريد أن تصبح راعي غنم سوف أشتري لك قطيع من الغنم إن كنت تحب رعي الغنم
لكن هذه المرة نظر خالد إلى طلال بنظارات حادة وقال هل أنت الآن
ذو العيون 111
تريد أن تشتريني بمالك أحس طلال أنه تجاوز حدوده فأعتذر وقال لا أقصد
فقال فهد أنا أعرف لك رجل يبحث عن عامل يرعى غنمه
فقال خالد أكون لك شاكرا
أراد خالد الإنصراف فقال له طلال هل ستذهب لبيتك فقال نعم
لكن فهد قال اجلس فالخروج في القرية في مثل هذا الوقت خطر وكأنه يقول كيف ستنام في العراء
وأصر فهد على بقاؤه فما كان من خالد إلا النزول عند رغبة فهد
وفي اليوم التالي ذهب فهد إلى زايد المكنى بأبو مشاري ليخبره أن لديه شاب يريد العمل
لكن أبو مشاري تردد وقال أخشى من هذا الشاب فقال فهد أنا أضمنه لك وأكفله
قال أبو مشاري سأقول لك بكل صراحة أخشى على عفيفة منه لأنه سيسكن في غرفة العامل القريبة من بيب أبو عفيفة
فقال فهد أما هذا الأمر فأنا أضمنه
قال أبو مشاري هل أنت متأكد فقال فهد نعم
فقال أبو مشاري دعنا نذهب إلى أبوعفيفة وبالفعل أخبراه فوافق بسرعه فتعجب أبو مشاري من ذلك فقال له أبو عفيفة لا تتعجب فأنا رأفت لحال عفيفة فهي التي أصبحت تقوم بكل شيء فأريد أن أريحها
قال فهد إذا سوف يأتيك في العصر
وبالفعل جاء خالد إلى ابو عفيفة في العصر وبدأ أبو عفيفة يشرح لخالد المطلوب منه
وبالفعل في صباح اليوم التالي ذهب خالد وأخذ غنم أبو عفيفة وبدأ يرعاها في المناطق التي بها مرعى ومع الغروب يعود بها ويدخل غرفته فيرتاح فيها وإذا صلى العشاء ينام
وهكذا مضى أسبوع من حياة خالد دون أي مشاكل شعر خالد بالراحة ولكن صفو الأيام لا يدوم فهذا فواز وأخاه الصغير فايز قادمين ليدخلا حياة خالد
كان فواز في العشرينات من عمره بينما كان فايز بالمرحلة الثانوية
وكعاداتهم في إيذاء الناس بينما كانا في سيارتهما يتجولان في القرية تقابلا مع خالد وهو يسوق الأغنام إلى المرعى فبدأ فواز يضغط على المنبه ويفرق الأغنام ولكن خالد وعلى غير عادته بقي متفرج وكان أبو عفيفة يرى المنظر فذهب إلى خالد وبدأ ينصحه أن يبقى هكذا في التعامل مع هذان الشابان لكي يتجنب شرهم
علم أبو مشاري بما حدث فأمسك بخالد وقال له بل سأخبرك بشيء أشد من ذلك فهذان الشابان وبعد كل فترة كانا يأتيان للعامل فيجبراه أن يحمل لهم خروف أو تيس صغير فإن قابلا أبو عفيفة يقولان له سوف نسددك فيما بعد وهكذا يفعلان وأبوعفيفة يحاول دوما أن يكتفي شرهم بالتي هي أحسن
فأنا أخبرك بهذا الكلام حتى لا تنفجع من الأمر
شعر خالد بالغضب فذهب وقت العصر إلى فهد وطلال اللذان كان متجهان إلى أبوعايد فذهب خالد معهم
وهناك عرف خالد أن أبوعابد هو أبا فواز وفايز فبدأ خالد يشكي له منهما فقال أبوعابد يبدوا أنهم قد أزعجاك ولكن هل تصدقني إن قلت لك أنهما يعتبران ملكين بالنسبه لأخيهم عايد
ثم بدأ أبو عايد بالبكاء وقال والله إني أدعو الله يوميا أما يهديهم أو يسمعني خبر موتهم فأخاهم عايد لم يمد يده على أهل القرية وحسب بل مد يده وضربني أنا وأمه لأننا أيقظناه لصلاة الفجر
أحس خالد أن فجر المشاكل اقترب وأنه لن يتحمل الذل مهما وصلت الأمور
ذو العيون 112
وبالفعل وفي صباح أحد الأيام نهض خالد على صوت طرق باب غرفته فنهض وفتح الباب فإذا بفايز الذي يطرق الباب فإذا به يأمره أن يأتي له بخروف صغير وكان أبوعفيفة مار بالصدفة فرأى فايز فعرف ما أتى له فقال لخالد إعطه ما يريد وكان أبوعفيفة يريد تجنب شرهم
فذهب خالد وأحضر خروف صغير فلما وصل إلى فايز قال له متى تحضر المال لما سمع فايز ذلك قال وما شأنك أنت فلست سوى عامل وكان يريد أن يضربه على كتفه لكن خالد أمسك ساعده بقبضة يده وبدأ يشدها بكل قوة وكان يضع يده في فم فايز حتى لا يسمع أبوعفيفة صياحه ثم قال له إذا أصبح معك مال فتعال وأشتر الخروف الذي تريده فلم يترك خالد يد فايز إلا بعد أن كسرها
ثم رحل فايز وهو يتوعد ويزمجر فبدأ خالد يسرع في إخراج الأغنام إلى المرعى وفي الحقيقة كان يعلم حق العلم أن فايز سيخبر أخاه فواز الذي سيأتي لينتقم لأخاه
وصل فايز لأخاه فواز وهو قد وضع السرج على حصانه لكي يركبه مع رفاقه في الرحلة التي كانت مقررة بينهم على أحد خراف أبوعفيفة
فلما علم فواز بما حدث ركب الخيل وأنطلق فلما وصل بيت أبو عفيفة رأى الأغنام أصبحت بعيدة بل عرف أن الراعي يريد الإختباء خلف بعض الكثبان الرملية وبالفعل كان خالد يريد الإختباء ليس من فواز بل من أنظار أبو عفيفة
وبالفعل نجح في ذلك ثم بدأ يسمع صوت أقدام الحصان قادمه وكان فواز يريد أن يصدمه صدمة خفيفة بالحصان لكي يعلمه درس لا ينساه ولكن فواز تفاجأ أن خالد أصبح خلفه على ظهر الحصان بل أصبح المسيطر على لجام الحصان الذي جعله يقف إلى أن أسقطه ومع سقوط الخيل قفز خالد وهو ممسك بفواز ثم وضع رأسه في التراب وبدأ يقول له لو كسرت رقبتك هنا سيقولون عثر به الخيل وأنكسرت رقبته لكني سأمنحك هذه الفرصة إن تعرضت أنت أو أخاك لي أو لأغنام أبو عفيفة فثق أن نهايتك ستكون بيدي شعر فواز أنه ليس ند لهذا الوحش البشري ولم يتوانى بالفرار بعد أن تركه خالد
رجع خالد قبل الغروب بالأغنام ولم يعلم بما حدث بين خالد وفواز وأخيه سواهم
فقال أبو عفيفة أريدك أن تأتي لي بثلاثة خراف فلدي اليوم عشاء وبالفعل أتى خالد بالخراف لمكان معد للذبح وكان أبو عفيفة ينتظر أبومشاري ليساعدهم في ذبح الخراف
فلما تأخر قال أبو عفيفة لخالد انتظرني هنا سأتي حالا
وبالفعل وصل أبو عفيفة إلى بيت أبو مشاري وقال ما بك نسيت ما أتفقنا عليه فضرب أبو مشاري على رأسه وقال والله لقد نسيت فقال أبوعفيفة هيا إذا تعال معي فلما وصلا وجدا جميع الخراف قد ذبحت وقد وضعت في القدور
نظر أبوعفيفة إلى خالد وقال أنت فعلت هذا لوحدك فقال خالد لم يكن هذا متعبا
فقال أبوعفيفة ما شاء الله عليك يا خالد
فقال خالد من سيطبخ هذه الخراف فقال أبو مشاري بالطبع ستطبخها عفيفة فقال خالد ولما لا تذهب بها إلى مطعم فضحك أبومشاري وقال لست بالمدينة ياخالد فأنت في قرية عليك فيها أن تذبح ذبيحتك وتطبخها
فقال خالد فقط شعرت أن طبخ ثلاثة خراف أمر متعب
فقال أبوعفيفة أنت معزوم ياخالد فأحضر بعد صلاة المغرب لكن خالد اعتذر فقال أبو مشاري الموجودون ليسوا سوى عدلاؤك
وقعت هذه الكلمات في إذن خالد لكنه تظاهر بعدم سماعها وأصر على اعتذاره
ولكن كلام أبومشاري وقع على أبو عفيفة
ذو العيون 113
حيث نزل كلام أبومشاري على ابوعفيفة كالصاعقة فكيف يتجرأ أبومشاري ويطلب من خالد أن يتزوج عفيفة وهو يعلم ما حدث لعفيفة لكن أبو عفيفة أبقى الأمر في نفسه
بالفعل بدأت عفيفة تطبخ الخرفان وطلب أباها منها بعد أن تنتهي ان ترسل عشاء لخالد مع مشاري ولد خالها الصغير
وبعد أن أنتهت من طبخ العشاء وإيضا بعد أن أعدت عشاء خالد حاولت في مشاري أن يذهب به لغرفة خالد لكنه رفض فهو يريد اللعب مع الأطفال فعزمت أن تذهب بالعشاء بنفسها إلى خالد فلما وصلت عند الباب وضعته عند الباب فأرادت أن تطرق الباب ثم ترحل لكن حالة خوف جعلتها تتوقف من طرق الباب فأرادت أن ترحل وتترك العشاء عند الباب فتفاجأت بصوت يخاطبها بجوار الغرفة يقول وكيف سأعلم أنك وضعت عشاء عند الباب فنظرت عفيفة لمصدر الصوت فرأت خالد قد فرش له فراش وهو مستلقي يتابع النجوم فأحست بنبضات شديدة فأكملت ذهابها دون أن ترد عليه
وبعد مرور أيام كان فواز يخطط فيها للإنتقام من خالد
وبالفعل جمع معه عشرة من أصدقاءه من القرية ثم راقبوا خالد حتى خرج من القرية فتبعوه وكان خالد قد شعر بهم
لكنه كان يريدهم أن يتبعوه إلى خارج القرية وبالفعل بعد أن خرج من القرية تجمعوا عليه فواز وأصدقاءه وكانوا يحملون خيزرانات وعصي ولكنهم لم يخطر ببالهم أنهم يواجهوا رجل يستطيع أن يقتل رجل بضربة واحدة
لكن خالد كان يضرب بضربات غير مميتة لكن مؤلمة ومؤذية
حتى جعلهم يتمددون على الأرض ثم أمسك بفواز وقال له يبدوا أنك لا تعرف أني كنت جاد فيما أخبرتك به
فبدأ فواز يبكي ويرجو من خالد أن يعفو عنه فتركه خالد وذهب ليكمل عمله ولم يعلم أحد بما حدث سوى من شهد الحدث
عندما احس أبوعفيفة بإخلاص خالد في العمل منحه الخميس والجمعة إجازة يفعل فيها ما يشاء وكان خالد يقضي وقته هذا مع صديقاه فهد وطلال ولكن أحيانا طلال يذهب للمدينة المجاورة لكي يتصل بوالديه ويشتري ما يحتاجه
فيبقى فهد وخالد وحدهما وبينما كانا جالسان في إحدى الليالي لوحدهما أحس فهد أن لدى خالد سؤال يريد أن يطرحه
فقال له فهد أشعر أنك تريد أن تسألني لكن هناك شيء يمنعك
قال خالد نعم فأنا أريد أن أسألك في شيء قد مضى ولكن كيف أسألك هذا السؤال وأنا لا أحب أن يسألني أحد عن الماضي
قال فهد أنا أعرف ما تريد أن تسألني
فأنت لا زلت تذكرني في قريتك شاب مدخن ولا يحافظ على الصلاة وتظهر عليه مظاهر الفساد والآن ترى رجل قد أطلق لحيته وقصر ثوبه ولا تفوته الصلوات
قصتي يخالد أنت تعرف بدايتها حيث تعرفت على الاستاذ و الشيخ مصعب في قريتكم وكان حريص جدا على نصحي ولكن لم أكن أهتم لذلك كثيرا
والحقيقة تقول أن الجلوس مع الشيخ مصعب كان أمر ممتع فالرجل كان لديه طريقة في الجذب فلا تشعر بالملل بسماعه
وبعد أن نقلت وأفترقنا كان رقمه معي وكنت أتصل به فكان يحدثني عما حدث له ويحاول أن ينصحني ويرغبني بمرافقة الصالحين وتجنب الرفقة السيئة
ومع ذلك كنت لا زلت أمشي في طريق الضياع وفي أحد المرات ذهبت مع صديق لي إلى المستشفى أصر علي بالذهاب معه
كان يعاني من آلام في معدته لم يجد له علاج
فكان يريد أن يقوم بفحص شامل على نفسه فلما دخلنا المستشفى أقسم علي إلا أن أفحص معه
وبالفعل أجرينا الفحص ولما ذهبنا لمعرفة النتائج كانت نتيجة صديقي سليمة أما أنا تم أخذي في غرفة وبدأ الطبيب يحدثني ويحاول أن يجعلني أتقبل الواقع
وبدأ يدخل في صلب الموضوع فقال لي النتائج أظهرت بعض الشكوك بأنك مصاب بالسرطان
لما سمعت كلامه شعرت بأن الأرض من تحتي تدور فلما أحس الطبيب أني صدمت قال ليس ذلك شرط أن يكون صحيحا ولهذا سوف نعيد لك التحاليل
وبالفعل عدت التحاليل التي أكدت إصابتي بمرض السرطان
حينها وبلا شعور بدأت أبكي وأخرجت جوالي وأتصلت على؟
ذو العيون114
أتصلت على الشيخ مصعب في الصباح الباكر وكان بالرياض وأنا في الشمال وأخبرته بما أصابني فبدأ يصبرني ويفتح لي باب أمل إنه باب الله الذي لا يخيب من طرقه
ولما أنتصف الليل إذا برقم الشيخ مصعب يدق فرددت على الإتصال فإذا الشيخ مصعب يقول أنا الآن بالشمال وبمدينتك فحدد لي مكانك
لما سمعت كلامه كدت أن أطير من الفرح فلقد كنت بضيقة عجيبة
فحددت له مكان وقابلته فيه فوجدت معه شيخ آخر من أهل المدينة أسمه الشيخ تركي
ومكث معي مصعب ثلاثة أيام كان لا يفارقني فأحياننا نذهب إلى حلقات لتحفيظ القرآن أو نحضر ندوات وأيضا ذهبنا للقنص وقضينا يوم بالبر
كنت سعيدا للغاية بل نسيت ما أصابني من مرض وبدأت أشعر براحة وطمأنينة لما أصبحت أحافظ على الصلوات واصبحت أكثر الإستغفار
لكن فرحتي أنقطعت لما أخبرني الشيخ مصعب أنه مسافر فهو لا يستطيع أن يجلس معي أكثر من هذا الوقت
ولكنه قال لي قبل أن يغادر سوف يزورك الشيخ تركي وبالفعل جاء الشيخ تركي وجلس معي ثم قال لي لدي لك فكرة إن أردت الأخذ بها فسوف أساعدك وإن رفضتها فهذا من حقك
قلت وما هي الفكرة
قال هناك رجل يعيش في قرية نائية وهو يعيش كعيش أهل البادية لديه نياق يرعاها ويسكن بجوارها
فإن ذهبت وجلست معه تشرب من حليب النياق وتخلطه ببولها فقد يكتب الله لك الشفاء
بالفعل وافقت وجئت إلى هنا وتعرفت على الرجل الذي هو أبوعايد
حيث استقبلني خير استقبال وأكرمني وعاملني بكل حفاوة
وكنت قد أخذت إجازة استثنائية بدون راتب فلم يكن لدي إلا المال القليل
ومع ذلك رفض أبوعايد أن يأخذ مني ولو هللة وكان يقول لي لن أزيد في طعامي إلا بحبيب يشاركني وطعام الواحد يكفي أثنان
وبعد مضي ثمان شهور شعرت أن صحتي رجعت أفضل من السابق فعدت للمستشفى وحللت ليندهش الطبيب الذي كان يعالجني ويقول ليس لديك أي أثر أنك أصبت بالسرطان
بعدها طلبت نقل إلى هذه القرية وعشت فيها أجمل لحظات حياتي شعرت فيها بمتعة العبادة
كان الشيخ مصعب يقول ذلك ولكن لم أشعر بذلك إلا في هذه الأوقات بعدت أن إلتزمت وتركت طريق الزيغ والفساد
ثم قال فهد هذه قصتي يا خالد ولكن لن أسألك عن قصتك ولكن إن أردت أن تقولها لي فستجدني خير من يستمع لك
نظر خالد له وقال قصتي ليست سوى ظلام دامس لا ينتهي وأتمنى أن يأتي يوم أنسى فيها هذا الماضي الذي يطاردني
أتعرف يا فهد أن كل ما أريده؟
ذو العيون115
فكل ما أريده أن يصبح لي أسرة أهتم بها وتهتم بي فلقد مللت حياة التشرد ولا أدري كيف أنت حتى الآن صابر على حياة العزوبية
ضحك فهد وقال بل أنا متزوج ولدي طفل أسمه الوليد ولكن زوجتي رفضت أن تعيش معي في هذه القرية فأفترقنا
لأني بصدق لم أعد قادر على العيش بالمدينة
قال خالد إذا تزوج من بنات القرية
قال فهد قد فاتحني أبو مشاري بهذا الموضوع وقال لي بالحرف الواحد أريد أن أزوجك بنت أختي عفيفة
لكني رفضت فقال خالد ولما رفضت بقي فهد صامتا لبعض الوقت وقال قصة حدثت لعفيفة جعلت جميع شباب أهل القرية لا يفكرون الزواج منها
استغرب خالد وفهم من كلام فهد أن عفيفة كانت من البنات اللاتي أغواهم الشيطان فدنست شرفها بعبثها
وما لبثا إلا وطلال داخل عليهما فأقفلا الحديث في موضوعهما وبدأ يفتحون مواضيع أخرى
رجع خالد إلى غرفته وهو يفكر هل من المعقول أن فتاة مثل عفيفة قد زلت فدنست شرفها
فلم يتصور الموضوع وشعر أن عفيفة مظلومة وأنها تعاني مثل معاناته
وفي صباح اليوم التالي ذهب خالد إلى أبو مشاري وطلب منه أن يتوسط له في خطبة عفيفة
وبالفعل ذهب أبومشاري إلى أبوعفيفة وأخبره بما طلبه خالد بقي أبوعفيفة صامتا لفترة أحس فيها أبومشاري أنه غاضب منه
فقال أبومشاري ما حدث لعفيفة في الماضي ليس بذنبها فلا تجعل ذلك يدمر حياتها
قال أبوعفيفة أنا موافق بشرط أن نخبره بما حدث لعفيفة وبالفعل ذهبا إلى خالد وقالا له نحن سنخبرك بشيء حدث لعفيفة في الماضي
لكن خالد قاطعهما وقال هل تعرفان شيء عن ماضيي
فقالا لا
فقال خالد لكنكما تعرفان حاضري فقالا نعم فقال خالد وأنا كذلك أعرف أني قد رافقتكم مدة من الزمن فلم أرى أفضل منكم وكذلك هي عفيفة
هز أبو مشاري رأسه وقال إذا على بركة الله فأخبر أبو عفيفة عن خطبة خالد لها فما رأيك سكتت عفيفة لأنها بدأت تفكر في أحلامها عن الحياة الوردية التي تنتظرها لكن الشيطان وسوس لها ليحطم هذا الحلم وأحست أن خالد يريد الزواج بها إما لأن أباها عقد معه صفقة لكي يوافق أن يتزوجها أو أن خالد فعل ذلك شفقة بها
فنظرت لأباها بغضب وقالت هل تريد الخلاص مني
فلم يناقشها أباها لانه شعر بما شعرت به فقال إذا أنت رافضة فذهب إلى خالد وقال يابني كان يسعدني أن أزوجك أبنتي ولكن هي رفضت
أنصدم خالد ولكنه طلب من أبوعفيفة أن يسمح له بالحديث مع عفيفة
فأدخله أبو عفيفة البيت ثم نادى إبنته وطلب منها أن تقف عند الباب تستمع ما يريد خالد قوله
فبدأ خالد يتكلم وقال أنا لا ألومك أن رفضتي شاب لا تعرفي عن ماضيه شيء وكذلك أردت أن أقول لك أني مقطوع من شجرة فكنتي أنتي الأمل لي في أن أكون أسرة والشيء الذي أتمنى أن أعرفه لماذا رفضتني
قالت عفيفة أريدك تقسم لي الآن
فقال خالد على ماذا
فقالت أقسم؟
ذو العيون 116
أن تقسم بأنك لم تخطبني بسبب إغراءات قدمها لك أبي أو من أجل شفقة منك علي
ضحك خالد وقال أقسم أني أريدك أنتي بنفسك فأنتي قد علمتك الحياة الكثير فأنا أريد زوجة تقدر الحياة ومصاعبها
حينها وافقت عفيفة
ولكنها قالت أين ستسكن سكت خالد فليس لديه شيء
فقال أبوعفيفة هل تريدين الخلاص من أبيك فقال عفيفة لا لم أقصد ذلك قال إذا تسكنا معي
وكان أبوعفيفة يعلم أن خالد لا يملك شيء
وتم تحديد الزواج بعد أسبوع
فذهب خالد إلى صديقاه طلال وفهد ودخل عليهم بالشقة فوجدهما جالسان فأخذ ورقتان وبدأ يكتب فيها وهم ينظران فيه بإستغراب
كتب بالورقتان أتقدم لكم بخطابي هذا من أجل حضور زواجي في يوم الخميس القادم علما أن حضورك مقيد بشرط بعدم إحضار أي معونة مادية علما أنكما الضيفان الوحيدان اللذان دعوتهما لعرسي
ثم أعطاهما الورقتان فتغير وجه فهد بينما طلال بدأ يمازح خالد وقال لا تريد أن نعاونك حتى لا تردها أكثر فنظر له خالد وقال له ومن قال لك أني سأحضر عرسك
لكن فهد نادى خالد وأخذه بأحد الغرف وقال لما لم تخبرني قبل أن تخطب بنت أبو عفيفة فقال خالد أرجوك يافهد لا تحدثني عن الماضي فأنا أريد أن أعيش الحاضر فقط
فقال فهد هل أخبرك أبوعفيفة قال خالد أنا رفضت أن يخبرني بشيء
وبالفعل تزوج خالد وشعر في الإسبوع الأول بسعادة غامرة
وكان يذهب إلى صديقاه ويلومهما على تأخرهم عن الزواج
لكن طلال فاجأه بقوله بقي لي ثلاثة أسابيع بهذه القرية ثم أنقل الرياض حينها أفكر بالزواج فقال خالد وهل نقلت قال فهد منذ ثلاثة أشهر وأسمه من المنقولين شعر خالد بإستياء فأحد من أحبهما بالقرية سيرحل
ولما بدأ الأسبوع الآخر في الزواج بدأت مطالب عفيفة تظهر فكانت تقول لخالد ألن نسافر شهر كما يفعل العرسان فقال خالد ولما السفر هل من أجل البحث عن السعادة نستطيع أن نكون سعيدان ولو كنا في بئر لكن عفيفة ظلت تلح كل يوم في مطالبها
وكان يذهب لصديقاه ويخبرهما بما آل عليه الحال فقال طلال خذ سيارتي وتمشى بها في أي مكان وخذ راحتك ولو بقت معك طول حياتك فنظر له خالد وقال هل تظن أني أشحثك فقال طلال لا وإنما أحل مشكلتك
بدأت الإختبارات وكان فايز من ضمن الطلاب الذين يمتحنون وكان يغش بالإمتحانات دون أن يعترض عليه أي معلم فرآه طلال فأمسك به وأخذ ورقته وبدأ يكتب له محضر غش فجاء مدير المدرسة وأقترب منه وقال له بصوت خافت هل تعرف ما المشاكل التي قد يسببه لك هذا الفتى فقال طلال هل تخوفني فقال المدير لا وأنما أردت أن أخبرك أن إدارة التعليم لن تعوضك بسيارتك إن إحترقت أو لن تقدم لك خطاب شكر إن صورت وأنت تضرب خارج المدرسة
وأنت حر فيما تفعل أكمل طلال ما قام به فقام فايز وقال ستندم كثيرا وخرج
بالطبع كان خالد لديه أمتحان آخر وهو كيف يقنع زوجته بترك السفر ولكن فشل فقال لها ما رأيك نقضي أسبوع في البر أنا وأنتي فقط ونكون نحن أول زوجان يفعلان ذلك وافقت عفيفة بعد أن يئست أن يذهب بها إلى الأماكن التي تريدها
فذهب خالد إلى فهد وطلب منه أن يطلب طلال أن يعطيه سيارته أسبوع وبالفعل ذهب فهد إلى المدرسة وكان طلال لا زال يصحح أجوبة الطلاب
فأخبره فهد بما طلبه خالد فأعطاه مفتاح السيارة وقال له أخبره أني سأذهب مع أحد الزملاء فخالي سالم أدخل المستشفى فأنا ذاهب لزيارته
وكان يوم أربعاء رجع فهد إلى خالد الذي تركه بالبيت وأخبره بما قاله طلال ثم قال له أنا معزوم على الغداء عند أبوعايد هل ستذهب معي
فأعتذر خالد فذهب فهد فلما أراد خالد الخروج رأى في التلفاز صورة صديقه الشرس؟
ذو العيون 117
بدأ خالد يدقق النظر في الصورة ويقول عبدالعزيز وكانت القنوات تتحدث عن قصة الجندي الشجاع في حرس الحدود عبدالعزيز الذي ألقى القبض على مهرب كان يلقب بالرمال الزاحفة وذلك إشارة على عدم قدرة أحد على إيقافه
ولكن الشرس قبض عليه فلما أراد الإعلام إجراء مقابلة مع عبدالعزيز يحدثهم كيف ألقى القبض على هذا المهرب
لكنه رفض ولكن وافق أن يتم تصويره وهو يفعل حركة معينة كان يريد منها إرسال رسالة إلى صديقه حيث رفع يده للسماء مثل السيف ثم طعن بها الرمال فغاصت يده بين الرمال حتى مرفقه فسرها الإعلام أنه يتوعد أن من يريد المساس بأمن الوطن سيدفنه بين الرمال
لكن الوحيد الذي فهم ما كان يقصد هو ذو فهو يريد أن يقول أن فعلت ما فعلته فسلم نفسك
وكان عبدالعزيز يرجو أن يرآه ذو ويعرف قصده
وبينما كان الشرس شارد يفكر في ذو أمسكه أحد زملاءه وقال له منذ اليوم كن حذر فجماعة الرجل الملقب بالرمال الزاحفة لن تتركك وسوف تثأر منك لكن عبدالعزيز لم يأبه لذلك
بقي خالد مثبت صورة التلفاز على صديقه الشرس وبدأ بالسرحان يتذكر الأيام التي مضت بينهما
لكن صوت عال وطرق على الباب بقوة أيقظه من سرحانه فلما فتح الباب وجد فايز ومعه أخوه فواز والشباب الذين كانوا معهم لما ضربهم
وما أغضب خالد أنه رأى جميع زجاج سيارة طلال مهشمة فأمسك بفايز ثم أدخله البيت ثم قال لأخوه فواز أقسم لك إن لم تصلح الزجاج خلال خمس ساعات لأهشم رأس أخيك
ثم دخل وربط فايز في أحد الكراسي
فجن جنون فواز ولكن أحد أصدقاؤه قال سوف أذهب لأحضر الزجاج من دكان أبي في المدينة التي بجوارنا وسوف نركبه قبل أن تنقضي الخمس ساعات وبالفعل مضى
ولكن فواز ذهب إلى بقالة بالقرية بها تلفون تتكلم به بأجره فكلم أخوه عايد وأخبره بما حدث فكاد عايد أن ينفجر غضبا ثم قال أخبرني ما سوف يحدث معكم
ولكن صديق فواز وبعد أربع ساعات أصلح السيارة وطرق الباب على خالد فلما رأى السيارة قد تم اصلاحها ترك فايز يرحل فلما علم فواز دق على أخيه عايد وأخبره بما حدث فقال عايد سوف أعود قريبا إلى القرية وسوف أري هذا الشاب حدوده
أخذ خالد السيارة وأركب عفيفة وبدأ يشق الجبال والرمال فقالت عفيفة وبعد أن قضيا الأسبوع وهما عائدان لدي لك خبر سار
فنظر خالد لها وقال ما هو فقالت أعتقد أني حامل حينها كانت تشعر أن خالد سيقف بالسيارة ويحضنها ويسمعها كلاما معسولا كما يفعل دائما
لكن كانت رد فعل خالد مختلفة جدا حيث إحمر وجهه وبقي صامتا وأتضح على ملامحه الحزن فأستغربت عفيفة ذلك وقالت يبدوا أنك تشك هل هذا الولد الذي ببطني هل هو ولدك
فضعط خالد بكل قوة على المكابح فكادت عفيفة أن تضرب برأسها بالزجاج
وقال لها إياكي أن تقولي هذا الكلام فإن كنت أشك بك لم أكن سأتزوجك
ولكن أخشى من دمائي الفاسدة تنتقل إلى ولدك
قالت عفيفة دماء فاسدة ما الذي تقصده لكن خالد لم يجبها
فلما وصلا إلى البيت ذهب خالد وأعطى طلال سيارته وشكره عليها
فقال طلال لدي خبر سعيدا لكما فأنا منذ أن جئت إلى هنا وأنا أرسل برقيات وفاكسات على الإتصالات لكي يضعوا أبراج هنا وبعد كل محاولاتي وافقت الشركة وسيصبح بإمكانكما أن تتكلما بالجوال هنا بعد أسبوعان ولكن المشكلة الوحيدة التي تقف بطريقي أن رقم جوال أخي خالد ليس معي
نظر له خالد وقال يا أخي الصغير طلال إن أردت الإتصال بي فدق على أخينا الكبير فهد فستجدني بجواره
رحل طلال وبقي فهد وخالد يتزاوران لكن فهد اكتشف شيء سيغير حياة خالد نهائيا ؟
ذو العيون 118
أكتشف فهد أن حال خالد تضعف يوما بعد يوم وأن جسمه بدأ يهزل
فبدأ يراقبه وكانت حالة خالد تزداد سوء وما زاد الطين بلة أن عفيفة جاءت لخالد وهي تحمل بنطاله وتريه بقعة دم وتقول هل هذا ما قصدته بالدماء الفاسده فيضحك خالد ويقول نعم فقالت عفيفة يبدوا أنك مصاب بجرح فدعني أضمده لك لكن خالد قال قد شفي الجرح
وذهب مع صديقه فهد فخرجا إلى البر وجلسا على الرمال
فقال فهد لخالد أشعر أنك مصاب بمرض أنا أعرفه جيدا
لكن خالد حاول أن يغير الموضوع فقال له فهد هل أنت تصاب بالاستفراغ إذا أكلت قال خالد نعم فقال له وهل تنزف دما هز خالد نعم
حينها طرق فهد بيده على رأسه وهو يقول لا حول ولا قوة إلا بالله
فشعر خالد بالضيق ولكن جوال فهد رن فلما نظر فهد له قال إنه طلال فخطفه خالد منه وقال دعني أكلمه ليسليني فلقد سببت لي الكأبة
فلما ضغط خالد على الرد بقي ساكت وبعد ثوان مد يده إلى فهد وأعطاه الجوال فأستغرب فهد لما لا يريد خالد أن يكلم طلال
فلما أجاب فهد عرف أن هذا الصوت ليس صوت طلال ولكنه صوت معروف فكان المتكلم يقول هل عرفتني يا فهد فأجابه هل أنت الشيخ مصعب
فضحك الشيخ وقال نعم إليست الدنيا صغيرة هذا صديقك طلال تم تعينه بالمدرسة التي أنا فيها ولقد حدثني عنك وعن صديق آخر أسمه خالد كان طلال يلقبه بصاحب عيون الصقر
فنظر فهد إلى خالد وخالد يشير برأسه أن لا تخبره
فقال الشيخ مصعب إنتابني شعور أن هذا الشاب هو ذو العيون الصغيرة
ضحك فهد وقال تقصد الفتى الذي قابلناه في تلك القرية
فقال الشيخ مصعب نعم فقال فهد لا ليس هو
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك