بارت من

رواية مسلسل ذو العيون الصغيرة -12

رواية مسلسل ذو العيون الصغيرة - غرام

رواية مسلسل ذو العيون الصغيرة -12

أنا سوف أترك يدك اليسرى بعد أن كسرتها وأعرف أنك تستطيع أن تحمل السيف بيدك اليمين وتستطيع أن تضربني به لكني متأكد أنك لن تفعل ذلك لأني سأدير لك ظهري
وبالفعل بدأ ذو يمشي وكان عازما على أن يخرج من ساحة القتال
لكن العجوز أم مشعل بدأت تصرخ وتقول أين ستهرب من أبني مشعل فسيثأر اليوم لأخيه
ثم بدأت العجوز تدفع ابنها لساحة القتال وبدأ مشعل يمشي ورجلاه ترتجفان فما رآه لم يكن حلم بل حقيقة
نظر ذو لخصمة فشعر أنه عار عليه أن يقاتل مثل هذا الغلام فأراد الخروج من ساحة القتال فوقف الشيخ فرحان وقال أن هرب ذو من مواجهة مشعل سيعتبر أتفاقنا باطل
غضب ذو أشد الغضب ثم اندفع بكل قوته إلى مشعل الكل توقع أنها نهاية مشعل لكن ذو وقف أمام مشعل وبدأ يخاطبه بصوت خافت قال فيه سوف انفث الهواء من فمي فإن لم تسقط كالميت فسأجعلك بالفعل ميت
وبالفعل نفث ذو الهواء من فمه ومن شدة خوف مشعل سقط مغشيا عليه
امسك الشيخ جبران بيد الشيخ فرحان وقال الرجال تفي بعهودها فنظر الشيخ فرحان للشيخ جبران وقال بل نريدك أن تجيرنا منه فهذا ليس إلا كما وصفه مسننا مارد من مردة الجن
رجع كل إلى قريته وأقترب مشبب من ذو وبارك له ثم بدأ يتحدث معه أنه يحتاج شريك يمتلك نفس ما يمتلكه ذو فنظر ذو إلى مشبب قد أخبرتك أني لن أنضم اليك
فأبتسم مشبب وقال أتعرف لما جعلك أهل القرية تخوض هذا التحدي لوحدك
فنظر ذو إلى مشبب بنظرات حادة وسأله لماذا
فقال مشبب ؟

ذو العيون 56

لأنهم لا يعتبرونك مثلهم فإن قتلت فلقد لقيت جزاء فعلتك وإن نجوت فسيستفيدون منك في معركة اخرى
وأن أردت الدليل على ذلك فتقدم لخطبه بنات أهل القرية وحينها ستعرف ما أقصد بأنهم لا يعتبرونك مثلهم
تذكر ذو مازن وكلامه ولكنه حاول أن يطرد هذه الأوهام
وظل ذو يفكر لعدة أيام فكلام مشبب بعث الشك في قلبه أن أهل القرية لا يعتبرونه مثلهم
فأراد أن يقطع الشك باليقين
فذهب للشيخ معيض وخطب ابنته ولم يكن ذو يريد الزواج بل يريد أن يرى ردة فعل الشيخ أن خطب إبنته
وحدث ما لم يكن يعتقده ذو حيث ارتبك الشيخ وبدأ يتعتع في كلامه وحاول أن يصرف ذو وبدأ يقول الشيخ معيض تأخرت يا ذو فالبنت خطبت من أبن خالها
شعر ذو بالصدمة وأحس أن الشيخ يكذب عليه
لكنه حاول أن يحسن الظن وقال في نفسه قد يكون صادق
فذهب ذو للسيف وخطب ابنته
بقي السيف صامتا وكأن أحدا صفعه على وجهه ثم نظر السيف في ذو وقال أنت خير من أزوجه أبنتي لكن لا زالت أبنتي صغيرة
رجع ذو للبيت وهو مطأطأ الرأس يتذكر كل كلمه قالها له مازن فرأته جدته وقالت ما بك
فأبتسم ذو وأخبرها بما حدث ثم قال اعتقد أن الناس هنا يروني عار يمشي على الأرض غضبت أم جابر وقالت إياك أن تصف نفسك بهذا الكلام
ثم حاولت أن تخفف عليه ما حدث له بالحديث عن بنت عمه حسن سلمى وتصف له أدبها وحسن تصرفها
قاطع ذو جدته وقال لماذا تحدثيني بهذا الحديث
فقالت لأني سأخطبها لك
فضحك ذو وقال وهل عمي حسن الذي حتى الآن لم يأتي للسلام علي سيوافق
يا جدتي أن إبنك حسن لا يعتبرني ولد أخيه وأنت تعرفين ذلك
فقالت جدته أنت لا شأن لك أترك الموضوع لي
ذهبت جدته إلى بيت حسن فوجدت زوجته السيئة الأخلاق فلم ترحب بها ولم تدعوها إلى الدخول
فأبتسمت أم جابر وقالت لا ضير من أفعالك فنسبك يجبرك على هذه الأفعال
ثم قالت اين زوجك فقالت ليس هنا
فقالت أم جابر أخبريه أني سأتي في العصر أنا وولدي ذو
فردت زوجة حسن وقالت بل سأجعله يأتيك إلى بيتك
فزوجة حسن تعتبر ذو عار قد يدنس سمعة عائلتها
عرفت أم جابر ما تكنه زوجة ابنها ثم قالت أن جاء إلى بيتي فذلك سيكون أحسن من أن يلطخ ذو سمعته لقدومه إلى بيت فيه أمرأة يشك اهل القرية بها لأن تاريخها مظلم
غضبت زوجة حسن وبدأت تتلفظ على أم جابر وتصفها بأبشع الألقاب
عادت أم جابر لبيتها فوجدت ذو نائم ولكن الحقيقة أن ذو كان يتظاهر بالنوم
فهو يشعر بالحيرة والحزن من حاله
ولم يلبث طويلا حتى طرق حسن الباب بقوة ففتحت أم جابر الباب فسأل حسن أمه أين ذو فأخبرته أنه نائم
فدخل والغضب يكاد أن يفقده صوابه فبدأ يوبخ أمه على ما قالته عن زوجته
ولكن أم جابر قاطعته وقالت دعنا من أمر زوجتك أنا أريد منك أمر مهم
فسكت حسن خشية أن تغضب أم جابر فتصرخ فيستيقظ ذو ويحدث شيء لا يتوقعه
وكان ذو يسترق السمع
فقالت أم جابر أنا أريد أن أخطب أبنتك سلمى لذو
فقال حسن كلاما سيغير في حياة ذو


وانا وبكل صدق اسعد كثيرا بردودكم واتساؤلاتكم وتوقعاتكم دمتم بخير


ذو العيون 57

قال حسن يا أمي هل جنتتي أم أصابك مس إلى متى يا أمي تعاملي هذا الفتى على أنه أبن جابر وكم مرة أخبرتك أن ذو شرعا ليس ولد جابر وأنتي تعرفي أن ذو ولد زنا
غضبت أم جابر ولكن كتمت غضبها خشية أن يستيقظ ذو أن تشادت مع ولدها فيسمع هذا الكلام الذي قد يقتله
وبقي حسن يواصل نصائحه لأمه حتى قال إن وجود ذو معك في البيت أمر غير جائز فهو لا يرتبط بك بأي صلة فهو ليس من أقاربك
شعرت أم جابر أن النقاش مع حسن لا فائدة منه فقالت وبصوت خافت حتى أن ذو لم يسمعه أخرج من بيتي وأنسى أن لك أم
خرج حسن من بيت أمه وهو يسخر من أمه ويقول تعرف أنه ولد زنا وتريدني أن أزوجه بنتي الوحيدة
جلست أم جابر ثم بدأت بالبكاء ولم تلبث طويلا حتى خرج ذو من غرفته وتظاهر أنه لا زال مستيقظ من النوم فرأى الدموع في عينا جدته فسألها ما بك
فأبتسمت أم جابر وقالت لا شيء
ثم حاولت أن تشغله بسؤاله أين سيذهب فقال سأمشي في أرجاء القرية
كان الشيخ معيض والسيف قد تقابلا وأحسا أنهم قد جرحا ذو فأرسلا ولديهم عيسى وسليمان لكي يسليا ذو ويحاولان أخراجه من جو الحزن الذي يعيشه
وبالفعل ذهبا عيسى وسليمان فوجدا ذو يمشي في وسط القرية فبدأ يتحدثان معه ويحاولان أن يأتيا بقصص مضحكة ولكن كان هناك شخص يتجه لهم فلما أقترب منهم عرفوا أنه الأستاذ عامر مدرس التربية الإسلامية
فقال عيسى لذو هذا مدرس التربية الإسلامية الجديد ولكن كان هنا مدرس تربية اسلامية كان أسمه الأستاذ مصعب درسنا في الصف الثالث الثانوي كان أعظم شخص عرفناه في التعليم في علمه وأدبه
وصل الأستاذ عامر ثم وقف أمامهم وسلم عليهم وكان يعرف عيسى وسليمان مسبقا لكن لم يسبق أن تعرف على ذو
ثم أخبرهم أن اليوم بعد صلاة المغرب ستكون هناك محاضرة يلقيها فطلب منهم الحضور وحث الناس على الحضور
ثم ألتفت إلى ذو فرأى التميمة المعلقة في رقبة ذو
فبدأ يتكلم بصوت عالي وقال إن ما تضعه على رقبتك شرك ثم أمسك بالتميمة وأراد أن يقطعها ولكن حدث أمر فضيع جدا جعلا كل من عيسى وسليمان يرتجفان


ذو العيون 58

حيث لما أراد الأستاذ عامر أن يقطع التميمة أخرج ذو سكينا كان يضعها في جيبه ثم وضعها على رقبة الأستاذ عامر ثم قال أن قطعت التميمة قطعت رقبتك
وقف عيسى وسليمان يرتجفان ويحاولا أن يعقلان ذو
وقف الأستاذ عامر بلا حراك ثم ترك التميمة فرفع ذو السكين عن رقبته
ثم سأل ذو الأستاذ عامر هل تعتقد أنك على حق فقال الإستاذ عامر نعم فقال ذو فلما تراجعت فقال أنت تريد أن تقتلني فوضع ذو يده على رقبة الأستاذ عامر وقال لا ضير أن تقطع الرقاب على الحق
ولكن الضير أن ترفع بعض الرقاب رؤوسها على الباطل
ثم غادر ذو المكان
وجلس على صخرة بقرب المسجد ولم يلبث ذو طويلا حتى قاطع مهدي سرحان ذو فسلم عليه وقال كنت سأبحث عنك لأمر أريد أن أحدثك فيه
فقال ذو هل أرسلك الشيخ معيض لتسلي خاطري المجروح
استغرب مهدي وقال لا لم يرسلني ولكن قل لي ما الذي حدث
فقال ذو بل قل لي أنت ما الذي تريده مني
فقال مهدي طلب بسيط فيه أجر عظيم لك
قال ذو وما الطلب
فقال مهدي أنت تعرف أنني الإمام في هذا المسجد والمسؤل عن الحلقة التي يحفظ فيها الصبية القرآن فأنا أريدك تحل مكاني فأنت أولا أجدر مني في حفظ القرآن بقراءته السبع وأيضا سأغيب عن القرية فأرجوك أن لا ترفض
فقال ذو وأين ستغيب قال مهدي أنا قد أخبرت الشيخ معيض بإلتحاقي بالجامعة فسوف أكمل دراستي
ابتسم ذو وقال أي جامعة التي بأفغانستان أو التي بالعراق
تغير وجه مهدي وعرف أن حيلته لم تنطلي على ذو
فقال مهدي سوف أصارحك بالحقيقة أنا منذ زمن طويل وأنا أبحث عن مكان الشيخ محمود وأعتقد أنك لا تزال تذكر ذلك الرجل الذي بفضل الله ثم بفضل مساعدته حفظت القرآن
فعرفت مكانه منذ شهر فهو الآن في أفغانستان وأنا سأذهب له
فقال ذو وكيف ستسافر إلى هناك
فقال مهدي حين اتجاوز حدود بلادنا سأجد قرية صغيرة يوجد فيها شاب أسمه مسفر قد جمعت بيننا صداقة وهو الذي سيتكفل بنقلي إلى أفغانستان
ثم قال مهدي هل وافقت أن تحل محلي
قال ذو لست الشخص المناسب فأبحث لك عن شخص آخر
فقال مهدي أريدك أن تكتم ما قلته لك فأنا لم أخبرك إلا لثقتي بك
فنظر ذو له وقال ما دمت تثق بي فأنا سوف أنصحك أياك والرحيل إلى أماكن لا تتمتع بالإستقرار لأنك ستجد فيها فتن تجعلك حائرا لا تعرف أين الصواب
فقال مهدي شكرا لنصيحتك وأنا أيضا سأنصحك فإن ضاقت عليك الدنيا بما رحبت فعليك أن تتجاوز هذه الحدود فحين تصل إلى القرية المجاورة للحدود فأسأل عن مسفر فهو سيساعدك
نظر ذو وقال يساعدني على ماذا فقال مهدي أن تلحق بي إلى أفغانستان
قام ذو وقال يا مهدي أنك هنا تعلم الأطفال القرآن فلا تحرم نفسك هذا الفضل من اجل افكار تدور برأسك
فأراد ذو أن يذهب فقال مهدي ياذو؟


ذو العيون 59

لا تنسى ما قلته لك فأنا متيقن أنك لن تستطيع أن تعيش في هذه القرية بسلام
أكمل ذو سيره ولم يلتفت لكلام مهدي
بالطبع قرر الأستاذ عامر ترك القرية والنقل من المدرسة بأي شكل وبالفعل وجد ضالته بوجود الإستاذ مصعب الذي نقل إلى مدرسة في قرية مجاورة لم يشعر فيها بالراحة كما كان في قبيلة الشيخ معيض فلما جاء الأستاذ عامر إلى المدرسة التي فيها مصعب وطلب أن يناقله فسأل الأستاذ مصعب لما تريد أن تنقل
فقال الاستاذ عامر سأخبرك بالحقيقة وقص عليه القصة
تعجب مصعب من قصة عامر وطلب أن يصف له هذا الشاب فقال عامر لست دقيقا في الوصف ولكن أكثر ما لاحظته أن عيناه صغيرتان جدا لم أرى في حياتي عينان أصغر منهما
بقي مصعب صامت يفكر فقال عامر ما بك فقال مصعب أنا أعرف كل شباب هذه القرية ولكن لا أذكر شاب بهذا الوصف
فقال عامر دعنا من هذا الشاب وأخبرني هل أنت موافق فقال مصعب بالطبع
وبعد مطالبات للموافقة بتبادلهم للمدارس تمت الموافقة وبالفعل باشر مصعب عمله بالمدرسة التي بالقرية
وأول ما فعله مصعب ذهابه لبيت الشيخ معيض للسلام عليه
فلما رآه عيسى كاد يجن من الفرح فهو يكن له احترام كبير جدا
وفي وقت العصر خرج مصعب مع عيسى يتمشيان في القرية وقابلهم سليمان وأنضم معهم
فبدأ مصعب يسألهما عن مواصفات الشاب الذي ذكره له عامر
فقال عيسى أنت تقصد ذو
فقال مصعب هل اسمه ذو فقال سليمان لا أسمه خالد لكنا اعتدنا أن نسميه بذو أختصارا لذو العيون الصغيرة
فقال مصعب ألا يغضب من هذا اللقب فأبتسم عيسى ثم قال اعتقد أنه نسي أن اسمه خالد واعتاد على هذا الإسم
فقال سليمان كيف عرفته وأنت لم تقابله فقال مصعب أخبرني عامر بما حدث معه
فقال سليمان لكن اسلوب الإستاذ عامر هو الذي صعد الموقف
فقال مصعب هل أنت تدافع عن ذو فقال سليمان لا وأنما أقول الحقيقة
فقال مصعب دلاني على مكان الشاب
وبالفعل وجدا ذو يجلس بقرب غرفة مبنية كان أباه يجلس فيها حينما يريد أن يسكر
فسلموا عليه
فلما صافح مصعب ذو شعر أنه يقف أمام رجل يمتلك هيبة الملوك
فبدأ يحاول أن يكسب وده بتبادل الحديث
شعر ذو بذلك ولكنه تظاهر أنه لم يفطن لذلك
وبدأ مصعب يحاول أن يخبر ذو بأن لبس التميمة والإعتقاد بها شرك أكبر لم يبدي ذو أي تأثر فقال مصعب لذو هل هذه التي
تضعها في رقبتك تميمة
فهز ذو برأسه وقال نعم
فقال مصعب لا يجوز أن تلبسها
فقال ذو إذا تعال وأقطعها شعرا عيسى وسليمان بأن هناك مشكلة قادمة لا محالة
فظن مصعب أن ذو موافق أن يقطع له التميمة
فلما أمسك مصعب بالتميمة شعر بسكين على رقبته
فنظر بإستغراب لذو وقال ما الذي تفعله
فقال ذو إلست تعتقد أنك على حق
فقال مصعب بلى
فقال ذو فإن كنت على حق فلن تخشى الموت
فأحس مصعب أن هذا ابتلاء من الله
فأبعد يده عن رقبة ذو وأخرج جواله وأعطاه عيسى وقال صور ما سأقوله
فأمسك مصعب بالتميمة ثم قال؟


ذو العيون 60

بعد السلام على والدي أريد أن أوصيكم قبل أن أموت أني أسامح هذا الشاب الذي قتلني وأنا أخترت هذا الطريق بكامل حريتي من أجل أن أقابل الله فأقول سفكت دمي من أجل أن أنشر العقيدة الصحيحة
ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ثم قطع التميمة
فأغمضا عيسى وسليمان عيناهما خوفا من بشاعة المنظر
ولكن الهدوء ساد المكان ففتحا عيناهما ليعرفا ما حدث
فوجدا ذو قد أنزل السكين وهو يبتسم ويقول هكذا يكون المسلم
ثم قال ذو أنا لم أكن أضع هذه التميمة إيمانا بها وإنما إرضاء لجدتي فهي تعتقد أنه تنفع وتحمي من الشيطان
فقال مصعب لا ينبغي أن نتركها تبقى على ذلك
فقال ذو إذا تعال معي وأقنعها
بالفعل ذهب مصعب مع ذو إلى جدته فوجداها تجمع الحطب الذي قد كسرته فقال ذو عند هذه الصخرة سأنظر ما يمكنك فعله فأذهب وأقنعها
تقدم مصعب وسلم على أم جابر فنظرت له بشراسة وقالت قل ما عندك
فبدأ مصعب يثني عن سمعة أم جابر ويستدل بكلام أهل القرية عنها
فقالت أم جابر هل أنتهيت
فقال مصعب لا لم أبدأ بعد
فأنا جئت لأحذرك من فعل شنيع تفعليه قد يدخلك النار
فنظرت له بدهشة وقالت وما هذا الفعل الذي أفعله قد يدخلني النار
فقال مصعب هذه التميمة التي تضعيها على رقبتك
فغضبت أم جابر وقالت أنت شخص جاهل هذه تحتوي على أيات تحرصني من الشيطان وتحميني من المصائب
حاول مصعب بشتى الطرق وبلا فائدة وبدأت أم جابر تجمع الحطب فلما أنحنت لتلتقط الحطب الذي قد كسرته
سمعت صوت رصاصة وشعرت أنها مرت بجوارها وتأكد شعورها هذا لما سقطت التميمة على الأرض
نظرت أم جابر لجهة الصوت ورأت ذو ينظف مسدسه فعرفت أن لا أحد يمكنه فعل ذلك غير ذو
فقال ذو ياجدتي تقولين أنك تلبسينها لتحميك وهي لم تحمي نفسها
فقالت ام جابر ألم تجد طريقة أخرى لتقول هذا الكلام دون أن تطلق علي رصاصة
فقال ذو أردتك يا جدتي أن تري ذلك بعينك
فضحكت الجدة وقالت بالفعل رأيت ذلك بعيني ولن أضع تميمة على رقبتي ما حييت
وكان مصعب يقف مندهشا مما رآه فكيف لو أصابت الطلقة جدته فلما ذهبت عنه الدهشة بدأ يوبخ ذو ويقول لا يجوز فعلك ذلك فأنت قد تقتل مسلما
فأمسك ذو بيد مصعب وبدأ يمشي به في أرجاء القرية وكان المسدس بجيبه فأخرجه وبدأ يعدد ميزاته ثم قال أن أردت أن تشتريه فسوف أبيعك أياه برأس ماله
فقال مصعب من أين أتيت به
فقال ذو عن طريق التهريب
فبدأ مصعب يعظ ذو ويقول لا يجوز ذلك وذو ساكت لا يجيب
فلما اطال مصعب موعظته
قاطعه ذو وقال؟


اعتذر على التأخر فلقد جبرتني ظرووووووووف خارج عن إرادتي
ذو العيون61
قال ذو لا تحاول أن تقنعني أن تهريب الأسلحة حرام لأنها أولا مصدر رزقي وثانيا الأسلحة تنمي الرجولة في الشباب
فسكت مصعب ولم يستمر لأنه أحس أن ذو مقتنع تماما
ومرت الأيام وقارب العام الدراسي على الإنتهاء
وكان مصعب في أوقات العصر يجلس مع شباب القرية يحادثهم و يناصحهم
وفي احد الجلسات لم يكن موجودا سوى عيسى وسليمان
فقال لهما مصعب ما رأيكم أن تذهبا معي إلى الرياض تقضيا أسبوعان ثم تعودان وافقا على الفكرة فقال مصعب بقي ذو سأذهب واطلب منه مرافقتنا
فوجده عند الغرفة التي كان أباه يجلس فيها
فأستغرب مصعب وسأله لما تأتي هنا دائما
فقام ذو ومشى خطوات معدودة ثم قال هنا قتلت أبي
انفجع مصعب فهو لا يعرف شيء عن ما حدث
فقص ذو له ما حدث
تأثر مصعب مما سمعه ثم قال ما رأيك يا ذو أن تسافر معي أنا وعيسى وسليمان إلى الرياض
لكن ذو رفض مباشرة
حاول مصعب بأن يغريه بمشاهدة ناطحات السحاب وبالتجول في الأسواق الضخمة
لكن ذو لم يغير رأيه
فتذكر مصعب عمه الذي لا زال متمسك ببداوته ويعيش في البر مع إبله
فقال مصعب سنذهب عند عمي بالبر فهو يملك نوق كثيرة قد تذكرك أحدها بأمك البركة وكان هذا اسم الناقة التي تغذى ذو على حليبها
فوافق ذو بلا تردد
وبعد أنتهاء الدراسة سافرمصعب مع عيسى وسليمان وذو
فلما وصلا إلى قصر مصعب رحب بهما ولأن المجلس لا زالت الخادمة تنظفه أدخلهم الصالة وكانوا يرتدون لبس أهل القرية الذي يشتهرون به
ما لبثوا سوى دقائق فاذا بناهر شقيق مصعب الأصغر يدخل فنظر لهم بإزدراء
وكان واضح من لبس ناهر وقصت شعره أنه متأثر كثيرا بمظاهر بعض الشباب في المدن الكبيرة ويشعرون وهم يخرجون بهذه التقليعات أنهم قد وصلوا إلى الحضارة
ثم بدأ ناهر يخاطب أخاه باللغة الإنجليزية وكان يقول بإستهزاء هل هؤلاء من سكان المريخ
ثم بدأ يذم أخاه ويقول كيف تمشي مع هؤلاء الذين لا زالوا يعيشون في الزمن الصخري
وكان مصعب يجيبه باللغة الإنجليزية ويطلب منه السكوت
كان عيسى وسليمان مندهشان مما يحدث أمامهم ومما زاد دهشتهم ملامح ذو الذي أرتسم عليها الغضب
قام ذو وأتجه إلى ناهر وأمسكه من صدره وشده إليه وبدأ يرد عليه باللغة الإنجليزية ويقول؟
ذو العيون 62
اتعرف أن سكان المريخ الذي تهزأ بهم يستطيعون أن يحموا أموالهم وأعراضهم حتى أخر قطرة من دمائهم
ولكن هل تستطيع أن تحمي نفسك أن أردت بك سوء
لولا الله ثم احترامي لأخاك لجعلتك تفقد رجولتك ثم دفعه بقوة فسقط ناهر على الأرض ثم نهض وذهب مسرعا لغرفته
أتجه ذو إلى مصعب وأعتذر مما صدر منه لكن مصعب قال أنا الذي أعتذر لكم مما فعل أخي
وعيسى وسليمان لا يعرفان ما الذي حدث أمامهم
ثم استأذن ذو من مصعب للخروج وأخذ عيسى وسليمان
فأعطاهم مصعب مفتاح سيارته وأصر إلا أن يأخذوه
وطلب أن لا يبتعدوا حتى لا يضيعوا في شوارع الرياض الواسعة
وبالفعل أخذ ذو سيارة مصعب وبدأ يتجول هو وصديقاه في شوارع الرياض حتى توقف عند محل ملابس وأشترى له ولصديقاه ثياب وأشمغة وعقل
ولبسوها ثم رجعوا إلى قصر مصعب
وكان مصعب قلق بل متأكد من ضياعهم لطريق العودة وما لبث سوى وقت قصير وعادت له البسمة برؤيتهم
فقال متعجبا ألم تتوهوا
فقال ذو الشارع الذي أمر من عليه مرة لا أنساه وأنا مستعد أن أخبرك بأسماء المحلات التي فيه
اعجب مصعب بذو وعرف أنه يقف أمام شاب داهية
فقال ذو ما رأيك أن نذهب لعمك في البر
فقال مصعب ليس قبل أن تأخذوا واجبكم وغدا صباحا نذهب له
وبالفعل في يوم التالي ذهب مصعب برفقة ذو وصديقاه إلى البر لزيارة عم مصعب
فلما وصل مصعب إلى المكان الذي يسكن فيه عمه سلم مصعب على عمه راكان
نظر راكان إلى أصدقاء مصعب فلما شاهدهم بكامل أناقتهم إعتقد أنهم كأصحاب مصعب السابقين الذين يريدون أن يأتوا إلى البر ويمضون فيه وقتا ممتعا دون أن تتسخ ملابسهم
فلم يعطهم ذلك الإهتمام
فشعر ذو بذلك فأقترب من مصعب وسأله هل عمك لا يريد بقاؤنا
فقال مصعب سأخبرك بالحقيقة فعمي لما شاهدكم بهذه الملابس أعتقد أنكم مثل أصدقائي السابقين
فعمي لا يحب سذاجة شباب المدينة
هز ذو رأسه وقال لم نعد ندري أي ملابس نلبسها ترضيهم
أخذ مصعب الشباب إلى النوق فبدأ ذو ينظر لها ويتذكر طفولته ثم قاطع مصعب أفكار ذو وهو يشير إلى بعير هائج في حضيرة لوحده ويقول لقد اعطي في هذا البعير لعمي بمليون ونصف ولم يبعه
فأقتربوا من السور الذي يفصله عنهم
فرأهم راكان فأراد أن يتحداهم تحدي يجعله يسخر منهم
فأتجه لهم وقال من يلمس هذا البعير بيده ثم ينجو فسأعطيه هذا البعير هدية له


ذو العيون 63

شعر ذو أن التحدي فيه استخفاف بهم فقال أنا سأريك أكثر من ذلك فأخذ حبلا ثم دخل على البعير الهائج ومصعب وعيسى وسليمان يحاولون أن يثنوه
فأتجه مصعب لعمه راكان الذي كان صامت ينظر ما الذي سيحدث
ثم طلب مصعب من عمه أن يثني ذو فقال راكان لا تخف مجرد أن يرى البعير متجها له سيخاف ويهرب
فقال مصعب لا يا عم فذو رجل جبلي وأنت تعرف ياعم أن الجبليين لا يعرفون الخوف
ولكن الدهشة عقدت ألسنه الموجودين فالبعير يركض بكل سرعته أتجاه ذو الذي ظل واقفا
حيث جعل ذو الحبل بشكل دائري بحيث أن شده تضيق الدائره على من يقع فيها
وبالفعل لما وصل البعير ووضع قدمه على الدائرة شد ذو الحبل فسقط البعير وقيد ذو أقدامه حتى جعله لا يستطيع الوقوف ثم ذهب ذو لعم مصعب ثم قال لم ألمس بعيرك لكني فقط قيدته ولهذا لم أفز فيمكنك أن تحتفظ ببعيرك
ظل راكان مذهول وهو يقول هل أنت أنسيا
بقي ذو ورفاقه في ضيافة عم مصعب الذي تغير في تعامله معهم فهو كان يظن أن هؤلاء شباب مدينة أخذتهم الحضارة الزائفة والترف الزائد إلى نقص حاد في تصرفاتهم الرجولية
حيث أصبح تصرفاتهم أقرب لتصرف الفتيات
وبدأ راكان يقصد الأبيات لأصدقاء مصعب ويحكي لهم حكايات الأجداد وصعوبة العيش في ذلك الوقت فالفقر والخوف هما السائدان في ذلك الزمن
بينما كان ذو وصديقاه يستمتعان بالجلوس في البر كانت هناك أحداث جديدة تحدث في القرية حيث رجع لها
رجل غاب عنها طويلا شقيق المها التي حملت بذو أنه سالم
رجع إلى القرية والأحقاد تملأ صدره فهو يريد الإنتقام من رجل سلب منهم شرفهم لكن هذا الرجل قد رحل من هذه الدنيا
ولكن أحقاد سالم لم ترحل معه فهو يرى أن أم جابر وأبنها حسن بقيا ليدفعا ثمن ما فعله جابر
وقبل أن نخوض فيما يريد فعله سالم لنعرف ما حدث له بعد أن سافر إلى الرياض إلى نسيبه بدر بالطبع وصل سالم إلى الرياض مع ابيه وأخته المها
التي بقدومها أيقظت مشاعر كانت قد سكنت في قلب بدر
بالطبع وبعد شهرين ومع صراع كبير مع الهم والحزن فكلما رأى أبو سالم بنته المها يأكل قلبه الحزن فكيف لم يحميها وهي كانت تحت أنياب بشرية أشد من انياب الوحوش
فلم يستطع أبو سالم العيش وفاضت روحه للسماء
اما سالم كان يملك مبلغ لا بأس به ولكنه حائر ما يفعل به
فكانت المها تعطيه أفكار استثمارية رائعة لكن سالم كان ينظر لأخته بإزدراء فهو يرى أنها عار لن ينمحي إلا بموتها
فلم يصغي لكلامها
وظل ساكن مع نسيبه بدر الذي كان يملك بيت بدورين منح لسالم وأخته أحد هذه الأدوار
وبدأت حورية تشعر أن بدر لم يعد قريبا منها بل شعرت من أسأله بدر عن المها ونفسياتها عن حب صامت يكبر في قلب بدر
ولكنها ظلت صامته ولكن الأيام وتوالي الشهور جعلت حورية تشعر بصداع شديد كان يأتيها في الماضي ولكن هذه الأيام أصبح أشد فعمل لها فحوصات ليأتي الخبر الذي لا نعرف هل سيفرح زوجها بدر أو يحزنه؟


ذو العيون 64

بالطبع أظهرت الفحوصات أن حورية مصابة بورم خبيث
لما عرف بدر ذلك أحس بإحساس غريب أحس بحزن يخالطه فرح فهو حزين بأن تصاب زوجته التي أحسنت عشرته وبذلت كل جهدها من أجل إسعاده
وفرح أن أمل جديد عاد قد يحقق حلمه بالزواج من الفتاة التي سكنت قلبه
بقيت المها بجوار أختها حورية وكان المرض يزيد كل مرة فلما أحست حورية أن المنية قربت
كانت تريد أن تحقق حلم زوجها الذي عرفته من خلال هفوات لسانه
فهي بذلك سترمي عصفوران بورد الياسمين فبدر ومن خلال عشرته معها عرفت أنه شاب طيب إلى أبعد الحدود
وأيضا أختها فتاة شريفة وطيبة لأبعد الحدود لكن الله أبتلاها ليمتحنها
فقررت أن تكون هي حلقة الوصل في زواج بدر بالمها بعد موتها
أمسكت حورية بيد أختها وقالت أريدك أن تعديني
فقال المها بماذا أعدك فقال حورية عديني أولا أن تفعلي ما اطلبه منك
فقالت المها أعدك
فأبتسمت حورية وطلبت من المها أن ترضى ببدر زوج لها بعد وفاتها
انفجعت المها من كلام أختها وبدأت تحاول أن تجعلها تطرد اليأس من قلبها وتذكرها أن الأعمار بيد الله
لكن الحورية قالت تذكري أنك وعدتيني
ثم بعد دقائق جاء بدر يطمئن على حورية
فأنصرفت المها وجلس بدر بجوار زوجته
وكان معه وردة حمراء قدمها لحورية وقال رأيتها في الحديقة فشعرت أنها تشبهك فقطفتها لأعرف هل يوجد بينكما شيء مختلف ولكن الحقيقة أتضحت لي لما اصبحت الوردة بجوارك أن جمالك فاق جمال الوردة بكثير
ابتسمت حورية وقالت عيناك هما الجميلتان أما وجهي لم يعد يرى فيه إلا التعب والألم والخوف من الموت وبدأت حورية تبكي

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات