رواية سيدة الحرية -6
في إحدى ليالي الشتاء الباردة…وتحت زخّات المطر.. وقفت تحت المدفأة شاردة…..
يأخذني صوت اسمعه ولا اسمعه…
صوت يأتي من تلك النافذة … صوتُ غريب..
ُخيَل لي حينها انه صوت الشتاء..!
“صوت الشتاء”..
كبرودته..صوته جارح..
من بين الجليد يصرخ في أُذني، لأرتعش أكثر، وأعانق يدي التي لم أعد اشعر بها..!
يتجمد سؤال قبل خروجه: من ذا يذيب الجليد..!
شتاء لم يعد يطيق تقبل النار…
احتطب كل صباح.. وكل مايشتعل كبريت واحد، وشيء في داخلي!
..* الفصل الأول..*
أجلس على الكرسي الخشبي المعد مسبقاً كي لا أجلس عليه!
وأستعد لمشوار الصباح البارد..
أعزي جسدي الذي لايريد أن يعتاد على نقص الحرارة فيه… لايدفأ إلا عندما اذكر كل مامضى..!
ذلك الحنين يمنحني الدفء..
كثيراً ماتكون عواطفي أشبه بالشتاء…
لست هنا سوى معاناة،آن الأوان لانتهائها…
لكننا سنرحل معاً..!
في قلبي مدينة تخلت عنها فصول السنة…فكان للشتاء حق تعميرها وحده…وتدميرها وحده..!
الشتاء وجه آخر للحزن..!
وهو الشعور الذي ولد معي.. أخطأ بامتلاكي..! وأخطأت بمحاولات قتله..!
كنت أتمناه توأماً سيامياً لأعيش أمل أن يكون هنالك من يفصلنا..!
أجمل ما املك هو الحنين…وهو شعور آخر للشوق…والشوق حب آخر..!
كانوا هنا على ذلك الكرسي الصغير، يحكموني في كل شيء…عدا حنيني ذاك..!
فـ مشاعري هي الشيء الوحيد الذي املكه وحدي…!
لا أحد يستطيع السيطرة عليه..ولو يتآمرون علي جميعهم..سيفشلون!
-الحزن شعور آخر يخصني..لكنه الوحيد الذي لم استطع امتلاكه وحدي..
حزن فاض عن قوت يومي….ولن ينتهي لو ابتاعه اكبر متجر في قريتنا..!
فأنا لا أذكر أن لي اسم آخر سيليق بي.. غير “بائعة الحزن”…!
أتذكرهم…
يطلون علي بحنيني إليهم…قرب الفجر، وقبله…وعند الشروق وقبله،…
على استحياء أشبه ببدايات الشتاء..!
-رغم جمال الشتاء..ما أقسي برودته…وما أقسى أن أملك..
عواطف شتوية..!
..* الفصل الثاني..*
صباح بارد جديد….
استيقظت مسرعة وقد تأخر الوقت..لبست حذائي بهلع وأمسكت بالسلَة التي كسر مقبضها بالأمس وركضت للخباز وأنا أحمدالله انه لم يغلق بعد…
لن يرحم أحد طفولتي إن حدث مالا ارجوا حدوثه..
بعد التحايا اشتريت عدد يكفي لملئ السلة.. واتجهت في الطرقات الباردة ابحث عن مشتري…
غابت الشمس ولم أبع سوى الحزن..!!
الكل ينظر إلي بضع دقائق ويشتري..عدا انه لا يدفع ثمن الحزن الذي ابتاعه..!
توقف عمر عن القراء وتفكيره قد وصل لأبعد من ذالك الخيال…
لم يعد يشعر بفصل الشتاء بتلك الحروف… بل كانت جميع فصول السنة تعصف بذاته..!
أهذه معاناتك بائعة للحزن…أم سيدة الحرية…!
بين شروق وغروب..أضعتك..!
كيف هي الحياة!!
رغم كونك مجرد فتاة….إنسانة تكتب قصة بين ألف كاتب..وتخطئ بين ألف مصيب…
إلا أنني لا أرى غيرك يكتبني…ولا غير صفاتك التي تسلبني ألف يوم ويوم…
وابدي استعدادي مع فاصلة لأترك المستقبل لأجل أن نعود للماضي…وأجدك كما لم أجدك الآن….
أختلف عن الجميع هنا…لأنني أعرفك..!
وأشعر بك تشكين لي الزمن،ولا أبكي لكِ..!
كأنكِ اخترت لنفسكِ زمن غير هذا لتعيشي فيه،لأن حزنكِ لايشبه أحزان الزمن!
واخترتك شتاءً لم يعترف ببقية الفصول،كي تركضي فيه دون توقف، بين من “هم” لايعرفونك!
أرأيتِ..ربما وحدي هنا قارئ يبدأ بما بين السطور..!
والمشتري الأول لحزنك..!
والوحيد الذي لم يتعلم التعقيب الأجمل لقصتك..!
أنا لا أجيد انتقاء الحروف…سـ أحاول دون شذوذ واضح بين قصتك وتعقيبي..!
-منذ ايام وأنا كشريط طويل يعمل بخاصية الإعادة عند الانتهاء…
حتى قصتك سجلت تواً…رغم أنني لم احب يوماً قراءة قصة…كما كنت احب شغل فراغي بالسخرية التي كنت اعتقد أنها مسمى آخر للنقد..!
.-.
.-.
عندما استيقظت صباح اليوم التالي…كنت أتفاءل بتلك الظهيرة….
ونادراً ما أتفاءل عند استيقاظي..!
قرب أذان العصر تناولت غدائي ، تناولت بعضاً من الأمس أيضاً.! ثم ذهبت للمجلس توقعت أن أرى بدر..
وفعلاً رأيته…
سألته أن نخرج لأي مكان فأجابني بالإيجاب وهو يقرأ شيئاً ما في الصحيفة تلك…
يبدو انه منسجم…
ألقيت بعيني لتلتصق بعمود لايقرأه بدر، كانت صفحتي المفضلة في تلك الصحيفة
لأنها الأخيرة ، وأنا لااحب التصفح …فحتم ذلك علي ان تكون صفحتي المفضلة..^
أخذت أتجول بعيني لمقالته هذا اليوم
“حرية المرأة السعودية في قيادة السيارة”
كان ذلك العنوان..
لم يشدني محتواه بقدر جانب الحرية الذي ينقصني أيضاً…
“النساء العظيمات لايقدن السيارات…حرية المرأة تلك منبوذة فمنذ أنـ…..”
أغلق بدر الصحيفة بسرعة وهو يضحك:
-”هههههه عسى ماشر الحين بخلص واعطيك”
-”هههههههه تحمست مع مقالته بغى يطيح من عيني”
أغلق الصحيفة وبدأ يقرأ بدوره ذلك العمود الذي أشرت إليه..للكاتب الذي اقرأ له أحياناً”رامي عبدالعزيز”
والذي فاجأني بدر حينها عندما قال:
“تدرين انه مايمشي…يعني مُقعد؟”
قالها بلا اهتمام ليشد جل اهتمامي
“وش دراك؟”
كان لايزال يتجول في مقالته دون أي اهتمام يقول:
-”شفته قبل كم شهر في عزيمة لابوي”
ثم أضاف:
-”شكله من اقارب زوجته الخايسه”
-”والله غريبة..ماتوقعت..اقصد من زمان يكتب بالجريدة وانا اتابعه..غريبة من جد”
-”لاغريبة ولاشي من زين كتاباته عاد”
بدر لم يكن يقرأ له ، ولم يكن أيضاً يتلفظ على زوجة ابي.. والآن يفعل ذلك…أما رامي كنت انبهر في كتاباته لأنني لا أقرأ غيرها…ولازلت كذلك..
لايعنيني انه قريب لها… لكن عنى لي أنه عوض نقصه بعقله، في زمن كملت فيه الأجساد ونقصت العقول..!
مشيت للباب لأخرج فطلبني بدر كأس ماء..
سمعته واتجهت للمطبخ وأنا أفكر كيف سأقضي اليوم..فدوماً ما ارسم في رأسي جداولاً لا أنفذ منها حرفاً…بعض العادات يصعب التخلص منها..!
سمعت رنين الهاتف..
لم اجب فمن يريدني سيطلبني على هاتفي النقال..
أحضرت الماء وأنا اسمع الهاتف لا يتوقف عن الرنين…
اتجهت إليه ببطء علَه يتوقف!
قلت فوراً بعد رفعت السماعة
“الو..”
لكن أحداً لم يجبني..كررتها بصوت أعلى لأسمع صوت يتأرجح في الصدى:
“السلام عليكم”
بسرعة اتجهت اهتزازات الصدى تلك لعقلي البطيء كخطواتي قبل قليل لأستنتج أنه عمر..
قلت-”وعليكم السلام”
“بدر موجود؟”
“إيه.. بالمجلس..”
لحظة صمت…أردت فيها أن اضحك بشدة…ماذا يصيبني أحياناً…أقلت قبل قليل (بالمجلس)..!!!
أحسست انه سيضحك لكنه ظل صامتاً فقلت:
“اتصل على جواله”
أجابني بسرعة
ويبدو انه يبتسم.!!
“جواله مقفول”
لم اعلم ماذا سأقول..سأضحك..ماذا يصيبني…!!
سبحان الله…الزمن وضع بيننا هذا الحاجز الملكي! فنوقر أنفسنا ولايجرؤ أحد بتقليل الاحترام!..
أتكون الدعابة أحياناً تقليل احترام!
لو كان الموقف هذا من الماضي لسمعته يسخر مني ويضحك… أو يقول بأقل تقدير..”احلفي..لو جواله مو مقفول بتصل عالبيت يالذكية”
اشتقت لذلك الشخص..!!
-الرجل على الهاتف وأنا اشتاق لطفولته….!!
لاأخفي عليكم كان هناك هدوء مزعج يحبس أنفاسنا…وكأنه جالس يستمع لحديث صمتي..!!
“تبغاني أناديه؟”
قلتها لأنهي المكالمة:
فـ رد:
“لا خلاص بس ياليت تقولين له اذا شفتيه يتصل علي..ضروري”
قلت:
“اوكي”
وقبل ان اغلق السماعة سمعته يقول:
“قولي له عمر”
عدت اضغط بسماعة الهاتف على اذني لأتأكد..لكنه قال:
“مع السلامة”
وكأن عبارته الأخيرة تزعج عقلي…
هل يعتقد أنني لا اعرفه حقاً..!
وهل يغضبني أنا ذلك!!
لكن لن اتعب شعوري عرفته أو لم اعرفه..مالفرق!
أخبرت بدر بذلك وبدأ يناقش معي ماقرأه بالصحيفة… نقاش مما لايحق لنا مناقشته…!
حتى خرج لأبقى وحدي!
…
لأقطع الوقت زرت ذالك المنتدى…
اتجهت لقسم القصص…رأيت قصتي..
أطلت النظر بالعنوان وكأنها المرة الأولى التي أرى فيها قصتي…
“بائعة الحزن”….الكاتب:انكسار الظل…
بت اسخر من نفسي!!
وللمرة الأولى أشعر بأنني عذرت أخي وصديقه!
أهي قصتي التي لم تكتمل بعد،وبدايتي التي لاتسبقها حتى خاطرة…
أذلك يسمح بان يكون بجوار عنوانها كلمة”كاتب”..!
إنه حق وجب أن لايمكله الجميع، رغم أن الجميع يملكه!
يبدو أنني سأدخل بساق إحباطي قصة جديدة غير تلك!!
خرجت مسرعة من تلك الدوامة المثيرة بالشفقة لأقرأ تعقيب آخر يبدو انه قرب فجر الأمس،
:
“السلام عليكم….قريت القصة وفيها تحسن كبير ماشاءالله..والله اندمجت وعجبتني.. بالتوفيق…”
أخوكــ…” ماني لاحد”
يبدو حديث في هذا المنتدى…!
اسمه دفعني لأدقق بتفاصيل ملفه الشخصي…فقد بدأت أتساءل أي تحسن يقصده..هل يعرفني مسبقاً..لقد كانت أول قصة لي..!
أم يحسبني شخصاً آخر..
-المهم أنها أعجبته…!
.-.
عندما أغلقت رسيل سماعة الهاتف
احتفظت بها فترة في يدي.. رغم أنه لاتوجد حرارة حسب ما اعتقد سوى في جسدي!!
نعم أشعر أنني في وعكة أخرى! ولازالت تتفشى فيني ببطء!
كنت اوشك على إغلاق السماعة بعد أن سمعت صوتها.. حفاظاً على السد المانع لانزلاقات لساني..
وعندما قالت أول حرف..فقط كدت اعترف لها كمذنب:
-”انا من كتبت تعقيباً على قصتك؟”!
ربما لأنه لم يفصلني الكثير عن كتابتها وتعقيبي…ورؤيتي لها بالأمس..!
وربما تلك الأمور الثلاثة جعلتني لا أتصل ب بدر…ولا أخبره برابع الامور..!
.-.
.-.
مساء الغد..
وفي إحدى المجمعات في الرياض…حيث اتفقنا أنا ودانه على اللقاء…
كنت أبحث عنها حيث أشارت إلي في قهوة لاتشبه هدوء المجمع..! مع أن المفروض في رأيي العكس..!
“المفروض”…
كثيراً من الأشياء تتوقف عند كلمة المفروض….ولم أعتقد حينها انه من المفروض أن أعود قبل لقاءها…!
بضع كلمات قالتها على عجل،كان يتضح أنها مشتاقة لي رغم غلبة توترها على بقية الإحساس..
وكنت في شوق آخر لها، كدت أطير لأحكي لها عما جد في حياتي، وعن أفكاري،وعن ذلك الذي…
توقفت..إذا بدانه صديقتي المفضلة تشير لمفاجأتي بشاب يولينا دبره على مقعد ليس بقريب وهي تقول لي:
-”تعالي”
سحبت يدي من بين يديها وأنا أتلقى الموقف بتشنج تلك اللحظات لتقول:
-”رسيل…اشرح لك بعدين انتي لازم تجين وياي شوي”
كانت الصفعة تترسخ بكل حرف تنطق به..
ألف ظن وظن يتعاركون في مخيلتي…
كانت تضيف كلمات انشغلت عن سماعها..منها
-”مو قصدي شين والله بخبرك بكل شي بس انتي لازم تقابلينه ابغى ا..”
قاطعتها وأنا أضم يداي حتى لاتستغفلني وتصفعها
-”قلتي مشتاقة لي تبين تشوفيني.وهذا اللي طلع معك..موعد….”
قالت:
-” صدقيني مو كذا شوفي ابغى منك”
بدأت أحتقر كل شيء وأنا أقول:
“شتبغين؟ اغطي على الموضوع ولا اولع لك الشموع.. والله وطلعت غبية.. ومن زمان بعد.. حبايبك اللي تقوليلي عنهم طلعوا محسوسين..!!!”
-”رسيل انتي تعالي وانا بقولك..”
-”ياحسافة”
حركت رأسي ليس كمن يطرد الموقف لان الموقف قد وصل إلى قلبي من دقائق…
حركته لأن رأسي الوحيد الذي استطاع أن يعبر عن وجهة نظر اخرى..!!
رغم نداءها الذي لفت أنظار البعض كنت امشي دون التفات وكأن الأرض تنشق من خلفي لا أمامي..
اتصلت ببدر ولم أدري ماقلته بالضبط…
.-.
افقد حبيب…أجمل بكثير من أن افقد صديق…
كانت لي صديقة أقطع معها شوارع الحياة، كنت أخبرها بكل سطر اكتبه،بكل ذكرى بكل حلم،
ظناً مني أنها تخبرني بالمقابل
استمعت لهمها منذ معرفتي بها،ولم اشكي همي لها كيلا أزيدها همها…
وعندما كانت تحدثني عن الحب،كانت تخبرني قصصا خياليه لأنها تحب ذلك الدور..وتنهي الموضوع بأنه مجرد حلم…!
أكانت أحلامها تتحقق!!…أكانت …أكانت….وسلسة من التساؤلات التي تصدمني، تؤذيني..
ألم تستحق معطف صداقتي؟ أكانت تريده فقط غطاءً لها…
لتستغل كل شيء إلا مشاعري، ومشاركتها ثمنها..!
.-.
كانت لي خيبة أمل…
وخيبة ثقة…
“لم تستحق صداقتي”..!
قلت تلك الجملة الأخيرة لأغلق الموضوع المزعج في رأسي،لكنه لن يغلق حيث ارتحل..!
وليس لي نية حالياً خلق حديث آخر معها…
-”وش فيك رجعتي بدري؟”
لم التفت لبدر واستمريت بالنظر للأمام كأني أسابق الطريق…وهو يقترب للمنزل
-”ماجت .. عندها ظرف”
-”ايه طيب وش فيك معصبة..الواحد لازم يعذر الناس”
-”أعذرها..على ايش بالضبط ا..”
خرجت الأمور عن السيطرة لوهلة حتى تداركت الأمر..فصمت
بدر يعرف أن في الموضوع سراً لكنه ليس فضولي
تذكرت اختلافه مع عمر قبل أيام لموضوع الفضول…ونادراً مايختلفون..
-”عمر يقول”
قال بدر ذلك فهلعت.وكأنه عرف بمروره بين أفكاري…
-”وشو”
-”اهله عازمينا بكره…وبما انك تبغين تتعرفين على خواته قلت اوكي”
لم تبدو لي فكرة تستحق العناء لكن لن اخسر شيئاً، لأن ذلك سيسعد بدر
-”اوكي ..بس مانطول”
عدت للمنزل وأعدت التفكير بموضوع دانه، كنت أتساءل مالذي تقصده بتوضيح ذلك؟
هل أسأت الفهم؟..لا…لو كنت كذلك لأخبرتني مباشرة..كل شيء أمامي يبدو هكذا..
لمَ تريدني أن اعرف..! لمَ أنا .. الأنني لم اغضبها قط أم …….
.-.
انتهى ذلك اليوم الذي قضيت نصفه في الكتابة…!
وذلك رقم قياسي فأنا لا اكتب أكثر من عشرون دقيقة في اليوم،لأن علاقتي بالقلم مملة!
.-.
.-.
بعد غروب الشمس خرجت بعد الاستحمام لأقف عدت دقائق طويلة أمام الكم الملقى من الملبوسات المفضلة لدي فوق السرير..
أخرجت الكثير ليصطف أمامي..أشعر أنني أدق من كل مرة في اختياري…
هكذا أحب أن تلفظ الخزانة كل ما اريد..ليكون الانتقاء أمتع..! ^
وأحب هذا اليوم أيضاً أن أبدو أكثر أهمية…!
كنت حائرة فبدأت باللون الأسود ليعطيني انطباعاً آخر…
وقفت أمام المرآة.. بدا مظهري أكثر رسمية، رفعت شعري بطريقة تليق بسيدة أعمال مرتبة^ وضعت بعض المساحيق التي تكمل نواقص مظهري الجديد…
بعد أن لبست حذائي العالي وقفت أمام المرآة وابتسمت..
لأتبعها بضحكة طويلة… يالهي أبدو كإليزابيث الثانيةبعقدها الاخير…!!
ضحكت كثيراً وأنا أتفقد وجهي للمرة الأخيرة وأنا أتصور أخوات عمر نسخاً متطابقة منه،باستثناء شعر طويل..!
يبدو ذلك ممتعاً خرجت لبدر وأنا احتفظ ببعض الضحكات..
لكنني لم أقفل باب غرفتي..!!
ولم يكن هناك متسع من الوقت لأتذكر أن ذلك الباب الذي خرجت منه قبل ثواني كنت أقفله وأنا بكامل زينتي كل صباح…
فلم أعد أخاف أن يرتب فوضى أثاثها احد…إن وجد هذا الأحد!!
.-.
.-.
وصلنا…
نظرت للفناء الخارجي للباب…كان كبيراً جداً ..ورائع..
استقبلنا عمر…أقصد استقبل بدر ومضيا أمامي…
لم أدري ماذا افعل، ذلك أول منزل ادخله وحدي،ليست امي هنا،ولا خالتي،ولا حتى أبي..!
وقفت بعد أن أضعت التصرف..
بدر_”مانتي داخلة؟ “
-”مابي ادخل لحالي”
كان يتضح علي الخوف أكثر من الحياء..
عمر أجاب قبل بدر
-”هذا الباب..حياك”
الباب بعيد قليلاً..
سبقني عمر للباب ربما سينادي شخص ما…
اقتربت من بدر وأنا اسمع عمر ينادي “سديم”…
قلت لبدر بسرعة:
-”مابي ادخل لحالي”
-بدر بعصبية:
-”شلون يعني؟ كنتي متوقعه ادخل معك؟”
-”لا بس”
تنهدت وقبل أن أضيف شيئاً خرج عمر ومن خلفه سديم
ركضت لي سديم وعانقتني طويلاً مما أثار تعجبي..ابتسمت في وجهي مرحبة وأمسكت بيدي للداخل…
لا أنكر أنني كنت أكثر الأيام خجلاً في حياتي،ترحيبها كمسافر عاد بعد غياب أسعدني وأربكني..
قدمتني لوالدتها..
التي بادرتني قائلة:
-”انتي رسيل؟”
وماعساني أكون..!!!
ابتسمت وهززت رأسي فتبادلنا القبلات والسؤال عن الأحوال…
أقصد كانت تسأل وحدها وأنا بشبه كلمات اجيب..وربما كنت أكرر كلمة واحدة لجميع أسألتها ولم تنتبه…!
حاولت إيجاد فاصل بين أسئلتها لأسأل بدوري فلم أجد…كانت طيبة جداً،كما اتضح لي من تصرفاتها…
-”أخيراً”
قالت ذلك وركضت إلي وضمتني فكدت اختنق،وهي تقول:
-”ماتوقعتك كذا؟”
ياللنصف الآخر من التوأم الصريح…!
كان يجب أن تقولها لتوأمها بعد رحيلي..هههه أبدو سعيدة ضمنهم…أحببتهم لبساطة وجودهم…
يبدو أنها لم ترني قبل الآن..أو لم تنبته لأني اذكرها جيداً
-خرجتا مسرعتين لإحضار الماء كما أمرتهم أم عمر بذلك..يبدو لي أنهما في عُمٌر “لمى” سيئة الذكر..!!
لا لن تعكر لي مزاجي، دعها بعيداً…^
تبادلنا أحاديث بسيطة جميعها من ام عمر..!!
-”السلام عليكم”
دخلت بهدوء صافحتني بإضافة لقبلة واحدة وسؤال واحد ووجه خلا من ابتسامة…وخرجت..
كانت كالثلج الزائد في كأس لاتطيب لي برودته..!
-اليوم أعي أنني احب الابتسامة،…رغم مامررت به إلا أنني ابتسم وكثيراً في وجه الجميع…!!
-”هذي رنيم، توها صاحية”
ابتسمت متفهمة..
يبدو أنها لاحظت ذلك التجهم،فأخجلتها ابنتها..اووه لايهم..المهم ان تلك رنيم التي كتبها عمر في هاتفه النقال
“لاترد” ابتسمت مرة أخرى لتبدأ بالحديث عن بناتها وعن شقيق لعمر توفي قبل أن يكمل عامه الأول، وأن رنيم تكبر عمر بثلاث سنوات…
لم أكن اعلم بذلك..!
دخلت “التوأمتين” وبدأ جو جميل،
بعد أكثر من ساعة..
جاءت رنيم جلست جواري ، وكأن شيئاً ما يجبرها على ذلك
قالت:
-”كم عمرك؟”
أجبتها ولحق السؤال ذلك أربع أسئلة…أجبتها بابتسامة غير متبادلة..
ثم خرجت..!!!
كنت كمن يملأ استمارة..!!!
مر الوقت بين المشروبات،والأحاديث،ومراقبة سديم ونصفها الآخر ،وأخيراً النظر إلى ساعتي..
قفزت سديم..ربما مشاهدتي للساعة ذكرتها بموعد آخر
“يووه المسلسل جت”
وقفتا بسرعة وبدتا أمامي كفتاة تنظر لمرآة..!
قالت سديم من باب المجاملة..وربما لأنني انظر إليها
-”تجين تشوفين معنا المسلسل؟”
لم تتوقع مني سوى الرفض لكني وقفت مبتسمة..وتبعتهم..
كنت شاردة الذهن لا ابالي بما يعرض…فقط أتمنى اتصال من بدر لنذهب..
الجميع كان مشدوهاً بتلك الحلقة المعروضة…
دراما خليجي…تقليدي…تشبعت منه سابقاً….لكنني انضممت إليهم..فبت اتابع حتى تبيَن أنها الأخيرة عندما توفي احد أبطالها…
سمعت سديم تطلب علبة المنديل..
ابتسمت في داخلي فأول دمعة من مشاهد دليل نجاح مايعرض..!
كنت ساخرة، وأرثي أنفسنا لابطلهم المتوفى..!
أعدت عيناي للشاشة وأنا لا ادري من كان وكيف كان…!
لكنني شعرت بحشرجة في صدري، لتترطب عيناي…
دمعة تسربت من عيناي مع أول شخص تلقى الخبر في تلك الشاشة..
أحمد الله أنني أحمل في يدي منديلاً مسبقاً…
مع صرخاتهم الخارجة من كذب التلفاز،وجدتني أبحث عن نفسي..!
أتفقد يتمي..!
لأعود لأم عمر، ونظرة رنيم تتبعني..!
.-.
.-.
قبل أن أخرج لحقت بي سديم قائلة بابتسامته المتفائلة
-”تعالي امي تبيك شوي”
بادلتها الابتسامة وأنا أفكر
-ترى ماذا تريد..
عندما رأتني قالت:
-”والله يابنتي نسيت اقولك بناخذ شاليه هالاسبوع احنا وياكم”
توقعت عدة امور ستخبرني بها إلا أن نخرج مكان آخر وأنا التي أريد الخروج من هنا منذ ساعات
أضافت لتفاجئني أكثر:
-”انتي وخالتك وبناتها نبغى نتعرف عليهم، وبناتي مصرين انك توافقين وتكلمين خالتك وتقنعينها”
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك