بارت من

رواية سيدة الحرية -5

رواية سيدة الحرية - غرام

رواية سيدة الحرية -5

بدر يراني كأخ لها..واحب ذلك لأنني لا أجد أسمى وأقوى من رابط الاخوَة….الذي لا يفصله موقف أو كلمة أو حتى زمن..!
رغم ذلك فأنا…..لا يربطني بها شيء..!
فليست اختي!
ولا أحبــها..
لكن احب أن اعطف عليها..
احب أن امسح دموعها… أن ابعد الأحزان عنها…
احب أن أراها ….
وأن اسمع صوتها….
احب أن أعانق الطفلة فيها بشوق الغياب…وأسأل كيف قضت تلك الأيام من عمرها..!
احب أن اعرف أدق تفاصيل حياتها.. وماتغيَر فيها ومابقي على حاله..!
احب أن اسمع بدر يتحدث عنها ولو لم يكن بموضوع يخصها….!
احب المكان الذي تجلس فيه..
والذي كان فيه وجودها..!
والمكان الذي تعبره..!
احب مرورها في كل اسم اقرأه لغيرها..!
احب يأس التفكير فيها..!
احب أن أراها بين القصائد والأبيات.. وفي كل عنوان يحمل الحريَة..!!
احب أن اقرأ كل ما تكتبه..ومالا تكتبه…!
كحبي امتلاك صفات فتى الأحلام في سطورها..!
غيـر ذلك أنـا لا أحبها…!
فما تفسير ماكان..! …. أيمكن أن يكون غير الحب..؟!
حب طفولي فقط….
لكنه نمى معي…ونمى معي…
ونمى معي!
مدينتي عاصفة بها…لو خرج جزءً مما اشعر به الآن..
….لعمرت الكرة الأرضية…وتغير لون سمائها..!
ولو مات في قلبي ذات يوم….
ستموت مدينة في داخلي..وسأدفن فيها…!
“والله انك منت طبيعي اليوم”
ضحكت لملامح بدر المفزوع….وحاولت العودة لما أنا عليه….وبدأنا في سباق لشجرة ما… طبعاً برهان…إذ أن بدر في الموضوع..!!
.-.
.-.
رفعت رأسي على صوت ضحكات بدر وعمر مستعدين للركض..لا أدري الى أين..
كانا يولياني ظهريهما… ابتسمت وأنا اعبث بحبات الرمل….
كنت اكتفي بالحجاب…كما اعتدت عند خالتي لوجود مازن… اعتدت ذلك لكن لي ضمير يؤنبني أحياناً…فوالدتي لم تكن لترضى بشيء لايرضي ربي…
لذا بدأت أضع غطاء أو لثام..
بينما أراهم قد ابتعدوا سمعت هاتف يرن…
وقد سمعته عندما كنت في السيارة لذا علمت انه هاتف عمر…!
لم أتحرك..
فلا دخل لي…
تكرر رنينه فأصبح لي دخل..!
فتحت باب السيارة..وألقيت نظرة على هاتفه…وقرأت اسم المتصل”لا تـرد “
ضحكت رغماً عني..وازداد فضولي لأعرف من المتصل…لذا اتصلت ببدر وأعلمته بأن هاتف عمر لايتوقف عن الرنين… عدت اجلس بالقرب منتظرة مجيئهم..لكن من أتى هو عمر…
اخذ هاتفه وهو لا يزال يرن..وألقى علي نظرة خاطفة…وكأنه يتأكد هل قرأت المتصل أم لا.
فأقفلت على ضحكاتي ولذت بالصمت…
“هلا رنيم”
إذن كان المتحدث رنيم…أجلت ضحكاتي وانشغلت برؤية ملامحه…نعم أخيراً أتيح لي رؤيته دون أن يدري..
نعم تغيرت ملامحه قليلاً…ربما أصبح أجمل..وربما ذاك الطفل الذي كان هو أجمل..!
اشعر أن شيء ماتغيَر بوضوح في ملامحه..ترى ماهو..! أكان …..
اصطدمت نظراتي به وانساقت عيناي لرسمتي على التراب..فأخذ إصبعي يتحرك بحرية لتختفي معالمها من شدة إحراجي..!
-ترى ماذا سيقول عني…أحسست بأنني سأقول..
“سامحني يابدر!!”
.-.
.-.
عدت لبدر وأنا أود الضحك بأعلى صوتي من شدة سعادتي…
هل رسيل أيضاً اشتاقت إلي..!
اشعر الدنيا كلها تصفق لي…نظرة واحدة جعلت مني أحمقاً يضحك بجنون..!
ماذا لو بقيت تنظر إلي ساعة..!
ربما سأفقد عقلي…, ويصاب قلبي بالتشنج..!!!
.-.
.-.
ذهبت وحدي امارس نشاطاتي التي اعتدت عليها هنا…وتركت لبدر حرية الانطلاق مع عمر..
بدري أعطاني وعداً أن يبقى معي لكني أخبرته بأنني سأبقى وحدي
فلا أريد ل عمر أن يقول أنني لم ارحب بوجوده معنا..!
مرت ساعات في استضافة الليل..
وقد استمتعت كثيراً…ولا تسألوني مالسبب..لأنكم لا تعشقون هذا المكان مثلي..
ولو جلست وحيده..!
…مر الوقت سريعاً..جميلاً.. .
.ـ.
.ـ.
أنا..!!!
لا تسألوني كيف قضيت هذا اليوم…لأنني احس به خارج نطاق الزمن..
كنت اضحك كثيراً على كل حرف حتى وصفني بدر بالجنون هذا اليوم..!
أُمور كثيرة حصلت…
بالطبع لي وحدي.. أنا وبقية مشاعري..!!
البقعة التي تحوي أبراج رسيل لا أصلها…بل إنني بمجرد إحساسي بالذبذبات اهرب..!!
ألا يكفي ما أصابني هذا المساء لأن الطفلة الكبيرة هنا…؟!
أكثر شيء كنت انظر إليه هو ساعتي..انتظر سيّدة قلبي تأمرنا بالرحيل…
ليجمعنا مرة اخرى مكان…!
في لحظة جنون تبعاً للحظات الجنون التي شعرت بها هذا اليوم…تمنيت ان نبقى مدى العمر في تلك السيَارة…يجمعنا حديث!
حتى نبقى كما في السابق….فكم يأخذني الحنين لتلك الأيام..!
.ـ.
.ـ.
.ـ.
بعد أن ركبنا السيَارة عائدين…كنت اشعر بتعطش للحديث..فقد مر اليوم وأنا صامته…
“احم..احم..”
قلت ذلك محاولة تمرين حبالي الصوتية للانطلاق بالحديث…!
“احمم.. بدر بقولك .. تذكر يوم لمى سرقت جزمتي عشان تحضر فيها مناسبة؟؟”
بدر بابتسامة-”إيه…للحين تذكرين..وش..ذكرك فيها”
“اكتشفت أمس إنها أخذتها مره ثانيه قبل ما نطلع من بيتهم..وبعد أخذت الثانية هذيك تذكر البنيه اللي “
توقفت على أصوات ضحك طالما كرهتها…!
لماذا يضحكون.. هل لأنني بالغت في انفعالي أم ماذا..؟
بدر-”إيه كملي؟”
“أول ليش تضحكون؟”
بدر-”لابس كملي شفيها”
“خلاص ماراح أكمل “
بدر-” رسيلووه أقول كملي”
وهو لازال يضحك…
“والله ماكمل..”
ليعودوا للضحك…أخرجت هاتفي من حقيبتي بغضب وبدأت اكتب لا أدري ماذا!! ولكن أذكر أنني كنت قد كتبت مقطع قصيدة قبل ساعة وأريد أن اكمله…
ليست قصيدة عاطفيه..!!
عدت أقرأ ما كتبت من القصيدة حتى أكملها..
رفعت عيناي لأفكر لتدور عيناي في أماكن عديدة ..
توزعت نظراتي..
مرت من نافذتي لتعبر من الأعلى إلى الأسفل..
مرت بعلبة العصير الفارغة إلى علب المناديل الفارغ بعضها.. !
حتى وصلت لمرآة السيارة الأمامي..
لتقف مذهولة..!
تلك المرآة عكست لي صورة عمر ينظر لشيء بعيد…
وعلى شفتيه ابتسامة..
يبدو انه نسيها على شفتيه بعدما ضحكا هو وبدري علي..!
اشتعلت نيران الغضب بداخلي..
تركت هاتفي وأنا اذكر تلك الضحكة وهو يسأل عن قصتي بأي منتدى..!
ازداد غضبي فجأة!
قلت وعيناي تنظر للظلام من تلك النافذة بجواري:
“مدري شيضحك..”
رفعت عيناي لتلك المرآة لأتأكد من أنني قد نطقت بشيء..!!
لأرى عمر ينظر إلي ولكن ..
تلك الابتسامة قد تلاشت..!
بدأ قلبي يخفق رعباً من تلك النظرة الغريبة!
بدا كل شيء يخيفني..!.. لا أدري لمَ..!
“احب بدري…احب بدري..”
لا تتعجبوا سأرددها دوماً….
انه الآن أعطى لقلبي الأمان عندما قال بفخر:
” من يقدر يضحك على رسوولتي واخوها البدر”
مهما يكن ما قاله..المهم أنني أحسست بوجوده هنا..
ليتني لم انطق بشيء..
عمر..
ما باله هكذا..؟!
.ـ.
.ـ.
.-.
نعم كنت ابتسم..!
لستم مسئولين عني..!!
كنت من فرحتي هذا المساء ابتسم..
قد لا يكون لسبب ولكن لأن تلك الابتسامة انطبعت على شفتاي منذ رؤيتي لرسيل..
طالما كنت اسيطر على مشاعري..إلا أن نظرة من عينيها تفقدني السيطرة..
ولكن ما بالها أفزعت قلبي..وهزت كياني..؟
لتحرك صمت المشاعر في داخلي..!
إنني اجن.. لم اعتد على عدة مشاعر في آن واحد..!ولا احتمل ذلك..!
أنا لا أرى سوى عينيها.. أو البراءة التي تسكن تلك العينين..
لكنها..
فقط تكفي لقتلي..!
.ـ.
.ـ.
شعرت بأن التوتر بدأ يجتاحني بعنف….
عندما سكن الصمت المكان أخذت اكتب في هاتفي ولا اعلم ماذا اكتب..ولكنني اضغط على تلك الأرقام والحروف لتصدر صوتاً يزيد من توتر الجو في هذا الضغط…
دقائق مرت..
اقسم أن القصيدة التي كنت اكتبها بلا وزن وقافية…اقرب لخاطرة أضاعت الفكرة..!!
لكنني لا أزال اكتب…والصوت يزداد علواً…
بدر-” فيك نوم؟ ولا وش فيك ؟”
عمر-” لا مافيني شي ..(ثم أضاف ) يمكن اختك فيها شي!..”
واضاف ابتسامة غريبة…
بدر نظر إلي عبر تلك المرآة وهو يقول لعمر:
-”مدري شجاها….”
ليقول متعجباً:
“رسيــل…”
رفعت نظري لتلك المرآة لأرى نظرة تعجب من بدري لأزيد من دهشته وأنا أقول:
“وشو؟”
ضحك بدري: “فيك شي..؟”
لأجيب بابتسامة تتضح من رسمت عيني :
“لا..مافيني”
ضحك بدري بخفة”اجل ارجعي لجوالك..وانتبهي لايتكسّر من الضغط”
عدت اكتب بصمت…
.-.
مرت دقائق طويلة وهما لا يكفان عن الكلام ..وانا لا اكف عن الكتابة..
والطريق قد انتصف..
عندها قلت بسرعة:
“بــدر”
اتجهت انظارهم الي بسرعة فقلت بمكر لم اعهده في نفسي….لكن يستحق دوماً يسخر مني..

“نسيت الرهان؟”

بدر-”هههههههه الله يذكرك بالشهادة ….وانت ساكت ها”
عمر-”هههه احس هذا الظلم”
بدر اوقف السيارة على جانب الطريق
“يالله عقابك”
عمر-”لوتحب النجوم قلت لك انا مظلوم”
بدر-”بشهادة رسيل انت معاقب”
قلت وانا في اوج سعادتي لانتصاري
-”يالله خير الامور الوسط انتصف الطريق”
عمر-”ههههههه توبه اسمع كلامك مره ثانية”
قالها لبدر وهما يبدلان مقاعدهما
عمر-”بمزاجي ترى”
ورفع إحدى حاجبيه وابتسم…
شعرت بذاتي ابتسم ..
ابتسامة حتى أنا جهلت معناها..!!
.ـ.
.ـ.
أخذت أقود ببطء ممل…
-تحملوا ماعاقبتموني به…فأنا في اوج سعادتي لاستطاعتي صنع عدد اكبر من الدقائق لنبقى معاً..
بدر-”تصدق كذا احسن من السرعة…في العجلة الندامة”
عمر-”اكيد احسن..وهذي إمكانيات سيارتك هههه”
وعادا في جدالهما الذي لاينتهي…
فتحت هاتفي مرة اخرى اريد وضع التعديلات النهائية….
استغرق الأمر دقيقتين..سمعت فيها عمر يقول:
“لقيتي اللي يستاهل انك تكتبين عشانه”
عفواً….أيتحدث إلي..!!
أهذا السؤال موجه إلي..!!!
أخذت ثواني لأستوعب ماقاله…
.-.
.-.
“لقيتي اللي يستاهل انك تكتبين عشانه”
رميت بتلك الكلمات والتزمت الصمت..!
لكني عدت انظر للمرآة..
أذهلتني تلك النظرة التي رمقتني بها…!
كما لمحت نظرة غريبة من بدر…
حاولت أن أضيف أي كلمة أوضح بها الموضوع..
ولكن لساني شلّ مع تلك النظرة…
قال ما شاء وهرب ليختبئ في بطن ذلك البلعوم..!
“نعم..؟!!”
قالت رسيل ذلك..
فقط…لتعجزني…!
هي تعلم بأنني قتلت بذلك السهم الذي رمتني به ببطء من عينيها
بدر التزم الصمت..أرعبني ذلك أكثر..
ترى بماذا يفكر..!
ضغطت أكثر على البنزين وأنا أقول
“لا بس..أشوفك تكتبين قصيده..”
قلت لكم أنني لا أستطيع التحكم بمشاعري بعد أن عاد الأمل وضخ فيني طاقاته..!!
ربما لن يكون وجودي شغل مقعد فحسب..!
ربما ستكشف أوراقي ورقة ورقة…
ورقة..!
//يتبع
للموقف بقية,,,,حتى يبرد غضب رسيل
( 10 )
مازال اليوم ينسجني بدهشته!
هطول الأحداث قد لايسقي مواقف…!
طر يحيي مدينة..ويغرق مدينة اخرى…!
لاتبدو القواعد التي تعلمناها منذ الطفولة تنطبق بعد أن قطعنا شوطاً آخر مع العمر..!
ذلك الطريق يحولني دقيقة بعد اخرى لقطعة بالية..أرتشف ذاتي بصمت..
قطعة غارقة حتى التبخر..تستغل مقعد جاف..، تتقن فن التبخر دون إحداث أي ضباب للنوافذ المطلة عليها في وقت كان يجب هي أن تطل منها..!
أصابع الدهشة أتمت نسجي هذه اللحظات… ذُهلت بنسيج يتقن ارتدائي!!
لاقَ بمظهري.. كصدفة مرتبة…!
- لايبدو لي غيرك يغري الإبر لوخز نسيج جديد..!
“لن اجيبك”…
لن تحيك فستان طفولتي ليعود لجسدي مرة اخرى..!
فلن ارتدي شيئاً من الماضي….ليس الآن حسب اعتقادي..!
لأني ببساطة..سلفاً أجبت على سؤالك!..فلا زلت أصر أنه لا احد يستحق الكتابة لأجله..
فـ عفواً…
لا أجيد السير على الطرق الملتوية، وأُشبعت مللاً من الانتظار قرب المحطات..!
ولم اعد أضع إصبعاي في جوف أُذني لتستر أصوات ناقوس ساعة تلك السيدة التي حلمت بها.. لأنها الوحيدة التي سأكتب عنها، وسأستحقها يوماً..!
-ربما كتبت عنها أكثر مما كتبت عن نفسي…ألا يبدو لك أنها نصفي الآخر..!
ها أنا أخيراً اخبر أحداً بذلك….وإن كان لا أحد!
فـ عذراً…سؤالك
مني ماذا يريد..!
حوار طويل صامت في داخلي…حتى وصلت لمنزلي دون أن أجد النقطة خلف استدراك عمر المغلف بالإستفهامات القديمة!
.-.
.-.
.-.

أوقفت السيارة…

غادرتها رسيل قبل أن اخرج المفتاح لبدر…
تبادلنا حديث مقتضب يخص الغد رغم أن اهتمامي في زاوية ماحدث!..
ولادهشة في ذلك..
فكيراً مايطول اعتكافي في زاوية ماحدث..ربما لأشهر من أي حدث يمس ذلك الشيء المساوي لقبضة يدي..
هو وقبضتي…”الاثنين” لديهما رغبة شديدة في القبض على مايريدان…!
ركبت سيارتي المركونة في منزلهم واتجهت لمنزلي…
أحكمت حزام الأمان كمن يحكم أفكاره….وانطلقت منها هرباً من نفسي..!
من يسمع النقاش الحاد في رأسي يصر على أن السيارة كانت مكتظة بالركاب، وكل منهم لايريد الوصول لمكان معين!!
ليس فقط عقل امتلأ برسيل!!
إنها تتفشى فيني, حتى عقلي استطاعت الوصول إليه…
ليست مرض معدي…ولاوجود للطبيب…ولن تقضي علي أيضاً!
تحدي تلاه عدة انكسارات…!!
-اخبروني…لمَ لم تجبني…لمَ لم تنطق بحرف واحد ليسهر مطبطباً مهوناً انزلاق لساني!!
ما أكثر تلك الإنزلاقات التي لو أصابت جسدي لكنت أعمى،اخرس، بشلل رباعي أو أكثر!!!
منذ أول دمعاتها…أو منذ أول “إنزلاقاتي”…
كلها تصف الوقت ذاته..!
….
لم أكن اريد الذهاب للمنزل…لكن بحكم الوقت المتأخر والهم الثقيل الذي يكاد يبكيني..والفرحة التي لاتجرؤ على الظهور في مثل هذا الوقت من الضيق… وصلت للمنزل!
قبل أن افتح باب غرفتي صادفت أبي…
بحثت خلال ثواني عن ابتسامة لأظهرها فلم أجد…
-”عمر..عسى ماشر ؟”
-”الشر مايجيك يبه..(ثم أضفت بعد أن رأيت التحديق يتقافز بينا أعيننا بفضول!)
خير صاير شي؟”
-”لا بس كنت نازل وشفتك..وجهك متغير؟”
هنا أخيرا تم إيجاد واحده..!
(ابتسمت)
-”ايه مانمت زين”
-”وين كنت؟”
لم أكن في مزاج للحديث…
-”ويا بدر”
-”إيه هم في بيتهم؟”
-”إيه”
-”ماقالك متى بيطلعون؟”
-”إذا سافر خلال اسبوعين يمكن”
اتجهت للداخل لأن أبي يبدو أنه يريد التحدث هذا اليوم!
لكن ماباله يسأل عن بدر؟
-”عمر.. بقولك شي يمكن يضايقك لكن هو صار وانتهى الموضوع ولاكان ودي انه صار”
وقفت أمامه لأجمع من تعابير وجهه جملة مفيدة!
- “خير؟”
- “بدر خويك ويمكن يعصب ولايصير شي لادرا فأبغاك تقوله انه مهو بيدنا”
- “وش صار؟”
- “أبو بدر الله يهديه لي عنده فلوس من سنين هالمرة قضى دينه.. جاب لي سيارته وكتب البيت باسمي رغم إني رفضت لكنه أصر و “
قاطعته على عجلة
-”بيت بدر؟؟…كتبه باسمك؟؟يعني انت اللي شريته؟؟”
-”إيه هذا اللي صار وأنا أفكر أبيعه لاطلعو عشان لاتصير بينكم حساسية لاصرت أأجره لأني على كلام ابوهم انهم متعلقين فيه “
بدأت أعزل كل ماحدث هذا اليوم علني استوعب جيداً مايحدث الآن..
قلت بانفعال حينها
-”يبه حرام عليك؟..وحرام عليه مالقى غيرك؟؟ ظالم والله ظالم”
-”عمر قلت لك لاتلومني انا قلت لك الله يهديه ابوهم تصرف على كيفه”
-”و بدر..طيب تدري هو شرالهم غيره؟”
-”لاطبعاً ويوم قلت له قال الله يفرجها من عنده وسلم الأوراق وطلع”
لذت بالصمت لحظات ثم قلت
-”يبه انت منت بحاجته رجعه لهم بدون لايدرون”
-”أنا مافكر اطلعهم لكن إن كتبته باسمهم أكيد بيرجع ياخذه أبوهم وساعتها مابيدي شي! واصير ظلمتهم”
خرج ابي بعد أن أخبرني بأن الصفحة الناقصة من دفتر تعجباتي تستضيفه هو كـ زيارة غير متوقعه! في زمن غير متوقع!
كنت اريد البكاء…
لكنني… لا ابكي ، بحكم رجولتي!!!
وتربيتي…
فتصانيف البكاء من اختصاصات الأنثى في كل معاجمي!!
كيف لي أن اخبر بدر!!
فهو حسب علمي…يستطيع البكاء !
.-.
.-.
بعد أن نام بدر
اتجهت لغرفتي القريبة منه لأحاول النوم أيضاً…إلا إنني كنت أُوجه نظراتي لظفر إبهامي كمن يصبغه بحديث ما…
ماحدث اليوم يختزنني بغرابته….
-لمَ سألني عن كتابتي…لمَ كان يشبهه سابقاً ويختلف عنه!
لمَ كل الدلائل تشير أنه هو..بطاقة تحمل الاسم ذاته، باختلاف الصورة..!
ولمَ لم استطع تركيب صورة ذلك الرجل بالطفل الذي يخرج بين عبارات حديثه كبخار أراه ولن استطيع إمساكه!
رن هاتفي فجأة واهتز طلائي لأتوقف!!
كانت دانه!
اووه منذ أيام لم أحادثكِ
“دنوو اخيراً تذكرتيني”
“جب ولاكلمه يالقاطعه أجل أنا ام الخرابيط تنسيني”
“ههههههه أنا ماقلت شي…أي خرابيط دااانوووه”
“ها..من قال لاتتهميني”
“هههه أخبارك حبيبتي والله وحشتيني”
احب بساطة أحاديثنا، أحب خلعها لباب روتيني وصفعه من خلفها…
كنت مثلها، فأصبحت مثلي..!
عندما كانت تتطرق للحب في حياتها، أشعر أنني أحب معها..اشاركها الشجون دون أن افكر بأنني سأكون مثلها!
إذن نحن في دورة منذ زمن طفولتي..
تارة أكون مثلها، وتارة تكون مثلي،..دون أن نعي ذلك يوماً..!
كما هو موضوعها المفضل..”الحب” تحدثت كعادتها عنه
لكن في هذه المكالمة أخبرتني أنها تريدني ان أقيم شخصاً تحبه…
هالني هذا التطور العجيب…
فكل ما تفعله دوماً تحب عن بعد مسافات…ولا تفكر بالاقتراب، لأنني أنا أخافه!!
وكنت أستمع دوماً لها عن حياتها، ومعاناتها التي أشعر بها تحملها ليلاً على أكتافها لتزيحها فيني نهاراً…
وعندما تخبرني عمن أحبت…
أنشغل في الضحك، حتى تغضب فأعود للسؤال وأستمتع..!
إلا أنها هذا اليوم تريدني أن لااكتفي بالاستمتاع، أو الاستماع..بل تريديني تقييمه..
سعدت بذلك فلم أسأل عن السبب…فربما لايكون هنالك سبب..
لذا وافقت فما أجمل أن أراها محرجة،
يقولون أن الجلوس مع الحبيب يبعث الخجل حتى بعد أن يرحل!
يضحكني الآن لعلمي بأن الغد سيضحكني كثيراً….ويسعدني ذلك!
-سنلتقي بعد غد في موعد مع الخجل الجديد..!
.-.
/
/
في إحدى ليالي الشتاء الباردة…وتحت زخّات المطر.. وقفت تحت المدفأة شاردة…..
يأخذني صوت اسمعه ولا اسمعه…
صوت يأتي من تلك النافذة … صوتُ غريب..
ُخيَل لي حينها انه صوت الشتاء..!

يتبع ,,,,,

👇👇👇


تعليقات