بارت من

رواية سيدة الحرية -4

رواية سيدة الحرية - غرام

رواية سيدة الحرية -4

منذ أن صعدت بغرفتي…
ابتلع غصة رمتني بالرميم…وجدت نفسي ادخل المنتدى باحثة عن مواساة قصتي..!
لن ابكي…
أشبعت ناظري بمن أثنى بحروف…أقنعت ذاتي..إلا أن أذناي أبت أن تقتنع…فهي لاتثق إلا بما تسمع!
لمن اشتكي..!
أين امي..أين أبي..أين من يدعون صديقاتي!
في كل مرة اصنع انجاز…أقف على المسرح انتظر التصفيق…!
ولا أجد حضور…وصدى الضحكات يملأ المكان..!
ربما أصبحت الحروف عزائي الوحيد… هل اقترب موعد فقد القلم..!
لينضم لسلسة المفقودات في حياتي..!
سؤال يلَح على الإجابة بالظهور…
-متى سيصل لقلمي كلمة صدق تدفع حبره لرسم إبداع الصفحات…!
متى يكون للصراحة لون يختلف عن ألوان المجاملة..؟!
طرق الباب قبل إتمام الأسئلة في عقلي….
“رسيـــــل….رسيـــــل..”
لم اجب نداءه…
أعاد الطرق بقوة
” رسيل ممكن ادخل..؟”
“تفضل”
دخلت, كانت الغرفة هادئة كما هي رسيل..
شعور جميل..اذاً لم تسمع ماقلناه..
-”رسوووله..شفيك قاعده لحالك؟”
نظرت إليَ نظرة لا حياة فيها فقالت:
“وش تبيني أسوي تحت بلحالي..؟”
“اللي تسوينه هنا…”
” أنا أفكر”
“اوكي فكري تحت..”
“ليش؟”
حاولت أن اكذِب ظنوني لكن يبدو أنها سمعت..وهدوء ماقبل العاصفة لاينبئ بخير!
“رسووله شفيك؟ ليش تردين علي كذا ؟”
“مافيني شي..يمكن فيني نوم”
أحسست باليأس..ليتها تخبرني بغضبها…حتى ابرر… لكن هكذا لن يجدي الكلام…
” قولي شفيك؟”
“مافيني شي”
بعد لحظة عناد..!
“سمعتي شي؟”
قلتها اختصاراً للوقت.. فكانت كالقشة التي قصمت ظهر البعير…!! عن أي بعير أتكلم..!
صدقوني لا ادري حتى كيف ابرر؟ لا ادري ماذا أقول..!
“ماسمعت شي ولا أبي اسمع شي”
“رسيل اوكي انا بوضح لك “
.
.
لا اريد أن اسمع شيئاً منك..
ماذا بعد تود ان تقوله..هل ستخبرني ان قصتي رائعة…لا احد يضحك عندما يقرأها..!
الم تكتفي كذباً..
رفعت رأسي عندما سمعته يقول
“انتي اكبر من كذا ولا يهمك كلمة مني او من غيري صح؟”
لم اجبه ليضيف:
“يعني ماهمك مو.؟”
قالها في محاولة لاقناع ذاته.. لكنني قلت حينها
” اكيد مايهمني الكلام…اذا ماكان من وراي..اذا ماكان من اقرب الناس لي..”
كنت انظر بحدة…
وفي عيناي معركة ومظاهرات….وسيل عارم اكره انطلاقه..!
أضفت:
“انت ماهزيت ثقتي بنفسي وبس..انت هزيت ثقتي فيك؟..قدامي تقول اوكي كملي..ومن وراي اطلع نكته بايخه تتسلى عليها”
“رسيل ارجوك الموضوع مايتساهل حرام عليك..طيب ايش بالضبط ضايقك”
كان سؤال مؤلم..لا ادري بالضبط مالذي ضايقني..
انا لم اكتب لبدر وهو لم يقرأ القصة..
وعمر لايعني شيئاً لي فهو دائماً ساخر ولم يعجبه شيئاً أقدمه قط..
اذاً لم أنا مهتمة بهذا الموقف..
ماللذي ضايقني..!
لا.. كان يهمني رأيهم.. حسناً أنا متضايقة..وكفى..
“ولا شي.. بدر ..أنا بنام”
أحسست باني أتصرف بذاك الهدوء العاصف..الذي أزعج بدر..!
“رسيل”
“ياليت تسكر الباب وراك”
خرج بدر دون أن يلفظ بأي كلمة مما زاد من حيرتي…
لا أريد أن أخبركم بأنني لم استطع مقاومة ذالك السيل الجارف!
عندها بكيت بمرارة…
بعدان تعبت من البكاء…ومن شهقاتي التي أتعبت صدري….
أرخيت بجسدي على السرير…مع أول دمعة حاولت عدم الظهور…استسلمت للنوم…
….
احياناً نبكي لسبب لايستحق دموعنا…واحياناً اخرى لانبكي ولو استحق دموعنا…
مسألة معقدة..ناتجها دوماً الوقت…
/
مرت أكثر من ساعتين… أفقت على صوت مقبض الباب يتحرك في محاولة فاشلة لفتحه…
-ربما هذا بدر..!
جلست على سريري .. وعاد الموقف كاملاً إلى ذهني..
استرسلت بالتفكير أحسست بأن لاشيء يستحق كل هذه الدموع..!
رغم أنني اكتشفت ذلك قبل غفوتي..!
عندما انحصرت أفكاري بنقاط ثلاثة…تضايقت بشدة..
-سخروا مني…..
-عمر لم يتغير..!
-عمر يسأل عن المنتدى ليضحك أيضاً..!
قطعت طوق أفكاري الذي أذهلني التفافه حول هذا المسمى..عمر..!!
هل حقاً هو ما أغضبني..!
- اذن…لا شيء يستحق العناء…
.
.
خرجت من غرفتي قاصدة بدر..ربما كنت قاسية كما كان هو..!
عندما وجدته كان يقرأ ملامحي….يبحث عن أي كلمة قد تخرج مني!
قلت-”تعشيت؟”
ابتسم…
بل..ضحك…
“لا…”
ابتسمت فخرجت قاصدة الصالة..وسمعته يقول:
“لا أنا ولا عمر قرينا القصة”
التفت فأومأت بالإيجاب فقال:
“لاتخلين أشكالنا تحطمك”
بعدما استوعبت الجملة
ضحكت”أشكالكم…..رحم الله امرئ عرف قدر نفسه “
“هههه…لاتصدقين عاد ترانا مو شويه… بس بغيتك تضحكين “
ابتسمت ممتنة..فخرج مني سؤال لا ادري من أين أتى..!!! أو لمَ؟
“عمر بيسجل بأي اسم؟”
“بالمنتدى؟”
قلت في محاولة لتغيير الموضوع حتى لا يأخذ أكثر مما يستحق
“يؤ بدر نسيت اطلب…تذكرت إني جوعانة”
“ههه تعالي خلاص أنا طالع وبجيب معاي.. الا رسيل متى تبغين نطلع البر؟”
وعدني بدر بهذه الرحلة قبل ان تنتهي هذه الإجازة..وأظنه الآن مراعاة لمشاعري يسأل مبكراً…
قلت مسرعة
“اليوم”
“هههههه ياشين الرجة اوكي اشوف بكرة”
انتهى اليوم وعقلي لايفكر بالانتهاء من فكرة دخليه على أفكاري….
كانت لاتصل مشوار الغد بصلة
بأي اسم سجل دخوله للمنتدى ياترى!!!!
..×..///..×..///..×..///..×..///..×..
ربما من يقرأ هنا..
يقرأ رسيل…يتصفح حياتها… يستطيع كل من يمر هنا قاصداً حياتها أن يتذوق مرارة يتمها…
كان فصل حزين…خريف تساقطت أوراقه..
أكان يجب ان نلتقي بها بعد تلك المدة في الشهر ذاته…!
أيكون الخريف محطة التقاء جديدة… ترى لمَ تتساقط أوراق الشجر..!
حتى يحين الشتاء سيكون عليها أن تتذوق نكهة اخرى من نكهات الحياة…
Alsamt ِ Raheel..×..///..×..///..×..///..×..
(9 )
سعيدة جداً..سنخرج لمكاني المفضل على سطح الحياة..!
كنت اجلس على أسفل درجات السلَم..منتظرة عودة بدر من الصلاة….
عندما أتى وقفت متلهفة:
-”تأخرت؟”
-”ايه عمر كان معي”
“طيب نطلع الحين؟”
-”رسيل شرايك نأجلها لبكرة”
اتسعت حدقت عيناي بتعجب!..
“ليش؟”
“عمر برا…وماقدر أقوله إحنا بنطلع لأني عارف أهله اليوم مو بالبيت و….”
قاطعته وقد ضاقت ملامحي
-”وانا وش علي…مامداك تفرحني وهونت…! خلاص كيفك”
أدرت ظهري لأصعد فقال
-”رسيل خلاص بقوله يجي معنا واشوف”
“نــ.عــ..مـ.”
ماذا قلت؟؟ كرر ماقلته الآن..بالأمس يسخر مني واليوم يكون في نزهة معي..!
-”عمر مو غريب”
ثم أضاف ايضاً :
” بعدين أنا عند وعدي ..ولو تبين ننزل ونتركه بالسيارة عادي ترى”
وابتسم ابتسامة خبيثة لأرد له ابتسامة بسيطة وأنا أقول”
-”يعني؟”
“يعني البسي عبايتك الحين نطلع”
وقفت برهة أفكر.. شي عنيد يصرخ فيني طالباً أن لا أذهب…
عندها تذكرت..
“بدر وش رايك تقوله ناخذ اخته رنيم او مدري ايش اسمها معانا”
كنت اقصد اخت عمر..اذكر أن له ثلاث أخوات..اثنتين منهن توأم.. وإحداهما تحمل ذلك الاسم…
رأيتهما لثلاث مرات في حياتي…الأولى لا اذكر متى….والثانية لا اذكر أين..!!
والثالثة في عزاء امي.!!!
بدر-”اهله كلهم طالعين..مره ثانية..يالله أنا طلعت”
أخذت حقيبتي واضطراب الأفكار …..! وخرجت…
.ـ.
.
.ـ.

“السلام”

نطقتها بصوت اقرب للهمس…
عمر-”وعليكم السلام”
ركبت خلف مقعد بدري بهدوء..أخذت أرتب (لثامي وأنا أضيق المساحة التي تظهر عيني)
فأنا لم اعتد عليه…!
بدر-”يعني نكلمه بالموضوع؟”
-”بصراحة مدري”
من يقصدون؟.. من كانوا يتحدثون عنه قبل ركوبي؟…ولمَ هذا الفضول …
وقد شعرت بفضولي كله يتمركز عند صاحب الصوت الغريب..!
-لن ارفع عيني الآن…ماذا لو رآني.!
-ترى ماذا تغيَر فيه… باستثناء صوته.!
-ترى هل هو سعيد باجتماعنا كما قبل سنوات!..ام انه متضايق من وجودي..!
-أعلم انه لا يعنيني في شيء لكنه الفضول…ما أقبح أن يكون في دمي هذا الكم الهائل من الفضول…!
-غريب لم أكن أُبالي بشيء سابقاً….ربما لأنني اريد معرفة ماتغيَر فيه..متناسية آخر موقف!
افٍ من سلسلة الأفكار هذه…
بدر موجهاً حديثه لعمر:
-”وين رحت؟..؟”
-”معاك…”
-”طيب ايش نسوي؟”
-”تأكد قبل”
قالها وهو يمد يده ليلامس كفه مقعد بدري باسترخاء
بدر واصل حديثه مع عمر وأنا قد ذهبت بأفكاري العابثة لتلك اليد التي أمامي…
رفعت عيناي بسرعة وألقيت بنظراتي عبر النافذة..هاربة من لاشيء..!
لا أدري لم أزعجتني يده..وكأنها شيء تعدى على أملاكي..!
بدر بنبرة عالية
” هههه وين سرحت؟؟”
عمر بابتسامة-” اقوول وش رايك ترجعني البيت”
بدر-”اقوول وش رايك تسكت”
عمر بابتسامة-”لا والله جد”
بدر-”خلك ساكت أحسن..(ثم أضاف) مسوي يستحي”
عمر اكتفى بضحكة اقرب لابتسامة…فقط سمعتها!
.-.
عدتُ مرة اخرى لتلك اليد القابعة في هدوء أمام ناظري…
أخذت عيناي تتأمل في أصابعه التي لاتقارن بأصابعي.. بالطبع…!!
لكنها مقارنة فرضتها في وقت فراغ!
بعد أن حرك أصابعه اصبت بالرعب!!…
رعب تلته رعشة بسيطة في جسدي خيل لي أن الجميع أحس بها !
لذلك ابعد يده ليربط حزام الأمان!
ثم عادت تقبع أمام ناظري…بكل ثقة مزعجة!
.ـ.
.ـ.
..إنني دوما هكذا .. حتى أنني أخاف مشاعري بمجرد رؤيتي فقط
لكف غريب كان..أو قريب..!
أتصور أحياناً أن لليد رؤية..!
رؤية ابعد من رؤية الأعين والتقاء النظرات…
رؤية غامضة…
لا تفسرها سوى أعين حالمة..!
أخاف هذه الرؤية…!
لأنني أخاف الحب…!
يقال أن الحب أشبه بالعذاب….لكن..
كنت أحب هذه وذاك..فلم اشعر بالعذاب..كما سألت دانه مرات عدة ولم يغنيني جواب..
إذا كان الحب عذاب..فأنا أخاف الحب..!
أخاف الإعجاب..!
أخاف أن أسير إلى جوف الأحلام من خلال عروق يدِ أياً كان!
أخاف أن يصلني شريان ما إلى قلبٍ لم استعد لاحتوائه..!!
سمعت كثيراً بالحب….وأرعبوني منه…سمعت انه يبتدي بابتسامة وينتهي بدمعة..!
عندها… ابتسمت…لأفكاري.!!
وأدتها قبل أن أُصاب بالرعب منها
عدت أتساءل…
مابالي أتكلم عن الحب الآن..!
اهو بسبب تلك اليد الكبيرة التي تحاصر أفكاري!!
فعلاً اشعر بأنها تزعجني.. ترعبني…رؤيتها أشبه بكتاب غامض…!
هل أتمنى الآن قراءة الكفوف!!!
سؤال مضحك فاجأني عندما أطلت النظر إلى يديه..
-ترى كيف يقلم أظافره..!
ختمت بهذا لسؤال نظراتي…
ولا ادري لم انسقت للماضي….هل يعقل انه عمر… هل يشبه طفولته..!
لمَ لم ينمو كما أنمو أنا..ببطء!!
لم يفوق بدر عرضاً وطولاً….لم صوته أضخم…لمَ ترك طفولته واختبأ خلف هذا الرجل الكبير… المزعجة يده!
لا ادري لم كنت ابتسم وأنا أتذكر كل موقف عبث فيه عمر..
وبَخته امي ذات يوم…تعاركنا عدة مرات… و…
قُطعت سلسلة أفكاري من طوق الماضي لـ صوت هاتف ما..
-”هلا..”
كان هاتف عمر…
لا ادري لما عملت حاسة السمع عندي بشكل يفوق معدلها الطبيعي..!
هنئوني…اعتقد أنني اكتسبت اليوم صفة الفضول…!
بعد أن أغلق هاتفه وجه حديثه لبدر
“الا كم رقم مازن ؟”
بدر:”مازن؟”
عمر-”ايه ولد خالتك واحد من اخوياي يبي رقمه”
بدر-”تلقاه بجوالي عندك”
لازلت استفسر في رأسي..إذن هو على علاقة بان خالتي…غريب اشعر أنهم لا يتفقان..لماذا لا أدري…
الم اقل لكم عن جديد صفاتي!!
أعاد عمر يده مرة اخرى..شعرت بأنني سأصرخ فيه…
لا تُعد كفيك هنا…
لأجل مشاعري…
وذكريات الطفولة..
أبعدها وراعي عقدي النفسية..!
توقفت هنا ولا أثر للابتسامة على ملامحي..!
هل هي عقدة نفسية..؟
أم أنني قلت ذلك لعدم وجود تسمية اخرى في قاموسي..!؟
اعلم..!
قد تستغربون نظرتي تلك..وقد تستلطفونها..وقد تعيشونها..!
ولكنني اكتب فقط.. ومن وجهة نظري…
فاتركوني مع اللغة التي لا تحتاج لترجمة….!
بدر بضحكة مفاجئة بعد أن عم السكون السيارة
“والله لو اني داري انك تستحي ماجبتك؟ ياخي ولا بالقطارة تكلم”
عمر-”ههههههههه جب يالله وشو استحي ، انا كائن بشري لايحب الحديث مع صغار السن؟”
-”هههههه صغار السن ها..ان ماقفلت عليك السيارة ونفذت وعدي لرسيل”
-”متآمرين علي يعني! انا اعلمكم شلون تربيية صغار السن”
وبدءا في جدال آخر..
بما أنني كنت في حديثهم…فالحياء كان يلفني كما عباءتي..!
وأنا كنت ابتسم…وفضولي قد ازداد لرؤية ماتغيَر من ملامحه..لكن لا استطيع…سوى الاستماع.. لايمكنني مجادلة كلمة صغار السن….فعند رؤيته أؤمن بها!!
سألت بدر:
“بدر كم باقي؟”
بدر-”حوالي ربع ساعة”
عمر-”نص ساعة ماخذ مقلب بسيارته”
بدر-”ربع ساعه “
عمر”هههه اتحداك”
بدر-”اذا طلع كلامك غلط وهذا شي اكيد عقابك انت اللي تسوق اذا رجعنا”
عمر-”ياحبك للتحديات..طيب”
بدر-”رسيل شاهدة”
رسيل-”هههه طيب”
بعد أن قلت ذلك استوعبت مانطقت به..شعرت بالخجل مرة اخرى..!!
بعد 25 دقيقة وصلنا
عمر بثقة المنتصر-”هههه شفت “
بدر بمكر-”غلط انا قلت ربع و25 اقرب للربع “
عمر-”ياكذبك الحين نص الا خمس..لاتصرف “
بدر-”بس ماجت نص..اقرب للربع صح رسيل”
احمـ جمعت الجرأة الموجودة لدي
فقلت بتحدي
“ايه صح عليك”
اعلم أن بدر يكذب لكنه بدر…حتى وان أردت أن أقول خطأ!…
سمعت عمر يقول
“شف هذي هههههههه شهادة زور”
رسيل-”لا بدر مايكذب”
بدر بمكر-” اكيد هههه…”
عمر-”لا بهذي صدقت ماتكذب ها…”
بدر-”المهم كسبت الرهان”
عمر-”ياشين الظلم”
.-.
تركت السيارة قبل بدر لأسمح لرسيل التحدث مع أخيها…كنت أسير في اتجاه واحد..واشعر بقدماي تكاد تترك ملامسة الأرض…لم اشعر بنفسي إلا عندما ابتعدت كثيراً…
ونسيت هاتفي في السيارة….
جلست على صخرة يتيمة وبدأت انظر لذلك الاتجاه الذي عبرته.. وكأنني انظر إلى رسيل…
قد يكون هذا اليوم في عمري يوماً احتاج إلى تذكره فيما بعد..وتذكر كل تفاصيله…لربما لن يتكرر..!
كنت مستيقظ بملل هذا الصباح وقررت بعد علمي بقضاء اسرتي بقية يومهم عند احد الأقارب أن نخرج أنا وبدر لنقضي يومنا…فهو منذ عودته من المنطقة الشرقية لم نمضي يوماً بأكمله معاً…
لكنه اخبرني..
بل فاجأني..
بأنه سيخرج مع اخته وسيصطحبني معه…
رفضت..أصررت على الفرار من المكان..فأنا لم استعد بعد رؤية رسيل..او أن تراني…
فأنا لم استطيع وضع تعقيب على قصتها فيكتب أن أراها هنا..!
لاأستطيع…..
فقد كانت صورتها وهي تبكي في فناء منزل خالتها لاتغادر محفظة أفكاري…
وفي كل ليلة احاول عبثاً مسح احد دمعاتها…!
لا احد يسيء فهمي…
فأنا احب تلك الطفلة….احب اللعب معها…احب مضايقتها لتبكي..فأرضيها..!
في سيارة بدر كنت انتظرها تقفز الدرجات وتطل في وجهي قائلة
“قل لبدر يلعب معي”
كنت متشوقاً حقاً للطفلة الغالية على قلبي….
الطفلة التي استشف المواضيع عنها من أحاديث بدر…
سنوات مرت وأنا في صراع مع ذاتي بأن لا أسأل بدر عن حالها….
حتى أعادني صوتها على ارض الواقع بعد أن سمعتها تهمس التحية عند ركوبها…
أردت أن التفت بجسدي كله واراها..
أردت أن اوقف دوران الكرة الأرضية لتبقى أمام عيني ثابتة..!!
أردت أن اصفع الزمن الذي سلب منها تلك الطفلة…
كنت صامت وفيني دولة تحترق…وأناس تستصرخ جوعا..ومصابة…
حتى شعرت بأنفاسها تطفئ اشتعالي بهدوء يشبه سكونها…
تكلمت بضع كلمات…ضحكت عدة مرات….
وبت اقسم في داخلي أنني لو التفت لإراها لوجدتها تلك الطفلة..!
ربما لم يتغير فيها شيء…وتلك الطفلة تختبئ خلف عباءة..!
لم يشعر أحد بالمدينة في داخلي..وبدوت على المقعد كتمثال اسطوري…لا يرغب به أي متحف..!!
اللوم عليك يابدر…فقد أيقظت فيني الأشواق التي لم تنم..!
فهل نعود دقيقة لما كنا عليه سابقاً….
أيوجد من يستطيع هدَ حاجز بناه الزمن بيننا..!
ربما يجب علي أن أعود الآن فحديثي عن الماضي قد لايكفيني المستقبل بأكلمة لروايته..!
إذ كنت أنشئ قارب الوهم بعمر يتمها..!
.-.
.-.
عندما وصلت كان بدر متعجباً مما يحدث لي..! تكلمنا قليلاً وعيناي تبحث عن تلك الطفلة…
حتى رأيتها ترسم على التراب بشيء لا ادري ماهو…
كانت قد رسمتني ذات مرة ولم ترسم لي فم..! كنت سألتها أين شفتاي؟
اذكر أنها قالت: تكون أجمل بلا فم مزعج ولسان طويل.!
رأيتها…نعم رأيتها الآن..!
كانت تكتفي بالحجاب وكنت اكتفي بذالك الحد من الجنون..!
إنها هي..! كنت سأصرخ حقاً..
أنتِ رسيل…..
وكأن ما سأنطق به جديداً..!
قاصداً أن تستيقظ جميع المشاعر راقصة بيوم احتفالي برؤيتها…وكأن السنوات بيننا لم تكن سوى عدة أيام..!
أبعدت عيناي لأركز بنبضات قلبي التي تسارعت بلا انتظام…
أرجوكم… كما قلت:
لا تسيئوا فهمي فربما هي فرحة اللقاء التي احتفل بها وحدي..!
فأنا لست أحبها كما تصورون.. لكنني مشتاق لها…
مشتاق لها كما لم اشتاق لأحدٍ قبل…
مشتاق لها كما لم اشتاق لها سابقاً…!
بدر يراني كأخ لها..واحب ذلك لأنني لا أجد أسمى وأقوى من رابط الاخوَة….الذي لا يفصله موقف أو كلمة أو حتى زمن..!
رغم ذلك فأنا…..لا يربطني بها شيء..!
فليست اختي!
ولا أحبــها..
لكن احب أن اعطف عليها..
احب أن امسح دموعها… أن ابعد الأحزان عنها…
احب أن أراها ….
وأن اسمع صوتها….
احب أن أعانق الطفلة فيها بشوق الغياب…وأسأل كيف قضت تلك الأيام من عمرها..!
احب أن اعرف أدق تفاصيل حياتها.. وماتغيَر فيها ومابقي على حاله..!
احب أن اسمع بدر يتحدث عنها ولو لم يكن بموضوع يخصها….!

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات