بارت من

رواية سيدة الحرية -17

رواية سيدة الحرية - غرام

رواية سيدة الحرية -17

عندها كان مضجع وجلس،وكأنه ترك النوم على وسادته،وهو يضحك مدهوشاً
-"هههه منك...منك احلا "
لم اقصد ان أقلده الآن وربما هو دوماً مايقولها، أعجبتني لأنها كلمة مفيدة لقطع سيل من الأسئلة!
وضعت هاتفي،وأطفأت النور واختفينا!
الرائع في عمر،انه منحني بعضاً من الحرية.. وانقضى يوم كامل لي مع هذا الرجل.. ما أثقله.. هل يعقل أن أكون مثقلة به بقية العمر!!
رجل يملك هاتفين، رجل مزعج... مزعج كثيراً..في نظري!
.-.
.-.
استيقظت مصابة بخمول، لم أجد احداً غيري لكني اشعر أن هذه الغرفة مملة
استحممت،وجلست طويلاً أمام المرآة دون ان افعل شيئاً يذكر،وقلبت التلفاز دون أن يستوقفني شيء، اتصلت ببدري وما ان أنهيت مكالمتي منه حتى شعرت بإحباط آخر،
تعذر عن حضوره هذا اليوم!
ودخل عمر وبدأ الإزعاج!
تركته يتحدث دون ان انطق بحرف واحد، حتى قلت:
-"بدري مو جاي اليوم..مشغول"
-"ليش كان بيجي؟ ماقال لي"
-"انا قال لي امس"
افٍ..من هما..
-"نومتي امس تكسر الظهر الله يعيني اليوم"
لم اعلق طبعاً..
-"قولي شي ههه قاعد المح "
فقلت-"ببادلك اليوم"
ضحك واقترب حتى جلست عنه ،فقال:
-"الى متى؟"
إن اصبت بإغماءة،فالسبب أنت.. أهذا وقت مناسب..!
لم أكن افقد الجلوكوز فقط،بل وحتى الأكسجين
-"لين اتعود عليك"
.-.
.-.
لا ادري لمَ تضطرب هكذا كلما اقتربت منها،يبدو انها لن تعتاد علي قريباً
قلت مطمئناً مازحاً:
-"اكيد"
-"طيب..غير الغرفة "
جلست مستغرباً تلك الفتاة،أهي تقول ماتفكر به وحسب؟ام تأخذ وقتاً لتفكر بما تقول!
-"ماعجبتك؟"
-"الا"
-"طيب؟"
رفعت عينيها واخفضتها، ثم قالت:
-"نسيت أصلي"
وابتعدت..دوماً ماتفاجئني بتغيير الموضوع،وأصبحت ماتبقى من اليوم صامته، بمزاج يختلف عن الأمس..
مادوري إن لم اسعدها..؟!
.-.
عند أذان المغرب،خرج للصلاة وكدت اقفز فرحاً
شيء مزعج أن تكون تحركاتك متابعة،وهذا اليوم هو لايفعل شيئاً سوى ان يجعلني كرته الأرضية ويدور حولي كفلك!
فتحت التلفاز مهيأة وضعي حتى يعود،لينشغل كلانا! ،توقعت جلوسه في مكان ما وأوليته ظهري...،حضر سريعاً، قال على عجل:
-"تتابعين هذا البرنامج؟"
حركت رأسي نفياً
-"ليش فاتحته؟"
صددت عنه، اتابع حتى قال آتياً إلي:
-"شعرك متغير؟"
أيتحدث عن شعري..!!
رفعت رأسي ولاشعورياً تحركت يدي اليمنى لتصفيفه خلف اذني
تلك عادة،ربما عندما ارفع رأسي..لكن خجلي ألهم مزاجه،ماجعله يجلس مباشرة وهو يقول:
-"يناسبك..اصلاً أي شي تسوينه..(تراجع) اقصد حلو"
ثم تابع وهو مبتسم،ليحثني على الكلام
-"كيف صار كذا؟"
أهو يحاول معاكسة زوجته الآن! ان كان كذلك فهذا مضحك جداً...
لكنني لو تعلمون لم افعل شيئاً بشعري..عدا بعض من إرخائه بالهواء الساخن!
ولن افعل ذلك طالما سيجعله لاينقشع من أمامي!
...
عندما يأس من تجاوبي معه قال:
-"وش رايك نطلع نتمشى شوي"
-ربما كانت نزهة...وربما كانت أشبه برياضة المشي التي أتقدم بها وحدي
مشيت حتى تعبت،وتحدث عن تعب..وتناولنا بعض من الحلوى والكعك وربما قهوة باردة وبسكويت وشوكلا ومعجنات،وبعض من العصائر ومثلجات ولا اذكر ماذا ايضاً،لكننا لم نتناول حقاً سوى القليل،وبالنسبة لي قطعة واحدة
-"شرايك بالمكان؟"
-"حلو"
بالطبع سأقول ذلك فكل شيء هنا يخبر بذلك،عداه!
-"من غيرك..حلو!"
ابتسمت بانتصار من أثبتت معلومة في رأسه..،أخبرتكم جمله لم تكن مركبة كما تعودت
كان يوزع نظراته على المكان كمن يبحث عن شيء
تنهد-"كنت دايم اقول اذا تزوجت بجيب زوجتي هالمكان"
حديثه زاد فضولي قلت وأنظاري تهتز بينه وبين الأطعمة الشهية
-"ليش؟"
-"انا ادخل النت من هذا المكان ولي سنين اجيه..تصدقين هذا الجزء كله موسعينه كان اضيق اتوقع الجدار اللي ورا بنوه عشان العوائل الغو مواقف السيارات وهذي الجهة اخذو كم متر من مواقف السيارات...."
وبدأ بحديث طويل نصفه لا اريد ان افهمه!
أيحضر زوجته ليتحدث عن أمتار المكان وزاويته؟..ربما الأفضل ان لااسأل!
-"دايم تطرين على بالي بهالمكان"
استوقفتني عبارته التي أتت معلنة عن غموض ما،وقال مغيراً سير الحديث
-"ماحب الدونات (ضحك وهو يقول) ايام المدرسة كنت ادخل فيها قلم واسوي سيارة هههه وكم مرة عاقبني الاستاذ"
استطرد مباشرة وجعلني اشعر بالحنين الشديد،وكأن الجو انقلب الى شجن!
-"تذكرين صح؟"
عندما سألني بصوت أكثر حنيناً،أنعشت ذاكرتي نفسها
قلت لاارادياً
-"كان بدري يقلدك بس هو يحبها ياكلها اذا خلص لعب"
-"هههه طفولتنا تفشل!..(ثم سألني بأقل حدة) ليش للحين تسمينه بدري؟"
سؤاله كان مؤلماً،حيث تذكرت المرة الأولى التي شهد نطقي بها، ذلك اليوم الكئيب
لقد تخطى الحدود بسؤاله!..وأية حدود كنت وضعتها ياترى!
-"ماتغيرتي"
ثم قال وعينية ترتكزان في عيني
-"ولا انا"
اصرَف عيني يميناً وشمالاً، وعيناه اشعر بها تواصلان التحديق بإصرار
بدا التوتر جلياً علي،حيث قال وهو يأخذ كأس شيء ما..ربما كان ماء!
-"اقصد نفس شعوري لكم قبل"
.-.
.-.
شربت من الكأس، أنهيته..، كنت أظنه ماءً لكنه كان عصير!
هل يسجل ذلك اعترافاً ما؟ ربما لكني اشعر بالكلمات تختنق في صدري ولا استطيع البوح
هل كنت أظن البوح امراً بسيطاً!
صحيح انه ذات المقهى الذي ألتقيها واهرب منها فيه،والذي شهد مئات الاعترافات ولو نطق الحديد لشهدت أرضه من قاعها انني احبها حتى لااستطيع البوح!
لدرجة ان لساني فر هارباً وعكف طرفة اثر انزلاق، فخرجت "لكِ" فضفاضة جداً لتكون "لكم"!
أخذت تلعب بغطاء حقيبتها،اصبع يفتح والآخر يعيده والمغناطيس تعب من الطرد والجذب!
-"ماشربتي قهوتك؟"
التقطتها مباشرة،وقلتلها:
-"للحين ماتبغين تزورين خالتك؟"
ترددت وهي تقول:
-"بعدين"
.-.
.-.
وما ان غادرنا،كل شخص منا قد أبقى في فمه شيئاً لم يستطع النطق به
هو..ابتلع ما أراد قوله، وانا تركته مع كوب القهوة ،وفعلت طويلاً تمارين استرخاء لشد ما ثارت أعصابي!
حملت هاتفة لسريره اقصد للمقعد للتأكد من تواجده هناك،وشرعت في نوم غير عميق
.-.
.-.
-عند استيقاظي رأيته نائماً، ويبدو أفضل وهو لاينظر الي!
ورأيت رسالة من أخي يخبرني بقدومه ظهراً
.-.
كنت اجلس على الأرض بجانب بدري وقبالة عمر،نتناول الغداء،بعد دقائق وقفت:
بدري-"وين ماكلتي؟"
-"الا الحمدلله"
-"اقول تعالي اجلسي"
-"رجلي تعبت من الجلسة بمشي شوي "
علق عمر الذي كدت أنسى وجوده مذ حضر أخي:
-"مدري ليش الحريم يعجزون بسرعة"
ضحك بدري ساخراً-"تقول بمشي شوي من كبر الغرفة"
وضحكا كثيراً وكأن الزمن لم يتغير أبداً
كأنهما هنا يسخران مني وأنا اشتعل غضباً إلا أن تلك التي كنتها أصبحت لها حق على الاثنين!
-
بينما أخذت أتحرك بحرية،لمحت قرب الباب عموداً طويلاً أسود اللون قد عكف ساقه،وبعض من التوابع له..احضرها هذا اليوم ربما!
أيكون رساماً؟!..اتراه يرسم شيئاً..كم ياترى قد مر بحالة نفسية؟اقصد أنهى رسمة فنية؟
تلك السنوات فعلت الكثير كما يبدوا!
.-.
لا تذهب!
شيعته بنظري حتى غادر،وما ان اختفى حتى كتبت له رسالة طارئة،مفادها ان يتحدث مع عمر لتغيير المكان..فهو ضيّق بالفعل
وسمعت هاتف عمر يرن مباشرة،وفهمت من حديثه انه اخبره بأنني غير مرتاحة هنا ،وذلك مالاحظه أثناء زيارته، وأغلق عمر مقترباً وهو يقول:
-"لو غيرنا المكان واخذنا غرفتين(قال بمكر)لازم يكون بكل غرفة سرير؟(أضاف)ماراح اشوفك أجل"
ابتسمت وقد علمت ان رأسي سيبدأ تجميع كلامه مرة اخرى،أعانني الله على هذا البعل الثرثار!
اريد ان اضحك عندما اسميه بعل..بعلي هذا...نعم بعلي ، حتى انني كنت سأعيد تسميته في جهازي الى بعلي!
لكنني أبقيته كما كان..فقط " هوَ"
-"وش رايك نسافر ؟"
هو يعلم برفضي لذلك،لكن هذا البعل يريد ازعاجي
-"ماودي"
-"ليش "
-"على الاقل بعدين"
-"انا ودي اعرف ليش كل هذا "
-"انت وعدتني"
-"اكيد اصلاً أي شي تامرين فيه ماراح اقول لا..لكن "
-"عندي طلب"
..أفلتها لساني..!
..
كنت جالسة تماماً الى جانبه، او العكس صحيح،لذا هو يطل علي من الأمام ظناً منه ان عباراتي الناقصة تكتب في وجهي!
لكني ما ان قال ان طلباتي ستنفذ، ليظهر نفسه كالفارس في شهر العسل!
أردت ان اطلب.. وتوكلت على الله
-"مابي تفهمني غلط ومابي تسكت بعد ماتسمعه"
-"آمري "
كنت اشد على أصابعي حتى فقدت الألم
-"قولي ومن عيوني"
دق قلبي كثيراً هلعاً من قربه هكذا،حتى كدت أغير رأيي،لكنه يصر على سماعي
..,ما أربكني حقاً لم يكن عطره ذاك!..بل انني لم اجهز طريقة لطلبي،فانا ترجلت في هذا!
-"يمكن تتضايق واهلك بعد"
يجيب بهدوء ناقض تصرفاتي
-"هذي حياتي اللي يصير فيها مايضايق احد وانتي بالذات لايمكن تضايقيني"
كلامه مشجع حد الإحباط..، أردت الزحف لليمين شيئاً فشيئاً لكنه قال:
-"وين بتروحين يعني هههه سامعك سامعك "
هل اكون في مزاج للضحك! ربما طلبي ليس عظيماً كما أتصور..!
-"بيتنا اللي شريتوه"
وعم الصمت، بل أصبح صمت مريع!
قلت محاولة إنهائه
-"مؤقتاً نسكن فيه"
واخلف وعده،عندما ظل صامتاً..!
واخلفت ظن الآخرين بي! سيظنون بي السوء!
أي جنون قمت به!
سئمت هذا الصمت،وهذا المكان،وهذا الزوج،وخجلي وعطره الذي شعرت به يترك الهواء ويجتمع في عيني..حتى دمعت!
أخلوا لي المساحات اريد البكاء على حالي كثيراً
عدنا نختلف أنا ونفسي! كما اختلفنا عند زفافي به، تلك ترفض وانا اوافق، وهانحن نلوم بعضنا، وكأن مابيَ آلاف من النساء كما في الواقع..،تتحدثن بوقت واحد!
فلم يكن الصمت خارجاً إلا معينا للبكاء!
شعرت ان كل ماختبئ منذ زفافي يخرج دفعة واحدة على هيئة دموع!
وتلك اليد التي أحاطت بي بقوة،لم تفزعني،ولم توقف دمعاتي، بل زادتني الماً فوق ألم
وربما أصبح صوت بكائي مريراً تائهاً، شتت كل ماحولي من أصوات
هوَ..كان ينطق بشيء لم أود سماعة،ولم اسمعه مع تلك الضجة في داخلي
ما ان توقف كل شيء، كما يتوقف المطر وتغدوا العواصف الهوجاء،سرت في جسدي رعشة تزداد كلما دق قلبي بقوة،وكأن العالم حولي يطرق الحديد!
كان صوته مفزوعاً وهو يقول:
-"اهدي ياحياتي بسم الله عليك..والله الدنيا كلها ماتسوى دموعك آسف آسف بس مدري شقول "
اطمأننا قليلاً بعد برهة قال:
-"اذا البيت عنده للحين بقول لابوي ويصير خير"
أضاف-"انتي لو طلبتي القمر بقول حاضر واجيبه"
نظرت إليه بسرعة والقيت بعيني بعيداً،فقال
-"مقدر..ادري كذاب ههههه"
ضحكت،لاصطيادي اعتراف كنت اعرفه!
فقال وهو في قمة مزاجه،ماجعلني ابتسم
-"اجيب القمر وهو عندي"
.-.
بكائي جعلني اشعر ببعض من الراحة،لكني غاضبه من نفسي كثيرا لانها حطت من نفسها وجعلته يشفق عليها
قربه لم يكن مريحاً بل يجعلني ارجف رعباً..لكن عفويته بالكلام تذكرني بشخص آخر يشبهه!
تصرفه أيضاً،حديثه الغير مرتب وانسحابه السريع تماماً فوجئت به يشبه طفولته،كل ذلك يجعلني ابتسم بصدق!
هل يعقل انني طلبت منه ذلك!
.-.
ان تبكي أمامي يجعلني اذكر أكثر من صورة لها كانت تبكي!وآخرها أيضاً في أيام العزاء ألاتصدقون أن ذلك يؤلمني بشدة،قربها كان آخر ماتحقق لي من امنيات فأن تطلب منزلاً يجعلني اريد ان اهديها مدينة!
انها لم تبكِ لأنها تحن إليه فقط،بل هي تشتاق لنا هناك..وللزمن الجميل... ذاك!
لا احد يعرفها مثلي.. لذا سأضطر لأخبر أبي قريباً
.-.
.-.
بكائي ذاك جعلني اطيل الاستحمام، فبجسدي قشعريرة لم تبالِ بالماء الساخن!
أن افكر لدرجة أن أملأ المكان رغوة جل الاستحمام بعدي،يعني انني وصلت لدرجة الانتقال للتفكير كلياً
.-.
.-.
يومين متواصلين من اللاتغيير بيننا...
استأذنتها بالخروج مساءً،
وصلت لأبي.. أخبرته انني اريد منزلهم السابق مؤقتاً..دهشته كانت تساوي دهشتي سابقاً
سألني السبب فأخبرته بنيتي في مفاجأتها..لااكثر
ونصحني باستئجار منزل آخر وان فعلي ربما سيضايقها ولن تسعد بالمفاجأة ...لكن طلبي كان مجاب في نهاية المطاف..وسيجهز خلال أيام
أعانني الله على إخبار والدتي ،فلا اعتقد انها سترحب بذلك أبداً
أتمنى ان تصدق نيتي الكاذبة،فهل عندما أصبحت رسيل بين يدي اتركها حزينة!
لا والذي خلقني،فهو طلب بسيط..وهي رسيل... حبيبتي
اصابني النعاس :) اعذروا الاخطاء
- البقية بالغد..ان شاء الله
البقية
.-.
.-.
بينما كانت والدتي ثائرة،وقفت رنيم بجانبها مؤيدة..وازداد اللظى!
-"كنت احسبها عاقلة وانت مجنون تخليها على كيفها"
-"الا قولي مجنون اللي تخليه على كيفها"
قصدت اخبارها بطريقة مباشرة،القصد منها تبسيط الامر لا التحدي!
لكن تجربة طريقة كهذه مع امي بوجود رنيم،جعل الامر يزداد تعقيداً،ولااطيق كثرة التبرير وبالاخص بوجود اختي التي لاتنوي الانتهاء من الجدال الآن
واسترسلا، وأنا صامت أعي ماتقولانه
لكن..عند هذه الجملة:
-"الوقحة اثرها ناوية على بعيد(اضافت بسخرية) متزوجه عشان بيت الحمدلله والشكر"
لولا وجود والدتي لصفعتها بكل ما اوتيت ،لكني التفتّ الى والدتي غاضاً بصري عن الاخرى
-"نتكلم بالموضوع وقت ثاني"
اجابتني حانقة-"هذي الي بتخليك تمشي على كيفها؟"
-"أي تمشية يمه الله يهديك انتي ليش تفكرين فيها كذا"
رنيم بضحكة مزعجة-"حلوة تفكرين هذا الصدق"
تابعت-"يايمه ابوي ماستاجر وحنا عاملين حسابنا اني اذا رجعت من السفر بيلقى لنا بيت لكن هي ماتبي تسافر شسوي اجبرها؟"
رنيم بضحكة-"والله وتتشرط وبعدين ليش ماتسافر ماتعودت ههه"
لآخر مرة اتمالك نفسي،تلك النظرة التي رمقتها بها،جعلت والدتي تتدارك الموقف قائلة:
-"ياولدي انا اشوف انك تقعد بمكانك لين تلقون بيت بس بيتهم ماله داعي وش يقولون الناس"
-"وبيتهم غلط؟ وش دخل الناس"
-"ياولدي اشوف انك تشيل الفكرة من راسك احسن لنا ولها"
لافرصة أملك! سأغادر إذن..،
لكن جسدي بقي ثابتاً في مكانه امام امرأتين قلما اصطفتا ضدي! اشعر ان ثقلي الآن قد يبيّن لأبي اثر قدمي على الارض!
وربما يتقصى خيبة املي!
قلت وانا اهم بالمغادرة:
-"خلاص براحتكم"
ما ان وصلت الى الباب،حتى رأيت والدتي قادمة:
-"انت عارف هذا لمصلحتك لان اللي تفكر فيه غلط حاول انك ماتقرر هالقرارات وتاخذ بشورها عالفاضي والمليان "
قلت بصوت بارد-"ان شاءالله.. في امان الله "
.-.
.-.
ربما لأنها المرة الاولى التي اعي تماماً انها على علم بما اريد،وتقف ضدي دون اظهار أي نية لمعاودة التفكير!
يجعلني اثق ان بدايتي مع رسيل..محبطة!
لو كنت اقطع الطريق بقدماي إليها، لأخبرتكم عن التصاق نظراتي بأطراف أصابعي،الاحباط أكثر كآبة من أي شيء،يفوق الحزن تعبيراً،والألم تصويراً،وتشعر معه أن النهاية لن تتغير مهما واصلنا تبديل الوسائل،ومهما كان العطر قوياً فلن يصل لإحساس أحد،
الاحباط هو من ارتدى زياً فاخراً فلم يحظى بعمل،وكأن لاوظيفة للشمس سوى إبصارنا!
وحين توقفت خطاي المحبطة قرب قدميها،صعدت بها سريعاً، وجربت شيئاً آخر،
طلبت كوباً من الشاي ولأول مرة أطلب شيئاً
.-.
.-.
رأيته وكأن أمراً قد ألمّ به، كان يطيل التركيز بشيء ما وكأنه يبادله الحديث
كم اضيف من السكر؟ أين الغلاّية؟ أين أكياس الشاي؟
واما ان تذكرت ان هنالك شاياً معقداً أوراق كثيرة وإبريق وغليان، تبدو طريقة صعبة،اهملتها لثقتي انها لاتستحق الجهد!
عملت الأبسط وخلال دقيقتين احضرته له،وكأنني صنعت غداءً!.. لم أكن سعيدة بخدمته،لكني أجد وقتاً فارغاً وإن صدقت القول كنت فخورة لأثبات قدرتي على -الطبخ-!!
-شكرني،وارتشف منه،وكرر ذلك، ثم رفع رأسه إليَ وكأنه تذكر وجودي
-"احلا كوب شاي شربته بحياتي"
كدت على وشك تأكيد فخري لولا انه أضاف-" بجد احلا شاهي كم حاطه سكر؟ شكله نص الكوب هههه"
وانا من اعتقدت ان هناك مايشغل باله!
-"أي شي اصلحه انا..يكون حالي..عشان كذا اخدم نفسك"
وذهبت وشيء من الغرور علاني بغير وقته! ،فناداني ضاحكاً
-"تعالي ترى انا احب السكر..واحب..السكر"
كررها بابتسامة غريبة!
عدت بعد دقائق وبيدي علبة احاول اعادة ترتيب حاجياتها، منذ ايام وانا اشعر انني مشغولة رغم فراغي الشديد!
ما ان انتهيت حتى فوجئت به مشغول البال جداً كأنه يفك رموزاً في الارض!
ليس الغريب ان لايتفرغ لمراقبتي رغم ان ذلك بذاته غريب،لكني لم اعتد ذلك الوجه الجاد!
وأيضاً مراقبتي له هذا اليوم غريبة!
وكأني ابحث له عن مكان شاغر في تلك العلبة بيدي! فلايزال وجوده غير مألوفاً..!
ابتسمت وانا احاول اغلاق العلبة عليه، لأفاجئ به متعجب من ابتسامتي!
قلت متشككة-"وشو"
كان يبادلني الابتسامة، ثم قال حينها ما اضحكني حقاً لكونه حديث لاصلة له:
-"نظمت قصيدة بقولها لك لالا بيت واحد"
اهذا ماشغل بالك؟ اضحك بسخرية وانا اقول -"اثر عليك السكر(اضفت بمكر)قول"
وضع الكوب جانباً وقال مباشرة-" لحظة ارتبها طبعاً بتكون عن ابتسامتك"
ازداد حماسي ولم تفارقني تلك الابتسامة حيث بدا لي الوضع كأنني اتابع برنامجاً لا رجل يحاول الغزل بابتسامتي، ربما هي المرة الاولى التي اتحدث معه دون ان افكر بنا كحياة مشتركة،وإلا للذت بالصمت!
وعندها قال:
-"وودت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المبتسم"
ثلاث ثواني مدة دهشتي،ودقيقة قضيتها ضحكاً كما لم اضحك معه من قبل
-جداً مناسبة ياسيدي الشاعر،قال اثناء ضحكي:
-"تضحكين الواحد ساعه يحاول يألف لك قصيدة "
-"ههه لالا.. شاعر موهوب"
-"اكيد من يشوفك ولا يصير شاعر!"
وكأنه اعادنا للجو القديم!
سلبت جملته حديثي بحرية!
بل واتاحت لي الفرصة للنظر حولي،وكيف لهذا المكان الصغير،ومحادثة رجل بوجل ان تَعد بحرية ما!
انه قوت الفقير،كالأمل تماماً حريتي، هل كان الأمل سراباً ؟..حينما تتاح لنا الفرصة للقياه،يبتعد ونظن اننا أدركناه..،نقول انه الامل،يزودنا بنفسه حتى نواصل الركض اليه!
أيكذب الأمل كما يحتال السراب!
.-.
كاد السكّر يقضي علي،ان تتحدث معي بسعادة،يصبح حتى الماء حلواً!
وتصبح الآمال مجهزة للاقتناء،فمن لايشتري الامل،يعاقب بالسراب!
وما ان ازهرت الحياة حولي،وبدت الشوارع حدائق، قررت الطيور حيالها الغناء، كاد الحماس يقتلني قبل ان اصل لأبي في محاولة ليست اخيرة مادام اغلا الناس قد يرجوها!
وعدت منه بعد أن وعدني خيراً، ولو لم يفعل لبقيت عنده حتى يعدني!
اصدق الآن ان ابتسامة كليوباترا كادت ان تودي بأكبر امبراطورية!!
.-.
يومين فقط واتصل والدي مساءً
اخبرني انه ينتظرني في المنزل،أقصد منزلنا الجديد!
.-.
.-.
.-.
بعد ان تكفل بكل شيء بما في ذلك امي!
اصبت ببعض من القلق حين علمت بموافقتها بعد رفض،وازددت تردداً ما ان شعرت بامتلاكي للمنزل!
وانا ارى والدي يوجه العمال بنقل الأثاث وترتيبه،بدا لي كأنه مشروع سطو!،وان لاحق لي بوجودي في هذا المنزل
فلا يبقيني اخرساً سوى رسيل،لأنها فقط قالت انها تريده
رغم انه ليس السبب الذي اخبرت الجميع به الا ان والدي فاجئني موجهاً قبل انصرافه نصيحة: ان زوجتي صغيرة قد لاتفكر بشكل صحيح فيتوجب علي الاستشارة دوماً,,لذا صرفت النظر عن اخبار بدر بالسبب ذاته..فهو حتماً لم يجهل اخته!
أخبرته عندما التقتيه بعد العصر
صب جم غضبه علي،وسألني مراراً عن السبب،يقصد سبب موافقتي لطلبها! وما ان نصحني بإعادة التفكير حتى كدت اخبره
بأن لايعظ عاشقاً حتى يعود لرشده!..وانني سعيد بكوني مجنوناً طالما يسعدها!
لكنني طمئنته بكلمة: مؤقتاً.!
وتأخرت قرابة الثلاث ساعات مع بدر،وعيناي على هاتفي،لمَ لاتتصل بي رسيل؟!
.-.
تأخر..
او ربما تأخر.. ترددت قليلاً في مهاتفته، لكن هاتفي رن أخيراً
-كان بدر!
تحدثت معه بأريحية مستغلة غياب عمر،واخبرني انه يريد رؤيتي قريباً..في منزل عمي
وبطبيعة الحال كنت سأزورهم..اشتقت لهم ولجنان واريد بعض حاجياتي..وحاسوبي بالأخص!
.-.
.-.
-"تأخرت صح؟"
اقترب مبتسماً..وانا أتجاهله:
-"ليش ماتصلتي "
سؤاله محرج،لكنني قلت تفادياً لذلك"
-"لازم اتصل؟"
-" لا طبعاً"
ثم قال بشيء من الضيق،لا ادري لجملة سابقة ام لتلك التالية:
-"كنت اشرف عالبيت رحت اشوف وش ناقصه وغيرنا بعض الاثاث"


يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات