بارت من

رواية سيدة الحرية -15

رواية سيدة الحرية - غرام

رواية سيدة الحرية -15

ضحكت متوتراً ومشينا للداخل وكأن الطريق أصبح سفراً
مادامت بانتظاري،كل خطوة تكاد تقطع وعداً
في داخلي شيء يود أن يدوي العالم بصرخته، صرخة تشق السحاب ليهطل مطرا يغذي البشرية بهجةً وحبوراً ، اريد من المطر الهطول حتى يوقف العصف في داخلي، اريده ان يهطل حتى تغرق في روحي تلك التي احب
.-.
.-.
.-.
رفعت عيني بسرعة فاصطدمت بالجبل الواقف هناك والذي تقدم ليجلس على الأريكة الاخرى وكلانا ينظر لبدر
-"السلام عليكم"
سمعتها منه، ولم أرد السلام سوى في نفسي
عمر -"بدر"
بدر-"سم"
ثم عم الصمت طويلاً، الكل يبدوا متوتراً وأنا لم ارفع عيني بعد
قال عمر بصوت منخفض قليلاً،ويتهيأ لي انه يبتسم
-"روح عدل غترتك"
ضحك بدري واقترب مني فقال
-"بروح شوي واجي"
ثم ألقى نظرة طويلة،وفرك جبينه مبتسماً وتركني احتفظ بكل علامات النفي
-انه شخص لااعرفه لااعرفه
كنت اردد ذلك في داخلي لأهدأ لكني ازداد توترا
كانت حاسة السمع تعمل بشكل مزعج،سمعت صمت المكان حتى يبدأ يزعج رأسي سمعت أصوات المارة خارج المجلس أو حتى خارج المنزل! حتى تأكدت أن لااحد في هذا المجلس سواي
رفعت رأسي فاصطدمت بنظراته، فوقعت عيناي ارضاً
يبدو انه عدل من جلسته، وفرقع أحد أصابعه، اشعر أن سمعي بدأ بالضعف والرؤية بدأت تعتم
شيئاً فشيئاً أفقد الإشعاعات الكهرومغناطيسية التي احتاجها لأبصره في كومة العتمة..التف على نفسي بمقعد طويل استقل إحدى زواياه المنعزلة عازلة ذاتي عن ذاتي،
مُشكّلة حولي هالة من ضباب، فيخالني أن الجالس عن بعد.. يسمح لي بممارسة الشهيق والزفير على حذر الجسم الذي فرقع إصبعه قبل الآن!
الجسيمات الصغيرة تترنح وفق الخطوط المستقيمة فتهز افتراض نيوتن للضوء، ولم اعد املك إيمان أن الضوء يتمتع بالحرية كما غبطته سابقاً...فهاهو يتقلص فيكون غلاف يجعل الأشياء خلفه غير مرئية..ويفقد صلاحياته في الانتشار!
-انه لايزال هنا، أشعر بوجوده ولا أراه..هدوئي ساعد الأشياء حولي بارتداء عباءات السكون.. الجميع بدا يحسن الإنصات في خرس تام..!
.-.
.-.


وأنا انظر إليها، ولم انظر لسواها
ربما لم يحدث أن رمشت أثناء تخيلي لوجودها، كيف وإذ بها هنا..!
كنت أتمنى أن اقرأها الآن.. لم يورثني أبي علم الفراسة لأعلم مافي باطنها
اردت التحدث معها عن اي شيء،لكني مشغول بوجودها
عاتبت النظر وألقيت عيناي بعيداً،أخذت أتأمل المجلس،أو اقصد أرضية المجلس، هناك حفلة في صدري وهنا قمر يهبط على أنفاسي ضوءه يكاد يخنقني
قلبي بها ينبض منذ سنين وعندها اشعر به توقف!
القي نظرة خاطفة خائفة غير مصدق أنني سألمس النجوم
لو رآني بدر الآن لانزلق مني اعتراف ربما لن ينكسر، هذا الوقت أصبحت أقوى وكأن لاشيء سيكسر ولاشيء سيتلف فيني لأنها هنا لرؤيتي..!
لسبب لا اعرفه رفضتني سابقاً،ولسبب آخر جاءت لرؤيتي،لم افتش عن إجابات لأنني لا أجد لها سبباً أيضاً!
تماماً كأسباب حبي لها،او اسباب رغبتي المفاجأة بالزواج او أسباب ارتدائي الهدوء رغم ان رجل في داخلي يريد ان يصرخ عالياً انه يحب تلك الفتاة!
تبدوا أكثر خجلاً مما كنت أتوقعه،هي لم تلقِ نظرة واحدة، هل مهووسي القصص مأخوذين بالمفاجأة! ام تراها كاتبة تريد صناعة رجل آخر في مكاني يشبهها!
رجل تكتبه في قصتها يجعلني غيور،وأنا الرجل الذي كتب له القدر أن يكون هنا بصحبتها بعد انتظار شاخ باللهفة،حتى جعل من لهفتي رجل لايقوى على الحراك خطوة واحدة،ويحلم بمد يديه لشعرها ويمسح عليه كمن يتحسس ألوان في لوحة غير جافة!
فقط لأنها هي،رسيل الحلم المؤقت بأرقام لاتفجره، كموعد مع الفرح الذي لاتؤقته ساعة حائط!
ربما صدقت هي عندما قالت ان الساعة قد تتوقف أحياناً!
لازلت في مامضى بعيداً عنها قريباً جداً حيث تكتب، اشعر أنني اريد جدالها في شيء كتبته يوماً أن الأحلام لاتتحقق!
الأحلام تبتئس عندما تصطف في سطر مع الأوهام!
فإحداهما يوعد باللقاء والآخر يوهمنا به!.تلك الجالسة أمامي تراها أي من الاثنتين!
"لا أدري كيف رماني الموج على قدميك..لا أدري كيف مشيت إليّ..و كيف مشيت إليك ..كم كان كبيراً حظي حين عثرت عليك ..!" نزار قباني
.-.
.-.
-"رسيل"
صوت بدر جاءني وكأنه قادم من بئر عميقة،تلتها حركة من الآخر على مقعده،شعرت بضجيج ناقض الخرس السابق
وكأن كل شيء يتحدث دفعة واحدة لا بدري فقط!
-"..."
كان يبتسم وأشك أن ضحكة تكاد تفلت من شفتيه ،لو أن الرؤية واضحة في داخلي لأيقنت انه كان يضحك..،
كيف كنت أبدو إذن..!
ربما قال شيئاً ،لأنني أراه ولا ابصره، اسمعه ولا افهمه، وقفت هاربة في إدراك متأخر جداً أن المكان كان ضيق..ضيق جداً ليحمل كل ماشتغل به رأسي!
تخطيت الباب وكأنني تخطيت الحدود بيني وبيني،الفاصل بين تلك الأرض وهذه لايغير شيء في المنزل..لكنه يكتفي بي
الفاصل ذاك..فصل بين جزأين من حياتي،نقلني للفصل الآخر من عمري، هذه الأرض أنا.. وتلك سأكونها هي..! الوطن من أقف عليه الآن وسأغدو للمنفى...
بإرادتي عبرت الخط ووافقت للزواج منه،أقصد لم اكن حقاً اريد أن اغامر بحريتي لأصل لها!
ليست لي رغبة بالحضور هنا لرؤيته،فنحن لانزال نملك ذاكرة تجمعنا، لكن الامور عندما تجري هكذا..فقط هكذا،ليس لنا سوى المضي دون معاكستها،لأن ذلك سيعيقنا نحن!
أثق انه ملأ عينيه بي قبل قليل، عندما كنت شخص لم يرتبط به استرق النظر طويلاً،كيف الآن!
انا لم استطع رؤيته سوى للتأكد من وجد شخص ما
بما أن الباب لايزال منه جزء مفتوح، وأنا لاازال في تشبث بأرض الوطن!
تلصصت عيناي للمنفى..!..كم من المسافة تفصلني عنه الآن...وكم من الوقت سيصلني به
أكنت اعتقد أن المسافات التي قد تصل إليه لاتقاس سوى بالسنة الضوئية..!
كم كنت مخطئة عندما اعتقدت انه واخته البغيضة لن يكونا ارقاماً مهمة في حياتي...!
تمنيت لو أني لا أراه كما أراه الآن، تمنيت لو أني لااستطيع تحديد موقعه إلا بخارطة تشبه خرائطي الغير معنونة..وتشبه مساحات الصحراء الكبرى في كل خريطة رسمتها في دفتري.. مساحات خالية...ليتني هناك...
بالطبع الأراضي الغير منتهية هي وطن الحرية!
بدت لي الظلال تعكس نفسها...ولا شيء يحفز فيني الأمل للمستقبل الذي أراه فيه.. أردت أن أتحرر مني فارتبطت به وأمسكت بيدي في اليأس العظيم..
أغمضت عيني ثواني وكررت ذلك حتى تصفو الصورة أمامي..وما ان اتضح كل شيء ازداد رعبي!
بعض من الضوء كان ينتقيه وهو يتحدث مع بدري منتصفاً المقعد الطويل الذي كان قريباً مني..كان يبدو جالساً على أهبة الوقوف،ويده الكبيرة التي شغلت بالي ذات فلسفة تتشابك أصابعها معلنة شجار داخلي، اعرفه جيداً واراه واضحاً واكرهه كثيراً فهو عندما أشفق علي... تزوجني..!
عمر...سأكون معك..ولست لك..!
.-.
.-.
.-.
لم اود العودة للمنزل،لكني عدت
اشعر ان الجميع يحدق بي كأنما قد ارتكتب خطأ لايغتفر، أو ربما كأنني قد ادهشتهم لما استطعت تحقيقه!
لا أدري،ولست مهتم فقط اريد الذهاب للسرير فقد تظهر لي مرة اخرى في حلم
اكان ماحدث هذا اليوم أيضاً حلم!
-"ماغيرت رايك؟"
جائني صوت رنيم وهي تتبعني لغرفتي
بابتسامة كبيرة أجبت-"وليش اغيره"
-"عمر احس انها ماتصلح لك"
لازلت احتفظ بها-"وليش"
-"مدري كل صفاتها مو زينه وتدري اني ماقد شفتها لو مرة وحده تضحك؟"
ضحكت وأنا اغادر قائلاً:
-"أجل فاتك نص عمرك"
.-.
.-.
عندما غادر عمر،واشك انه لايزال بالخارج!..ورحلت رسيل لغرفتها
شعرت بشيء غريب
صديقي سيصبح زوجاً لأختي،واختي كانت ساخرة من الفكرة وبلا مقدمات وافقت
عندما ظننت انها قد تحمل له بعض عاطفة تذكرت حديثها دوماً عنه بعدم رضا وكانه المخطئ الذي يتعمد اغاظتها..رغم ان لاشيء كان سيحدث واليوم اختي ستتزوج قبل انهاء دراستها
كثيراً من الاسباب تجعلني لا اود ان اوافق،شيء مريب ان هذا قد حدث!
لكني لااستطيع ان اقف في وجه رسيل لأنها مرت بالكثير وربما تعلمت شيئاً
قبل عامين ظننته مازحاً،او اردت ان اظنه هكذا..وعندما كرر طلبه ايقنت بجديته،لكنها رفضته هي وانا في داخلي، واثناء تلك الايام شممت رائحة لم اذكرها فيه منذ زمن، عندما عاد للسجائر عدت لطرح السؤال بطريقة اخرى لرسيل وكأنني من خلال ذلك ارجوا موافقتها! ويالدهشتي حين وافقت دون أي سؤال
شيء آخر يجعلني ارتاب لهذا الزواج،ان عمر قال مهدداً عدة مرات ان رسيل ان لم تكن له فلن تكون لمازن
ربما ظن ان علاقتي بمازن قد تجعلني اقف في صفه لتغير رأيها!
فقط أتمنى أن لايكون أمله في الزواج منها منافسة لمازن!
.-.
.-.
.-.
بعد عدة مساءات،،
كنت أظن ذات وهم، أن الرجل الذي سيأخذني بحصان ابيض،سيكون زوجي ، وظننت ذات حلم أن الرجل الذي سيهديني وردة زرقاء كما خلقت سيكون الوحيد الذي أتزوجه..
ربما لأن الاثنتين لاصحة من وجودهما، وانني امرأة تؤمن بالمستحيلات وتنتظر قدراً من المستحيل
أحببت الحرية..!
لأنها تشبه المستحيل كثيراً،ان تتحقق المستحيلات تلك الحرية!
وان أتزوج رجلاً دون حصان،ودون وردة زرقاء...هو الإيمان في داخلي أن ذلك المستحيل لايسكن سوى الحرية
واخترت شروطاً ليست بقياس حلمي،انما كانت بقياس الحرية حيث أنني طلبت أولاً"
-"بيت خاص"
أجاب بدري
-"مؤقتاً بشقة وبعدين تطلعون ببيت خاص يعني منتي مع اهله"
ربما يظن أن ذلك مطمئناً، لكني قلت
-"طيب بيتنا اللي شراه..ليش مانسكن فيه؟"
نظرته التي رمقني حينها جعلتني أبدو كمن كشف الستار عما يخبئه في وقت لم يكتمل فيه الجمهور!
أضفت مستدركة
-"يعني اقصد ليش ماتقوله نعيش ببيتنا أحسن من شقه"
-"رسيل الزواج مو مسألة بيت"
كان يبدو متضايقاً وكأن طلبي الطفولي بنظره إجابة لموافقتي للزواج!
قلت اخيراً
-"ترا حتى لو كان غير عمر ..مو مسألة بيتنا"
وهربت قبل ثاني شروطي وقبل أن اسمع من بدري مايجعني اعدل عن قراري بأكلمه!
قال مرة اننا نكون اغلا اثنين في حياته،لايريد ان يفقدنا بهذا الجنون... ربما زواجي منه جنون..لكنه جنون بعقل وفسحة عميقة تتسع لأكثر من خلل واتزان!
اريد الحديث أكثر عن هذا الجنون،اريد وصف عميقه وظاهره،لست وحدي من يريد الحديث هذا اليوم.. فالأشياء تبدو جميعاً ممتلئة بالكلام.. فقط لأننا لاندري كيف نتخلص من رفات الأحلام،ولا بأي ثمن نشتري الامل،والحياة،
هذا الوقت أنا عروس،يجب ان اشعر بجناح من التفاؤل تحت كتفي ارتيابي،اريد قصيدة لاتحوي حروف استهلكها الم،اريد العودة لما قبل اللغات،اريد العيش في قرن لغة الاسبرانتو حتى لا اخلف اثراً عني حيث نتلاشى معاً!
قريباً جداً زواجي
ليتني امرأة تكتفي ان تكون عروس،تكتفي ان تتسوق نهاراً وتحلم ليلاً، تكتفي بصوت زوجها وصورته،تكتفي بالعيش معه في سقف واحد..! بل ليتني امرأة لاتعرف عن الحلم سوى اسمه، والصمت سوى ظاهره، وتهاب المستحيلات..، ليتني امرأة تخاصمها جميع الأشياء وتكتفي بالسكوت، ليت تلك الدهاليز في حياتي ليست سوى إعلان محل تجاري نلتقيه صدفة في شارع ولانخوض بتفاصيله ،ولاتقف أمامه امرأة تتساءل من صممه من صوره من وضعه هنا ولاحتى كيف يشعر من يظهر فيه عندما يعبر لاحقاً!
.-.
.-.
كنت جالسة قرب بدري لا استمع لحديثه الهاتفي وجنان تتابع برنامجاً، جنان احتراماً لي ربما بدأت تغطي رأسها عند وجوده،
فكرت في خالتي التي أزورها كثيراً ،أخبرتني أن مازن غاضب أشد الغضب من قراري هذا، وبالأخص من أن عمر هو من فضلته عليه
وطلب منها ان ارجع بقراري أيضاً
وكنت متخوفة من رنيم، وانها قد تكون أسوأ من لمى لكني اطمأننت للأمر عندما زارتني هادئة ومتفهمة لتأخذ رأيي في بعض الاستعدادات، وجَنان من كانت متفاعلة جداً للموضوع..لا أنا
أنهى هاتفه وكما اعتقد كان يتحدث لعمر،سألته عندها
-"هو يشتغل معكم انت ومازن؟"
كنت اعلم انه لايعمل معهم، لكنني أردت التوصل إلى إجابة تشبع فضولي،وكأن الأمر برمته مجرد فضول!
-"لا عاجبته شغلته بالصحافة"
صحفي..!
منذ متى وهو يهتم بجمع الأخبار؟الم يقل سابقاً أن الصحفيين يجب يكونوا نساء لأنه يستوجب الثرثرة وتناقل الكلام!
أم تراه حتى هو نسي ماقاله! وأنا شخص عندما اغرس فكرة في رأسي ادعها تنمو لاتموت
إذن هو صحفي! لأي صحيفة!،لأني على ثقة انه لن يكون في إذاعة أو تلفاز!
سابقاً كان الصحفي ينعت به كل من يجلب المعلومات من الكتب بلا حاجة لمعلمين،وكل من يبحث في نقاش الأشياء، لكنه الآن زمن النساء!
حضر في بالي رامي،وجعلته في مقارنة سريعة بعمر! إذن استطاع امتلاك ورقة في صحيفة هو الآخر!
أصبح حر أيضاً، ذلك مشجع جداً..!
-فقط بكلمة من بدر صنعت له مقالة في رأسي ورتبت له مقعد في صحيفة، وكأني اريد الحصول على ما اشتهي بحرية فكرة!
وليس ذلك آخر ما أخطاته عنه!
.-.
.-.
اخبرتهم انني اريد زفافي يوم الثلاثاء، حبي لذلك اليوم شيء يعنيني
لكنهم أصروا على الخميس
ولأنه يوم مهم لي أنا،ولا احد غيري لم ارضخ لهم!
ربما لأن اليوم الذي ارادوه هو يوم لا يأتي كل اسبوع إلا وهو في كامل زينته،ومجهز تماماً للأفراح
وأنا احب الأيام التي لاتكون على استعداد،احب مباغتة الأشياء في طبيعيتها لأستطيع أن احبها بلا أقنعة!
اخبروني سابقاً أن أعقد قراني به "الملكة" لكنني رفضت، فبعد الرؤية الشرعية فضلت أن يكون عقد القرآن هو اليوم الوحيد في حياتي حيث يحضره الجميع ، فلا زلت ابغض التدرج في الأشياء!
والدة عمر غضبت لذلك،وخالتي كما اعتقد، ودانة نصحتني مؤكدة انها ستكون الفترة الأجمل، لكني لازلت ارفض الفترة التي أتقاسم بها لقبين!
.-.
.-.
.-.
-"لازم فستان ابيض؟"
ردت جَنان ببهجة كان يفترض أن تكون بي
-"لا اسود ههه أكيد ابيض ولا بعد!!.."
راقتني الفكرة قليلاً..بالطبع لست امرأة تود الاختلاف والمعارضة! لا..بل الأسود جميل، ولا اعني ملائمته للمآتم بل انه أنيق فحسب..!
لكن ماذا لو حدث وارتديت الأسود..! سأكون مضحكة للبعض، وجالبة شؤم بنظر العجائز، ومستهترة بنظر من سيكون زوجي!
أو ربما لايعنيه شيئاً.. اذكر انه قال ذات نقاش طفولي: أن الألوان جميعها رائعة وانه يكره الأشياء التي لا لون لها..واذكر أن بدر قال مستهتراً انه لايوجد شيء بلا لون..ليأتيه الرد بصفعة على رأسه.. ذلك اليوم كنت افكر بالأشياء التي لا لون لها وكنت مؤمنة كثيراً أن الزجاج مثلاً مثال لشيء لالون له،وبحثت كثيراً عن ذلك اللون... لم أكن طفلة تترك الأشياء نصف مغلقة حتى خطأي بالزجاج لم اعترف به كخطأ لأنه من دون كل الأشياء يملك حرية أن يبقى كما يريد!
.-.

التاريخ الذي لن انساه..!

جاء ليجعل كل الأرقام سواه دون قيمة، وكأن لااحد غيري سيتزوج هذا اليوم،ولا غيري اتخذ موعداً من حلم لم يلتقيه ذات يوم!
.-.
بينما تركت جسدي على مقعد طويل، ليقوموا برسم ملامحي وتصفيف شعري، كنت اسبق الزمن بساعات مستبقة كل شيء كل حدث وكل موقف قد يأتي مهنئاً بحريتي أو معزياً فقدي لها
تلك المصففة اخالها تجن لو سمعت حديثي الآن،وكأنني سأتزوج من الحرية!
كنت على وشك ان اخبرها بالاستدلال بنزار عندما قال:كان هناك ألف امرأة في تاريخي
إلا آني لم أتزوج بين نساء العالم إلا الحرية، وأتحدث لها في نقاش طويل كيف كان يحب النساء ويفضل الحرية! وكأن لاشيء عندي لقوله في هذا اليوم الا قصيدة وتبرير حلم!
-"الازرق او الاسود؟"
كنت سأرد على سؤالها بالأسود طبعاً،او ربما كدت سأقول أريد اللون الذي لا لون له!
لثقتي انه المؤمن الوحيد بذلك اللون غيري..!
عند ذلك فقط شعرت أنني سألقاه إن تحركت من هذا المقعد، وسيكون زوجي بعد خطوات
هناك شريان بدأ ينبض،وهناك حنجرة تستغل الفرص لتقتصد في الهواء،تمنيت أن تخفيني جيداً بألوان التجميل ولاتبقي من ملامحي مايذكرني بي..!
لم اخرج لأحد سواه، بل جاءني الأقربون ممن احب ولا احب وتبادلنا قبلات وتهنئة،وسألتني دانة لمِ لااخرج للجميع فحتماً سأبهرهم! ابتسمت لها قائلة:أن ابهره هوَ،فقط مااريد..،
وطبعاً هو ليس الجواب الذي اريد،احتفظت به كي لا ابدوا حزينة حتى في هذا اليوم،لأنني وددت ان أقول:لست في مزاج جيد لتحمل رؤية الحشد الكبير من العيون الفضولية!التي لاتتكاثر إلا في الأفراح...والتي لم أرى منها عيناً في عزاءاتي الطويلة!
كنت اشعر بالوقت لايمر...حقاً أطرافي بدأت ترجف رهبة!
-"رسولة تعالي..تعالي"
أمسكت بيدي وسرنا نحو النافذة الصغيرة المطلة على الحفل بالأسفل، انه حفل لأجلي..!
رؤية جميع النساء جعلت عيناي تتسع أكثر فأكثر، رباه يبدوا الأمر ليس بمزاح أبداً..!
لم أتزحزح عن مكاني، بقيت أرى تلك الحشود البشرية بالأسفل، وكأن ذلك العالم الصغير تحتي قد صنع لأجلي!
لبرهة ..شعرت أن الجميع "متنكرين بثيابي"
ويمارسون طقوس لم اجربها ويقلدوني في كل مالم افعله!
.-.
.-.
.-.
اجلس بجواره،يغلق الباب بدري، واغلق عيناي تبعاً لذلك، واشعر بالسيارة تتحرك
إن فتحت عيناي الآن سأرى أن من يقود بجانبي عمر!
عمر ذاك عمر ليس بأحد غيره!..عمر...وفوق ذلك زوجي!
.-.
.-.
امسك بالمقود وكأنني اقبض هذا اليوم كي لايرحل او يصير حلماً، امسكه بشدة افيق ولا افيق
انتِ بجانبي تجلسين...! انتِ هنا بالقرب مني ولي ..!
استرق النظر اليك كل ثانية شيء فيني لايصدق ان كنتِ حقيقة!
كنت بجانبي كتمثال في متحف مغلق
قلبي يرتعش،وجسدك كذلك!
اقطع الطريق بجنون،وتبدولي كل المراكب المجاورة ليست إلا حمامات ضائعة، خالفت سرب الحمام
الكون أمامي يختلف عما كان..لم تعد إشارات المرور تعني التوقف
اشعر بالكون يراقب حركاتي ،يتوقف ويصطف الطريق أمامي دفعة واحدة،ويطل علي من النوافذ في فضول ،وكل شيء يهمس عنا
اشعر بضوء يسطع عاكساً رغد الحياة أمامي فلم افقد الشمس، كل شيء يشع هذا اليوم
يوم زواجي منكِ،افترشت الطرق نفسها لنا، وألبستنا أجنحة كي نطير عليها!
حضر لأجلنا هذا اليوم شمس وقمر،فاختلفت الأضواء في الطرق أمامي،وبدأت كل الأشياء ليست كما هي
ولم يكن عقدكِ سوى نجوم،وروحكِ سوى غيوم،وعيناكِ تذكرتي حول العالم، وأنتِ بجانبي فقط اشعر بك تتحولين لشجرة-كريسماس- لأعلق عليك جميع أحلامي وامنياتي
-التفتت إليّ،كان هناك غطاء لايجعلني أرى أي نظرة كانت،لكن تراجعها على المقعد قليلاً نبهني إلى مؤشر السرعة الذي بلا أدنى شعور مني تخطيت السلامة بكثير!
ربما كدت اهرب من تلصص الأشياء علينا،أو ربما كنت اسابق لأصل لسرب الحمام!
كنت ارتكب الحماقات منذ الصباح، بل منذ أن أدركت الحب، وبحثت عنك
.-.
توقفنا أمام الفندق، خرجت من السيارة بعد أن ألقيت نظرة عليك مفادها تعرفينه جيداً –اخرجي أيضاً- ولم انطق بشيء
وقفت على بعد خطوات،ارجوا مزيداً من الهواء ليزيح توتري،فأنا اجن كلما تذكرت انكِ هنا معي!
.-.
.-.
.-.
ارتجل من السيارة فاسحاً لي المجال بالتنفس
قيادته مجنونة، رفعت رأسي ورفعت الغشاء عنه قليلاً لأنعش رئتي، فرأيته بوضوح يقف بثوبه الأبيض –وغترة- بيضاء، استفزتني رؤيته وكأنه يظهر نية السلام،
أسدلت الغطاء بسرعة وأسندت رأسي على المقعد وكنت احسب دقات قلبي المفزوع ولا اريد مغادرة السيارة ابداً
فجأة عاد للسيارة، شعرت بالضيق مرة اخرى، وكأنه لايجب عليه أن يعود هنا
-"وش تنتظرين؟"
رفعت عيني بسرعة وعدت ادقق فيما قاله!
أهكذا تطلب من عروسك النزول! ربما لم ترد ان تفتح الباب لي ايضاً..
كان لايزال واقفاً مغلقاً بجسده الكبير الباب!ومنفذ الاوكسجين!
-"الباب"
قلتها بصوت ضعيف جداً لايساوي قوة الغضب فيني، الا يجب ان تفتح الباب ألا ترى فستاني الكبير!
وفتح الباب مباشرة، وخرجت بطيئة الخطى وحذائي يطرق الأرض كما يطرق في رأسي
إلى أين نحن متجهون!
اهو جاد؟ إلى أين يأخذني!
استقبلونا مجموعة رجال لايتحدثون العربية، شعرت أنني اريد بلغة لا أتحدثها ولا يتحدثونها أن اشتكي ذلك الشخص أمامي
إلا انني كنت اتبعه حتى المصعد
وقفت أمام المصعد ولم ادخل، لم أكن أخاف المصاعد أبداً،ولا املك رهاب الأماكن الضيقة، لكني كنت أخافه هو!
-"نطلع مع الدرج؟"
ذلك ماقاله كمن فهم أمراً، لكني غير مؤهلة لصعود الدرجات بهذه الأشياء الثقيلة، وبلا فهم منه تبعته
التصقت بالزجاج الخلفي وبدأ بالارتفاع وواكبته دقات قلبي،توقف المصعد قبل أن أتفجر من ارتفاع الضغط بوجوده!
وخرج قبلي،
فتح الباب بيده اليمنى وبقي مسكاً له كي لايغلق لأدخل، لكن ذراعه الاخرى من كانت يغلق الطريق
كان يبتسم، وأعي انني املك بؤبؤاً احمقاً لايراه الا عندما يطير إليه!
تراجعت خطة للوراء مهددة بالهروب!!
لا ادري سبب ارتفاع إحدى حاجبيه عندها، وهو يحتفظ بابتسامة مزعجة!
ابتعد كثيراً وعندما تقدمت للداخل قال:
-"بنزل شوي وبرجع"
أغلق الباب خلفه، رفعت الغطاء عن عيني والقيت نظرة للمكان كمن يتفحص وجوده،
ان لايعود هنا شيء مطمئن، عندما تقدمت اكثر لم اجد سواها،
انقبض قلبي رعباً مع اول رسالة رنت في هاتفي،واول فكرة ترددت في عقلي
أيعقل ان لاتكون سوى غرفة واحده!
-ان تكون غرفة واحدة،وسرير واحد، وتلفاز واحد،ومنشفتين..!
شيء هائل! شيء لايصل بالحرية بشيء،
كل صوت بالخارج يهزني حد الدعاء ان لايكون هو،عبائتي تتشبث بي رهبة سكون المكان
اجلس دون إحداث أي تغيير،وكأنني مجهزة للرحيل،وكل دقيقة تمر تعلمني بخطورة ماقدمت عليه!
عشرون دقيقة مرت،ولا شيء يتغير،ولاهو يؤكد صحة وجوده!
ربما اعتادت الاشياء اخلاف موعدها معي...!
-مضت ساعة، كأنها خارج الزمن، وأنا على يقين انني لو خرجت من هنا لرأيت الحياة بالخارج متوقفة، ذات يوم تمنيت لو أن اموت، لكني الآن اتمنى لو أني لم اولد بعد!
..يتبع
-2-
-أن تكون غرفة واحدة،وسرير واحد، وتلفاز واحد،ومنشفتين..!
شيء هائل! شيء لايصل بالحرية بشيء،
كل صوت بالخارج يهزني حد الدعاء أن لايكون هو،عباءتي تتشبث بي رهبة سكون المكان
اجلس دون إحداث أي تغيير،وكأنني مجهزة للرحيل،وكل دقيقة تمر تعلمني بخطورة ماقدمت عليه!
عشرون دقيقة مرت،ولا شيء يتغير،ولاهو يؤكد صحة وجوده!
ربما اعتادت الأشياء اخلاف موعدها معي...!
-مضت ساعة، كأنها خارج الزمن، وأنا على يقين انني لو خرجت من هنا لرأيت الحياة بالخارج متوقفة، ذات يوم
تمنيت لو أن اموت، لكني الآن اتمنى لو أني لم اولد بعد!

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات