رواية احلامي المزعجة -45
الفصل الثاني و الثلاثون
انصرف سريعا ليذهب اليها ، فهو يعلم انها ستفيق بعد قليل
كالمرة الماضية ، ليتسمر عند رؤيته لهذا الشخص الكريه جالس بجانبها ويمسد على شعرها ، تصلب جسده ونفرت عروقه بدماء الغضب وهو يرى قربه من نور بهذه الطريقة
اتجه في عاصفة غاضبة وفتح الباب بقوة ليقف موجها نظرة كره اليه
جز على اسنانه وهو يرى ابتسامته الكريهة تلمع على شفتيه
ابتسم بسخرية شديدة وهو يرى نظرة الكره المطلة من عيني ياسين ليسخر من نفسه ، ابنتك تزوجت من هذا الشاب الذي لا تطيق وجوده ، هتف صوت داخله لنتخلص منه حافظ
قام من مكانه ليقف امام ياسين والابتسامة الخبيثة تلمع على شفتيه : ابتعد حتى اذهب فانا لا احبذ رؤيتك واكرهك كما تكرهني ولكني جئت لأطمئن عليها
ابتسم ياسين بتهكم وهو يبتعد عن طريقة ليخرجا الاثنان من الغرفة ويغلق ياسين الباب ، حتى لا تسمع نور حديثهما اذا استيقظت : ولماذا لم تطمئن على المسكين الذي سيموت بسببك ، ام انك لا تبالي به
اتسعت ابتسامة حافظ : اذن لقد اخبرك بالعداوة بيننا
نظر له ياسين متفحصا ليكمل : عجيب عمر ، استأمنك على سر من أسراره الكثيرة التي لا يخبر بها احد
ألهذا الحد يثق بك ؟
ظهر الغضب جليا على وجه ياسين : اذن انت من وراء الحادثة بالفعل
نظر له وابتسم ليكمل وكانه لم يستمع الي ياسين : وهل اخبرك بباقي الاسرار ، ام اكتفى بهذه العداوة القائمة بيننا
نظر له ياسين بكره ليقول بحزم : لا تأتي الي هنا ثانية وانسى ان لك ابنة اخ ، هي الان زوجتي ولا اريدك ان تقترب منها ، واعلم جيدا انني لن انسى ثأري ابدا ولن انسى ثأر عمر ايضا
ضحك بتهكم : اذن لم يخبرك عمر بشأنها
ضاقت عينا ياسين ليكمل الاخر : نصيحتي ان تنسى موضوع ثأرك هذا لان لن تستطيع ان تثار من والد حبيبتك وزوجتك
نظر له ياسين وعيناه تقفز منها الاسئلة ليتبع بسخرية
شديدة :انها ليست ابنة اخي
اقترب منه بأسلوب مستفز وهمس بصوت سعيد تشوبه السخرية : انها ابنتي انا
انتفض ياسين ليتبع الاخر بفحيح مؤكدا له مقولته : نعم انها ابنتي ، واذا لا تصدقني انظر لها انها تشبهني الي حد كبير
، ومن الان عندما تنظر اليها ستراني اطل من عينيها
انصرف من امامه وابتسامته تتسع وشعور الانتصار يجعله بحالة نشوى ، لم يكن يتخيل انه سيتخلص من هذا الياسين بسهوله هكذا ، فهذا الشاب المعتد بنفسه لن يستمر مع نور وهو يعلم انها ابنته ، واذا شك بكلامه سيراه بالفعل مطلا من عينيها فهي تشبه كما تشبه والدتها
ضحك بسخرية : ستاتين قريبا نور ،ستاتين ، لن تجدي احد سواي لتهرعي اليه
جمد ياسين عن الحركة و ووقف عقله عن التفكير لتتردد جملته بأذنيه ومن الان عندما تنظر اليها ستراني اطل من عينيها
هز راسه بقوة وعقله يردد : كاذب ، كاذب انه كاذب
مستحيل ، كيف تكون ابنته ، لا هذا غير حقيقي انها ابنة اخيه ، لف راسه لينظر اليها من زجاج باب الغرفة لتتسع عيناه من الصدمة ، انها تتفق معه بشبه كبير ، نعم تشبه والدتها مجملا لكن لون الشعر الفريد وطابع الحسن الذي لم يكن عند والديها ولون عينيها الفريد كمزيج بين لون عيناه مع لون عيني والدتها
ولكن كيف حدث ذلك ؟ كيف تكون ابنته ؟ضرب السؤال عقله
لتتجلى الحقيقة امام عيناه ، اذن امها خانت اباها مع هذا الحقير
ظهر الاشمئزازعلى وجهه وهو يستوعب الان انه تزوج من امرأة امها ***** خائنة واباها حقير ،لتاتي هي نتيجة خيانة وحقارة
شعر بالغثيان ليسرع الي دورة المياه ويفرغ كل ما في معدته
*************************
فاقت منذ قليل فلم تجد احدا بجوارها ، مما اقلقها بشدة فاختفاء ياسين من جوارها ينم عن حالة عمر الخطيرة
نظرت الي ساعتها لتجدها تشير الي التاسعة مساءا
شهقت رعبا فلقد نامت لوقت طويل ، اول ما جال بذهنها عمر لم تطمئن عليه لتقفز واقفة على قدميها لتشعر بدوخة خفيفة سيطرت عليها لتهرع الي الخارج وكل تفكيرها ينحسر بعمر
*************************
واقف منتظر خروج ياسر من غرفة العمليات وهو يذرع الممر بضيق وغضب شديد ، لا يستطيع السيطرة على الغضب الذي يملأه فعمر الوحيد الذي يستطيع نفي او اثبات ما اخبره به هذا اللعين
تذكر حالته المزرية وهو بدورة المياه و وكم قضى بعضا من الوقت لا يستطيع الحركة ويفرغ ما في جوفه كلما تذكر كلام حافظ اليه كره نفسه وقلبه الذي يحثه ان يذهب ليطمئن عليها ،و عقله يزأر بانها ابنة الرجل الذي تسبب في موت اباه ، وانها ابنة غير شرعية لا تليق به كزوجة ولا تليق بان تصبح ام اولاده
اومضت كلماتها عن جدها ومعاملته لها امام عينية ليقفز عقله للاستنتاج خطير ، كان يتعجب دائما عندما تذكر ان جدها كان يعاملها سيئا ،اذن هذا السبب الذي جعل جدها يقسو عليها ويتعامل معها بهذه الطريقة ، هذا هو سبب اصرار عمر على عدم لقائها بعمها ، اذن هو يعلم بذلك وهذا الكلام حقيقة لا مفر منها
تقيئ مرة اخرى وهو يسمع كلمات حافظ الكريهة تتردد في اذنيه ، انها ابنتي انا
كاد ان يبكي من شعور القهر الذي يسيطر عليه ولكنه تماسك اراد ان يذهب بعيدا عنها ولكنه لن يستطيع الانصراف الان ليس من اجلها بل من اجل عمر
تنبه على صوت هاتفه يرن ليجده ياسر ، وضع راسه تحت الماء البارد ليهدئ من أعصابه ويحكم السيطرة على انفعالاته ليخرج اليه فهو يأمل به ان يستطيع انقاذ عمر
خرج ياسر من غرفة العمليات ليسرع اليه : طمئني ، كيف حاله ؟
ابتسم ياسر مطمئنا : بخير الحمد لله ، اطمئن ، ولكنه يحتاج الي اجراء عملية اخرى ولكن لابد من ان ينقل الي المشفى الذي اعمل بها في القاهرة لان الامكانيات هنا ضعيفة ولن اغامر ان اجريها له هنا
نظر له متسائلا: هل سيحتمل الطريق ؟
أومأ براسه : نعم ، سيرسلون سيارة اسعاف مجهزة لنقله وسأكون الي جواره طوال الطريق لا تقلق
نظر ياسر الي ما وراءه لينظر اليه مستفسرا : زوجتك انها قادمة
عقد حاجبية ليظهر على وجهه الغضب والاستياء ليتأمله ياسر بتعجب من ردة فعله غير المتوقعة
وصلت الي طابق العمليات لتلمحه واقف والي جواره ياسر
تعجبت من رؤية ياسر ولكن نفضت التعجب عن راسها لتركض اليه لتساله عن عمر
وقفت الي جواره و شدته من ذراعه بلطف : كيف حال عمر؟ هل هو بخير ؟ هل حدث له شيء؟
نفض كوعه منها بشدة جعلتها تجفل ، ليرفع ياسر حاجبيه تعجبا من موقف صديقة الغير مهذب ليتظاهر انه لم يلاحظ ما حدث واجاب نور : لا تقلقي انه بخير ، وسننقله الي القاهرة الليلة ، وغدا بإذن الله سيكون في احسن حال
التفت الي ياسين ونظر له بقوة : سأذهب لاتصل بالمشفى ليستعدوا الي استقبالنا
انصرف من امامهما لتنظر اليه بتعجب وهي لا تفهم ما سر غضبة ولا سر نفضته ليدها وكأنها جمرة اشعلت النيران بذراعه سالت بتردد : ما الامر ياسين ؟
رفع راسه عاليا ودون ان ينظر لها قال بجمود : لا شيء
ابتعلت ريقها بصعوبة اثر البرودة التي لفحتها من صوته الجامد انتبهت على علي قادم نحوهم فآثرت الصمت
اقترب علي ليربت على كتفها بأخوة : كيف حالك يا صغيرتي ؟
التفت بحده لعلي وهو يسمع نبرته الحنون الموجهة اليها
لينقل نظرته الغاضبة الحادة بينهما ليبتعد علي بسرعة عنها ويحافظ على مسافة فاصلة بينهما اجابت هي بتوتر وخجل مما فعله ياسين ونظرته الغاضبة التي جعلت علي يبتعد عنها
__ بخير علي ، انا بخير الحمد لله ، ما احوال علياء الان ؟
رد بألم : لم تستيقظ الي الان
ابتسمت له مطمئنة : من الافضل لها ان تظل نائمة الي ان يصبح عمر بخير ، حتى لا تتعرض الي صدمة مرة اخرى
__ نعم معك حق ، والدكتور ياسر طمئنني على عمر وابلغني انه سينقل الي القاهرة وانا اريد لعلياء ان تستيقظ لنعود الي القاهرة ايضا ، حتى تكون بجانب عمر
__ ان شاء الله ستستيقظ وستكون على خير وما يرام
ابتسم : بعد اذنكم
انصرف وهو متعجب من ياسين لأول مرة يتعامل معه بقلة تهذيب ، فهو دائما مهذبا ودمث الاخلاق ، ثم الغضب الذي يقفز من وجهه لا يعلم سببه ، يا لغبائك علي من الواضح انه تضايق من اقترابك من نور وترتيبك على كتفها
انه غيور ولا يعلم علاقة الاخوة والصداقة التي تربطك بها
ثم انها الان زوجته ، وانت بالنسبة اليه غريب عنها ومن حقه ان يغير عليها ويمنع أي شخص يحاول الاقتراب منها
واقفة امامه وهي تشعر بالصدمة والدهشة تغلفها فالطريقة التي تعامل بها مع علي كانت في قمة عدم التهذيب وكانه عاد الجلف الذي تعاملت معه لأول مرة
تنحنحت : هل سنعود الي المنزل ام سنبقى هنا ؟
رد بجمود : سنعود الي القاهرة ، لقد طلبت من نهى ان تجمع اشيائنا لنعود جميعا ، فلا ارى فائدة من جلوسنا هنا وعمر سينقل الي القاهرة
هزت راسها موافقة ليكمل امرا بتسلط : هيا سأدفع حساب المشفى لنعود
تركها مسرعا لترفع حاجبيها بتعجب وتشعر ان قلبها يئن من معاملته الجافة لها اهدئي نور اكيد متعب او متضايق من حركة علي العفوية ، انت تعلمين انه غيور جدا تحمليه الي ان يهدئ ثم تكلمي معه
تبعته في صمت وعندما انتهى مما كان يفعله همست : ياسين
__ اممممم
__ اريد ان اذهب لأرى علياء قبل انصرافنا
هز براسه موافقا دون ان ينظر اليها لتسرع في الذهاب الي صديقتها وهي تفكر من الجيد انه وافق قبل ان ينقلب حاله ويتذكر علي فيمنعها من الذهاب
انصرفت من جانبه ليغمض عينيه مرغما نفسه الا ينظر اليها ولكن هيهات فتح عينيه سريعا لينظر الي اثرها وهو يشعر بقلبه يتمزق ، كم يريد ان يركض خلفها ويضمها بين ذراعيه
وكم يشعر بالنفور منها كلما تتردد كلمات هذا البغيض بأذنيه لتذكره بمنبتها الحقير ، تصلب جسده واقشعر بدنه لهذه الافكار ، ليغمض عينيه الما ويذهب بخطى بطيئة لينتظرها بالسيارة
اسرعت بخطاها لترى صديقتها وتطمئن على حالها
وجدت علي بالغرفة ليبتسم لها مرحبا دلفت الي الغرفة واقتربت من فراش صديقتها ، وجلست بجوارها
احتضنت يدها بكفيها لتسقط دموعها بألم على الحال الذي آل اليه اقرب الناس اليها ، لا تعلم ماذا ينتظرها بعد ذلك
بدون هما ستصبح وحيدة لا عائلة لها ، لطالما كانت علياء اختها وصديقتها وكاتمة اسرارها
اقتربت اكثر منها لتقبل جبينها وتهمس لها : لا تقلقي علياء عمر بخير الطبيب طمئنني عليه ، هيا كوني قوية لتطمئني عليه انت الاخرى وتكوني بجانبه الايام القادمة سيكون بأشد الحاجة اليك
انهمرت دموعها بغزارة وهي تبتعد عن صديقتها ، لا تريد فراقها وتريد ان تظل بجانبها ولكنها تريد الاطمئنان على عمر ايضا
دموعها الغزيرة جعلت الرؤية عندها معدومة لتتعثر رجليها ببعضهما فتسقط واقعة
شعر علي بالإحراج من تواجده معها بالغرفة ليخرج بهدوء ويتركها بمفردها قليلا الي ان تنتهي من الاطمئنان على علياء
وقف بجانب الغرفة وهو ينظر اليهما من الزجاج يشعر بقلبه ينفطر على رؤية نور وهي حزينة بهذا الشكل ويتمزق الما على مظهر اخته اليائس
انتبه على نور وشعر انها تبكي ليراها وهي تتعثر لتسقط ارضا
اندفع الي الحجرة راكضا ليصل اليها ويجثو على ركبتيه بجوارها : نور ، انت بخير
نظرت اليه بعينيها الدامعتين : نعم علي تعثرت فقط فوقعت
امسكها من ذراعيها ليوقفها : هل تستطيعي المشي ام اوصلك الي الخارج
هزت راسها نافية : انا بخير ، لا تقلق
جلس قليلا بالسيارة وهو يشعر انه يجلس على حقل من الشوك ، يلعن نفسه على موافقته بان تذهب بمفردها لتطمئن على علياء ، تذكر المرة الماضية وانها تنهار عندما ترى صديقتها بهذا الشكل ليخرج من السيارة مسرعا ويدفع الباب بعنف خلفه مفرغا شعور الضيق والغضب من نفسه بإغلاقه لباب السيارة
اسرع ليذهب الي غرفة علياء ليرى علي وهو يمسك بها من ذراعيها ويقترب محدثا لها ليشعر بالدماء تندفع الي راسه الذي يفور مما يراه امامه ليندفع سريعا الي الداخل
انتفضت نور من دخوله المفاجئ الي الغرفة ليجفل علي منه ويتعجب من التعبير الغاضب المرسوم على وجهه
تكلم علي بهدوء وهو يشعر بان علية تبرير ما جعله ممسكا لنور بهذه الطريقة: من الجيد انك اتيت فنور تعثرت لتسقط على الارض وانا اظن ان كاحلها تأذى وكنت اعرض عليها المساعدة وان اوصلها الي الخارج ولكنها رفضت ، كنت سآتي اليك لأخبرك ان تأتي لتسندها الي الخارج
نظر اليها غاضبا ليقول بجمود : شكرا علي ، اراك على خير
تقدم ليمسكها من رسغها ويشدها بقوة ليسالها دون النظر اليها
__ هل تستطيعين المشي ؟
همست : نعم
__ حسنا هيا
سحبها من ذراعها وراءه بقوة دون مراعاة لحالة قدمها ، تأوهت اكثر من مرة وحاولت ان تخلص ذراعها من قبضته القوية ولكن كلما حاولت الخلاص شد قبضته عليها اكثر زاد الالم عليها لتصرخ بشكل مسموع : اتركني
التفت اليها بحده وهزها من ذراعها بعنف : هل جننت؟ لماذا تصرخين ؟
نفضت ذراعها من قبضته بقوة ، ليؤلمها ذراعها بشده اكثر من ذي قبل وتقول من بين دموعها : رجلي تؤلمني وانت تسرع بخطواتك ، وانا لا استطيع ان اجاري خطواتك السريعة
انفطر قلبه وهي تتحدث ليستشف الالم من نبرتها رفعت راسها اليه ونظرت من بين دموعها لتخبره انها غاضبة من معاملته الجافة لها
ابحر في نهر دموعها قليلا لينسى غضبه واقترب منها ليهدئها ويطمئن عليها هم بان يضمها الي صدره ليتردد صوت كريه بأذنيه انها ابنتي انا ليبتعد مندفعا ويتنفس بقوة
وهو يضم يديه حتى يستطيع السيطرة على اعصابه قليلا
ليقول بجمود وهو يسبقها بخطواته : تعالي لنذهب ونطمئن على كاحلك بم اننا هنا
نظرت له بتعجب عندما انتفض مبتعدا عنها لترتسم اكبر علامة تعجب على وجهها وهي ترى صدره يعلو وينخفض بقوة وهو يتنفس كانه يدير معركة حربية
لتصدم من نبرته الجافة الجامدة وهي تراه ينصرف من جانبها وكأنها لا تعنيه
تبعته بهدوء وهي مصدومة منه وتفكر فيما حدث ليجعله يتعامل بهذه الطريقة الغريبة عليها
خرجا من المشفى بعد ان اطمأنت على كاحلها وانها تستطيع المشي عليه وامرها الطبيب بعدم اجهاده والحركة القليلة الضرورية اليومين القادمين
وجدت ياسر امامهم مبتسما : عربتي الاسعاف وصلت
نظرت اليه مستفهمة ليكمل : سننقل عمر وزوجته الليلة الي القاهرة وغدا بإذن الله ستستطيعين التحدث الي عمر
تهلل وجهها بسعادة : حقا
__ نعم ، سيفيق غدا ثم ننتظر يوما اخر لإجراء العملية المتبقية ، لابد لنا من الانتظار لنتأكد ان هذه العملية نجحت على اكمل وجه
ابتسمت : شكرا جزيلا ياسر ، انا ممتنة لك بشدة
__ لا تشكريني نور ، انا طبيب ومارست عملي لا اكثر
رفع نظره الي صديقه ليجد عيناه قاتمه جامده كالصخر
نظر له بهدوء محاولا الفهم لما به ليشيح الاخر بوجهه بعيدا عنه وهو يتمتم : شكرا ياسر ، سنذهب نحن وطمئني عند وصول عمر واستقرار حالته
تركه وانصرف لينظر اليه ياسر مدهوشا منه يشعر بحدوث امر جلل ، فياسين متقوقع على نفسه كما كان بعد وفاة والده
سيعلم ما به عندما تتيح له الفرصة
وصلا الي القصر بعد طريق طويل قضت معظمه نائمة فياسين لا ينطق معها بحرف ، حاولت اكثر من مرة ان تتكلم معه وان تفهم منه سبب غضبه منها ولكنه كان يتجاهل كلامها عمدا ولا يجيب عليها
شعرت ان لا فائدة من التحدث معه فآثرت النوم على ان تظل تترجاه ليتكلم معها
تنهد براحة عندما وضع قدميه بالقصر ، يشعر بالسكون يخيم عليه فها هو وصل الي ملاذه وملجاه بعيدا عن كل شيء
يريد ان يجلس بمفرده ليفكر ويقرر ماذا سيفعل بشأنها
لا يستطيع ان يقضي بقية حياته مع ابنة عدوه وقاتل اباه
ولا يستطيع الابتعاد عن ملكة قلبة و حبيبته
يشعر بانه مبعثر ومتمزق بين قلبه وعقله
ذراعيه تريد ان تضمها اليه وعيناه تريدها ان تختفي من امامه
نظر اليها وهي صاعدة الي الاعلى ليخفق قلبه بجنون اسرع بخطواته وهو لا يفكر بشيء اخر غير ان يضمها بين ذراعيه
ليتوقف مرة واحدة عند اول السلم ويضغط قضبته بقوة متمسكا بجدار السلم حتى لا يتقدم اكثر من ذلك
شعرت بخطواته السريعة لتلفت اليه وتنظر بدهشة من توقفه المفاجئ وقبضته المتمسكة بجدار السلم كانه على وشك فعل شيء لا يريد فعله لتقول بهدوء : الن تأتي ؟
نظر اليها بعينين قاتمتين وهم بالرد عليها ليفاجئ بنزول انجي من اعلى السلم وهي حاملة حقيبة سفر وتنزل متسللة
ضيق عيناه ليفهم ما يحدث امامه ليرى اخاه يتبعها ببطيء
قال بقوة : اين انت ذاهب يوسف ؟
صدما الاثنين من وجوده لتضع انجي حقيبة السفر من يدها
وتندفع الي نور وتحتضنها بين ذراعيها : كيف حالك نور ؟
ابتسمت نور بامتنان : انا بخير انجي
نزل يوسف بسرعة اكبر من مقدرته ليقترب منها : كيف حال عمر ؟ هل هو بخير ؟
نظرت اليه : بخير يوسف ، الحمد لله
__ اصعدي معها انجي لتستريح
صعدا الاثنتين ليلتفت الي اخاه ليسال ياسين : الي اين ذاهب يوسف ؟
تنفس بقوة : كنت سآتي اليك ، لم استطيع الانتظار وانت هناك بمفردك
ابتسم ياسين ممتنا: ولماذا تنزل متسللا هكذا ؟
ابتسم يوسف بشقاوة : لم اخبر امي ، لأني اعلم جيدا انها سترفض سفري وانا بهذا الشكل
نظر له معاتبا: طبعا، كيف ستقود السيارة يوسف ؟
__ انجي تستطيع القيادة، هيا ياسين اصعد لتستريح من هذا اليوم الشاق
__هيا بنا
حمل ياسين الحقيبة واتبع اخاه بصمت وهو لا يريد الصعود
للأعلى ، فهو الي الان لا يعلم ما سيفعل معها
دلفت هي وانجي الي جناحها لترتب انجي علي كتفها
__ ان شاء الله ستطمئنين على عمر وستصبح الامور بخير
__ ان شاء الله
__ هيا نور ادخلي لتأخذي حماما يريح اعصابك وتتخلصي من هذا اليوم الشاق ، ساعد لكي ملابسك وانت اذهبي
دفعتها بلطف الي داخل دورة المياه لتفتح دولاب ملابس نور
فهي ساعدت نهى في ترتيب ملابس نور
صدمت عندما وجدت القمصان الحريرية بترتيبها هي ونهى كما ان نور لم تلمسها
اعدت لها ملابسها لتنصرف من الجناح بهدوء وهي تفكر بهذه الانسانة الخجولة لأقصى درجة
وجدت ياسين امامها لتبتسم له : حمد لله على سلامتك ياسين
__ الله يسلمك انجي ، تصبحين على خير
دخل الي غرفة النوم وهو يشعر بالترقب يتملكه فمشاعره مضطربة
لم يشأ ان يذهب الي امه حتى لا تشعر به وتصر ان تفهم ما السبب وراء ضيقه ، فهو امام والدته لا يستطيع ان يخفي ما به
ذهب الي دورة المياه الاخرى ليستحم ويبدل ملابسه
خرج ليجدها مرتدية بيجاما حريرية كحلية اللون مكونة من توب بحملات رفيعة وبنطلون قصير ضيق يصل الي ركبتيها تظهر بشرتها البيضاء بلونها الجميل
رمش بعينيه ليتخلص من تأثير جمالها عليه ولكنه لم يستطع ان يحول بصره من عليها وهي جالسة و تضع الدواء الذي كتبه لها الطبيب ، نظر الي ساقها المصقولة ليذهب ويجلس بجانبها ليشد انبوب الدواء من يدها ويدلك كاحلها ببطء وحنان
نظرت اليه بهيام لتساله : ما بك ياسين ؟ اشعر انك متضايق من امر ما
زفر بضيق ليقول دون ان ينظر اليها : لا شيء نور
لا اريد ان اتحدث ، اريد ان استريح
قالت هامسه : اشكرك ياسين على ما تفعله من اجلي
امسك يديها وادار بصره عليها لتلمع الرغبة بعينيه ليشدها اليه بقوة وهو يقبلها بتطلب غير معتادة عليه : اريدك نور
*********************
واقف ينظر الي عمر
من خارج الغرفة وهو يلعن نفسه على ما فعله البارحة ، كان عنيفا معها ، لم يستطع السيطرة على شعور الرغبة الذي امتلكه ولكن عندما نظر الي عيناها ترددت كلمات حافظ بأذنيه ليشعر بالكره يعلو داخل صدره ليصبح عنيفا معها دون ان يستطيع ان يسيطر على اعصابه
ضرب راسه بالزجاج نادما على الرعب الذي سببه لها
ونادما على اقترابه منها
انتبه على يد تربت على كتفه ليلتفت ويجده ياسر
__ ما بك ياسين ؟ ولا تقل لا شيء ، انك متعب وضايق من شيء هام ، اخبرني لتستريح
نظر الي صديقة : لا اريد ان اتحدث ياسر ، جئت لأطمئن على عمر
__ جئت فجرا لتطمئن على عمر ، مظهرك لا يدل على انك ذقت طعم النوم
هز راسه موافقا : نعم لم استطع النوم
صرخ ضميره كيف تستطيع النوم بعد ما فعلته بها
زفر بألم ليرتب ياسر على كتفه : ادخل اجلس بجانب عمر احتمال كبير ان يفيق بعد قليل
هز راسه ليدلف الي غرفة عمر لينصرف ياسر وهو يعبث بهاتفه ليتصل بمريم ليطمئنها على احداث الليلة الماضية
__ اهلا حبيبتي ، كيف حالك ؟
__ بخير ، كيف حالك انت ؟ وما اخبار عمر ونور وياسين
ابتسم : جميعهم بخير حبيبتي ، اسمعي سأعود بعد يومين واذا تريدي ان تأتي حتى انتهي مما افعله هنا لنعود معا ، كيفما تشائي
__ لا اعلم ياسر ، الاولاد مسرورين بالبحر و ياسين يعتمد عليه بالفعل ، اصبح رجلا ياسر ، وانا فخورة به فعلا
ابتسم لسماعه ان هناك رجلا يحل محله ويستطيع الاعتماد عليه وهو بعيد ، لينقلب وجهه الي الاستياء لرؤيتها وهي اتية بمشيتها الغنجة وزينتها المبهرجة التي لا تلائم التوقيت ولا وجودها بالمشفى ، تقدمت بخطوة سريعة في اتجاهه وهي تبتسم باتساع ليتوتر وتدور مقلتيه فهو لا يريد ان تسمعها مريم وخطواتها ناحيته تنبئه انها اتية من اجله
قال بتوتر : حسنا مريم سأغلق الان وسأتصل بك لاحقا
انزل الهاتف من على اذنه لتقترب منه : اهلا حبيبي
عدت سريعا ، الم تقوى عن الابتعاد عني ، اليس كذلك ؟
مدت شفتيها بلونهما الاحمر المصبوغ ممثلة الزعل : مع اني غاضبة منك لمعاملتك الجافة لي بالهاتف
نظر اليها بازدراء وهو يلوم نفسه على انجذابه اليها
دارت نظراته عليها ليكتشف ان كل شيء بها صناعي من عينيها الملونة بفضل العدسات اللاصقة الي لون اظافرها المصبوغة باللون الاحمر القاني
كم يشعر بالاستياء من نفسه لأنه فكر بها ولو ثواني
فهي لا تقارن بمريم في شيء ، فحبيبته وزوجته درة رزقه بها الله ولكنه لم يكن على علم بمدى قيمتها بحياته
انتبه على صوتها الغنج : ياسر لم لا تجيبيني
نظر لها بحزم : دكتور ياسر لو سمحتي ، نعم دكتورة سلمى ماذا تريدين ؟
اصفر وجهها من جديته ونظرته الحازمة : ما بك ياسر ؟
نهرها بعنف وصوت منخفض : من سمح لك ان تناديني بدون القاب ، هل تريدين شيء خاص بالحالات ام ماذا ؟
تلعثمت لتقول بصوت يكاد ان يسمع : المعذرة ظننت ان مسموح لي بمناداتك باسمك الاول
__ لم اذن لك ابدا بذلك ، هل تريدين شيئا ؟
نظرت اليه بنظرة مغوية : كنت اريد ان اطمئن عليك ، واعلم هل عدت من اجلي ؟
عقد حاجبيه : لماذا اعود من اجلك يا دكتورة ؟
اكمل وهو يقاطعها بإشارة حازمة من يده : من الواضح ان يوجد فكرة لديك غير حقيقية ، او حدث لك التباس انا السبب فيه ، علاقتنا نحن الاثنان كما قلت لك سابقا ،لن تتعدى الطبيب وتلميذته ، فانا بمنزلة اخاك الكبير ليس الا ، ومعاملتي الحسنة لك ما هي الا ثناء على مهاراتك و تفوقك فانت طالبه نجيبة تستحقي ان نعتني بك وندفعك لان تتميزي
وانت طلبتي مني من قبل رائي في ترشيحك للبعثة وانا قدمت طلبك اليوم للدكتور عبد العزيز مدير المشفى ومعه جواب توصية مني انك تستحقين البعثة
نصيحتي اليك ان تبحثي عن مستقبلك فستصبحين جراحة قلب مشهورة ، بعد اذنك
تنهد براحة وهو ينصرف من امامها ، يشعر بانه تخلص من الثقل الذي كان يخيم على صدره
تركها وانصرف وهي في حالة صدمة لما قاله ، كانت تتوقع ان بمطاردتها اليه سيستجيب اليها ، وعندما بدا في تبادل الاحاديث معها بشكل غير رسمي قليلا ظنت انه انجذب اليها
لكنه الان بعثر لها جميع اوراقها ، ما بك سلمى ما تريدينه منه فعله ، انت تريدين ان يعلمك جيدا ويعطيك خبرته وهذا لم يقصر به يوما ، تريدين الذهاب الي البعثة وكل هذا الاهتمام به كان من اجل هذا السبب حتى لا يرشح احدا غيرك ، رغم انكي تعلمين جيدا انه كان سيرشحك انت دونا عن الاخرين من اجل تفوقك و مهارتك العالية
ولكن ليس له أي حق في ان يعاملني بهذه الطريقة
ابتعدي عنه سلمى ، فهو متزوج ولدية اطفال ثم انت تعلمين جيدا انه يحب زوجته ، فهو لم ينفك ان يتحدث عنها عندما كان يتحدث معك ، لا لن اتركه ليس لديه الحق ان يعاملني كأني حشرة لا اهمية لها
بعد ان طلب منها بتوتر ان تغلق الهاتف لم تستجب له بل ظلت واضعة الهاتف على اذنها وهي تشعر بترقب
لا تعلم ما سره ، صعقت عندما سمعت صوتها الغنج لتحبس انفاسها توقعت ان يغلق ياسر الهاتف ولكنها وجدت ان الاتصال لازال موجود لم يقطع
وضعت الهاتف على اذنها وهي ترهف سمعها لتعلم ماذا يحدث بينهما
شعرت بالسعادة تغمرها وهي تسمع حديث زوجها الحبيب
لهذه الطبيبة الصغيرة ليطمئن قلبها وتقرر انها ستعود اليه
لن تجلس هنا دقيقة واحدة زيادة وهو يجلس بمفرده في القاهرة
اغلقت الهاتف بعدما انتهى حديثهم لتتجه الي غرفة ياسين
لتوقظه وتخبره بان عليهم العودة من اجل والده
******************
رن الهاتف بجانبه ليجبر نفسه على الاستيقاظ وينظر الي الساعة ليجد انها الخامسة صباحا ،مد يده ليرد عليه وهو يلعن من يتصل في هذا الوقت
يتبع ,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك