رواية بين الامل والالم اسطورة -5
الدماء ملامحه ..
المرأة : لا حول ولا قوة إلا بالله , يا بنتي نزلي الولد عشان الإسعاف حيوصل الحين .
هزت أمل رأسها نفيا وهي ملتزمة الصمت ..
اقتربت منها المرأة وجلست بقربها ورأت شكل الطفل وأيقنت أنه قد فارق الحياة
فحدثتها بهدوء : يا بنتي قولي إنا لله وإنا إليه راجعون الرسول يقول (( إنما الصبر
عن الصدمة الأولى )) والله يعوضك إن شاء الله ..
نطقت أمل ببحة : إنا لله وإنا إليه راجعون ..وتفجرت دموع أمل كالأنهار وهي
تشد احتضان جسد طفلها .. وبعد دقائق حضر الإسعاف وبعد محاولات أخذوا الطفل
منها وكأنهم انتزعوا منها روحها وغابت في عوالم اللاوعي ..
***
سقطت دمعت وتلتها دمعات فشهقت ببكاء مر كمرارة فقدها لابنها وضياع أملها في
الحياة ولم تشعر بالمرأة الجالسة أمامها والتي تأثرت ببكائها ..
تكلمت المرأة بعد مدة : يا بنتي أذكري الله , قولي إنا لله وإنا إليه راجعون.
أمل بصوت ضعيف مبحوح : إنا لله وإنا إليه راجعون , اللهم آجرني في مصيبتي
وأخلف لي خيراً منها .
المرأة بتشجيع : إيوه كذا خلي إيمانك بالله قوي و الله يعوضك بأخير منه بإذنه ..
عندما سمعت كلمت ((الله يعوضك بأخير منه)) انفجرت تبكي مرة أخرى : كيف
أتعوض وهو إللي بقيلي فدنيتي كلها , أبويــ..فشهقت تبكي بحرقة عندا تذكرت
والدها وطرده لها مرتين والثالثة من زوجها.. خليها على الله يا خالتي , خليها
على الله ..
المرأة بتأثر من حال أمل : أصبري يا بنتي والله ما بيضيعك ..
أغمضت أمل عينيها وقد غلبها التعب ولسانها يكرر ((الحمد لله)) ..
خرجت المرأة من غرفت أمل بعد أن تأكدت من نومها وخرجت متوجهة إلى
مكتب مدير المستشفى ودخلت إليه دون أن يعترض طريقها أحد ..
بعد أن ألقت التحية جلست وهي صامتة وقد خيم الحزن على قسمات وجهها..
المرأة بحزن : والله حالة البنت تكسر الخاطر يا ولدي ..
.....: الله يعوضها .
المرأة : يووه ما سمعتها يوم قلت الله يعوضك بكت وقالت (كيف أتعوض وهو
إللي بقيلي فدنيتي كلها)
صمتت المرأة قليلاً ثم تكلمت : بس شكلها مره موب غريب عليّ راح أتأكد إن
شاء الله منها ..
...... باستفهام : يعني شفتيها من قبل ؟؟
المرأة : لا لا ما شفتها بس ذكرتني بوحدة ..وصمتت تفكر وتحاول أن تتذكر
مرت أحداث في عقلها ولكنها ضبابية لا ترى الوجوه ولكنها تتذكر ما دار ..
تذكرت طفلتين تتحدثان :
الأولى : خلاص حتسافرون بكره مع بيت جيرانا ..
الثانية وقد تقوس فمها على وشك البكاء : أيوه بنروح بس برجع مره ثانيه أزورك .
الأولى وقد دمعت عيناها وأمسكت بيد الأخرى : لا تنسيني طيب .
بكت الأخرى : طيب أصلاً أنا ما أقدر أنساك .
جرت الأولى يد الثانية وذهبت بها إلى غرفتها : تعالي نسوي حاجة عشان
ما ننسى بعض .
هزت الثانية رأسها وهي تمسح دمعاتها المتساقطة : طيب .
صنعت الطفلتان دميتين قماشيتين مضحكتان وضحكتا كثيراً وبعد ذلك بكتا
عندما تذكرتا الوداع ..
في اليوم التالي ..
وقفتا الفتاتان متقابلتان وهما يبكيان وينظران لبعضهما ..
الأولى : بتوحشيني كثير ..
الثانية : وأنا كمان ..
تقدمت الأولى واحتضنت الأخرى في محبة خالصة و توادعتا على أمل اللقاء..
**********
......: يمه يمه إيش فيك من زمان أنادي عليك ..
المرأة : والله ما سمعتك , إيش كنت تقول ؟؟
.....: سلامتك بس ماودك تروحين ترتاحين من الصباح وأنتي هنا وبعدين شادن
وشذى في البيت لوحدهم ..
تنهدت المرأة : أستغفر الله , والله ما ودي أترك البنت بحالها وهي كذا لكن ما بيدي
حيله أبوك مسافر وأنا خايفة على أخواتك وحدهم مع الخدم ..
.....: خلاص لا تقلقين نفسك راح أوكل ممرضة تسهر عندها ..ابتسم بحب لأمه
.. كله ولا تعب ست الكل ..
ضحكت المرأة : ههههههه , الله لا يحرمني منك ..ونهضت .. يلا حبيبي مع السلامة ,
لا تتأخر كثير .
......بابتسامة : إن شاء الله يا الغالية , مع السلامة..وما إن خرجت والدته اختفت
ابتسامته عندما تذكر الفتاة اتصل على قسم الممرضات وطلب من إحداهن ملازمة
الفتاة .. ودار تفكيره في هذه الفتاة الغريبة لم يحصلوا على أي أوراق أو هوية
لها وكذالك ولدها المتوفى كيف سيتعامل معها وحدث نفسه "منين طلعت لنا
هذي البنت أخاف أمي تتعلق فيها وما تتركها بس خايف يكون وراها مصيبه
وتبلينا بها ..تنهد وأستغفر .. الله يستر قلبي موب مرتاح "..
نظر إلى أوراق عمله ونسي كل ما يدور في عقله من أفكار أو تناسى ..
***************************
في صباح اليوم التالي
فتحت أمل عينيها وقد كانت الغرفة تسبح في سكون مميت ونظرت إلى النافذة
ورأت أن السماء مازالت مظلمة ولكن تسللت إليها خيوط الفجر عبر الأفق
فأيقنت أنه قد صلى الناس الفجر فحاولت النهوض ولكن جسمها لم يطعها تلفتت
تبحث عن شيء لتقف عليه ووجدت أزرار بالقرب منها ضغطت الأقرب وانتشر
النور في الغرفة فأغمضت عينيها من شدت الضوء وبعد لحظات فتحت عينيها
فوجدت أمامها ممرضة سعودية بحجاب ذو ألوان متعددة جالسة على الكرسي
المقابل لها ..
بادرتها أمل بالسؤال : الساعة كم ؟؟
الممرضة : الساعة خمسة وثلث .
مدت أمل يدها للممرضة فنهضت الأخيرة وأمسكت بيدها : ممكن توديني
الحمام (تكرمين)..
هزت الممرضة رأسها موافقة وأمسكت بيدها الأخرى لتزيل أنبوبة المحلول..
*******
..:السلام عليكم ورحمة الله , السلام عليكم ورحمة الله ,استغفر الله
,استغفر الله ,استغفر الله اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت وتعاليت
يا ذا الجلال والإكرام .. وأكملت أذكارها ورفعت يدها تدعي للمولى أن يرحم
إبنها وأن يلهمها الصبر والسلوان .
أمل : ممكن توديني للسرير .
الممرضة بتهذيب : حاضر ..
سألتها أمل بعد أن جلست على السرير بمساعدة الممرضة : صليتي ؟؟
تلعثمت الفتاة قليلا ثم أكملت : الحين بقوم أصلي .
أمل : لا تأخرين الصلاة مهما كان قيل في الأثر : " لا يبارك الله في عمل
يلهي عن الصلاة " حبيبتي , حتى لوكان عليك مية شغله صلي بعدين
سوى أشغالك .
هزت الفتاة رأسها وانصرفت بعد أن أعادت أنبوب المحلول ومددت أمل
على السرير .
وما إن خلت الغرفة عليها حتى تذكرت طفلها الغائب عن الدنيا الحاضر
دوماً في قلبها وبكت وجرت دموعها أنهاراً تشعر بألم في صدرها وكأن
جدار أطبق عليه أغمضت عينيها التي لم تنفك عن جريان الدموع منها
وتصور أمامها وجه ابنها البريء ذو العينين الناعستين اللامعة ببراءة
لا مثيل لها والشعر الأسود الناعم أنفه الدقيق والطويل وشفاه ذات اللون
الوردي وتذكرت عندما قبلها وكأنه يودعها وشهقت ثم بكت بشدة تشعر بالبرد
يخترق عظامها ويستقر في قلبها فالدفء رحل مرة أخرى كما رحل عندما ماتت
أمها ..تنهدت ومسحت دموعها وتذكرت حديثا قرأته في أحدى منشورات المصلى
يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله : ((يا ملك الموت قبضت ولد
عبدي ؟ قال : نعم . قال : قبضت قرة عينه وثمرة فؤاده ؟ قال : نعم . قال:فما قال ؟
قال : حمدك واسترجع . قال : ابنو له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد)) ..
أمل بإيمان صادق : الحمد لله , إنا لله وإنا إليه راجعون ..أغمضت عينيها المرهقة
من البكاء ونامت بهذه الأفكار ..
نظرت إلى الوادي الأخضر أمامها وأعجبها حسنه وشدة نظارته ومشت فيه
ببهجة ولم ترى أحد أمامها فانطلقت تمرح وتضحك تجري تارة و تدور أخرى
وتقف وتستنشق الأزهار وتقدمت حتى وصلت إلى مكان لم ترى في حياتها
مثله اتحدت فيه الألوان بنسق رائع وتناغم فيه صوت الماء والهواء والأشجار
بلحن عذب يطرب الآذان ويسبي العقول دارت بفرحة غامرة ولم تكمل دورتها
فقد انتبهت إلى مكان ينبعث منه نور ساطع دهشت منه وتحركت مسرعة الخطى
إليه حتى وصلت له ففوجئت بما وجدت فيه .. رأت امرأة شابة شديدة الشبه بها
تلبس ثوباًً أبيض كأنه مصدر النور من شدة بياضه ووصلت الدهشة أقصاها عندما
رأت طفلها بين ذراعي هذه المرأة يضحك ويغني لها ويقبلها تقدمت منهما ووقفت
أمامهما وتحدثت ..
أمل بدهشة : مين إنتي وليش معك إبراهيم ؟؟
ضحكت المرأة وأنار وجهها : أمل ما عرفتيني أنا أمك ؟؟
أمل : بس أنا أول مره أشوفك , ليش إنتي ما متي ؟؟
ساره : أيوه مت بس أنا لازم أكون عايشة بقلبك صح ؟؟
هزت أمل رأسها إيجاباً وهي مبتسمة بفرح ..
أكملت ساره : أنا وصيت على أبوك يرعاك ..
أمل بحزن : بس أبويــ..
قاطعتها سارة : أعرف اللي حصل ..
أمل باسغراب واستفهام : تعرفين !! كيف تعرفين ؟؟
ضحكت ساره : ههههه ,أعرف لأن الأموات يعرفون إيش يحصل
لأهلهم <<<(هذي معلومة صحيحة ذكرها إبن القيم)
فرحت أمل : يعني إنتي قريبه مني .
ساره بابتسامه : بالضبط ..عبست تفكر قليلاً ثم أكملت .. ساره أبوك مكروب
لا تنسنه لازم يتعالج ..
أمل بحزن : أدري بس كيف أرد عنده وهو طردني ..
ساره بثقة : بتردين . بتردين .
إلتفتت أمل إلى إبنها ومدت يدها له فرفض أن يمد يده تعجبت أمل منه
وقالت : هيمو حبيبي تعال عندي ..
إبراهيم : نا ما بادي .
أمل : لييييش ؟؟
إبراهيم : ليث بتيتي كتيييييل مله أنا دعلان .
أمل بابتسامة : و لا تزعل خلاص ما ببكي ..
ساره بجديه : أمل خذي حق ولدك من أبوه ..
أمل بحزن : كيف أثبت له وأنا ما عندي دليل ..
ساره : ولدك دليلك ..
أمل بتساؤل : كيف ؟؟
ساره : اسألي ,,, أمل أبوك عالجيه ..
أمل : ما أعرف كيف أعالجه ..
نهضت ساره مبتعدة وقالت بقوة : راح تعرفين .
وترددت صدى هذه الكلمة حتى إبتعدت أمام ذهول أمل وعندما رأت طيفها يختفي
صرخت بقوة ..(يماااااااااااااااا إبراهييييييييييييم)
*****
سمعت أحد يوقظها لتشرب الماء ففتحت عينيها وعلمت أن ما حدث ليس سوى
حلم تمنته حقيقة ..
.....: يا بنتي قومي إ
شربي مويه تراك تحلمين ..
رأت أمامها نفس المرأة التي ساعدتها ..جلست بمساعدتها وشربت الماء
وأراحت جسدها على السرير ..
أمل بتعب : مشكوره خالتي .
المرأة : لا شكر على واجب بعدين إنتي مثل بنتي ..
أمل بامتنان : جزاك الله خير ..
المرأة : وإياك ..
صمتت المرأة تفكر وهي مترددة بإلقاء السؤال.. سمعت صوت أمل تناديها..
أمل : خالتي ..خالتي ..التفتت المرأة لها .. خالتي أذن الظهر ؟؟
المرأة بابتسامة : قبل شوي أذن تبيني أقومك ..
ردت أمل الابتسامة : إذا ما عليك كلافة ..
المرأة بحنق مصطنع : أنا إيش قلت لك إنتي مثل بنتي سمعتي ..
ابتسمت أمل لهذه المرأة الطيبة ..
صلت أمل وكذلك المرأة وبعد انتهائهما من الصلاة جلستا تتحدثان قليلاً
سألتها أمل بحزن : خالتي ولدي إبراهيم وينه ..
شعرت المرأة بحزن الفتاة وحزنت لحزنها : يقول ولدي حطوه في الثلاجة .
سمعت أمل كلمت ( الثلاجة ) دمعت عيناها ومسحتها عندما تذكرت عتاب
ابنها لها في الحلم ..
تنهدت أمل : استغفر الله , طيب أبي يدفنونه بس ..صمتت قليلاً وتذكرت كلام أمها ..
حثتها المرأة على الكلام : بس إيش تبين تقولين لأبوه ..
تفجرت دموع أمل عندما تذكرت سعود ورفضه لمن في بطنها صرخت بألم :لاااااا
أبوه ما يبيه ما يبيه ..
صدمت المرأة من قولها وساورتها الشكوك :ليش ما يبيه ..
مسحت أمل دموعها وتكلمت بصوت مخنوق : لأنه ينكر انه أبوه .
فجعت المرأة من قولها : ليييييييش ينكره .
دخلت أمل نوبة من البكاء ولم تستطيع أن تقول سوى كلمة واحد(والله مظلومة)
ثم أغشي عليها وظلت كلمتها تتردد في أذن المرأة..
*********************
فتحت عينيها وقد عم الظلام في الغرفة فأيقنت أنه قد حل المساء ففتحت الأنوار
فرأت نفس الممرضة التي لازمتها بالأمس ..
أمل : أبي مويه .
نهضت الممرضة وأتت لها بالماء ..
أمسكت أمل كوب الماء بيد مرتجفة سمت بالله وشربت ..
أمل : الساعة كم .
الممرضة : عشرة وربع .
أمل بضيق : ليش ماحد قومني للصلاة؟؟ ..
الممرضة : كنتي مغمى عليك وأعطتك الدكتورة مهدئ .
هزت أمل رأسها بتفهم ونهضت بتعب وتوضأت ثم صلت ما فاتها من الصلوات
وجلست تستغفر وتؤنب نفسها ..
بعد لحظات ..
كانت أمل ممدة على السرير وأمامها طاولة عليها بعض المأكولات مدت يدها
لتأكل لكنها ليس لديها أية شهية وأرغمت نفسها وتناولت بضع لقيمات معدودة
وأبعدت الطاولة فأخذتها الممرضة وأخرجتها من الغرفة وعادت لتجلس بمقابلتها ..
لاحظت أمل لباس الفتاة الذي يتكون من بنطلون من الجينز ضيق مبرز نحف
ساقيها ومعطف أبيض يصل طوله إلى نصف الورك وحجاب بلوني الأزرق
والزهري , حزنت بشدة على حال الفتيات في المجتمع اللاتي يدعين التفتح
والحرية الزائفة ..
سألتها أمل بعفوية : أنتي مرتاحة بلباسك هذا ..
الممرضة : إيوه يسهل علي الشغل .
أمل بتوضيح : لا قصدي ..أممممممم .. يعني مرتاحة تمشين كذا بين الرجال..
الممرضة وقد فهمت مغزى الكلام تكلمت بلامبالاة : عادي أنا ما أعطي أي رجال وجه .
أمل : يعني إنتي ما تعطينهم وجه هم يشوفوك عادي صح ؟؟
الممرضة : وأنا مالي هم عليهم الذنب .
رفعت أمل إحدى حاجبيها استنكاراً لما تقول وصمتت قليلاً ثم قالت : إذاهم كل
واحد يشوفك عليه ذنب واحد أما انتي تتراكم ذنوبك من كل واحد ذنب وإحسبي
إنتي عاد يعني لو شافك عشره كل واحد فيهم ذنب واحد وإنتي كم؟؟
الممرضة وقد أعجبت بكلام أمل ردت بذهول : يعني كل واحد يشوفني علي ذنب
..هزت أمل رأسها موافقة .. يعني عــ..عشره ذنوب ..
أمل :هذا إذا كانوا عشره لكن إنتي فمستشفى معروف الناس فيه من كل مكان
شوفي كم رجال شافك وكم في عدادك من ذنوب ..
سكتت الممرضة وقد أصابها كلام أمل في الصميم ..
سألتها أمل لتبعد عن جو التوتر : أبي أسألك سؤال ممكن ؟
*************************
في الصباح ..
بعد أن لبست عباءتها وجواربها وقفازاها خرجت من الغرفة ومرت على
مكتب الاستعلام سألت إحدى الجالسات : السلام عليكم ..
الموظفة : وعليكم السلام ..آمري أي خدمة ..
أمل : لو سمحتي أبي مكتب المدير .
الموظفة : فالدور الرابع على اليمين آخر مكتب يقابلك .
أمل : شكراً
الموظفة : العفو .
اتجهت خطوات أمل نحو الوجهة التي أشارت لها الموظفة وصعدت للطابق
المقصود وهي ترتجف من الخوف وقلبها يكاد ينفر من بين ضلوعها من شدت
خفقانه كل ذلك بسبب الرجـــــــــــال فكل الرجال في حياتها هم سبب عذابها
أولهم أبوها وضربه وتعذيبه وبعده سعود والطريقة التي كسرها بها ثم طردها
وأخيراً تعرضها لمحاولة الاغتصاب .. تكــــــــــــــره جنس الرجال وتخاف منهم
ولا تريد أن تختلط بهم أبداً مرة أخرى ..
تقدمت إلى باب مكتب المدير وعينيها تكسوها غشاوة من الدموع وقلبها وصل
لحلقها من شدة الخوف ..حاولت أن تهدئ نفسها حتى لا يوضح الخوف عليها ..
طرقت الباب وسمح لها بالدخول ..
فتحت الباب ودخلت ففغرت فاها من فخامة المكتب وبسرعة تمالكت نفسها وتركت
الباب مفتوحاً
.. ألقت التحية باستحياء ونبرة صوت قويه ..
رد عليها الرجل الجالس خلف المكتب ولم يرفع رأسه من أوراقه ..
الرجل ولم يرفع رأسه بعد : أي خدمه أختي ولا عندك شكوى ..
أمل بصوت تحاول أن تبين قوته رغم نعومة صوتها ووضوح بحتها المميزة
فيه : ممكن عندي طلبين ؟
الرجل : أمممم .. طيب تفضلي أجلسي وقولي إللي عندك ..
أمل باعتراض : لا أنا كذا مرتاحة .. أمممم .. دكتور
قاطعها الرجل : طارق ..دكتور طارق ..
أمل : دكتور طارق لو سمحت الطلب الأول ..أبي أشوف ولدي إبراهيم .. ترقرقت
عيناها بالدموع وبلعت عبراتها ثم أكملت .. الحين ..
عرف طارق هويتها من سؤالها وأحس باشمئزاز منها وظهر ذلك جلياً على
وجهه وكلامها مع أمه يدور في ذهنه وتكلم بكره واضح في صوته : طيب
طيب وإيش الطلب الثاني يا أخــــــــــــت..مد الكلمة بطريقة تبين مدى اشمئزازه منها ..
لاحظت أمل ذلك ولم تعقب فهي لا تعلم سبب هذا الكره لها ولكن لا يهم
فالرجال سواسية لديها ردت عليه بعد أن وضعت على المكتب ظرف به
كل ما لديها من مال وأكملت : هذا كل اللي عندي من فلوس أبيك تسوي ....
****************************
عند نهى ..
شعرت بضيق في صدرها لا تعلم ما سببه ولكنها موقنة بأن صديقتها
الغالية تمر بضيقة شديدة "وينك يا أمل والله أحس أن فيك شيء يا ليتك
ترجعين عندي ولا أتركك أبد آآآآآآهـ أشتقت لك حييييييييل " دمعت عيناها
فمسحتها بسرعة قبل أن يراها أحد ولكن رأتها من تشعر حتى بأنين قلبها
رأتها أمها التي أحست بمدى حزنها على صديقتها وتألمت لحال إبنتها ..
نهضت نهى بسرعة حتى تدرك شهقاتها قبل أن تظهر وتنثر ما أكنه قلبها من حزن ..
وصلت لغرفتها وأقفلت الباب عليها تمددت على سريرها وأفلتت شهقاتها
وانهارت تبكي من ألم فراق غاليتها .. رفعت وسادتها وأخذت الورقة التي
هي أغلى من كنوز الدنيا ..
قرأتها للمرة الألف منذ أربعة أيام ..
رفعت صوتها بقراءتها لا تريد قلبها يطرب لكلمات صديقتها بل تريد أن تسمع
كل شيء حولها الجدران والمرايا والسرير والمقاعد ..
نهى ودموعها تجري على خديها :
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أرق صديقة في الوجود..
أشتقت لك حيييييييييييل
هو أنت ناديت وإلا الصوت خيلي ،، يا من ضلوعي إذا ناديت سمعنك
اشتقت لك حيل وودي أسألك قلي ،، اشتقت لي وإلا طيوف الشوق ماجنك
*******
أتذكرين
قبل عامين
كنا معاً
كان قلبي يرقص بفرح
والآن
ينبض على لحن الأسى
قبل عامين
كنت أسير وحدي وأحمل في أحشائي طفلي
لا أخاف عليه
والآن
أسير ومعي طفلي
في كل لحظة يرجف قلبي خوفاً
أنـــــ أفقده
غاليتيـــ ~
أتذكرين
كيف كان قلبي يغمر الجميع بحب
ولا يقف عند حد
والآن
يكاد يختنق بحب اثنين
عزيزتيــــــ ~
قلبي يكاد يتوقف عن الخفقان
لأنه
فـــــــــــــقد صمامان
وبقي
اثــــــــــــــــــنان
الأول
يكاد يجف من الشوق وطول البعد
والآخــــــــــر
آآآآآآآآآآآآآهـ
أحس أنه سيقطع
في أي لحظة
أشعر بذلك
وإذا قطع فــــــــــاعلمي أن قلبي
مآآآآآآآآآآآآآآآآت
نهـــــــــــــى
يمكن كلامي يحزنك لكن هذا اللي أحس فيه
إذا استقريت في مكان محدد بإذن الله بأتصل فيك ..
محبتك وأختك فيـــــ ~ الله ... أملــــــــــ ~
******************************
هب واقفاً وملامح الغضب على وجهه وسار متقدماً عليها إلى خارج المكتب..
أما هي شعرت بقصرها أمام طوله رغم كونها طويلة بين النساء
و شعرت بقوة سيطرته للأمور وهيبته اللامحدودة .. مشت خلفه بعدة
خطوات وتبعته إلى المصعد دخل إليه ووقفت هي خارجاً فنظر لها بغضب
يستحثها على الصعود ولكنها لم تنظر حتى لوجهه واتجهت للمصعد
الآخر ووقفت عنده تنتظر توقفه ..
طارق بغضب يحاول كتمانه : تعالي اركبي راح تأخريني عن أشغالي ..
هزت أمل رأسها نفياً : لا ما بركب حتصير خلوه محرمة .
فتح طارق عينيه مذهولاً من ردها عليه ورد باستهزاء: وليش يا أخت
حأكلك أنا ..
أمل بقوة : ((لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)) .. في هذه
اللحظة توقف المصعد عندها وقبل صعودها سألته ..
أمل باستفسار : أي طابق أروح ..
رد عليها باقتضاب : الأول ..
ونادى عليها قبل أن يقفل الباب وقال لها : لا تحسبيني ميت عليك حدك
هنا لما تطلع النتيجة وما بي أشوف رقعت وجــــــــــــــهك فااااااهمه
هزت أمل رأسها بإيجاب واقفل باب المصعد وفتح باب أخر وهي دموعها
التي هطلت من قوة ألمها الذي تضاعف بالمئات ..
وصلت إلى الطابق الأول وانتظرت ظهور طارق من المصعد الآخر
وعندما وصل تقدمها إلى الثلاجة فدخل ثم دخلت بعده واقشعر بدنها من
البرودة وأحست بوخزه ألم في قلبها على إثرها سقطت أمطار من دموعها
سمعته يسأل أحد الموظفين عن ولدها فأوصلهما إلى الرف المخصص له
وسحب الحامل الملقى عليه جسده ثم فتح الغطاء عن وجهه شهقت بألم
عندما رأت وجهه كان كأنه نائم بسلام وابتسامة تعلو شفاهه ووجهه كأنه
الثلج في بياضه .. اقتربت منه وكشفت عن وجهها المبلل بدموعها ولثمت
جبينه وعينيه وخديه ودموعها غسلت وجهه قبل وجهها وحضنت وجهه بين يديها ..
أمل بصوت مبحوح : إبراهيم أدري أنت ما مت أنت حي صح رد علي أنت
صاحي بس مغمض فتح عيونك يلاااا فتح .. وعندما لم يرد عليها سوى صدى
صوتها شهقت بقوه كادت تخرج روحها .. إبراهيم أنا وعدتك ما أبكي شوف
..مسحت خديها من الدموع .. بس واللي خلقك حاخذ حقك من أبوك دنت عليه
وقبلته وغطت وجهه بهدوء
حدث كل ذلك أمام نظرات طارق والموظف الذي مسح عينيه من الدموع وخرج
من الغرفة فلم يتحمل منظر هذه الأم أما طارق واقف كأنه جماد بلامح جامد لا
يستطيع أحد أن يخمن بما يدور في داخله ..
بعد أن ودعته أنزلت غطائها التفتت إلى طارق ولم ترفع عينيها إليه ..
أمل بصوت ضعيف : دكتور لو سمحت أبيك تنفذ طلبي الثاني ..
تقدم طارق بصمت إلى طاولة بها هاتف ضغط بضعة أرقام وتكلم بهدوء
وأقفل وأدار رأسه لها : خلاص حيجي واحد من المختبر الحين ..
تقدمت أمل إلى الباب ووضعت يدها على المقبض فأحست بألم أنتشر بعنف
في خلايا جسدها ودمعت عيناها وحدثت نفسها "إبراهيم شوف ما بكيت
عليك هذي موب دموع الحزن هذي (( دموع الألم ))" وسقطت مغشياً عليها ...
عائلة أبو طارق ::
أبو طارق (عبد الله) [47] : رجل أعمال طيب القلب يملك مجموعة شركات
من ضمنها المستشفى الذي يديره طارق ..
أم طارق (علياء) [44] : ربت بيت متميزة تحب أبنائها وتوفر لهم الحب
والحنان , مشرفة توجيه سابقة ..
طارق [27] : الولد الوحيد , دكتور جراحة , يدير المستشفى منذ تخرجه ,
أرمل ,حنون وطيب القلب لكنه إذا كره أحد يكره بشده , وغاااااااامض ..
شهد [22] : البنت الكبرى , متزوجة ولديها بنت وولد (إياد وريناد) , طيبة وخدومة ..
شادن [18] : البنت الثانية , فتاة تحب الحركة والضحك , طيبة لأبعد حد ,
تدرس في ثالث ثانوي هذه السن متأخرة بسبب أمر حدث لها (سنذكره لاحقاً) ..
شذى [4]: البنت الثالثة , طفلة كثيرة الحركة والكلام يحبها والدها بشدة ..
*************************
نهايـــــــــ الجزء السادس ــــــــــــة
*************************
سبحان الله وبحمده
&< ~^((الجزء السابع))^~ >&
~[(أرى بصيص من الأمل)]~
بعد ثلاثة أيام ..
فتحت عينيها وألقت نظرة على الغرفة التي سوف تودعها اليوم وللأبد
نهضت ودخلت الحمام (تكرمون) نظرت إلى وجهها في المرآة ورأت تحلق
السواد حول عينيها وذبول بشرتها غسلت وجهها تكراراً حتى تزيل الإرهاق
عنها توضأت وصلت الفجر وأكملت الأذكار وأمسكت بمصحفها الذي
رافقها لمدة عامين فهو هدية من ليلى في أول رمضان قضته معهن
وتذكرت ذلك اليوم ..
*******
صلت المغرب بعد أفطرت على تمرات وماء تمددت بجانب ولدها الذي
له من العمر آن ذاك شهرين رأته وقد فتح عينيه ونظر إليها ابتسمت
وحملته وأرضعته من صدرها حتى نام لفته جيداً ولبست عباءتها
وذهبت للمشغل وفتحته ونظفت وعندما حضرت ليلى سلمت عليها
وهنأتها بالشهر الكريم ودخلت لمكتبها ولم تخرج بعدها ..
بعد نصف ساعة ..
دخلت أمل إلى ليلى بصينيه بها كوب من القهوة وبعض الحلوى ..
أمل : السلام عليكم
ليلى : وعليكم السلام
أمل : إيش تسوين ؟؟
ليلى رفعت ما بيدها : أقرأ قرآن ..
أمل بأسف : آسفة قطعت عليك قرايتك ..
ليلى بطيبة نابعة من قلب محب : لا يا حبيبتي ما فيها شيء ..
أمل وهي تنظر للمصحف بغرابه وتساءلت : ليلى شكل المصحف
غريب أول مره أشوف شكله .
هزت ليلى رأسها بإيجاب : إيوه هذا المصحف مجود ومقسم لستة
أقسام كل قسم فيه خمسة أجزاء ..
أمل : الله حلوووو يعني مثل اللي في التلفزيون .
ليلى : تمام يوضح لك المد والإدغام وغيرها وكل حكم بلون ..
ابتسمت لها أمل ..
في اليوم التالي أهدتها لها ليلى مصحف مثله شكرتها أمل بجزل
وردت عليها ليلى بأنه كلما قرأت منه تدعي لها بالذرية الصالحة ..
******
رفعت أمل يديها ودعت لليلى بالذرية الصالحة ودعت لولدها وأمها
بالرحمة.. فقبل يومين دفن ولدها ووعدته ألا تعذبه ببكائها
فــ((الميت يعذب ببكاء أهله ))
*************************
في منزل لأول مرة ندخله ..
وقفت أم طارق مع إحدى الخدم في ملحق الضيوف وهي تأمر
ها بأن تنظف وتنسق وبعد أن انتهت الخادمة من العمل نظرت
إلى المكان براحة فأصبح كما تريد ..
دخل في هذه اللحظات طارق الذي تعجب من وقوف أمه مع الخدم
من الصباح لتنظيف الملحق وأحس بالخطر من القادم ..
تقدم إلى أمه بابتسامة مشرقة : صبحك الله بالخير يا يمه
..ودنا على رأسها وقبلها..
أم طارق بابتسامة : صبحك الله بالنور حبيبي ..
طارق بمرح : إيش عندها الغالية واقفة مع الخدم من الصباح ..
أم طارق : أبي أستقبل ناس اليوم ..
قطب طارق جبينه وتساءل : من هم ؟؟
أم طارق بحذر : المريضة اللي مات ولدها ..
ظهر الغضب على طارق وكتمه فالتي أمامه أمه : بس هذي حتى
إسمها ما نعرفه كيف تدخلينها البيت ؟؟
أم طارق بخيبة أمل : ليه إيش فيها والله إنها بنت حلال ..
لم يستطع طارق تمالك أعصابه وتكلم بين أسنانه : كيف بنت
حلال وولدها أبوه ينكر أنه ولده ..
تفاجأت الأم من قول ولدها : كيف عرفت ومين قالك الكلام هذا ؟؟
طارق : سمعتكم ذاك اليوم كنت جاي أناديك عشان نروح وسمعت
كلامها ..تنهد واستغفر .. كيف تبغين ندخلها بيتنا وأخواتي ..
قاطعته أم طارق بحزم : سمعت كل كلامها لين خلصت
..هز طارق رأسه نفياً : لا بس سمعت هذا الكلام ويكفي طلبها قبل
ثلاث أيام يثبت أن أبوه ينكر نسبه ..
أم طارق بتساؤل : إيش طلبت ؟؟
طارق وقد كان على وشك الخروج : أمنتني ما أعلم ..
أم طارق نادت عليه وبإصرار: وقف أنا رايحه أجيبها ..
طارق باعتراض : لكنـــ
قاطعته بصرامة قلما تظهر وبالذات لطارق : بس تقعد عندنا لين
أطمن عليها وبعدين الله يستر عليها ..
أذعن طارق لقرار أمه وخرجت وخرج هو خلفها وتقابلا في الصالة
أمسكت أم طارق الإنتركوم : ألو جولي الساعة عشرة تعالي
مع السايق للمستشفى ok .
جولي : ok madam .
خرج طارق وركب سيارته بي ام دبليو الجديدة السوداء وانتظر
أمه حتى ركبت وتحرك بسيارته ..
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك