رواية بين الامل والالم اسطورة -3

رواية بين الامل والالم - غرام

رواية بين الامل والالم اسطورة -3

(زوجـــــــــــــــــها سعـــــــــــود) ..
صرخت بقوة فيهما وقد سكبت دموعها كالأمطار: لييييييييييييش تسوون كذا ,
حراااااااااااام عليكم , إلتفتت لأمها يمه حرااام هذاااا (وهي تشير لسعود المذهول من
هذا الهجوم وهو في حالة سكر) زوج بنتـــــــــــــــــــك وأنت (تكلم سعود)ما تخاف
ربك سُكر وزنا فوضح النهار .. أمسكت رأسها بيديها من قوة الصداع الذي ألم بها
وانتبهت إلى صوت ضحكاتهم ..
سلمى : مين قال لك إني أمك ولا كذبت الكذبة وصدقتيها .. أنا يروح أمك زوجت أبوك
وبـــــــــس أمك ماتت بعد ولادتك بيوم .. ورفعت سبابتها بتهديد .. ولو وصل أبوك أي
شي من اللي يحصل لا تلومين إلا نفسك .
أحست بدوار في رأسها من الكم الهائل من المعلومات أو(المصائب) وتمسكت بالباب حتى
لا تسقط وفتحت الباب بعنف وخرجت تجري من الغرفة تاركة الباب خلفها مفتوحاً وكلمة
واحدة تتردد صداها في أذنيها (أمك ماتت) (أمك ماتت) حتى أحست أن رأسها على وشك
الانفجار فغطت أذنيها وصرخت : لااااااااااا
**********
بعد العصر ..
دخل عليها والدها الغرفة وهو يحمل عصا من الخيزران وكانت مازالت نائمة بعد أحداث
اليوم المتعبة فأحست بالضرب وقفزت من نومها كالملدوغ وسمعته يسب ويشتم
أبو أمل : أنا تستغفليني وتدخلين زوجك لبيتي من ورى ظهري أنا يالحقيرة لا وبعد مدخلته
غرفتك والله أعلم بالباقي وهو مازال مستمراً بالضرب والشتم ... علمت أن أمــ .. توقفت عند
هذه النقطة وتمنت بصدق أنها كذلك لما فعلت بها هكذا وقلبت الأمور عليها .. وانفجرت تبكي
من ألمها النفسي والجسدي ...وأكمل والدها كلامه بغضب عارم : خلاص اليوم بيجي سعود
وياخذك وما أبغى أشوف وجهك مره ثانيه أبداااااااااً.
قفزت رعباً من كلام ولدها واعترضت : لاااا يبه الله يخليك ما أبي أروح معه الله يخليك ..
وأمسكت يده وقبلتها .. أبوس يدك يبه لا تخليه ياخذني .. ومازال والدها مستمراً بالضرب
حتى كسر العصا عليها .. أكملت .. أبوس رجلك يبه أضربني موتني بس لا ياخذني.. انكبت
تقبل قدم والدها وتبكي .. فرفسها والدها عنه وخرج مسرعاً من الغرفة .. وأجهشت ببكاء مر
وهي ملقاة على الأرض ...وهي تكرر ( لا ياخذني ) ( لا ياخذني )
بعد دقائق ..
تساندت على الجدار بإرهاق ورأت العصا وقد انقسمت إلى أشلاء وقد تشققت ملابسها من أماكن
متفرقة .. تذكرت أنها لم تصلي العصر فتوجهت إلى خزانة ملابسها وحملت جلابية منزلية
قطنية ذات أكمام قصيرة ..
ارتدت جلابيتها و خرجت لتتوضأ ..
********
في مساء ذات اليوم ..
بعد صلاة العشاء ..
عند باب المنزل يقف إبراهيم وقد حمل حقيبة أمل الصغيرة ويقف موازيا أبو أمل الذي
كان يوصيه بالاهتمام بأمل ..
سعود : لا توصي إن شاء الله في عيوني ..
أبو أمل : تسلم ..و رفع صوته منادياً .. أمــــــل يلا الرجال ينتظر ..
وفي الداخل ..
حملت أمل حقيبة المدرسة وباقي الكتب في كيس آخر وخرجت بعد أن ألقت نظرة وداع على
غرفتها التي لا تعلم متى ستراها مرة أخرى ..
تقدمت فتوسطت الفناء الخارجي ورأت زوجة أبيها ..
أمل بعبرة تكاد تخنقها : يمه أقصد يا خالتي ليش سويتي فيني كذا ؟.
سلمى تصفق بيديها بسخرية :شاطره فهمتي الدرس بسرعة وعرفتي إني موب أمك وثانياً هذا
جزاءك عشان ما تدخلين في اللي ما يخصك ..
في هذه اللحظة سمعت نداء والدها .. وتحركت للخارج ..
أمل بحزن : رغم كل اللي حصل أحبكم ,, مع السلامة .
سلمى بشماتة واستهزاء : هه مع السلامة .
تقدمت أمل إلى الباب الخارجي فرأت والدها مع شخص آخر يتحدثان وأيقنت أنه زوجها ..
لم تلتفت إليه ..سمعت والدها يتحدث فرفعت رأسها ..
أبو أمل : هذي يا سعود أمل وصلتك ..
هز سعود رأسه ... وأتم والدها كلامه موجهاً لها الكلام .. وأنتي من اليوم ورايح مابي
أشوفك ولا حتى أسمع حسك زوجك هو أهلك وإنسي إن لك أبو..
هزت أمل رأسها بقلة حيلة ودموعها قد أغرقت غطائها ..
استغرب سعود طريقة والد أمل معها في الكلام ولم يعلق على الأمر وأمسك بيد أمل ومشى
معها إلى سيارته وهي ما تزال ملتفتة إلى والدها الواقف بصمت أمام الباب ورأت لمعة على
خده في الظلام فأيقنت أنها دمعة في اللحظة التي جلست في مقعد السيارة فانفجرت بالبكاء ...
************************
أسماء : أمل يا هو وين رحتي ..
أمل ابتسمت بحزن : ولا مكان سرحت شوي .. إيش كنتي تقولين .
أسماء : سلامتك بس خذي هذا رقمي إذا احتجتي أي شي أنا في الخدمة .
أمل بامتنان : تسلمين يا عمري ... والتفتت إلى ليلى وابتسمت لها .. ليلى ماني عارفه
كيف أشكرك على وقوفك معايه وأتمنى أرد لك جميلك ..
قاطعتها ليلى وقد هلت عبراتها : لا تقولي كذا إنتي أغلى من أخواتي على قلبي وخذي
...مدت بورقة بها أرقام .. أرقامي وأرقام أخواتي ,, لا تقطعينا ... وحضنتها وبكت الاثنتان ..
أسماء بدموع وقد رسمت ابتسامة مزيفة : إيش الفلم الهندي هذا ,, وضحكت ...
ضحكتا أمل و ليلى وسط الدموع ..
ودعتهما أمل ونزلت معهما إلى المشغل ومدت مفاتيح الملحق للعنود ..
أمل : مشكوره العنود وما قصرتي معي لسنتين كاملة .. جزاك الله خير.
تغير وجه العنود ولاحظت أمل وكل الموجودات ذلك ..
ودعت هيفاء التي بادلتها باحتضان حميم ..وصافحت منار التي مدت يدها من بعيد ..
ألقت نظرة أخيرة عليهم وتوجهت إلى ليلى التي كانت تحمل إبراهيم وأخذته منها
وخرجت قائلة بصوت سمعه الجميع : أستودعكن الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم ...
وسمعت بعض الأصوات يردون : استودعناك الله ..
**************************
عندما خرجت من المشغل مشت قليلا باتجاه الشارع العام مرت بجانبها سيارة فخمة عرفت
أنها سيارة زوج العنود وتذكرت كلمة قالتها العنود العام الماضي وهي تتحدث مع إحدى
العميلات : (أي مكان أبي أروحه يقولي روحي مع السواق إلا المشغل يصر أنه يوديني هو بنفسه) .
وجالت ذكراها لذلك اليوم ولم يمض على عملها لا أسبوعان عندما جاء إلى المشغل وطرق الباب
وبعلمها لن يطرق الباب إلا النساء وفتحت الباب وكانت بلا حجاب وعندما رأته أغلقت الباب
في وجهه ..تذكرت تعنيف العنود لها ذلك اليوم لأنها لم تتأكد من الشاشة التي أمام الباب
ومنذ ذلك اليوم وهي تكرهها رغم أنها بغير قصدها ..
*****
رأت أن السيارة عادت متوجهة إليها وابتعدت عن طرف الرصيف وما هي إلا لحظات
حتى أوقف سيارته بمحاذاتها وأنزل زجاج السيارة ..
زوج العنود (بدر) : أمل تعالي إركبي .
تفاجأت بأنه عرفها وردت عليه بصوت قوي : بأي صفه أركب معك .
أعجب بردها وكبرت في عينه : اعتبريني تاكسي واركبي .
أمل باعتراض : ومن قال لك إني باركب تاكسي , يلا توكل , الله يستر عليك .. أسرعت
في مشيها وهو مازال يلاحقها .. تأففت منه ووقفت ..
أمل بعصبية : نعم مالك نيه تبعد عني ياخي استح على شيبتك عيالك قدهم كبري وأنت
تلاحقني ما تخاف ربي يردها لبناتك .
صدم بدر من قولها فهو ليس بذلك الكبر أما أبنائه ليسو كبار مثلها : أنا ما في نيتي أي شر
وأنتي أكيد عمرك فوق العشرين يعني يناسب أتزوجك وبعدين عيالي أكبر واحد عمره تسعطش سنه .
ذهلت أمل من عرضه من جهة ومن كلامه من جهة أخرى وتكلمت بضعف: إبعد عني الله يخليك
إيش تبي بمطلقه ومعاها ولد ولساتها مادخلت الثمنطعش وأهلها ما يبونها .. وإبتعت عنه
هو تأثر من كلامها وأشفق عليها أنها مازالت صغيره على ما تعانيه ولكنه نصيبها وانطلق بعيد
عنها عائدا إلى حيث زوجته وأقسم ألا يفكر مرة أخرى بها ودعا لها بالفرج ..
بدر [43] : رجل أعمال وثري تزوج العنود منذ 20 عام .
********
أما هي فأكملت مسيرها وحيدة بلا مأوى .. تعددت الطرق أمامها فسلكت طريق البحث عن الأمل
ولكنه كان كالصحراء تتجمع فيها المخاطر من كل الجهات أملاً في الخروج فكلما خرجت من
طريق دخلت في الآخر ووجدت نفسها أخيراً (تائهة على طريق الأمل ) ..


مشـــيت وحدي في هآلدنيآ . . وأنآ كلي أمــــل مقتــــول
أعيش الحزن من صغري . . وأطير فـعآلمي المجهول
أحــب ألعب على العــآلمـ . . وأخبي جــرحي المجنـــون
أخـآف الناس تــدري بــهـ . . وبــكرهـ تصير تحــكي بــهـ


نشيد مشيت وحدي ** للمنشد عبد الله الزاهرني
*****************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الثالث ـــــــــــــــــــــة
******************************


سبحان الله وبحمده
في هذا الجزء ستنكشف بعض الأسرار بالإضافة إلى الكثير من الذكريات

&< ~^((الجزء الرابع))^~ >&

~[(ذكريات جسدها الألم)]~

تقدمت إلى الباب الحديدي ذو الصباغ الجديد وهي
مترددة تقدم رجل وتأخر أخرى خاآآئفة من أن
يعيد التاريخ نفسه ويحدث لها ما حدث في
الماضي رفعت رأسها إلى المنزل ولاحظت التغير
الملحوظ في المنزل الذي سكنته أربعة عشر عاماً
فأصبح كأنه ليس هو من حيث البناء أو الأصباغ ولو
لم تسأل لما تمكنت من معرفته .. تلفتت إلى
الشوارع المرصوفة والأبنية المجددة وكأنها ليست
القرية التي زارتها منذ سنتين فقط ..
تنهدت بحرقه ولا تعلم ما ينتظرها خلف الباب
ألقت نظرة على طفلها الذي تحمله ووجدته يلعب
بكرته الصغيرة .. انتبهت لصوت فتح قفل البابورفعت
رأسها و ارتجفت مما تراه .. الرجل الماثل أمامها
ليس والدها بل شبح والدها وتذكرت أنه كان
أفضل حالاً قبل ما يقارب السنتين ..
*****

قبل سنتين ..

عندما طردت من منزلها أمام أعين الناس تناقلوا
ما حدث وعندما رجعت لمنزل والدها الذي
أحتضنها رضيعة ثم طفلة ثم مراهقة وأبعدت عن
عنوه وهاهي تعود له ولا تعلم أيرحب بها أم لا ..
طرقت الباب بيد مرتجفة وبعد دقائق فتح الباب
وكان الواقف أمامها والدها أصبح هزيلاً شاحب
الوجه ..ألقت التحية فعرفها ..
أبو أمل : خير إيش جابك بعد سواد وجهك ..
أمل بعبرة مكتومة : يبه والله ظلم , ظلم .. وبكت ..
أبو أمل بغضب : أقول أنا ما قلتلك إنسي إن لك أبو ..
في هذه اللحظة ظهرت سلمى من خلف الباب ..
سلمى بحقد : خير تبلين روحك وتجين ترمين
بلاك علينا روحي دوري عن إللي غلطتي معه و
روحي عنده , وقالها إبراهيم قبل إنسي إن لك أبو
يلااا بلي ما يحفظك..
تفجرت عبرات أمل و أغرقت غطائها وتمسكت
بيدي والدها : الله يخليك يبه أنا بنتك تربيتك
مستحيل أسوي كذا ..يبه لا تظلمني والله حرام
أنا مظلومة .. يبه وين أروح مالي أحد في الدنيا
غيرك تخليني لمين ... استمرت تنشج ببكاء يقطع
نياط القلب ..سحب والدها يديه وجرته سلمى
للداخل وأغلقا الباب تاركا خلفه فتاة لم تبلغ
السادسة عشر من عمرها تواجه الحياة وحيدة
وتحمل في أحشائها جنيناً لا تعلم ما مصيره في الحياة ..
****
سمعت صوت والدها يسأل باستغراب عن
هويتها .. فكشفت الغطاء عن وجهها فرأت في
الحال قد تغير وجهه وامتقع لونه وبدا عليه الضيق
الشديد..
أمل ببحة من أثر كتم العبرات : يبه أنا أمل .
أبو أمل بصوت حاد لا يخلوا من نبرة الضعف : نــــــــــعم ليش رجعتي
أنا ما قلت لك لا ترجعين مره ثانيه ..
أمل بتردد : يـ..بــ..ـه وين أروح .
أبو أمل : اللي كنتي عنده السنين هاذي روحي عنده .
أمل : بســ
أبو أمل بقسوة : لا بس ولا شي يلا إنقلعي ..
أمل بترجي : يبه شوف هذا ولدي إبراهيم شوف يبه ياخذ من شكل أبوه ..
توجه أبو أمل بنظره إلى إبراهيم الذي يلعب ولا
يعلم ما يجري حوله .. وانفرجت أساريره للحظة
لكنه ما إن تذكر أم الطفل كشر بوجهه وأعرض
عنها مولياً إياها ظهره وأمسك بيد الباب يريد
إغلاقه ولكنها أسرعت وأمسكت يده ..
أمل ببكاء : الله يخليك يبه لا ترميني لكلاب البشر
مره ثانيه .. يبه أنا عشت فالشارع سته شهور
بدون بيت .. فشهقت بألم لمرور تلك الذكرى
المؤلمة من حياتها .. يبه تخيل .. شهقت مرة
أخرى .. تخيل آكل من الزبايل وأعيش في العماير
المهجورة وأنا خايفه من ذياب البشر .. مسحت
دموعها المنهمرة من خديها وعادت مرة أخرى ..
يبه أمشي بين الناس وأنا حامل في الشهور
الأخيرة واسمع الناس تقذفني وتسبني و تتكلم
في شرفي يرضيك يبه هذا الشيء .. جلست فلم
تعد تقوى على الوقوف من كبر الهم في صدرها
ووضعت يديها على وجهها وأكملت نحيبها
وسمعت في هذه اللحظة صوت إقفال الباب
ونهضت لتكمل مسيرها ولكن لا تعلم إلى أين ..
وفي داخل المنزل ..
جلس أبو أمل في ركن الصالة يبكي وينتحب
كالأطفال لا يعلم سبباً لذلك سوى أنه يريد إبنته
ولكنه لا يستطيع أن يتحمل وجودها .. وطبع في
ذاكرته صورة إبراهيم الصغير وابتسم بين دموعه ..
كل هذا حدث أمام نظر سلمى وهي تحمد الله
في سرها على نعمة العقل و ابتسمت بانتصار
عندما تذكرت ما دار بين أمل وأبيها .
عند أمـــــل ~
سارت بصمت بين المنازل وقد تعبت من المسير
وقد تكالبت عليها الأمور فهي منذ الليلة الفائتة
وهي تمشي حتى تصل لمنزل والدها وهي لم
تذق طعم النوم بالإضافة إلى أنها جائعة وكذلك
طفلها أرهق من حمله تارة ومشيه على الأقدام
تارة أخرى وقد لاحظت التعب على وجهه .. تلفتت
يمنة ويسره لترى مكاناً تأوي إليه من حرارة
شمس الظهيرة فوجدت إحدى العمائر المبنية
حديثاً .. تقدمت منها بتردد من أن يكون بها
عمال .. دخلت وتلفتت فلم ترى أحدا فجلست
وفتحت حقيبتها وأخرجت مفرش قطني وفرشته
وأجلست ابنها عليه ومدت له بعلبة من العصير
بعد أن أدخلت الماصة بها فشربها وهو بعينين
نصف مغمضتين ضحكت على شكله ..
بعد أن ارتوى مد لها الباقي : ماما ألاس .
أمل : شبعت .
هز إبراهيم رأسه إيجابا وقد غلبه النعاس فنام ..
أما هي شربت الباقي وحمدت الله على نعمته
وتذكرت أن في إفريقيا قد يمضي على الشخص
ثلاثة أيام ولم يذق طعم الأكل ولا الشراب .. ومن
خير من سيد البشر صلى الله عليه وسلم الذي
ربط الحجر على بطنه من شدة الجوع .. سالت
دمعتها وغفت على أفكارها ..
استيقظت على صوت أذان العصر وسمعت أصوات
رجال يقتربون فنهضت مسرعة وحملت طفلها
وكذلك حقيبتها وخرجت من الجهة الأخرى ولا
تعلم أين يسيرها قدرها ..
******
دخلت مسجد النساء بعد أن أخفت حقيبتها
وتوضأت ثم صلت وجلست لتكمل أذكارها وكان
ولدها يلعب بالكرة ويتحدث مع نفسه كعادة
الصغار وضحكت عليه وتذكرة كلمة واحدة دائما
تتردد عليها [ما شاء الله ولدك عاقل] نعم هو كذلك
عند الناس فهي عودته أن يكون هادئ أما أمامها
تخرج كل مواهبه وشقاوته في اللعب .. تذكرت
ليلى وأسماء السهرات التي يقضينها وتمنت أن
تعود تلك الأيام .. تنهدت في نفسها واستغفرت
وحدثت نفسها "الحين وين أروح قبل سنتين
ساعدتني نهى وأمها الله يذكرهم بالخير" وغرقت
مرة أخرى بأفكارها وذكرياتها ..
*****
بعد ولادتها بإبراهيم لم تجد من يساعدها ويحمل
عنها همها فلم تجد سبيل إلا أن تتصل بنهى ..
اتصلت أمل على نهى من تلفون المستشفى : ألو السلام عليكم .
نهى بحذر : وعليكم السلام .. مين معي .
أمل بوهن : معك أمل ولا نسيتيني .. قالت الأخيره بمرح مصطنع .
نهى بفرحة غامره : أمل حياتي وينك كذا مره
اختفيتي وما سمعت عنك أي شي .. بكت ..والله
سألت عنك جيرانكم وقالوا لي كلام ما صدقته
عنك دورت فكل مكان لكن ما عرفت لك أثر ..
أمل بكت هي الأخرى : والله ظروف صعبه مرت علي ما يعلم بها إلا الله .
نهي بصوت مبحوح من أثر البكاء : أمول عمري إيش فيه صوتك تعبان .
أمل : أنا في المستشفى ولــ
قاطعتها نهى بخوف : أمل قولي لي إيش فيك ؟
حصلك شي ؟ وأنتي فأي مستشفى الحين؟..
ضحكت أمل من كلام نهى السريع : الله كل هذي
أسئلة تبيني أجاوب عليها ..شوفي يا ستي أنا
ولدت وجبت هيمو صغنون أما المستشفى ما
اعرف أسمه لحظة .. مرت بالقرب من السرير
ممرضة آسيوية سألتها .. إيش إسم هذا مستشفى ؟..
الممرضة : مستشفى الـ....... , وذهبت .
فتحت عينيها أمل عندما سمعت اسم
المستشفى فهو من المستشفيات الكبيرة التي
تكلف الكثير من المال ونسيت التي تنتظر على
خط الهاتف وتذكرتها ..
أمل : سمعتيها إيش تقول , ياربي إيش جابني
لهذا المستشفى كيف بدفع التكاليف .. وبكت ..
حزنت نهى عليها : خلاص أنا باجي لك مع أمي ونطلعك ..
أمل : لالا , لا تكلفون على نفسكم باتصرف أنا .. وترددت .. بس
لاحظت نهى ترددها : قولي أمل أنا تستحين مني نسيتي أحنا خوات ..
أمل : الله لا يحرمني منك .. بس تقدرون تاخذوني
عندكم بس أرتاح يومين لين ألقى مكان لي.
نهي بمودة نابعة من القلب : يا شيخة العين أوسع لك من الدار .
أمل : تسلمين . . مع السلامة .
نهى : مع السلامة ..
*****
أحست بطفلها يشد لباسها وجهت نظرها له
ورأته يؤشر لها بأن الطفلة أخذت كرته إبتسمت
للطفلة ونادتها وقبلتها على خدها وسألتها ..
أمل بابتسامة حنونه : إيش اسمك ياحلوه .
الطفله بحياء : ساره ..
إختفت إبتسامتها وهيج هذا الاسم عواطفها
وانتبهت لولدها ينظر للطفلة بغيره ولاحظت أنها
مازالت ممسكة بها ..فكت يدها وأجلستهما ..
أمل : يلا إلعبوا مع بعض طيب .
رد الاثنان : تيب .
وعادت مرة أخرى لتسبح في ذكرياتها الأليمة
وتذكرت كلمة لسلمى سمعتها يوماً (حلفت
لأمحي بسمت أمك لكن ماتت قبل ما أحقق
حلفتي لكني بحققها فيك يا بنت سويره)
حدثت نفسها"حققتي كلامك يا سلمى لكن الله على الظالم وين ما راح"
سمعت أذان المغرب جددت وضوئها وأنتبهت أن
ولدها نام في مكانه محتضن كرته بعد أن غادرت الطفلة ..
**********************
سمعت صوت طالب علم يلقي محاضرة بعد أن
سلم الإمام من الصلاة وأنصتت لما يقول كان
حديثه عن الابتلاء وعظيم أجر من صبر عليه
ودمعت عيناها عندما ذكر قصة نبي الله أيوب وقوة
إيمانه وصبره على الابتلاء لثمانية عشر عاماً فلم
يبقى له مالاً ولا أولاداً وحتى الأصحاب هجروه ولم
يتبقى له من يجالسه إلا زوجته وصاحبان له ولما
طال بلائه تناقل الناس أن أيوب لم يبتليه الله إلا
لذنب أذنبه فذكر له صاحباه ذلك فقال : اللهم إن
كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعان وأنا أعلم
مكان جائع ,فصدقني , فصدق من السماء وهما
يسمعان ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم يكن
لي قميصان قط وأنا أعلم مكان عار, فصدقني ,
فصدق من السماء وهما يسمعان , ثم خر
ساجداً فقال: اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبداً
حتى تكشف عني فما رفع رأسه حتى كشف عنه.
وعرج على قصة يونس عليه السلام وصبره على
العيش في بطن الحوت لأربعين يوماً وقد أحاطت
به ثلاث ظلمات ومع هذا لم يتذمر بل كان من
المسبحين وكان يردد (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) ..
ومن أكثر ابتلاء من سيد الرسل محمد صلى الله
عليه وسلم فقد ابتلي وصبر وأكثر بلاء نزل به أن
أبعدوه عن أرضه التي يحب .. فالله در الصابرين ..
وأنشد طالب العلم بصوت شجي :
يا صاحب الهم إن الهم منفرج ........ابشر بخير فان الفارج الله
إذا بليت فثق بالله وارض به.......إن الذي يكشف البلوى هوالله
اليأس يقطع أحيانا بصاحبه ...........لا تيأسن فان الفارج الله
الله حسبك مما عذت منه به.........وأين امنع ممن حسبه الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة..........لا تجزعن فان الكافي الله
والله مالك غير الله من احد .......فحسبك الله في كل لك الله
الحمد لله شكرا لا شريك له........ما سرع الخير جدا حين يشا الله
تأثرت أمل كثيرا بالكلام وعندما سمعت ما أنشده
انفجرت تبكي وتنشج وتحاول كتم بكائها عن
النساء الجالسات ولكن هيهات أن تخفى العبرات
وكانت شهقاتها ترتفع رغماً عنها اقتربت منها
امرأة مسنة وحضنها ومسحت على ظهرها بحنان
أمومي لم تتذوق له مثيلاً في حياتها ..
بعد لحظات هدأت ورفعت رأسها من حضن المرأة وابتسمت لها بامتنان ..
أمل بابتسامة ذابلة : مشكوره خالتي .. وقبلتها على رأسها ..
المرأة العجوز : الله يسلمتس يا بنيتي عسى ما شر تانسين شي يمه ..
أمل : لا يا خالتي بس تذكرت أمي اللي ماتت .. ودمعت عيناها ..
مسحت العجوز دموع أمل بحنان لا نظير له : الله يرحمها وكلنا على هذا الطريق يمتس ..
أمل : الله يطول بعمرك .. وأدارت رأسها فوجدت
طفلها متمسك بها وخائف من بكائها ..إيش فيك
حبيبي يلا قوم سلم على جده على راسها ..
قام الصغير متردد وهو ينظر لأمه تارة وتارة ينظر
لوجه المرأة العجوز الذي يشع نوراً وحناناً .. وقف
أمامها وسلم على رأسها وقامت العجوز بلف
ذراعيها على الصغير وحضنته بحنان وأجلسته في حجرها ..
المرأة العجوز : هذا ولدتس يمه .
أمل : إيه يا خالتي .
المرأة العجوز : طيب يمكن أبوه ينتظركم برا ..
أنزلت أمل رأسها بحزن : لا يا خالتي أبوه مطلقني .
العجوز بفزع : أووه عسى ما شر والله إنتس زينت البنات .
أمل : ظلمني و أتهمني بشرفي يا خالتي .
أمسكت المرأة العجوز بيد أمل : يا بنتي قولي سالفتس لي وطلعي الهم اللي بقلبتس .
أمل باحترام : طيب يا خالتي بس نصلي العشاء شوي ويقيم و أقول لك قصتي .
المرأة العجوز : قومي نتجدد .
نهضت أمل بسرعة وأمسكت بيد العجوز وقادتها
إلى الحمام (تكرمون ) وتوضأتا ثم صليا العشاء مع
الإمام وبعد انتهائهما من الأذكار جلسا في زاوية
المسجد ولم يتبقى من النساء إلا اثنتين كانتا
على وشك الخروج بعد أن تأكدت من خروجهما
بدأت أمل في الكلام ..
أمل : يا خالتي سالفتي يمكن ما حد يصدقها لكن صدقيني والله إنها حصلت لي ..
المرأة العجوز :قولي والله إني مصدقتس قبل ما تتكلمين .
أمل بعبرة مخنوقة : يا خالتي أنا أبوي زوجني وأنا
لسه ما دخلت أربعطعش سنه لواحد حق شراب
وبنات والله العالم بالمستور ولما زوجني موب كره
فيني لكنه يقول ما يقدر يستحمل يشوف
وجهي..تنهدت ثم أكمل .. قالي لما يخرج برا
يتمنى يجلس ويسولف معي ولما يشوف وجهي يكرهني ..
المرأة العجوز بذعر : والله إن أبوتس مفرق عنتس بسحر .
أمل باستغراب : كيف يعني ..
المرأة العجوز : يعني حد سحره عشان يفرقتس عنه .
أمل بذهول لحظتها تذكرت حب أبوها الشديد
لزوجته وربطت الأمر : كيييف؟ يعني عشان كذا
يكرهني ..بتردد ..طيب هو يحب زوجته مرره ولا يخالف شورها أبد .
فهمت العجوز ما حصل : أها والله العالم يابنتي إنها فرقته عنتس و جلبته لها ..
أمل بحزن : الله على الظالم يا خالتي الله على الظالم ..
المرأة العجوز : لا تدعين يا بنتي ما يصير هذي زوجة أبوتس بحسبة أمتس.
أمل باعتراض : لا يا خالتي عمري ما شفت منها
اهتمام أو حب .. حتى طليقي يصير ولد خالها وأبوي ما رفضه عشانها ..
تنهدت العجوز : استغفر الله .. طيب كملي وإيش صار لتس بعدها ..
أمل بحزن : آآآآهـ يا خالتي , لما جا ياخذني أبوي
قالي خلاص ما أرجع البيت ولا يشوف وجهي
أبد .. ودمعت عيناها .. وأخذني معه وعشت عنده
ياخالتي سنه وثلاث شهور وأنا أسمع أصوات
السكارى في الليل والنهار وما كنت أشوفه أبد
من المدرسة لين غرفتي أقفل على نفسي ولا
أخرج من الغرفة لا في الليل ولا في النهار أبد لأن
السكارى يدورون في البيت وخفت بالذات أنا كنت
صغيره لين جاء ذاك اليوم ..
تذكرت ذلك اليوم حيث تجسد الألم وتكون في
أبهى حلله واكتسى رداء السواد والظلم ..
قبل سنتين ونصف ..
الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ..
كانت جائعة وظمأى فهي اليوم لم تأكل بسبب
المذاكرة لاختبار الفترة الثانية وغدا يكون آخر
اختبار في المرحلة الأولى من الثانوية عندما
وصلت بتفكيرها لهذه النقطة ابتسمت وتلاشت
ابتسامتها عندما أصدر بطنها صوتاً يدل على
الجوع وحدثت نفسها "ياربي مررره
جوعانه ..وضعت أذنها على الباب فلم تسمع
أصوات الموسيقى الصاخبة ولا صوت أحد يتجول
فأكملت تحدث نفسها ..الظاهر اليوم سهرتهم في
الاستراحة يا الله أتوكل على الله وبروح آكل يعني
إيش بيصير " تقدمت بثقة مصطنعة أمام الباب
فتحت القفل وتلاشت ثقتها عندما خطت خارج
الغرفة كانت تريد أن تعود إلى الغرفة ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان
/\
/\
/\
رأت سعود وقد كان ثملاً يترنح ويضحك وقف أمامها
مباشرة ثم أمسكا بقميصها وأصبح يتحدث بصوت خامل من أثر المسكر ..
سعود : اللاااااه عندي هنا كيكه حلوووووووووه مين إنتي ها .
حاولت أن تفلت من يده ولكنه كان ممسكاً بها
بإحكام بل أمسك بيده الأخرى ذراعها وشد بقوة .
أمل بخوف وبهمس : بعد عني .

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات