رواية بين الامل والالم اسطورة -21
ثم دخلت لغرفتها التي خصصها لها أبو أمل ..
أما أمل فتساقطت دمعاتها من الظلم والقهر من هذه المرأة الظالمة ودعت في سرها قائلة "يارب أنصرني عليها
هي سعود ياااااااارب وأوقعهم فشر أعمالهم " وهي تخفي في نفسها إشمئزازاً من هذه المرأة القذرة ونهضت
تتوضأ وتصلي ليبعد الله عنها همها وبعد أن أكملت صلاتها جلست تنتظر النتيجة لخطتها والتي جاءت النتيجة كما
تمنت .
***
: الدكتور طارق ينتظرك فالمكتب تفضل .
: شكراً .
السكرتير برسمية : العفو .
تقدم الرجل إلى الباب وطرقه ثم دخل بهدوء بمشيته الواثقة وألقى التحية ووقف له طارق وصافحة ثم جلس
بمقابله وبعد السؤال عن الأحوال وتقديم الضيافة له سأله طارق برسمية : بإيش أقدر أخدمك ؟؟
رد الرجل المقابل له : أنا بصراحة جاي بموضوع شخصي ..وعندما رأى الإستغراب على وجهه قال يبرر.. أنت
صحيح ما تعرفني لكن راح أوضح لك كل شيء بس أتمنى تسمعني للآخر وما تقاطعني وبإذن الله ما راح آخذ من
وقتك كثير .
هز طارق رأسه بإحترام وقال بهدوء : إن شاء الله تفضل قول إللي عند يا أخ ..
قال الرجل بتوضيح : خالد معك خالد الـ.....
طارق بترحيب : والنعم .
رد خالد : ما عليك زود ..صمت لحظة وأكمل بتوضيح وبهدوء حتى لا يثير أعصاب طارق المتحفزة .. زوجتك .
نهض طارق من مقعده بعنف وجحضت عيناه بغضب وحينما بدأ بالتكلم قاطعه خالد وهو يقول بمحاولة خاسرة
لتهدأت مستضيفه ذو الأعصاب الثائرة : طارق لو سمحت أجلس ممكن تسمعني وبعدين أحكم أرجوك .
جلس طارق وقال بغضب ومرارة جلية : إيش تبيني أسمع عن خيــــ ..
قاطعه خالد بصرامة : لا إلا هالشيء مستحيل زوجتك تسويه وخذها مني زوجتك بريئة براءة الذيب من دم يوسف
..وأكمل بهدوء ليجيب على نظرات الشك التي يرمقه بها .. أسمع القصة وأنت الحكم .
أومأ طارق بالإيجاب على مضض .
وقال خالد بهدوء يحكي له ما جرى : أتصلت زوجتك على زوجتي تطلب منها تساعدها بخطة تكشف خطة سعود
وتظهر برائتها لك وحكت لها إللي قاله سعود لك وكانت محتاجة رجال يساعدها للخطة فلجأت لنا ولأني بصراحة
أكن لأمل إحترام وتقدير فحبيت أساعدها لما حكت لي زوجتي القصة وطريقة الخطة ..نظر له فوجد تساؤل في
عيني طارق فقال خالد مكملاً .. أكيد بتسأل كيف أعرفها صح ؟؟ ..هز له طارق رأسه بإيجاب فرد الآخر .. لما كانت
زوجتك تشتغل في المشغل كانت زوجتي المشرفة عليها وكمان أهتمت بولدها لما كانت تنشغل وكنا جيران فنفس
عمارة المشغل وأأكد لك أني في السنتين اللي عاشتها عندنا عمري ما شفت عليها أي غلط بالعكس كانت محترمة
ولا تكلم الرجال إلا للظرورة القصوى ..إبتسم وأكمل .. خرجت عن الموضوع الأساسي ..تنهد واستغفر بهمس ثم
أكمل .. المهم نفذنا الخطة اللي قالتها لنا والحمد لله نجحت أسمع وأحكم ..أخرج من جيب ثوبه جهاز تسجيل عالي
الدقة وفتح المقطع المطلوب وأنطلقت الأصوات التي ميزها طارق بسهولة والتي كانت زوجته هي محور الحديث
فيها تصاعد الغضب في طارق وأحمرت عيناه من الغضب وأشتدت قبضته حتى ابيضت سلاميات أصابعة
ووتواصل الحديث حتى توقف عند كلام خالد الذي قال فيه.. "لا أبد بالعكس هي تستاهل لأنها خدعتك وراحت
لغيرك وأنا معك وما راح أخونك فسرك ولا تشك أني ما عجبني كلامك بالعكس بس أنا تعبان وودي أروح أرتاح
فالبيت " ..أحرج لحظتها خالد وقال مبرراً بأسف .. آسف على هالكلام بس لازم ما أوضح له شيء حتى ما تنكشف
خطتنا .
قال طارق بهدوء مناقض للغضب المشتعل به ومخلوط بندم على ما فعل : لا ما عليك معذور ومشكور على خدمتك
اللي سويتها لنا ..أخفض رأسه وتكلم بما يعتمر صدره من ندم .. بس إللي سويته بأمل ما ينغفر أتمنى إنها
تسامحني .
رد عليه الآخر بهدوء : تأسف منها وبين لها موقفك وهي طيبة بإذن الله راح تسامحك ..في ذات اللحظة إنطلق
صوت هاتف طارق معلن عن وصول رسالة فتحها بعجل فنظر مشدوهاً مما قرأ بها وبقي جامداً للحظات لولا أن
نبهه خالد وهو يقول : طارق إيش فيك عسى ما شر .
مد طارق هاتفه لخالد بجمود ووضع يديه على وجهه بينما الآخر قرأ محتوى الرسالة بصوت منخفض وواضح :
"أكيد الحين عرفت إني بريئة من كل اللي قاله سعود عني وقلتها لك راح أثبت لك هالشيء بدون ما أتكلم وبعدها
إيش قلت لك مستحيل أرجع لك عشان كذا طلقـــــــــــني يا طـــــــارق بهدوء وبدون مشاكل أنتظر ورقتي" ..وبعد
أن أكمل قراءة محتوى الرسالة نظر لطارق بشفقة وأكمل بهدوء ينبهه .. طارق ..أنزل يديه ولكنه ما زال مخفض
النظر أكمل الآخر .. لا تيأس حاول فيها لما تقتنع ..ونهض وهو يقول .. وإلحين أستأذن ..مد يده مصافحاً فمد
الآخر يده وبابتسامة ميته لا روح فيها وأكمل خالد .. نتقابل على خير إن شاء الله مع السلامة .
همس الأخر مودعاً : مع السلامة .
********
منذ أن نهضت في الصباح وهي تشعر بإرهاق ودوار بالإضافة شعورها بموجات من الإستفراغ فعزت ذلك للحالة
النفسية التي تمر بها فقررت ألا تذهب للمدرسة اليوم وقد قررت ذلك سلفاً وزاد أمر هذا التعب المفاجئ بإصرارها
وأخبرت والدها عن رغبتها بالتغيب فعذرها عندما شاهد إصفرار وجهها وبعد أن أفطر والدها وذهب لعمله ذهبت
لغرفتها وتمددت وهي تشعر وكأنها تتقلب على الجمر من التوتر والتعب النفسي والجسمي ولم تستطع النوم بل
بقيت تفكر فيما سيحدث بعد الخطة .
وعندما أصبحت الساعة العاشرة و النصف إتصلت ليلى لتخبرها أن خالد متواجد عند طارق فشكرتها أمل بجزل
ودعت لها بالذرية الصالحة وودعتها .. أنتظرت لنصف ساعة ثم أمسكت بهاتفها وكتبت الرسالة وأرسلتها قبل أن
تتردد .
بعد مدة إتصلت بها نهى لتسألها عن ما جرى وأخبرتها عن خالد وتنفيذه لما طلب منه سألتها نهى : طيب طارق
ما أتصل عليك .
أجابتها أمل ببرود : لا ما اتصل أنا أرسلت له رسالة قلت فيها إللي أبيه منه .
نهى باستغراب : رسالة إيش كتبتي فيها ؟؟
أمل بذات البرود : لما أقفل منك برسلها لك .
نهى وهي مستغربة من برود أمل فقالت متسائلة : أمل إيش فيك أحسك مو طبيعية ؟؟
قالت أمل بهدوء : لا ما فيه شيء بس شوي تعبانه إذا حسيت أني أحسن راح أكلمك .
نهى : خلاص روحي إرتاحي ,لا تنسين الرسالة ..قالت الأخيرة مذكرة .. مع السلامة .
أمل بهدوء : إن شاء الله , مع السلامة ..وأغلقت السماعة ثم أرسلت الرسالة لنهى وجعلت الهاتف في وضع
صامت وتمددت في محاولة للنوم وهي ترى هاتفها تتوالى عليه المكالمات مرة من نهى ومرة من ليلى وهي لن
ترد عليهم حتى لا تسمع كلمات التأنيب فيكفيها وجع قلبها الذي توسل باستماته لألا ترسل تلك الكلمات لطارق
ولكنها لم تسمع له بل سمعت لصوت عقلها المتمرد .
**********
**********
مرت عدت أيام إنهالت عليها الإتصالات والرسائل من طارق ولكنها لم تجب عليه وكذلك تكررت الزيارات من
شادن وشهد اللاتي أرسلهما طارق حتى تعود معهما ولكنها كانت ترد عليهما بغموض بأنها ستفكر في الأمر ثم
ترد عليهما وتتجاهل الأمر عمداً أما نهى وليلى فبررت لهما فعلتها باقتضاب بأنه أمر غير قابل للنقاش وهما
احترمتا خصوصيتها .
من جانب آخر ..
غادر سعود ورفقته إلى امريكا بعد أن نفذ لسلمى مطلبها والتي ستتم هذه الليله حيث استأذنت من أبو أمل بالذهاب
لوالدتها فأذن لها بحسن نية فذهبت لمنزل سعود واستعدت للقاء أبو سالم الرجل الخمسيني الثري والتي كانت
دائما تحاول جذب إنتباهه حتى تجني منه أموالاً طائلة ولكنها لم تفلح ولكن بواسطة سعود تم لها هذا الأمر بعد أن
أهبت نفسها لمجيئه ولما وصل قابلته بفرح وأخذت تتقرب منه حتى وقعا في المحظور وكأنهما مراهقين وليسا
راشدين تعديا مرحلة إكتمال العقل بمراحل ..
أحست سلمى بأصوات وربكة في الخارج فشكت بالأمر جمعت ملابسها بسرعة وفرت هاربة وأختبأت في مكان
بعيد عن العيون بينما كان أبو سالم بالحمام "كُرمتم" وعندما خرج تفاجأ برجال الهيئة المتحلقين به فأمسكوه
وهو يصرخ : فكوني فكوني أنا أبوسالم ما أحد يمسكني كذا .
لم يبالوا بكلامه وجروه كالنعاج بكل ذل وإهانة لأنه يستحق هذه المعاملة .
وعندما غادروا من المكان بعد أن فتشوه فلم يجدوا أحداً أنطلقت السيارة ووصلوا للمركز وبعد التحقيق أخبرهم
بأن سلمى هي شريكته وعندما أخبرهم بكافة المعلومات عنها أرسلوا من يأتي بها من منزل زوجها أما أبو سالم
فبسبب نفوذه وللأسف خرج من القضية كما تخرج الشعرة من العجين .
وصل أفراد الهيئة الموكلون بإحضار سلمى إلى منزل أبو أمل فطرقوا الباب وبسبب تأخر الوقت فقد ذهب أبو أمل
للنوم ولم تزل أمل مستيقضة سألت من خلف الباب عن هوية الطارق فأجابوها بأنهم الهيئة ففزعت وتملكها
الخوف وذهبت لوالدها وأوقضته وأخبرته بمن عند الباب فلبس لباسه على عجل وأمرها أن تذهب لغرفتها وعندما
خرج لهم وبعد التحية سألهم بوجل : إيش السالفة ؟؟
أجاب أحدهم : إحنا موكلين من الهيئة نبحث عن زوجتك سلمى .
استغرب ورد عليهم : بس هي موب هنا ..وسألهم بتردد ..إيش سوت ؟؟
أجاب ذات الشخص : راح تعرف كل شيء فالمركز بس لازم نفتش البيت يمكن تخبت فيه .
قال لهم أبو أمل بجدية : طيب لحظة ..دخل المنزل وأمر أمل أن تلبس عباءتها وتلحق به فأطاعتها وذهبت له
وألتصقت به من الخلف لتحتمي به وقال لهم أن يبدأو التفتيش ولما رأو أمل سألوها من أنتِ ..
أجابت بصوت خائف ومتوتر وهي تلتصق أكثر بوالدها : أنا أمل إبراهيم الـ.....
نظر الرجال لوالدها فهز رأسه موافقاً : هذي بنتي .
ففتشوا المنزل بدقة ولم يجدوا سلمى فامروا أبو أمل أن يحضر معهم ليكمل الإجراءات اللازمة فذهب بعد أن تأكد
من إغلاق المنزل جيداً .
في مكتب الهيئة بعد أن حكوا له ما حدث من سلمى إكتسى وجهه الجمود والخذلان معاً فهو يعلم عن حالها وأكثر
من مرة عاقبها ولكنها لا تُردع فوقع تعهداً خطياً بأنه إذا وجدها يأتي بها إلى هنا حتى ينفذ لها حكم الرجم .
وعاد للمنزل وهو يحمل هماً آخر غير هم إبنته التي مازالت غاضبة من زوجها لسبب يجهله , دخل المنزل ووجد
إبنته تترقبه بخوف وعندما سألته عن الأمر أجابها بقصه لها عن القصة فأحست بمدى هم والدها وغضبه فقالت
تسأله : يبه وإيش راح تسوي معها ؟؟
فأجابها بغموض وهو يقف ليذهب لغرفة نومه : إن شاء الله بكرة تشوفين إيش أسوي ..وغاب داخل غرفته..
أما أمل فنهضت وهي حيرى من والدها وحانقة من فعل سلمى التي لم تحترم سنها وتتوقف عن أعمالها المشينة ,
دلفت لحجرة نومها وتمددت على فراشها وهي تفكر بكل ما جرى وكان كل تفكيرها منصب لطارق الذي لم يكلف
نفسه عناء ترضيتها والإعتذار بل أرسل من يتوسطون عنه وهذا لا يدل إلا على أمر واحد وهو أنه لا يهتم لأمرها
ولا يحبهــــــــــــــااا .
**********
في الصباح
ذهب والدها لعمله وذهبت هي لمدرستها رغم ما ألم بها من تعب وإرهاق لا تعلم مصدره وعندما التقيا في الظهيرة
وعلى الغداء ساد الصمت للحظات حتى قطعه والدها وهو يقول بلامبالاة : طلقـــت سلمى من المحكمة اليوم .
نظرت أمل لوالدها مذهولة وهي تكاد ترقص فرحاً بسبب تخلص والدها من سلمى فلم تعلم بماذا ترد عليه فأجاب
عنها الصمت وأطبق على المكان للحظات حتى قال والدها بجدية : أفتكيت من سلمى وهمها بقي إلحين أعرف إيش
المشكلة بينك وبين طارق إحترمت صمتك وما حبيت أتدخل لكنكم زودتوها وصراحة أنا موب راضي على هذا
الوضع .
نظرت لوالدها وهي صامته لم تستطع الرد وعندما لم تجيب قال لها بتبرير:أفهميني يا بنتي ترا ما قلت هذا الكلام
لاني تثاقلت وجودك بالعكس أنا أشوف فيك أمك اللي فقدتها بس كمان ما أبي تطول المشكلة بينك وبين زوجك و
تجفى القلوب ترا يا بنتي إللي بعيد عن العين بعيد عن القلب .
ضحكت هازلة في نفسها وهي تحدث نفسها "هه يعني هو حبني أصلاً عمره ما حبني ولو بس حمل لي أي شعور
طيب ما كان سوا إللي سواه بس يا يبه خل الطابق مستور" ولم تترك والدها بدون إجابة بل قالت بهدوء يشوبه
الحزن : يا يبه هو من يوم جيت هنا ما زارني ولا حاول يراضيني يعني أنا أروح أرمي نفسي عليه , ترضاها لي
يبه ..قالت الأخيرة بعتب..
رد والدها بحب : لا والله حاشاك يا بنتي بس أنتي ما وضحتي لي المشكلة عشان أساعدك نحلها .
قالت له بتملص : المشكلة إنحلت بيننا بس هو ما جاء لي بس يرسل أخواته أو يدق ويرسل رسايل بس ..وقالت
وهي تنهض من السفرة وتبعها والدها في النهوض وهو يتمتم بالحمد لله وأكملت تقول .. إذا فكر يجي لي راح
نتفاهم بإذن الله بس لا تصعب الأمر علي يا يبه .
رد والدها يدعو لها : الله يوفقك يابنتي ويصلح ما بينكم .
تمتمت بهمس وهي تغادر الصالة : آمين .
*******
في نفس الوقت ولكنه ليلاً في أمريكا ..
دخل سعود ورفاقة لأحد دور الرذيلة في تلك البلاد المتحرر من كل القيم السامية وفي مدينة لاس فيغاس المشهورة
بإسم "مدينة الرذيلة" دخلو وهم مشدوهين مما يروا ,النساء بكل الأصناف والشراب بشتى الألوان والرجال
والنساء السكارى متقاذفون بكل الجهات , فغروا أفواههم مدهوشين مما يروا فلم يلبثوا أن إنظموا إليهم يرقصون
ويشربون حتى ثملوا وكل واحد إنشغل , فمنهم من يرقص بتمايل وهو في قمة السكر وآخر يراقص فتاة أما سعود
فالتصقت به إحدى الغواني ولازمته وأغوته حتى سلبته ماله وعقله وجرته لأذيال الخطيئة بعد أن حرر لها شيكاً به
مبلغاً كبيراً من المال وأدخلته إحدى أوكار ذلك الدار وبعد إنغماسهم في الخطايا وودعته وهو نائم بعد أن كتبت له
رسالة ووضعتها في محفظته وغادرت , أما أصحابه فثملوا وناموا أماكنهم كالبهائم , وفي الصباح أستيقضوا
وتجمعوا ليذهبوا لشقتهم وبينما هم سائرون إذ أخرج سعود محفظته ليشتري علبة من السجائر فوجد بها رسالة
مكتوبة بالإنجليزية قرأها ولكن لم يفهم معناها فطلب من رفاقه أن يوضحوها له فقرأها أحدهم بصوت واضح قائلا
: "welcome to the world of AIDS" ..نظر له برعب وقال له بتلعثم وارتباك .. معناها "أهلاً وسهلاً بك
في عالم الإيدز"
تطلعوا له برعب وقد تجمدوا بوقفتهم أما سعود فأصابه الهلع ووقف كالتمثال الشمع لا يتنفس ولايتكلم وينظر
للفراغ بعينين ملؤها الدموع المتجمدة مثله تماماً بقي على هذا الحال حتى أحس بالفراغ من حوله فتلفت فلم يجد
أحداً من أصحابه بل هربوا جميعاً فذابت الدموع المتجمدة في عينيه وأصبحت أنهاراً .
********
بعد صلاة العصر ..
إستقبلت أمل مكالمة من أم طارق تخبرها بزيارتها لها ولم تمضي سوى نصف ساعة إلا حضرت فرحبت بها أمل
وضيفتها وعندما سألتها أم طارق عن سلمى أخبرتها أن والدها قد طلقها فلم تأسف عليها لأنها ليست أهلاً لذلك
ومضت الجلسة بهدوء تتخللها مواضيع متنوعة وعندما أستأذنت في الخروج أتاها والدها يخبرها أن طارق يريد
رؤيتها فقالت لوالدها بعتاب محب : يبه أنت قلت له يجي ؟؟
قال أبوها مدفعاً : لا والله يابنتي هو جاء مع أمه وأبوه عشان يعتذرون روحوا أهله وهو جلس قال يبي يكلمك
تعالي يابنتي تفاهمي معه الله يرضى عليك ..وقال وهو يغادر .. أنا رايح مشوار وأبي أسمع الأخبار الزينة ..وابتسم
لها وقال .. مع السلامة .
تمتمت بــ "مع السلامة " ونظرت لهندامها فوجدت أنه مقبول نوعاً ما دخلت غرفتها وأمسكت بعطرها فلم
تستسيغ رائحته رغم أنه عطرها المفضل فأمسكت بآخر فقبلت رائحته تعطرت منه وهي تحاول أن تهديء ضربات
قلبها الذي يوشك على النفور من سجنة أخذت تتنفس ببطئ لعلها تهدأ وكان لها ذلك فظهرت بمظهر واثق وعيناها
تلمعان بتصميم وثقة , دخلت وألقت عليه التحية فرد عليها وجلست في مكان مواجه له وبعيداً عنه حتى لا يسمع
ضربات قلبها التي أعلنت الهيجان من جديد وعندما وقعت عينيها على جسده الشامخ توقف الكلام في حنجرتها
معلناً الرفض والإستسلام فغرق المجلس في صمت لدقائق حسبتها ساعات وهي تنظر لكل شيء إلا عينيه ولما
طال الصمت قطعه طارق قائلاً بهدوء : أمل كيف حالك ؟؟
أجابت أمل بجمود وهي لا تنظر إليه : الحمد لله , كيفك أنت ؟؟
أجابها بذات الهدوء : الحمد لله بخير ..صمت للحظة وأكمل يسأل بجدية .. ليش ماكنت تردين على مكالماتي
ورسايلي ؟؟
حانت اللحظة التي تنظرت أمل لعينيه وقالت بهدوء وتصميم ترد على سؤاله بسؤال آخر : وليش أرد عليك ؟؟ ..
وأكملت بلا مبالاة وهي تبعد عينيها للجهة الأخرى .. أظن كلامي واضح فالرسالة إللي أرسلتها لك ..وسألته .. ولا
لا ؟
أحست بحرارة نظراته التي أطلقها عليها دون أن تراها بل شعرت بها وبعد ثوانٍ أجاب بحدة : لا موب واضحة أبد
أنتي قررتي من نفسك أنك تبين الطلاق لكن أنا لاااا ..قال الأخيرة بحدة أكثر..
نظرت أمل لعينيه بغضب وهي تتكلم من بين أسنانها : إيش بقي تسويه شككت بشرفي و ... صمتت ليفهم مغزاها
ثم أكملت .. وجبتني لبيت أبوي ولا فكرت تسأل عني وتجي لي إلا لما مرضت وكنت راح أموت وياليته حصــ ..
أطبقت يد حنونه على فمها لتمنعها من مواصلة كلامها والتقت عينيها الدامعتين بعينيه القريبتين منها فصمتت ..
قال بصوت حنون بعد أن أبعد يده وجلس بقربها : لا أمل الله يعطيك طولة العمر لا تتمنين الموت .
إبتعدت قليلاً عنه وهي تقول بهدوء وتساؤل : ومين راح يهتم؟؟ ..وهي تقصده بكلامها ففهم قصدها وإلتمعت
عينيه ..
أجابها بحنان وهو يعدد : ليش نسيتي أبوك وأبوي وأمي وأخواتي ..سألها وهو يتفحص وجهها .. ليش ذول موب
مهمين عندك .
صرخت بداخلها "ما أحد مهم لي مثلك ليش أنا موب مهمة عندك ليش ؟؟" ولكنها أجابت وهي تنظر لأي شيء
سوى عينيه : كلهم مهمين عندي ويسوون عيوني إللي أشوف بها .
قال بهدوء : طيب .
نظرت له مستغربة وتساءلت : ويش هو إللي طيب ؟؟
قال بنظرات ثابتة ومصممة : نروح بيتنا .
نظرت له باستغراب وقالت بجفاء : مين كذب عليك وقال لك إني مسامحتك أو حتى إني بروح معك هه ..ضحكت
بهزل وأكملت .. لا ما برجع معك وأنت حتى ما كلفت نفسك تعتذر أو تبين موقفك وياليت وقفت على كذا لا أرسلت
أخواتك يقولون لي أرجع لك ..ونظرت له وكبريائها تلح عليها أن ترفض العودة له أماقلبها وآهـ من قلبها الذي
تمرد عليها وأصر أن تسامحه ولكن عقلها وكبريائها أبت إلا الصمود في وجهه فقالت له وهي مسترسلة في
النزاعات الداخلية التي شتتها .. لها الدرجة مالي قيمة عندك بعد أسبوع جاي تقول لي ببرود نروح بيتنا ..قالت
بحدة .. لا يا طارق ماراح أرجع لك بعد الذل اللي شفته منك عشان كذا لا تتعب نفسك وتتعبني معك الطريق مسدود
بيننا ولا تنسى أنك أنت قلت لي قبل هالكلمة وجا دوري أقولها لك ..ونظرت له بقوة ظاهرة وهي تخفي جروحها
المثخنة بالألم والدموع ..
صدم طارق لقوتها الهشة التي ظهرت له وكأنها قوة ثابتة وبعد صمت طويل قال بمحاولة أخيرة لإرضائها : طــيب
لو قلت لك ..وهو ينظر لعينيها بغموض أكمل .. إذا الرجال اللي ساعدك يوم ولادتك بولدك إبراهيم هو ..صمت
لحظة وهي تتقلب بين الخوف الذي هجم عليها عندما نطق حرف طــ فخافت أن يقول كلمة الطلاق فهدأ خوفها
عندما أكمل كلامه وهجم الحنين لذكرى إبنها ولم يلبث أن ثار الترقب لمعرفة الشخص الذي تكن له العرفان لإنقاذ
حياتها وولدها وحينما طال الصمت منه وزاد الترقب رفعت بصرها له ورأت عينيه تتأجج بلمعان غريب وعندما
إلتقت نظراتهما أكمل طارق كلامه .. الشخص هو أنــــا .
تفاجأت واضطربت لدرجة أنها فتحت عينيها وهي تنظر له بذهول إستمرت لدقائق ثم تحول الذهول لعدم تصديق
وقالت له مشككة : وتتوقع إني بصدقك هه ..ضحكت بهزل وأكملت بجدية .. يمكن إستغليت كلامي إللي قلته لك
وقلت أضحك عليها وهي وش يدريها به ما شافته ولا حتى تقدر تميزه .
صدم لأنها لم تصدقة وهو الذي يثق به الرجال ويُعتمد عليه بشتى الصعاب فقال لها بجدية بعد أن تمالك من
صدمته : أأكد لك إني ما أكذب عليك وإذا تبيني أثبت لك هالشي أنا مستعد ..مازال الشك يعتمر في نفسها وعينيها
تفضحه فهزت رأسها إيجاباً تريد ما يثبت كلامه فأمسك بهاتفه وضرب بخفة وسرعة عليه ثم وضعه على أذنيه
وبدأ يتحدث للطرف الآخر والذي سمعت بأن أسمه أبو نايف فبعد التحية والترحيب وضع الهاتف على المايكروفون
وسأل الطرف الآخر .. يا أبو نايف تذكر المرأة اللي جات المستشفى قبل أكثر من سنتين وكانت راح تولد ورفضت
تدخلها ؟؟
أجاب أبو نايف الذي تذكرت أمل صوته بسبب كثرة ترجيها له آن ذاك ورفضه لطلبها وسمعته يقول : إيه تذكرتها
أنا شكيت بأمرها لأنها صغيرة وخفت تسبب مشكلة للمستشفى و ..آلم كلامه أمل وجرحها بالصميم فكلامه تشكيك
علني بها وظهر الألم على قسماتها ولاحظها طارق فقاطع إسترسال الرجل بالكلام ..
وقال له طارق بارتباك : لحظة , مين إللي دخلها للمستشفى وخرجها منه ؟؟
فأجاب أبو نايف باستغراب : ليش تسأل يادكتور ؟؟
قال له طارق بنفاذ صبر : أنت قول وبعدين أفهمك .
قال الآخر بذات الإستغراب : أنت يادكتور إللي دخلتها وخرجتها وخفـــ ..قاطعه طارق للمرة الثانية وهو يشكره ثم
ودعه بعجل ونظر لأمل التي مازال يرى نظرات الشك تنفذ من عينيها ..
قال وهو غير متأكد من تصديقها له : صدقتي ولا لسى تبين إثبات ثاني ؟؟
قالت له وهي متشكك من كلامه :طيب يمكن إتفقت معه على هالكلام .
هز رأسه وقد نفذ صبره منها وقال بمحاولة أخيرة وهو يدافع موجة غضب تكاد تظهر فتحرق كل ما أمامه وقال :
طيب وإذا قلت لك إنك قلتي لي لما دخلتك "الله يخلي لك أهلك وزوجتك وعيالك ويدخلك الجنه بغير حساب "
تذكرينها ولا لا .
كانت شبه مصدقة لكلامه وحين قال لها عن دعوتها التي لم تحدثه عنها صدقت وأعتمر الفرح قلبها لأنها تمكنت
من معرفة من له جميل عليها والتي عاهدت نفسها بأن تنفذ له أي رغبة يرغب ولكن توترت عندما نظرت لطارق
الذي ينظر لها بعينين متفحصة وقالت له بتلعثم : طــ .. طيب خلا .. خلاص صدقتك بس ..صمتت تحيك في نفسها
صيغة الكلمات التي ستقولها له وبعد لحظات قالت وهي تتمالك من توترها .. أنا قبل قلت إذا عرفت إللي ساعدني
وطلب أي شيء مني ما راح أتردد بخدمته وعشان كذا ..نظرت له بهدوء وجدية .. أطلب يا طارق إللي تبي وما راح أردك بإذن الله .
********
********
بعد شهر ..
*عادت الحياة بين أمل وطارق كما كانت ولكن يغلفها البرود من طارق والصد من أمل التي لم تنسى جراحها منه
رغم فرحتها بحملها الذي تبينته بعد أسبوع من عودتها لطارق والذي عبر عن فرحته بهذا الخبر بابتسامة باردة
وصمت , وهي الآن تستعد للإختبارات النهائية بعد أن إجتازت الفصل الاول بنسبة عالية ..
*أما عائلة عمها أبو طارق فلم يحدث أي حدث خلال الشهر سوى الحفلة التي أعدتها أم طارق بمناسبة عودة أمل
لإبنها ..
*أما شادن وشهد فكل واحدة منشغلة بعائلتها مع إستمرار زيارتهما لمنزل والديهما .
*نهى منشغلة بدراستها فقط .
*والد أمل يستعد اليوم لحفل ملكة وزواج بسيط على ريم والتي جمعت بينهما أمل بعد أن أحست بوحدة والدها
فعرضت عليه ريم فوافق عليها بعد لائحة طويلة من المدائح ثم أخبرت ريم برغبة والدها فوافقت بعد إستخارة
واستشارة .
*سلمى لا أحد يعلم أين هي .
*سعود بعد أن عاد مع رفاقة الذين يتهربون منه كأنه مجروب أثر ذلك في نفسيته فحبس نفسه في منزله البارد
بعد أن كانت تقام به الليالي الحُمر والرذائل أصبح مأوى لمريض لا يرجى شفاؤه إلا بإذن الله واكتشف أن شركته
تعرضت للإفلاس بعد المبلغ الذي دفعه للغانية وبعد أسبوعين زاراه وليد وسلمان وأعربا له عن رغبتهما في
الإعتذار لطارق عن كذبتهما الشنيعة في حقه وحق زوجته فبكى سعود ندماً على ما فعل وقال لهما أن يقولا له عن
مدى ندمه لفعلته وأنه يعتذر منه وعندما ذهبا له واعترفا بفعلتهما غضب وهاج عليهما وسألهما عن سبب
إعترافهما الآن بالذات أخبراه عن سعود وما أصابه وعن حالته وعن ندمه على ما فعل فأضمر طارق نفسه أنها
ربما تكون"دعوة مظلوم أصابت ظالم" وأخبرهما أن يعجلا به للحجر الصحي فتم ذلك رغم رفض سعود لذلك
وعصيانه ولكن كيف سيقاومهم .
*********
بعد أن أكملت هي ونهى وشادن مساعدة والدة ريم جلسن مع ريم المتوترة والتي كانت تحت يدين المزينة وكن
يسلينها قليلا وبعد نصف ساعة ذهبتا شادن ونهى لمنزلهما حتى تستعدا أما أمل فجلست معها وهي تنظر لها
بصمت فرضته المزينه عليهما ولما طال الصمت سرحت وهي تبتسم بحالمية وتتذكر توصيات طارق لها قبل أن
تأتي لريم ربما كان يغلف كلماته البرود لكن يظهر الإهتمام من عينيه وهو يوصيها قائلاً "أمل لا تتحركين كثير
وتجهدين نفسك إبعدي عن أي شيء يضرك و لا تشيلين شيء ثقيل طيب " ثم ردت عليه حينها وهي تبتسم وتتدلع
"ليش كل هالتوصيات هذا خوف علي ولا على إللي ببطني ؟؟" نظر لها لحظتها بنظرة لا تنساها وقال وهو يغادر
المكان "كلكم".
تنبهت من سرحانها على صوت ضحكات شادن وريم اللاتي ينظرن لها بمكر إحمر وجهها من نظراتهم وزاد عندما
قالت شادن اللتي لم تشعر أمل بحضورها : إللي ما خذ عقلك هههههه أكييييد أخوي صح .
وضحكن عليها أكثر وهي تأخذ المخدات الصغيرة وترميها عليهن وهي تشعر بالخجل منهن .
إنقضت مراسم العقد ثم الحفل البسيط وبعد ذهاب الضيوف دخل والد أمل بهيبته وهو يلبس البشت الأسود وتزين
لحيته شعرات بيضاء زادته وقاراً وهيبة , تقدم للمجلس الذي تجلس به ريم بفستانها الفيروزي المخصر على
جسدها الصغير والتي بدت فيه رائعة وقف أمامها وحياها ثم مد يده لها وهي بدورها مدت يدها وصافحها ثم قبل
جبينها ثم جلس جوارها وهو يبتسم لإبنته التي تبدو في غاية الفرح وبعد مضي دقائق ألبسها طقم ناعم من الذهب
وجلسا قليلا ثم قال لها بأن تستعد ليغادرا لمنزلهم الذي أعيد ترميمه وصباغته وتأثيثه بمساعدة أمل وعندما ركبا
السيارة أنطلقت بهما السيارة ولم تمضي سوى دقائق حتى رن هاتفها وإذا به طارق يستحثها هي وأمه على
الخروج حتى يغادروا .
يتبع ,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك