رواية بين الامل والالم اسطورة -19

رواية بين الامل والالم - غرام

رواية بين الامل والالم اسطورة -19

ردت أمل بمرح تحاول به إبعاد الحزن المخيم عليه : أفااا إذا شادن ملح أنا إيش أصير .
نظر لها طارق وهو يستعد لدخول الحمام (كُرمتم) و يبتسم بغموض : أنتي السكر والحلا كله ..وأغلق الباب خلفه تاركها مصدومة بل متجمدة من الصدمة ولم تنتبه من صدمتها إلا عندما توقف صوت إندفاع الماء فتحركت وهي تكاد تذوب من الخجل وعندما خرج لم تنظر لعيني طارق بل كانت تعطيه ملابسه وتعطره وهي لا تنظر لعينيه أبداً حتى سمعت ضحكته فنظرت له بغرابه ومازال وجهها يكسوه إحمرار الخجل فازدا ضحكه وقال وهو يدافع الضحك : أنتبهي لا تموتين من الحيا كل هذا الخجل عشان كلمه خلاص هههههه يا كلمة ردي مكانك ههههههااي .
نظرت له بغضب وهي تضع يمينها على خصرها وتهتز باصطناع وهي تقاوم البسمة التي رسمت رغم عنها على شفاتها وقالت بدلع لائق : لاااا والله .
ابتسم بغموض وأقترب منها وهو يقول : قسم بالله إنك طفله وأحلى طفله كمان .
********
مضى أسبوع سافرت خلاله شادن لعدة أيام وعادت ليلة العيد ومضى العيد أكثر بهجة من السابق وقد زادت علاقة أمل بطارق توطداً وأكثر ألفه ولكن لم يكشف أحد منهما مشاعره للآخر بل بقية أسيرة الغموض والكتمان .
مضى أسبوع آخر وعادت فيه أمل وشادن لمقاعد الدراسة ولكن هناك أمر عكر صفو حياة أمل وهو الحلم المزعج الذي تكرر لليالٍ وكأنه يلح عليها أن تنتبه .
***
في أحد أوكار الرذيلة ..
في منزل سعود ..
مكان جمع أنواع الفسوق والرذائل المختلفة وأصبح يباع فيه الجسد بأبخس الأثمان ويشرب فيه السُكـــر كالماء الزلال .. مكان يظهر شياطين البشر بأجساد بشرية تجتمع على الشر وتفترق عليه ..وفي إحدى زواياه ..
جلس سعود وإثنين من أعوانه الذين تجمعوا على مخطط شيطاني ويتناقشون ليحبكوا نسيجه بعد لحظات ظهرت سلمى التي كانت تسير وهي تتلفت خوفاً من أن يتبعها أحد وعندما أستقرت جالسة قرب المجموعة الشيطانية خلعت حجابها وعباءتها وهي تقول بسرعة : جبت لكم الرقم بس قبل أبي كاس .
نهض أحد المجموعة وغاب للحظات وعاد بكأس من الخمر ومده لها .
فتناولته وهي تقول : أوووه جيت بسرعه خفت أن إبراهيم يشوفني وما أدري إيش يفكني منه هالمره لما شافني المره اللي فاتت أخذ البيت مني ما أدري المره هذي لو شافني إيش يصير .
لم يهتم أحد بكلامها بل بادرها سعود طالباً بخبث : يلا هاتي الرقم .
مدت له بورقة كُتب فيها رقم وكانت نظرات الخبث تطل من أعينهم وضغط سعود الرقم ورفع الهاتف لأذنه وهو يقول : السلام عليكم ..
وعملوا عمل أبناء وخدام الشيطان في دمار البيوت وقد أغفلوا أن ربهم يتطلع على أعمالهم والله يمهل ولا يهمل .
*****
في ذات الوقت ...
في منزل أبو طارق ...
أتت شادن وعبد الرحمن لزيارتهم وعادت البهجة للمنزل وجلس الجميع يتسامرون بفرحة وجذل وحتى شذى أصبحت أكثر مرحاً وقد كانت هادئة جداً عندما غابت شادن وبعد أن تناول الجميع وجبة العشاء إجتمعت الأسرة في الصالة بعد أن ذهب عبد الرحمن وهم يتبادلون الأحاديث المرحة والتعليقات المحرجة حتى أرتفع صوت رنين هاتف طارق فصمت الجميع حتى يستطيع الرد وهو بدوره رفع هاتفه بعد أن ضغط زر الرد وهو يقول بهدوء : ألووو .. عليكم السلام ، نعم أخوي بإيش أخدمك .. طيب مين أنت كيف أقابلك وأنا ما أعرفك .. ظهر الغضب على قسمات وجهه وأكمل بهدوء مسيطر .. ليش إيش سوت ؟ ..نظر له الجميع مستفهمين ولم يهتم بنظراتهم بل نهض وهو يلوح بالذهاب وغادر المكان وهو يقول .. طيب وين أقابلك ؟ .. أممممم إيه أعرفه ربع ساعه وأنا عندك .
وغاب صوته مع صوت إغلاق الباب .
نظر الجميع ببعضهم قليلاً ثم أكملوا أحاديثهم ببعض التوتر والذي كان لأمل النصيب الأكبر منه .
وعند الساعة الثانية عشر إلا ربع دخلت أمل لجناحها بعد أن تفرق الجميع بعد ذهاب شادن ومع مضي الوقت أصبحت قلقة على غياب طارق أكثر فهو لا يحب السهر .. رتبت الغرفة وعطرتها وأستبدلت لباسها وسرحت شعرها وتركته يستريح على ظهرها كانت تفعل كل هذا وهي تكاد تحترق من القلق عليه وعندما تعدت الساعة الثانية عشر بربع ساعة سمعت صوت فتح وإغلاق الباب بقوة تدل على غضب صاحبها فتقدمت لباب غرفة النوم وفتحته فوجدت نفسها في مواجهة طارق والذي تطلق عينيه حمماً من غضبه مناقضاً لمظهره البارد الثلجي تسمرت عينيها في عينيه فرأت خلف الغضب أمراً أخافها بل أرعبها وأحست بيديه التي وضعهما على كتفيها بقوة وشد عليهما حتى أحست بألم إنغراس أظافره في لحم كتفيها فأحست بالذعر وأطلقت تأوهاً مكتوماً وهي تقول برجاء : طارق فكني آلمتني .. فزاد الضغط حتى شعرت بألم لا يحتمل وتبعه سيلان خطوط دافئة بللت لباسها فانطلق دموعها وهي تتوسله بهمس باكي .. طارق الله يخليك فكني آآآآه ..أخيراً أطلقها ولكن ليس ليرحمها بل .. حملها بعنف وألقاها كقومة من القذارة على السرير وهو يقول بغضب : خـــــاينه فـــــا... .
****
تكومت على الأرض قرب السرير وهي تنتحب بألم مــــوجــــع حد المــــوت فما حدث في الماضي عـــاد وبألــــم أعمـــــق وجراااح أكثر وذل بلغ أعمـــــاااق الروح وتجذر بهــــا وقاسمهما المشترك (سُكر العقل) فالأول أسكر عقله الخمر والآخـــــر أسكر عقله الغــــــضب ولكن لماااااذا هو غاضب ؟سؤال يتردد بإزعاج في نفسها لما هو غاضب ولماذا نعتها بالخـــــائنة وهي لم تلتفت لغيره والله يعلم صدقها وكأن طارق سمع تساؤلاتها وحيرتها فقال بصيغة أمر واشمئزاز ظهر في صوته : يالخــــاينة قومي لا تقعدين تتباكين عندي وتمثلين دور البريئة وأنتي حية سامة أحقر منك ما فيه أنا بروح أصلي الفجر وأجي أحصلك جهزتي ملابسك وأغراضك بوصلك لبيت أبوك ..وبأمر صارخ .. قوووومي .
نهضت بألم وتثاقل وهي تلملم بقايا كرامتها وقالت بصوت جرحته مرارت البكاء : والله ما خنتك لا تتبلى علي .
صرخ بغضب : لا تحلفين بالله الله أشرف من أنك تحلفين به أنت وحده بايعه شرفها وأنا مالي حاجه فيك بعد اليوم خلااااص أكتفيت منك ..وخرج صافقاً بالباب بقوة وعنف فانهارت أمل بالبكاء مرة أخرى .
عندما عاد وجدها تجلس بالصالة ووضعت حقيبتها التي أتت بها إلى هذا المنزل وها هي تعود بها وهي تحمل في يدها شيءً لم يتبينه فنهضت وهو تقول بتردد وبصوت أبح : أممم ممكن أخذ الجوال ؟
نظر لها طارق بسخرية وهو يبتسم بازدراء : هه خذيه عشان تكلمين أصحابك ..وسار خارجاً من الجناح فلحقت به بعد أن ابتلعت الإهانه المرررره ..
توقف أمام البيت بعد صمت أطبق على نفسها وعندما تكلم قال بهدوء أخفى به أي أنفعال قد يظهر عليه : أخرجي أمل خلاص الطريق بيننا مسدود وما أقدر أستحمل فكرة خيانتك ..
قالت بسرعة وهي تبكي : والله ما خـــ
أسكتها بإشارة من يده وأكمل بذات الهدوء : خلاص أمل روحي أنتي طــ
********
أمام منظر بديع
وقفت
شدني جماله
وسحرني ألوانه
ولكنه منظر حزين حد الألــــم
أنه منظر غروب الشمس
حيث أكسى مغيبها البحر حلة كألسنة اللهب
وغطت أفق السماء بشفق أحمر كالذهب
فأصبحت لوحة جميلة المنظر
مؤلمة المخبر
تستمر لحظات
وتغيب مخلفة السواد المعتم
وليل مؤلم
على المرضى
والجرحى
والمهجورين من أحبابهم
فيطول ليلهم
ويزيد ألمهم
فهل سيزول الألم
بشروق شمس الأمل
أم ستستمر العجلة بالدوران
والألم والأمل متعاقبان
فأيقنت بأن الألم سيزول يوماً
والأمل ستشرق شمسه دوماً
فقلت بأعلى صوتي مستفهمه
أمام آخر لحظات الغروب
(متى ستشرق شمس الأمل ؟)
فأبتلعت أصوات الأمواج صوتي
ولم يتردد في الأفق سوى
كلــــــــــمة
الأمــــــل
الأمـــل
الأمـل


******************************
نهايــــــــــــــــ الجزء التاسع عشر ـــــــــــــــــــــة
******************************

&< ~^(( الجزء الأخير))^~ >&

~[(غاب الألــم وأشرقت شمس الأمـــل )]~


صرخت أمل بذعر : لااااا طااااارق لا تقولهااااا تأكد أول لا تظلمني الله يخليك ..وأجهشت ببكاك مـــؤلم ..
نظر لها بألم وقال بمراره : أمل خلاااص روحي أوعدك أفكر بســ ..صمت وترك كلامه معلق وأبعد نظره عنها
فشعرت بمدى رفضه لها هذه اللحظة فقالت بألم وهي تنزل من السيارة : مع السلامة .
ونزلت وهي تجر أذيال الخيبة والذل وهي تدلف لمنزل والدها .
******
: السلام عليكم
: ألووو .. عليكم السلام
: طارق ؟
طارق : نعم أخوي بإيش أخدمك
: ممكن أقابلك عندي موضوع مهم لازم أقوله لك .
طارق : طيب مين أنت كيف أقابلك وأنا ما أعرفك ؟
: معك سعود تعال قابلني إذا تبي تعرف حقيقة زوجتك إللي هي طليقتي .
تكلم طارق بهدوء : ليش إيش سوت ؟
سعود بخبث وهو ينظر لرفاقه : أنت قابلني وأقولك السالفه كلها .
طارق :طيب وين أقابلك ؟
سعود وهو يشير لأصحابه بعلامة النصر : كوفي الـ.... إللي بشارع الـ..... تعرفه .
طارق : أممممم إيه أعرفه ربع ساعه وأنا عندك .
***
على طاولة مستديرة جلس طارق بجبين مقطب يخفي به غضبه ويقابله ثلاثة شبان إثنان يظهر الخبث من قسمات
وجهيهما أما الآخر فيظهر الحزن والحنق المصطنع بإتقان عليه وبعد أن مضى بعض الوقت بصمت وأصبح كل
فرد أمامه كوب زجاجي به عصير ، بدأ الحديث طارق الذي سأم من الصمت بسؤال وجهه لسعود : نعم يا أخ سعود
إيش الموضوع بس لحظه ..وأشار لأصحاب سعود بمعنى أنه يستفسر عن سبب تواجدهما ..
سعود بتجاهل لإستفساره قال بنبرة حزينة مصطنعة : الموضوع أن أمل لما كنت متزوجها كانت لما تتأكد إني نمت
تخرج لأصحابي اللي يسهرون عندي و تلزق فيهم وهم ما يبون يقربون منها بس هي ما تتركهم وعلى هذا الحال
كل يوم وأنا ما كنت أدري بسواتها بس شكيت عشان كذا أتهمتها لما قالت لي إنها حامل ولما أثبت التحليل أن
إبراهيم ولدي حسيت أني ظلمتها وقلت برجعها بس هي خدعتني أتفقت معها ترجع لي بس تزوجتك عرفت أنها
ماهي سهله وأنها ما تغيرت ولما حكيت لأصحابي عن سواتها ..وهو يمرر عينيه لرفاقه..حكولي إيش كانت تسوي
قبل .
لم يظهر على طارق سوى البرود المناقض لنيران الغضب المتقدة بداخله والتي تظهر من عينيه التي تطلق حماماً
وبعد صمت قصير قال ببرود : طيب إيش اللي يثبت كلامك ؟
نظر سعود لطارق ثم لصاحبيه وقال بهدوء : هذولا أصحابي إسألهم إذا ما تصدق .
نظر طارق لهما مستفسراً فقال أحدهما بكذب : صحيح هذا الكلام أنا دايماً كنت أشوفها تجي بملابس فاضحه
وتحاول تغوي الرجال وسعود يكون نايم ولا يدري بشيء كنا نلمح له عنها بس هو كان ما يصدق فيها .
وتكلم الآخر مكملاً مسيرة الكذب : هددناها إنها بنعلم سعود عليها كانت تضحك علينا وتقول سعود واثق فيني .
أكمل سعود بحزن كاذب ككلامه : عشان كذا لما عرفت قلت أحذرك منها يمكن تعيد إللي صار قبل , بعد ما كنت
أبيها إلحين لو تنهد السما على الأرض ما أخذتها بعد ما عرفت سواتها .
بعد أن تأكد طارق من إكمال كلامهم قال بهدوء بارد وساخر : خلاص قلتم إللي عندكم جزاكم الله خير على
المعلومات اللي أعطيتوني إياها ..ونهض ببرود وسار خارجاً من الكوفي تتبعه نظرات الإستغراب التي تطل من
الجالسين ولو نظروا لعينيه لما شكوا في مدى الغضب المتقد به ..
***
استوى سعود بجلسته وهو يبتسم بخبث وانتصار من خطته التي آتت ثمارها رغم الإحباط الذي أصابه من ردت
فعل طارق ولكن مكالمة سلمى التي وصلته قبل دقائق أعلمته بمدى نجاح خطته وقال منتشياً بفرح : أخيراً إنتقمت
منك يا أمل أنا محد يخدعني ..وضحك بملء فيه .. ههههههههههاااي
دخل صاحبيه وهم ينظران له بغرابه فسألوه عن سبب ضحكه فرد عليهم : أبشركم خطتنا نجحت وبقوه بعد .
سأل أحدهم :
كيف عرفت وباين أمس طارق ما صدقنا ؟
سعود : كلمتني سلمى وعلمتني أن أمل جابها طارق عندهم مع أغراضها أكيد طلقها لأنها تبكي من أول ما جات
عندهم .
*******
دخل والدها غرفتها للمرة العاشرة منذ أتت وجلس بجوارها وهو يسألها بألم على حالها : أمل حبيبتي قولي إيش
سوى لك طارق قولي والله لأروح له بس تكلمي ،
هزت أمل رأسها بمعنى لا شيء وهي مستمرة في البكاء وقد انتفخت عينيها وأصبحت بلون الدم القاني وتكلمت
بصوت أبح ومختفي من كثرة البكاء وهي تبرر بوهن وألم : لا يبه طارق ما سوى شيء كل الموضوع حصلت
مشكلة بيننا وأختلفنا بســ
نظر لها والدها بشك وقال بهدوء : خلاص تفاهمي معه وإن شاء الله تحلون الإشكالية إللي بينكم ..ونهض مغادراً
وهو يقول .. الله يوفق بينكم ويهدي سركم ..وخرج..
سرحت أمل و راحت تحدث نفسها "ما أظنها يبه تنحل هذي المشكله ماااا أظن لكن الله كريم آآآآهـ يارب تنصرني
على من ظلمني" ..أغمضت عينيها تحاول أن تريح عينيها من البكاء ولكن هيهات فما أن أغمضت عينيها حتى
رُسم أمامها وجه طارق الغاضب عندما نعتها بــ (الخائنة) فزاد ألمها أضعافاً وأنسابت دموعها مرة أخرى ..
وأخذ قلبها ينبض بعنف عندما تذكرت معاملة طارق لها الليلة الماضية ولم تشعر بدخول سلمى والتي رأت حالها
ودموعها المنسابة على خديها كالشلال فضحكت بشماته عليها فنظرت لها أمل وتكلمت الأخرى بصوت تملأه
السخرية والشماته وهي مازالت تضحك : هه مسكينة يا أمل تركك زوجك بعد ما عرف حقيقتك يــــا ..توقفت عن
الكلام بمغزى ثم أطلقت ضحكة عالية..هههههههههه .
نظرت لها أمل بنظرة غاضبة كادت تقتلها وشكت كيف عرفت .
خافت سلمى من نظرت أمل فانسحبت بسرعة من الغرفة وهي تغطي خوفها بضحكة شامتة طـــــويلة وما إن
خرجت حتى أخذت الأفكار تدور ببال أمل وقالت تحدث نفسها "إيش عرفها سلمى وأنا ما تكلمت ولا حتى قلت لأحد
أن طارق تركني ما أدري أحس أن ورا كلامها شيء وشيء كبير كمان "
**********
**********
مرت أيام طويلة رجعت أمل لطبيعتها ولكن بتحفظ لم تنقطع إتصالاتها بأهل طارق الذين ما زالوا يسألون عن سبب
فراقها عن طارق ولكنـــ لا جواب هي نفسها لا تعلم سبب إنقلابه عليها ولم تسمع عنه أي أخبار في المقابل رجعت
علاقتها بنهى أكثر إرتباطاً وتبادلتا الزيارات وكانت تلازمها نهى في الجلسات النفسية عند الدكتورة ريم بعد أن
عادت حالتها كالسابق عقب ما حدث تلك الليلة فقد أنتكست حالتها من جديد وكانت عندما تذهب للمستشفى تحاول
أن تبتعد عن أماكن تواجد طارق فقد كانت تذهب للعيادة وتعود أدراجها بسرعة دون أن تلتقي به ، عادت للمدرسة
بعد إنقطاع أسبوع وأجتهدت بدراستها وكانت تلتقي بشادن كل يوم والتي كانت تلح عليها بالسؤال فتجيبها بأن
تسأل طارق فترد الأخرى بأنها تسأله ويكون جوابه الصمت ..
أما عن سلمى ..
علاقتها بها شبه منقطعة إلا من لحظات تعبر فيها عن كرهها لها ببث سمومها وتستفزها بضحكاتها الشامتة .
********
بعد مضي شهر ونصف ...
أستقلت أمل سيارة والدها وحيته بهدوء فرد عليها وصمتا إلى أن قالت له أن يذهب لمنزل نهى فسار في المنعطف
المؤدي له فقال لها والدها بهدوء : أمل يابنتي لين متى وأنتى على هالحال ليش ما تكلمين زوجك وتتفاهمين معه
؟؟
نظرت لوالدها بحزن وقالت بصوت مليء بالمرارة : موب يدي الشيء هذا يبه وما أقدر أدق عليه ما أقدر ..ونزلت
دموعها وهي تقول بصوت متحشجرج من البكاء ..صعب إني أرمي نفسي عليه وهو إللي تركني .
رد عليها والدها بحزن على حالها : يابنتي أنتي ما ترمين نفسك هذي حياتك ولازم تسعين لنجاحها ..صمت لحظات
ولم يجد رداً على كلامه فقال بتصميم .. أجل خلاص أنا راح أتفاهم معه .
أمل بفزع : لا يبه لا تروح له الله يخليك .
رد بجدية وبحدة : لا بروح وأشوف إيش إللي صار هذا الحال ما ينسكت عليه .
لم تستطع أمل أن ترد عليه بسبب دخول نهى السيارة وإبتلعت إعتراضاتها وسارت السيارة بصمت حتى نزلتا
للمستشفى وأنطلق والدها مبتعداً بسيارته , تحدثت مع نهى بهدوء وهما تسيران ذاهبتان إلى عيادة الدكتورة ريم
وكانت تخبرها عن قرار والدها فردت نهى تطمئنها وتشجعها أن هذا أفضل من الصمت والإنتظار بلا فائدة فسهت
أمل تفكر في الأيام السابقة والتي قضتها في بيت والدها حيث لازمها الألم من نبذ طارق لها بالإضافة إلى معاملة
سلمى لها وكذلك عودة الآلام والأحلام السابقة لها وهذا ما جعلها تعود لعيادة الدكتورة ريم منذ ما يقارب الشهر
والتي أوضحت لها أنها لا تتجاوب مع العلاج كالسابق وحفزتها على أن تتخطى محنتها وأن تساعد نفسها ولكنها
كانت محطمة كلياً وتذكرت وقوف نهى ووالدها معها وتشجيعهما الدائم لها وهي شاكرة لهما جهدهما والذي أثمر
بتحسن نفسيتها مؤخراً حتى قررت الدكتورة بأنها ستحتاج لجلستين فقط لتنتهي من العلاج .. إنتبهت لحظتها
عندما توقفتا أما باب العيادة جلست نهى بالخارج بينما دخلت أمل للدكتورة والتي رحبت بها بحفاوة في المقابل
أبتهجت أمل لشعورها بمدى الحب الذي تكنه هذه المرأة لها بدأت جلست العلاج وحالما إنتهت قالت د/ريم بابتسامة
: ما شاء الله اليوم أشوفك متجاوبة ، ياترى إيش السبب ؟؟ ..سألتها بمكر..
ابتسمت لها أمل بهدوء : لا ما في شيء بسـ ..أخفضت رأسها وتكلمت بخجل.. أبوي راح يكلم طارق اليوم ويتفاهم
معه .
إبتسمت الأخرى بمكر : أها السالفة فيها طارق قولي من الأول ..صمتت لحظة تفكر ثم سألتها بهدوء.. أمل من يوم
تركك ما شفتية ؟؟
نفت أمل بهزة من رأسها وارتسم الحزن على ملامحها عندما جالت ذكريات ذلك اليوم ..قاطعت ريم إسترسالها في
الذكريات وقالت لها سائلة.. تتوقعين لما تشوفينه راح يأثر عليك هالشيء ؟
أمل بحزن : ما أدري يمكن ما أتأثر لأنـــ لأنيـــ ..أكملت بغصة.. أحبـــة ومشتـــــاقة له ..وانسابت دموعها ثم
مسحتها وأكملت.. أنا ما أدري إيش الذنب اللي يعاقبني عليه وأنا واثقة من نفسي لكن مصير اللي متخبي يظهر .
تكلمت ريم بهدوء وجدية : أمل لا تصير شخصيتك ضعيفة وتبكين على أي شيء وكل شوي ، دمعتك غالية و لازم
ما تنزل إلا فلحظات صعبة حاولي أنك تعرفين إللي لك وإللي عليك بدون ضعف وتهاون ، ربي خلقك حره ما
تتركين الناس يستعبدون هالحرية إللي أعطاك إياها ويسيرونك على هواهم ولا تتركين مشاكلك بدون حل ,لا,
دوري عن سبب المشكلة أول شيء بعدين شوفي إيش الحلول المناسبة لها وإبعدي كل البعد التسيب وترك مشاكلك
للغير يحلونها لك لأنهم يمكن إذاحلوا مشكلة راح يوقعونك بمشكلة أكبر وهم غافلين ، أمل أتمنى توعين لكلامي
وتفهميه وحطيه حلق بإذنك فهمتي ؟؟
أمل بتفكير وكأنها تسجل كل ما قالته الدكتورة و تحاول أن تعيه ، هزت رأسها بإيجاب وهمست : فـــهــــمـــت ..
*******
خرجت لنهى بروح مرتفة وإبتسامة ومتفائلة للقادم تقدمت منها نهى ونظرت في عينيها ووجدتها تلمع بتفاؤل
وقالت لها بفرحة : ما شاء الله أشوف النفسيه اليوم عال العال .
ردت أمل برضى : الحمد لله ..كررت الأخرى ذات العبارة وأكملت أمل .. يلا مشينا .
شادن : بس موب كأنه بدري على موعد جيت أبوك .
نظرت أمل لساعتها للحظة وأكملت : لا بس تقريباً نص ساعة تعالي نروح إستراحة النساء لما يجي .
وافقتها الأخرى وسارتا باتجاه اللوبي ومنه إلى الإستراحة ولكنــــ

رأتــــــــــــه
توقفت عن السير
نظرت له مليا
التفتت لها نهى تستحثها على السير ولكنها لم تستجب لها فانتبهت لما تنظر له فرأت رجل طويل يلبس ثوب أبيض
وفوقه اللاب كوت ويضع على رأسه شماغ أحمر ولم يظهر من شكله شيء لأنه مولياً إياهما ظهره لم تتعرف نهى
عليه ولكن صاحبتها عرفته وارتجف قلبها لرؤيته وعرفت نهى هويته فلم يكن سوى طـــــــارق أحست نهى بها
ومدى شوقها للماثل أمامهما والذي لم ينتبه لهما ولكنــــــ

شعر بأحد ينظر إليه فالتفت
ورأهــــــا
عرف عينيها
والتصقت نظراتهما للحظات ثم تمالكت نفسها أبعدت عينيها ودخلت مع نهى للإستراحة جلستا بصمت لدقائق ثم
حاولت أن تدمجها نهى معها بمواضيع شتى ونجحت بذلك إلى أن إنشغلتا بتراسل المقاطع الصوتية بينهما وفيما
هي تبحث عن جهاز نهى وجدت أسمه (طــــارق) تأكدت أنه هو من خاصية الإقتران بين جهازيهما رفعت رأسها
لنهى المنشغلة بهاتفها وأخبرتها : نهووو تخيلي حصلت طارق من الأجهزه الموجودة .
نهى بحماس : جــــد يالله إرسلي له أي شيء .
أمل بحيرة : مثل إيش ؟
نهى بتفكير : أممممم ما أدري ..صمتت لحظة وأكملت.. أرسلي ملاحظة إسأليه عن سبب سواته فيك .
أمل تفكر وتحدث نفسها "ما تعرفين إلا الظاهر يا نهى وما تدرين إيش إللي مستور" فردت بهدوء : لا ما راح
أسأله راح أرسله أنشوده معبرة ..ضربت عدت ضربات على الأزرار أمام نظرات نهى المستغربة والتي تسائلت
بغرابة .. أنشودة !! إيش إسمها .
تأكدت أمل من تمام الإرسال وأجابت : إسمها عروق الوفاء .
********
في المقابل تفاجأ طارق برنة الرسالة في هاتفه المحمول فرأى أنها رسالة بلوتوث إستغرب فهو لم يقبل إستلام
رسالة تفحصها فوجدها مقطع صوتي وضع السماعة بأذنيه وضغط زر التشغيل وأنطلقت الكلمات المؤثرة كثقل
الرصاص على أذنيه وقلبه فانطلق لمكتبه مسرعاً ليخفي تأثره من الكلمات أمام نظرات الإستغراب من الطاقم
الطبي الواقف معه .
أستقل المصعد وأعادها من جديد ..
مأجور ياللي من فراقك تعلمت
ان الزمن يومين طيب... وخيب
فاجأتني بمفارقك ما تولــمت
كذا بدون أسباب عني تــغيب؟؟
ما مت من فرقاك لكن تألــمت
وشيبتبي ياصاحبي قبل اشـيب!
ولولا السحا من عاذلي ما تلعثمت
طاولته اللي في يدي من قريـــب
أضحك وأسولف وإن لحقني سهر نمت
لكن قسم بالله ماني بطيـــــــب
المنشد/ معيض القحطاني
للشاعر / محمد بن فطيس المري
********
********
أستقلتا السيارة بصمت سألها والدها بهدوء عن موعدها الذي لا يعلم عنه سوى أنه مراجعة روتينية فأجابته أنه
على خير ما يرام وسارت بهم السيارة لا يسمع إلا صوت هدير المحرك الرتيب فأخذت تفكر كيف ستكون ردت فعل
طارق عندما يستمع لكلمات النشيد وتذكرت كيف نظر لها وعرفها بسرعة وحدثت نفسها "معقول يدري إني أجي
للمستشفى , أكييييييد يدري لأنه هو المدير طيب نفسي أعرف إيش موقفه لما عرف إني رجعت للعيادة النفسية هل
ندم ولا لا بس أنا إللي شفته بعيونه شيء غريب بس ما أدري إيش هو" إنتبهت لتوقف السيارة وخروج نهى من
السيارة بعد أن ودعتها وردت عليها بهمس .
سألها والدها : أمول إيش فيك ساكته و دايم سرحانة قولي يابنتي إيش إللي مكدرك ؟ وبصراحة مو مريحني الحال
إللي أنتي فيها .
إبتسمت له أمل إبتسامة لم تصل لعينيها بل إستدل عليها من نبرة صوتها وهي تقول : لا يالغالي ما فيني شيء كل
الموضوع أني أفكر فالمشكلة اللي بيني وبين طارق وإلا أنا الحمد لله ما فيني إلا العافية وبما أنك بتروح له عشان
تحلون المشكلة خلاص راح أريح بالي من التفكير ..وأكملت بصوت مرح مصطنع .. ها كذا يرحيك .
إبتسم لها والدها بحنان : موب مهمة راحتي أهم شيء عندي أنك تكونين مرتاحة ومتهنية تري التفكير والهموم
تتعب القلب وتجيب الأمراض .
هزت أمل رأسها بإقتناع : أممم طيب ما راح أفكر كثير إن شاء الله .
في هذه الأثناء توقفت السيارة و أنزلها والدها عند باب المنزل وأنطلق هو بسيارته ليكمل أعماله .
*********

بعد العشاء...

صلت العشاء وجلست لتذاكر وتنجز واجباتها المدرسية وبينما هي غارقة في عملها سمعت طرقات على الباب
ودخل والدها وهو يسلم فردت عليه بحب وهي تزيح كتبها من حضنها وتجلس موازية له بعد أن جلس على إحدى
الكراسي وبادرها قائلاً : ها يا بنتي كيف المدرسة معك ؟
ردت عليه بهدوء : الحمد لله تمام .
همس والدها بالحمد لله وأكمل يقول بجدية : يا بنتي رحت لعمك وتكلمت معه بموضوعكم وأتناقشنا فيه وشفنا أن
أفضل شيء أنكم تتقابلون وتحلون مشكلتكم وإذا ما وصلتم لحل راح نتدخل فحل المشكلة ، إيش رايك ؟
نبض قلبها بقوة لفكرة إلتقائها بطارق وإرتبكت وتلعثمت الحروف وتزاحمت في الخروج وبقيت صامته للحظات
تفكر ماذا ستقول وأخيراً ردت بتوتر : أأ أممممم ماا أدري ..صمتت لحظة وقالت تستجدي الهدوء لتغطي على
توترها .. إللي تبونه بســ ..صمتت لحظة أخرى وقالت مستفهمة .. بس طارق كلمتوه ؟
هز والدها بإيجاب وهو ينظر لها بغرابة من توترها وتلعثمها في الكلام وقال بهدوء : إيه كلمناه وقال ما عنده
إعتراض كلميه واتفقي معه تقابلية .
أومأت أمل بإيجاب وهي غارقة بالتفكير وردت بشرود : طيب راح أكلمه إن شاء الله ..وصمتت وهي ما تزال تفكر..
عندما رأها والدها تفكر لم يقاطعها بل خرج بصمت و هدوء حتى أنها لم تشعر به ولم تنتبه من شرودها إلا عندما
سمعة رنة هاتفها وأنتفضت عندما ميزتها فهي النغمة المخصصة لطارق أمسكت الهاتف بيدين ترتجف وقلبها
ينبض بخوف وتوتر ومشاعر كثيرة إختلطت عليها ولم تعد تميزها توقف الهاتف من الرنين في ذات اللحظة التي
همت بالرد ففلتت منها تنهيدة إرتياح حبستها منذ شاهدت أسمه ينير الشاشة وما لبث أن عاد الإتصال و أصبحت
الشاشة تنير من جديد بجملة (حــ عــمــري ــب يتصل بك ...) وردت بسرعة حتى لا تتقاذفها الأفكار وتضيع في
دوامتها وقالت بهدوء يشوبه التوتر : ألـــو .
سمعت من الطرف الثاني صوت طارق وهو يلقي التحية ببرود فردت عليه بذات الهدوء ..صمت الطرفان للحظات
ثم بدأ طارق بالحديث ..
طارق ببرود : كيفك ؟
ردت عليه بتوتر : الحمد لله أنت كيفك ؟
أكمل ببروده المعتاد : الحمد لله بخير ..ثم بدأ يحدثها عن مشكلتهما بذات البرود وكأنه أمر لا علاقة له به .. كلمني
أبوي وأبوك اليوم عن المشكلة إللي بيننا وشافوا أن أفضل حل إن إحنا نحلها أكيد كلمك أبوك .
ردت بهمس : إيه كلمني .
فقال بإستفهام : وإيش رايك ..وأكمل بسخرية لاذعة شاركتها مرارة إلتمستها أذناها .. ولا أقول بلاش نتفاهم على
شيء واضح ومفروغ منه .
آلمتها بشدة نبرة السخرية في صوته ولكنها ردت بقوة وحزم : لا موب واضح أنت اتهمتني بدون ما تقولي إيش
مبرراتك حتى ما قلت لي إيش إللي يخليك واثق من إتهامي بالخيانة وأنا الله العالم ما عمري خنتك وأحلـفـــ
قاطعها بغضب حارق وبنبرة مشمئزة : لااااا تحلفين الله أكرم من أنك تحلفين به ..وأكمل بصوت جليدي .. خلاص
متى أقابلك عشان نتفاهم وأقولك ..بإستهزاء.. مبرراتي على قولك ؟ ..صمت الطرفان للحظة ولم يجد منها الجواب
فأكمل مستفهماً .. إيش رايك نتقابل بعد جلستك يوم الأربعاء عند بوابة المستشفى ؟
جرحتها الإتهامات في صوته والتي أكدت لها مدى أقتناعة من كلامة لدرجة شككتها بنفسها تجاهلت ألمها وردت
بهدوء : o.k .
طارق ببرود : وإلحين يلا مع السلامة ..وأغلق السماعة قبل أن يسمع ردها..
أماهي فإغلاق الخط فتح عليها بحر أمواجه من التفكير والألم والحزن وأصبحت تتقاذفها يمنة ويسرة بلا حول ولا
قوة .

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات