رواية بين الامل والالم اسطورة -12
سمعت وقع الأقدام تتقدم من جديد و لكن معها تزيد قوة رائحة العود والبخور حتى أحست أن الرائحة سكنت في أنفها أغمضت عينيها تم فتحتها بسرعة ورأت الحذاء الجلدي الفخم أمامها بالضبط فخافت وارتجفت بتوتر شدت قبضتها بقوة حتى لا تظهر رعشة يديها للعيان ولكن عندما اقترب منها وقبل رأسها لم تتمالك نفسها فاهتزت كورقة خريف في مهب الريح وهاجمتها رغبة عارمة بالاستفراغ ولكنها قاومت وأطبقت شفتيها بقوة وأحست بصداع قوي وكذلك دوار وظهر ذلك جلياً عليها فأصح وجهها أصفر وعينيها نصف مغمضتين .
ابتعد طارق من أمامها وجلس بجوارها فرأتها أم طارق بهذه الحالة قالت بفزع : أمل يمه فيك شيء وجهك أصفر .
أومأت أمل بالنفي بمعنى أنها بخير ولم تتكلم لأنها لو تكلمت لما تمالكت نفسها من موجة الاستفراغ التي ألمت بها , فهمت أم طارق أنها بخير ولكنها لم تطمئن بعد , كانت تريد أن تأتي بالمصورة حتى تلتقط لهما بعض الصور ولكن رأت حالة أمل فأشفقت عليها , فأمسكت ابنتيها اللتان باركتا للعروسين بسرعة وخرجن جميعاً من الجناح وما إن خرجن حتى قفزت أمل بقوة وجرت باتجاه المغاسل واستفرغت بحدة حتى أحست أن روحها ستخرج منها ووضعت رأسها على الصنبور لترتاح قليلاً , انتبهت ليد وضعت على كتفها ارتجفت ثم أمسكتها وأبعدتها بعنف والتفتت له و هي تقول (لا تقــــــرب) .
فتح طارق فمه ليرد عليها لكنه نظر في عينيها فهاله ما رأى فيهما من عذاب فعينيها تحكي قصة الألم وتكونت بها كل فصوله فرأى العذاب والحزن والغضب والأسى وقد أحاطتها دمعة حائرة في طرفها ما لبثت إلا وسقطت تتبعها أختها ثم سيل من الدموع تتبعها الشهقات المرتفعة , ابتلع ما أراد قوله ودخل غرفة النوم الكبيرة بعد أن فتح باب الغرفة الأخرى وأغلق الباب خلفه بصمت .
أما أمل ..
فاستمرت نوبة الإستفراغ دقائق حتى أنهكها التعب ولم تقوى على الوقوف فتحاملت على نفسها فغسلت وجهها جيداً ثم سارت بخطى متثاقلة إلى الغرفة التي فتحها طارق لها .
تعجبت من الغرفة التي فتحها لها ولم تكن سوى غرفة مطلية بالأبيض وفارغة من الأثاث سوى سرير صغير و خزانه كذلك صغيرة جداً و كمدينو بجوار السرير و.. فقط , تقدمت من السرير وألقت بجسدها المنهك عليه وتنفست الصعداء بعد الألم الذي ألم بها وتركت عقلها يسرح في أفكاره ..
******
بعد نصف ساعة ..
ارتاح جسدها وهدأت أفكارها وأحست بهدوء طمأنينة اعتدلت في تمددها و لكن أحست بثقل في جسمها فنظرت لنفسها فوجدت أنها مازالت بالفستان فأصابها الهم من الخاطرة التي جالت بخاطرها فقالت لنفسها "يعني لازم أقابله مره ثانيه أمممم طيب أنام بالفستان أووف ما أقدر ثقيل حسبي الله على إبليس إيش أسوي ..فأطرقت تفكر.. أنزل أجيب من تحت من ملابسي القديمة بس أخاف أحد يشوفني يا ربي إيش أسوي ما فيه حل غير إني أجيب من عنده والله يعينني أتوكل على الله وأروح " : حسبي الله ونعم الوكيل ..ثم نهضت باتجاه الباب وسارت حتى وصلت إلى باب غرفة طارق وهي مع كل خطوة تخطوها تزداد سرعة نبضات قلبها درجة وعندما وقفت كانت نبضاتها وكأنها قرع طبول مدوية وقفت لدقائق مترددة ولأكثر من مرة تهم بالعودة وأخيـــــــراً تجرأت وطرقت الباب وبعد ما يقارب الدقيقة خرج طارق وهو يلبس بجامة باللون البني وشعره يقطر ماءً , وقف ينظر لها ببرود وهو صامت أما هي لم تنظر له خشية أن تعاودها موجة الاستفراغ مرة أخرى وعندما لم تسمع صوته بل أحست بتنفسه قالت بتردد ولعثمة : مـ .. مـمـ .. ممكن تخــ..ــرج أأأ أبي مـ ..مـلابسـ..ـي .
نظر لها بحاجب مرفوع وبازدراء : وليش حضرتك ما تدخلين وأنا موجود , ولا يمكن راح أكلك ..قال الأخيرة باستهزاء وسخرية لاذعة ..
لم تجبه أمل للحظات وهي بذات حالها مطأطئة وخائفة ولكنها تكلمت بخوف ظهر بصوتها : بتخرج ولا ..تراجعت للخلف ونظرت إليه وأكملت بذات الخوف .. خلاص بروح .
لاحظ نظرت الخوف التي اعتلت عينيها الدامعتين وكانت تهم بالعودة لغرفتها فتقدم منها بسرعة وأمسك يدها وقال : انتظــــري .
ارتعشت أمل بقوه كأنها مست بتيار كهربي عالي الشدة وذابت كقطعة زبد تحت لهيب الشمس ولم تسمع قبلها سوى كلمة (أمــــــــل) التي قالها بخوف..
***********
فتحت عينيها ودارت عينيها بالغرفة فلاحظت أنها ليست في جناح الضيوف الذي سكنته منذ قدومها واستغربت المكان فرفعت رأسها وانتبهت لطارق الجالس على الكرسي المواجه للسرير فومض في عقلها كل ما جرى فغصت عينيها بالدموع وارتجفت برعب وخوف وقالت بلعثمة وهي تنظر جهة طارق : مـ..مــين جــ..ــابــ..ــنــي هــ..ــنا .
استغرب من نظرة الخوف التي استوطنت عينيها واعتاد على رؤيتها وتلفت في الغرفة الكبيرة الملكية وظهرت في كلماته نبرة الاستهزاء : تشوفين أحد غيري بالجناح عشان يشيلك ..ثم ثبت نظره عليها وأكمل ببرود..أنا شلتك وجبتك هنا .
انتفضت أمل وانتصبت واقفة وأسرعت جهة الباب تنوي الخروج وهي مرعوبة من ما حدث ومتقززة من نفسها بسبب حمل طارق لها وظهر التقزز على وجهها , توقفت عندما سمعت كلمة طارق التي قالها بحدة : استني وين رايحه .
التفتت أمل ومازال على وجهها ملامح التقزز والقرف وقالت بخوف : بروح غرفتي .
طارق بحدة وغضب من ملامح التقزز التي مرسومة على وجهها : انتظري ..وأشار لها على إحدى الكراسي فأومأت بنفي فقال بحدة .. اجلسي أحسن لك ..سارت أمل وجلست بخوف على المقعد المشار إليه وهي ترتجف فأكمل طارق بذات الحدة .. شيلي نظرة الخوف من عيونك إنتي شايفه قدامك وحش ولا كائن فضائي ؟؟
أومأت أمل بنفي ومازال الخوف مسيطر عليها .
طارق بتساؤل غاضب : وبعدين معاك إيش سالفتك يا بنت الناس ؟؟ من أول مادخلتي الجناح وإنتي يا تستفرغين ولا ترتجفين وآخرتها أمسك يدك وبس أغمى عليك .
طأطأة أمل رأسها ولم ترد على استجوابه ولكنها قالت في نفسها "إيش أقولك ؟؟ أقولك إن سعود اغتصبني وهو سكران ولا العامل الآسيوي تحرش فيني وحاول ..تنهدت.. استغفر الله يا رب تعدي هالليلة على خير وهي من أولها موب راضية تمشي " انتبهت له يناديها بحده فانتفضت بخوف ورفعت رأسها .
طارق بيأس وغضب : يوم إنتي كذا تخافين وما تبين أحد يقرب منك ليش تعرضين علي الزواج ها ؟؟
نهضت أمل وقالت بغضب بارد : وليش أنت وافقت ؟؟
لم تسمع أمل له إجابة وسارت باتجاه غرفة الملابس ووقفت أمام الخزانة وأخرجت لها بعض الملابس وخرجت من غرفة الملابس ومرت بغرفة النوم ورأت طارق يقف عند الباب وقد وضع يده على المفتاح وأداره ليقفل وهو ينظر لأمل بنظرة مكر .
أما أمل فقفز قلبها بين ضلوعها ووصل لحلقها ونظرت له بخوف وقالت بهمس خائف : لا لا تقفل ..ازدردت لعابها والغصة في حلقها بخوف وأكملت بلعثمة .. أبا...ا..خــر..ج ..لم تعد تقوى قدميها حملها فجلست وانتثرت ملابسها على الأرض فبكت بهدوء وما لبثت أن انتحبت بخوف وتعالت شهقاتها وهي تردد.. الله يخليك أبا أخرج الله يخليك أبا أخرج .
نظر لها طارق بنظره غريبة تجمع التعجب و الغضب وقال بحدة وهو يدير مفتاح الباب : أنا قلتها من قبل أنا أتقرف أني أقرب من وحده قربها غيري وأعيدها لك أنا أتقرف منك بس قلت بشوف إيش سالفتك يا بنت الناس وأختبرك ومادام أنتي من بدايتها تنفرين وتخافين أقولك من الحين ترى زواجي من اللي تستحقني واستحقها قريب وانتي هذا البيت موب مكانك قلت أول بخليك خدامه لزوجتي لكن الحين لا ..صمت لثواني وهو ينظر لأمل وأكمل بغموض..اسمعي نفورك وخوفك هذا خليه فالجناح أما برا الجناح أبيك تخلين نفسك أسعد إنسانه ولا هذا شيء صعب كمان ؟؟
هزت أمل رأسها بنفي وهي تقف وتجمع الثياب ثم نظرت بحزن وأكملت بهدوء حزين : عادي أمثل إني سعيدة لكن بدون ما تقرب مني أو تجلس جنبي يعني تكون بعيد عني ..لاحظت أنها جرحته حاولت تبرر ولكنه تكلم..
طارق باستهزاء ومرارة : يعني بالله أنا ميت على القرب منك أنا أصلاً مـــــوب طـــــااايــــــقك ولا طــايق القرب منك وإذا على الجلوس مع أهلي بحاول قدر استطاعتي أبعد وما أضمن لك وهذا الشيء موب عشانك لا عشاني أنا وكمان ما أبي أهلي يلاحظون شيء .
نظرت له أمل بابتسامة ميتة وحزينه وقالت بهمس : مشكور وما تقصر ..وسارت باتجاه الباب فابتعد طارق تلقائيا عن طريقها فخرجت من غرفت النوم باتجاه غرفتها فدخلت وأغلقت الباب وحملت لها إحدى البجايم وكانت من القطن باللون الزهري وضعتها على السرير ودخلت الحمام (كرمتم) وخلعت الفستان وتحممت وارتدت روب الاستحمام وخرجت وجففت شعرها بالمنشفة فأصبح رطباً قليلاً فلبست بجامتها وتمددت على السرير فارتاح جسدها و تنشطت أفكارها فراحت تفكر في كل ما حدث اليوم وأكثر ما أرهقها الحديث مع طارق وبالأخص كلمت طارق التي تكرر صداها في عقلها وقلبها حتى غلبها النوم ومازالت تتكرر على أسماعها (مـــــوب طـــــااايــــــقك)...
***************
في اليوم التالي ..
سمعت الأذان واستيقظت من النوم وهي لازالت تشعر بالتعب والنوم يداعب أجفانها سارت بأرهاق ودخلت الحمام (كرمتم) توضأت وخرجت تذكرت طارق فنبهت نفسها بأنه من واجبها كزوجة أن توقظه ولن تجعل خوفها ونفورها من جنس الرجال أن يثنيها عن واجبها فتركت جلال الصلاة الذي كانت تحمله على السرير وسارت باتجاه الباب فتحته بخفه وسارت بهدوء إلى أن وقفت أمام باب غرفته ترددت بخوف ولكن تذكرت أن الوقت سيمضي وتفوته الصلاة إن لم توقظه فرفعت يدها لمستوى الباب وهمت بطرق الباب ولكنــــ...
/\
/\
/\
فتح طارق الباب فتفاجأ الاثنان ووقفا كل واحد مصدوم من الآخر للحظات حتى انتبهت أمل أنها تقف بمقابل طارق ولا تفرق بينهما إلا بضعة خطوات أخفضت عينيها بخوف وتراجعت للخلف وقالت بلعثمة وكلام غير مرتب : آآآ أنا جيــ...ــت أبــــ...ــي الصــ..ــلاة تقـــ..ـــوم .
نظر لها باستغراب فانتبهت هي لطريقة كلامها فأخذت نفس عميق تهدئ بها نبضات قلبها المتسارعة من الخوف وقالت و كأنها طفلة صغيرة بهدوء : أنا كنت بدق عليك الباب أبي أصحيك للصلاة .. ولم تنتظر رده بل جرت بسرعة باتجاه غرفتها وأغلقت الباب بخوف واتكأت عليه ومازال قلبها ينبض بعنف..
أما الواقف في الصالة استغرب فعلها وهروبها فقال بصوت مرتفع ساخر وغامض وصل لمسمعها : أنا متزوج مرررهـ ..ضغط على الكلمة وأكمل .. ولا طفله تهرب من أي أحد غريب ومين الغريب عنها غير ..قال بمرارة لم تظهر على كلامه .. زووجهـــــــــــــــــــا ..وخرج من الجناح..
[قال طفلة وهو يقصدها بكل معانيها فأمل ظهرت وكأنها طفلة ببجامتها الزهرية وشعرها المفتوح وقد غطى ظهرها بكامله ومازال به رطوبة من استحمامها قبيل ساعات والذي دعم هذا كله وجهها الطفولي الخالي من أي زينه بعكس البارحة فكانت تشع أنوثة وبراءة معاً ]
عند أمل عندما سمعت كلامه خفق قلبها واغرورقا عينيها بالدموع وقالت لنفسها "إيش أسوي طيب هذا شيء غصباً عني يااااارب أبعد عني هالخوف ياااااااااارب "مسحت عينيها ولبست جلالها ووقفت على السجاده وكبرت ..
أكملت صلاتها وتمددت على فراشها بإرهاق لتكمل الأذكار ولكنها في منتصف ذكرها زارها سلطان النوم فراحت في نوم عمييييييييييييييق .
لم تستيقض منه إلا على صوت طرق قوي على الباب وصوت باااارد وغاضب معاً ينادي بإسمها فنهضت بحدة من السرير واتجهت للباب وقالت بصوت مفزوع من خلف الباب : إيوووه إيوووه أنا صحيت ..تأكدت ان الصوت ابتعد عن الباب وفتحته بخوف ووقفت وهي لم تخرج من الغرفة ورأت طارق الذي كان يشتعل غضباً ولكنه كان يتمالك نفسه فأخفضت عينيها بخوف فسمعته يتكلم ..
طارق ببرود وسخرية : ما شاء الله من أول يوم أثبتي أنك مررره سنعه نااايمه للحين إيش بقيتي للبنات اللي ما عندهم أي مسؤولية ..وأكمل بجديه.. إنتبهي تعيدين اللي صار اليوم ولا شوفي إيش يحصل لك .
خافت من غضبه المتأجج من عينيه وقالت بخوف وبراءة : ليش الحين الساعة كم ؟؟
طارق بسخرية : من عذرك بنت فقر ما تعرفي الساعة والظاهر ماعند ساعه كمان .
قالت أمل بذات البراءة وبسذاجة : لا عندي ساعة ..ونظرت ليدها اليسرى ولم تجدها فأكملت بذات النبرة .. يووووه نسيت إنيــــ ..وانتبهت أخيراً بأنها تتحادث مع طارق وواقفة أمامه بهذا اللباس فارتجفت بخوف وقالت بتوتر.. بروح أصلي ..فابتعدت من عند الباب وسارت باتجاه الحمام بعد أن ألقت نظره على الساعة المعلقة في الصالة فوجدتها قارب الساعة الثانية ظهراً تحسرت بأن وقت الظهر قد مضى فاستغفرت وسمعته يتحدث وهي تمشي فتوقفت ولم تستدير ولكنها كانت تسمعه ..
طارق بهدوء أقرب للبرود : إذا صليتي غيري أهلي يتنظرونا للغداء وياليت تستعجلين ..وأكمل بأمر.. وثاني مره لا تعطيني ظهرك إذا كنت أكلمك طيـــــــب .
استدارت أمل وهي مطأطئة رأسها تعلم أن إعطاء المستمع للمتكلم ظهره إهانه ولكن عذرها أنها تستعجل للصلاة ولكنها ردت عليه بخفوت وطريقة أقرب للاعتذار : إن شاء الله , الحين أصلي وأتجهز بسرعة انتظرني .
أشار له بيدها بأن تذهب وهو يجلس على إحدى المقاعد ويمسك الريموت كنترول .
اقتربت أمل من الباب وأغلقته بخفه وسارت وتوضأت و صلت ثم فتحت الخزانة وأخرجت فستان ناعم من الكتان بألوان خريفيه يربط على الرقبة وفوقه جاكيت قصير بأكمام طويلة بلون البيج لبسته ولكن تنقصها الزينه خرجت بخوف وحذر وسارت باتجاه باب غرفت النوم الرئيسية فالتفت لها طارق بغير اهتمام فقالت تبرر بخوف ولعثمة : آآآآ البنات .. جابوا ..كل الأشياء هنا .
هز رأسه بغير اهتمام ونقل بصره إلى التلفاز .
تنفست أمل بخفه و راحة وفتحت الباب ودخلت وأغلقت الباب خلفها فوقفت أمام التسريحة وبدأت بشعرها ..
***
بعد ربع ساعة ...
أنجزت أمل عملها على خير ما يرام وبسرعة حتى لا تتأخر على طارق ويغضب منها سارت إلى أحد الأدراج ولبست حذاء منخفض بلون البيج لبسته وربطته من الخلف وتعطرت بأحد العطور وتأكدت من شكلها واتجهت للباب وأمسكت بعروته فاعتلاها الخوف مما جال بخاطرتها فتذكرت أنها يجب أن تسير بمحاذاة طارق وكذلك يجب أن تقبل رأس عمها حاولت أن تبعد هذه الأفكار عنها ولكنها سيطرت عليها بالكامل فشحب لونها واغرورقت عيناها فقالت لنفسها حتى تقوي عزيمتها "أمل مالو داعي هذا الخوف أنتي أقوى من كذا..ثم ترددت.. بس بس أنا ما أقدر أحس إني برجع إذا قربت منهم أو لمسوني ..تنهدت بهم ..آآآآآهـ يااااااارب ساعدني وسهل هذا الأمر فعيني ياااااارب " فتسلحت بقوة غلبها التوتر ولكن تذكرت طارق الذي ينتظرها ففتحت الباب وخرجت فسمعته يتكلم دون أن يرفع عينيه .
طارق بتذمر وسخرية : أخيـراً تكرمت ست الحسن والجمــــــ ..قطع كلامه عندما رفع عينيه ورأى أمل الماثلة أمامه وهي مطأطئة رأسها ووصله رائحة عطرها فوقف مبهوراً من شكلها المتناسق بدأ بانسكاب الفستان على جسدها الرشيق والطويل وانتهاء بشلال شعرها الكستنائي المموج بتناسق وشكله الرطب الذي يشعر المرء بالانتعاش ولو رفعت عينيها لرأت كيف أنسحر من جمالها ورقتها ولكنه تمالك نفسه بسرعة وبدلها لبرود كالصقع قبل أن ترفع عينيها التي لا تنوي رفعها فأكمل بذات السخرية خالطها الجدية.. ليش حضرتك تتأخرين ولا ناويه نقلب الغداء عشاء عشان حضرتك .
أمل برجفة وتوتر : لا بس أنا ما تأخرت ..نظرت لساعتها فوجدتها الساعة الثانية النصف وأكملت بأسف وبراءة .. أنا آسفه ما راح أعيدها مره ثانيه .
ألجمته براءتها واعتذارها عما كان يريد قوله فقال باقتضاب : مشينا .
سار طارق أمامها وتبعته بمسافة وهي مطأطئة رأسها ففتح باب الجناح وسارا باتجاه الدرج وهي خلفه توقف ولم تلحظ توقف وسارت حتى قاربته فانتبهت ورفعت رأسها فأمسك بذراعها بقوه وقال بحدة : مره ثانية تمشين جنبي .
أبعدت يده عنها بعنف ونظرت له بغضب كردة فعل ثم كسرت نظرتها و أخفضت عينيها وتراجعت إلى الخلف وهي خائفة وترتجف فقالت بخوف وتلعثم : لا لا تمســ..ــكني ..ونزلت دمعة واحدة من عينها ومسحتها بيدها وأكملت بعد أن تماسكت .. خلاص راح أمشي جنبك بس لا تمسكني .
طارق بلامبالاة استفزازية : طيب طيب عرفنا والحين ممكن تمشي يا برنسيسة أمل .
أخفضت أمل عينيها فاستفزازه لها وطريقة كلامه تغضبها ولكن ليس لها إلا أن تستسلم , رأته يسير على الدرج العريض فسارت بمحاذاته ولكنها مبتعدة عنه بمسافة .
نزلا من الدرج بصمت حتى وصلا إلى الصالة المتوسطة المنزل والتي أقيمة بها الليلة الماضية الحفل سارا باتجاه العائلة الجالسة وتحفهما ترحيب وابتسامات الجميع وفرحتهم التي لا تخفى على العيان وعندما توقفا عندهم تقدمها طارق وسلم على رأس والده وتبعته أمل وهي في قمة الخوف والتوتر فدنت على رأسه وقبلته وقالت بصوت مرتجف : كيفك يا عمي ؟؟
أبو طارق بحنان : الحمد لله بخير كيفك أنتي ؟؟ ومبروك يا بنتي .
لاحظت أمل الشبه بين والدها و عمها فأحست بحب كبير لهذا الرجل وكذلك أحست بالأمان ولكن مازال التوتر يظهر على قسماتها وقد فسره الجالسون بربكة العروس وخجلها فردت عليه بذات التوتر : الحمد لله , الله يبارك بعمرك ..وسارت باتجاه أم طارق وقبلتها على رأسها وحضنتها الأخرى وهي تردد التبريكات لها دمعت عين أمل تأثراً من حنان هذه الأم فلو كانت أمها على قيد الحياة لما زاد حنانها عن حنان أم طارق وحبها لها أبعدتها أم طارق بحب وهي تقول بحنان .. أمل يمه ليش تبكين فيك شيء طارق قالك شيء ؟؟
أمل ابتسمت بين دموعها وقالت بحب : لا يمه لا تحاتين أنا بخير وطارق طيب معي بس أفكر لو أمي عايشه لو ما زاد حنانها عن حنانك وحبك شيء.
..بكت أم طارق وتأثر الجميع من كلام أمل فقالت أم طارق بحب .. والله إنك يا أمل بنتي إللي ما جبتها غير أنك بنت ساره الغالية الله يرحمها .
الجميع : الله يرحمها .
تكلمت شادن بمرح وسخريه : الظاهر اليوم راح نتغدا على أذان العصر عشان ما نفوت الفلم الهندي وكمان لايف .
ضحك الجميع عليها فقالت أم طارق : يلا قوموا الغداء جاهز .
نهض الجميع متقدمتهم أم طارق ولحق بها أبو طارق وطارق اللذان كانا يتحدثان وتأخرت الفتاتان فأمسكت شادن بأمل حتى لا تمسي فتوقفت الأخرى وأبعدت يدها ليس بعنف ولكن بضيق .
لاحظت شادن حركة أمل ولكن تناستها وقالت بمرح : ما شاء الله إيش الحلاوة هذي يا بنت الفستان روعه عليك أما هذا ذوقي شهد ما عندها كلام.
ضحكت أمل وقالت بحب : ههههههه تسلمين يا عمري وذوقك صراحة حلو..وأكملت بغرور وتكبر مصطنع .. لكن عشاني لبسته طلع أحلى .
ضحكت شادن بقوة وقالت بهزل : هههههههههه أبووووك يالغرور لا لا صراحة تستحيقين الغرور .
أمسكت أمل يد شادن وسارتا باتجاه غرفة الطعام وهي تقول بهدوء : ليش تبين أصير نمله ؟؟
شادن باستغراب وتساؤل : نمله ؟؟
أمل بهدوء أجابت : إيوه نمله الإنسان المتكبر واللي شايف نفسه على غيره يوم القيام ربي يخليه مثل النمله والناس يدوسونه لأنه تكبر عليهم الله صغره .
شادن بتعجب : سبحان الله .
وصلتا في هذه اللحظة وجلستا متجاورتين بجانب أم طارق فقالت أم طارق لأمل بحنان : أمل حبيبتي الوحدة إذا تزوجت لازم تجلس جنب زوجها عشان إذا احتاج شيء تلبي له .
توترت أمل من كلام أم طارق وخافت ثم نظرت لطارق الذي فهم نظرت الخوف في عينيها فقال بهدوء : خليها يمه أنا ما أبي شيء وما دامها تنبسط مع شادن معليش تجلس معها .
أم طارق بعتب : لا لازم تجلس عندك لكن اليوم خليها مع شادن وبعدها ..نظرت لأمل نظرة ذات معنى فهزت أمل رأسها إيجابا وهي متوترة فابتسمت أم طارق لها ..
انشغل الجميع بالأكل فعم الهدوء للحظات سوى من أصوات الملاعق على الأطباق حتى فجرت شادن القنبلة بسؤالها ..
شادن بتساؤل : ها يا عرسان وين ناوين تروحون شهر العسل ؟؟
تطلع الجميع إليهم بفضول أما طارق وأمل تضايقا بشدة من السؤال ولكن تدارك طارق الأمر فقال بهدوء : والله الزواج جاء بسرعة عشان كذا ما خططنا له لكن إن شاء الله نتفق أنا وأمل على المكان إللي بنروحه .
هز الجميع رأسه بموافقة وعاد الصمت يطبق بجناحيه على المكان .
(الحمد لله الذي أطعمني وسقاني من غير حولٍ مني ولا قوة )
قالها أبو طارق ووقف وغادر غرفة الطعام ثم بعد لحظات تبعته زوجته فلم يتبقى إلا طارق وأمل و شادن وشذى كانت الفتاتان تتحدثان بأمور مختلفة أما طارق فكان غارق بالتفكير وشذى كانت تأكل بصمت فهي إذا كانت وحدها تكون صامته هادئة أما إذا كانت مع أطفال آخرين ينقلب الصمت لثرثرة والهدوء إلى لعب وصراخ هذه هي شذى .
وقفت الفتاتان وهمتا بالمغادرة فأوقفهما طارق بجدية وهو ينادي : يا أمل لحظة .
توقفت أمل مكانها واستدارت له بعد أن تلقت نظرة ماكرة من شادن التي غادرة بعد أن حملت أختها معها وأغلقت الباب معها فأغلق على أمل باب الأمان وفتح باب الخوف الذي ظهر على عينيها الرجفة الخفيفة التي سرت في أوصالها واتي لاحظها طارق الذي قال بجدية : إجلسي أبي أتناقش معك بموضوع شهر العسل .
هزت أمل رأسها بنفي وأكملت بخوف وتوتر : لا ما أبي شهر عسل .
طارق بقهر من خوفها وتوترها كلما كلمها أو جلس معها : يا بنت الناس ترا أنا موب وحش عشان كذا تخافين هالخوف كله وبعدين ..أكمل بجدية .. لازم نروح شهر عسل عشان أهلي ما يلاحظون شيء وشهر العسل راح يكون أسبوع موب أكثر لأن وراي أشغال ومستشفى ها إيش قلتي ؟؟
خفق قلب أمل من الرعب ففكرة أن تكون هي وهو في مكان واحد دون أحد من البشر لأسبوع كامل تتعبها وتجذر الخوف في قلبها فهزت بنفي وقالت بتوتر : لا ما أبي أروح حاول فاهلك قلهم مشغول أو أي شيء .
طارق بنرفزة : يا بنت الناس المسألة موب كذا المسأله عشان نبين لهم أن حياتنا ماشيه تمام ..وأكمل وهو ينظر لها بمكر واستفزاز.. عاد إنتي بنت فقر أكيد ما عمرك خرجتي من جده خذيها فرصة تخرجي منها .
نظرت له بغضب ثم كسرت نظرتها من الخوف فقالت بغضب وبصوت منخفض : مالك دخل خرجت أو ما خرجت من جده هذا شيء راجع لي وأنا قلتها ما أبي أسافر سافر أنت بروحك ..وشعرت بظل أظلها وحجب الضوء عنها فرفع رأسها ورأت طارق ينظر لها بنظرات يتقافز من الشرر فخافت ووقفت بعنف فسقط الكرسي من خلفها وأحدث ضجيجاً في الغرفة الهادئة وحاولت تبتعد ولكن طارق أمسك معصمها بقوة وشد عليه حتى سمع تأوهاتها وتكلم بين أسنانه : أنا مالي دخل أنا طيييب شوفي إللي راح يجيك والسفر بتسافرين ورجلك فوق رقبتك ..وشد على يدها بقوة حتى آلمت أصابعه هو قبل يدها التي احتقنت فيها الدماء وسالت من عينيها الدموع فنفض يدها بقوة وأكمل بحدة ولكن بصوت منخفض .. فااااااااااااااهمه .
أمسكت أمل يدها المتضررة باليد السليمة وهي تدلكها حتى توزع الدم المحتقن والساخن في يدها وردت عليه بصوت منخفض ومرتجف ودموعها في عينيها : فاهمه فاهمه .
قال بجديه : أمسحي دموع التماسيح هذي وأمشي أهلي ينتظرونا عشان نشرب الشاهي .
أمل بإذعان حتى تتجنب غضبه قالت بهدوء : طيب .
مسحت دموعها بعد أن تأكدت من يدها أنها أصبحت بخير وتأكدت من شكلها وسارت ووقفت بمحاذاة طارق الذي ما إن وقفت بجانبه حتى سار وسارت هي كذلك .
وعندما تقدما للجالسين في الصالة سلما بهدوء وبعد رد السلام جلس طارق على كنبة مفردة وكذلك أمل فقالت شادن بمرح : ها إيش نتائج قمة جامعة الدول العربية المنعقدة مؤخراً ؟؟
نظر لها الجميع باستغراب وفهموا بعدها أنها تقصد اجتماع طارق وأمل فضحك الجميع عليها .
نظر لها طاق وقال بسخرية : وأنتي مراسلة أي قناة ؟؟
شادن تفكر بهزل وهي تضع سبابتها على صدغها وقالت : أممممممم ما أدري بس إني مراسلة والسلام .
ضحك الكل على خفة دمها فقال طارق وهو يضحك : طيب يا مراسلة والسلام نتائج القمة ..ونظر لأمل ثم أكمل وهو ينظر لشادن .. مفـــــــــاجــــــأة .
*****************
كنت أجري بخوف
أبحث عن الأمان
عن الأمل
تواصل الجري
قادتني قدماي إلى منزل
دخلته أحتمي فيه مما يحيطني
أوصدت بابه
هدأت نفس به
ولكن بعد مدة قصيرة
طرق الباب
سألت عن الطارق
فقال إنه الحزن
فأبيت أن أفتح فغادر
وطرق مرة أخرى
وكان هذه المرة الهم
فغادر عندما لم أستجب له
وطرق أخرى وأخرى
وكلهم يرحلون
وفي ذات ليلة
طرق بعنف
فأجبت : من الطارق
فأتاني الجواب
أنا الألـــــــــــــــم
فقلت ماذا تريد
أنا لا أرغب باستضافتك
فارحل
ارحل أرجوك
أنا لا أريدك
ولا أريد أن تطرق بابي
أنا ( أنتظر الأمــــل يطرق بابي )
فأين هو
لماذا غاب عني ؟؟
أجبني أيها الألـــــــــم
فقال وهو راحل
إنه قـــــــــــادم فانتــــــــــظر
*****************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الثالث عشر ـــــــــــــــــــــة
******************************
&< ~^(( الجزء الرابع عشر))^~ >&
~[( الــــــذل قمة الألــــــــم)]~
طارق وهو يضحك على شادن : طيب يا مراسلة والسلام نتائج القمة ..ونظر لأمل ثم أكمل وهو ينظر
لشادن .. مفـــــــــاجــــــأة .
نظر له الجميع بفضول فضحك وأكمل : مفاجأة يعني ما نيب قايل .
نهضت شادن وجلست بالكنبة القريبة منه وقالت بوجه برئ بتصنع : يهون عليك أنك ما تعلمنا ..واقتربت
منه وهمست .. علمني أنا بس وما راح أعلم أحد ..رفعت رأسها وأكملت بصوت مسموع .. ها إيش قلت
؟؟
هز طارق رأسه بنفي وهو مستغرق في الضحك وقال :هههههه لا لا تحاولين ما راح أقول .
شادن بحنق مصطنع : لا والله الله لا يجعلني تحت رحمتك خلاص ما أبي أعرف .
ضحك الجميع عليها وتكلم طارق بعد أن توقف من الضحك : خلاص حزنتيني بعلمك ..فرحت شادن
واقتربت منه حتى يخبرها فلم يعطي لها بالاً وتكلم ببرود وثقل .. أول شيء إن شاء الله راح ناخذ عمره
لمكة ..ونظر لأمل المطرقة رأسها ولمح ابتسامة فرح فأكمل بعد أن استدار للجميع .. وباقي الأسبوع
راح نروح ..صمت ونظر لشادن التي كانت متحمسة للباقي من الحديث فأكمل بمكر .. ولا بلاش ما بقول .
ضحك الجميع أما شادن فنظرت وهي حانقة ومقهورة .
ضحك طارق وقال باستسلام : خلاص خلاص بقول , باقي الأسبوع إن شاء الله راح نروح إيطــــاليا .
نظر له الجميع باستغراب وهدأ المكان حتى صرخت شادن بحماس : أحلــــــــــى بلد الرومانسية مين قدك
يا أمل راح تزوري أرض روميو وجولييت .
ضحك الوالدان بخفة أما طارق فكان ملتزم الصمت كذلك أمل التي كانت مطأطئة رأسها وكأنها تفكر بشيء
هام وبعد مدة من الصمت تكلمت بهدوء وخجل وقطعت جو الصمت بكلامها الهادئ : طارق لو سمحت
أبي أقولك إني ما أبي أروح إيطاليا ..نظر لها الجميع باستفهام عدى طارق الذي كان يشتعل غضب ولكنها
أكملت رغم خوفها وترددها .. أنا ما أبي إيطاليا عشان ما يجوز نروح لها .
شادن بتعجب : كيف ؟؟ ما يجوز ..وتساءلت .. ليش ؟؟
أكملت أمل بذات الخوف والهدوء : لأنها بلد كفار وفيها معاصي كثير ولازم إللي يروح لها يكون لواحد
من ثلاث أسباب .
أم طارق بتساؤل : ثلاث أسباب ؟؟
هزت أمل رأسها بإيجاب وأكملت بهدوء : إيوه وهي إما يروح يطلب العلم أو يدعو للإسلام أو يتعالج من
مرض أو يكون لحاجة ملحة للسفر يقول النبي صلى الله عليه«أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر
المشركين» ..ونظرت لطارق بمعنى (وإحنى ما عندنا أي سبب من هذي الأسباب) وأكملت .. وإحنا راح
نتمشى ونتفسح وهذا ما يجوز وحرام .
أبو طارق بهدوء وفخر : الله يكملك بعقلك يا بنتي والله انك جوهره ومحظوظ طارق لأنه تزوجك .
خجلت أمل وطأطأت رأسها وقالت لنفسها "والله ما تدري إيش يعتبرني يا عمي " وقالت بخجل : تسلم يا عمي .
أم طارق وهي تحدث طارق : يا ولدي اختار أي بلد إسلامي وروحوا له .
هز طارق رأسه بإيجاب وهو يهمس : إن شاء الله .
فهتفت شادن بحماس بعد تفكير لثواني : مــــــــــــــاليزيــــــــــا روحو ماليزيا تجنن وبلد إسلامي ..
ومررت نظرها على أمل المطأطئة رأسها وطارق الصامت .. أكيد مالكم حجة فيها .
هز طارق بإيجاب وهو يبتسم لأخته أما أمل صمتت وهي كارهة فكرة شهر العسل والذي سيبقيها هي
وطارق في مكان واحد لمدة طويلة .
ارتفع أذان العصر وانتشر الجميع ليصلي ..
************
دخلت أمل الجناح ثم غرفتها وتنهدت براحة فطول جلستها معهم تحس وكأن جبل يجثم على صدرها
وقلبها يرتجف بخوف وما إن دخلت غرفتها أحست بالأمان يحيطها توضأت وصلت ثم تذكرت أن أمس
كان الخميس فضربت على رأسها عندما تذكرت أن اليوم الجمعة و أنها لم تقرأ سورة الكهف فأمسكت
بمصحفها وجلست تقرأ .
***
أنهت قراءة السورة واستغرقت في ترديد أذكار المساء وهي مستغربة من الهدوء الذي يعم المكان فهذا
يدل على أن طارق لم يعد إلى الجناح أكملت أذكارها وختمت بالدعاء لوالدتها ووالدها وكذلك عائلتها
الجديدة التي أحبتها ودعت لنفسها بالفرج , سمعت رنين الإنتركوم المخصص للجناح فنهضت لترد عليه
ورفعت السماعة وهي تقول : ألو
وكان الرد من الخط الآخر بصوت آمر : اسمعي بعد العشاء تكونين جاهزة لأننا راح نمشي لمكة إن شاء الله .
أمل بهدوء : أممممم طيب ..وتساءلت.. من وين أحرم من البيت ؟؟
طارق بسخرية : يعني ما تعرفين أن ميقات أهل جده من بيوتهم ؟؟
أمل أجابت : أها خلاص .
طارق باستعجال : المهم جهزي إحرامي تحصلينه في الدولاب وشنطة ملابسي وانتي كمان لأننا راح
نسافر من مكة على طول , مع السلامة .
لم يمهلها طارق حتى ترد عليه وأقفل السماعة , تنهدت واستغفرت ثم سارت أخرجت حقيبته وجهزتها
وكذلك إحرامه و حقيبتها وأخرجت لها عباءة مغلقة حتى تسهل السير عليها وحجاب طويل حتى تتغطى
بالباقي منه و حقيبة يد واسعة وأضافت إلى حقيبة ملابسها عباءة أخرى ونقاب وجوارب وقفازات
لتلبسها بعد أن تحل إحرامها ولم تنس وضع المصحف وكتيب للأدعية المأثورة .
***
وبعد العشاء بمدة ..
الساعة التاسعة مساء ..
كانت قد أنهت عملها واستحمت وصلت العشاء كذلك ولبست عباءتها وجلست في الصالة تنتظر حضور طارق .
بعد مدة طويلة من جلوسها وملت من الجلوس دخل طارق وألقى السلام بسرعة واقتضاب ودخل غرفة
النوم وأغلق الباب خلفه .
أما أمل فتوترت من حضوره وغضبت منه بسبب التأخير هدّأت نفسها وجلست تستغفر حتى لا يمضي
الوقت دون فائدة تذكر ..
***
الساعة التاسعة والنصف ..
خرج طارق من الغرفة وهو يلبس لباس الإحرام وشعره مبلول من أثر الاستحمام , تكلم بعجله وهو يلتقط
مفاتيحه وهاتفة المحمول ومحفظته من الطاولة الزجاجية الأنيقة المتوسطة الصالة وقال : يلا مشينا
تأخرنا مره .
أمل تكلم نفسها"موب كنه هو إللي متأخر" فنهضت وهي تهز رأسها وتقول بخفوت : طيب .. وسارت خلفه بعد أن أخرج الحقائب خارج الجناح لتحملها الخادمات , أما هما فنزلا من الدرج إلى الصالة حيث
يجلس الجميع ودعاهما واستقلا السيارة استدار لها وقال بهدوء : أنوي بالعمرة وقولي "لبيك اللهم
عمرة" .
هزت أمل رأسه بـ نعم , وغمغمت بها بخفوت وكذلك طارق .
وانطلقت السيارة و سارت بهما وهما صامتان ظاهريا ً أما قلوبهما ففيها الكثير من المشاعر المتداخلة
والكلام الصامت .
بعد مدة ..
تواصل الصمت مع سير السيارة التي لم تقف إلا مرتين واحدة لتعبئة الوقود أما الأخرى فتوقف عند محل
للكوفي شوب وقد وقف أمام النافذة ليطلب فأدار رأسه لها وقال ببرود : تبين شيء ؟؟
هزت أمل رأسها بنفي وقالت بتردد وخوف : لا بس أبي مويه .
استدار عنها ببرود وكلم العامل : لو سمحت جيب اثنين كوفي واثنين دونات واثنين مويه .
العامل : دقايق والطلب عندك .
استراح طارق في جلسته وهو ينظر للخارج دون أن ينتبه لأمل المقهورة منه ومن تحكمه وفرضه عليها
ما لا تريد .
بعد دقائق ..
جاء الطلب وأمسك طارق أولاً بأكواب الكوفي الموضوعة في علبة كرتونية مخصصه لها ومدها لأمل
فاستدار جهتها وقال ببرود : خذي أمسكيها .
بين عالمها الخائف والمتوتر استيقظت أمل على لهجة الأمر التي ألقاها عليها ولم تسمع ما يقول فالتفتت
له بخوف وهي تقول بتردد : إيش تبي ؟؟
انتبه لها ولنبرتها الخائفة فقال بسخرية : ولا شيء بس امسكي هذي عشان أخذ بقية الطلب .
مدت أمل يدها لتمسك الكرتون ولكن لامست أطراف أناملها يد فارتجفت وشد عرق في خدها من التوتر
واهتز الكرتون في يدها وكادت أن تحترق من الكوفي ولكن تماسكت بسرعة أما طارق فاستدار للعامل
ليأخذ بقية الطلب وأغلق النافذة وسار بالسيارة بصمت سوى طلبه بان تعطيه كوبه و الدونات وعاد
الصمت يرافقهم في رحلتهم .
مضى ثلثي الطريق في صمت لم يتخلله إلا صوت بث إحدى الإذاعات بصوت منخفض وقد أضفى صوت
رتيب على المكان مما أدى إلى نعس العيون واستطال الطريق القصير نسبياً فقد كانت أمل تنظر من خلال
النافذة وتفكر كيف ستمضي حياتها مع طارق وهي بهذا الخوف المسيطر عليها وكيف ستشعر بالأمان
وهي ستكون بجوار رجل نظرت إليه بزاوية عينها ورأت البرود على وجهه وقد لاحظت أن عينيه بدت
بالنعاس فخافت من أن يحصل لهم مكروه فحاولت التكلم ولكنها لم تجرؤ على ذلك فتململت في مقعدها
حتى ينتبه ويصحصح من نعاسه فكان لها ذلك فقد التفت لها متسائلاً ببرود : إيش فيك تبين الحمام " تكرمون"ولا شيء .
هزت أمل رأسها نفياً وأكملت بتردد وخوف : لا بس شفتك نعسان قلت أنبهك .
طارق وقد التفت للطريق ببرود : أها لا ما نيب نعسان ..صمت لثواني ثم تساءل ببرود جليدي.. انتي أول مرة تعتمري ؟
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك