بارت من

رواية عندما تنحني الجبال -13 البارت الاخير

رواية عندما تنحني الجبال - غرام

رواية عندما تنحني الجبال -13

ريم له .. وقالت باضطراب :- أنا .. يجب أن أذهب
كسا الوجوم وجهه وهو يقول :- لست مضطرة للرحيل
أسرعت منار تقول :- دعها تذهب يا محمود .. لقد قضت وقتا طويلا وهي تنتظر خبرا عنك .. لابد انها مرهقة .. لولا وجود صديقها الشاب الذي ساندها بحماس لانهارت من التعب
قالت ريم بلؤم :- هذا صحيح .. لقد نامت على كتفه عدة مرات في غرفة الانتظار .. المسكينة
أخفض محمود عينيه متحاشيا النظر إلى نانسي .. وقد خلا وجهه من أي تعبير .. وكأنه يدينها على وصف منار وريم لطريقة دعم ماهر لها .. ألا يستطيع أن يرى إلى أي حد كانت منهارة ؟ وأنها لولا دعم ماهر وسط رفض عائلته لما تمكنت من الصمود لحظة ؟
استعادت قوة صوتها وهي تقول :- أنت بخير الآن .. ولم تعد بحاجة إلي
تمتم بهدوء :- بالتأكيد
كبتت نانسي الألم العميق الذي أحست به .. لم يحاول محمود تصحيح كلامها .. لم يصر عليها لتبقى .. وكأن وجود عائلته حوله وريم بالأخص الملتصقة به في هذه اللحظات أكثر من كافي بالنسبة إليه
منعت دموعها بصعوبة من خيانتها .. وحافظت على هدوئها .. وما تبقى من كرامتها وهي تقول :- الوداع يا محمود .. وحمدا لله على سلامتك
استمر محمود في تحاشي النظر إليها .. فما كان منها إلا أن فتحت الباب وخرجت .. وأغلقته ورائها بهدوء شديد
إلى الأبد هذه المرة


الفصل التاسع والعشرون و الاخير

بداية .. أم نهاية ؟؟

خرجت نانسي من قاعة الامتحان متعطشة لاستنشاق الهواء العليل .. وجدت ماهر برفقة مجموعة من زملاءه يتناقشون حول أسئلة الامتحان ويتجادلون حتى لمحها فاعتذر من رفاقه واتجه نحوها .. قالت له على الفور :- لنذهب إلى الخارج
خرجا من مبنى الكلية .. وجلسا على أحد المقاعد فسألها ماهر :- كيف أبليت ؟
نظرت إليه بتأنيب قائلة :- ما كنت لأطرح هذا السؤال لو كنت مكانك
قال بتعاطف :- لن يلومك أحد يا نانسي .. الكل يعرف ظروفك الصعبة مع حالة الدكتور محمود الصحية
قالت ساخرة :- هذا صحيح .. لقد أتاح لي مراقبو القاعة عدة فرص كي أسترق ا لنظر إلى إجابات الشاب الجالس أمامي تعاطفا مع ظروفي دون أن يعلموا بأنني لم أره منذ أسابيع .. بل انا لم أتحدث إليه ولو مرة منذ تركت المستشفى بلا رجعة فور تأكدي من نجاته .. وإلا لكانوا رموني خارج الجامعة غضبا من برودي وجحودي
هز ماهر رأسه قائلا :- لا تقسي على نفسك يا نانسي .. لقد كنت تتصلين بطبيبه يوميا للاطمئنان على حاله .. كما كنت تتواصلين مع إحدى الممرضات لتعرفي أخباره أولا بأول
فكرت بمرارة بأن هذا صحيح .. و يا ليتها لم تفعل .. إذ كانت تسمع باستمرار عن زيارات ريم المتكررة له .. وعن الفتيات الجميلات اللاتي كن يعدنه بين الحين والآخر .. وهي ليست غبية كي لا تخمن بأن نسرين إحداهن
تمتمت :- ولكنه قد خرج قبل عشرة أيام من المستشفى .. ولم تعد أخباره تصلني كالسابق .. أرغب فقط بأن أطمئن عليه .. أن أتأكد بأنه بخير
كان الطلاب يروحون ويجيئون حولهما بلا توقف .. وماهر ينظر إليها بإمعان لفترة طويلة قبل أن يقول بهدوء :- ألم يحن الوقت لإنهاء هذه المهزلة يا نانسي ؟
نظرت إليه بارتباك فقال :- أنت تحبين الرجل بجنون بحق الله .. تحبينه ولا تتوقفين عن التفكير به .. إلى متى ستستمرين بقطع أنفك كناية بوجهك ؟
تمتمت بألم :- أنت لا تعرف شيئا يا ماهر
قال بحزم :- أنا لا أعرف شيئا عما فعله الدكتور محمود .. أو ما دفعك لتركه .. ولكنني أعرف شيئا واحدا .. وهو أنك إن كنت تحبينه بما يكفي .. فستذهبين إليه .. وتتحدثين إليه .. واجهيه وصارحيه .. واسمعي منه .. امنحيه الفرصة ليبرر نفسه لك .. على الأقل حتى توقني بأنك قد استنفذت جميع فرص الصلح بينكما
ظهر العجز في عينيها وهي تتخيل نفسها ذاهبة إليه .. تصارحه بجميع شكوكها وأوهامها .. بخيانته لها وتاريخه المظلم مع النساء .. تخيلته يؤكد لها هذا فارتجفت .. وتمتمت :- لا أستطيع الذهاب إليه هكذا وبكل بساطة
:- بل تستطيعين .. أنت زوجته .. ومن حقك الاطمئنان عليه .. قلقك على صحتك سيمنحك العذر المناسب
عندما لاحظ ترددها ..أمسك يديها .. ونظر إلى عييها قائلا :- أنا وعائلتي سنبقى دائما معك يا نانسي .. ولكنني لا أريدك أن تندمي يوما وتفكري بما كانت ستؤول إليه الأمور لو أنك منحت الرجل الذي تحبين فرصة أخرى
مشاعر ماهر الصادقة جعلت قوة من نوع مختلف تنبثق داخلها .. قوة نابعة عم امرأة عاشقة .. طال شوقها لرؤية من تحب .. لاحظ ماهر التغير فيها .. فابتسم قائلا0:-اذهبي إليه يا نانسي .. وتأكدي بأن مكانك سيظل محفوظا بين أفراد عائلتي لو قررت العودة
منحته ابتسامة امتنان وهي تقف بحسم .. وقد اتخذت قرارها
نزلت من سيارة الأجرة طالبة من السائق أن يعود بعد ساعتين .. نظرت إلى المنزل الكبير وقد عاودها الجبن من جديد .. محمود هناك .. خلف هذه الأسوار .. ولكنه ليس وحيدا .. فهو محاط بأفراد عائلته .. هل ستقوى على مواجهة رفضهم وكراهيتهم لها ؟ .. هل ستحتمل رؤية ريم تحوم حول محمود ملقية عليه ظلال الماضي المخزي بينهما ؟
استجمعت شجاعتها وسارت نحو البوابة ليستقبلها الحارس بحماس مرحبا بها .. وهو يفتح لها الباب على الفور .. استقبلتها نجوى عند باب المنزل بذهول سرعان ما انقلب إلى سرور وهي تضمها بقوة وترحب بها .. وقد أسرعت باقي الخادمات ليرحبن بها بنفس الحفاوة .. قالت نجوى بتأثر :- لقد اشتقنا لك يا عزيزتي .. لا فكرة لديك عن كآبة هذا المنزل بدونك .. جميعنا كنا في انتظار عودتك إلينا
شكرتها نانسي وهي تنظر حولها بتوتر منتظرة أن ترى أحد سكان المنزل قائلة :- كيف حال محمود ؟ أظنه في غرفته .. أليس كذلك ؟
كانت قلقة من رؤية أحد أقارب محمود فيمنعها من الدخول والوصول إليه .. إلا انها لم تتوقع إجابة نجوى التي قادتها إلى غرفة الجلوس قائلة :- الدكتور محمود يثير جنوننا جميعا .. بالكاد التزم الفراش منذ خروجه من المستشفى .. وقد خرج منذ الصباح غير عابئ بتعليمات الطبيب واحتجاجنا جميعا
جلست نانسي كما جلست نجوى قريبة منها وهي تقول بقلق :- كيف استطاع الخروج في حالته تلك ؟ كيف سمحت له العمة منار بإهمال نفسه وصحته هكذا ؟
:- السيدة منار ليست موجودة .. لا أحد في البيت سوى السيدة الكبيرة
عبست نانسي قائلة :- لا احد في المنزل !.. أين هم جميعا .. لا أصدق تركهم لمحمود في هذه الحالة والخروج
:- لقد غادروا المنزل منذ ايام في سفر مفاجئ .. لا أحد يقول شيئا في هذه البيت .. والدكتور محمود صامت على الدوام .. بل هو نادر ما يبقى في البيت
أهذا يعني انها لن تراه هذه المرة ؟ جزء منها شعر بالراحة لان المواجهة قد تأجلت قليلا .. وجزء منها شعر بالحزن لانها لن تراه .. وان الفرصة قد لا تتاح لها مجددا للقدوم إلى هنا
نظرت حولها متمتمة ::- لا أرى حنان .. أين هي ؟
تبادلت نجوى نظرات الخبث مع الخادمات وقالت :- لا احد يرى حنان هذه الأيام .. فهي بالكاد تقوم بعملها مستغلة مكانتها لديك ولدى السيد محمود .. إنها تقضي معظم الوقت برفقة مأمون .. كلما كان موجودا .. وهي في الغالب تتحدث إليه في هذه اللحظة في الحديقة الخلفية
اتسعت عينا نانسي بذهول .. حنان ومأمون !! .. ثم ضحكت وهي تهز رأسها .. يجب ألا يدهشها هذا ... فحنان لن تجد رجلا طيبا ومرحا ومناسبا لها كمأمون
ثم عبست وقد تذكرت شيئا :- مأمون هنا .. هل هذا يعني بان محمود قد قاد سيارته بنفسه ؟
هزت نجوى رأسها قائلة بيأس :- لقد أخبرتك بانه يثير جنوننا
لم يكن امامها الكثير من الوقت قبل عودة سيارة الأجرة .. قررت زيارة الجدة وقد اشتاقت لرؤيتها والاطمئنان عليها .. وقد اخبرتها نجوى بأن الجدة لا تعرف شيئا عن حادث محمود .. لقد اخبروها بانه قد اضطر للسفر فجأة .. فلم تشك بشيء خاصة عندما ذهب إليها محمود فور وصوله من المستشفى مطمئنا إياها قدر المستطاع
طرقت الباب برفق .. ثم فتحته عندما سمعت صوت الجدة .. أدارت المرأة المسنة رأسها قائلة :- أهو انت يا محمود ؟
تمتمت نانسي :- إنها انا يا جدتي
تهللت أسارير الجدة وهي تقول لها بسرور :- حمدا لله على سلامتك يا عزيزتي .. لقد طال غيابك كثيرا ... لن اعاتبك على سفرك دون وداعي لأن محمود قد أخبرني باضطرارك للسفر فجأة إلى فرنسا لأجل شقيقتك
ارتبكت نانسي وهي تجلس إلى جانبها قائلة :- آه 00 أنا آسفة
لم تكن لديها فكرة عن تفسير محمود لجدته سبب رحيلها .. فقررت التزام الاجوبة المختصرة كي لا تخطئ بالكلام .. خاصة وقد لاحظت شحوب وجه الجدة وإرهاقها الواضح .. سألتها برقة :- كيف حالك يا جدتي ؟
تنهدت الجدة قائلة :- بخير .. إلا انني قلقة على محمود .. لا يبدو لي طبيعيا منذ عودته من السفر .. الحمدلله انك قد عدت اخيرا لأنني أظن تعبه عائد إلى غيابك عنه .. هكذا كان محمود دائما .. شديد الحرص والتعلق بما هو له .. وقد لاحظت أنت بالطبع علاقته الوثيقة بأقاربه
تمتمت نانسي :- بالطبع
بحثت الجدة بيدها عن يد نانسي فأسرعت تقدمها لها طائعة .. قالت الجدة برقة :- أعرف بانك تكرهين وجود أشخاص آخرين حولكما ولم يمض على زواجكما أشهر قليلة .. وأخمن بأن سبب سفرك الرئيسي عائد إلى رفضك لوجود ريم ومنار وباقي أفراد العائلة .. أي امرأة كانت لتفعل المثل
لم تعرف نانسي ما تقول أمام بصيرة المرأة الحادة .. من الواضح بان محاولات محمود لإخفاء الوقائع عنها ليست مجدية تماما .. حتى عندما أخفى عنها أمر الحادث الذي تعرض له .. لم ينجح في تجنيب جدته القلق بسبب غريزتها المتيقظة
أكملت الجدة دون أن تنتظر ردا :- لابد أنك قد تفهمت الأمر الآن بما أنك قد عدت .. محمود لا يستطيع إبعاد عائلته عنه بسبب خوفه من تكرار ما حدث مع والديه .. تعرفين طبعا بان الحادث الذي أدى إلى وفاتهما كان مدبرا
لا . لم تكن تعرف .. حبست نانسي انفاسها وهي تستمع إلى وقائع كانت مجهولة لها تماما عن حياة محمود
:- كان من المفترض به أن يرافقها ذلك المساء .. ولكنه فضل البقاء ليدرس فلم يمانع والداه .. توفيا بحادث سير مريع .. انحرفت السيارة عن الطريق لأسباب مجهولة واصطدمت بعمود إنارة ضخم .. توفيا على الفور .. ولم يسامح محمود نفسه أبدا على ماحدث
أسرعت نانسي تقول بحرارة :- ولكن الحادث لم يكن ذنبه هو
:- لم يكن ذنبه .. ولكنهما ماتا .. وبقي هو حيا .. وهذا كان ذنبا كافيا لابن الثامنة عشرة .. انتهت التحقيقات .. واتضح بان الحادث كان مدبرا .. وأن أحدهم قد عبث بسيارة والده ليفقد تحكمه بها ... ولم يعرف الفاعل أبدا رغم وجود الكثير من الاعداء لوالده مرجل اعمال معروف
لم تكن نانسي بقادرة على استيعاب كل هذه المآسي التي عانى منها محمود في حداثته .. احست بالشفقة والعطف اتجاه الفتى الشاب الذي وجد نفسه عاجزا عن الإمساك بقاتل والديه .. تمتمت :- لابد ان الأمر كان صعبا عليه
:- أ:ثر مما يمكنك أن تتخيلي .. عندما انتقل عمه للإقامة معه برفقة زوجته وأولاده .. كانت قد تشكلت لدى محمود نوع من عقدة الحماية اتجاه أحباءه .. وجودهم إلى جانبه وتحت انظاره كان يضمن له أ، يقوم بحمايتهم كما يجب من ان يتعرض احدهم لأي أذى .. لهذا تجدينه متمسكا بهم .. ولهذا يجب أن تفهمي إصراره على بقاءهم حوله .. ليس لأنه يفضلهم عليك .. بل لأنه محمود .. الذي لا يستطيع منع نفسه من حماية غيره والعناية بهم .. إنها جزء من طبيعته .. الإحساس بالمسؤولية اتجاه من يحب .. وعلى الأرجح .. غيابك عنه كل هذه الفترة أرهقه إلى حد كبير .. فهو لن يشعر بالاطمئنان والراحة إلا إذا كنت تحت انظاره
صدقت نانسي كلمات الجدة على الفور .. وتذكرت غضبه عندما أخبره ماهر بالحادث الذي كادت تتعرض له .. ولومه لها لأنها لم تسمح له بحمايتها بطريقته .. تخيلته يهرع خارجا من مكتبه متجها إليها وكله لهفة لاحتضانها .. والعناية بها لولا الحادث الذي تعرض له
أحست بغصة تقف في حلقها فابتلعتها مرغمة .. لن تزعج الجدة بعرض مبتذل للمشاعر الآن .. تحدثت إليها قليلا .. ثم استأذنت لتقول لها الجدة قبل أن تخرج :- لن ترحلي مجددا .. أليس كذلك يا نانسي ؟
لم ترغب نانسي بالكذب عليها .. ولكنها في النهاية تمتمت مرغمة :- لا .. لن أرحل
نزلت الدرج ببطء وهي تفكر بكل كلمة سمعتها من الجدة .. وبالوعد الذي قطعته لها دون أن تنوي تنفيذه .. فلفت نظرها صراخ حنان باسمها وهي تقطع الدرجات نحوها .. فلفت نظرها صراخ حنان باسمها وهي تصعد الدرج نحوها لتضمها بلهفة قائلة :- حمدا لله على سلامتك يا نانسي .. لقد نورك بك المنزل .. قولي بانك قد عدت لتبقي .. فقد اشتقنا لك جميعا
قالت نانسي بخبث :- نعم .. أصدق بأنك لم تنقطعي عن التفكير بي .. أيتها الكاذبة .. ما أن أدير ظهري حتى تعبثين من ورائي مع مأمون
احمر وجه حنان وهي تتمتم :- الثرثارة نجوى
ضحكت نانسي لخجل حنان المفاجئ .. وربتت على كتفها قائلة :- أنت تستحقين السعادة يا حنان .. مبارك لك
برقت عينا حنان وهي تقول :- هناك الكثير لأحكيه لك .. هل تصدقين بأنه قد طلب يدي من....
بترت كلامها عندما لاحظت بان نانسي لا تستمع إليها .. وأن أنظارها المتوترة قد تركزت عند نقطة في الأسفل .. فاستدارت لترى محمود يدخل باب المنزل .. ويعبر البهو راميا سترته عن كتفيه فوق أحد المقاعد بحركة عنيفة .. وقد ظهر الغضب المكتوم على ملامحه وهو يعتلي الدرج .. ليتسمر مكانه فور ملاحظته لنانسي .. تقف على بعد درجات عنه .. جامدة مثله .. وكأنها لم تتوقع رؤيته
اهتزت عيناه حتى الأعماق وهو يلتهمها بعينيه .. كانت ترتدي قميصا أصفر بياقة مثلثة .. وتنورة حريرية بنية اللون هفهفت حول ساقيها بنعومة .. شعرها الذهبي كان حرا حول وجهها وخلف ظهرها مانحا إياها هالة ملائكية .. لم يعكرها سوى التعبير الحذر الذي ارتسم على ملامحها .. وهي تنظر إليه بنفس التصفح
بدا لها أكثر نحولا بقميصه الأبيض .. وسرواله الأسود الأنيق .. كانت يده محمولة بحامل قماشي معلق بعنقه .. وجهه الوسيم كان شاحبا ومرهقا .. شعره الناعم كان أطول من المعتاد وقد تدلت خصلة متمردة على جبينه لتمنحه مظهرا بعيدا عن وقاره المعتاد ... ذقنه كانت نامية وكأنه لم يحلقها منذ يومين .. برغم كل هذا .. لم يبد لها يوما اكثر جاذبية .. أحست بشوقها إليه يخنقها .. وبرغبة عارمة في قطع المسافة الفاصلة بينهما .. وغمره بذراعيها .. والإحساس بقوته ودفئه من جديد .. والتخفيف عنه وقد بدا لها تعيسا للغاية وهو ينظر إليها دون أن يفارقه الذهول بعد لرؤيتها


كان عليها أن تتماسك .. وأن تخفي ضعفها الشديد .. فهو لم يظهر أي ممانعة لرحيلها في لقائهما الأخير .. ولن تظهر له لهفتها عليه مهما كان هذا صعبا عليها .. قالت بهدوء عندما لم يتكلم :- كيف حالك يا محمود ؟
راقبها وهي تنزل الدرج ببطء وهو يقول بجفاف :- ما الذي تفعلينه هنا يا نانسي ؟
توقفت وقد آلمها جفاءه .. إلا انه لم يمنعها من أن تقول :- جئت لأراك .. وأطمئن عليك .. أنت مازلت زوجي في النهاية .. ومن واجبي السؤال عنك
قال ساخرا :- بالتأكيد .. فممرضتك الغالية لم تعد قادرة على إمدادك بالأخبار عني بعد مغادرتي المستشفى .. أليس كذلك ؟ اهتمامك مثير للإعجاب .. وقد يخيل للمرء انك قلقة حقا علي .. ومهتمة لامري
قالت باحتجاج :- أنا اهتم لأمرك ..
قال بغلظة :- لو كنت تهتمين لما غبت طوال هذه الفترة دون أن تزعجي نفسك بزيارتي أو بالاتصال بي
قالت بغضب :- لم تظهر أي اعتراض عندما تركتك آخر مرة بين يدي أقاربك الاعزاء .. لقد أظهرت لي وبكل وضوح تفضيلك لهم علي .. فلم أفرض عليك وجودي وقد انتفت حاجتك إلي
نظر إليها للحظات طويلة .. وقد ظهر تعبير لم تفهمه في عينيها .. ولكنه أخافها .. قال بهدوء :- من الأفضل ان نذهب إلى غرفة المكتب ونتحدث على انفراد ..
لاحظت حنان الواقفة قريبا منهما وتستمع إليهما باهتمام وقلق .. وأعين الخدم التي تلصصت من وراء الأبواب فضولا لسماع شجارهما .. فقالت بتوتر :- ليس هناك ما نقوله يا محمود .. ستصل سيارة الاجرة خلال دقائق .. لقد جئت لأراك .. وأطمئن عليك .. وتبدو لي بخير تماما
فتح ذراعيه امامها قائلا بحدة :- حقا .. أيكفيك النظر إلي كي تشبعي فضولك يا نانسي ؟ الن تسأليني عن جراحي ؟ وإن كانت في طور الشفاء ام لا ؟ ألن تسأليني عما استجد في تحريات الشرطة حول الرجل الذي حاول قتلي أم ان اهتمامك بي لم يصل إلى هذا الحد ؟
احمر وجهها غيظا وحرجا .. ولوعة عندما ذكرها بالحادث .. أحست بانها مجبرة على الدفاع عن نفسها فقالت :- أرغب بان اعرف كل شيء بالتأكيد
:- هذا يعني انك سترافقينني إلى غرفة المكتب لنتحدث بهدوء حتى وصول سيارة الأجرة
تراجع مفسحا لها الطريق لتسير امامه إلى داخل الغرفة متحاشية الاقتراب منه خشية لأن تتأثر بجاذبيته ... فدخل خلفها وأغلق الباب خلفهما
نظرت حولها بامتعاض وقد تذكرت فور وقوع بصرها على المكتب الكبير .. والمقعد الجلدي الوثير ذلك المشهد الذي جاهدت طويلا لتنساه .. توترت كل عضلة في جسدها وهي تشيح ببصرها بعيدا وقد ظهر الألم واضحا على ملامحها .. سألها محمود :- هل انت بخير ؟ هل تتألمين ؟
أدركت بأنه ينظر إليها .. وأنه قد أساء فهم تشنجها فتمتمت :- أنا بخير
اقترب قائلا :- ما الذي قاله الطبيب صباح الأمس ؟
نظرت إليه بدهشة فقال :- أنا اتحدث مع ماهر بشكل يومي تقريبا لسؤاله عنك .. ظننته قد اخبرك بهذا
تمتمت :- لا .. لم يخبرني .. أظنه لم يرغب بأن يسبب لي الازعاج
توتر فمه .. وبدا وكأنه سيقول شيئا قبل أن يغير رأيه .. ويتجه نحو المكتب .. ويعبث بيده الحرة ببعض الأوراق قائلا بجفاف :- حسنا .. ما الذي قاله الطبيب ؟
:- الطفل بخير .. من المفترض أن تتم الولادة في بداية شهر أكتوبر
التفت فجأة ليحدق في بطنها قائلا :- هل أنت متأكدة بأن الطفل بخير ؟ ألم يطلب منك الطبيب الاهتمام بغذائك .. فأنت نحيلة للغاية .. ولا يبدو عليك الحمل على الإطلاق
وضعت يدها على بطنها غريزيا وهي تقول بانزعاج :- صحتي جيدة تماما .. والتحاليل التي أجريتها بناءا على اوامر الطبيب تثبت هذا .. إنما الملابس هي ما يخفي آثار الحمل عن العيون
رقت نظرته وهو ينظر إليها بطريقة جعلتها تدرك بانه يفكر حتما بما تخفيه ملابسها .. فاجتاحتها ذكريات علاقتهما الحميمة على الفور .. واحمر وجهها وهي تحيط نفسها بذراعيها وتتراجع إلى الخلف قائلة باضطراب :- أما انت فمن الواضح انك لا تهتم أبدا بنفسك .. آخر ما توقعته هو ان أحضر لأجدك قد غادرت البيت .. بل وتقود السيارة بنفسك مخاطرا بحياتك
قست عيناه وهو يقول بجفاف :- كان علي الذهاب إلى مكان ما .. بدون رفقة
هزت رأسها قائلة بتوتر :- هذا ليس عذرا .. ما كان على العمة منار أن تسمح لك بالخروج .. أين هم أقاربك على أي حال ؟ لا أصدق بأنهم قد تركوك وحدك في ظروف كهذه .. لقد توقعت ان أرى ريم تحوم حولك على الأقل لاعبة دور الممرضة المخلصة على اكمل وجه
قالت عبارتها الأخيرة بتهكم .. فلم يغضب محمود كما توقعت منه .. ولم يلمها هذه المرة على سخريته .. بل نظر إليها ببرود شديد قبل أن يقول بصوت أثار داخلها رجفة غريبة :- العمة منار وريم .. وباقي أفراد العائلة .. ما عادو يقيمون هنا بعد الآن
صمتت للحظات طويلة وقد فاجأها بكلامه .. ثم سألته بارتباك :- ماذا ؟ .. ولكن لماذا ؟
لاحظت بان وجهه رغم صرامة ملامحه قد شحب قليلا وهو يغير الموضوع قائلا :- ألا ترغبين بآخر نتائج تحريات الشرطة ؟
خفق قلبها وقد أحست بالخوف مما ستسمعه .. قالت بقلق :- هل امسكوا بالفاعل ؟
:- لقد فعلوا .. الفاعل كان مجرد مجرم صاحب سجل حافل بالجرائم المختلفة .. وقد سبق له أن قضى سنوات طويلة في السجن .. وقد تلقى مبلغا كبيرا من المال ليقوم بإطلاق النار علي ذلك المساء
كان يتحدث ببرود شديد .. كأن الامر لا يخصه هو .. ولكنها احست بخطورة الامر .. أسندت نفسها إلى ظهر الأريكة وهي تقول بصعوبة :- من هو الشخص الذي دفع له ليقتلك يا محمود ؟ .. من هو ؟
رفع رأسه إليها .. فأطلقت شهقة عنيفة وهي ترى العذاب والمرارة في العينين العسليتين وهو يقول :- خمني
هزت رأسها وقد عرفت .. عرفت بغريزتها التي نبهتها إلى الخطر قبل أشهر دون أن تدري
همست مذعورة :- لا .. لا يمكن
قال بمرارة وهو يرمي نفسه على احد المقاعد :- بل هو ممكن .. الشخص الذي أراد قتلي .. ودفع مبلغا كبيرا لذلك الرجل كي يقوم بالمهمة .. هو أقرب الناس إلي .. إنه الرجل الذي رباني .. واهتم بي لسنوات طويلة وكأنه والد لي .. إنه عمي يا نانسي .. عمي هو من أراد قتلي
لم تستطع تخيل صدمته وألمه الكبير في هذه اللحظات .. فتدفقت دموعها .. عاجزة عن قول أي شيء لمواساة الرجل الذي تحب منهارا .. أن يعرف بأن عمه يرغب بموته .. قد طعنه في الصميم .. دمره وحطم جزءا منه .. راقبته وهو يحاول تمالك نفسه .. فلم تستطع إلا أن تسأله بانفعال :- لماذا ؟ لماذا قد يرغل العم طلال بإيذائك ؟
قال بسخرية مريرة :- لنفس السبب الذي دفعه لقتل والدي قبل خمس عشرة سنة .. المال .. والمال وحده يا عزيزتي
كتمت صيحة الذعر التي كادت تفلت من فمها بيدها .. ووجدت نفسها تجلس على طرف الأريكة قبل أن تخذلها ساقاها .. بينما قال هو بألم شديد :- لقد أمسكوا بالمجرم منذ يومين .. واعترف هو بتحريض عمي له على قتلي كما فعل قبل سنوات عندما دفع له ليعطل سيارة شقيقه الأكبر ويتسبب بموته .. أمسكوا به صباح الأمس أثناء محاولته مغادرة البلاد .. فاعترف بكل شيء تحت ضغط استجواب الشرطة له .. كل شيء
أخذ نفسا عميقا وهو يقول :- لقد بدأ الامر قبل سنوات طويلة .. عندما توفي جدي تاركا ثروته لابنيه الوحيدين مناصفة .. بينما ضيع الأخ الأصغر امواله بسبب إسرافه وتهوره .. استطاع والدي أن يضخم ثروته بالعمل الشاق والمخلص .. فما كان امام عمي إلا ان يلجأ إلى شقيقه الذي جعل منه يدا يمنى له دون أن يدرك بأن طمع أخيه لن يتقبل لفترة طويلة أن يكون موظفا مأجورا لا يملك سوى راتبه .. ففكر بان حادثا يودي بحياة أخيه وعائلته .. هي أسهل طريقة للحصول على كل تلك الاموال والشركات الناجحة .. دون أن يحسب حسابا لنجاة الابن المراهق وبقائه شوكة في حلقه .. وحائلا يقف بينه وبين الثروة .. لم يجرؤ على إيذائي كي لا يلفت الأنظار إليه ويثير الشبهات حوله .. وفجأة .. تحول على الفور إلى العم الحنون المخلص .. وانتقل مع عائلته للإقامة معي كي لا أبقى وحيدا .. وأنا كالأحمق ظننت لسنوات طويلة بأن بقائهم إلى جانبي سيحميهم من كل أذى خاصة وأن قاتل والدي لم يعرف أبدا .. كانت خطته واضحة .. سيضع يده على ميراثي .. ويتصرف به كما يشاء بينما أنشغل انا بشغفي بالدراسة .. دون ان يعرف بانني ما كنت أبدا لأفرط بما تركه لي أبي .. لطالما اعدني لهذا اليوم .. أخذني معه دائما إلى العمل .. وعلمني مبادئه وتفاصيله .. فلم أستطع أن أتخلى عن رغبته في إدارة العمل الذي بناه بنفسه وبتعبه مهما كان حبي وثقتي بعمي كبيرة في ذلك الوقت .. لطالما أحببته واحترمته .. تجاهلت متعمدا اختلاساته المتكررة .. وتجاوزاته لانه في النهاية عمي .. حاول دفعي للزواج من ريم أكثر من مرة كي يضمن بقاء المال ضمن العائلة .. والله يعلم بأنني حاولت مرارا بان أفكر بريم كزوجة محتملة .. ولكنني لم أستطع .. لطالما كانت هي وفراس كأخوة لي ..
أغمضت عينيها محاولة منع نفسها من القفز في وجهه ومواجهته بعدم صحة أقواله .. فقد كان ألمها لأجله في هذه اللحظة أكبر بكثير من غضبها منه .. أرادت أن تذهب إليه وتخفف عنه .. ولكنها لم تجرؤ .. نظرت إليه فوجدته يحدق بالأرض وكأنه يستعيد أحداث السنوات السابقة وكانها تحصل امامه .. أكمل كمن يحدث نفسه :- زواجي منك كان القشة التي قصمت ظهر البعير .. لقد خسرني صهرا .. وأنا حظيت بزوجة وأكاد أبني عائلة .. كانت مسألة وقت قبل أن أطلب منه مغادرة منزلي .. وربما اكتشفت فيما بعد تجاوزاته في العمل وأعمال الغير قانونية التي مان يمررها دون ان اعلم .. وجد الزمن يكرر نفسه .. فقد سبق وكاد أبي يطرده من عمله بسبب تهوره .. وهو ما عرفته مؤخرا من أحد الموظفين القدامى الذين كانوا مقربين من أبي .. لم يعد أمامه خيار آخر .. كان عليه في النهاية أن يتخلص مني .. فاتصل بنفس الرجل الذي استأجره قبل سنوات لقتل أخيه .. وكلفه بقتل ابن أخيه هذه المرة
تهدج صوته في النهاية فلم تتمالك نفسها .. أسرعت نحوه .. وجثت إلى جانبه وهي تمسك يد قائلة بصوت أجش :- انا آسفة يا محمود .. آسفة لأنك تعاني من كل هذا .. أعرف بأنك كنت تحبه كوالدك .. أعرف معنى أن تصدم برجل كان يعني لك الكثير .. لقد كان إيقاف أبي واتهامه .. ثم موته في السجن صدمة كبيرة لي .. لإلا أنني على الأقل كنت متأكدة دائما بأنه ما كان ليؤذيني.. أو ليؤذي أحدا من أسرته
نظر إليها .. فالتقت عيناهما .. رأت توسلا وضعفا شديدا في نظراته .. فنهضت ببطء لتقف إلى جانبه .. وتضم رأسه إلى صدرها .. فأحاط خصرها بذراعه وشدها إليه .. ملتمسا العزاء والسلوى بين أحضانها التي طال شوقه إليها .. أحست به يأخذ نفسا عميقا وكانه يستنشق رائحتها فارتجفت .. وسرت في جسدها موجة شوق عاتية كادت تحني ركبتيها ضعفا .. ابتعدت عنه وهي تقول باضطراب :- ألهذا السبب تركت العمو منار البيت ؟
وقف وهو ينظر إليها قائلا :- فور إلقاء القبض على عمي ومواجهته بالاتهامات .. جمعت العمة أغراضها .. ورحلت مع اولادها إلى منزل شقيقها .. لا ذنب لها أو لهم بما فعله والدهم .. وأنا اعرف بانها قد احبتني دائما كابن لها .. ولكنها تعرف أيضا بانهم لن يتمكنوا من البقاء يعد معرفتهم بما فعله عمي بي .. وبوالدي .. وأنا ما كنت أستطيع احتمال وجودهم حولي لأتذكر صدمتي بوالدهم .. كان من الممكن ان أسامحه .. وأتنازل عن حقي لأجل عائلته وإكراما للقاربة بيننا وما فعله لأجلي لسنوات .. إلا أنني ما كنت أبدا لأسامحه على محاولته الحقيرة لإيذائك وإيذاء طفلي
نطق بالجملة الأخيرة بوحشية بينما ارتعدت قائلة :- أتعني بأن تلك السيارة ....
:- هذا صحيح .. لقد كانت السيارة نفسها .. لقد أرسله عمي ليصدمك أولا عند خروجك من الجامعة قبل أن يستقصدني .. فإن لم يقتلك .. فإنه سيجهض الطفل الذي كان ليشكل عائقا امام حصوله على ميراثه .. وهو ما كان ليسمح للزمن بأن يتكرر مرة أخرى .. لقد عرفت الآن لماذا تركتك تذهبين عندما غادرت المستشفى .. لقد عرفت بأنك في خطر .. وأن من حاول قتلي يرغب بإيذائك أيضا .. أردت إبعادك عني حتى الامساك بالقاتل على الأقل كي أحميك من الأذى
صمتت لفترة طويلة وهي تتذكر الألم الذي احست به ذلك اليوم عندما صرفها محمود .. لقد أحست بالغضب عندما اضطرت لتركه بين يدي ريم .. ريم التي خرجت من حياته اخيرا .. المدهش هو انها في هذه اللحظة كانت تحس بالتعاطف مع ريم وفراس .. وهي تتذكر خزيها الشديد لما فعله والدها .. أحست بالشفقة اتجاه السيدة منار وولديها .. فقد عرفوا الآن ما الذي يعنيه ان يشار إليهم بالبنان نتيجة خطأ شخص آخر
:- نانسي
رفعت عينيها إلى محمود بقلق .. كانت تعرف إلى أين سيؤدي بهما هذا الحديث .. كان ينظر إليها بإصرار ويقول :- لم يعد هناك ما يمنعك من العودة إلى بيتك الآن
أحست بالذعر وهي تتراجع وقد أدركت بانها قد وقعت في الفخ .. تصميم محمود كان واضحا .. لن يسمح لها بالتحرك من هنا حتى تبسط جميع الاوراق على المائدة .. ارتفعت طرقات نجوى على الباب وهي تقول :- سيدة نانسي .. لقد وصلت سيارة الاجرة
هتف محمود بصرامة :- اصرفيه
هتفت نانسي بذعر :- لا .. انتظري
اسرعت نحو الباب فاعترض طريقها واضعا راحته وثقل جسده عليه مانعا إياها من فتحه قائلا بحزم :- لن تتحركي من هنا ولن ترحلي يا نانسي حتى نتحدث .. اتفهمين ؟
هتفت بعنف :- ليس هناك ما يقوله أحدنا للآخر يا محمود .. لا تستطيع احتجازي هنا ومنعي من الرحيل إن أردت .. هذا يسمى اختطافا
قال :- لن يلوم أحدا رجلا على محاربته لأجل استعادة زوجته .. لقد سبق واشترطت علي رحيل عائلتي لتعودي إلى بيتي يا نانسي .. إياك ان تنكري هذا .. وها قد تم ما أردته .. وأصبح المنزل وصاحبه تحت تصرفك .. ليس لديك أي عذر يمنعك من العودة
تراجعت إلى الخلف وقد تلاشى كل تعاطفها دفعة واحدة .. نظرت إليه بغضب قائلة :- هل تظن ما دفعني لتركك هو وجود عائلتك يا محمود ؟ حتى لو كنت استجبت لطلبي ذلك اليوم ما كنت لأعود إليك .. كما لن أعود إليك الآن .. انا لن أعود لأذل نفسي بين يديك مجددا .. لم أسمح لك على الإطلاق باحتقاري وإهانتي من جديد يا محمود .. اذهب وابحث عن ضحية اخرى تذلها وتذكرها دائما بنواقصها .. أظن ريم قد أصبحت الآن مناسبة لذوقك تماما .. يمكنك الزواج بها وتذكيرها كلما تشاجرتما بخزي والدها لتخر تحت قدميك ساجدة وممتنة لانك أويتها في منزلك .. ولكنني أبدا لن أفعل هذا
امتقع وجهه .. واعترض طريقها مجددا عندما حاولت أن تفتح الباب .. أمسك بها وأدارها إليه وهو يقول بعنف :- اهدئي يا نانسي و استمعي إلي ..أنا لم أنظر إليك يوما على انك أقل مني قدرا .. نعم لقد أهنتك مرارا.. ووجهت نحوك كلمات جارحة .. إلا انني أبدا لم أقصد أي منها .. في كل مرة كنت تهاجمينني بها .. وترمينني بكراهيتك في وجهي كنت أثور مرغما وأجد نفسي اخطئ في حقك رغبة مني في إسكاتك فقط .. لقد كنت تتطاولين علي وعلى عائلتي .. وأنت كنت تعلمين إلى أي حد كنت اهتم لأمرهم .. طبعا في النهاية أثبت بانك كنت محقة .. وانم ما كنت تقولينه عن عمي ومخاوفك اتجاهه كانت محقة
أفلتت ذراعها من بين أصابعه .. وابتعدت وهي تكبت ألما كبيرا داخلها وتجبر نفسها على عدم التعاطف مع مرارته .. تمتمت بألم :- الامر لا يتعلق فقط بعائلتك يا محمود .. مهما فعلت .. فانا سأظل دائما ابنة رجل مجرم في نظرك .. سأكون الفتاة التي أنقذتها وأنقذت عائلتها من الضياع .. سأظل مدينة لك .. وأنت لن تترك فرصة تمر دون أن تذكرني بهذا
قال بصوت أجش :- انظر إلي يا نانسي .. أنا أحبك .. هل تعلمين ما تعنيه هذه الكلمة .. أحبك .. مستعد لفعل المستحيل لأحتفظ بك
نظرت إليه مصدومة لعمق المشاعر التي فاض بها صوته .. رات عيناه الداكنتان تعصفان بالعاطفة .. فمه الجميل كان متوترا .. وصدره العريض كان يعلو ويهبط باستمرار مع عنف أنفاسه .. قال لها :- لم تمنحيني ولو لمرة أي إشارة عن حبك لي .. منذ زواجنا .. بل منذ لقاءنا الأول .. كان نفورك مني واضحا .. كنت لا تدخرين جهدا في إظهار كراهيتك لي .. كان علي فعل المستحيل للاحتفاظ بك .. جربت الصبر والحلم .. جربت كل شيء دون فائدة .. انت كنت تتسربين من بين أصابعي كالزئبق .. تزهين ببغضك لي .. وتتبجحين بعلاقتك بماهر أمام الجميع .. حتى عندما بدأت تلينين .. وخلال الأيام التي قضيناها معا في المنزل الجبلي .. لم أر أي دليل منك على مبادلتك لي المشاعر .. وفجأة .. انقلبت دفعة واحدة .. وأصبحت كراهيتك لي مضاعفة .. وجدت نفسي أخسرك .. فلم يكن أمامي من سبيل سوى الضغط عليك وتذكيرك بحاجتك إلي
سالت دموعها وهي تهز رأسها هامسة :- توقف .. أرجوك .. لا أريد سماع المزيد
قال بخشونة :- ما الذي تريدينه إذن ؟ أن أقف جانبا .. وأراقبك ترحلين .. لا والله لن أسمح لك بالرحيل .. ليس بعد أن أخبرتني في زلة غضب بأنك قد أحببتني يوما .. كنت أكاد اموت خوفا عليك بعد ان اخبرني ماهر عن السيارة التي حاولت صدمك .. إلا أنني بعد أن أسمعتني بعد عناء طويل الكلمة التي انتظرتها طويلا .. لم أفكر إلا بالوصول إليك .. وقد عرفت باننا سنجد في النهاية حلا لكل مشاكلنا ما دام الحب موجودا بيننا .. وها اننا قد تعادلنا الآن إذ أنني انا الآخر قد أصبحت ابن اخ مجرم وقاتل في نظر القانون والناس .. لم تعد هناك لي أي أفضلية عليك .. لقد أحببتني يوما يا نانسي .. وأنا قادر على استعادة ذلك الحب إن سمحت لي بالمحاولة فقط
اقترب منها فابتعدت وه يتقول بانفعال :- لا يا محمود .. لا أستطيع ان احبك .. لا أريد أن احبك فأتألم أكثر.. لا أريد أن أكون واحدة من كثيرات في حياتك .. هذا ليس كافيا بالنسبة إلي .. أنت لا تعرف أبدا كيف تكون مخلصا .. وانا لن أحتمل المزيد من خياناتك لي
تجمد مكانه وهو يقول بتوتر :- ما الذي تتحدثين عنه يا نانسي ؟ أنا لم أخنك يوما
قالت بوحشية :- لا تكذب يا محمود .. أعرف تماما تاريخك الحافل مع النساء .. وأعرف أيضا بأنك لا تستطيع الاستغناء عن حاجتك للتنويع .. وتنقلك من زهرة إلى اخرى ذات نكهة مختلفة
برقت عيناه بغضب وهو يقول:- أنت تهذين .. لا أنكر بانني عرفت عددا من النساء قبلك .. فأنا لست شابا صغيرا .. كلها كانت علاقات عابرة لم تعن لي شيئا .. وقد توقفت تماما فور ان عرفت بمشاعري نحوك .. ورغبت بالزواج بك
هتفت بعنف :- علاقات عابرة !.. هل تسمي إشرافك على الزواج من نسرين علاقة عابرة ..؟ حتى أنك تركتها دون أي إنذار وتزوجتني دون حتى ان تفسخ خطبتك اولا
قال مذهولا :- من أين جئت بهذا الكلام ؟ انا ونسرين لم نكن يوما خطيبين .. كانت تربطنا علاقة سطحية لا أكثر .. أحبت هي أن توهم أصدقائها بان الامر جدي وأن مشروع زواج سيجمعنا قريبا فلم أبالي .. نسرين كانت دائما فتاة مدللة وسريعة الملل .. عرف كل منا بان علاقتنا لن تنتهي إلى أي شيء .. أي مشاعر كنت احملها اتجاه نسرين انتهت منذ فترة طويلة
هتفت به بثورة :- انت تكذب .. انت حتى لم تنفي رغبتك بها في تلك الحفلة .. لقد أردتها .. اشتهيتها ثم جئت إلي راغبا في معاشرتها من خلالي
بشاعة كلماتها جعلته يشحب من جديد .. جلس على الأريكة .. وأخفى رأسه بين يديه .. وبدا وكان حملا ثقيلا يجثم فوق ظهره .. مما جعلها تفقد شيئا من حدتها وتنظر إليه بقلق .. وقد تذكرت جراحه .. وقبل ان تسأله عن حاله تمتم :- لقد كذبت عليك تلك الليلة يا نانسي .. الرغبة التي وجدتها في عيني أثناء حديثي مع نسرين لم تكن موجهة نحوها .. لقد كانت تسألني عنك .. إن كنت أحبك ... وإن كنت ترضينني بما يكفي .. وإن كنت أشعر نحوك كما كنت أشعر نحوها .. كانت تعاتبني وتحاول تذكيري بعلاقتنا القديمة .. ونعم كانت تلفت نظري إلى ما تمتلكه وكان يفتنني يوما .. إلا انني في تلك اللحظة .. كل ما كنت أفكر به هو انت .. رغم جمود علاقتنا في ذلك الوقت وبعدها عن الحميمية .. تذكرت الساعات التي كنت أقضيها ليلا في النظر إليك أثناء نومك .. تذكرت المتعة التي كنت أجدها حتى في لمس يدك والنظر إلى عينيك .. لقد كنت أراك امام عيني وانا اكلمها وأقارنها بك .. فسقطت على الفور في المقارنة .. أدركت بأن امرأة أخرى لن ترضي قلبي وروحي وجسدي .. عرفت بانني ساعود تلك الليلة وأسعى إلى حبك من جديد .. أجبتها في تلك اللحظة بأنني لم أشعر اتجاه امرأة كما أشعر اتجاهك .. وانك ترضينني بكل طريقة ترضي بها المرأة الرجل
هزتها كلماته .. وصدمتها .. وجعلتها تساله باضطراب :- لماذا كذبت علي إذن ؟ لماذا جرحتني بتلك الطريقة تلك الليلة ؟
رفع رأسه وهو يقول متهكما :- ماذا تظنين ؟ لقد كنت احاول إثارة غيرتك .. كنت قد يئست حتى من النجاح في تحريك مشاعرك .. تلك الليلة رفضتني بعنف جعل إحباطي وغضبي يدفعانني لاستعمال سلاح آخر أعرف بأنه من أشد الأسلحة فتكا بالمرأة .. وهو سلاح الغيرة .. هل رأيت إلى أي حد كنت يائسا ؟ نسرين لم تكن تعني لي شيئا إلا أنني استعملتها بلا ضمير مي احصل عليها
قالت بمرارة :- وقد نجحت .. أليس كذلك ؟ أنا كالبلهاء قدمت لك نفسي على طبق من ذهب .. وتركتك تأخذني إلى عش الغرام الذي اعتدت أخذ عشيقاتك إليه .. ذلك المكان الذي شهد علاقتك الفاضحة والمخزية بريم
نهض قائلا بانزعاج :- ما الذي تقولينه بحق الله ؟ أما زلت تشيرين إلى علاقتي الوهمية بريم ؟ لقد سبق وأخبرتك بأن ريم لم تعني لي شيئا سوى كونها ابنة عمي والاخت التي لم أحظ بها .. نعم .. فكرت يوما في الزواج بها ولكنني لم أستطع لانني لم أحبها يوما
هتفت بانفعال :- لقد أخبرتني بنفسها يا محمود .. أخبرتني عن استغلالك لها .. ولقائك بها بعيدا عن اعين والديها ثم تخليك عنها فور أخذك ما أردته منها .. لماذا قد تكذب أي فتاة وتهين نفسها وتسيء إلى شرفها إن لم يكن ما تقوله صحيح .. بحق الله لقد عرفت تفاصيل كل ما حدث بيننا هناك .. عرفت كل شيء عن العشاء والشموع والازهار .. عرفت لأنك كنت تفعل لها المثل عندما كنت تأخذها إلى هناك .. انت كنت حبيبها ومازلت حتى الآن .. فانت لم تنكر حتى بانك قد أخذتها إلى البيت الجبلي بعد شجارنا .. بعد ليلتنا الأولى .. كيف استطعت فعل هذا . كيف ؟
خنقتها الدموع مما جعل عبارتها الاخيرة ترتجف .. أمسك محمود بذراعيها .. وهزها بقوة وهو ينظر إلى وجهها صائحا بغضب :- ريم كاذبة يا نانسي .. كاذبة .. لقد كنت وحدي في البيت الجبلي حتى جاءت برفقة فراس وقد خمنا وجودي هناك وعرفا بشجارنا بطريقة ما .. قضيا بعض الوقت قبل أن أطلب منهما المغادرة بعد أن حذرتهما من البوح بمكان وجودي لأحد .. لا اعرف كيف عرفت ريم بتفاصيل ما حدث بيننا .. ربما كان تخمينا صائبا منها .. أو ربما سألت العائلة التي طلبت منها تجهيز الكوخ لنا .. إلا انها كاذبة لعينة وانا لم ألمسها يوما
صرخت به بجنون :- لقد رأيتك يا محمود .. رأيتك تقبلها ذلك الصباح .. هنا .. في هذه الغرفة وعلى ذلك المقعد .. فتوقف عن الكذب علي لأنني لا أستطيع احتمال المزيد .. لن أحتمل المزيد أرجوك
انهارت باكية بعنف وقوة هزت كيانه .. فسحبها إليه يضمها إلى صدره ..ويرفع رأسها لتنظر إلى وجهه وهو يقول لها بحزم :- ذلك الصباح .. انا لم أقبلها يا نانسي .. لقد دخلت المكتب أثناء وجودي فيه .. وتظاهرت بالرغبة في سؤالي عن شيء ما .. وتعثرت فجأة وسقطت فوقي .. ثم قبلتني دون إنذار .. لو كنت انتظرت للحظات فقط قبل أن تهرعي إلى غرفتك وتبدأي بتوضيب حاجياتك لرأيتني أدفعها عني وأصفعها معنفا وموجها لها الكلمات القاسية .. ثم صعدت إلى غرفتنا وقلبي موقن بان المرأة الوحيدة التي أرغب بتقبيلها نائمة هناك .. كنت اهم بمصالحتك .. وإيقاظك بنفسي عارضا عليك بداية جديدة لحياتنا لأجدك في تلك اللحظة ترمين أغراضك في الحقيبة الكبيرة بنية الرحيل .. لقد انتابني الجنون وأنا أفكر بتركك لي .. فحاولت منعك .. أعرف بانني قد وجهت إليك الكثير من الكلمات البشعة .. إلا انني كنت يائسا عندما وجدتك تضيعين مني .. عرفت بأنك وبسبب معاملتي السيئة لك قد ترحلين إلى الأبد .. وعندما فقدت الوعي بين ذراعي.. وأشار الطبيب إلى امكانية الحمل .. تجدد الأمل داخلي وعرفت بأن هذا الطفل هو فرصتنا لنصحح جميع أخطائنا ونبدأ من جديد .. لأجدك قد رحلت فجأة دون أي كلمة عن مكانك
ارتسمت التعاسة التامة في عينيه وهو ينظر إلى عينيها الدامعتين الشاخصتين إليه بعدم تصديق .. فأحاط وجهها بيديه وقال بصوت أجش :- قولي بأنك تصدقينني يا نانسي .. وأنك ترفضين تصديق أكاذيب ريم .. قولي بانك لا تصدقين بانني ذلك السافل المستعد لاستباحة عرض ابنة عمه .. وخيانة زوجته تحت سقف بيتها .. أخبريني بأنك لا ترينني حقيرا إلى ذلك الحد
احتاجت نانسي إلى لحظات قليلة كي تدرك الحقيقة .. كي تدرك بان محمود الذي عرفته لأشهر .. محمود الذي جماها وحمى عائلتها .. والذي اعتنى بأمها وشقيقتها .. الذي منحها حبه وحنانه وصبره .. لا يمكن أن يكون كما وصفته ريم .. عرفت بانها قد أساءت الظن به .. وأنها لم تمنحه أي شيء من الثقة في الوقت الذي منحها الكثير .. عرفت بانها تحبه إلى حد يدفعها لمسامحته على كل أخطاءه معها ومنحه فرصة جديدة لبناء ثقتها به من جديد .. عرفت بانها لو تجرأت منذ البداية على البوح له بشكوكها ومخاوفها .. لوفرت على كليهما كل هذا العذاب والالم ..والشعور بالوحدة .. عرفت بأنها قد فضلت تصديق فتاة مريضة وغير متزنة كريم على تصديق الرجل الذي تحب وتحتاج .. فلم تحتمل كل هذه الحقائق .. سالت دموعها بغزارة سرعان ما تبعها نشيج عنيف .. بكت هذه المرة حزنا على ما سببه كل منهما للآخر من ألم دون أن يدرك .. سحبها إلى الأريكة الجلدية ..وأجلسها عليها وهو يضمها بقوة تاركا إياها تذرف الدموع على صدره .. ربت على شعرها وهو يهمس :- لماذا لم تخبرينني بكل هذه الشكوك والوساوس التي كانت تثقل قلبك يا حبيبتي .. لماذا لم تواجهيني بالحقيقة ولو لمرة وتسأليني عنها .. لماذا تركت نفسك تتألمين بصمت بسبب أكاذيب ريم ؟
قالت دون أن ترفع رأسها .. ودون ان تتوقف عن البكاء :- لقد خفت .. خفت ان تؤكد لي كلامها وأنا ما كنت لأحتما هذا .. لم أستطع أن اصدق بأنك تحبني حقا وقد أظهرت لي مرارا امتعاضك مني واحتقارك للشخص الذي كنته لسنوات طويلة
أجبرها على النظر إليه .. وقال لها مجددا بصوت حازم :- أنا أحبك .. أحبك يا نانسي .. أحبك بكل عيوبك ومزاياك .. لا .. أظنني احبك لعيوبك فقط .. فما كنت لأجد على الإطلاق فتاة تجتمع فيها وفي آن واحد صفات رائعة كالقوة والصلابة والانوثة والضعف .. أحبك بكبريائك وتكبرك .. بغرورك وغيرتك .. بعنادك وتطرفك .. احبك .. ولا أريد أن اغير شعرة واحدة منك .. لأنني أدركت بانني لا يمكن أن أعيش لحظة واحدة بدونك
تغلغلت كلماته القوية إلى داخل كيانها وهزتها حتى الاعماق .. نظرت إلى وجهه الوسيم الحبيب .. إلى عينيه الصادقتين .. وعرفت بانه يقول الحقيقة .. فتجرأت أخيرا على ان تنطق بالكلمة السحرية التي طال شوقه إليها .. وهمست :- أحبك
ترقرقت الدموع في عينيه هذه المرة وهو يسحبها .. ويقبلها بحرارة ولهفة أنستها تماما واقعهما .. لفترة طويلة .. لم يستطع احدهما ترك الآخر .. حتى همس لها بصوت محموم :- لنصعد إلى غرفتنا
نظرت إليه وقد أعماها شوقها إليه .. وتلهفها الذي فاق تلهفه .. إلا انها تذكرت شيئا جعلها تغمغم بقلق :- ماذا عن جراحك ؟
ارتسمت على شفتيه ابتسامة لعوب وهو يقول :- لن يوقفني شيء وقد احتويت بين ذراعي أغلى ما اتمنى
تورد وجهها عندما عاد يقبل وجنتها الناعمة وعنقها الغض فتمتمت :- ربما .. ربما علينا المرور على جدتك اولا .. إن رأتنا معا فستطمئن إلى اننا قد تصالحنا أخيرا .. أنت لم تظن حقا بانها قد صدقت قصصك الملفقة بغريزتها المتيقظة
أطل التقدير من عينيه لاهتمامها بمشاعر جدته وقال :- عرفت بانني لم أخدعها
عندما فتح الباب فجأة .. سقطت عند أقدامهما كل من نجوى وحنان اللتين كانتا تحاولان استراق السمع .. ومن خلفهما ظهر باقي الخدم وقد بدوا كمن ضبط متلبسا .. لوى محمود فمه بامتعاض وهو يغمغم :- أحيانا أفكر بان المستخدمين لدي بحاجة إلى التأديب من حين إلى آخر
ثم رفع صوته قائلا بصرامة :- الكل مفصول من العمل لمدة ثلاثة ايام
تراجع الجميع وقد علت ابتسامة هي مزيج من الرضا والخبث وجوههم .. وقد عرفوا بأن رئيسهم لم يقصد طردهم حقا .. إنما هو يرغب فقط بأن ينفرد بزوجته الصغيرة والجميلة لأكبر وقت ممكن .. زوجته التي يحبها بجنون


النهــــاية

تمت بحمد لله
اتمني تنال اعجابكم
تجميع ورد الجوري



تعليقات