بارت من

رواية الذوق الاسباني -7

رواية الذوق الاسباني - غرام

رواية الذوق الاسباني -7

أشاحت عنه و تأبطت ذراع سام و ذهبا بعيدا عن الأنظار .. بالضبط كما حدث من قبل ..
لم يصدق عينيه .. بل لم يصدق كيف كانت عيناه معمية عن رؤية الحقيقة التي أمامه ؟! وميض آلات التصوير جعلت عقله يومض من جديد ..عاد تفكيره أسابيع للوراء .. حيث كان واقفا في قاعة الدرجة الأولى في مطار لوس انجلوس .. ينظر إلى الناس .. عندما لمحت عيناه امرأة جميلة تتحدث مع رجل و تضحك .. حتى رفعت رأسها .. ظن للوهلة الأولى بأنها لا تستطيع أن تراه .. لكن عندما ابتسمت له أيقن بأنه وقع في غرامها ..
إذن لورا هي تلك الهيفاء الجميلة التي لمحها في المطار و تعلق بها قلبه .. و كيف لم يدرك ذلك و هي أمامه كل يوم .. و خاصة عندما أتى سام .. كان وجهه مألوف بالنسبة له .. يا إلهي .. إذا الفتاة التي تعلق بها قلبه ما هي إلا لورا التي يعشقها بجنون .. إذا لقد أحب نفس الشخص مرتين .. فهل هذا منطقي؟!!
يا ربي .. لم الأمور معقدة إلى تلك الدرجة .. لم لورا و الفتاة الهيفاء هما شخص واحد .. لم أحب من يجب أن لا يحب .. إن الأمور تزيد خناقها عليه و لم يعد يعرف كيف يتصرف حيالها .. هل يتبع قلبه أم يسمع عقله ؟! و من تكون لورا ؟!!
لم تتحرك رجليه إلا عندما بدأت أنغام موسيقى الفالس بالعزف و أخذ كل رجل امرأته إلى وسط القاعة ..
- " هيا دون باتريشو .. انتقى فتاة و راقصها .. إنها حفلتك "
كان صوت نانيرا يناديه من بعيد .. اقتربت منه و همست في أذنه و هي تشير على امرأة وحيدة
- " تصرف كالنبلاء و ادعوها للرقص "
ثم دفعته بيدها ناحية تلك المرأة التي رفعت رأسها لتنظر إليه .. يا إلهي كيف المصائب تتحذف عليه من كل الزوايا .. لم ماريا من بد الفتيات الجميلات ؟!!
انحنت أمامه و حاولت أن تغريه بابتسامتها .. قالت برقة
- " دون باتريك .. كنت أتساءل متى ستدعوني للرقص ؟! "
لم يعلق بل مد لها يده فتعلقت برقبته و شبكت أصابعها الناعمة بيده و كأنها كانت تنتظره دهرا .. قادتها خطواته إلى وسط القاعة .. حيث زاح الراقصون عنهما ليكونا في المنتصف .. كانت هائمة به و لطالما فعلت .. لكنه لم يكن يهيم بغير لورا .. و تمنى أن تكون هي من يرقصها الآن ..
رأتهما لورا من بعيد و لا شعوريا ضغطت على ذراع سام الذي تأوه و التفتت إليها
- " لم فعلت ذلك ؟! "
نظرت جاكلين إلى حيث تحدق لورا ,, و رأت الدوق يرقص مع امرأة جميلة جدا و يبدو أنها مسحورة به ..
لم تعد لورا تتحمل تجاهله إياها.. و قالت في نفسها .. إلى متى سأنتظر منه ردة فعل ؟! يبدو بأنه إنسان بلا مشاعر ..
فأخذت يد سام و جرته إلى وسط القاعة .. ارتعب سام لهذه الفكرة و قال لها
- " لكني لا أجيد رقص الفالس "
- " اتبع خطواتي .. و اترك القيادة لي "
و بالفعل فعل ما طلبته منه .. و تصنعت الابتسام و رقصت بالقرب من الدوق .. رقصت و كأنها تملك القاعة و حاولت قدر الإمكان تجاهل نظراته و وجوده .. حيث كان ينظر إليهما مستغربا.. حاولت ماريا أن تجعله ينتبه إليها لكن عيناه كانتا مسمرتين على تلك المرأة التي عشقتها منذ أول مرة.. و من ثم غار قلبه ..
تعمدت لورا أن تخلل أصابعها في شعر سام الذي نظر إلها مدهشا لتصرفاتها .. فقربت فمها من أذنه و همست قائلة
- " إني استعمل سلاح الغيرة .. و أنت وسيلتي يا سام .. أرجوك جارني في لعبتي "
نظر إلها بكل إعجاب بأفكارها.. فهو خير من يجيد لعب هذه اللعبة
- " أمرك موالاتي "
قبلت لورا رقبة سام أمام مرأى باتريك الذي صارت مثل النار أعصابه و هو يرى التودد فيما بينهما..
جذبت ماريا وجهه بيديها و قالت معاتبة
- " دون باتريك .. أنا هنا "
- " و أنا يقن لذلك.."
قالها بعصبية .. و لحسن حظه أن الموسيقى توقفت .. و توقف الجميع عن الرقص و صفقوا للورا الغريبة بالنسبة لهم و كيف كانت جريئة بأن تبهرهم برقصها و جمالها و روعة فستانها ..
و ما هي دقائق حتى تحوم حولها الرجال و كانت تحاول قدر الإمكان الاختباء خلف سام حتى ابتعدت عن وسط القاعة ..
اقترب أحد أصدقاء باتريك و سأله قائلا
- " من تلك الجميلة الشقراء ؟! "
- " تقصد آنسة آغنر .. ضيفتي "
- " و كيف لم تراقص ضيفتك يا باتريك ؟!"
و بماذا يجبه ؟! غير الابتسامة ...
- " لو كنت بمكانك لوقعت في غرامها"
و من قال عكس ذلك .. فانا مولع بتلك الأمريكية الساحرة .. لو أنها لا تكن تشاركني ملكي لكنت ... قاطعه صوت داني يتكلم بالمايكروفون من أفكاره التي أخذت إلى عالم آخر .. و لم يسمع إلا آخر جملة قالها داني
- " و لنشرب جميعا نخب فوز الدوق.."
رفع الجميع كؤوسهم و التفتوا ناحية باتريك الذي أومأ لهم امتنانا و غمز بعينه لداني .. و من جديد بدأت الأنغام تتصاعد .. و هذه المرة كانت رقصة السامبا .. فأسرع باتريك ليتوارى عن الأنظار .. فهو لا يود أن يراقص أي أحد الآن .. إلا إن كانت تلك صاحبة الفستان الأخضر..
خرج إلى الشرفة و أشعل سيجارته و أخذ يتأمل السماء المرصعة بأحجام مختلفة من النجوم و كأنها ماسات متلألئة .. أنزل عينيه إلى الأرض ليلمح شخصا في الحديقة في الأسفل .. دقق النظر ليجد شخصا آخر .. و بسرعة عرفها عندما استقامت واقفة .. استطاع أن يلمح حركة يديها الغاضبتين و كأنها كانت تتشاجر مع سام الذي كان يحاول جرها إلى داخل القاعة لكنها بدت له بأنها تريد البقاء وحدها خارجا فتركها و دخل إلى القاعة برفقته جاكلين ..
انتهز الفرصة لأن يختلي بها .. أسرع بالنزول إلى الحديقة من الدرج الجانبي و اقترب منها بهدوء .. كانت تنتظر إلى انعكاسها على سطح الماء .. و فجأة ارتعبت عندما رأت انعكاس رجلا خلفها .. و استدارت بسرعة ... تنهدت ارتياحا عندما رأت ملامح وجه مألوف .. وضعت يدها على صدرها و قالت مؤنبة
- " لم تحب أن تجعل قلبي يقفز ارتعابا ؟! "
- " و لم تحبين أن تجعلي قلبي يقفز تعذبا ؟! "
قالها بهدوء و هو ينظر إليها بافتتان .. ارتعش جسدها بأكمله و أخذت تنظر إلى عينيه تحاول أن تجد معنى لتلك النظرات و ما قاله .. هل كانت تحلم ؟!
اقترب منها خطوتين و ابتسم بطريقة مثيرة و ساحرة قائلا
- " إن الفستان يلائمك تماما "
قالت و هي لا تعرف سبب شعورها بالخوف
- " شكرا "
- " لم أتوقع أن النتيجة ستكون بهذا السحر و الإثارة "

لقد أضاعته للحظة و لم تفهم عن ماذا كان يتحدث

- " عفوا .. عن ماذا تتكلم ؟! "
- " عن الفستان بالطبع "
- " الفستان ؟! و كيف بإمكانك أن تتوقع النتيجة ؟! "
- " لقد تخيلته على جسدك عندما رأيته على واجهة المحل .. لكنه بالطبع أجمل عليك من المانيكان "
فتحت عيناها على اتساعهما و قالت بدهشة
- " ماذا ؟ أنت من اشترى لي هذا الفستان و وضعه على فراشي ؟! "
- " و من غيري يدعوك لارتداء فستان لحفلة اليوم ؟! "
- " لقد ..لقد اعتقدت أنه سام يريد أن ... "
قاطعها معلقا بعصبية
- " بالطبع .. سام "
شعر بالحنق على سام و الغيرة و العدائية تجاهه .. على الرغم من صدمتها إلا أنها سعدت بفكرة أن يهديها باتريك فستان و يدعوها لحفلة اليوم و لسذاجتها لم تعي بذلك .. أو أن عقلها الباطني رفض تلك الفكرة من أساسها .. لكن الفكرة لا تزال قائمة .. و الدوق واقف أمامها و هو يلتهب من الغيرة ..
و أرادت أن تكمل لعب لعبتها فقالت له و كأنها لم تتأثر بنظراته المغرية و لا بهمساته المثيرة أو غيرته الساحرة .. رفعت رأسها و قالت
- " شكرا لك دون باتريك على الفستان "
استغرب برودتها التي على عكس عادتها و أجابها
- " على الرحب و السعة "
مرت من أمامه قائلة
- " استأذنك الرحيل "
لكنه أمسك بها من معصمها يوقفها لكنه هذه المرة بخفة
- " إلى أين يا آنسة ؟! "
بدأ الخوف يدب في أوصالها من جديد .. و لا تعرف كهنته .. فهل هو خوف من حب رأته في عيون آسرها ؟! ..أم أنه خوف من شيء سيء قد يحدث في أية لحظة الآن ؟!
حاولت أن تتحلى بالشجاعة أمامه و أن لا تضعف أمام رجولته الطاغية
- " إن سام و جاكي ينتظران في الداخل "
- " لا ضير إن انتظراك لعشرة دقائق أخرى "
- " ماذا تريد مني ؟! "
فكر بعقله هذه المرة .. هل من الممكن أن أبوح لها بإعجابي بها ؟! و أني رايتها من قبل و وقعت في غرامها و لا أود مفارقتها الآن ..أو أني أريدها أن تجلس معي فنتسامر و كأن شيئا لم يحصل بيننا ؟ و كأن ذلك العداء قد طار إثر ذلك الوميض الذي نبهه إلى الواقع ؟ هل يمكن أن يتناسى كل شيء بتلك السهولة و كأن شيئا لم يكن ؟! و ماذا عن تهجمه عليها بالأمس ؟ هل ستغفر له ؟!
انتظرته حتى يجيبها .. لكنه عوضا عن ذلك أفلت يدها و بسرعة تبدلت ملامح وجهه لتصبح أكثر جدية ..
شعرت بخيبة أمل .. فقد أملت أن يقول لها : أريدك أنت .. دعينا ننسى الماضي .. ونبدأ من جديد ..
لم يكابر و يعاند مشاعره و قد كاد للحظة أن يبين لها ما يشعر به نحوها .. لو فقط قال لها أريد التحدث معك أو النظر إلى عينيك أو أي شيء غير هذا التلبد .. لم تعد تستطيع الوقوف و النظر إليه .. فهو بالنسبة لها جبان يخشى إظهار مشاعره,, أشاحت عنه و ابتعدت مسرعة حتى دخلت القصر..
ظل واقفا يتحسس الأثر الذي تركته في هذا المكان و في قلبه .. لم لا يستطيع أن يسهل الأمور على نفسه و عليها .. أحس بصداع قوي في رأسه فضغط عليه بيديه و أغمض عينيه .. و تخيل للحظة ان تعود لورا لتقول له شيئا ما .. و ما هو هذا الشيء ؟!
شعر بيد أنثوية تلمس كتفه .. و من ثم تميل على ظهره و تقرب فمها من أذنيه .. استرخت عضلاته المتوترة .. شعر بالراحة و هي تضع شفتيها على رقبته و للحظة كاد أن يجذبها و يقبلها لو أنها لم تفتح فمها لتنطق
- " آه باتريك .. بحثت عنك في كل مكان "
و بردة فعل مفاجأة هب واقفا .. و نظر إليها .. و قال بعصبية
- " ماريا .. بحق السماء .. ماذا كنت تفكرين ؟! "
- " لقد اعتقدت بأنك تريد أن نستعيد علاقتنا ببعض "
- " و ما الذي جعلك تعتقدين ذلك ؟! "
تجمعت الدموع في عيناها السوداء و هي تجيبه
- " أنت يا باتريك .. في الأمس عندما كنا ...."
هدأت عصبيته قليلا و عاد إليه الصداع مرة أخرى فجلس و ضغط على رأسه من جديد و قال بجدية
- " أنا آسف إن جعلتك تعتقدين بشيء لن يحدث .. بالأمس كنت على غير طبيعتي .. "
- " لم يا باتريك لم ؟! نحن نليق ببعض جدا و الكل يقول ذلك "
- " ماريا علاقتنا انتهت قبل ست سنوات .. كنا صغارا و مراهقين "
- " لكن حبنا لم يكن كذلك أبدا .. لم يا باتريك ترفض الفكرة من أساسها ؟؟"
استقام واقفا و أمسك بمعصميها بقوة و قربها إليها ثم قال بحدة
- " هل يجب أن أقول لك بأن هناك شخصا آخر يستحل عقلي و قلبي و يشل تفكيري ؟!"
انهمرت دموعها على وجنتيها و هي تسأله عارفة ما سينطق به
- " و من تكون ؟! هل هي ضيفتك الأمريكية التي لا تستطيع أن تبعد عينيك عنها ؟! "
أفلت يدها و استعاد رباطة جأشه
- " هذا ليس من شأنك .. و الآن اعذريني "
تركها و غادر ليدخل ..
اقترب منه داني و سأله بقلق عندما دخل القاعة و وقف بهدوء
- " باتريك .. لست على ما يرام يا صديقي "
- " إنني بخير .."
- " لكنك تبدو شاحبا فهل هناك ما يزعجك ؟!"
- " لا .. أرجوك داني لا تحقق معي .. سأذهب لاحتسي شرابا لعله يخفف من هذا الصداع "
انزو عن معازيمه قليلا الذين بدأ عددهم يقل في نهاية السهرة .. و بعد أن غادر الجميع اقتربت منه نانيرا تمسح على رأسه بحنية
- " دون باتريشو عزيزي لم لم تودع ضيوفك ؟! "
- " ليس لي نفس في ذلك .. اعتقد بان داني و ماريو أدوا واجبهم على أكمل وجه "
- " نعم لكن غادر الجميع و هم قلقين عليك "
- " سيتفهمون الأمر عندما أعتذر لهم في وقت لاحق .. "
- " اخبرني يا بني ما بك ؟! "
- " إنه مجرد صداع "
- " لا تكثر الشرب يا عزيزي .. و من الأفضل أن تخلد للنوم "
استدارت لتغادر لكنه صاح عليها بصوت منكسر
- " نانيرا .."
آلمها هذا الصوت من ابنها الصغير فتوقفت و قالت بقلق
- " ماذا هناك يا عزيزي ؟"
- " اسمعي احتاج لأن آخذ إجازة للراحة ..يومان فقط .. سأذهب فيهما إلى مدريد .. "
- " هذا أفضل لك ..و هل ستأخذ ماريو و داني معك ؟! "
- " لا .. سأذهب لوحدي .."
- " ماذا عن مهرجان دوس العنب ؟! "
- " سأكون حاضرا لا تقلقي فلن أفوت الفتيات الجميلات و هن يعصرن العنب بأقدامهم "
غمز لها و ضحك فجعلها تبتسم و تقبل جبينه
- " هذا هو باتريشيو الذي اعرفه .. إذا عمت مساءا يا عزيزي "
- " شيء آخر نانيرا .."
- " أنت تأمر "
- " شكرا لك .. أرجوك حاولي أن تخففي عداءك تجاه لورا و صديقيها .. "
- " ماذا هل اشتكت لك ؟! "
- " لا .. لا .. لم تقل لي أي شيء .. أرجوك رتبي حجرة لصديقها فليس من الصواب أن يقيم ثلاثتهم في حجرة واحدة "
- " على الرغم من نواياها السيئة إلا أنك تعاملها و كأنها ضيفة محترمة "
- " و هي كذلك .. حتى ننتهي من الأمر "
- " حسنا سأفعل ما بوسعي "
أخذ يدها و قبلها و بعد ذلك صعد إلى حجرته .. وجد كيس أسود معلقا على باب جناحه.. عرف من أين هذا الكيس فهو الذي به الفستان الأخضر الذي اشتراه للورا ..اعتصر قلبه ألما .. فهي بردها لهديته كأنها ترده هو .. و هذا يدل بأنها لا تنوي مصالحته .. من حقها فهو لم يكن إلا وغدا معها منذ قدومها .. إنه الوقت الأنسب له لأن يصفي ذهنه .. جهز حقيبته الصغيرة في دقائق ثم غادر القصر و انطلق بسيارته إلى مدريد ..


كان جالسا في شرفته المطلة على حوض الاستحمام لأحدى أفخم الفنادق في مدريد .. يرشف من قهوته من جهة و ينفث دخان سيجارته من جهة أخرى .. و يحملق في الظرف الأبيض الذي وضعه أمامه المخبر..
- " هنا ستجد كل ما تريد معرفته عن لورا آغنر يا سيدي "
- " شكرا لك .. "
مد يده عبر الطاولة فسحب الظرف و أخذ يقلبه .. كان مترددا في فتحه .. لكنه فتحه بالنهاية و أخرج منه أوراق بيضاء قرأ أول ما لفت نظره حيث كان أسود بالخط العريض
( لورا آغنر أشهر عارضة أزياء في أمريكا )
إذا هذا ما أنت عليه يا لورا .. عارضة أزياء مشهورة .. أخذ يقرأ المزيد و المزيد .. أخرج قصاصات مجلة و جرائد تحمل صورا للورا و بعض أبرز العناوين عنها ..
( شقراء تكتسح دور عروض الأزياء )
( آغنر هي كامبل بنسخة شقراء )
(فستان مارك جيكوبس بجسد لورا آغنر )
و قرأ أجدد عنوان لمجلة (اكسبلوجر) تحمل صورة للورا بفستان ذهبي و تقف على أوراق الأشجار معلنة قدوم فصل الخريف .. فصل تساقط قلبه في حب تلك المرأة الذهبية.. أخذ يدقق في هذه الصورة و يفكر فيها ..

- " لورا .. لورا .."
دخل سام مفتعلا ضجة عارمة كعادته عندما يكون هناك شيئا ما يلح في باله..
- " ماذا هنالك يا سام ؟! "
- " انظري ماذا أحضرت لكما ؟!"
كان يحمل بيده فستان من القطن الأبيض ..
- " ما هذا ؟! "
سألته جاكلين باستغراب
- " و ما عساه يكون .. فستان أبيض من التراث الأسباني .. لمهرجان دوس العنب .."
أعادت لورا جملته الأخيرة
- " دوس العنب ؟! سمعت عنه من قبل .."
قاطعها ليكمل عنها
- " شرح لي ماريو كل شيء عنه .. يقومون بقطف العنب من الكروم و بعد ذلك يضعونه في برميل عملاق جدا .. و الأجمل في هذا الأمر هو أن الفتيات يرتدين الفساتين البيضاء التي تلتصق على أجسادهن البرونزية و يعصرن العنب بأقدامهن العارية على أنغام الموسيقى .. آه كم من الصور الرائعة سألتقط لك يا عزيزتي .."
- " و من قال لك بأني سأشارك في هذا المهرجان "
قال بحزن و ضيق
- " بلى ستفعلين .. أرجوك قولي بأنك ستفعلين .. لا يا لورا .. جاكلين أقنعيها "
أجابته جاكلين
- " ستفعل ما يحلو لها يا سام "
- " لا يا جاكي أقنعيها أرجوك .. و إلا لما أحضرتك معي ؟"
- " أنت أحضرتني معك ؟ إنك محتال يا سام .."
ضحكت لورا و جاكلين على تعابير وجهه ..
- " لقد طلب مني ماريو أن أوصل الخبر لك و هو من أعطاني الفستانين .. هذا يعني بأن الدوق هو من أمره بذلك "
- " حسنا سأحضر المهرجان و سأشارك فيه لكن ليس من أجل الدوق بل لي أنا و جاكي .. حتى نمرح قليلا .."
كانت الساعة تشير إلى الرابعة عصرا حيث تجمع الجميع بسلالهم في الكروم لقطف العنب ..انبهرت لورا عندما رأت بأن جزءا من ورثها يشمل هذا الكروم العملاق .. الذي يمتد إلى أسفل الوادي ..و هناك بالأسفل رأت مبنى عملاق كتب عليه (مصنع ألفاريز دو تيلدو)..
ارتدت لورا و جاكلين الفستان الأبيض الذي أحضره سام .. و الذي يكشف كتفيها و أعلى صدرها و ربطت شعرها الأشقر برباط أحمر.. و حملت بيدها سلة أعطاه إياها ماريو الذي عندما رآها قال معلقا ..
- " تفضلي يا آنسة آغنر سلتك .. أتمنى ان تملئيها بالعنب الصالح "
ابتسمت معلقة
- " شكرا لك .. سأبذل جهدي "
أعلن أحد المسئولين عن التنظيم بدء المهرجان .. فركض الجميع نساء و رجال إلى الكروم .. و الكل كان يملأ سلته بالعنب الأحمر الناضج ..
حاولت أن تقطف واحدة لكن الأمر كان صعبا بالنسبة لها .. شدت بقوة و حاولت أن تقطعها.. كان داني يراقبها من بعيد و يقترب منها شيئا فشيئا..
أحست لورا بيد رجولية تحط فوق يدها و عرفته من رائحة عطره .. تجمدت في مكانها و تركت نضالها في قطع عنقود العنب..

- " تقطعيها هكذا بطريقة مائلة .."

سقط العنقود في سلتها .. عندها استدارت لتواجهه .. كان مبتسما و بدا لها أكثر وسامة من قبل خاصة ببروز لحية ذقنه قليلا و ارتداءه قميصا أبيض فتح أزراه الأولى ليبرز جزء من صدره البرونزي و فوقه سترة سوداء .. اللباس الأسباني..
كانت تنظر إليه بشوق و كأنه غاب عنها سنتين و ليس ليومين..
- " تبدين و كأنك من الأسبانيات لم أكن لأفرق بينك و بينهن لولا شعرك الأشقر .. "
اقترب منها ليزيح خصلة سقطت على جبيها ..اضطربت و اهتز بدنها و هي تنظر إليه .. لا يعقل أن يكون هذا الطويل العريض الواقف أمامها هو الدوق باتريك .. خاصة مع هذا المزاج المبتهج.. أو أن غيابه ليومين غيره كليا ؟! ..
نظر إلى سلتها الخاوية فضحك قائلا ..
- " اعتقد بأنني أنقذتك .. يجب أن تملئي ثلاث سلال من العنب على الأقل .."
- " حقا ؟! "
- " سأكون سعيدا بمساعدتك .. فآخر ما تريدينه هو أن تجرحي يديك الناعمتين بالشوك"
نظرت إلى عنقود العنب إن أطراف الغصن مليئة بالشوك الصغيرة ..
- " شكرا لك .. نبهتني.. و ماذا عنك ألن تملأ سلالك ؟! "
- " بلى سأفعل ذلك .. معك "
غمز لها بعينه ثم بدأ بقطف عنقود فآخر و هي تنظر باستغراب من تصرفاته و مزاجه المختلف ...
ما هي إلا دقائق حتى ملأ سلة واحدة و قال لها ضاحكا
- " هيا أسرعي .. لقد سبقتك .."
تركت الماضي خلفها .. و قالت معترضة مع ابتسامة
- " لم أكن أعلم أننا نتسابق .. هذا ليس عدلا "
- " حسنا إذا سنبدأ من جديد إن شئت .. "
- " يروق لي ذلك .."
كانا يقطفان العناقيد و يلقيانها بسلالهم بسرعة و جدية و كل منهما مركز ذهنه .. فجأة اصطدم بها فكادت أن تسقط و سلتها فوقها .. فأسرع بان حوط خصرها بيده و جرها إليه .. فتحت عينيها لتجد نفسها تحدق بعينيه الجميلتين ذات الرموش السوداء الطويلة .. بقيت لفترة بين ذراعيه و قلبها معلق بين السماء و الأرض ..
- " داني ألم تر الدوق ؟ لقد رأيت سيارته مركونة عند باب القصر "
- " إنه هناك .. انظر يا ماريو.. هناك بين الأشجار "
رأى ماريو منظر الدوق و لورا ملتصقين و يحدقان ببعضهما البعض .. تبادل ماريو و داني النظرات فسأله
- " ماذا يعني ذلك ؟! "
فرفع داني كتفيه بلا اكتراث و ابتعد .. استدار ماريو ليعطي سيده الخصوصية ..
- " هل وجدته يا ماريو ؟! "
- " آنسة ماريا .. لقد طلبت منك أن تنتظري ريثما أبحث عنه .. هيا تعالي معي "
أخذها بعيدا عن مكان تواجد لورا و باتريك و هما في منظر حميمي .. لعل الجنون يصيبها عندما تراهما معا ملتصقين ..
ذابت لورا و هي متشبثة في قميصه و قد لامست أطراف أصابعها صدره المكشوف .. لمعت عيناه و قال لها بطريقة ساحرة
- " يجب أن ترتدي هذا الفستان الأبيض كل يوم .. "
ثم شيئا فشيئا قرب شفتيه من رقبتها يقبلها .. فتعلقت به أكثر و هو يصعد بقبلاته حتى شفتيها الناعمتين .. و لم يتوقف إلا عندما سمع صوت الصفارة التي تعلن انتهاء وقت القطف ..
اتجه الجميع إلى البرميل الضخم حيث وضعوا فيه العنب المقطوف .. و كان الدوق و لورا آخر الواصلين ... حمل باتريك ثلاث سلال في يد و اثنتان باليد الأخرى .. بينما حملت لورا سلتين فقط .. و بعد أن ألقي العنب في البرميل .. بدأ عزف الموسيقى .. و حمل الرجال النساء داخل البرميل .. شهقت لورا عندما حملها باتريك من خصرها بحركة مفاجأة واضعا إياها داخل البرميل .. و بسرعة أخذت النساء يدها لتنظم إليهن في الرقص .. في البداية كانت الأنغام هادئة مع صفقات بطيئة و شيئا بدأت تزداد سرعت العزف و التصفيق ..و الرجال بالغناء .. لم تفهم لورا كلمات الأغنية .. لكنها رأت باتريك واقفا بسعادة يصفق و يغني و هو يتأملها .. فأخذت النساء تقفزن فوق العنب و تتطاير العصارة على وجهوهن و ثيابهن التي تحولت من اللون الأبيض إلى البنفسجي ..
كانت لورا و جاكي يضحكان و يلقيان العنب على بعضهما .. و كان سام يأخذ لقطات عدة لهما ..
رقصت لورا و هي تضحك بسعادة متناسية وجود باتريك يحدق فيها بكل افتتان و كان يذوب في كل مرة تشيح بشعرها الأشقر الكثيف المتطاير الذي تبلل بعصارة العنب محدثا جلبة عارمة في حواسه و عقله .. كانت عيناه تترقصان مع تمايل جسدها .. و كلما ارتفع فستانها مظهرا رجليها و فخذيها يرتفع قلبه معه ..
- " دون باتريك .. انضم إلينا "
- " هيا يا دون باتريشيو.. هيا "
كانت النساء تنادي عليه فأخذ الرجال يدفعونه نحو البرميل الضخم .. و يدفعونه حتى أسقطوه داخله .. و بسرعة ساعدته النساء على النهوض و شبكت ماريا أصابعها بأصابعه..أصبح هو في المنتصف و على يمينه و يساره مجموعة من النساء .. بينما لورا في الجهة المقابلة له .. و ينظر إليها يبتسم ..و في كل مرة تقترب المجوعتين ببعضها ثم تبتعد للخلف مرة أخرى .. كان يميل ناحية لورا و كأنه سيصطدم بها .. غمز لها فأنزلت رأسها خجللا و أبطأت من رقصها لشعورها بالإحراج من نظراته الفاحصة ..لم يعد يستطيع مقاومتها .. كانت مثيرة بمعنى الكلمة بثوبها الملتصق بجسدها و وجهها الملطخ باللون البنفسجي ..فترك يد ماريا و اتجه ناحية لورا .. أخذ يدها و جذبها إلى المنتصف .. زاد تصفيق الرجال و النساء الذين ينظرون إليهما .. كان يقود حركاتها و يلفها بكل سهولة و كأنه محترف بالرقص .. و لأول مرة تسمعه يغني .. كان يغني بصوت مرتفع .. تناست بأن هذا هو الدوق الذي عرفته طوال الثلاثة أسابيع الماضية ..الدوق المتكبر المتعجرف .. ذو الأعصاب الباردة .. الخالي من المشاعر .. الذي يتجاهلها .. إنه شخص آخر ..
- " عصر العنب .. أعصروا العنب .. دوس العنب .. "
هذا ما استطاعت فهمه من كلمات الأغنية الأسبانية التي أخذ الجميع ينشد بها ..
رقصوا لساعتين تقريبا و هم يدورون في حلقات و يؤدون حركات إيقاعية حتى تحول العنب إلى عصير سائل في البرميل .. عندها توقفت الموسيقى و توقفت الراقصات ..
صفق باتريك و قال بصوت مرتفع
- " غراسياس (شكرا ) .. أحسنتم جميعا "
ثم نظر إلى لورا و كأنه عاشق يتغزل بحبيبته .. نزل من البرميل, وضع يده على خصر لورا و انزلها على الأرض بخفة .. لكنه لم يفلتها بل أبقاها ملتصقة به و يديها على صدره ..
اشتعلت ماريا غيرة و هي ترى هذا الحب المتبادل بينهما .. و لم تعد تستطيع أن تتحمل المزيد فابتعدت بسرعة .. و تبعتها الفتيات الأخريات لتغيرن ثيابهن المبتلة ..
لم تصدق نانيرا عيناها عندما رأت اليوم ما دار بين باتريك و تلك الجريئة لورا .. إنه مفتون بها .. لقد استطاعت أن تلقي بسحرها عليه ..
بقي هو معها واقفين وحدهما بثيابهما المبتلة الملتصقة عندما غادر الجميع .. كان أكثر سحرا من قبل خاصة بخصلات شعره التي التصقت بجبينه .. أخرج من جيب بنطاله وشاحها الذي كانت تضعه فوق رأسها .. توترت و هي تأخذه من يده ثم قالت بعد أن بللت ريقها الجاف ..
- " اعذرني دون باتريك يجب أن أذهب .."
وضع سبابته على شفتيها
- " اششش..ستذهبين عندما يحين الوقت لذلك "
أخذ قلبها يدق بعنف بين ضلوعها عندما قرب شفتيه فلامست شفتيها ..قبلها .. بنهم و شغف .. تعلقت به بقوة و بادلته حرارة التقبيل .. أغمضت عينيها لتنعم بهذه اللحظة بين أحضانه ..
الصقها على البرميل و حشر جسدها بجسده و انقض عليها بقبلاته في وجهها و رقبتها و صدرها المكشوف ..و امتزج طعم قبلاتها بطعم العنب اللذيذ .. ذابت مثل الشمعة تحت حرارة جسده و قبلاته .. و تمنت أن لا يتوقف أبدا ..
لكن هذا لا يدوم أبدا .. أنهى قبلاته بواحدة على كتفها ثم رفع رأسه ليحدق في عينيها الساحرتين
- " لديك أجمل عينين رأيتهما في حياتي "
أمسكت وجهه بيديها و أخذت ترفع خصلات شعره المبتلة .. إنها هائمة بحبه .. طبعت قبلة صغيرة على جبينه ثم ابتعدت عنه بسرعة و هي تركض إلى القصر .. كانت مبتسمة و سعيدة .. و أخيرا فتح لها باب السعادة .. لكن هذه السعادة لا تدوم طويلا !!!
كانت ماريا في انتظارها في غرفة الجلوس و ما أن صعدت لورا أول خطوات الدرج حتى أوقفتها
- " آنسة آغنر .."
نزلت لورا الدرجات و اقتربت من ماريا
- " تفضلي .. كيف أخدمك ؟! "
- " لابد أنك لا تعرفين من أكون "
- " بصراحة لا لكنني رأيتك عدة مرات هنا من قبل "
- " أنا ماريا سيلفادور .."
استغربت لورا .. فماذا تريد منها هذه السيدة و لم تقول لها من تكون ؟؟ انا لا أبه بك .. فاتركيني أصعد حجرتي و أزف خبر سعادتي لجاكلين .. لكنها عوضا عن ذلك قالت لها
- " أهلا و سهلا آنسة سيلفادور .. "
- " اسمعيني يا لورا لست هنا لأعقد صداقة معك أو أي شيء من هذا القبيل فأنت في نظري دخيلة ليس إلا .. "
عبس وجه لورا و أعادت ما قالته ماريا
- " دخيلة؟! ماذا تعنين "
- " وجودك في هذا القصر و قربك من باتريك "
- " أنت لا تعرفين عن سبب وجودي هنا .. و قربي من دون باتريك ليس من شأنك "
- " بلى من شأني ففي القريب العاجل سنتزوج .. لذلك يجب أن توقفي لعبتك السخيفة فلقد انكشفت يا آنسة .."
استغربت لورا هذا التهجم عليها من امرأة لا تعرفها .. و ماذا قالت ؟ نتزوج ؟!!
- " أية لعبة عن ماذا تتحدثين ؟!.. "
- " أنت تعرفين جيدا ما أعنيه .. إلقاء نفسك على الدوق ..في حين أنت مولعة برجل آخر غيره .."
- " غيره ؟! ماذا تقولين ..؟!"
- " اسمعيني إنه لا يريد فتاة أمريكية لعوبة و لا يعرف عنها شيئا لتكون زوجته و أما لأبنائه .. كما و أنها لا تتمتع باللباقة و المستوي الذي أنعم به أنا.."
قاطعتها و قالت بعصبية
- " لا .. تعديت حدودك كثيرا و لولا لباقتي لبادلتك الإهانات .. "
ثم استدارت و أخذت تصعد الدرج فصرخت ماريا
- " هيا افعلي .. أريني حقيقتك يا آنسة أغنر .. "
لم تعرها لورا انتباها و دخلت حجرتها .. و هناك انهارت بالبكاء ..يبدو بان كل ما تفعله لورا منذ قدومها هنا .. هو البكاء .. فهي لم تعرف عنه شيئا منذ مدة طويلة.. و ها هي الآن لا تمر عليها لحظة هنا دون أن تنهمر دموعها على وجنتيها .. اقتربت منها جاكلين و حضنتها بقوة ...
- " لم تبكين يا عزيزتي ؟! "
- "جاكي .. لم أعد احتمل بقائي هنا .. لا أريد الورث و لا أريد أي شيء منهم .. دعينا نغادر .."
- " لم يا لورا و أنت تحرزين تقدما ملحوظا .. لقد رأيتك اليوم مع الدوق و كيف كان يعاملك بكل افتتان .. إنه مغرم بك و سرعان ما سيغير رأيه عن فكرة الورث .. انتظري قليلا .. فلقد انتظرت الأسابيع كلها "
مسحت دموعها و استعادت رباطة جأشها .. فكلام جاكي صحيح .. لن تنهار الآن ليس بعد الذي حدث بينهما اليوم .. لقد أثبت لها أنه يكن لها نفس المشاعر التي تحملها له .. لذلك لن تتأثر بكلام ماريا الغيورة .. لكن ماذا عن .. نتزوج ؟!!

في المساء أقيم احتفال لتذوق النبيذ الذي اشتهرت به عائلة آلفاريز دي تيلدو منذ قرون طويلة جدا .. و هناك لبس الرجال البذل الرسمية (تكسيدو )و تزينت النساء بفساتينهن الراقية .. بعكس ما بدوا عليه هذا الصباح بثيابهن الريفية العملية..
طرقت وانيتا على باب جناح لورا فأجابتها جاكلين بالدخول
- " مرحبا .. "
- " أهلا وانيتا .. كيف أساعدك ؟! "
- " دون باتريك يسأل إن كانت الآنسة لورا ستنزل أم لا ؟! "
لكن لورا أجابتها وهي تدخل عليهم غرفة الجلوس
- " أخبريه باني سأفعل .."
التفتت الاثنتان ينظران إلى لورا .. كانت أكثر من رائعة بفستانها الأسود الطويلة الذي استرسل على جسدها و كشف ظهرها كله .. رفعت شعرها إلى الأعلى و ارتدت قرطين ماسين و وضعت ماكياج يليق بالفستان الخلاب ..
كان ينتظرها كعادته أمام الدرج برفقة ماريو و داني و بعض الرجال .. حبس أنفاسه في صدره عندما رآها تنزل الدرج بطلتها البهية مبتسمة .. اقترب منها و أخذ يديها أمام مرأى ماريا التي كانت تتآكل في داخلها و تشب غضبا و حنقا على تلك الأمريكية الجريئة ..
همس في أذنها ..
- " لقد خطفت أنفاسي .. "
- " شكرا لك دون باتريك .."
- " أرجوك .. لقد تعدينا مرحلة الرسميات.. ناديني باسمي فقط .. باتريك "
ابتسمت خجلا عندما غمز لها بعينه
- " حسنا كما تريد .. باتريك .. هل يعجبك هذا ؟! "
- " كثيرا .. "
وضع يديه على خصرها و أخذ ينظر في عينيها .. ثم قال
- " هل تشرفيني بالرقص معي ؟! "
- " لك الشرف "
وضعت ذراعها حول رقبته و شبكت أصابعها بيده الأخرى .. و أخذ يرقص معها حتى أصبحا في المنتصف .. كانت تشعر بأنها سانديرلا تراقص الأمير.. و كلما أدراها بخفة تطاير فستانها و كأنها تملك القاعة لنفسها .. هي و هو .. يرقصان وحدهما ..
و كان حلمها قد أصبح حقيقة و هي بين ذراعي هذا الوسيم .. الذي لم تبعد الفتيات عيناهن عنه خاصة ببذلته التكسيدو السوداء التي تليق بجسده الرياضي .. و بشعره الأسود المرتب و ذقنه الحليق الأنيق ..
انتهت أغنية و بدأت أخرى لتنتهي مرة أخرى و هما يرقصان دون إحساس بالوقت..
عندما التفتت وجدت أنهما وحدين في الخارج ..
- " يا إلهي .. كيف وصلنا إلى هنا ؟! "
- " ألم أخبرك باني ساحر ؟! "
ضحكت .. فأخذ يديها و أجلسها على الكرسي و جلس بالقرب منها .. رفع يدها و قبلها برقة .. فسرت قشعريرة بكل جسدها ما إن لامست شفتيه جلدها ..
- " اسمعيني لورا .. دعينا نترك موضوع الورث و لا نتحدث فيه في أي وقت قريب .. و أوعدك بأن كل ما تريدينه سيكون لك .. لكن الآن دعينا نستمع بوجودنا معا .. ففي الحقيقة يا لورا.. أنا معجب بك جدا ..و حاولت كثيرا أن أبقي هذا الإعجاب بداخلي .. لكن لم أستطيع التحمل أكثر .."
شعرت بأنه سيغمى عليها .. زادت دقات قلبها بطريقة جنونية .. و شعرت بحرارة غير طبيعية في بدنها .. يا إلهي .. لم تستطع أن تنطق بحرف واحد .. و اكتفت بأن أومأت برأسها و ابتسمت بتوتر .. فبادلها الابتسامة ثم قرب شفتيه ليطبع قبلات على شفتيها المرتجفتين..
عندما ابتعد عنها قليلا استعادت وعيها .. و قالت له
- " ما الذي غيرك يا باتريك .. لقد كنت قاسي معي و معاديا قبل يومين فما الذي بدل حالك ؟! "
- " لقد فكرت مليا بأن هذا الأمر لابد منه .. و أنا كنت معجب بك حتى قبل أن أتعرف عليك ..و في ذلك اليوم عندما رقصت مع سام و وجوده معك جعلني أدرك باني لا أريد أن أفقدك لشخص آخر .. لقد جعلتني الغيرة أفكر كثيرا بنا "
- "إنني أشعر بالإطراء ..لكن كيف كنت معجب بي قبل أن تتعرف علي ؟! "
لوى شفتيه و رسم ابتسامة صغيرة فقال
- " لن تصدقي ما سأقوله لك .."
- " جربني .."

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات