رواية يوميات طبيب في الوادي -1
رواية يوميات طبيب في الوادي
الكاتب : medo2009happy
منتديات غرام | أقلام لا تتوقف عن الإبداع
يوميات طبيب في الوادي
إخواني وأخواتي
هذه القصة هي مزج بين الحقيقه والخيال
حقيقه تمثلت في أني بطل هذه القصة
والخيال في بعض التفاصيل
أتمني تنال إعجابكم
الجزء الأول
كنت علي موعد للسفر لتسلم عملي في إحدى القرى النائية والتى تبعد عن مدينتي بأربع ساعات بالقطار فقد تم تعييني كطبيب بهذه القرية وكانت هذه هى المرة الأولي التى أترك فيها مدينتى وأتغرب عنها وعن أهلي وبعد أن أعددت حقائبي وودعت أهلي وأنا لا أعرف المجهول وأخشاه لما عرفته عن هذه القري فهى في صعيد مصر وثقافتي تختلف عن ثقافتهم وعلي أن أهيئ نفسي لحياة لا أعرف كيف سيمر الوقت فيها فالصورة قاتمة بداخلي مما سمعته وماعرفته عن قسوة الحياة هناك وفي صباح هذا اليوم في رحلة سفري ركبت القطار وجلست في كبينة في مقدمة القطار وأمسكت بجريدة وبدأت بتصفحها وكانت الكابينة خالية وبين القراءة في الجريدة والنظر من نافذة القطار وإنتشار الخضرة والأشجار ورؤية النيل والسماء صافية والشمس تلقي بأشعتها علي صفحة النيل ومرت ساعة وأنا علي هذه الحال وتوقف القطار علي أولي محطاته وتمنيت أن يأتي أحد ويجلس معي في الكابينة فقد كاد الملل يتسلل إلي نفسي وما هي إلا دقائق وبينما أنا منهمك في قراءة الجريدة فإذا بعيني تلمح حذاء نسائي يبدو من لمعانه أن صاحبته مهتمة بنفسها وفورا وبإحساس الفضول رفعت عينى لإري صاحبة هذا الحذاء فإذا بي أجد فتاة قمحية اللون علي وجهها إبتسامة دون أن تبتسم وبأدب شديد طلبت منى أن أرفع شنطتي من علي الكرسي الذي أمامي كى تجلس ولم أكن منتبه أن معها شاب في الخامسة عشر من عمره تبدو علي وجهه الجدية وجلس بجانبها وخمنت أنه أخوها الأصغر ووجدت نفسي مشغول بعدة أسئلة وفضول بداخلي يدفعنى كى اعرف عنها أى شئ ربما هو تسليتي الوحيدة أقطع بها الملل وبين الحين والحين أرفع رأسي خلسة مدعيا أنى أقرأ الجريدة أختلس النظرات أراقبها فوجدتها تجلس بكبرياء وتمسك بقصة في يديها تطالع فيها وقد نام أخوها وألقى رأسه علي كتفها ووجدتها فرصة لأسألها وكلي خوف أن تصدنى أو تشعرني بالحرج وأستجمعت شجاعتى وأعتدلت في جلستي وسألتها وكأنى أهمس لها أسألها عن القصة التى تقرؤها وما أن سمعت أول كلمة منى حتى رفعت عينيها من القصة وأجابت بصوت حنون رقيق أنها قصة ليوسف السباعي فهى تحب رواياته لما فيها من رومانسية وشاعرية وأحسست بدفء كلماتها وتمنيت ألا تسكت وقبل أن تنتهي من كلامها ألقيت عليها سؤالا أخر لم يكن يهمني السؤال ولكن صوتها هو مادعاني لسؤالها وعادت لتجاوب علي سؤالي وهكذا تعددت أسئلتي وأسترسلت هي في أجاباتها وأحسست أني قد أثقلت عليها وكدت أن اتوقف عن سؤالها فإذا بها تسألني عن وجهتي وإلي اين مسافر وحين أخبرتها عن إسم القريه التي سوف أتسلم عملي بها إبتسمت إبتسامة أنارت وجهها ولم ترد وأخبرتها أني طبيب قد اتيت لتسلم عملي في قرية من قري الصعيد وأخفيت عليها مخاوفي ولكنها شعرت بهذا من تعبيرات وجهى وحاولت طمأنتي وأن الناس في الصعيد طيبون ويحترمون الغريب وظلت تزين لي وتصف جمال الصعيد وأنا أستمع لها وأستمتع بجمال صوتها وعرفت أنها تعمل مدرسة في قريتها بالصعيد وأنها كانت تحضر شهاداتها من الكلية والأن عائدة الي بلدتها ولم أعرف أسم بلدتها أو أين ستنزل وتمنيت أن تبقي معي حتى نهاية الرحلة ومر الوقت سريعا ولم أشعر كيف مر بهذه السرعة وتوقف القطار ونظرت لي وقالت أن هذه هى المحطة التى يجب أن أنزل بها وأيقظت أخوها ونظرت لي نظرة لم أستطع أن أزيحها عن خيالي وخرجت هي وأخوها من الكابينة وما زلت جالسا في مكاني أسترجع مادار بيننا وكيف كانت مشاعري وسعادتى وأنا أسمع لها وإذا بعامل القطار ينبهني أن هذه المحطة التى يجب أن انزل بها إنها المدينة التى كنت متوجها لها وهكذا لملمت حقائبي بسرعة وأنا أتعجب لما لم تنبهنى وهى تعلم أن هذه هى محطتى وأسرعت أحاول اللحاق بها لكن وسط الزحام ضاعت معالمها وأختفت وحزنت أني لم اعرف من أين هى أو إسم قريتها وقلت في نفسي دعك من هذا وتوجهت الي سيارة تنقلي إلي القرية التى سأتسلم فيها عملي ليبدأ اول يوم لي في وادى الصعيد
نلتقي في الجزء الثاني بإذن الله
الجزء الثاني
كانت القرية التى سوف أعمل بها تبعد عن المدينه حوالي نصف ساعة بالسيارة وقد مرت بي السيارة وفي طريقي إلي القرية مررت على بيوت من الطين اللبن وأخري من الطراز الحديث مما أوحى لي أن القرية بها خليط من الفقراء والأغنياء ولكن يغلب عليها الفقراء ويمر الطريق بجوار نهر النيل بجماله وسحره والأشجار على حوافه والنخيل قد أثمر بين بلح أصفر وأحمر مما جعل المشهد وكأنه لوحة جمالية سبحان من أبدع . كانت الساعة قاربت على الثانية عشر ظهرا حين وصلت الي الوحدة الصحية وشكلها حين شاهدتها من قريب كأنها بنيت حديثا وفور نزولي من السيارة أمام الوحدة أستقبلني أحد العاملين بها فقد عرف أني الطبيب الجديد وحمل أمتعتي ودخلت إلى الغرفه المخصصة للطبيب ووجدت الطبيب الذي سيسلمني الوحدة في إنتظاري وكان ترحيبه بي حارا وشعرت أن الطبيب متعجل في ترك الوحدة ويريد أن يتم التسليم والتسلم بأسرع وقت وكأنه يفرمن المكان أو ربما متشوق لعودته الي بلده وأهله فما عرفته أنه قد طلب نقله إلي بلدته وحاولت أن أفهم منه سبب تسرعه في ترك الوحدة بهذه السرعة وكانت أولي المفاجاءات حيث أفهمني أن القرية بها ثأر وأنه لابد أن يخرج من القرية قبل حلول الليل وهالني ماسمعت منه عن الثأر بالقرية وإطلاق النار طوال الليل والحقيقة أحسست بخوف داخلي ولكن مابيدى حيلة وتم له ما أراد وتسلمت الوحدة ووقعت علي قرار بأني رئيس الوحدة ومسؤلا عنها إداريا وماليا وهذه مفاجأة أخري لم أكن أعرفها كيف لي وأنا غريب وليس لي خبرة في الإدارة والشئون المالية أن أدير وحدة بها عاملين وعاملات وموظفين وممرضات ووجدت الوحدة مكونه من دورين الدورالأرضي وبه العيادة والمعمل ومكتب الصحة وملحق به سكن الممرضات ويعلوه سكن الطبيب نظرت إلي ساعتي فوجدتها تشير إلي الثالثة عصرا وصعدت الي سكني بعد ان تعرفت علي جميع العاملين وبينما أنا أغير ملابسي فإذا بي أسمع طرقا علي الباب فعدلت من ثيابي وفتحت الباب وإذا هي هدى الممرضة وأنتابتني دهشة كيف تجرؤ علي الصعود لسكني ولكنها لم تمهلني وأخبرتني وبطريقة فيها دلال أن هناك شخصا من القرية حضر ومعه طعام علي صينية وأنه أخبرها أنها هديه للطبيب ويريد أن يقابلني وفكرت للحظة هل أرفض أم أقبل الهدية وخشيت لو رفضتها أن تترك أثر سئ في نفسه وطلبت منها ان تجعله يصعد لمسكني وكان يحمل صينية يبدو من مظهرها أنها من أسرة مقتدرة وسألته عن نفسه فأخبرني أنه يعمل لدى أحد أثرياء القرية وعلم بقدومي وأراد ان يقدم واجب التحية وشكرته وطلبت منه أن يبلغه شكري ومرت الساعات وبدأ الليل يرخي ستائره على المكان وكانت الوحدة تطل علي النيل وجلست خارج مسكنى ووجهت نظري لمشهد بديع حيث النيل وأشجار النخيل والخضرة تفترش الأرض وزرقة السماء الصافيه سبحان الله مشهد ما رأيت مثله إلا بالصور فقط مما سمح لخيالي أن يصفو مثل صفاء السماء وتذكرت رفيقة رحلة القطار وكيف كان صوتها عذبا وإبتسامتها التى لم تتعمدها بل هي طبيعة وجهها ضاحك مشرق وأنا أتعجب من نفسي لما لم أسألها عن قريتها أو حتى إسمها وبينما أنا في هذه التخيلات فإذا بوابل من الرصاص يخترق سكون الليل وكأن حربا قد بدأت وأنخلع قلبي من بين ضلوعي وهرولت داخلا مسكني بسرعه وأغلقت الباب جيدا واصوات الرصاص تقترب وتزداد وتهز جدران المسكن هزا وتصورت أن الرصاص موجه على الوحدة الصحية وعلي سكني بالذات ويزداد خوفي كلما أسمع إرتجاج زجاج الشبابيك وإهتزاز المكان وكأن زلزالا قد أصاب المكان وظلت هذه الحالة تتخللها فترات هدوء قاتل ويمر الليل ولم أستطع النوم وأحسست أن الأمر لايحتمل ويجب أن أهرب من هذا المكان فأنا لم أشعر في حياتي بالخوف كما حدث في هذه الليلة وكنت أتشوق لبزوغ الفجر حتي أستطيع أن أخرج من سكني لإشاهد ماحدث للوحدة من طلقات الرصاص وهدأت أصوات الرصاص وخيم علي القرية سكون كسكون القبور وأسرعت وأرتديت ملابسي ونزلت السلم وطرقت باب الممرضات وكانتا ممرضتين مقيمتين ومعهما شغالة لخدمتنا وخرجت هدى وأستفسرت منها عما حدث ليلة أمس وأخبرتني أنها تعودت على هذا وأن الأمر كله بعيد عن الوحدة وطمأنتني وبدأت أشعر بالإطمئنان قليلا وهكذا كلما مرت الأيام كلما زاد إطمئناني وتعودي على هذه الأحداث وسار العمل بالوحدة بهدوء إلي أن جاء يوم وتكررت احداث إطلاق الرصاص وقد تعودت علي سماعه ولكنه يحرمنى النوم طوال الليل وفي صباح يوم من الأيام وبينما أنا في العيادة وإذا بموظف بالوحدة يريد توقيعي علي شهادة وفاة كماهو متبع في الظروف العادية وبالتدقيق في عمر المتوفي أكتشفت أنها طفلة تبلغ من العمر عشر سنوات وطلبت أن أوقع الكشف الطبي عليها وكان أهل الطفله حاضرون ورفضوا في بادئ الأمر أن أوقع عليها الكشف الطبي ومعاينتها ولكن مع إصراري تبين لي أنها مصابة برصاصة في رأسها وهالني ما رأيت وكانت تلك هي المرة الأولى التي أرى فيها قتيل وحولت الأمر للشرطة وتلك كانت نقطة تحول في تصرفاتي بالعمل وأصبحت أدقق في كل شئ مما أثار استياء الموظفين بالوحدة الصحية ومرت الأيام علي هذا النحو بين هدوء وتوتر وكان مسموح لي كطبيب وحيد بالقرية بالكشف الخارجى مقابل أجر بسيط يستقطع منه جزء للوحدة الصحيه والباقي لي كما هو محدد بالقانون وذات يوم وبينما أنا اجلس بالعيادة فإذا بنفس الشخص الذي أحضر لي صينية الطعام يقف أمامى ويطلب مني أن أذهب معه للكشف علي إبنة مخدومه وسألته أن ينتظر حتي أنهي عملي بالوحدة أو يحضرها للعيادة وتعجب الرجل من كلامي وأخبرني أنه سينتظرني لحين الإنتهاء من العمل الرسمي بالوحده وأنهيت عملي وأصطحبت أحدى الممرضات معي وأصطحبنا الرجل الي حيث بيت المريضة وعندما وصلنا إلي البيت إنبهرت من وجود مثل هذا البيت في هذه القرية فقد بدا من مظهره الخارجي أن صاحبه رجل ثري وأنه شخصيه مهمه ودخلنا وأستقبلنا صاحب البيت الذي بدا من هيأته الهيبه وقد كان إستقبالا حارا أبدى فيه الرجل ترحيبه بي وشكرته على كرمه حين أرسل الطعام لي وطلبت منه أن أرى إبنته المريضة وأنتظرنا في غرفة الضيوف وأنا أفكر كيف سأتعامل مع المريضة فهذه أول مرة أقوم فيها بالكشف على فتاة في منزلها في هذه القرية وهي مؤكد ستكون مدللة وأفكار وأفكار تراودني وتتملكني هيبة الموقف فأنا لازلت لا أعرف الكثير عن عاداتهم وبينما أنا في حالتي هذه إذا بالرجل يطلب مني الدخول للكشف علي إبنته وبمجرد دخولي من باب الغرفة ووجهت نظري تجاه السريرالذي ترقد عليه المريضه
شهقت شهقة في نفسي لم يسمعها غيري وقلت يا إلهي ماهذا ؟
ترى ماذا حدث لي وما سبب تلك الحالة التي أصابتني بالدهشة
هذا ما سنعرفه في الجزء الثالث
بإذن الله
الجزء الثالث
كنت في إنتظار أن يسمح لي والد المريضة بالدخول للكشف عليها وما أن أدخلني ووقفت لحظة على باب الحجرة ونظري متوجه جهة المريضة التي ترقد على سريرها وما أن وقعت عيناي عليها وإذا بشهقة تنطلق بداخلي هزت وجداني ونفسي تردد يا إلاهي إنها هي رفيقة القطار لحظات مرت سريعا رأيت كل ماحدث معها في القطار وكيف كانت جذابه وصوتها ناعم كملاك يهمس ولا يتكلم يبتسم ولا يضحك وبينما أنا شارد بتفكيري وإذا بصوتها الملائكي يقول تفضل يادكتور فأنتبه لهذا الصوت لتطالع عيني وجهها وقد بدا كالبدر وهى تحيطه بطرحة علي رأسها لونها سماوى وكأن البدر يتوسط السماء وتتدلى خصلة من شعرها علي جانب وجهها كأنه هلال القمر وأقتربت منها وكانت ترتدى عباءة تركوازية اللون علي الصدر منها نقوش فرعونية بين اللونين الذهبي والفضي وتجلس بجوارها أمها وقد تركنا والدها وخرج من الغرفه وأقترب منها لتلتقي عيوني بعيونها عن قرب وأحسست أني أبحرت في عينها وأوشك علي الغرق فيها ولم يسعفني من خيالي سوى كلام أمها أن حنان تعاني من صداع بالرأس وألم بجسمها وكانت هذه هى المرة الأولى التي أعرف أن أسمها حنان فكم هو جميل هذا الأسم فهو أسم أحبه قبل أن أعرفها وأبتسمت حنان إبتسامتها الجميلة وكأنها تريد أن تخبرني بشئ في نفسها وطلبت منها أن أكشف عليها لأشخص مرضها وما ان مددت يدي كي أرفع الغطاء عن صدرها حتى أمسكت يدي وشعرت كأن شيئا قد أرجف جسدي وأصابتني الحمى وما هى بحمى ولكن تفاعل جسدي مع لمسة يدها ورفضت حنان أن أكشف عليها وبدا علي وجهها الخجل وألقت بعيونها علي يدي وهى ممسكة بيدها لحظات مرت سريعه حملت لي منها رسائل كثيرة وتيقنت أنها ليست مريضة ولكنها حيلة الأنثى وكان علي أن أكتب لها بعض من الفيتامينات لإغطي علي تصرفها هذا ووعدتها أني سأمر عليها في أقرب فرصة وبداخلي رغبة كبيرة ألا اتركها وأن تطول الزيارة وودعتها بعيونى قبل يدي وقد وصلت رسائلنا وقرأها كل منا في عيون الأخر وأصر والدها أن أبقى معه ليقوم بواجب الضيافة معي إلا أني كنت أريد أن أختلي بنفسي أستمتع بذلك المشهد الرائع وهى مستلقية علي سريرها وكأنها تستعد لليلة عرسها وأنطلقت إلى الوحدة الصحية مسرعا قبل حلول الليل وما يحدث فيه من اطلاق الرصاص وألقيت بنفسي علي السرير ولم أتعجل في تغيير ملابسي حيث كانت هي أمامي وتجسدت صورتها حتى أني أستحيت أن ابدل ملابسي أمامها وفتحت الشباك ورأيت مشهد الغروب والشمس تنسحب من علي صفحة النهر وبدأت الطيور تعود لأعشاشها وتهدأ حركة الحياة ولكن مشاعري والتى عدت بها من بيتها لم تهدأ وبينما أنا مستغرق في الإبحار في عينيها إذا بطارق يطرق بابي وأجده يحمل لي نفس الصينيه وعليها أصناف من الطعام وتمنيت كما في الأفلام أن أجد منها رسالة في رغيف العيش وفتشت كل الأكل فخاب خيالي وتناولت طعامي بسعادة كبيرة وأنا أتخيل أنها هي وراء كل هذا وسألت نفسي أهذا هو الحب الذي أسمع عنه أم ماذا يكون أهي أحبتني ؟ هل هي تصنعت المرض لكي تراني وأراها ؟ وظلت الأسئلة تتوالى ولا اجد لكثير منها جواب وأنطلقت رصاصات الثأر من جديد لكي تعيدني من جديد إلى الواقع المرير والذي بسببه كنت قررت الرحيل عن هذه البلاد ولكن بدا لي بعد أن عرفت بوجود حنان أن القرار صار صعبا ويحتاج إعادة تفكير فهي قد أجتاحت قلبي وعقلي ولكن ليس الأمر سهلا في هذه البلاد بعاداتها وقيمها وليست كمدينتي حيث التواصل أسهل وظل التفكير يطاردني وبداخلي سؤال كبير ماهو القادم وهل سيكبر الجنين الذى تكون بداخلنا أم أنني أحلم بشئ مستحيل ؟
هذا ما أريد أن تجاوب عليه الأحداث القادمة في الجزء الرابع
بإذن الله
الجزء الرابع
مر يومان بعد زيارتي لحنان وظل تفكيري معلق بها تشدني إليها بسمتها وحنو ونعومة صوتها وأحسست برغبة تجتاحني لرؤيتها ولكن كان علي أن أكون حذرا فالأمر في هذه البلاد ليس هينا ومثل هذه الأمور تنتشر بسرعة البرق بين الناس والعاقبة قد تكون وخيمة عليها وهذا ما أخشاه وازداد الشوق في اليوم الثالث ولم أعد قادر علي الصبر أكثر من هذا فقررت أن ازورها كما وعدتها بالعودة للإطمئنان على حالتها الصحية رغم علمي أنها لاتعاني من شئ وأنهيت عملي في الوحدة وأرسلت الممرضة لتخبرهم أني سوف أحضر لزيارتها وعادت الممرضة وأنا بشوق كبير لإعرف الرد وكان الرد منها الترحيب وهي في إنتظاري وبدا من كلمات الممرضة معي أنها فهمت ما يجعلني متلهف لزيارة حنان ولكني تجاهلت كلامها وتوجهت هذه المرة بدون الممرضة إلي بيت حنان وأستقبلني أبوها بترحاب كبير وظل يسألني عن حالتها فهى إبنته الوحيدة على أخين لها وطمأنته أنها بصحة طيبة وأن الأمر لايعدو عن كونه بعض الضعف وسوف تشفى مع الوقت وأدخلني على غرفة حنان وقد سبقني قلبي إليها قبل خطواتي وما أن رأتني أمامها حتى أرتسمت بسمتها التى أحببتها وقالت
ازيك يادكتور كان موعدك أمس لماذا لم تحضر
نظراتي لم تترك عيونها وهى تنطق بكلماتها وأعتذرت لها وطلبت مني أن أجلس بجوارها علي حافة السرير التي ترقد عليه وأحسست كأني ملكت الدنيا بجلوسي بجوارها وأمسكت بيدها لقياس النبض وأنا أعرف أنه سيكون متسارعا وأنا من يحتاج لمن يشعر بنبضي كيف كان في تلك اللحظة وتعمدت أن أحصي نبضها عدة مرات لتظل يدي معانقة يدها وأنظر لعينها وأقرأ رسالتها أنها تفهم ما أفعله وما أقصده وهي سعيده بهذا الإحساس وكانت أمها تجلس أمامنا يبدو علي وجهها الدهشة أن تجد أبنتها قد عادت لها بسمتها وقامت الأم لتحضر لي واجب الضيافه وتركت الباب مفتوحا ونظرت لي حنان نظرة سرت في جسدي كله وكأنها تريد أن تعانقني أو هكذا تخيلت وقلت لها
حنان لن أستطيع زيارتك مرة أخرى فلا يوجد مبرر لزيارتي مرة أخري
فتبسمت وقالت
محمد وهل تريد زيارتي
كانت أول مرة أسمع أسم محمد بهذا الجمال ماكنت أعرف أن أسمي له هذا النغم والجمال ولم أستطع أن أجيب علي سؤالها ولكن تركت لها رسالة في عينى وقرأتها وتبسمت بما يوحي أنها فهمت جوابي
وللمرة الثانية تنطق محمد سأتصرف لاتقلق ودخلت أمها وتناولت الشاي وأطلت في شربه كي أنعم بتواجدي بجوارها وبعد أن أنتهيت من الشاي تركتها وأنا أحلم أن أعود إليها مرة أخري وعدت إلي الوحدة وكالعادة ماهي إلا ساعة وحضرت الصينيه مع إمرأة لم أرها من قبل وقالت أن هذه الصينيه هدية من بيت حنان ولم أكن أحتاج لتعرفني من أين أتت فأنا أعرف هذه الصينيه وصرت أعشقها وجلست أتناول طعامي وبينما أحرك أحد الأطباق فإذا بي أجد ورقة أسفل الطبق ملتصقة به فأسرعت ونزعتها برفق وأمسكت بها لإقرأ مافيها إنها رسالة بدون توقيع هذا نصها
دكتوري العزيز
أعذرني لن أكتب أسمي فأنت تعرف من أنا
أنا رفيقة القطار أنا من أرسلت لك أطلب العلاج
لم أكن مريضة لكن كنت أريد أن أراك فهذا ما أحسست به
بعد رحلة القطار أعرف أني أتصرف ضد الأعراف فأنت لاتعرف طبيعة الناس هنا كنت أتمنى أن أحضر إليك ولكن ليس بيدي
أعددت لك هذا الطعام بيدي رغم أنى لا أعد الطعام لإحد
لك سلامي إلي أن نلتقي
أنتهيت من قراءة الرسالة وتابعت قراءتها عدة مرات لا أدرى عدد المرات ونسيت الطعام وبعد أن عرفت أنه من صنع يدها ألتهمته كله بنهم غريب كأني أعبر عن حبي لها أو أريد ألا يلقى بشئ منه فهو من يديها ونمت تلك الليلة والسعادة تغمرني ولحسن الحظ لم أسمع طلقات الرصاص ونمت نوما هادئا وأستيقظت في اليوم التالي ونزلت الي العيادة كعادتي ولفت نظري تجمع بعض العاملين يتهامسون بينهم ومجرد أن شاهدوني إنفض جمعهم وأنتهى همسهم ولم أفكر في شئ ولكن بداخلي هاجس أن الأمر يخصني ولكن ماهو لا اعرف وتكرر هذا المشهد عدة مرات وبدأ القلق ينتابني عن أي شئ يتكلمون أيكون عني وعن حنان أم هناك شئ أخر لا أعرفه كان لابد لي أن اتكشف الأمر وأعرف مايدور حولي وأستطعت بحيلة مني أن أستميل أحد العاملين وأستدرجته في الكلام وكانت المفاجأة التى زلزلت أركاني وغيرت أفكاري ورؤيتى لهؤلاء الناس
فما هي تلك المفاجأة
وكيف سأتصرف حيالها
هذا ماسوف نعرفه في الجزء الخامس
بإذن الله
الجزء الخامس
كانت هناك مؤامرة يدبرها لي العاملين بالوحدة وعرفت من العامل الذي أستطعت أن أستدرجه في الكلام أن أعرف منه مايدبرونه لي فقد فكروا في تلفيق تهمة لي ولم يتفقوا علي الوسيلة واكن عرفت منه سبب هذا الكراهية التى تكونت لديهم وعرفت أن ذلك بسبب تضييقي عليهم في أن يتصرفوا بما تعودوا عليه من الإستحواذ علي مايفرضونه علي الناس من أموال زيادة عن المقرر ويتزعمهم كاتب الوحدة حيث كان يستخرج شهادات للمواليد والوفيات بمبالغ مبالغ فيها وقد حرمتهم من هذا الدخل وقرروا التخلص مني وعندما علمت بهذا لم أفاتح أحد في ذلك بل كتمته في نفسي وبدأت في توخي الحذر منهم وفي نفس اليوم طلبت من العاملة النوبتجيه والتى تبيت في الوحدة مع الممرضات طلبت منها أن تشتري لي حمام وتقوم بطهوه لي وفعلا طهت لي الحمام وأحضرته لي قبل المغرب وبدأت في تناوله وحمدت ربي وماهى إلا ساعة واحدة وبدأ ألم يقطع أمعائي وبدأ ت أشعر بغثيان وزيادة في الألم وأنا أحاول أن أقاوم وتناولت بعض مسكنات الألم وأعطيت نفسي حقنة ضد القئ وهدأت قليلا ولم أبلغ أحد بما أنا فيه من تعب ومرت ساعة أخري وإذا بحالتي تتدهور وأفقد سوائل جسمى من كل مكان حتى أنى شعرت بإعياء شديد ولم أعد حتى قادرا للوصول ألي دورة المياه ووقعت من علي السرير وكأني قد بدأت في فقد الوعي وما هي إلا دقائق وسمعت الباب يطرق ولكني غير قادر على الوصول إليه حتى صوتى بدأ بالضعف وحاولت أن أنبه الطارق على الباب أن يكسر الباب وبدا لي أنه سمعني وسمعت هرج ومرج على باب سكنى وتم كسر الباب بمعرفة الممرضات والعاملة وكان الليل قد قرب على الإنتصاف وما أن رأوني على حالتي هذه إلا وكادوا يصرخوا ولكني أشرت لهم أن يرفعوني على السرير
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك