رواية عهد الطفولة -2
يحنو عليك
" أتريدين الحق نعم "
هزت رأسها لتقول بعدها
" كما أخي الكبير"
هل أنت متأكدة
" كفى "
قالتها بصوت أعلى و هي تقفز من على السرير
أحست بشيء دافئ ينساب على و جنتيها
رفعت أناملها لتتلمسها
ثم رفعتهما أمام عينيها تحدق بالبلل الذي أصابهما
دموع!؟
تبكي ماذا؟
الحنين إلى الماضي؟
لا تنكر بأن حياتها أصبحت فراغ من دونه
فقد كان هو دائما حولها
بل كان كل شيء بالنسبة لها
أخرجها من حزنها على فقدها لوالديها
انتشل طفلة صغيرة من قوقعة الظلام
كيف لها أن تنكر افتقادها له
فلطالما أحست بالحاجة إليه
فبعد أن رحل
أصبحت و حيدة
حتى بوجود ريم معها و كذالك الجدة
إلا أنها اعتادت بل أدمنت و جوده معها في كل شيء
إذا لم لم تبكي طوال تلك السنوات الست
خرت على السرير جالسة
لأنها أدركت الآن كم افتقدته
و لإدراكها أكثر بأنهما أبدا لن يعودا كما كانا من قبل
انسكبت دموعها
و لكن هذه المرة دموع طفلة تبكي بحرقة على أملها الضائع
طفلة خائفة من الظلام بعد أن انطفأت شمعة كانت تضيء دربها
طفلة تائهة .... أضاعت الطريق
دفنت و جهها في الوسادة
قائلة بصوت مملوء بالأسى
" لم أبكيك يا مروان الآن ...؟.! "
فقد اعتدت أن أكون و حيدة منذ أن رحلت
مالذي تغير الآن
عبثا تقنعين نفسك
استسلمي
انك بحاجته
كنت تنتظرين عودته
فصدمتي بالواقع
" لا لم أكن "
بلا
حتى لو لم تكوني تفكرين بذالك
لكنك في الحقيقة كنت تفعلين
و كنت تعلمين بأنه سيعود
" لا .... لا لم أكن ..."
ظلت تردد ذالك حتى غفت
استيقظت فجأة مجفلة
نظرت إلى الساعة إنها الرابعة
التفتت على الباب
ظننت أنني سمعت صوت طرقات
عادت و نظرت إلى الساعة
" الحمد لله لم تفتني صلاة العصر "
نهضت لتتوضأ
نظرت إلى نفسها في المرآة
كانت عينها منتفختين قليلا و محمرتين
غسلت وجهها تطرد تلك الأفكار أللتي غزتها مجددا
لا تريد أن تستعيدها
يجب أن تتغلب على ذالك و تركز على دروسها
فلا شيء مهم الآن
بعد أن أدت صلاته استبدلت حجاب الصلاة بحجاب عادي
لفته بعناية حول رأسها حملت كتابها و خرجت متجهة إلى المطبخ لتعد لها كوب من الشاي بالليمون
و في طريقها
" مروان لم تعودا طفلين حتى تذهب إلى غرفتها "
رد مستنكرا
"جدتي قرعت الباب لأوقظها فقط "
" و إن يكن أنت رجل الآن و هي فتاة لا يجوز أن تدخل غرفتها و تختلي بها "
واصل استنكاره
" أعلم ذالك جيدا لذا لم أدخل "
قالت منهية الأمر
" يجب أن تكون حريصا على ذالك "
في داخلها منال ضحكت ساخرة
نعود كما كنا؟
مستحيل
ثم واصلت سيرها و تلك الابتسامة الساخرة قد تسللت إلى وجهها
أعدت كوبها
و جلست على طاولة المطبخ
عصرت المزيد من اليمون في الكوب عله يزيل الألم في حلقها
" اللهم اشرح لي صدري و يسر لي أمري "
دعت دعائها لتبدأ المذاكرة طاردة كل شيء
***********************************
" ما بالها جدتي .... هل تظنني لا أفقه شيئا "
ألقى بنفسه على الأريكة أمام التلفاز
و أخذ جهاز التحكم من بعد و أخذ يقلب القنوات بحنق و هو يفكر
هل أخطأت بأن أيقظتها لأداء الصلاة
و لكن سرعان ما توقف عن تقليب القنوات لا لأنه و جد مراده
بل لأنه أدرك حقيقة واحدة و كل كم تعرفونها .............
لازال يذكر أول يوم جاءت فيه إلى المنزل
طفلة في الخامسة من عمرها بالغة الجمال
شعرها المائل للسواد ينسدل إلى ذقنها و يغطي جزء من وجهها
فهذه الطفلة قد أطرقت رأسها بحزن
عينيها العسليتان احمرت من كثرة البكاء
أما يديها الجميلتين كيدي الدمية
تشبثت بأطراف ثوبها مرتجفة
" هذه منال ...ابنة عمك ......ستعيش معنا "
كانت تلك هي الجدة تعرف هذه الطفلة إلى صبي في الثانية عشر من عمره
كان يحدق فيها باستغراب
قالت الجدة بصوت يحاول كسب طمأنينة هذه الصغيرة
" قولي مرحبا لمروان "
فما كان من الصغيرة ألا أن شدت من قبضتيها
" مروان اهتم بها سأذهب لأعد الغداء فقد تأخرت بما فيه الكفاية "
أومأ الصبي مجيبا
اقترب من الطفلة
" إن طعام جدتي لذيذ جدا "
لم تجب
مد يته ليمسك بيدها المتشبثة بالثوب
" لا تخافي .... جدتي طيبة " صمت ثم عاد و قال " هي جدتك أيضا "
رفعت رأسها لتنظر إليه مستفهمة
فك قبضتها و احتضن كفها بيده ثم أومأ مؤكدا
قال و كأنه تذكر شيئا
" تعالي سأريك شيئا ما "
سحبها معه إلى غرفته ليخرج صندوق كرتوني مخبأ بعناية
أزال الغطاء ليكشف عن مجموعه كبيرة من الكرات الزجاجية ملونه
و أخيرا شهقت الطفلة شهقة ذهول
ابتسم
" هل أعجبتك ؟"
أومأت بنعم
مد يده داخل الصندوق و أخرج كرة منها
" خذي هذه لك "
كان لونها أزرق جميل
و حين رأى ترددها أمسك بكفها و وضع الكرة في راحتها
ابتسمت "شكرا لك "
"على الرحب و السعة "
ابتسم مروان لهذه الذكرى
كانت حياته فراغ ... لكن منال اقتحمتها رغما عنه
لم يكن له إخوة أو أخوات
صحيح أن جدته معه لكن شتان بيمن امرأة كبيرة في السن و طفل
فأصبحت هي كل شيء
كيف أصبح غريبا عليها الآن و لا يجوز بأن يتعامل معها كما اعتاد
" آه " أطلقه ليكمل يا للزمن
لم يفكر يومها بأن يفترقا الآن
و إلا من قال بأنه سيبتعد كل هذه المدة و.............
قطعت تفكيرة نغمة أصدرها جواله معلنا عن رسالة و صلت
ضغط على الزر لتظهر
" مروان.... كيف حالك يارجل ....يا الله
أنا في انتظارك في المكان المعتاد "
ضغط ليظهر اسم صاحب الرسالة (خالد)
ابتسم انه كان يعلم من هو من أسلوبها
هم واقفا و عدل من هندامه جيدا
و بينما هو خارج متجها إلى سيارته
لمح منال تجلس في الحديقة تقرأ و تحمل كوبا بيدها
تقدم منها
" مساء الخير "
رفعت رأسها مجفلة
ضحك
" آسف هل أخفتك"
قالت بصوت خالي من أي شيء
" فاجأتني"
هاله ما رأى
و جهها شحاب
عينيها محمرتان و منتفختان
" ما بك ؟"
سألها مستفهما
أشاحت بوجهها
" إنني متوعكة و سأتحسن قريبا "
اقترب أكثر
" إن كنت لا تشعرين بتحسن سآخذك إلى الطبيب"
قالت بشيء من الغضب الذي بدأ يعتريها
" لا شكرا لدي امتحان غدا .....و الآن إذهب قبل أن تراك الجدة و تغضب"
فوجئ لما قالت
إذا فهي سمعت حديثنا
و لكن لم تغضب هي منه
أهذا ما استحقه لسؤاله عنها
استدار بحنق ليتابع طريقه
لكن سرعان ما لانت ملامحه
لا يدري لما للحظه رآها عادت تلك الطفلة
***************************
" مرحبا يا رجل ....كبف حالك "
هب خالد مرحبا من مقعده على الطاولة الخارجية للمطعم
" مرحبا بك "
جلس مروان قبالة كما اعتادا دائما
" ما هذا يا أخي لو لم أعلم بالصدفة لم تكن لتخبرني ؟"
قال خالد مستنكرا
رد عليه مروان
" لا ...معقول أن أنسا رفيق عمري خالد"
" لا أدري عنك ؟"
قال ذالك و هو يخرج سيجارة و يضعها في فمه ثم يعرض واحدة لمروان
" لا شكرا تعلم أنني أقلعت عن التدخين "
خالد هو صديق مروان المقرب منذ أيام المراهقة
إلا أنه انتقل هو و أهله ليعشو ا في المدينة
ملامحه هادئه جميلة من يراه لأول مره يحسبه قليل الكلاب
شخصية مرحة صادق و نصوح
يستطيع أن يفهم مروان بسرعة
" ماذا تشرب ؟"
سأل خالد بعد أن استدعى النادل
" شاي بالليمون "
قال باشمئزاز
" يا أخي لا أدري ما الذي يعجبك فيه ألم تغير ذوقك بعد؟"
هز رأسه نافيا بلا
أعطى الطلب للنادل
" ما هي أخبارك يا خالد؟"
اتكأ إلى الوراء على كرسيه
" كل الخير ... وأنت ؟"
" الحمد لله .." أردف بعد أن لاحظ الحماس غاب عنه
" ما بالك لست على ما يرام ؟"
قال و هو يراقب النادل و هو يضع طلبهما على الطاولة
" أمي تريدني أن أتزوج "
أطلق مروان ضحكته عاليا
" لا تسخر "
" يا أخي تزوج و أرحها "
قال بعد أن ارتشف من فنجانه
" مروان أنا جاد"
عادت الجدية إلى مروان ليقول و هو يحرك قطع السكر بالملعقة في كوبه
" إذا لم ترفض ؟"
حدق إلى صورته المنعكسة في السائل الأسود أمامه و دخان القهوة تأرجحها
" تريد ان تخطب لي ابنة خالتي "
أكمل مروان عنه
" وأنت ترغب بأن ترتبط بغيرها صحيح ؟"
أومأ مجيبا
" و أمك لا تريدها ؟"
" لا ... لم أخبرها بعد عنها "
سأل مروان مستغربا
" ولم لا ؟"
تنهد ليجيب بعدها
" لأني لست واثقا من أن الفتاة ستكون لي "
قال ذالك و هو ينظر في عيني مروان المتعجبة
" ولم لا ؟"
" لا أدري "
قال ذالك و كأنه لا يريد الخوض في المزيد
لكنه عاد ليسال
" و ماذا عنك ؟"
لم يكن سؤاله مجرد تغير لدفة الحديث
بل هو مكمل لكلام خالد كما أحس به مروان من الفضول الذي يلمع في عينيه منتظرا الإجابة
أجاب ببرود متجاهلا نظرته
" ليس بعد"
" و لم لا ؟"
ارتشف من كوبه ليقول بعدها
" لم يحن الوقت "
" حقا "
كان خالد مركزا النظر في عينيه و كأنه يبحث عن الإجابة فيهما
لا من كلامه
" المهم كيف تسير أمور عملك ؟"
سأل محاول تغير الحدث
ليجب خالد وهو يعلم مقصده
" على خير ما يرام "
******************************
عاد مروان إلى المنزل متأخرا بعد أنقضى أمسيته مع بعض الأصدقاء الذين انضموا إليهم لاحقا
تسللت ابتسامة إلى شفتيه هو يري منال تدرس على درج المنزل في هذا الوقت
هذه الفتاة حولت كل ركن في المنزل إلى مكان للدراسة
يبدو بأنها تحاول أن تغير من جو المذاكرة
تمنى من كل قلبه بأن يوفقها الله في امتحاناتها
دنا منها
" مساء الخير "
رفعت نظرها إليه لترمقه بنظرة فاحصة
و كأنها تتأكد من أن هذا الشخص هو مروان
ثم قالت
" مساء الخير"
ابتسم
" أرك تدرسين حتى الآن "
قالت و قد أحس بأنها لا تريد أن تبدأ حديثا معه
" أحاول أن أستغل كل مكان و كل دقيقة للمذاكر’ة"
ثم رمقته بنظرة ذات معنا
استغرب مروان اسلوبها هذا حيث جعل السؤال يخرج رغما عنه
" منال ما بك ؟"
قالت و هي تقلب صفحات الكتاب بين يديها
" لا شي فقط اتركني و شأني "
لكنه عاد ليسأل فأسلوبها لم يعجبه
" قلت ماذا هناك هل أغضبتك بشيء"
أجابته بانفعال
" قلت اذهب و من الأفضل أن تعود من حيث أتيت فهناك من ينتظرك "
من المؤكد بأنها لاحظت الصدمة في عينيه من جوابها الذي أفلت منها
همت واقفة تريد المغادرة هاربة
إلا أن يد مروان امتدت لتمسكها من ذراعها و تمنعها من الذهاب
قال بصوت يحمل الاستغراب و المفاجئة في نفس الوقت
" ماذا قلت "
شدت يدها قائلا
" أنت تعرف جيدا ما أقصد"
لم يلفتها
جوابها هذا جعل بركان يتأجج بداخله
ليعود فيسألها و هو يصر على أسنانه
" قلت هناك من ماذا؟"
رأى الرعب قد تسلل إلى عينيها
لأن عينيه الخضراء قد التهبت كل الجمر
( الجزء الرابع.. )
همت واقفة تريد المغادرة هاربة
إلا أن يد مروان امتدت لتمسكها من ذراعها و تمنعها من الذهاب
قال بصوت يحمل الاستغراب و المفاجئة في نفس الوقت
" ماذا قلت "
شدت يدها قائلا
" أنت تعرف جيدا ما أقصد"
لم يلفتها
جوابها هذا جعل بركان يتأجج بداخله
ليعود فيسألها و هو يصر على أسنانه
" قلت هناك من ماذا؟"
رأى الرعب قد تسلل إلى عينيها
لأن عينيه الخضراء قد التهبت كل الجمر
عضت على شفتها السفلى ندما على ما أفلت منها
كانت أصبعه تضغط على يدها بقوة
هذه أول مرة يقسو عليها منذ أن عرفته
أطرقت رأسها
فعينيها تحترقان مهددتان بنزول الدمع ليس ألما في ذراعها
بل ألم من أعماق قلبها
رفعت بصرها إليها راجية بأن يتركها
للحظة رأت تلك العينين تلينان ليعود ذالك الدفء الحاني فيهما
ترك يدها و كأنه لتوه أدرك بأنه يتشبث بذراعها
ليقول بعدها بصوت راج
" منال أخبريني مالذي تلمحين إليه "
و بكل خضوع استجابت لرجائه
فهل يقوى قلبها على قول لا
عادت و ألقت بنفسها جالسة حيث كانت
" هل تزوجت"
جلس ليس ببعيد عنها شاهقا
" ماذا؟!"
لم تتكلم بل ظلت مطرقة رأسها
هبت نسمة هواء تحرك السكون الذي حل للفترة
نظر إلى السماء متنهدا و قلبه ينادي راجيا الإعانة الإلهية
فقد علم بأن ما ينتظره ليس بالأمر السهل
التفت إليها
" من أين لكي هذا ؟"
قالت و هي متأكدة مما تقوله
"لقد رأيت تلك الصورة "
أحست و كأنها رأت عيناه تبتسمان
لم يبسم هل الأمر مسل
" أخبرني من تكون تلك الطفلة ؟"
و كما توقعت لم يجب بل صمت يحدق للبعيد مفكرا
قالت و قد تأكدت الآن
" لم مروان .... ؟ لم فعلت ذالك ؟ أكان من الصعب عليك أن تقول "
سألها بنفاد صبر
" أقول ماذا و لم ؟"
صمت
ثم عاد ليسأل و كأن السؤال قفز لتوه إلى عقلة
" لم أنت مهتمة لهذه الدرجة ؟"
صدمت
لم تتوقعه أن يقلب الأدوار هكذا
صعقها بسؤاله
الذي هي نفسها لا تعرف جوابه
لم؟
أتسأل لما يا مروان!
لأنك أنت تهمني
لأنك أنت تعني لي الكثير
لأني لا أريدك أن تتغير
لا أريد أن تبتعد
أن تتركني من دونك
و أن تهتم بغيري
فقد كنت طفلتك
و كنت أنت بهجتي
هل نسيت كل هذا ؟
أم أنك رحت بعيدا و تغيرت؟
" لم ؟"
عاد سؤاله الملح
أجابت بحيرة و تردد
" لأن ....لأن ....."
أشاحت بوجهها
أمسك برسغها يديرها نحوه قائلا بصوت قد راتفعت حدته
مصر على معرفة الاجابة
" لأن ماذا ..منال؟"
أدرات و جهها إليه
سالت دموعها رغما عنها
" لقد تغيرت! "
قالتها بنبرة غرست خنجرا في قلبه
دموع؟!
تبكي؟
صغيرتي تبكي؟
حدق بيدها تحتضر في يده فترة
ليتركها و شأنها بعدها
قالت حين طال صمته
" مروان "
اسدار إليها و كأن النداء جاء لقلبه
" هذا شأنك ....لكن جدتي لا تستحق منك كل هذا " أردفت
" فلطالما حلمت بأن تزوجك وترى أبنائك"
ظل يحدق بها
لم يتكلم أو يقول أي شي
قالت منهية الأمر
" إن لم تقل لها ........ فأنا لا أستطيع الصمت "
نهضت لتغادر
لكنه في آخر لحظة استوقفها
" انتظري"
توقفت , لكنها لم تلتفت إليه
فهي حتما لا تقوى على ذالك
" أنت لم تري شيئا و لن تقولي أي شيء"
قالها بتهديد
أكيد فهو لا يريد أن يخسر جدته
***********************************
ما إن أغلقت الباب خلفها حتى خرت أرضا تبكي
لم أبكي بحرقة هكذا
هو حر بحياته
من حقه أن يختار ما يريد
بأي صفة أ طالبه بأن لا يتغير
من المؤكد بأنه لن يظل مروان الذي كان
فالحياة أمامه مستمرة و المستقبل ينتظره
ما بالك يا منال
حتى لو كان قد تزوج
هذا لا يعني بأنه لم يعد يهتم لأمرك
فها هو هنا
أبمجرد أن تزوج
لم يصبح مروان
مسحت دموعها
قائلة في داخلها على الأقل يكفي أن أراه لأستمد طاقتي منه
ولن تغيري شعورك تجاهه؟
و قفت ثم خطت عدة خطوات لتصل إلى لوحة زيتية معلقة على الحائط
تتأملها
رسم طفولي لفتاة هي بالكاد تشبهها في طفولتها
تقف مبتسمة لراسمها حافية القدمين
برداء أبيض من دون أكمام قد تلطخ بالألوان
بعدها
هزت رأسها نفيا قائلة بصوت بالكاد يسمع
" أبدا "
فلن أنسى من هو مروان
***********************************
في اليوم التالي أحست منال بتحسن كبير في صحتها و في نفسيتها و واصلت روتينها مجبرة نفسها على عدم التفكير بذالك الأمر
ذهبت إلى المدرسة و ركزت على دروسها و أدت الامتحان بنجاح
و قبل أن تعود اتفقت مع ريم على أن تأتي الأخيرة إلى المنزل و تشرح لها منال بعض الدروس التي لم تفهما
على مائدة الغداء جلست منال كأن شيئا لم يكن
" جدتي ؟"
ردت الجدة
" ماذا هناك؟"
" إني جائعة أين مروان ؟"
قالت العجوز و هي تركز على شيء معها
" اذهبي و ناديه "
للحظة صمتت منال تعيد تمرير الجملة في رأسها
" حسنا "
نهضت و اتجهت إلى حيث تقبع غرفته
لقد اعتادت الإتيان إلى هذه الغرفة في الصغر
توقفت عند بابه للحظة قبل أن تطرق الباب
تستمع إلى أحاديث تسللت إلى مسمعها من الماضي
كانت لطفلين يقهقهون و يتكلمون بحماس
ابتسمت لتقرع الباب بعدها
" من ؟"
ما بك فوجئت من الصوت ؟
هل كنت تتوقعين بأن يجيبك طفل صغير
ردت عليه
" هذه أنا منال"
فتح الباب ليخرج صاحب الصوت الذي هو الآخر بدا على ملامحه أنه فوجئ في بداءالأمر كذالك
ثم قهقه قائلا
" أتدرين للحظة فكرت بأني سأرى طفلة صغيرة تقف عند الباب "
هل أفرحها ذالك أم آلمها؟
أم كلاهما في نفس الوقت ؟
أجابت بمرح
" لكني لم أعد طفلة ..." تابعت حين رأت بأنه قد ارتحل بعيدا بتفكيره
" ألن تتناول طعام الغداء ....جدتي تنتظرنا"
رفع يديه أمامها
" سأغسل هذه ثم ألحقك "
كانت أصابعه ملطخة بالألوان
إذا فهو لا زال يرسم
ابتسمت بدفء للإحساس تراقص في قلبها
" لا تتأخر"
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك