بارت من

رواية عهد الطفولة -1

رواية عهد الطفولة - غرام

رواية عهد الطفولة -1 

رواية عهد الطفولة 
الكاتبة : همس المساء 
السلام عليكم 
عهد الطفولة للكاتبة : همس المساء 
منقوله 
وان شاء تنال اعجابكم 
"همسة" 
هكذا هي الحياة ... تجد نفسك تسير في دربها
و حيدافي طرقات خالية من أي شخص عداك
و من أي صوت عدى عن صوت خطوات قدميك الحافية
و هي تلامس الأرض الصفراء الترابية
و قد تعودت أصابعك على لهيبها
تتساقط دموعك
فتتبخر
دون أن يدرك أحد و جودها
و قد حاربت الابتسامة شفتيك
و احتل الشحوب و جنتيك
و اختنقت صرخاتك في حنجرتك المسكينة

الجزء الأول

جلست تراقب الأمطار المتساقطة من خلال النافذة المغلقة
التي بدا لها أنها جاءت لتغسيل الكثير من الهموم
مرت أمامها ذكرى ذالك اليوم الممطر....... وقتها لم تكن تفهم المطر أو تعرف لم يهطل لصغر سنها
فسألت أمها التي كانت تراقب الهطول معها
" ما ما ؟!"
" نعم حبيبتي؟"
" لم يأتينا المطر ؟!"
حينها رفعت نظرها إلى السماء السوداء التي تسقط القطرات بغزارة
لتقول بعد أن تنهدت
" إن المطر يا حبيبتي جاء ليغسل هموم الناس و أحزانهم "
سألت الطفلة ببراءة
" و لماذا ؟!"
مسحت على رأس ابنتها بكل حنان
" لكي يبقوا سعيدين دائما "
يومها لم تكن تعلم أن الحزن يسكن قلب أمها
لم تكن تعلم حقيقة مرضها المميت
حتى لو كانت تعلم
ماذا بوسع فتاة صغيرة أن تفعل حيال قضاء الله و قدرة
انتبهت أن المطر بدأ بالتوقف
فذهبت إلى جدتها بأن تستعد للذهاب إلى المستشفى قبل فوات الموعد المحدد لها
منال فتاة لم تتم الثامنة عشر من عمرها تعيش مع جدتها منذ حوالي اثنتا عشر سنة بعد و فاة و الديها
فوالدها توفي اثر حادث مؤسف
أما أمها فقد توفاها الله بمرض الخبيث
لذا انتقلت للعيش مع جدتها من والدها التي كانت تعيش مع حفيدها مروان الذي هو ابن عمها بعد أن توفي والداه هو الآخر و هو رضيع
و هكذا عاشوا هم الثلاثة وحيدين لكن سعيدين
منال الآن في آخر سنة دراسية
أما مروان فيعمل في الشرطة و هذا
له بفضل الجدة حفظها الله التي لن تنسى فضلها طيلة حياتها
بعد أن أجريت الفحوصات الطبية و علمتا بنتائج التحاليل
أوصتها الطبيبة قائلة :
" إن جدتك فقط تحتاج إلى الاسترخاء و الراحة و أهم شيء الراحة النفسية .... كما يجب أن تتحرك بين فترة و أخرى "
أجابتها
" سأهتم بها ..... لكنها عنيدة لا تصغي إلي "
و في أثناء العودة
" عباس يا ولدي .......... مر بنا إلى سوق الخضار"
فرد السائق
" ان شاء الله "
التفتت منال إليها و سألتها
" أتريدين شيئا معينا ؟"
أجابت من دون أن تكترث لها كثيرا
" أريد خضرا طازجة ............فمروان سيأتي غدا و أريد أن أعد لها غدائا مميزا "
تفاجأت منال لسماع الخبر
" هل اتصل بك ؟"
" نعم قال بأنه حصل على إجازة "
هذه العجوز .... لم لم تخبرني دائما تحتفظ بأمر مروان عني
" أتعلمين لم حصل على إجازة ؟"
" لا و لا يهمني مادمت سأراه "
إن عمل مروان بعيد عن المنطقة التي يقطنون فيها
فقد استأجر شقة في منطقة عمله و لا يزورهم إلا نادرا
و لكن مضى وقت طويل منذ آخر زيارة له كانت بسبب ظروف العمل كما يقول
حين حصل على الوظيفة و ذالك من أكثر من سنتين بعد تخرجه من كلية الشرطة التي أبعدته هي أيضا عنهم
انزعج كثيرا و كان سيرفض الوظيفة
لو لا إلحاح الجدة على أن يقبلها قائلة له
" أنت يا ولدي لا تظمن ما يخبئه لك المستقبل فلا تخف علينا "
" و لكن يا جدتي لقد انتظرت حتى أتخرج لكي أبقى معكم .... لا أريد أن أترككما و حدكما "
لكنها ألحت عليه و نجحت في إقناعه
و رغم ذالك لم تكن سعيدة في قرارة نفسها من النادر ما يأتي لرؤيتهم و تدعو دائما بأن يتغير الحال إلى الأحسن
بعد أن أنهمت منال مذاكرتها ذهب إلى المطبخ لتقطع الخضار من باب المساعدة
فهي تشفق على الخادمة لأن الجدة إن و جدتها متأخرة ستوبخها و خصوصا إن كان الغداء يعد خصيصا لمروان


**********************
" منال ......ماذا بك يا ابنتي ؟.........ستتأخرين عن المدرسة "
فقد كانت منال مستغرقة في النوم و حين تسللت هذه الكلمات الى دماغها قفزت من السرير مسرعة
و صلت متأخرة على المدرسة كما توقعت و قد بدأت الحصة الأولى و امتحات اللغة العربية بدأ مع بدايتها
كانت منال تراقب الطالبات من النافذة
لأن المعلمة قد طردتها من الفصل
و حال انتهاء الامتحان خرجت المعلمة
طلبت منها منال أن تعيد لها الامتحان
فقالت
" لماذا أعيد لك الامتحان هاه؟ .........أحضري لي و رقة تثبت لي بأنك مريضة و سأعيد لك الامتحان
و غير هذا العذر لا أريد ........أتفهمين ؟"
هذه المعلمة معروفة بصرامتها و شدتها لكنها مدرسة ممتازة
أخذت تترجاها و شرحت لها ظروفها و عن موعد جدتها في المستشفى
أمسكتها المعلمة من يدها و سحبتها بعيدا عن الطالبات و قالت
" هذه المرة سوف أسامحك لأنني أعرف أنك طالبة ممتازة "
ثم تركتها و ذهبت دون أن تترك المجال حتى لكلمة شكرا
" منال !"
إلتفتت إلى مصدر الصوت خلفها
إنها صديقتها ريم و هي أعز صديقاتها لدرجة أنها لا تتخيل المدرسة من دونها
" ريم ...كيف حالك ؟"
" الحمد لله كنت أظنك لن تأتي..... لم تأخرت ؟"
لم تتح الفرصة لمنال بأن تجيب صديقتها هذا لأن معلمة الرياضيات قد و صلت و التي بدأت فلسفتها
" ألم أقل بأني لا أريد طالبة خارج الفصل في الخمس دقائق "
أمسكت منال ريم من يدها تسحبها للداخل قبل أن تبدأ المعلمة بالصراخ
" تعالي و سأخبرك فيما بعد "
تذمرت ريم قائلة
" كم أكره الرياضيات و معلمة الرياضيات "
إن حصة الرياضيات بالنسبة لمنال مملة
فهي لا تفهم شيئا من أسلوب المعلمة في الشرح
" منال أخرجي إلى السبورة و أجيبي عن المسألة "
تجيب على المسـألة !
هي لم تفهم شيئا أصلا فكيف تجيب عليها ؟!
قامت مسلمة أمرها لله
وقفت عند السبورة و التفتت إلى المعلمة التي سألتها
"ما نهاية الثلاثة من اليمين؟"
و بما أن وجهها باتجاه الطالبات و وجه المعلمة باتجاه السبورة
رأت احدى البنات تشير إلى الإجابة
فأجابت على المسألة و عادت إلى مقعدها
انتهت حصة الرياضيات على خير و فهم الدرس في آخر الوقت لكن ليس فهما تاما
الحصة اللتي تلتها كانت حصة الانجليزي لكن المعلمة خرجت غاضبة من الطالبات و لم تشرح الدرس
كان الفصل في فوضا كاملة
و أصوات الطالبات تملأ المكان يمرحن و يلهون
أما منال فقد كانت تعاني من صداع في الرأس و حمى خفيفة
استأذنت المديرة للخروج مبكرا
و في الحصة الرابعة جاءت إحداهن تخبرها بأن الإدارة تطلبها لوصول سيارتها
حملت حقيبتها و استأذنت المعلمة فاذا بها تسمع أصوات الطالبات من خلفها
" يال حظك" " انت محظوظة " " خذينا معك "
صرخت المعلمة تسكتهن
توجهت على الادارة
و حال و صولها فوجئت بشخص يخرج من غرفة المديرة يرتدي بزة شرطي
مروان!!!
يا إلاهي لما أتى ......من المؤكد أن جدتي طلبت منه ذالك
" منال!"
إلتفتت إلى مصدر الصوت لتجد ريم
" ماذا هناك ؟"
" لقد نسيتي هذا "
قالت ذالك و هي ترفع كتاب النحو بيدها
تقدمت و ناولتها إياه
" من هذا ؟"
سألت ريم
لكن منال لم تفهم سؤالها و من تقصد
" من؟"
" لا تتغابي هل هو مروان ؟"
يا لها من فتاة لا يفوتها شيء كيف استطاعت رؤيته بهذه السرعة
ضربتها ريم مداعبة
" يبدو و سيـ ـما"
" ريم !؟"
زجرتها منال
" انتظري حتى يعلمن بنات الفصل "
يالها من فتاة ثقيلة الدم
" ريم أرجوك ؟"
" لا لن أقول شيئا .... إلا اللقاء"
عادت مسرعة إلى الفصل
و الآن ماذا تفعل إنها تشعر بشعور .........شعور.....شعور مثل الارتباك نعم الارتباك ...القلق....أو
إنها حق لا تعرف كل ما تعرفه هو بأنها ...........

الجزء الثاني

خطت خطواتها و هي تحس بقدميها ثقيلتين بل مترددتين
يا ترى لم التردد
لم تحس بأنها لا تريد بأن ترى مروان
أو
لا تعلم إن كان هو هذا ما تشعر به
فهي لطالما رغبت بعودته
أليس هو رفيق طفولتها الوحيد
أليس هو من كانت تشاركه كل شيء
إذا لم التردد
لم لا تنطلق مسرورة إليه و ترحب به و تسأله عن حاله
و لمجرد تخيلها للفكرة أحست بوجنتيها تلتهبان
رفعت يدها للتتحسس بطرف أصابعها خدها المشتعل
هل هذه الحمى أما أنها محرجه
" مرحبا "
صوت عميق أخرجها من دوامتها هذه
رفعت رأسها لتنظر إلى صاحب الصوت
كان يتكأ على السيارة و ينظر إليها بابتسامة
كم يبدو غريبا جدا عنها بزيه هذه
فالصورة التي تتذكرها دائما
هي لصبي شقي بعينان متحمستان دائما
لطالما تسائلت عن لونهما الأخضر هذا
الذي يتناقض تماما عن بشرته السمراء
أما هذا الذي يقف أمامها
مختلف كل الاختلاف
و لكن ما بها تلاحظ هذا الاختلاف الآن
هل لأنهما ابتعدا كفاية عن بعضهما
أم لأن كل من هما استقل عن الثاني بعد أن كانا مرتبطين معا
أدركت أن كلا الجوابين صحيح حين سألها
" ألن تردي فأعتقد أننا منذ زمن لم نرى بعضنا البعض "
ردت عليه و في صوتها نبرة فيها شيء من الأسى لإدراكها الحقيقة
" مرحبا...كيف حالك "
أجاب و قد جعلت نبرتها الابتسامة تتلاشى عن تعابيره
" الحمد لله .... هل أنت مريضة ؟"
أجابت و هي تلقي بنظرها بعيدا
" تعبة قليلا "
فتح لها باب السيارة لتصعد إليها
ظلت منال في دوامتها هذه
ماالذي حل بي الآن
لم أحسست بهذه الفجوة في قلبي
كفى هراء منال
إن هذه الحمى هي من لعبت بتفكيرك
فحتما لا شيء أحب على قلبك من أن تري مروان مرة ثانية
و تسعد الجدة برؤيته
لكن الحق يقال
هناك جدار كبير بين منال و مروان
خلفه بعدهما عن بعضهما
فمنذ أن دخل مروان السنة الأخيرة في الثانوية و هو يكرس نفسه للدراسه و التخطيط لمستقبلة
و من ثم التحق بكلية الشرطة لينتقل بعيدا عنهم ويدرس أربع سنوات فيها و بعدها حصل على و ظيفة هناك
و هكذا
لم يبقيا صدقين يتقاسمان كل شيء كما كانا
يتشاركان الأحلام و الأماني
يخططان لكل شيء معا
أحست منال بتوقف السيارة
انتبهت إلى أنهما قد و صلا المنزل
نفضت منال تلك الأفكار عنها و ابتسمت لتقول
" مروان ؟"
التفت إليها
" شكرا لك ....ما كان يجب أن تتعب نفسك و تمرني "
بادلها لابتسام و أحست بأن شيء من الارتياح علا و جهه
" لا أبدا فمدرستك في طريقي "
" هيا الآن فالجدة حتما تتشوق لرؤيتك "
التفت لينظر متأملا المنزل
" ليس أكثر شوقا مني "
قال عبارته تلك و نزل متجها إلى المنزل بخطا سريعة
أطرقت منال رأسها
لا تنكر بأنها كانت تود لو تستطيع بأن تخبره كم تشتاق إليه و كم شعرت بالوحدة من دونه
و فجأة لفت انتباهها صورة موضوعة بعناية بالقرب من مسجل السيارة
تناولتها
حدقت بها
لتبادلها صاحبة الصورة النظرات بابتسامة بريئة
شعرها الأسود القصير يتساقط حول و جهها الذي يستند على لعبة قطنية تحتضنها أمامها
فكرت
من تكون هذه الطفلة
و لم مروان يحتفظ بها
أعادتها مكانها قد تكون صورة تخص أحد أصدقائه و نسيها هنا
نزلت من السيارة لتدخل المنزل
طلت من باب الصالة لتجد الجدة ممسكة بيد مروان و باليد الأخرى تتحسس وجهه
" يا حبيبي لقد اشتقت إليك كثيرا "
رفع مروان يدها إلى شفتيه ليقبلها
" و أنا كذالك يا أمي "
ثم رفعت هي يده لتقبلها
" لا حرمني الله منك يا بني "
أحست منال بأنها لم ترى جدتها سعيدة لهذه الدرجة من قبل
أنها ترى مروان بكل رجولته يعود طفلا مرة ثانية بين أحضانها
لم ترغب بإفساد هذا المشهد العاطفي بينهما فاتجهت إلى غرفتها لتبدل ثيابها
***************************************
ألقت بنفسها على السرير القابع في زاوية غرفتها المتواضعة
و هي تلف المنشفة على شعرها
و هي تحس بألم في رأسها و كأنه يرتج
عينها تدمعان
و تحس بحرقة في حلقها
يا إلا هي هذا ليس و قت المرض
فهي قد أصيبت باحتقان في الحلق حسبما تظن
يجب أن تستعد للامتحانات جيدا
سمعت قرعا على الباب
" نعم "
جائها صوت الخادمه
" ماما تقول غدا جاهز "
" حسنا أنا قادمة "
إنها لا تشعر برغبة في تناول الطعام و لكت الجدة حتما سوف تغضب و تلح عليها بتناوله
و لكنها تذكرت شيئا حينما همت بالخروج
و هو أنها من اليوم يجب أن ترتدي حجابها مادام مروان هنا
و حين انضمت إلى الجدة و مروان الذي هو الآخر كما يبدو استحم و بدل ملابسه أيضا
سمعت الجدة تسأله
" بني لم تخبرنا عن سبب هذه الإجازة ؟"
أصغت منال بصمت منتظرة الجواب
تبادل مروان النظرات مع منال و الجدة ليقول بعدها بابتسامة
" لقد تم تحويل عملي على هنا "
أحست منال بأنها تغص باللقمة في حلقها من شدة المفاجئة السعيدة
" الحمد لله يا رب من صبر نال "
كانت هذه الجدة تعبر عن فرحها
" الحمد لله و أخيرا ستعود إلي يا حبيبي "
كررت منال و هي تبتسم
" الحمد لله "
لا تعلم منال علاما تفرح أكثر على عودة مروان أم علا فرح الجدة
ظلت الجدة طوال الغداء و هي تحمد لله
و تسأل مروان بين فترة و أخرى إن كان يرغب بتناول هذا أم ذاك
أما منال فبالكاد لمست طبقها
نهضت من على المائدة
" ما بك منال بالكاد تناولت شيئا ؟"
سألتها الجدة
" متعبة قليلا ؟"
" هل تريدين أن آخذك إلى الطبيب "
سألها مروان
" كلا يا بني سيأخذها السائق إن كانت تريد فأنت متعب "
اعترضت الجدة بحدة لم تعرف سببها منال
التي أجابت بشيء من الامتعاض
" لا شكرا ...سأتحسن بعد أن أرتاح "
عادت إلى غرفتها و تناولت اقراص قد تساعدها قليلا
نظرت إلى الساعة التي تشير عقاربها إلى الثانية
لديها بعض الوقت
ستنام حتى الرابعة
ضبطت المنبه و حين استلقت تذكرت شيئا
" يجب أن عطي جدتي الدواء "
قفزت متجهة نحو الصالة لكنها سرعان ما عادت لترتدي حجابها
يجب أن تتعود على ذالك منذ اليوم و صاعدا
فتشت عن الجدة في غرفة الجلوس فلم تجدها ثم اتجهت إلى غرفتها
سمعت قهقهات تنبعث من الغرفة
ابتسمت منال لضحكهما
قرعت الباب
" تفضلي يا ابنتي "
أطلت منال برأسها مرح
" كيف عرفتي أنه أنا "
قالت العجوز مقلدة إياها
" لأنك نسيني إعطائي الدواء "
و حين أدركت منال نظرات مروان الموجهة إليها
أحست بالخجل
و اتجهت إلى حيث الأدوية متجاهلة إياه
" لم لم تذكريني إذا ؟"
قالت
" لأنني أعرف أنه مستحيل عليك نسيان ذالك "
" أرى أن لك ممرضة خاصة ياجدتي "
قال مروان بإطراء زاد من خجل منال
" إن منال حفظها الله دائما ما ترعاني جيدا "
جلست منال قربها على السرير لتطوقها
" هذا لأنك أعظم جدة في العالم "
ابتسمت العجوز لها
" هاه ....بدأت أغار "
ضحكت الجدة قائلة
" حفظكما الله لي و أطال عمري لأرى أبنائكم إن شاء الله "
هنا قفزت تلك الصورة أمام منال
هل تذكرونها
تلك الصور للطفلة ذات الشعر الأسود
هل من المعقول أن تكون ابنة مروان
غمضت عينيها بشدة مبعدة الصورة
" هيا الآن خذي دوائك "
رن هاتف مروان النقال
نظر إلى الرقم ثم خرج ليجيب
أما منال فأعطت الجدة الدواء و خرجت متجهة إلى غرفتها
لكن كلمات و صلت إلى مسامعها إستوقفتها
" آسف .... أقسم بأني نسيت "
توقفت لتصغي الي تتمت الحديث
" قلت نسيت ........" ثم قهقه ضاحكا " حسنا سأكلمها .... مرحبا حبيبتي ...."
لقد تغيرت نبرة صوته
و كأنه يكلم طفل أو طفلة
هل تكون تلك الطفلة
" كيف حالك هاه ماذا تريدين أن أجلب لك ......" عاد ليضحك " حسنا حسنا و ماذا أيضا "
انسحبت منال إلى غرفتها
لا تريد أن تسمع المزيد
من تكون يا ترى هذه الطفلة
و من كان يكلم
هل يعقل بأن .......

(الجزء الثالث .... أحتاج إليك)

فتحت عينيها لتحدق بالسقف
لترى صورة مروان منعكسة عليه
عادت وأسدلت جفنيها مرة أخرى
ماذا لو كان متزوج ؟
ما بك منال من الطبيعي أن يتزوج
فمنذ أكثر من خمس سنوات و هو يعش و حيدا في تلك المدينة
أ لا تتوقعين أن يتزوج
و لكن
ماذا عن جدتي ؟
ماذا سيكون شعورها ؟
إنها حتما تريد أن تري أحفاده
يا ترى هل ستغضب أم ستكون سعيدة
حتما ستسعد
فلا شيء أحب على قلبها من رؤيته متزوج و لديه أبناء
إذا لا يوجد هناك مشكلة
و هو حتما سيخبرها فلن يعيش بعيدا عن عائلته
و ينتهي كل شيء
انقلبت على جانبها الأيمن
و ضعت يدها حيث قلبها
لكنك في قرارة نفسك لا تريدين أن تكون توقعاتك صحيحة
لم يا ترى ؟
هل تخشين من أمر ما ؟
قالت بصوت يشبه الهمس تقنع نفسها
" أخشى أن تتدهور صحة جدتي إن رفضت الأمر"
أهذا كل ما هنالك
" نعم و ما غير ذالك "
كاذبة
" لا لست كاذبة و لم أكون كذالك ؟"
لا أدري
هل لأنك ترغبين بأن يعود كل شيء كما كان قبل ست سنوات
" و لم "
لأنه كان دائما معك
يحنو عليك
" أتريدين الحق نعم "
هزت رأسها لتقول بعدها
" كما أخي الكبير"
هل أنت متأكدة
" كفى "
قالتها بصوت أعلى و هي تقفز من على السرير
أحست بشيء دافئ ينساب على و جنتيها
رفعت أناملها لتتلمسها
ثم رفعتهما أمام عينيها تحدق بالبلل الذي أصابهما
دموع!؟
تبكي ماذا؟
الحنين إلى الماضي؟


يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات