رواية صورة للذكرى -5
- " لم أعرف بانه سيأخذ الأمر هكذا .. لو عرفت يا جيمي لانتظرت "
- " سارا حبيبتي هذه ليس خطأك .. والدك يجب أن يعرف عاجلا أم آجلا "
- " لكن .."
- " توقفي عن لوم نفسك .. هو حتى لم يسمع ما أردت قوله .. سيكون على مايرام "
- " اتمنى ذلك يا جيمي اتمنى و إلا لن أسامح نفسي اذا أصابه مكروه "
- " لن يصيبه مكروه .. أرجوك خذي والدتك و عودي إلى المنزل فيكتوريا نائمة و هي بحاجة إليك "
- " لا أريد "
امسك وجهها بين يديه و قال بحنية
- " سارا .. اريد ان أتحدث مع ستيف .. سنبقى مع والدك و سأتصل بك .. اذهبي و ارتاحي .. انظري إلى والدتك "
استدارت لتنظر إلى السيدة كارلا و قد بدا عليها التعب .. كانت لا تزال تبكي فآلمها منظرها
- " حسنا .. أرجوك يا جيمي اتصل بي ما ان يستفيق والدي "
- " سأفعل"
ضمته بقوة فقبل جبينها لبث فيها العزم و القوة أخذت والدتها و غادرت المستشفى .. دخل جيمي و جلس بالقرب من ستيف الذي نظر إليه بغضب
- " اعرف يا ستيف بانك تلومني على كل ما حدث .. لكن والدك كان يعرف بأن هذا اليوم سيأتي .. صدقني يا ستيف أنا أحب سارا و لن أضايقها أو أؤذيها .. هذا مستحيل فانا اعشقها ..والدك الرجل الوحيد الذي ينبغي أن يفهم ابنته الوحيدة و أن يحميها من ضرها و آلمها .. لقد اعتقد بان كل ما يفعله لمصلحة ابنته لكن لم يحفظ بذلك إلا مصلحته .. أنا أعرف بان هناك خلاف بين والدي و والدك لكن دعنا نكون واقعيين نحن لا نتفق معهم . . فما دخلنا نحن الصغار بمشاكل الكبار .. يجب ان يعرف والدك نواياي و أني لا اقصد سوء لأي منكم و انا آسف كل الأسف لوالدك "
لم ينطق ستيف بأي كلمة بل اكتفى بإيماءة من رأسه و أشار لجيمي أن يجلس بالقرب منه
- " أتمنى أن يستفيق والدي حتى يسمع كلامك يا جيمي مثل ما أتمنى ان تكون صادق فيما تقول "
- " أنت تعرف باني صادق يا ستيف "
لم يفتح الجنرال عينيه إلا في الصباح دار بعينيه حول الحجرة البيضاء التي ينام فيها فوجد جيمي نائما على الكرسي و يده حول عينيه بدا عليه التعب فأراح رأسه على الوسادة و لم يشأ أن يوقظ جيمي .. لقد سمع ما دار بينه و بين ستيف بالأمس و عقد العزم بان يتصرف بطريقة ترضي جميع الأطراف تحرك في الفراش فصدر عنه صوتا جعل جيمي يستيقظ و ينظر إلى الجنرال .. ابسم ما ان اراه مستيقظا فقال بابتسامة مشرقة على وجهه
- " سيد مولر.. "
- " لم أنت هنا يا جيمي ؟! "
تكلم معه بصوت خال من التعابير و الملامح
- " حتى أطمأن عليك يا سيدي "
- " أنا لا أهمك يا جيمي "
انزعج من كلماته لكنه لم يدع الغضب يسيطر عليه فقال مبتسما
- " أنت تهم سارا كثيرا و هذا يعني أن صحتك تهمني "
- " هل تحب سارا ؟ "
- " بالطبع .. سأفعل المستحيل من أجلها "
- " و ماذا ستفعل ؟ "
- " أقنعك بأني أهلا بابنتك و بأننا ننتمي إلى بعضنا "
- " ينبغي لك أنت تدعنا نعيش حياتنا بعد العذاب الطويل أعتقد بأن سنتين تكفي لأن نتألم بسببك و الآن لدينا ابنة ينبغي لها ان تعيش بين والديها .. ألا توافقني بذلك سيد مولر؟"
- " لقد وفرت لسارا كل الحب و اعتقد أني أفعل ذلك لفيكتوريا "
- " أشكرك لأنك اعتنيت بأفضل امرأتين بحياتي و الان اتمنى أن تترك لي الأمر لأن أقوم بذلك .. و أنت ستبقى والد سارا و جد فيكتوريا و انا أقدر حمايتك لهما صدقني يا سيدي بأنك أفضل والد لكنك بالغت بحمايتك لها "
نظر إلى جيمي ثم تبدلت ملامحه لتلين أكثر و يرق وجهه و يختلف ذلك الجنرال الصلب ليغدو رجلا عجوزا حكيما
- " حسنا يا جيمي ..لقد أخطات عندما حاولت التفريق بين اثنان يحبان بعضهما اعتقدت بانك مثل والدك لكنك تختلف عنه كثيرا لذلك سأتركما و شأنكما "
لم يصدق جيمي ما سمعه من الجنرال المتكبر الذي يرقد أمامه بلا حول أو قوة وقف و قد غمرته السعادة أراد ان يحضن ذلك العجوز لكنه اكتفى بابتسامة و إيماءة من رأسه
- " أشكرك .. ينبغي لي ان اتصل بسارا فلقد وعدتها بذلك ما أن تستيقظ "
- " لا داعي ..جيمس.. خذني إلى المنزل "
- " ليس بهذه السهولة حضرة الجنرال .. سأستدعي الطبيب "
فتح الباب ليستدعي الطبيب لكن الجنرال استوقفه بصوت مكسور
- " جيمي .. اعتني بابنتي "
اقترب منه واضعا يده على صدره و مبتسما
- " سيدي أن ابنتك هنا .. فلا تقلق "
كانت سارا جالسة في غرفة الجلوس و الخوف يعتريها لقد تأخر الوقت و لم يعد ستيف و لم يتصل جيمي بعد.. لابد بان هناك شيء يجري.. استدارت إلى حيث تجلس والدتها
- " امي اعتني.. بفيكتوريا سأغيب لدقائق "
- " إلى أين يا سارا ؟ "
- " إلى المستشفى لأطمأن عليهم فهما لم يتصلا بعد "
- " حسنا اذهبي لكن اتصلي بي فأنا قلقة جدا على والدك "
- " سأفعل "
ما أن فتحت الباب حتى صدمت و رجعت خطوات إلى الخلف كان والدها متكأ على كتف جيمي نظرت إلى عينيه فابتسم لها ليبعث فيها راحة أمسكت يد والدها و قبلتها
- " حمد لله على سلامتك يا أبي "
- " شكرا "
أجلسه جيمي على الكنبة ثم جذب سارا معه إلى الممر ضمته بقوة فقبل رأسها و قد بدا عليه التعب و الارهاق
- " ماذا حدث يا جيمي ؟ "
- " كل شيء على ما يرام يا حلوتي لقد تحدثنا أنا و والدك ..سنكون معا ....إلى الأبد "
وضعت يدها على فمها تكبح صرخة فرح كادت أن تخرج من فمها لكنها عوضا عن ذلك تعلقت برقبته و ظلت تقفز بسعادة
- " يا الهي .. سنكون معا .. و اخيرا سنكون معا "
أوقفها جيمي فجسده المكسر لا يتحمل قفزاتها و صراخها العالي .. نظر خلفها حيث ابنته الجميلة واقفة تنظر إليهما فاقترب منها و حملها و طبع قبلة على خدها الصغير
- " أنا بابا .. قولي بابا "
نظرت إليه الطفلة بعينين جميلتين فوضعت يدها الصغيرة على فمه ثم مسحت على شعره أحضرت سارا الكاميرا لتلتقط أول صورة لجيمي و ابنتهما الصغيرة ...
حملت سارا الصورة معها و وضعتها على رأس فيكتوريا النائمة ثم طبعت قبلة على رأسها و خرجت من حجرتها .. اندست في فراشها لتكمل ما رأته من ذكريات سعيدة ...
مر إسبوعان على عودة سارا للعمل كانت قد تشافت تقريبا من جراحها لكنها لم تنتهي من تناول أقراص الدواء , و مع تشافيها أخبرتها كلوديا بان اللجنة النسائية ستقوم بتنظيم حملة للتبرع بالدم لصالح مرضى السرطان و انها ستنظم حفل خيري لجمع التبرعات لمدرسة الأيتام .. اعتادت سارا على أن تكون هي المنسقة لهذه الاحتفالات .....ففي البداية انضمت إلى اللجنة النسائية حتى تساعدها على الدراسة و تربية طفليها مع المساعدة البسيطة من والدها بين حين و أخرى فهي ترفض رفضا قطيعا ان تأخذ نقودا من والدها .. و بعد تخرجها و حصولها على شهادة الدكتوراة و أصبحت أستاذة في علم الاحصاء .. لم تترك عملها في اللجنة .. فهذا هو عملها الذي تبرع فيه و تجد نفسها سعيدة بالقيام به
بدات اتصالاتها لحجز قاعتين في فندق البلازا
- " لدينا قاعتين يوم الخامس و العشرين من الشهر "
قالت لها موظفة الاستقبال و هي تجيب على سؤالها بشأن القاعات ..
- " جيد هذا يناسبني .. لكنني أحتاج إلى يومين قبل حتى نقوم بالترتيبات "
- " لا بأس "
- " شكرا لتعاونك "
- " على الرحب و السعة "
اخبرت كلوديا بانها قامت بحجز قاعتين في فندق بلازا و سيكون الاحتفال هذه السنة ضخما جدا قامت برسم التصميمات و اتصلت على أحد المستشفيات تسألهم عن ممرضات متطوعات فلاقت العديد من الترحيب بشأن العمل الخيري الذي تقوم به المنظمة ..
كانت تقضي معظم الأوقات بين العمل و الفندق و المنزل و مع ذلك لم تنسى أن تخرج مع تود في موعدين استمتعت بهما جدا و قررت أن تخرج معه في مواعيد أخرى .. كان متفهما لوضعها جيدا فلم يسألها بالأمور المتعلقة بزوجها أو بجيمس على الوجه الأخص .. قدرت له احترامه لكن يوما ما سيأتي ذلك اليوم الذي سيحتدثا فيه عن جيمي .. و قد اتى ذلك اليوم عندما ذهبا معا في رحلة بالسيارة إلى نيوجيرسي فلقد دعاتهم والدتها على العشاء فرحب تود بالدعوة و ذهب معها و الاطفال .. استمتعا بوجبة العشاء و قضاء الوقت مع عائلتها و بعد ذلك أخذته سارا بجولة في المدينة .. أرته حيث درست و قضت أجمل أوقاتها و في كل مكان تذهب إليه تتحدث باختصار حتى تتجنب التطرق إلى جيمي إلا عندما جلسا في الحديقة العامة و أطرق عليها بسؤاله
- " أنت لا تتحدثين عن والد اطفالك يا سارا "
- " ليس هناك ما أتحدث عنه "
- " لكن من صوتك و اختصارك بالحديث عن ذكرياتك يخبرني عكس ذلك "
- " حسنا تود نعم لقد عشت أجمل سنوات حياتي و أتعسها مع جيمي و لا أود أن أتذكر تلك الأيام التي مازالت تطاردني كالشبح "
- " هذا يعني بانك يجب أن تفصحي عن مشاعرك .. ألا تعتقدي باني الشخص المناسب ؟ "
- " بالطبع يا تود .. لكن ماذا تريد أن تعرف .. انه ماض عشته بصعوبة "
- " هل هو على قيد الحياة ؟ "
- " لا أعرف عنه شيئا يا تود .. لقد مضت عشرة سنوات لم أسمع عنه شيئا "
- " لا يعقل .. ما الذي جرى بينكما ؟"
- " مشاكل كثيرة عقدت حياتنا فتركته "
- " و لم يسأل عن طفليه ؟ "
- " أبدا "
نظر إليها تود مطولا أغروقت عيناها بالدموع لكنها كبحتهم و بدت أقوى مما تشعر فوقفت و جذب يد تود ..
- " هيا لنعود "
- " ماذا عن فيكتوريا و فيكي ؟ "
- " سيقضون الليلة هنا "
- " و ماذا عنك ؟!"
- " ينبغي أن أعود فلدي الكثير من الأعمال غدا "
وصلا إلى منزلها في وقت متأخر جدا من الليل وقف عند الباب و همس بأذنها
- " أريد أن أدخل معك "
توترت و نظرت إليه
- " لا أعتقد بانها فكرة سديدة يا تود "
شعر بخيبة أمل لكنه جذب يدها و قبلها
- " لن أفعل شيئا .. لا ينبغي أن أتركك وحدك في هذا الليل"
- " سأكون بخير .."
- " هل أنت مصرة ؟! ألا أستطيع أن أغير رأيك ؟"
- " لا يا تود بالإضافة على إن منزلك في نهاية الشارع و إن حدث أي شيء ستكون أول من سيسارع لنجدتي لا تقلق .. "
- " حسنا لك ما تريدين "
- " أشكرك تود لتفهمك "
- " لا داعي .. سيأتي يوم تأتين فيه إلى منزلي و تقومين بنفسك بتدفئة فراشي "
أنزلت رأسها خجلا و أغلقت الباب خلفها .. ألقت بنفسها على الفراش و أغمضت عينيها لتأتي صورة جيمي برأسها... لم فعلت ذلك يا تود ؟؟ خاصة بعد أن توقفت عن التفكير فيه لأسبوعان أرجعت ذكراه ليؤرق نومي ...
عادت لها سيل الذكريات و هذه المرة لم تفتح صندوق الصور .. بل اكتفت بالصور المرسومة برأسها ...
بعد ان وافق والدها على أن يستمرا بعلاقتهما انتقلت سارا لتقيم مع ابنتها في واشنتون حيث يعمل جيمي هناك و انتسبت إلى أحدى الجامعات و أكملت دراستها الجامعية .. بينما فيكتوريا فقد أحضر لها جيمي مربية تبقى معها فقط فترة النهار حيث كل واحد منهما مشغول اما بالدراسة و إما بالعمل..
أخذها في أحد الايام لقضاء سهرة معها في أحد المطاعم الفخمة و هناك جرى الحدث الأكبر و المهم في حياتها عندما اخذ يدها بين يديه و همس بصوت حنون
- " سارا .. هل تشرفيني بالرقص معي ؟ "
شعرت سارا بخيبة أمل لانها أملت أن يطلب يدها اليوم خاصة بعد مرور ثلاثة أشهر على إقامتهما معا فماذا ينتظر هما كالمتزوجين في كل شيء إلا بوجود عقد الزواج ..
أخذها بين يديه ور قص معها على انغام الموسيقى الهادئة و بعد الانتهاء قادها إلى حيث طاولتهما تقدم النادل بطبق مغطى لهما ووضع واحد امام سارا و الثاني أمام جيمي .. ما أن فتحت سارا طبقها حتى أطفأت الانوار و عزفت مقطوعة ذكرتها بالسنتين الماضيتين عندما سمعت هذه الموسيقى معه .. وضعت يدها على فمها عندما قرأت ما كتب على الطبق بالصلصة البيضاء ( سارا هل تقبلين الزواج من ذلك الوسيم ؟! )
ضحكت و اغروقت عيناها بالدموع رأته ينحني على قدميه أمام مرأى الجميع و يقترب منها و يده ممسكة بعلبة سوداء مخملية ابتسم لها و سألها
- " هذا الوسيم بحاجة إلى جواب "
- " و ماذا تعتقد بان أجاوبك ؟! بالطبع أقبل الزواج من أوسم رجل عرفته بحياتي "
صفق الجميع عندما ألبسها جيمي الخاتم الفضي المرصع بالالماس و تزينه ماسة كبيرة في المنتصف... قبلته
- " يا إلهي انه رائع .. أحبك يا جيمس بروكس "
- " و انا أعشقك يا سارا بروكس "
اقترب أحد المصورين اللذين يعملون في المطعم و الذين يلتقطون هذه اللحظات السعيدة لرواد المطعم و التقط لهما صورة ..
دفعت سارا الغطاء بأرجلها و ركضت إلى الطابق العلوي لتفتح الصندوق و تستخرج الصورة تلك..
نظراته في هذه الصورة تحمل العديد من معاني الحب .. و من ثم مسكت الخاتم بيدها الذي تعلقه على رقبتها منذ سنوات فهو اجمل و أغلى و أعز خاتم بالنسبة لها بكت على الأرض بحرقة و بألم بكت لأنها تريد تلك الأيام أن تعود.. بكت لأن جيمي اختفى تاركا لها حبه و طفليهما و الخاتم الذي كان يدل في يوم ما إلى الحياة الأبدية السعيدة التي يفترض أن يعيشاها معا ...
- " ماما أين أنت ؟ "
كانت فيكتوريا تبحث عن والدتها في حجرتها فلم تجد إلا فراش خالي و غير مرتب بحثت عنها في المطبخ و في باقي الغرف فلم تجدها .. صعدت الدرج إلى العلية فمؤخرا سارا تقضي معظم أوقاتها هناك و تريد فيكتوريا أن تعرف السبب .. صدمت عندما رات والدتها نائمة على الأرض و بيدها صورة وضعتها على صدرها و رات خطوط الدموع الجافة على خديها اخذت الصورة من يدها و رفعتها .. أنها صورة لوالدتها و والدها و رأت الخاتم المعلق على رقبتها محكوم بقبضتها ..
هزتها بهدوء ..
- " أمي استيقظي .. امي "
فتحت سارا عينيها بتثاقل و نظرت إلى العينين الزرقاء الجميلة التي تشبه عين جيمي بزرقتها و جمال أهدابها الطويلة .. استوعبت الامر عندما أحست بوخز ألم تضرب ظهرها جراء نومها على الأرض الخشبية الصلبة و بوضع خاطيء
- " صباح الخير يا ماما "
- " فيكتوريا .. "
صاحت عندما نطقت باسم فيكتوريا
- " فيكتوريا .. ماذا تفعلين هنا ؟ "
- " ماذا تفعلين أنت هنا يا أمي ؟ "
وقفت بجنون و نزلت الدرج و هي تصيح
- " يا إلهي ..كم الساعة ؟ لابد أنني تأخرت ؟ لدي اجتماع في الفندق "
- " اهدئي يا أمي لم تتأخري "
أسرعت بتغير ملابسها و استقلت السيارة و انطلقت إلى الفندق .. دخلت و هي تهرول إلى القاعة صافحت الرجال الواقفين ينتظرونها ولمحت نظرة كلوديا تجاهها
- " آسفة لتأخري .."
همست إلى كلوديا
- " سأشرح لك الأمر لاحقا "
فتحت الدفتر الذي تحمله بيدها و أخبرت الرجال بالعمل المتعلق بالديكورات الذي يجب أن يقوما به و الذي يفترض أن ينتهي خلال ثلاثة أيام حتى يتسنى لها ترتيب القاعات و الطاولات و ما إلى ذلك من أعمال تتعلق بحملة التبرع بالدم ..
دخلت خلف كلوديا بالمكتب بعد أن انتهيتا من الاجتماع أغلقت الباب خلفها و نظرت إليها بندم
- " آسفة يا كلوديا لقد تأخرت اليوم لأنني نمت في العلية .. و لولا فيكتوريا لاستغرقت بالنوم "
- " لقد اتصلت بك مرارا .. لم أنت شاردة هذه الايام ؟ "
- " لا أعرف يا صديقتي ربما هي الضغوطات ؟ "
- " أية ضغوطات ؟ "
- " الحملة .. الأطفال .. تود .."
كانت تود أن تقول ذكريات جيمي التي تطاردها كل يوم و خاصة في الليل عندما تكون لوحدها
- " ما به تود .. يبدو بأنه رجل رائع"
- " هو كذلك لكنني أشعر باني أظلمه معي "
- " تظلمينه ؟! "
انزلت رأسها شاعرة بالأسف تجاه ذلك الرجل الرائع الذي يبذل جهده لأن يتقرب منها لكنها تقوم بإبعاده عنها بتصرفاتها السخيفة و بارتباطها بالماضي
- " نعم .. كلوديا قلبي به رجل واحد فقط "
- " جيمس؟!"
- " نعم جيمي ؟ لا انفك أفكر فيه كل يوم انني مشتاقة له و أريد أن أعرف عنه .. هل هو بخير ؟! "
لم تستطع أن تحبس دموعها التي انهمرت فاقتربت كلوديا منها و ضمتها
- " تستطعين أن تسألي عنه يا سارا أنت تعرفين ذلك ؟ "
- " لا .. لا أريد.. إنه أفضل لي أن أبقى عمياء "
- " لن أضغط عليك لكن حاولي أن تدخلي تود إلى قلبك تعلمي أكيف تحبينه و ستنسي جيمي بكل تأكيد "
- " مستحيل فذكرى جيمي لا تطاردني إلى في المساء عندما يخلد الجميع للنوم و أبقى أنا ساهرة "
- " إذا دعني تود يسهر معك بدل من ذكريات جيمي .. لا تصدينه .. ادعيه إليك"
ضحكت كلوديا بشقاوة و هي تلكز صديقتها
- " لقد رفضته بالأمس "
- " أنت مجنونة "
- " نعم انا مجنونة .. لا علينا من ذلك .. سأعود إلى المنزل لأن أخي ستيف و زوجته و الأطفال بانتظاري لتناول وجبة العشاء .. و سأعمل على الدعوة و الإعلان حتى نقوم بتعليقة بعد غد"
- " استمتعي بوقتك و لا تنسي ان تدعي تود لفراشك "
غمزت لها لكن الاخرى ضحكت فوجدتها نكتة ظريفة ..
- " اصمتي .."
دخلت المنزل فرحب بها فيكي عندما ركض تجاها و قبلها بحرارة نظرت ناحية فيكتوريا الذي وقفت و كأنها تريد اجوبة من والدتها التي أصبحت غريبة الأطوار هذه الأيام
- " مرحبا ستيف .. كيف حالك يا مادي ؟"
قبلها ستيف و صافحتها مادي بابتسامه مشرقة
- " بخير "
جلست معهما لتناول العشاء الذي اعدته مادي بمساعدة ستيف و الأطفال و بعد الوجبة اللذيذة و الأجواء العائلية السعيدة ودعتهما و أطفأت الانوار بعد أن انطلقت سيارتهما رأت تود من بعيد يسير تجاهها فحيته بيدها وصل قبل أن تهم بالدخول
- " كيف حالك اليوم ؟ "
- " انا بخير .. ماذا عنك ؟"
نظر إليها بإعجاب فقد بدت اليوم بسيطة و جميلة بفستانها الأخضر الفضفاض و شعرها البني المنسدل على كتفها لعب بشعرها و أزاحه للخلف ليلمس ظهرها فسارت قشعريرة بجسدها أغمضت عينيها و تذكرت كلام كلوديا بشأن الدعوة .. همس لها بهدوء
- " انني على خير ما يكون خاصة عندما أكون بقربك "
- " شكرا لك .. لكنني أستأذنك يجب أن أجلس مع فيكتوريا و فيكي قبل أن يخلدا للنوم ثم لدي بعض الاعمال العالقة "
لاحت نظرة الخيبة بعينيه لكنه رسم ابتسامة صغيرة على شفتيه و تراجع للخلف
- " نعم بالطبع .. أتفهم ذلك "
- " آسفة يا تود .."
- " لا داعي لتأسف .. لا أريد أن أضغط عليك .. عمتي مساءا "
- " و انت كذلك "
أغلقت الباب بعد أن غادر و شعرت هي بالذنب .. دخلت غرفة الجلوس حيث يجلس فيكي و فيكتوريا أمام التلفاز رأت طفلها الصغير نائما قبلته و جذبته من يده و سارت معه حتى حجرة نومه و ساعدته على تغير ملابسه ثم عادت إلى غرفة الجلوس... نظرت إليها فيكتوريا فابتسمت لها سارا و جلست
- " حسنا .. كفي عن التحديق بي بتلك الطريقة أعرف انني أتصرف بغرابة .. هيا أنا مستعدة لأأن أجاوب عن تساؤلاتك .. ماذا تريدين ان تعرفي؟"
- " لا شيء "
- " هيا انا أعرف بأن هناك أسألة تدور برأسك "
استقامت بجلستها و نظرت إلى والدتها
- " لم تذهبين إلى العلية كل مشاء بعد أن نخلد للنوم ؟ "
- " أنا .. أرتب الصور "
- " مجرد ترتيب الصور ؟! إذا لم رأيت خطوط الدموع الجافة على خدك هذا الصباح "
- " تأثير الصورة "
- " حسنا اذا ...هذا كل شيء أود معرفته .. عمتي مساءا يا أمي "
قبل أن تصعد فيكتوريا أمسكت سارا بمعصمها
- " هل تشعرين بالنعاس ؟ "
- " لا "
- " إذن إبقي معي قليلا و ساعديني باقتراحاتك بشأن الإعلان للحملة "
- " حسنا "
ابتهجت فيكتوريا لتلك الفكرة فهي لم تقضي مع والدتها منذ فترة وقتا لوحدهما فوالدتها بالنسبة لها أعز أصدقائها .. تحدثت فيكتوريا عن علاقتها ببراد و هي تساعد والدتها على اختيار الالوان المناسبة للإعلان و اختيار الجمل المناسبة ... عملتا و تحدثتا حتى وقت متأخر من الليل بعد ذلك تثائبت فيكتوريا و قبلت والدتها حتى تصعد إلى حجرتها و تخلد للنوم .. بينما سارا بقيت تكمل ما بدأته حتى غالبها النعاس فصعدت حجرتها و القت بجسدها الهالك على الفراش و غطت بنوم عميق لأول مرة دون أحلام و دون جيمي و الذكريات ...
علق الإعلان الكبير في كل مكان في إحدى ضواحي مانهاتن و تعدت الإعلانات إلى الضواحي الأخرى كان لونه أحمر و كتب عليه بالابيض:
( قطرة دم .. تنقذ حياة .. فشاركونا الأمل و ساعدونا بإنقاذ مرضى السرطان .. يوم الأحد الساعة الرابعة عصرا حتى العاشرة مساءا في قاعة فندق البلازا )
قرأ براد الإعلان المعلق على باب المدرسة ثم اقترب من فيكتوريا
- " إنه إعلان رائع .. إن والدتك موهوبة "
- " لقد ساعدتها بالأمس هذا يعني بأني موهوبة أيضا "
- " لا شك في ذلك "
- " حسنا ما رأيك أن تعمل معنا كمتطوع "
- " و ماذا نعمل ؟ "
- " نقوم بترتيب المكان و نكون لجنة استقبال .. ما رأيك ؟ "
- " لا أمانع "
- " جيد إذن سأخبر كلير و روز و أنت أخبر جون و كارل و بيتر و مارك و سنذهب معا إلى فندق البلازا بعد المدرسة "
- " حسنا سأفعل "
سعدت سارا عندما رأت الفتيات و الفتيان قد هموا ليعملوا كمتطوعين فقامت بتوزيع بلوزات و قبعات بيضاء رسم عليها قطرة دم بالأحمر ليرتدونها يوم الأحد كما قامت بتوزيع الأدوار على الجميع...
في صباح يوم الأحد كانت واقفة تراقب القاعة حتى تحاول اكتشاف الاخطاء قبل بدء الاحتفال لم تنم بالأمس جيدا لأنها كانت تفكر باليوم و كيف سيسير لذلك أصابها الارق لكن هذه المرة لم يذهب تفكيرها إلى جيمي و هذا ما جعلها ترتاح.. تناولت أقراص لتخفيف الصداع فبعث فيها نشاط .. أتى جميع العاملين بما فيهم فيكتوريا و فيكي و أصدقائهم المتطوعين الذين ارتدوا البلوزات البيضاء و كذلك فعلت هي و كلوديا حتى الممرضات ارتدين القبعات ... فتح الباب في الساعة الرابعة و رأت سارا إقبال الناس المتبرعين تملأ الصالتين .. كانت فيكتوريا و براد و كلير و مارك لجنة الاستقبال يرحبون بالداخلين و يقدمون لهم الدفاتر المصورة التي فيها بعض التعليمات و إنجازات المنظمة النسائية .. بينما يقوم فيكي و روز و نورا و تشاد بتوزيع العصائر للمتبرعين بعد الانتهاء من تبرع الدم ثم يشيرون لهم للاتجاه إلى الصالة الأخرى حيث السوق الخيري و الاحتفال الصغير و موائد الطعام ... أما كلوديا فكانت المشرفة العامة .. لكن سارا قامت بالعمل كله بنفسها فمرة تجلس لتأخذ البيانات و مرة تستقبل المتبرعين و مرة تتجه إلى القاعة الاخرى لتطمأن على سير العمل بالوجه الصحيح و كانت تحل محل الممرضات اللاتي يأخذن استراحة بين فترة و أخرى فهي قد أخذت دورات بالتمريض من قبل ... اقتربت منها كلوديا
- " سارا لقد نفذت الأوراق التي نعبيء بها البيانات ؟"
- " هل هذا معقول ؟ "
- " نعم لقد أتى عدد هائل من المتبرعين "
- " رائع .. حسنا سأطلب من موظفة الاستقبال أن تنسخ لي ورقة البيانات "
- " أشكرك يا سارا فلولاك لم تنجح هذه المنظمة "
- " كلوديا أنا استمتع فهذا عملي الذي أفضله "
- " آه صحيح لقد أتى طبيبك يسأل عنك و تبرع أيضا "
- " لم أره بسبب الزحام.. حسنا يجب أن أذهب "
ابتسمت موظفة الاستقبال لسارا عندما راتها تقترب منها و هي تهرول
- " مرحبا أنسة سارا أرى بأن المتبرعين في ازدياد هائل "
- " نعم نعم حتى أن أوراق البينات قد نفذت .. فهل لك أن تقومي بنسخها "
- " بالطبع كم نسخة ؟ "
- " ألف ؟! "
ضحكت سارا و موظفة الاستقبال التي دخلت لنسخ الاوراق و ريثما تنتهي وقفت سارا بالقرب من فيكتوريا و براد تسأل عن العمل فأجابها براد و هو ينظر إلى فيكتوريا بعين محبة
- " انه ممتع "
ابتسمت سارا فغمزت بعينها له
- " أرى بأن الجميع مستمتع بوقته "
أجابها براد و ابتسامة أضفت وسامة أكثر على وجهه
- " حتى رواد الفندق الأجانب يسألون عن ما يجري هنا و عندما نخبرهم يدخلون ليتبرعوا"
ضحكت سارا
- " اذا لدينا دماء من كل الدول "
- " هذا صحيح "
- " أشكر لكما حسن تعاونكما .. شكرا براد "
- " على الرحب و السعة سيدة مولر"
نظرت بأن الكتيبات قد بدأت تنفذ بدورها فأخذت واحدة و ذهبت إلى موظفة الاستقبال لتقوم بنسخها أيضا وقفت تنتظرها حتى تنتهي و عندما أتت حملت سارا الاوراق
- " شكرا لك .. لكل شيء ثمنه لا تقلقي "
- " لا عليك سيدة مولر نحن بخدمتك .. انتبهي .. سي..."
رجعت سارا و لم تنتبه للجسد الضخم خلفها الذي اصطدمت به بقوة فسقطت كل الاوراق على الارض اقتربت فيكتوريا و براد و قاموا بتجميع الاوراق همست سارا للرجل الذي انحنى ليلتقط الاوراق دون أن تنظر إليه
- " آسفة "
- " لا عليك "
حملت الاوراق و ابتعدت عنه بسرعة حتى تلحق بكلوديا التي وقفت تشير لها بأن تسرع فلم تنظر سارا إلى الرجل الذي اصطدمت به لكنه رآها و وقف متصلبا في مكانه اقتربت موظفة الاستقبال منه
- " سيدي كيف أخدمك؟"
التفتت إليها و سألها بارتياب
- " هل تعرفين تلك المرأة ؟؟"
- " نعم سيدي أنها السيدة سارا مولر "
لم يشك بالامر فبالفعل هذه سارا إنها لم تتغير منذ سنوات
- " هل تعمل هنا ؟ "
- " لا .. إنها منسقة لحملة تبرع بالدم و سوق خيري "
ترك الرجل موظفة الاستقبال واقفة مستعدة لتساعد السيد في حجز غرفة أو الاستعلام عن خدمات الفندق لكنها لم تتوقع منه أن يسألها عن تلك السيدة ..اقترب عن المدخل فرحبت به فيكتوريا
- " مرحبا يا سيدي .. تفضل بالدخول "
- " شكرا "
اخذ الكتيب الصغير بيده ثم سار يبحث عن سارا بعينيه لكنه لم يجدها فقرر أن يقف عند أقرب طابور فيتبرع بدمه أخذت الممرضة بياناته و أجلسته على الكرسي و رفعت كم قميصه الأيمن و غرزت الابرة في جلده لتملأ أنبوبة صغيرة بدمه
- " شكرا لك سيدي .. ارتاح هنا قليلا "
اقترب منه فيكي و قدم له عصير بارد
- " تفضل سيدي عصير حتى يعوض الدم الذي فقدته "
- " أشكرك "
- " على الرحب و السعة "
شرب العصير دفعة واحدة ثم مشى يبحث عن سارا و أخيرا وجدها بين الجموع تقف مع أحدى الممرضات التي تركت سارا تقوم بعمل الممرضة بينما الاخرى خرجت من القاعة ..سار حتى وقف في الطابور الطويل سمع سارا تقول
- " التالي "
فاقترب هو لأنه كان التالي سألته دون أن تنظر إليه و قد رسمت ابتسامة جميلة على شفتيها بدت له و كأنها في السابعة عشر من عمرها كما عرفها سابقا خاصة و أن بشرتها البيضاء لا تزال صافية و مشدودة و كانها لم تتغير أبدا و كأنها لم يمر عليها الدهر شعرها الجميل مربوط إلى الخلف على هيئة ذيل حصان تمنى أن يضع يديه لينزع الرباط فينسدل ذلك الشعر البني الحريري على كتفها
- " هل لي باسمك سيدي "
أجاب بصوت كله ثقة
- " بروكس .. جيمس بروكس "..
-8-
تصلبت يدها التي تمسك بالقلم ..لقد وقع عليها صوته وقع الصاعقة التي تدمر ما حولها.. رفعت رأسها عن الاوراق لترى رجل طويل عريض المنكنبين له ذقن برزت عليه لحية خفيفة و تجمعت خطوط السنوات حول عينيه الزرقاء التي لم يخفت بريقها و الحاجبان الكثان اللذان يزيدان من جمال و سحر تلك العينين و يعطيانها منظر الحدة .. كما رأت شفتيه الغلظتين الحمراء تبتسم لها بعجرفة .. ضرب قلبها بشدة .. يا إلهي ..أنه جيمي.. لقد أتى بعد عشر سنوات ليبدو رجلا و وسيما أكثر من قبل.. لعنت نفسها لضعفها أمامه لكنها حاولت تجاهل ذلك الشعور الغريب الذي أخذ يقرص قلبها ..أنزلت رأسها بسرعة على الاوراق.. قال لها بعجرفة و استهزاء
- " تبدين مصدومة لرؤيتي .. أحسست بهذا الشعور قبل قليل عندما اصطدمتي بي "
حملقت بوجهه ثم ضغطت على القلم و تجاهلت تعليقه الذي أثر فيها و قالت بجفاء
- " كم عمرك ؟ "
- " أنت أعلم "
رفعت رأسها بعصبية و نظرت إليه يبتسم و قد برزت أسنانه البيضاء لكنها أصرت على السؤال نفسه
- " كم تبلغ من العمر ؟ "
- " الثالثة و الثلاثون "
- " هل تعاني من أية أمراض ؟ "
- " لا "
- " هل تحتسي ال...."
سكتت فترة قبل أن تسأله هذا السؤال الذي بسببه تدهورت حياتهما لكنها قوت نفسها و سألته باعتباره أحد المتطوعين ليس إلا
- " هل تحتسي الكحوليات ؟ "
- " لا "
قالها بكل ثقة مما جعلها ترفع رأسها و تنظر إليه بشك فأجابها بابتسامة شقية
- " لم أفعل منذ سنوات طويلة .. و لا أفكر أن احتسي أيا منها بعد اليوم "
لم تعلق على كلامه لكنها قامت من مكانها و أشارت له بالجلوس على الكرسي حتى تسحب منه الدم استلقى على الكرسي و رفع كم قميصه و عينيه لم تفارق وجهها رربطت ذراعة البارزة العضلات .. لا زال جسده رياضي و مثير .. توترت قبل أن تغرز الأبرة في لحمه ..أخذت نفسا عميقا طرأت ذكراه و هو يترنح أمامها بمنظره المفزع الغير مرتب و هو يصرخ بوجهها.. أغمضت عينيها ثم فتحتها مجددا حتى تبعد تلك الذكرى عن رأسها ..كان يتأمل جسدها بجرأة فغرزت الأبرة تحت جلده بقوة .. تغيرت ملامح وجهه بسبب الألم .. و تاوه بصوت محفوت ..ارتاحت عندما راته يتألم فتحت الرباط حول يديه و ابتعدت عنه لكنها لمحته بطرف عينيها يترنح و أراد أن يسقط أرضا فاقتربت الممرضة لتجلسة على الكرسي و نادت على فيكي حتى يقدم للرجل عصيرلكن فيكي استغرب فلقد قدم له عصير قبل دقائق
- " لكنه تبرع بدمه قبل قليل"
التفتت إليه سارا فهي لا تريد أن يقابل جيمي ابنه فمسكت فيكي و أشارت له بالابتعاد لكنه قال لوالدته بأن ذلك الرجل تبرع بدمه منذ قليل و قد قدم له شرابا ..أومأت برأسها و أبعدته عن مرأى جيمي .. لم ينتبه جيمي إلى ذلك الصبي و لم يميزه فلقد كان وقتها طفلا صغيرا .. أخذت الممرضة العصير و قدمته لجيمي فرشف منه شرفة صغيرة .. أسند رأسه إلى الخلف لانه أحس بدوار برأسه اقتربت منه سارا و همست بحدة
- " ماذا تنوي أن تفعل يا جيمس ؟"
رغم شعوره بالدورا إلا أنه ابتسم بطريقة مغرية .. جعل قلبها يخفق بقوة
- " اتبرع بدمي "
- " لم ؟"
استغرب سؤالها لكن الابتسامة لم تغب عن شفتيه
- " إنها حملة تبرع بالدم أليس كذلك ؟ أم انني مخطيء ؟!"
انه ليس الوقت المناسب للمزح .. كانت قلقة عليه دون وعي منها فهو شاحب الوجه و عينيه ذابلتين .. لكن يخفي ذلك بمزاحه .. لم تبتسم بل اقتربت اكثر منه و كانت غاضبة لتصرفه الغير مسؤول..
- " لم لم تخبرني بأنك تبرعت قبل قليل ؟ "
- " ليس هناك سبب .. لكن السؤال هو.. لم تبرعت مرة ثانية ؟؟!! و الجواب بسيط ..هو لكي أراك و لكي تسحبي دمي كما تفعلين دائما "
بللت فمها الذي جف لكلامه المعسول ..شعر برغبة أن يغمض عينيه لكن دون أن تفارق الابتسامة شفته الغليظة ..
اقتربت كلوديا عندما رات الرجل يترنح قبل قليل فسألت سارا بقلق و هي تراه متهالك على الكرسي و عيناه مغمضتين
- " هل هو بخير ؟ "
لكن جيمي أجاب عنها و فتح عينه لينظر إلى سارا
- " نعم بخير ..."
ابتسمت كلوديا لسارة و سألتها
- " ماذا حدث ؟"
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك