بارت من

رواية وش رجعك -43

رواية وِش رجعك - غرام

رواية وش رجعك -43

ما زالت العقول حــائرة ... والأفواه مغلقة ... القلوب وجــلة ... لكن : أنا بروح لأبوي اللحين ..
هذا ما قالته دعاء ... فأمسك ذراعها : لا .... اذا درى إن احنا عرفنا ... محمود بصير بخطر ... ويمكن يغيرون مكانه .... ( قال بصيغة الأمر ) انتوا ما سمعتوا شي .... هـ الموضوع يظل سر بينا .. لين ما نلاقي محمود ... ترى اذا انتشر الخبر ... محمود بروح .. وعمرنا ما بنحصله ...
أيده نافع : صحيح كلامك .... علشان سلامة محمود .. المفروض محد يعرف بهـ الشي ...
فقال عادل : ومحمود ؟! شلون بنحصله ؟
أجابه أحمد : أنا بروح الأردن بدوره ...
فقالت دعاء : خذني معاك ... ما اقدر انتظره أكثر ..
قال لها : لا ... اذا جيتي معاي .... بثيرين شك أبوي .. لأنه لليوم وباجر يراقبنا ..... بس أنا .. ما بثير الشك .. بما أن بيان تدرس هناك .. أنا رايح لها ... لكن انتي .. بقول ليش تركت دراستها ؟!
تجمع الدمع بعينها : أحمد خذني معاك ... بمعزة محم ...
وضع كفه على فمها : لا تجبريني دعاء .. أنا بروح سياحة ... بروح أدوره .... وانتي شنو بتسوين ؟
قالت وهي تبكي : بروح أقعد مع بيان .. مشتاقة لها ...
فقال لها : بيان مو فاضية ... خليها بدراستها أحسن ....
==
[ بيــــان ]
اليوم .... لم تنتظرني صفاء ... فلقد خرجت مع بشار ... وها أنا توا .. أصل إلى مكان سكني ... وأنا أصعد السلم ... رأيت حسن أمامي ... ابتسمت له : وينك ؟ كل هذي غيبة !! سبوع ما شفناك ...
بدا غيري طبيعي .. لكنه تبسم : شسوي ... قالو الربع كشتة يومين ... وقلت ما عليه ... بعدين عجبنا الوضع .. ومددناها ...
قلت له : أهم شي استانست ..
ما زال مبتسما : ايي .. غيرنا جو .. الحمد لله ...
أكملت طريقي : عن اذنك ..
فقال : إلا وين صفاء ؟ ما اشوفها ؟
فقلت : طلعت مع بشار ...
فقال : وانتي ؟؟!
تبسمت : أنا ؟ بروح وبخلي راسي وبنـــام .... اليوم شّرحنا اشياء .. ومنقرفة حدي ..
ضحك : الله يساعدج .. بالتوفيق ...
قلت له وأنا أكمل طريقي : وياك ...
أخرجت المفتاح من حقيبتي ... فتحت الشقة ... أقفلتها ... وعلقت المفتاح بجانب الباب ... خلعت حذائي ... ثم دخلت غرفتي ... كانت باردة ... وضعت كتبي على الطاولة ... رميت الحقيبة على الكرسي ... علقت شالي ... واتجهت إلى الحمام .. بعد أن أخرجت لي بجامة خفيفة ....
وحينما خرجت من الحمام ... رأيت باب غرفتي يغلق ... انتفض قلبي ... أعادت صفاء ؟ فتحت الباب ... وكان الهدوء يخيم في المكان ... ولم أشعر .. إلا بكفين ... قد أغمضتا عيناي ...
تجمدت أطرافي .... لم أجرؤ حتى على رفع كفيه من عيناي ... وقبلة دافئة .. طبعت على خدي ... همست بذعر : من ؟
رفع كفيه عن عيناي ... وأدرت وجهي إليه ... كـــان ... كـــان أحمـــدا .... تجمع الدمع بعيناي .. وقلت له : ليش جيت ؟
تبسم : الشوق إلج جابني ...
قلت له : بس أنا ما أبيك ...
فقال : مو مهم عندي ... المهم إني تعنيت لج ... وقاعد معاج ... لين ما ترضين علي ...
انسكبت دموعي : أحمد روح ... ما أبي ..
قاطعني : لا تكملين ... أنا ما أخذت رايج بالموضوع ....
جلست على المقعد .. وقلت له : اوكي .. ما بترجع من المكان الي جيته أنا الي برد البحرين ...
فقال : ردي ..
رفعت رأسي إليه : أحمـــد !
أتى إلي ... وجلس على ركبتيه أمامي : عيون أحمد ...
قلت له برجاء وقلبي يدق بعنف : ليش جيت ؟
قال لي : جاوبت على سؤالج قبل ...
قلت له : بس أضن اني قلت لك قبل ما تجي ت..
وضع رأسه على ركبتي .. فنخرس لساني .. قال لي : كملي ...
قلت له بارتباك : لا تسوي فيني جذي ...
رفع ناظريه الي وقال بصدق : أنا اسف اذا ضايقتج ...
مسحت دمعي : اطلع والي يرحم والديك ...
رفع رأسه .. ونهض : اوكي ...
مشى ناحية الباب وقبل أن يخرج .. اللتفت لي : جيت عندج أرتاح ... لا تقسين علي ...
نهضت واتجهت ناحية الباب .. فتحته : اطلع .. احمد اطلع ...
نظر إلى عيناي بلوم ... وخرج : بأمان الله ...
أغلق الباب ... وجلست بجانبه ... أخذت أبكي بصوت مرتفع .... اعذرني أحمــد ... لا أود أن أضعف ... وجودك بجانبي يصهرني .... حينمـــا أراك أنسى كــل شيء ... اعذرني أحمـــد ... لا أجـد غير هذا كي يعود إلي محمود ... صحيح أنني أحبك جدا .. وأشتاقك إلى درجــة الإختنــاق .... لكن محمــود أخــي .... محمــود هو ابتسامة والدتي ... التي برحيله ماتت ...
==
مشى أحمـــد .... في تلك الشوارع التي تجوبها بيان يوميا وهي تبكيه ... مشى يبيكيها ... يود مصارحتها بما عرفه عن محمود ... يود أن يشكو إليها جور الأيـــام على قلبه ... يود أن تواسيه .... وتضمه إليهـــا ... فتسكن الجـراح ... ويهدأ الألــم ....
مشى لحيـــن الغروب .... ثم عـــاد إلى الفندق .... صلى هنــاك .... ثم قصد الطابق الأرضي ... سأل من فيه عن محمود ... وأراهم صورته .... وحينما لم يعرفوه .. خرج ... وكل من يمر بطريقه يسأله عنه ... فهو في عمـّان .. أكيد أنه هنــا .. فوليـــد هنــا ..
فلأتريث قليلا ... مؤكــد أنني لن أجده في هذه الأحيـــاء القريبة ... فلأذهب .... إلى الضواحي القريبة من شركة والدي .... فذهبت أولا إلى محل تأجيير سيارات ... استأجرت سيارة .. وسألت عن تلك المنطقة التي توجد بها الشركة ..... لم تكن بعيدة جدا .... وصلت .... رأيت بناءها الشاهق ... أهذا لوالدي ؟ أم لوليد !!
ضحكت باستخفاف .... وأنا أخمن كيف أسسوا بنيانها ... فكــلما ارتفع البناء ... زاد ظلمهم .. وبطشهم ... وانخمدت أنفاس الكثيرين ... أسفل هذا البنـــــــــــاء ...
على بعد مسافة متوسطة .... أخذت أسأل عنه ....... لكن دون جــدوى ... لا يعرفه أحــد .. لم يره أي مخلوق .. أنفلقت الأرض وابتلعته ؟!!!
جـــاءت الساعة الثانية عشــر .... فعدت أدراجي ... لأرتاح من عنـــاء البحث ... وفي الصبـــاح سأكمل عملية البحث .... أعدكِ بيـــان ... سأجــــده !
==
[ يعقـــوب ]
كنت واقفا ... متكتف اليدين .. أنظر إلى لمياء وهي تتوسل أخي أن يرجعها إليه ... كانت تبكي ... وتشهق : والله أنا احبك .. بس عاطفتي هي الي دفعتني للي سويته ... أنا كنت أبي اصير أم ... بس ما ابي أتخلى عنك .... ميثم أنا ..
قاطعها وهو منفعل : تقدرين تشبعين عاطفتج بطريقة محد يقدر يلومج فيها ... قلت لج بطلقج وانتي ما رضيتين ... شتبين أكثر ؟! انتي وحدة خاينة ... وغدارة .. وعمرج ما حبيتيني ... ويلله روحي بيت هلج .... الطائرة والله ان طارت .. ما حاجز لج غيرها .. فاهمة ...
أمسكت قدمه وهي ما زالت تبكي : وربي ما اعيدها مرة ثانية ... خلني خدامة لك ... بس لا تردني بيت هلي ...
أبعدت ناظري عنهما حينما أبعدها عن قدمه ... وهي تقبلها راجية إياه .... خرجت من المنزل ... وأنا أفكر بهمــا ... كلاهما يعشق الآخر ... لكن خيانتها له .... جعلته قاس لهذه الدرجة !! وهي ... لا عذر لهــا ... جريرتها عظيمة ... ويكفيها أنه تستر عليها ... ألا تستحي ؟! بعد كـل الذي فعلته .. تتوسله ! لو كنت مكانها لجمعت ماء وجهي وهربت !
خرجت ... ووجها ملطخ بالدمع .. رمقتها بسخرية .... فقالت : كل شي سببه انت ... الله يحرق قلبك على فطوم .. مثل ما حرقت قلبي ...
تبسمت : تراها دعوة المطلوم الي تستجاب .. مو دعوة الظالم ... يلله فارقي ....
أخذت تضحك بهستيرية ... وركبت التاكسي ... ثم تحركت إلى المطـــار ..
وما إن ابتعدت السيارة ... حتى دخلت المنزل ... ورأيت والدتي جالسة بجانب ميثم تواسيه وتعده بأن تخطب له ... لكن رده صدمني : كرهتني بالحريم الله يكرها بحياتها ... أنا ما أبي أتزوج .... أصلا من تبي واحد ما يجيب عيال ؟
ونهض إلى شقته ... لتغطي أمي وجهها بكفها وأخذت تبكي ولدها ... جلست بجانبها وقبلت رأسها : يمه ما عليه ..... صبري لين ما يبرد جرحه .... وهو بنفسه بقولج اخطبي لي ... صدقيني يمه .. ألف من تتمناه .. من قلة البنات يعني ؟
قالت أمي وهي تكفكف دمعها : الله يساعد قلبك يوليدي ....
ومضت في نوبة بكــاء أخرى ... فضممتها ... وأخذت أهدأ روعهـــا ... ومـا إن هدأت ... تركتها لأدخل غرفتي ... لكنني شعرت .. بوخــزة .... شيئا ما بداخلي يؤلمني ....
صليت على محمد وآله .... ووضعت رأسي على وسادتي .. فربما إن غفت عيناي ... تهدأ هذه النبضات السريعة ..... لا أعلم .... لا أشعر بالإطمنان .... أخذت هاتفي ... واتصلت على فطوم ..... لم تجب ... اتصلت ثانية ... وهذه المرة الثالثة التي اتصل بها .... ولم ترد علي !
نهضت فزعــا .... ركبت سيارتي .... وقصدت منزلهم .... نظرت إلى الساعة .. كانت العاشرة مساءا ...
أوقفت سيارتي أمام المنزل .... ترجلت ... وطرقت الجرس ... وبعد دقائق أتى عماد ووجهه مصفر : هني فطوم ؟
سكتت قليلا ثم قال : اييي بس نايمة ....
قلت له : يصير أروح لها ؟
قال بسرعة : لا ... هي قايلة لحد يزعجني ...
ليأتي عمار : من عند الباب ؟
ارتبك عماد : هذا يعقوب ....
فتح عمار الباب ... وقال بخوف : يعقوب ... هلا .. خير ان شاء الله جاينا هـ الحزة ؟
تبسمت : أبد ... بس جـاي لفطوم ...
تبادلا النظرات .. مما أثارا شكي .... وزاد نبضي أكثر : فطوم فيها شي ؟ ما ترد علي ؟
قال عمار : ايي .. لأنها طالعة مع بيان ...
داس على قدمه عماد : لا رجعت .. بغرفتها نايمة ....
قلت بخوف : بيان في الأردن أصلا ... بلا جذب علي ... وخلوني اشوفها ... مو من حقكم تمنعوني ...
قال عمار بإحراج : لحـظة شوي ....
دخل ... ثم أتى بعد دقائق .. ومعه أباه .. وبعد السلام .. دخلنا إلى المجلس ...
ليقول أبو عمار : احنا قلنا ما نبي نقولك علشان ما تضايق روحك .... بس فطوم ما ندري شفيها .. ردت البيت وهي تصيح ... وتقول إنها ما تبيك ....
علامات استفهام : ما تبيني ؟ شلون يعني ؟ وهي وين كانت ؟
قال أبو عمار : ما ادري وين بالضبط هي كانت ... بس شكلها كانت منفعلة .. خـل الأمور تهدأ ... وبعدين بنكلمها وبنسألها ...
نهضت : اوكي ... باجر ان شاء الله بجي أشوفها .. عن اذنكم ......
وحينما خرجت ... قبل أن أركب سيارتي .... خرجت هي .. ودموعها على خديها ....
قلت لها بخوف : فطوم ...
رمت علي كيسا .. التقطته .. وليس كل هذا ما رمته ... رمت حلقا ذهبيا .. التقطه وحينما رأيته همست لها بصدمة : شنو هذا ؟
قالت وهي تبكي : هذا لك .... روح .... ولا أبي أشوف وجهك مرة ثانية ...
أغلقت الباب .... وتجمدت أنا مكاني .... ما بها فطوم ؟! مالذي غيرها علي ؟ ماذا فعلت لها أنا كي ترفضني هكذا ؟!!
ركبت السيارة ... وفتحت الكيس الذي أعطتني إياه ... ورأيت به .... " مصائب " .... أخذته ورميته في الخلف .. ووضعت رأسي على المقود ... وقلت : الله ينتقم منج يالظالمة .... لعبتيها صح .......
بعـــد اسبوعيـــــن ......
[ بيـــــــــان ]
كنت ممسكة كفه ... وبكفي الأخرى .. أمسك كأس شاي أشربه : الجـــو برد شوي ...
فقال : ايوة ... هني يجي البرد قبل البحرين بمرتين ...
تبسمت : تصدق ... وحشني الحــر ...
ضحك : الناس تهرب منه .. وانتي تشتاقين له ؟
ضحكنا معا ... وواصلنـــا طريقنـــا ....
ألم أخبركم ؟! بـأنه قـــد أخبرني عن محمـــود .. فقــد حــاول بكــل الطرق أن أعــود كما كنت لكنني رفضت لحين أن صارحني بأنه موجود هنـــا ... ومنذ ذاك الحين ونحن نبحث عنه سوية ... وفي الوقت الذي أكون فيه بالجامعة ... أو أدرس ... يخرج وحـــده ....
أمسكني من كتفاي : حبيبتي بروح أدخل هـ المقهى وبطلع .. انتظريني هني ...
قلت له : بدخل معاك ...
أخذ ذراعي .. ورفع كم بلوزتي ... ورفعها أمام عيناي : شوفي الساعة ... عشر وشوي ... يعني مسخرة داخل ...
تبسمت له : اوكي ... بس لا تتأخر ...
قبل رأسي ... ودخل ..... وأنا واقفـــة ... أنظر إلى المــــارة ..... لفتت انتباهي قطـــة .... بيضاء اللون .. مشيت باتجاهها ... وأخذت ألخقها .. كانت تختبأ عني ... لكنني ركضت خلفها لحين أن أمسكتها ... أخذت أمسح على شعرهـا ... وبعد قليل ... رأيت ظلا على الأرض ... رفعت رأسي .. كان رجلا يرتدي ملابس سوداء ... كان مبتسما : عجبتج ؟
تبسمت : ايوة ... حقتك هذي ؟
هز رأسه بإيجاب : بس اذا تبينها ما تغلى عليج ....
مددت له ذراعي بها بعد أن قبلتها : مشكور ... ما أبيها .....
لكنه لم يأخذ القطة ... بل .. تركها تذهب .. قلت باستغراب : ليش خليتها تروح ؟
فقال : لأنها مو لي ..
نظرت إليه باستغراب ... ولم أره إلا وقد مد كفه : ممكن ؟؟
رمقته باستغراب : شنو ؟؟؟
فقال : تجيين معاي .. وبوريج مكان كله قطط ...
احترت ... وحينما تذكرت أحمد أنه بانتظاري : لالا ... تأخرت .. باي ..
ومشيت .... شعرت بأنه خلفي ... أدرت وجهي ... فكان يمشي على مقربة مني والإبتسامة لا تفارق محياه .... فأخرجت هاتفي .. واتصلت لأحمد .... لم يجب ... أدرت وجهي مرة أخرى .. فكان ما زال يلحقني ... وحينما دخلت أحد الأزقة .... أطلقت ساقي ... وركضت مسرعة .... ولم أرى نفسي إلا اصطدمت بشخص ما ... ويبدو أنه كان يهرب من شيء أيضا ... كان متلثم .... فلم أرى وجهه ... لكنه حينما نهض ... وساعدني على النهوض ... عيناه ... لم تكن غريبتين ... صحيح أن المكان مظلم .. إلا أنني تمكنت من رؤيتهما ...
انتفض قلبي .. أيعقل أنه هو ؟؟
وين بتروحين مني ؟!
هذا ما قاله ذاك الرجـل ذو الملابس السوداء ... ولم أجد نفسي إلا وقد خبأت نفسي خلف الرجل الملثم وقلت بخوف : شوفه ... يلحقني من مكان لمكان ....
حينما سمع صوتي .... أدار وجهه إلي ... أخذ ينظر إلي بنظرات غريبة .. أنا .. أجهل سبب الأمـــان الذي أشعر به معه ....
" ملاحظة : بسميهم .. الأسود و الملثم .. اوكيه "
فقال الأسود : هذا رفيقج ؟
لكن الملثم .. أمسك ذراعي ... ومشيت بجواره لحين أن خرجنا من الزقاق .... وحينما اللتفت للخلف .. لم أجده .. الحمد لله ....
رفعت بصري إلى الملثم .. وما إن رفعت بصري إليه .. نكس نظره ... لما ينظر إلي هكذا ... فانتابني الجنون وقلت : محمود .....
هذا هو .... وينك عنا يا محمد ؟ لقيناك .....
وإذا به يتركني .... لم أرى ردة فعله ... فمجموعة من الرجــال لحقوه ...
جبت ببصري الشارع ... لا أتذكر أننا مررنا من هنا .. أخرجت هاتفي .. واتصلت إلى أحمد : وينج فيه ؟ توني طالع وما لقيتج ؟
قلت له : انا لحقت قطوة ... واللحين واقفة عند شارع .. بس ما ادري وين أنا !!
فقال أحمد : بيان !! هذا وقته ؟؟! وصفي لي مكانج ....
وحينما انتهيت من الوصف .... وقال بأنه على مقربة مني .... جلست على الرصيف .. أنظر إلى السيارات .... وتذكرت ذاك اليوم ..... الذي جلست فيه هذه الجلسة ... عندما تركني عمار لوحدي ...... كم اشتقت إليك عمار .. فطوم .... لما كـــل هذا البرود ؟؟! ألم نعـــد أختين ؟!
فتحت هاتفي .. واتصلت لها .. لكنها كـعادتها لم تجيب .. فأرسلت لهـــا رسالة :
لا تجـــي ولا تســأل علينــــا ... انتهيـــنا من محبتـــك ... انتهيـــنـــا !
وأنا أضغط زر الإرسال .... شعرت بأحـد يقف خلفي ... أدرت وجهي ... فكــان هو ... اسمه محمد .... لكنه يشبه محمود ^^ تبسمت له : ما صادوك ؟
اقترب مني ... وقال بهدوء : من محمود ؟!
إنه صوته .. تجمع الدمع بعيناي ... والصدمة ... دفعتني إلى أن أجـــر لثامه .... لأرى وجهه ... التقاسيم ذاتهــا ... لكن وجهه مصفر .. ذابل .. وكـأن المرض قــد فتك به .. أخذت أمسح على وجهه .. ودموعي انسكبت على خداي : محمود .... وينك عنا ؟ ليش خليتنا ؟
حتى بوقت الجـــــــد تلعب مع البنــــــــــات ...
كان هذا الصوت ... إشارة له لأن يرحل .... أخذ يركض ... وهم يركضون خلفه ... وأنا ركضت خلفهم : وقفوا ..... لا تسوون فيه شي .... ( وأنا اشهق ) خلو أخوي بحـــــاله ...
أمسكتني ذراع أحمد : بيان ...... صار لي ساعة أركض وراج ؟ شفيج ؟
رميت نفسي بأحضانه : محمود ..... شفت محمود ... لكن هايلين الحقيرين يركضون وراااه ... ما خلوه يكلمني ... محمود ..
مسح دمعي : يمكن مو هو حبيبتي ... انتي كل واحد شفتينه قلتين هذا هو ! مو أول مرة .... اللحين ليش تصيحين ؟
فقلت : لا ... هـ المرة هو .... حتى سألني : من محمود ؟ كان متلثم .... كان وجهه شاحب .. كان مهموم .. أنا أعرف أخوي ... ومستحيل ... ان الي شفته يكون غير أخوي ...
أخذنا نبحث بالمنطقة ... لحين أن حطت عقارب الساعة .. على الثانية فجـــرا ... أوصلني للشقة ... فدخلت وأنا شبه منهارة ...
رميت جسدي على السرير .... وأخذت أبكي بعجــز ... كـــان أمام ناظري ... لكنني لم أستطع أن أضمه ... لم أقبله ... لم أشكــو له مــا جــرى بغد غيابه ... مالذي حــدث لك يا محمود ؟! مالذي يبعدك عنا ؟ أنسيتني ؟ أنسيت أهلك ؟ أختـــك ؟!
==
[ محمــــد ]
هدأني وائل : حبيبي هدي حالك .... انت متعود على مطارداتهم لك ... شنو الي تغير ؟
قلت له بانفعال : أقولك تتكلم مثلي .. مو نفسكم .... خليجية مثلي ... وقالت لي محمود ... من محمود ؟! أنا محمود !!
تبسم : يمكن .... محمد ومحمود ... اثنينهم حلوين ..
فقلت له وأنا أحاول ضبط أعصابي : عطني ابرة ..
قال : اللحين ما معي ... بكرة بروح أشتري ..
استلقيت على السرير : سكر الباب والنور معاك ...
تبسم : بتنام ؟
فقلت : الي تشوفه ...
خرج .. وبعد أن خرج ... تركت لدمعي العنــــان ... عذرا ... الرجـــال أمثالي ... من الصعب عليهم أن لا يبكون .... تصورا ! منذ ذالك الحين ... والحكاية تتكرر ... لا أخرج إلا متلثما كي لا يعرفونني .. وكل مرة أتنكر بزي .. انني اختنق من الجلوس هنا ..... وكلما أخرج ... يطاردني جماعة ذاك الحقير ... الذي هربت من شقته ... فليخسأ .. ألا يكفي أنني مدمن مخدرات ؟ أأتاجر بهـــا !! حتى وإن مت طمعا في حقنة ... لن أقدم على هذا الشيء مطلقا ....
أغمضت عيناي ... ووجهــها لاح في مخيلتي .... تبسمت ... ربمــا تقرب إلي ... يبدوا أنها تحبني كثيرا ... رفعت كفي أتلمس وجهي الذي لامسته أصابعها .... من تكون ؟ ومن أكــون ؟! أحــقا أنني محمود ؟!
قلبت جسدي الجهة الأخرى .. وأنا أتذكر كلام الطبيب الذي ذهبت له ... صارحته بأنني مدمن .. فقال لي .... لا تستطيع بدأ جلسات العلاج ... كي تعود لي ذاكرتي ... إلا حين أن أنزع الســم من أحشائي !!
يا تـــرى .... من أنا ؟! هــل أنا مهم لهـذه الدرجة .. دبلوماسي مثلا ... كي يرغب أحد بأن يتخلص مني .... ويجعل مني مدمن مخدرات ؟؟!!
==
وحـــل الصبـــاح .... صبـــاح جديد .... لبداية يوم جديد ^^
وفي مطـــار الكويت ....
أمسكها من ذراعها : مثل ما اتفقنا ... وساختج الي لوثتيني بهـــا ... تطهريني منها سامعة !!
بكت : ان شاء الله ...
وأعلن موعـــد الرحــلة ... أجلسها أمام النافذة .. وجلس بجانبها ... وهو يود أن يهنشها بأسنانه ...
وحينمـــا وصلت الطائرة أرض المطــار .. ترجلا ... هما الوحيدين بدون أي حقيبة ... أوقف سيارة أجرة ... أرشد السائق لبيت خالته ...
أعطاه ثمن أتعابه .. ونزلا .... طرق الجرس ... والذي فتح الباب هذه المرة ... كانت هي : افتحي الباب ... هذا أنا يعقوب ...
قالت من خلف الباب : ولك وجه بعد تجي ؟
قال وهو يحاول جمع ذرات صبره : فطوم ... بتفتحينه ولا أكسره ؟
يبدو أنها فزعت من جملته .. فتحت الباب ... وحينما نظرت إلى من معه ... اشمأزت : وجايبها معاك لين هني ؟؟ ما تقدر تتحرك بدونها ؟
قال بصبر : جايبنها لج علشان تقول لج الحقيقة ... تكلمي يا .... انطقي ...
بكت لمياء : هو ماله ذنب ... أنا الي مركبة الصور علشان تتخلين عنه ... هو الي فرق بينا أنا وميثم .. وقلت لازم أخرب حياته ...
قالت فطوم وعينيها دمعتا : يالحقيرة ... ما عندج ضمير ولا ذمة ... وووو
لم يكن يسمع إلى ما تقول ... أساسا لم يدعها تكمل ما تقول ... ( فقد قال للسائق الذي كان ينتظر عند البيت ) خذها للمطار ... أغلق باب السيارة : بذمتك إذا راحت مني ولا مني ....
تنهد براحة ... ومشى ليذهب إلى الشارع عله يجد سيارة تتوقف له وتوصله منزله ... لكن فطوم ... لبست شالها وعباءتها ولحقته : يعقوووب ...
لم يجبها ... كانت تمشي بسرعة : يعقوووب وقف ... انتظرني ...
اللتفت للخلف : ردي بيتكم ...
قالت له وهي تبكي : ما ابي .. بجي معاك ...
قال بحزم : بس أنا ما ابيج تجييين معاي ..
قالت : زعلان علي ؟ أنا اسفة والله ...
فقال لها : اسفة ؟؟ في وين أصرفها هذي ؟ أنا تشكييين فيني ؟ اللحين انتي تشوفينها بعيونج وهي تثيرني وما تسكين ... وعلى صور ... تصديقنها ؟
فقالت : أدري غبية .. ومال عذر ... بس انت تأخرت علي .. سبوعين لا اتصال منك ولا اجي أشوفك .... قلت يمكن استسلمت لها في النهاية و ..
قاطعها وهو يضعه كفاه على رأسه : بعد ؟ شنو يمكن ؟؟ آخر ما توقعته إنج تتوقعين مني جذي ... بس أنا ما ألومج .. الي شفتينه مو قليل ... ولو أنا مكانج بجيني وسواس ...
لم تتكلم ... لأنها كانت تبكي ... احتضن وجهها ومسح دمعها : خلاص روحي .. لا تصيحين ... بس انصدمت فيج بقوة ... ما كان قصدي أضايقج ...
رمت نفسها بحضنه ... وزادت صوت شهقاتها : يعقوب أحبك ....
تبسم : وأنا مجنون فيج .... وأتمنى الي صار ما يتكرر ...
قالت وهي ترفع رأسها : أوعدك ....
قبل رأسها : فديتج والله ... وحشتيني ...
فقالت : وأنا اشتقت لك موت ... تعال بيتنا ... أحس وقفنا بالشارع غلط ..
لم ينتبه للمكان .. فهو حينما يراها ينسى كل شيء ^^ : يو صج فشلة .. كل الناس تطالعنا ...
ضحكا وكل واحد فيهما ممسكن كف الآخر ... وهما يتبادلان بعض الأحاديث .. قاصدين منزل فطوم ^^
[ أدام الله حبكمـــا الطــاهر .... ]
==
[ محمـــد ]
منذ ســـاعة .. وأنــا لم أترك السجـــارة .... بت أستمتع برؤية الدخـــان حــولي ... وحينمـــا شعرت بالإختناق ... نهضت لأفتح النافذة .... لأرى سيارتين توقفت بجانب البناء الذي نعيش فيه .... وأشكـــال من فيهـــا لا تبشر بخير ... لا أعلم .... سبب دقــــات قلبي العنيفة أنذاك ... وحدسي ... بأن الخطـــر اقترب ....
قررت الهرب ..... موقن أنهم أتو إلي .... فتحت باب غرفتي .... وقلت لتوفيق الذي كان جالسا أمام التلفاز : توفيق ... طليت من الدريشة وشفت سيارتين واقفين عند المبنى .. شكلهم جااين لي ...
ارتبك .... ثم قال متعلثما : لا .. لا .. هني بتحصل كثير ....
وأخذ يحـــاول طمأنتي .... فتحت باب الشقة ... لكنه مقفل ... أدرت وجهي إليه : وين المفتاح ؟
قال بنفس الإرتباك : ما معي ... عند وائل ...
صرخت بغضب : وااااااائل ... وااااائل ...
أين وائل ؟؟!! لما يجيبني ... فتحت غرفته ... فأغلق هاتفه بسرعة ...
وكـــأنني فهمت ما يجري ...... فقلت بصدمة : خبرتون علي ؟؟!
تعلثم : هيك رايك فينا ؟؟
أمسكته من بلوزته : عطني المفتاح يالحقير .....
فقال وهو خائفا : لك هدي شوي ... كل شي بيتصلح ... انت بس ..
قاطعته : وييين المفتاح لأحلص عليك اللحين ؟
فقال وهو مرتبك : في الخزانة ....
رميته على السرير ... وفتحت خزانة ملابسه .... نثرت كل ما فيها ... وعثرت في النهاية على المفتاح ... وما إن فتحت الباب .... وطللت من الدرج ... حتى رأيتهم يصعدون إلى الأعلى ..... لا مجـــال للهرب .... رفعت رأسي ... فرأيت درجـــا يؤدي إلى الأعلى ... فأسرعت ... وصعدت كــل الطوابق ... لحين أن وصلت إلى السطح ....
بحثت عن مخرج .... لكنني لم أجـــد إلى الأسفل .... ماذا أفعل ؟؟ وحينما سمعت صوت وقع خطواتهم تقترب مني ..... أدرت عيناي بحثا عن شيء أستطيع فعله .....
فوجدت مبنى ... يبتعد عن هذا المبنى بمسافة ليست بعيدة كثيرا .... فنططت السور ... وسقطت على الآخر .... تنفست بسرعة .... ووجدتهم على سطح البناء الذي كنت فيه ... يبحثون عني .... ونزلت الدرج .... لحين أن وصلت الطابق الأرضي .....
خرجت ... وأخذت أركض مسرعــا ... لكنهم سرعـــان ما عثروا علي ... وطاردوني ... كانوا اثنين .... تشابكت معهم .. أسقطهم أرضا .... وواصلت مسيري ... ولم أشعر إلى بضربة على رأسي ............
سطقت على الأرض ... والدمـــاء تسيل مني .... كانت دقات قلبي سريعة جدا ..... بعد المجهود الذي قمت به ... فتحت عيناي ... ومسحت الدم الذي سال على وجهي .... فكان وائل من ضربني ...
وكــان قد رفع " الحديدة التي بيده " ليخلص علي ... لكنني قلت له والدموع بعيناي : آخر ما توقعته تخونوني ...
قال وهو الآخر عيناه تلمعان : مجبور ... وربي أحبك ... بس مجبور ... الزعيم بياخذ أرواحنا إذا ما انتهيت ...
قلت له بانفعال : كلكم تقولون نفس الكلام ! كلكم تحبوني لكن تأذوني !! يعني هذا جزاي اني وثقت فيكم ؟؟ لو لي أحد أعرفه بجي لكم ؟؟
أدار وجهه يبحث عن أحد بالطريق ... فرأى ثلاثة رجال يركضون باتجهاهنا ... فمد يده بالحديدة : اضربني ... واهرب ...
قلت له بحيرة : لا .... خلني أهرب بدون ما اسوي لك شي ...
فقال : تبيهم يشكون ؟؟ اضرب ...
أمسكت الحديدة ... وضربته بخفة ... سقط على الأرض .... مسحت الدم الذي برأسي في ثيابه ... وركضت بكــل سرعتي .....
كنت منهارا ... وهذه أقل مفردة تصف حــــالي ..... جلست على الرصيف ... وأنا أحـــاول استشاق أكبر قدر من الهواء ... تحسست جرحي ... كـــان يؤلمني ... والدم ... كلما مسحته ســال على وجهي ...
فخلعت بلوزتي ... وربطتها على رأسي ..... كنت متعب ..... أشتهي بعض الراحة ... أشتهي صدرا أرمي عليه رأسي ... أشتهي من يضمني .. ويخفف عني معناتي ... وأشتهي ... من يشاركني وحدتي ... ومن أثق به ... فلا يخون ثقتي ....
كنت أبكي ..... وواصلت مسيري وأنــــا أبكي ... ولا أهتم لنظرات النـــاس إلي ..... فهم آخــر اهتماماتي ... لو كنت منهم ... لو كانوا عشيرتي ونـــاسي ... لو كـــنت أهمهم ... لما اكتفوا بنظرات الشفقة ... لأتو لمساعدتي ....
مسحت دمعي .... الملطخ بالدم ..... وأنا افكــر بكل من قابلتهم هنــا ... سوسو .... ذاك الخـــائن .... وائل ... توفيق .... وكــل من عرف قصتي .... ماذا فعلوا لي ؟! لم يهدوني شيء إلا الجـــراح ....
ولم أشعر ... إلا بيد قذرة .. تمسكني ذراعي ... وتلفني إلى صاحبهـــا ... كان ذالك الجشع .... " أبو عظلات " حينما رآني ... أخذ يضحك .... حـــاولت تمالك أعصابي ..... لكنني لم أستطع ... وأفرغت كـــل قهري عليه ... بماذا ؟!! أوضعي الآن ... يتيح لي بأن ألكمه ؟! ألدي قوة لذالك ؟!!
بسقت في وجهه ... أمام كـــل من وقف لمشاهدة الصــراع ... كيف أصف لكم شعوره ؟! حررني ومسح وجهه ... ومــا إن حررني ... حتى أطلقت ساقي للريح ... لكنه أمر أصحابه بأن يلحقوني ...
كم يضحكني وضعي هذا !! ألف شخص يلاحقني .... ماذا فعلت لهم أنـــا ؟! أفقدان الذاكرة .... جريمة أحاسب عليهــا ؟! أم تعـــاطي المخـــدارت والإدمــــان عليهــــا ... وأنـــا لا أعــلم كيف ؟! منذ أن أفقت .. والسم يسري في كبدي ....
اختبأت وسط مجموعة من القاذورات ... وأنا أغطي أنفي ... منقرف من المكـــان الذي فيه ... وشعرت بأقدام بعضهم ... تدهسني ... وهم يبحثون عني ... لكن أحذيتهم الجلدية ... الفولاذية .... حرمتهم الإحساس بأضلعي التي تكسرت ... الواحـــد تلو الآخــــر ...
ابتعدوا عني .... فرفعت جسدي ... وأنـــا أدلك ذراعي .... أم أدلك قدمي ... أم رأسي !! كـــل شيء في قد تكسر ... ويحتاج إلى من يجبره ... حتى أنه قلبي .... بات هشـــا ... وأضنه أكثر من ذالك ....
ولا أعلم ..... لمـــا شعرت بالوجــع مرة واحدة برأسي .... وضعت كفاي على رأسي ... أحــاول إخمــاد ثورة الألم .... لكنها كــــانت تزداد .... أود أن أتكتم على صرخـــة دوى صداها في أعماقي ... لكنها ... تأبى الخضوع والطاعة ..... صرخت بقوة : يــــــــــــــــــــا ربـــــــــــــي ....
الصورة تلوى الأخـــرى ... وجـــه يليه وجـــه آخـــر ... أصوات مختـــلفة .... وكـــــــل شيء ... متداخــل مع بعضه البعض .....
ولم أجـــد نفسي ... إلا ملقى على الأرض ........ وأنفاسي .... تهدأ .....
==
[ أحمــــد ]
مستغربين نحن من حــــالة الإستنفــــار التي تحــدث ... النـــاس تركض ... وأشكـــالهم ... من يراها يشعر بالتقيئ ...... احتضنت بيان من جانبها الأيمن : عيوني نرد ؟ قززوني هايلين ....
تنهدت : خلنا ندور شوي بعد .... بمكن نلقاه ....
قلت لها : بنلقاه ان شاء الله .... يلله تعالي ...
كنــــا في طريق العـــودة ... إلى السيارة التي تركناها في أول الزقــــاق .... حينمـــا رأينا جثة مرمية على الأرض .... بجانب صندوق القمامة ... كان صاحبهــــا ملقا على وجهه ... ومعصب رأسه ببلوزته ... لم نرى وجهه بعد ... إلا أن بيان هزتني : محمود ....
رفعت رأسي لها : مستحيل !! امشي امشي نتباعد ...
قالت بإصرار أكبر والدمع بعينيها : هذا محمود .... تعال نشوف وجهه ....
مشينا من الجهة الأخرى .... فهــــــــــــالني ما رأيت ....
كـــــان هـــو ... لا لا ... لم يكـــــــن هو ... محمود ليس هكـــذا .... محمــــود لا يمتلك هذه الملامح الميتة ....
دمعت عيناي .... وأنـــا لا أستطيع تصديق ما أراه ... كيف حــــدث له كــل هذا ؟! وأين أنا عنه ؟!
كانت بيان قد رمت نفسها عليه ... تبكيه .... تشكو إليه .... هي موقنة أنه لا يسمعها ... لكنها .... تأمل ذالك .... تأمل أن يضمهـــا ... أن يمسح دمعهــا ... يدللهــا ....
دنوت منه .... قبلت رأسه الملوث بالدم .... حملته على كتفي .... واحتضنت بيان ... ومشينـــــــا نحو السيارة ....
صدقوني ... لا أشعر بالفرح ... وآخـــر ما توقعته أن أجـــده هكذا ..... حتى أنني لم أتحسس نبضه ... أخشى ... أخشى أن أكتشف أنه فـــــــارقت روحـــه الطبيــة الدنيـــــــــا ....
وضعته بالخلف ... وبيــــان بجانبه .... وتحركنـــــا نحو المستشفى ......
وحينما وصلنا .... أسرعوا به إلى العناية القسوى ... وجلسنا على كراسي الانتــظار ... لا نرثيه ... بل نرثي أنفسنـــا الظمآ إلى نظرة منه .............

@@

اسبــــــوع كـــــــــــــامل ..... قضاه صاحبنــــا [ محمـــود ] " اشتقت كتابة اسمه الحقيقي ^^ " في الغيبوبة .... وقبل دقائق أفــــاق ...
وخـــــــــارج الغرفة .... كانت بيان وأحمد موجودين ....
قالت له بخوف : ما ادري .... ما ادري شلون بشوفه ... من كثر ما انا مشتاقة له .. ما ادري شلون بكلمه .. شنو بسأله أول ... ما ادري ... انت ادخل أول ...
ضحك أحمد : بيييون ... اللحين صار لج مدة تنتظرينه ولما جتج الفرصة ما تبين ؟! انزين ندخل مع بعض ؟
هزأت رأسها بإيجاب والدمع بعينيها : اييي ..
أمسك كفها .. وبكفه الأخــرى كان يحمله باقة وردة حمراء كبيرة .. أما هي ... فكانت تحمل علبة الحــلوى ... طرقـــا الباب ... وحينمـــا لم يسمعـــا ردا .... دخــــــــلا ...
.
.
خــــــــارج النص :
تتوقعون شنو ؟! يعرفهم ؟! ولا للحين الذاكرة ما ردت له ^^
فكـــــــــروا أول وقرروا بعدين نزلوا الصفحــة ... – بذمتكم ها –


[ فلنكمل ]
.
.
الســــلام عليكم ....
قالاها بصوت واحد ... فتح عينيه ... ونظر إليهما ... هي يعرفهـــا ... رآهـــا قبل هذا ... لكن هذا الرجــل ... لم يره من قبل ... فتبسم : وعليكم السلام ...
رمت علبة الحلوى على الأرض .... وركضت إليه ... ضمته وهي تبكي : محمود حبيبي ... اشتقت لك ... اشتقت لك ...
ومضت في نوبة بكــــــاء حـــارقة أوجعت قلبه ... كــــان يشعر بالضعف ... أضلاعه مكسرة ... وهي تضغط عليه .... لا يعرفهـــا ... ضنها بحجابها تختلف عن الاتي قابلهن .. لكنه على ما يبدو أنها مثلهن ... أبعدها عنه وقال بضيق : اللحين انتي منا والطريق تحضنيني ؟
رمقته بدون فهم : محمود !
تبسم : وانتي كل ما كلمتج قلتي محمود ... من محمود ؟ أنا ؟
أدارت نظرها إلى أحمد .... فكــان أشـــد منها صدمة : محمود شفيك ؟! هذي بيـــان ...
رفع بصره للرجل الواقف .... واسم بيان يتردد بداخله ...
بيان .. بيان ... محمود شفيك .. هذي بيـــان ...
شعر بتلك الوخزات ثانية .... الصرخـــة التي لم يستطع اخفاتهــا ... تود الإنفجــار ثانية ... صرخ عليهم : طلعوا برى ....
تبادلا النظرات وبكت بيان : محمود شفيك ؟ يألمك شي ؟
صرخ ثانية ... وهو يشعر بأنه سيفقد وعيه ثانية : برى ...

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات