رواية وش رجعك -23
تنهدت بضيق .. أخذت أضرب الجدار بقدمي .. عله الشعور بالقهر والظلم .. يخرج من قلبي .. أخذت أبكي .. كطفل ضربته أمه من دون ذنب جنـاه .. وإنمـا تود إفـراغ قهـرهـا وحـزنها وضيقهـا بضربه ..
أشعــر بأن حياتي توقفت عند هذا القدر .. من سيخصلني ؟ من سيدافـع عني ؟ ويعترف بحقيقة براءتي .. وبات قلبي ينبض تحت رحمـة الأيـــام ..
إلهــي .. وسيدي ومولاي .. أنــا عبدك المذنب .. أنــا عبدك المقصـر .. الذي فرط بحق نفسه .. أنت وحدك الذي تستطيع اظهـار براءتي .. أنت معتمدي ورجـاي .. أنت أنيسي .. في غياهب السجــن هذه ..
==
[ أحمــد ]
رفعت رأسي لها .. وأنا لا أراها بوضوح لكثرة الدمع المتجمع بعيناي .. حينما قالت : أنــا موافقة ..
نهضت من مكاني عاجزا وأمسكتها من كتفيها : جنيتي ؟ لا تضعفين وتستسلمين لهم ..
بكت بضعف : أحمـد هذا اخوي .. تفهم يعني شنو أخوي .. ما اقدر أخليه متعذب بالسجن وآنا أقدر أطلعه منه ..
صرخت عليها وأنا أشعر بالضياع : وينه عنج طول ذيك السنين ؟ وينه عنج لما كنت بحاجته ؟ في ألف طريقة نطلعه من السجن .. بس مو هذي ..
بكت أكثر : لا تقول جذي .. صحيح انه غلط .. بس أنا سامحته .. أحمد اذا أنا ماضحيت علشانه من بضحي ؟ هو الي بقى لي بهـ الدنيا .. ما يصير أضل أنا والزمن عليه ..
سالت دموعي على خدي : بخلي له أحسن محامي بس لا تتنازلين ..
هزت رأسها بأسى : وشنو بسوي المحامي ؟ الذنب راكبه من فوقه لين تحته ..
أمسح دموعها ويداي ترتجف : وشنو بسوي عمج ؟ تتوقعين بخلونكم في حالكم اذا تنازلتوا لهم ؟
فقال عمي : حبيبي .. أنـا أقدر أسوي الي كل محامينك ما يقدرون يسوونه ..
التفت له وأنا أصرخ وأبكي : انت جب .. ( دززته على السيارة ) تباعد عنا .. خلنا في حالنا .. ليش تسوي فينا جذي ؟
ضحك بنقمة : وانت شنو دخلك ؟ أنا بمزاجي سامح لك واقف معاها .. وخالنكم تتناقشون .. لو كان في حـل ثاني غير الي بسويه كان ما دخلته السجن من الأساس ..
قلت بعجز لمنتهى : عمج يحبه .. وحتى لو ما قبلتي بلي يبي بطلعه .. مو ينادونه بسمه ؟ النـاس اللحين درت انه عايش .. اذا ما طلعه من السجن مو من صالحه ..
فقال عمي : إذا طلعته هذا الي مو من صالحي .. ولا نسيت إنه متهم بتزوير مستندات وهوية ؟
صرخت عليه ثانية : ما كلمتك .. ما ابي أسمع صوتك .. ( أدرت وجهي لمنتهى وبوجع الدنيا كلها ) بتتخلين عني يا منتهى ؟
هزت رأسها بالرفض ودموعها تجري : لا .. انا أتنفس هواك .. أنا لو ما حبك الي بقلبي كان أنا من زمان ميتة .. ( شهقت ) أحمد لا تقول جذي ..
احتضنت وجهها : منتهى لا تصيحين .. ترى دموعج بتخليني أتهور وأقتله ..
رفعت كفيها ودمعي : وانت بعد لا تصيح .. تأكد اني ما بعيش معاه يوم واحد .. تأكد انه مثل ما بياخذني بالغصب بخليه يطلقني بالغصب .. أنا ما بقدم على هـ الخطوة إلا علشان أخوي ..
ضممت كفيها : تأكدي إني معاج على طول .. ولا يمكن أتركج .. تأكدي إن قلبي ما يبنض إلا بسمج .. اتأكدي إن لا مازن ولا غيره يخلوني أتنازل عن حلم إنج تكونين لي ..
بكت أكثر : أحمـد أنـا أحبـــك .. ولا تتوقع إني لأني استسلمت اللحين بستسلم مرة ثانية .. بظل طول عمري أحبك .. وبرجع لك .. انت أملي بهـ الحياة ..
جرهـا عمها بعيدا عني .. أخذها إلى داخـل المحكمة .. وأنــا أنظر إلى طيفها محلقا حولي .. أنظر إلى بقايا أنفاسها وعطرهـا عالقا بملابسي .. أظم نفسي إلي .. وأحمل شتات جسدي وروحي ومشاعري إلى داخل السيارة .. أغلق باب السيارة .. وأضرب رأسي بالمقود .. علها روحي تفارقني .. وترتفــع إلى السمـــــــــاء ..
[ منتهـى ]
أتيت إلى هنــا .. والسعـادة تغمرني .. بأن حلمنـا على وشك أن يكون حقيقة .. ونكون لبعضنا .. لا يستطيع أي انسان التفريق بيننا .. أتيت إلى هنـا .. بقلب طفـلة همها الوحيــد هو عشقــه .. وخرجت من هنـــا .. بهم عجــوز قــد دارت بهـا الدنيـــا .. تخلى عنها عيالها .. ولم يبقى لهـا سوى الأحــزان ..
هـا أنـا .. أركب بسيارة مـازن .. برفقة عمي .. قاصدين مركز الشرطـة .. أترجـل من السيارة .. أدخـل معهم المركز .. أجلس على المقعـد .. لا أسمـع ما يقولون .. لا أرى ما ينظرون .. فبعد أن قيدت بأغلال مازن .. أصبحت جثـة هـامدة .. هربت روحهـا إلى حيث تشــاء .. فلا تسألوني عن ما أشعر به الآن .. لأنه لم يعــد لدي أية مشاعر ..
البقــــاء لله يا روحي .. يـــا مشــاعري .. يــا قلبي .. ويــــا حبي الأزلــــي ..
==
[ جميـل / جـاسم ]
ســرعــان ما استجاب الله لدعائي .. لم أتوقــع أن أبواب السمـاء مفتوحـة لمناجاتي وابتهـالي .. ليزيد إيماني .. وتكثـر قناعتي .. بأن الله أرحــم الراحمين .. لا يرد عبدا استغاث بـه .. ولم يأمل ســـواه ..
دخلت زنزانتي مرة أخرى .. بـعد أن قال لي الضابط .. أنه خلال ثلاثة أيام سأخرج من السجن ... وفي هذه الأيـام .. سينظرون بقضيتي .. وهم موقنون أنني لم أرتبك ذنبـا ..
تـرى .. من أين قذفت على قلوبهم الرحمة ؟ وكيف اقتنعوا ببراءتي .. ومن أيـــن لهم بالانصـاف ؟!
أتمنى أن تنقشع هذه الأيام الثلاث .. وأعـود لمنتهى .. نكمـل ما بدأنــا به .. موقن أنها الآن .. بأمـان .. تحت ظـل رحمة الله ومعشوقهـا أحمــد !
==
[ رنـــا ]
لممنا أغراضنا من الشقة .. بعـد أن استطـاع والدي وعمي شراء منزل متوسط الحجم يسعنا جميعا .. مكون من طابقين .. طابق لعائلتنا .. والطابق الآخر .. لعائلة عمي ..
تحركت السيارة قاصدين المنزل .. لنضع أغراضنا فيه .. نرتبها .. فقد وعد أبي أن خلال هذا الاسبوع سننتقل للعيش في المنزل ..
ومنذ اسبوع .. أود رؤية جميل .. أود أن يصارحني بما قاله عادل .. أود أن أعرف حقيقته .. وأشكي له ما فعل بي عادل .. لكنه لم يزورنا .. ولم أره ببيت عمي أيضا ..
ومنذ ذلك الصباح .. وعـادل يحاول أن يرجعني إليه .. ويرجـع الحب القديم .. الثقـة القديمة .. والشوق القديم .. وقد قلت له أنه إن استطـاع لمس السمـاء .. والتحليق بهـا كما تفعل الطيور .. سأعــود له ..
فليخسأ .. فكـل الأمور تجري كمـا أحب .. يخشى أن يضغط علي .. فقد هددته أن أخبر أهلي .. وإن علموا .. سيقومون بإجراءات الطلاق .. وهذا ما يخشاه هــو ..
اليوم .. لم أره .. لم يأتي كي يعتذر كما يفعل في كل يوم .. اشتقت له .. اشتقت لجنونه .. لكلامه وحنانه الذي يأخذني فوق السحـاب .. لكنني لن أسمـح له بإهانتي مجددا .. لن أسمح له بقتلي مرة أخـرى ..
سأعـذبه .. سأجعــله يفقد الأمــل برجوع تلك الأيــام .. أريــده أن يندم بقدر الندم الذي شعرت به تلك الليلة .. لن أسامحه على ما فعل بقلبي .. إلا حينما أشعــر بأن روحي اغتسلت بمـاء العفــو ..
عـادل .. يا اسطـورة عشق عجبت لأجلهـا الحيـاة .. كم أحبـــك .. وأكرهـك !
/
[ عـــادل ]
كنت مغمضا عيناي .. غــارق بالتفكير بهـا .. وأنـا ممدد جسدي على عشـب حديقة المنزل .. لم أذهب لزيارتها اليوم .. لأنني ذهبت للعمل بالجريدة .. كم أتمنـى .. أن تقرأ ما نشرته اهداءا لهـا .. كم أتمنى أن تسامحني .. وتعفو عني .. فقــد هلكت روحي بسبب ذالك الانكســار الذي أراه في عينيها .. كلما رأيتها .. وانقطعت أنفاسي .. وأنا أراها تمثل القــوة ..
أي قــوة تملكها فتاتي ؟ وهي كـ النور .. مخلوقة من ذرات المشـاعر .. حطمتهـا بيدي القذرتين ..
توقفت عن التفكير .. حينما سمعت صوت خطوات تمشي على الأرض .. من سيأتي في هذا الوقت ؟ إنهـا الثانية فجـرا ؟!
رفعت رأسي .. لأرى أحمـد .. يمشي نحـو داخل المنزل .. غيــر متوازن بمشيته .. وكـأنه أشبه برجـل شرب حتى ثمل .. هرولت إليه .. ناديته : أحمـد .. شفيك ؟
أدار وجهه إلي .. وليتني لم أرى وجهه .. كــان الدم يلطخ رأسه .. عيناه محمرتان .. وملامحـه هـادئة .. همست له بخوف : شالي سوى لك جذي ؟
لم يجبني .. لكنه جلس على عتبات البيت .. غطى بوجهه كفاه .. وأخــذ يبكي ..
مهـلا .. أتــرون الذي أراه .. أحمـــد يبكي .. أحمــد قدوتي .. الذي أضرب به المثــل بالقوة .. يبكي بضعف أمام ناظري .. هززت كتفه بحيرة وقلت بتساؤل : أحمـد شفيك ؟ شصاير ؟
ارتفع صوت بكاءه .. ضممته إلي .. وأنا أمسح على رأسه .. أخذت أدلك رأسه .. ربمـا يوجعه موضع الألم : آخذك المستشفى ؟
لينطق أخيرا : عـادل مو قـــادر أتحمـل .. أحس الموت قريب مني بس مو راضية الروح تطلع من هـ الجسد .. ( جمـع أنفاسه وانخفظ صوته ) راحت يـ عادل .. منتهى راحت مني ..
ما حدث لها ؟ كي أراه بهذا الضعف .. أيعقل أنها .. قلت بصدمة : ماتت ؟
ابتعـد عن أحضاني .. وهز رأسه نافيا : يمكن موتهـا أرحــم ..
تسائلت بين نفسي ونفسي .. ما سيكون أعظم من الموت ؟ قلت له والدمع بدأ بالتجمع بعيناي : شلي صار لها ؟ تكلم ..
قال لي وهو يضرب نفسه : كــل من أبوي .. كــل من أبوي .. لكن أنا مالي قاعدة بهـ البيت ..
جـن جنونه .. دخل داخل البيت .. ولم يأبه لصراخي وأنا أناديه .. فتح غرفته .. لم حاجبته .. وضعها بحقيبة سفر .. وولى مغادرا .. وعلى صوتي .. استيقظت أميرة ودعــاء .. وساعدوني على إيقافه ..
فقالت أميرة : شفيك أحمد ؟ تكلم قول .. مو احنا أخوانك ؟
ليبكي مرة أخرى : شقول ؟ أقولكم إن ودي آخـذ سكين وأغرسها يا بقلب أبوي ولا بقلبي ..
لتقول دعاء : بقلب أبوي أرحم ..
ليس هذا وقت المزاح .. لكننا ضحكنا على ما قالته .. حـاولنا تهدأته .. وجلس على الدرج يقص عليها ما حدث : اتصل عمها بالشرطة .. وخبرهم إن ولد أخوه مزور هويته .. وإنه اختفى سنين وظنو إنه مات .. ورد مرة ثانية باسم جديد وشخصية جديدة .. استغربو الشرطة .. وتأكدو من الموضوع .. لين ما لقو فعلا شخصا بالاسم الجديد .. وشهادة الوفاة موجودة لشخصيته الحقيقة .. كنا رايحين المحكمة .. بنرفع قضية على عمها .. وبنملج آنا وهي .. لكن جو الشرطة وأخذو أخوهـا .. رحنا بنرك السيارة بنشوف شنو السالفة .. لكن عمها جى وقال لنا ليش ماخذينه الشرطة .. سكر كـل الأبواب بوجهنا .. لأن قضيته صعبة .. تزوير معناتها سنين بالسجن .. وتعذيب لين ما يعرفون لأي جماعة هو ينتسب والأسباب الي خلته يطلع بشخصية جديدة .. ما بصدقون إنه ما سوى جذي إلا علشان يرتاح من هـ العم .. وبقولون أكيد السالفة فيها يمكن تهريب مخدرات .. أو قاتل انسان أو شي من هـ القبيل .. لكن عمها حسبهـا صح .. هو الوحيــد الي يقدر يطلعه من السجن .. بعد ما يقول لهم الحقيقة إنه كان بمشاكل مع ولد أخوه ولأنه كان مراهق هرب من البيت ولأنه عند فلوس لعبو عليه ناس وزورو له شخصية جديدة وهوية جديدة ..
إنه يتكلم عن جميـل .. عن جـاسم .. أمازال قابعا بين القطبان : وبيمشي هـ الكلام على الشرطة ؟
رفع رأسه إلي وهو يبتسم بألم : انت ما عرفته .. عم ( بألم ) منتهى خبيث .. وأتوقعه بيرشي ليه كم موظف هناك .. وبيفرجون عنه ..
فقالت أميرة : واذا يبي يطلعه ليش دخله في البداية ؟
لم يعد في وجه أحمد أية تعابير .. رفع إليها نظره وأشعر بأنه يفارق : علشان المقابل ..
قالت دعاء : والمقابل ؟
نكس بصره .. وهمس بصوت يملأه الوجـع : إن منتهى تقبل بولد شريكه ..
ابتلعت ألسنتنا الصدمة .. يعني أنهـا .. لم تعــد له .. واقترن اسمهـا باسم رجـل آخـر .. فمهمـا كان هذا صعبا .. إلا أنهـا لن تقبل بأن تبنى سعادتها مع أحمد .. على حطـام أخيها بالسجن ..
أمسك حقيبته .. جرهـا خلفه .. وولــى مغــادرا .. لم أستطع اللحاق به .. فأنا لا أجرأ على أن أضع عيناي يعيناه .. لا أحتمل رؤية وجعـه .. فليرحــل .. فليذهب بآلامه بعيــدا عنــا .. فنحن نستمــد قوتنا منه .. ولا نقــدر على رؤيته ضعيفا عاجــزا .. قــد كسر الزمـــان قلبــــه ..
==
في اليوم التـــالي .. ارتفع صوت صراخ الأم .. وعويلها .. فهاهي علمت .. بأن فلذة كبدهـا .. فرحتهـا الأولى بهذه الحياة .. ما زال حيــا .. أخـذت تبكي .. وتلوم زوجهـا لزج ابنهـا بالسجن .. أخبرهـا أنه بعد ثلاثة أيــام .. سيعود إلى أحضانهــا .. ولمـــا هذه الأيـــام الثلاثة ؟ هذا ما قالته الأم بجزع .. فقال لها وهو مبتسم بالنتصار : لأن بكرة راح يكون زواج منتهى .. عزمي كل الي تبين .. وولدج معارض لهـ الزواج .. أول ما تسافر منتهى مع مازن .. أطلعه من السجن ..
ضربت الأم على رأسها .. لا تعلم ما تفعل ؟ أتضحك أم تبكي ؟ لمــا وصلت الأمــور لهذه الدرجــة .. لمــا ظهـر ابنها مجددا .. ما الحكمــة في اصرار بعلها على تزويج ابنتها من ذاك المـازن .. وحبهـا لأحمــد ؟! كيـف قبلت ابنتهـا بمـازن ؟
أسئــلة كثيــرة طرحتهـا على زوجهـا الذي أخلصت له بكـل جوارحهـا .. وأجوبة تلك الأسئلة لم تكن إلا أكــاذيب اقتنع بهـا قلبها .. ولم يقتنع العقـــل .. بأن منتهــى .. بعــد كــل ذالك التمرد والعصيـان تخضع لما يريده عمهـا ..
سكــن أنينهـا .. هدأ روعهـا .. تنــاولت بطـاقات الدعـوة .. الذي أحضرهـا زوجهـا .. وبدأت تكتب بها أسماء معارفها .. كي تدعوهم لحفــل زفاف ابنتهـــا ..
وعـادت السعـادة لقلبها .. فكـل أم منذ ولادة بناتها .. تنتظر اليوم الذي ستزفهن لأزواجهن .. وأي سعادة هي سعادتها ؟ وعما قريب .. ستــرى ولدهــا الذي لم تضمــه أحضانهـا .. ولم يشعــر بأمان كلمة الأمومـــة ؟!
/
من جــانب آخـر .. كانت تلك المســماة منتهـى .. بغرفة الضيوف .. احداهن تقايس عليها الفساتين .. وأخـرى تطلب أخـذ رأيهـا بالاكسسوارات .. و الكثيـر ..
أمــا ذالك العريس .. أفـــلا يشعر بتأنيب الضميــر ؟ أمــا زال يضن أنه يحب تلك الفتاة ؟ أي حب هذا الذي يخول لصاحبه أن يفعل ما فعله هذا المـازن ؟!
التجهيــزات تقوم على قدم وســاق .. الزينة قد علقت على القصـر .. وهاهو يتصل بأخيه المسافر إلى ايطاليا .. يدعوه إلى حفل زفافه .. ويطلب منه أن يقــول لزوجته أن تختار لعروسه فساتين من مصميمي الأزيـــاء هنــاك ..
\
[ منـى ]
تسلل الخوف إلى أعمــاقها : بنــرد البحرين ؟
تبسم بفرح : ايي .. أقولج عرس أخوي ..
لتقول له بخوف : وأحمد وعادل ؟ اذا درو إنا ردينا ؟
تبسم لها مطمئنا : لا تخــافين .. ترى مازن أدبهم .. وخلاهم يعرفون قدرهم ..
قالت بخوف على أخوانها : شسوى لهم ؟
فقال : زوجته .. يحبهـا أحمد أخوج .. وراح المحكمة علشان يملج عليها .. وإلا تطلع من المحكمة وهي لمازن موب للحبيب ..
شعرت ببعض الحزن : واللحين شخباره أحمد ؟
رمقها : وليش تسألين عنه ؟ عورج قلبج عليه ؟ نسيتي لو ما سافرنا كان أنا وانتي بخبر كان ؟ حبيبتي .. أخوانج هايلين واجد شايفين نفسهم .. الغرور راكبنهم من راسهم لين رجايلهم .. يبي لهم من يكسر راسهم .. وما يرفعونه مرة ثانية ..
سكتت عنه .. لا تجـد من مفردات اللغة .. مفردا تقوله له .. فزوجهــا .. كـ الحجر الأصــم ..
تنهدت بضيق .. وهي تراه يتصل بأحد مكاتب الطيران .. يحجز لهما تذاكر السفر .. مسحت بكفها على بطنها الذي يضم ولدهـا أو ابنتها ذا الخمسة شهــور .. وتمنت من كـل قلبها .. ألا يكون كـ أبيـــه !
==
[ بيــان ]
خرجت لمحمود من غرفتي وأنا أبكي : محمود .. مازن الحقير بكرة زواجه من منتهى ..
لم تكن صدمتي أشد من صدمته : شنــو ؟! من وين جايبة هـ الكلام ؟
قلت له : توها اللحين متصلة فيني .. محمود أشك ان منتهى جتها صدمة عصبية .. أحسها مو هذي هي .. ما كانت تصيح .. كانت هادية .. قالت لي أجي ..
نهض من مكانه .. واتصل بأحمد وقال بغضب : تلفونه مغلق ..
قلت له : اتصل بأخوه .. اكيييد عنده خبـر ..
فقال : ما عندي رقم عادل .. اتصلي بدعاء انتي ..
ضغطت زر الاتصال وأنا أمسح دمعي .. وبعد قليل .. أجابتني وهي تبكي : بيون أحمد أمس الليل طلع من البيت وما ندري وين راح ..
لا أعرف ما أقــول .. لا أدري كيف أستطيع مواساتها .. مددت كفي لمحمود بالهاتف .. واتجهت لغرفتي .. أقفلت الباب .. وبكيت بصمـــت !
/
[ محمـود ]
قلت لها : بس دعـاء .. ان شاء الله بحصله .. انتي بس لا تصيحين ..
قالت لي : محمود والي يسلمك .. انت صديقه واكيييد تعرف هو في وينه اللحين .. محمود روح له رجعه البيت .. البيت منقلب فوق تحت ..
قلت لها بأسى : شصاير في بيتكم بعد ؟
قالت لي : عـادل رفع صوته على ابوي .. وقـاله إن أحمد طلع من البيت كل بسببه .. وتهاوش أبوي وعادل .. وطرد عادل من البيت .. عاد عادل أخذ أغراضه وطلع .. وضلينا بس أنا وأميرة .. وما ندري شنو نسوي .. مرت أبوي الجديدة تشوشه علينا .. وأمي وزوجات أبوي البقايا ما يقدرون يسوون شي .. وأبوي مسوي لنا تحقيق قبل شوي .. يبي يعرف ليش طلع أحمد من البيت ..
قلت لها : وقلتو له ؟
قالت لي : اييي .. قلنا له عن منتهى ..
فقلت : وشنو سوى ؟
فقالت : قـام يصارخ .. وقـال للحارس محد يطلع من البيت .. وطلع ..
قلت لها : اوكي .. أنا بروح اللحين أدور عليه .. وان شاء الله اذا لقيته .. بتصل فيج .. بس انتي لا تصيحين .. وهدي اختج ..
أغلقت هاتف بيان .. وحملته معي .. دخلت سيارتي .. وتحركت لذالك البحـر .. موقن أنه في قاربه يرقـــد ..
==
[ عـــادل ]
طرقت باب الشقة مرارا .. ولم يجبني أحـد .. أين هـم ؟ أين ذهبوا ؟ ذهبت للشقة التي بجوارها .. وطرقت الجرس .. لتخرج لي فتاة ربما في الثانية عشر من عمرها .. تبسمت وسألتها : جيرانكم .. وينهم ؟
تبسمت بخجل : اليوم الصبح سلمو علينا .. وطلعو انتقلو ببيت جديد .. هم وبيت عمهم ..
تلاشت ابتسامتي : وما عطوكم العنوان ؟
فقالت : كانو بيعطونا إيـاه .. بس نسو ..
فقلت : والمفتاح مال الشقة .. وينه ؟
تبسمت : عند البابا .. لحـظة شوي ..
بعد دقائق .. أتت .. وبيدها المفتاح .. قلت لها : مشكورة ..
قالت وهي تغلق الباب : عفوا ..
فتحت باب الشقة .. وفعلا .. حينما دخلتها .. لم أجــد شيئا من حاجياتهم .. تنهدت بضيق .. وأنا أفتح الأبواب .. بحـثا عن غرفتهـا .. واستنتجنت أن الغرفة ذات الجدران الوردية .. تكون لها .. أشغلت الضوء .. وجبت ببصري المكـان .. رميت حقيبتي على السرير لأنها كانت شقة مفروشة .. وأخذت أفتش بالخزانة .. علها نست شيئا .. ولم أعثر على شيء .. استلقيت على السرير .. رفعت الوسادة .. وغطيت بها وجهي .. كم أحتــاج لهـا في هذا الوقت .. أيـــن هي عني ؟ ألا تشعــر بأن روحي تتعذب ؟
نهضت بقهر .. رميت الوسادة على الأرض .. لأرى ورقة بيضاء مطوية .. تناولتها بسرعة .. وقرأت سطورهــا .. والدمـع قــد لطخ خــداي ..
==
[ محمـود ]
صفعته على وجهه : كم مرة قلت لك لا تضعف .. ولا تقول هـ الكلام ..
صرخ علي : مالك حق تمد يدك علي .. صحيح إنك صاحبي بس ما اسمح لك ..
صرخت عليه : وأنا ما احتاج آخذ الإذن منك .. انت غلطان .. وهذي نتيجة خطأك ..
قال لي والدمع يسيل على خديه : غلطان ؟ بلله عليك لأني كنت مخلص بحبي .. ارتبكأت غلط ؟
هززت رأسي مصرا على رأيي : اييي .. الحب مشاعر .. الحب احساس من قلب لقلب ثاني .. الحب معناته شي مقدس يربط بين شخصين .. وهـ الشي المقدس هو عقـد شرعي .. بذمتك .. انت مع منتهى .. ما تخطيت حدودك ؟ لأنك تربيت على إن عادي تحب والناس كلهـا تدري بأنك تحب .. وتلتقي بالي تحبها .. تطلع وترد معاها .. تكلمها بالتلفون .. تلمس وجها ويدها .. تقبلها .. هذا بنظرك الحب ؟
بكى : يعني شتبيني أسوي ؟ أنا تعلمت إن مافي شي اسمه حــدود .. مافي شي اسمه خطأ .. محمود لا تحاسبني على شي ما أملكه .. انت عندك ناس ربتك .. بس أنا عندي ناس بس تصرف علي ..
ضممته : أنـا آسف .. بس لازم تفهم إن الله عادل .. واذا بلى انسان بالدنيا علشان تطيح ذنوبة ويقل عذابه بلآخرة .. الله ما كتبها من نصيبك علشان يبي ينبهك إنك عايش بغفلة .. وهذي نتيجة الحرية الي كنت عايش بها ..
جلس على الأرض : طيب قولي .. شسوي ؟ شلون أنسى ؟ شلون أشيلها من بالي ؟ لو كان برضاها .. لو كان انسان زين وبخليها بعيونه كان ما عليه .. بس هذا مـازن .. أخذها علشان يقهرني ..
قلت له : وشنو الي بينك وبينه علشان يقهرك ؟
هز رأسه : ما ادري ما ادري ..
جلست مقابلا له وقلت : أنا أدري .. مـازن تقريبا بشكل شبه يومي أشوفه بالشركة .. معاملته مع الكل اوكي .. وما أضن إن شخص مثله بأذيهـا ..
ليقول : يعني معنى كلامك إنه يناسبها أكثر مني .. إني أنا الي مو زين .. وما اصلح لها .. ولو كان زين مثل ما تقول .. كان ما فكر ياخذها ويدري إنها تحبني أنا .. وتبيني أنا ..
قلت له : أنا ما سويت بينكم مقارنة واستنتجت من يناسبها أكثر .. هذي أشياء احنا ما نعرفها .. أشياء مكتوبة ومحفوظة عند الله .. الله اذا ما كتبها لك .. معناتها إن في هـ الشي حكمة ومصلحة .. صحيح إنه غلط .. وغلط كبير بعد .. إنه يجبرها عليه .. بس هذا مو معناته إن نحكم عليه إنه بعيشها بجحيم ..
لم يرد على قلته .. فربت على كتفه : لا تتوقع إني ضدك .. معاك حق في انك تضايق .. انك تصيح .. بس مو معاك الحق .. إن كل مرة تخسر شي تحبه تفكر بالانتـحار .. صحيح اني قسيت عليك .. وسامحني لأني مديت يدي .. بس قبل لا تفكر بنفسك .. فكر بأهلك .. اختك تكلمني وهي تصيح .. أبوك قلب البيت فوق روسهم .. طرد عادل من البيت .. يعني لو ما لحقت عليك والله لا يقوله مت .. شنو مصير أخوانك ؟
لم يتكلم .. مددت له ذراعي وأنا أنهض : قوم .. قوم خلنا نسبح .. يمكن برودة الماي تهديك ..
نهض معي .. سبحنا لمكان بعيد .. وعدنا إلى الشاطئ ثانية .. رمينا بثقل اجسادنا على التراب .. أغمضت عيناي وأنا أشعر بتعب .. يبدو أن ذالك الفايروس اللعين .. لم يرحـل بعد عن جسدي ..
قلت له بضيق : شوف شلون خليتني أسبح معاك .. وكاني ما اني قادر ..
رفع جسده وقال بخوف : تعبان ؟ بشنو تحس ؟
تبسمت : لا تخـاف .. شوية ارهـاق وبروح ..
استرخى مرة أخرى : أنا اسف .. خليتك تجهـد نفسك معاي ..
قلت له وأنا أغمض عيناي : احنا ما بينا اعتذارات .. ولا نسيت ..
ضحك بخفة .. ثم قال : اقترح علي ..
أدرت وجهي إليه : روح اعتمـر .. اختلي بينك وبين نفسك عند ربك .. صارح نفسك بمعاصيك .. تقرب من الله لأنك اذا تقربت منه بتقدر تنسى أي شي ..
لم يجبني فأكملت وأنا أغمض عيني مرة أخرى : بسألك .. انت تروح تصلي بالمسجد ؟
قال هامسا : لا ..
سألته ثانية : متى آخـر مرة صليت صلاة حسيت براحه بعدها .. صلاة خاشعة .. نهتك عن المعصية ..
فقال بذات الهمس : ما اذكر صليت صلاة جذي ..
نهضت وأنا أقول : خـلاص عجـل .. من اليوم ابدأ .. وصدقني بتستفيد دنيا وآخـرة ..
رد علي الابتسامة : تروح معاي العمرة ؟
قلت له : وبيون ؟ سفرهـا بعد ثلاثة أيـام .. وما كو أحـد يروح معاها غيري ..
هز رأسه متفهما : بتقعد معاها كم يوم ؟
أجبته : سبوع .. وبالغصب حصلت اجازة هـ السبوع ..
فقال : يعني ما كو أمل تروح معاي ..
تبسمت : ليش ما تروح بروحك ؟
فقال : ما ادري ..
قلت له : تبي تجي معاي الأردن ؟ تغير جو .. وبعدهـا تروح العمرة ؟
تبسم : فكرة .. بس أنا خاطري بلبنان ..
ضحكت : ردينا .. من مكلحين للحين أأذن بخرابة أنا ؟
ضحك : أنا خلاص .. باخذ اجازة شهـر .. سبوع معاك بالأردن .. والسبوع الثاني لبنان .. وسبوع مكة .. وسبوع المدينة ..
تبسمت له : ايوة .. جذي اوكي ..
ثم قال : خسارة الجامعات بتبدأ .. كان خذيت معاي دعوي .. مع اني أشك إن أبو وليد يوافق ..
قلت له : وليش ما تقول ابوي ؟
ضحك : عن المثالية محمود .. ( نهض واقفا ) يلله قوم خلنا نمشي ..
مشينا قاصدا كل منا سيارته : بترد البيت ؟
فقال : لا .. بشوف عـادل وينه فيه بروح معاه ..
قلت له : وخواتك ؟
قال : اتصل فيهم .. انت لا تشغل بالك ..
تبسمت له : أشوفك على خير ..
لوح بيده : تلاقي كل خير ..
==
اللهم املأ قلبي حبا لك .. وخشية منك .. وتصديقا وإيمـانا بك .. وشوقا إليك ..
.
،
؟
نهـاية الجـزء الواحـد والعشرون ..
السلام عليكم ..
صبـــاح الخير ..
شلونكم ؟؟
يمكن البارت ما عجبكم .. وضايقكم ..
لكن .. يقولون .. تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ..
ومو كل شي الشخص يبيه يحصله ..
=)
*
.
.
تقرؤون في الجزء الجديد ..
" محمود جاوبني .. انت تحبني ولا لا ؟ "
.
.
انتظروني .. فما زال للحكاية بقية ..
كل الود ..
[ 22 ]
لم أترك كوخ عرافة إلا وزرته ..
لم أدع علما في التنجيم إلا وفتشت فيه ..
عشقت احتساء القهوة ..
كي أقرأ فنجاني ..
وحفظت خطوط يدي ..
كي أصفها لكل قارئي الكف ..
ولم أنسى شراء الجريدة يوما ..
فأول شيء أقوم به صباح كل يوم ..
هو قراءة برجي ..
/
تعبت من كل هذا ..
فقدت المتعة في عمل هذه الأشياء ..
بعد أن أجمعت كل العلوم ..
أننــا لن نكـــــون معـــا !
[ منتهـــى ]
عندمـا انتشر الظلام بالقاعــة .. واتجهت بقعة الضوء حيث أقف أنا و .. مازن .. سميت اسم الله بداخلي .. ومشيت ببطئ .. يقودني مازن حيث يجب أن نقف .. لم أكــن أسمـع صوت الأغاني الصاخب .. ولا أرى أحـدا من النـاس غير الورد الأحمر الذي يتساقط علينا .. أمشي .. كالميتة .. أقــاد إلى يوم الحشـر .. أنــاس كثيرون .. لكنهم لا يجرؤون على الكلام إلا همسـا ..
وصلنـا إلى المسرح .. واشتغلت الأضواء بطريقة رائعة .. وارتجفت أوصالي حينما أحـاط بذراعه وسطي .. أحس بما أشعر به .. فقرب فاه نحو أذني : أنـا آسف ..
رفعت نظري إليه .. وكانت هي المرة الأولى من بعد ذاك اليوم أنظر نحوه .. بل .. أنظر نحو انسان .. رأيته يبتسم .. نكست نظري .. قبل رأسي .. وجلسنا على المقاعـــد ..
بدأ النــاس بالمجيء نحونا لكي يباركون لنـا .. وأولهم والدته .. مددت كفي لها .. ولا أرغب إلا بصفعهـا .. لكنني تمالكت نفسي .. ضمتني .. قبلتني .. وأنـا .. لم أحرك ساكنا .. وجاءت أمي .. فعلت كما فعلت والدته .. لكنها بكت .. تطلب مني أن أقـول لها شيئا .. أن ألقي عليها ولو نظرة .. لكنني لا استطيع .. فالذنب ذنبهـا .. والحق كله عليها .. عذرا أمي .. انني لا أحمـل لكِ بقلبي غير الكـراهية ..
وها أنـا أصافح النـاس .. ولم أستطع حتى أن أرسم ابتسامة مجـاملة .. انتظر فقط .. قدوم بيـان .. ربمـا أشعر إن رأيتهـا .. ببعض الراحة والأمــان ..
/
[ منـــى ]
كنت جالسة على طاولة بمفردي .. أتحسس بكفاي جنيني .. وأنظر إلى أختي التي اشتقت لها اشياق يعقوب ليوسف .. أود أن أتجرأ .. أن أنهض نحوها .. أود أن أضمها .. أن أبكي في احضانها .. وأشكو لها عشقا رماني في الحضيض ..
كنت انظر إليها .. والدمع غشى بصري .. حاولت كتم زفرة .. لكنها تمكنت من الفرار .. واللتفت لي بعض النسوة .. تبسمت لهن بعصوبة .. وواصلت تأملي بها وبأختي الأخرى دعاء ..
" أخوة " لما لم أفهم هذه الكلمة إلا توا ؟ لما لم أقدر أخوتنا وأضع لها اعتبار إلا حينما فرقتنا الأيام ؟ لما لم أتذكر أنها أختي حينما خنتها ووجهت لها طعنة محال أن تضمد جراحها ؟ لما أحببت بعلها ؟ ولما انصاع إلى رغباتي وخانها هو الآخر ؟ أهذا هو الحب ؟! من يعشق لا يخون .. لكنه يحبها .. وخانها .. فأنا في كل يوم أرى بعينيه حبا لها لم تستطع الأيام هدم بنيانه ..
كم أعجب لحالنا .. أنا وهو .. نحبها .. نتلهف شوقا للقائها .. ظمئين لابتسامة منها .. ورغبة جامحة بالاعتذار تقبلها .. حتى لو عفرنا وجهنا بالتراب تحت قدميها .. لكننا .. لا نجرأ .. بأن نتقدم خطوة .. بل .. نواصل في النكران .. ونستمر في العيش تحت عذاب الضمير .. والهروب من حقيقة مرة ..
\
وبعيدا عن المسرح .. تناولت حقيبتها ونهضت مع فطوم ودعـاء وأميرة .. كي يسلمو على منتهـى .. الخــالية روحها من الحيـاة ..
ومشى الأربعة .. بصمت .. كل منهن .. يشعــر بأطنــان من الضيق .. لهذا العـرس الحـزين ..
وصلت نحوهـا .. وقبل أن تمـد كفهـا للمصافحـة .. نادتها : منتهى ..
رفعت منتهى رأسها .. ولأول مرة في هذا اليوم تبتسم .. وقالت هامسة : كنت أنتظرج من زمان ..
ضمتها .. وهطلت دموع منتهى .. لكن بيـان حاولت تهدأتها : ما عليه .. كل شي بيتصلح .. بس انتي لا تضايقين روحج ..
تنهدت بوجع : الله كريم ..
سلمت على فطوم .. ولم يقل اللقاء حرارة .. ثم أميــرة .. ودعــاء .. التي ما إن رأتهم .. حتى تذكرت وجه معشوقهـا .. وقالت بحزن : شخباره ؟
تبسمت دعـاء : انتي لا تشغلين بالج .. ولا تضايقين .. لأنج اذا تضايقتين بحس وما بصير بحير ..
هزت رأسها بهدوء .. واقترب الأربع من ذاك المسمى مازن .. الذي كان مستغربا من لقائهم بمنتهى .. رمقوه باحتقار .. ومشو عنه .. تـــاركيه .. يعيـــد حســاباته ..
/
[ أميـرة ]
هزت ذراعي : أميرة .. مو هذي الـ ... اختج ؟
وجهت بصري إلى حيث أشارت .. ورأيتها تنظر نحو هاتفها المحمول ووجهها خال من السعادة : عيب .. مشي خلينا نروح ..
قالت لي : شنو نروح ؟ تعالي نروح لها نهزأها ونفشلها شوي .. أنا بتصل لعدول يجي يسحبها من كشتها ..
قاطعتها وأنا أشيح وجهي عنها بضيق : اياني وياج تقولين لأخوانج .. خلها في حالها .. ما نبي مشاكل ..
رمقتني بغضب : لا تصيرين مثالية زيادة عن اللزوم .. يعني تبين تفهميني إنج خلاص سامحتيها ؟ وما تبين ننتقم لج منها ؟
قلت لها بألم وأنا أجرها قاصدين بوابة القاعة : صحيح اني ما نسيت .. وما سامحتها .. بس بعد .. الي فينا كافينا .. أخوانج كل واحد مو ناقصه مشاكل وعوار قلب .. ليش أزيد عليهم ..
سكتت قليلا ثم قالت : على الأقل خليني أبرد حرتي فيها .. بسبها شوي وبمشي ..
قلت لها بصرامة وأنا أحاول عدم البكاء : بتروحين .. روحي لها بروحج .. أنا ما ابي أشوفها .. ( وبوجع ) للحين ما نسيتها شلون كانت ذيك الليلة .. دعاء والي يسلمج خلينا نمشي ..
انصاعت لما قلته .. حينما رأت مقدار وجعي .. وقصدنا السيارة .. وكل منا غارقة في الصمت .. اتجهنا للمنزل .. وكررت عليها أوامري بأن لا تتفوه بحرف لأحمد و عادل ..
أغلقت باب الغرفة ورميت جسدي على السرير .. بكيت بحرقة .. وأنا أتمنى من كل قلبي .. أن يعوضني الله خيرا .. وينسيني إياهما ..
ليتني أصرخ وبقوة " لست تهمني "
ليتني أتمالك نفسي .. وتغسل ذاكرتي ..
وأنســـاك ..
وأنسى بعدها كل الأوهام / الأحــلام ..
ومــاضٍ .. لياليه / صباحاته ..
حفر فيها حروف اسمك ..
القبيحة بنسبة لي ..
[ عادل ]
لن أتحــدث عن هذه الليلة أكثــر .. أضنكم تعلمون .. أن ما عادت القلوب تحتمل كثافة الحـزن .. ولا .. وجـع أول الفـراق ..
وها هي الشمس تشرق من جديد .. وباشراقتهـا .. حلقت الطــائرة نحـو سويسرا .. تحمل جسد تلك الفتاة .. وروحهـا .. ظلت باقية مـع الواقف تحت المـاء .. يغسـل جسده وروحه من الألـــم القــاتل ..
طرق عادل الباب : حمودي يالله سرع .. بتأخر على الشغل ..
وصله صوت أخيه : دقايق وبطلع ..
ركض عادل نحو غرفته .. رفع وسادته .. وأعاد قراءة الرسالة ثانية .. صحيح أن ما تحتويه طعن بروحه آلاف المرات .. لكنه يكفي أنها منها .. خطتها بيمينها .. وأفرغت ما بمكنونها من أوجاع .. لم يكن أحـد غيره سببها ..
/
[ أحمـد ]
خرجت من الحمام .. وأنا أنشف رأسي بالمنشفة .. ناديت عادل أخبره بأنني انتهيت .. لكنه لم يجب .. قصدت غرفته .. لم يكن الباب المغلق .. فرأيته جالسا على سريره يقرأ ورقة بيده .. بصوت هادئ حزين :
بسم الله مقلب القلوب ..
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك