بارت من
رواية وِش رجعك - غرام

رواية وش رجعك -1 

رواية وِش رجَعك ؟ لا يكون قلبك حس إنه جرحني وجعك ؟ 
الكاتبه : بقايا أمل 
بســم الله رافع السمـــاء ..
السلام عليكم ورحمة الله ..
وِشْ رجَ ـعِكْ ؟ لاَ يكـُونْ قلبَكْ حَسْ إنـٍه جِ ـرحْنِي و وجَ ـعِكْ ~
أتمنى أن تنال على اعجابكم ..
وأتمنى رؤية تعليقاتكم وردودكم ..

ملاحظة .. لمن يرغب بنقل القصة .. يكفي أن يذكر .. اسم الكاتبة . وغرام .

=]

[ المقدمة ]
مغمض عينيه .. ساند جسده المرهق على كرسي القطار .. يظم حقيبته الصغيرة .. التي تحتوي على دفتريه .. وقلمه الأزرق الذي يرافقه في كل مكان .. ومجموعة صور ..
سؤال يليه آخر .. وحيرة لا متناهية تتداخل مع بعضها .. فيفقد السيطرة على نفسه .. ليرفع قميصه الشتوي .. ويغطي به رأسه ..
يتنهد بعنف .. يزفر على عجل .. يحاول قدر المستطاع أن يخرج ما بقلبه من وجـع .. ليتسنى له التنفس بحرية أكبر ..
ليتوقف القطـار .. وهو ما زال شارد الذهن .. غارقا في دوامة استفساراته .. وذكرياته .. التي لا حصر لها ولا مدى .. وما إن خطر بباله ما وصل إليه من نبأ .. النبأ الذي زلزل كيانه .. واغتـال آخر ذرة صبر في قلبه .. حتى رفع قميصه بغضب .. وفتح عينيه بحرقة بالغة .. وكأنه يريد أن يكذب أن ما يعيشه واقعا .. لا حلما ..
وإذا به سائق القطار يعلن أنه سيتحرك .. إلى المحطة التالية .. مهلا ..
هذا ما قاله بصوت عال جدا .. وهم بسحب قميصه من جانبه .. والنهوض على عجل .. كي يتسنى له الخروج قبل أن يغلق الباب ..
سقط على الأرض .. ليلتفت إلى القطـار الذي يمضي على عجل .. ألقى عليه بعض الشتائم .. وتناول قميصه ليسير إلى مقصده .. ولكن ..
أيـن هي ؟ أين هي الحقيبة ؟
جاب ببصره الأرض حوله .. لا شيء .. لا أثر لحقيبته !
أخذ يركض من غير وعي ولا شعور خلف القطـار .. انتـظر .. انتـظر .. سآخذ الصور فقط .. وسأترك لك الحقيبة وما فيها ..
لتتردد الكلمات ثانية .. الصوت نفسه .. الأكاذيب ذاتها .. إنها عاجزة .. شبه ميتة .. لو أننا نغلق الأجهزة التي حولها .. لتوفيت .. ما بالك تربط نفسك بها ؟ القدر لم يكتبها لك ..
سقط ثانية على الأرض .. والدمع يفيض من عينيه .. ما الذي يحدث معي ؟ ماذا جنيته بنفسي وبها ؟ الصور تجمعنا .. يا الله .. ارحم عبدك الضعيف هذا !
.
.
.
من مكان لآخر .. من محطة لمحطة أخرى .. وأخيرا .. وصل إلى مكان القطار .. بعد أسبوع من البحث المتواصل ..
اعتلى العتبات .. وهم بالدخول .. أخذ يبحث هنا وهناك .. يفتش بين جميع المقاعد .. ولكنه .. لم يعثر إلا على الخيبة ..
لم يفقد الأمل بعد بالعثور على حقيبته الثمينة .. فقصد سائق القطار .. استفسر كل الموظفين .. وبعد عدة ساعات .. أتـاه أحدهم .. بحقيبته الجلدية .. التي تحتوي على قلبه .. وسمعة إحداهن ..
ضم الحقيبة .. قبلها شوقا لما تحتويه .. أخذ يفتش عن ما سيجن إن لم يعثر عليه .. ولكن .. جرى ما لم يكن في الحسبان .. لا وجـود للصور هنـا !
نثر الحقيبة .. أفرغها من كل محتوياتها .. محال هذا ؟! حتى رزمة النقود موجودة ؟ والصور لا أثر لها ؟! كيف هذا ؟ مالها الأقـدار تداعبني هما .. ألمـا .. وتأنيبـا .. ألا يكفي ما جرى علي ؟ ما الذي أستطيـع أن أحتمل ؟ وماذا سيحتمل قلبي أكثـر من فقدي لذاتي ؟!
فليرحمني الخالق ..
.
.
.
بـعـد مرور سنــتين ..
.
.


[ 1 ]
سكـــون

.

.

وبعضٌ من أجـــزاء [ صمــتْ ]

*

وشيئـا فشيئـا ..

.

يتحـطم ا ل س ك و ن

*
.

تهب نسمة هواء على استحيـــاء !

\

.

تليهـــا

*

*

[ عَ ـواصِفَ ثـــائِـرة ! ]

قلبت جسدها للناحية الأخرى ببطء .. مخافة من أن يراودها الوجـع .. فتحت عينيها ببطء أيضا .. ومدت ذراعها تحت وسادتها تلقي نظرة خاطفة على الساعة الآن .. لترى عقاربها تشير إلى العاشرة صباحا ..
وضعت هاتفها حيثما كان .. وأغمضت عينيها محاولة الفرار من لهيب الوجـع الذي بدأ بالاشتعال .. ليلتهم كل أعضاءها .. بأنيابه الحادة .. ومخالبه المتسخة دما ..
لتسري دمعة حارقة وتهم بالجريان لأسفل خدها .. تليها قطرات أخرى .. فرفعت كفها لتمسح الدمع بقوة .. رافضة هطول دمعة أخرى .. فالخائن .. الجبان .. الحقير .. لا يستحق هذا الدمع ..
رفعت الغطاء من على جسدها .. نهضت من على سريرها .. لتدخل الحمام ..
بعد ساعة .. خرجت ترتجف .. نتيجة للماء البارد .. الذي ترفض استبداله بماء دافئ .. لتقف أمام المرآة .. تنشف شعرها .. وتتأمل بملامحها الذابلة .. وعينيها المحمرتين لكثرة الدمع الذي ذرفته ليلة الأمس .. بسبب ما تلقته من ضرب .. وشتـــم !
جلست على مقعدها أمام المرآة .. وأخذت تمشط شعرها .. لم تتوقع أبدا أن يكون صادقا في حديثه .. قالها لها مرارا وتكرارا .. ولكنها نفت ما قاله بثقة عمياء .. فمن أين له بها ؟
لم تتصور أيضا أن ينفذ تهديداته ووعيـده .. ويذهب بما عنده لأبيها .. الذي تطاير قلبه فرحا لأنه عثر على ما تستحق العقاب لأجله ..
تنهدت بضيق شديـد .. منعت نفسها من هطول دمعة أخرى .. أخذت تدلك ذراعيها .. وتواسي نفسها بأشياء هي نفسها لا تؤمن بها ..
لتخرج عدستيها السوداويان من المحلول الخاص بهما .. وترتدهما بانتباه متقن .. وتبتسم بمرارة لنفسها .. وهي تهم بالخروج من غرفتها ..
[ منتهى : 19 سنة ]
==
قاصدا سيارته .. فقد نسي خريطة بناء مهمة .. قدم لأخذها .. لكنه انتبه لوجودها على احد جلسات حديقة المنزل .. فغير مساره نحـوها ..
أحاط بذراعيه ظهرها : الحلوين ليش ما راحو الجامعة ؟
أبعدت ذراعيه عنها بعنف .. ولم تلتفت إليه .. بل .. لم تتفوه بأي كلمة !
وضع الخريطة على الطاولة .. وجلس أمامها .. فرآها تحتسي شايا .. وتتناول بعض حبات الزيتون ..
فتبسم : زعلانة مني حبيبتي ؟
ألقت عليه نظرة خاطفة .. ملؤها الحقد والكراهية والاحتقار .. وواصلت احتساء الشاي ..
ليتبسم ثانية : سامحيني بابا .. حقج علي .. المفروض ما اضربج بهذي الطريقة .. وأنا أدري انج كنتي بعلاقة معاه .. بس ..
قطعت عليه حديثه : لو شنو سويت .. مالك حق تضربني .. لأنك لا تنسى مو أبوي ..
عبس في وجها : أفـا .. هـ الكثر حاملة بقلبج علي ؟
لم تجبه .. وواصلت تناول فطورها ..
نظر في عينيها : مهما قلتين .. لا يمكن تغيرين نظرتي لج .. تظلين بنتي الدلوعة الكبيرة الي أحبها وأخاف عليها .. وصدقيني لو ما غيرتي عليج ما ضربتج .. والله شاهد علي ..
صرخت بوجهه : لو سمحت لا تقعد تصف لي حجي على بعض تقنعني فيه بصدق نواياك ! كفاية الي شفته منك .. وعمري .. وعمري ما راح أناديك غير عمي .. عمي الي قـ ..
أغمضت عينيها اثر صفعة قوية .. منه .. التفت إليه .. والدمع متجمهر في عينيها .. اكتفت بابتسامة ساخرة .. والنهوض إلى دارها !
[ عبد الرحمن " أبو جاسم " : 46 سنة ]
==
مقيد الكفين .. مغمض العينين .. يقـاد إلى مصير يستحقه كل من يعارضه بأمر .. ويأبى طاعته بنهي .. من جانب آخر .. كان صاحبنا .. يسير بسرعة جنونية .. يطمح بالوصول قبل فوات الأوان لإنقاذ صاحبه من يدي أبيه وبطشه ..
وصل أخيرا .. ترجل من سيارته .. خلع القميص الأبيض الذي نسي خلعه حينما غادر المشفى .. هم بالدخول إلى ذلك المبنى الزجاجي الكبير ..
أما من جهة السجين .. فزج في زنزانته التي لم تكن إلا غرفة جدرانها بيضاء .. ولا يوجد فيها أي من الأثاث !
أغلق باب المصعد الكهربائي .. وما إن فتح ثانية حتى غادره .. قصد المخزن .. الذي لم يكن سوى تلك الغرفة .. وصرخ بذاك الذي يغلق الباب : منــصور !
التفت إليه : خير طال عمرك ؟
تقدم ناحيته : عطني المفتاح .. وتيسر ..
آسف طال عمرك .. أبو وليد قالي ما أسلم المفتاح لغيره ..
صرخ به ثانية : ما تفهم الي أقوله لك ؟ عطني المفتاح .. ولا ينطرك حساب عسير ..
مد ذراعه بالمفتاح وهو يرتعد خوفا : ان شاء الله طال عمرك .. تفضـل ..
تناول المفتاح ورمقه بنظرة غاضبة : انقـلع عن وجهي بسرعة ..
وهم بفتح الغرفة .. وما إن التقت عيناه بعيني صاحبه .. ارتسمت بسمة هادئة على فمه ..
" تفضل .. وهذي اخر مرة لك .. "
نهض الآخر مبتسما : مشكور .. – ضربه بخفه- صدقني ما يناسبك ..
قهقه بألم : وربي مالي خلق تفاهاتك .. – أدار ظهره عائدا أدراجه – في ألف مريض ينطرني .. وأنا استأذنت علشانك .. عن جد هذي اخر مرة .. اذا صار في أرواح الناس شي .. انت الي بتتحاسب يوم القيامة موب أنا ..
وضع ذراعه على كتف صاحبه : ولا يهمك .. ما راح أدخل الجنة إلا وانت معي ..
حاول إخفاء ضيقه : ان شاء الله .. يلله اللحين تعال معاي للوالد .. ولا تحاججه .. قوله ان شاء الله وآسف ومن هـ الكلمات ..
ابتسم قائلا : ولو انه ما يستاهل .. بس الي تبيه بصير ..
[ أحمد : 24 سنة ]
[ محمود : 22 سنة ]
[ منصور : 38 سنة ]
==
ضرب بكلتا يديده على مكتبه : من سمح لك تطلعه من المكان الي يناسبه ويناسب أمثاله ؟
حاول ضبط أعصابه : يبه .. الأمور ما تنحل بالهطريقة .. كل شي بالتفاهم يصير اوك ..
احمر وجهه وهو ينظر إلى محمود غاضبا : أي تفاهم ؟ ليش نقدر نتفاهم مع البهايم ؟
ضاق صدره أكثر من ما فيه من ضيق .. لا يحتمل أن يهان صاحب دربه أمامه .. ولكن ما باليد من حيلة !
" يبه .. هدي اعصابك .. موب أنا الي اقترحت عليك توظفه ؟ يعني كل شي يصير على مسؤوليتي أنا .. – اللتفت لصاحبه- ومحمود جاي يعتذر لك على تقصيره .. وبصير مثل ما تبي .. صحيح محمود ؟ "
هتف بصوت مخنوق : صحيح .. أنا آسف .. وان شاء الله هذي أول وآخر مرة أهمل فيها شغلي ..
جلس على مقعده الفخم .. ونظر إلى " محمود " بتمعن : بسامحك هـ المرة بس .. وصدقني .. المرة الجاية إذا صار شي .. ما راح أرحمك .. – رفع اصبعه وأخذ يشير ناحيته- اسمع كلامي وخله زين على بالك .. إذا قلت بالشي .. قول حاضر وانت ساكت .. لا تقعد تسوي روحك محامي عن هذا وذاك ..
صلى على محمد وآله بداخله وقال : ان شاء الله ..
أعاد النظر في الأوراق التي بين يديه : اللحين تفضل .. روح شوف شغلك ..
[ أبو وليد : 53 سنة ]
==
"اطلعي بره ..."
اقتربت منها : منتهى أنا ماما .. جذي يكلمون الماما ؟
مسحت رذاذ دمعها : أنا مو ياهل .. تفهميييين .. وتراني ما اني فاقدة الذاكرة علشان تذكريني بأنج أمي ..
لم تستغرب لهجتها هذه : منتهـى ! لمتى بتتعلمين الإحترام ؟ أبدا ما عندج حشيمة لأحد ؟ حاسبتنا أنا وأبوج عبيد عندج ؟ يا ماما عيب الي قاعدة تسوينه ..
بوجع كبير : أنا ما عندي أبو .. كم مرة لازم اقول لكم ؟ ريلج هذا .. ما أتشرف يكون أبوي .. وانتي على عيني وراسي .. ريلج هو السبب في إن علاقتنا جذي .. وأنا قلت لج من قبل .. وخيرتج بيني وبينه .. وانتي اخترتيه .. خلاص .. أنا قاعدة معاكم علشان ما يتكلمون عنكم الناس لا أكثر ..
تألـم قلب الأم : مهما كان ومهما صار يظل عمج .. لا تحترمينه علشاني علشان أبوج الله يرحمه .. قولي بذمتج .. لو كان أبوج حي بيرضى تتكلمين عن أخوه جذي ؟ وتعاملينه بهـ الطريقة ؟ منتهى انتي بنفسج قلتيها انتي موب صغيرة .. عجل ليش لازم اعلمج شلون يحترمون ويقدرون الناس الي اكبر منهم والي إليهم الفضل بوجودج ؟ لو ما عمج الي ما تبينه .. كان ضليتي في الشارع .. من الي يصرف عليج ؟ ها قولي ؟ من الي خذاج تدرسين في مكان ما حلمتين حتى بالدراسة فيه ؟ وتردين الجميل له جذي ؟
اصابها سهم حاد من هذه الحقائق المميتة بالنسبة لها : انتي تدرين اني أنا ما كنت موافقة .. واصريتون علي وخذيتوني لهناك غصب عني .. ولما شفتون اني متعلقة بالمكان .. واتعودت عليه .. رديتوني لهني .. بحجة إن ميزانيتكم ما تسمح .. بس شنو الثمن ؟ قولي لي .. – سالت الدموع على وجنتيها- كاني لين اليوم وباجر وآنا أدفع الثمن .. وتبيني بعد أحبكم ؟ ماما انتون ظلمتوني .. وكل يوم ظلمكم يزيد أكثر وأكثر .....
لم تستطع التفوه بحرف واحد .. معها الحق في كل ما تقول .. لكن .. تظل خاطئة .. وارتكبت الكثير من الأمور التي يصعب جبرها !
[ آمنة " أم منتهى " : 40 سنة ]
==
دخل منزلهم .. والهم يعتصر قلبه .. فهو يحتمل كل هذه الاهانات فقط .. لأنه مكلف بإعالة هذه العائلة .. التي غاب معيلها .. فأصبح كل شيء على عاتقه .. كم اشتقت إليـك يا أبي .. رحمك الله .. وأعانني على ما كلفني به ..
وما إن حطت قدماه أرضية الصالة المتوسطة الحجم .. حتى ركضت إليه أختيه .. ومددت كلاهما ذراعيها طمعا بأخذ بعض من الحنان منه .. تبسم في وجهيهما .. فهما هم النبع المتدفق للفرح بداخله .. حملهما .. احتضنهما .. قبلهما .. وأخذ يدور بهما .. وما إن شعر بالتعب .. حتى رماهما – برفق- على احد الكنبات .. واتجه لوالدته .. يقبل رأسها .. يحيها ..
محمود : وينه علاوي وبيان ؟
أم محمود : علي رمى شنطته وأخذ سيكله وطلع مع ربعه .. وبيان فوق في غرفتها ..
محمود : تغذت ؟
أم محمود : لا .. ننطرك .. روح نادها .. دام أنجب الغذا ..
نهض : ان شاء الله ..
تبعته الشقيتان فركض مسرعا لتلحقانه بخطواتهما الناعمة ..
طرق الباب .. وهم بالدخول .. فرآها تطرق لوحة – الكيبورد- بعجل .. فتبسم لها : شخبارها دلوعتنا اليوم ؟
التفت إليه مبتسمة : هلاوي محمود .. كويسة .. عم تسلم عليك ..
ضحك بخفة : صدقيني موب لايق عليج .. يلله قومي تغذي ..
أدارت بوجهها لشاشة الكومبيوتر : دقايق ونازلة ..
اتجه نحو أزرار الكهرباء : أنا بحسب لين 10 .. واحـــد .. اثنيـــن ..
بيان : لااااا .. انطر اسلم عليهم اول ..
اتسعت ابتسامته : أربعــــة وانص ..
بيان : محموووودو ..
وهو يضحك : ثمـــــــانية .. تســعة ..
نهضت بقهر : قمت .. اففف .. حركاتك واجد تقهر .. دفش !
عبث بشعرها المرفوع .. وعاد إلى حيث أمه .. من دون أي يتفوه بحرف !
[ عالية " أم محمود " : 44 سنة ]
[ بيان : 17 سنة ]
==

هو الآخر هم بدخول إلى منزله .. ولكن منزله يختلف كليا عن منزل صاحبه .. فأنا خاطئة باختيار " مفردة " منزل .. فبيته هو أشبه بقصر واسع .. مصمم بمنتهى الإتقان والروعة ..
وما إن اعتلى العتبة الأولى .. وإذا به يسمع صراخا .. وبعض من الشتائم .. تنبعث من المطبخ .. لم يستغرب .. لم يفاجئ .. فقد اعتاد على مثل هذه المعارك بشكل شبه يومي بين زوجات والده !
قصد المطبخ .. وقف أمام الباب بعضا من الزمن .. لم ينتبهوا لقدومه .. فأفرغ عن قهره وضيقه وعدم وجود متسع من المزاج لسذاجة هؤلاء ! بصرخة دوى صداها في الآذان !
التفتن له بذعر شديد .. وحينما أيقن أن هذا هو حقا " أحمـد " لا أبيـه .. أفرغن شكاويهن وتذمرهن من بعضهن البعض !
بدرية : خوفتنا ضينناك أبو وليد ..
سعاد : شفيك جاي معصب وتصارخ علينا ؟
تنهد وجلس على احد المقاعد وقال في نفسه : حشى .. ولا شريط كل يوم ينعاد .. كل مرة يتكرر هـ الموقف .. يقولون مثل الكلام ! يعني متى بيعرفون يفرقون بين صوتي وصوت أبوي ؟ ومتى بعرفون انهم مزعجيب وسذج .. – أكمل بصوت يسمع – يعني ليش معصب ؟ والله هذي مو حالة ؟ كل يوم أجي وأشوفكم تتهاوشون .. ما تملون ؟ بسكم عاد .. اذا ما بطلتوا حركات اليهال والله بقول لأبوي ..
أنيسة : والله أنا مالي دخل .. قولهم فهمهم .. عجزت وأنا أقول لهم وما يطيعون ..
بدرية والدمع ملأ عينيها : تغلط علي وما تبوني أرد ؟ تقولي انتي عقربة وأمس ..
سعاد بغضب : لأنج عقربة فعلا .. عجل ليش خليتيه يضرب ولدي ؟ قلتي له إن أمس ما نام في البيت .. وعطاه كف محترم من صباح الله خير ..
نهض من مكانه .. لا يستطيع احتمالهم .. لن يتغيروا .. وكم يتمنى أن يدخل والده المنزل ويسمع ما يجري بينهم ليضع لهذا الإزعاج حدا !
دخل غرفته .. أغلقها .. أشغل التكييف .. بدل ملابسه .. ورمى بجسده المرهق على سريره الحريري .. أطبق جفنيه .. ومضى في عوالم سوداويه .. لا مجال لها لبقعة ضوء !
[ أنيسة : 41 سنة ]
[ بدرية : 39 سنة ]
[ سعاد : 39 سنة ]
==
جالسة على إحدى الكنبات .. تداعب خصلات شعرها بدلع .. وهي تحدق بذاك الذي يتابع التلفاز .. وما إن رأته ينظر نحوها .. حتى نكست رأسها وهي تمثل " الخجل " .
لتطل الأخرى برأسها وهي تمسك صحن السلطة : منوي حبيبتي .. يلله .. تعالي تغذي .. ( والتفت نحو زوحها ببتسامة ) الغذا جهز روحي ..
رأته ينهض قاصدا زوجته .. أخذ الصحن من يدها .. وهمس في أذنها شيئا .. جعل وجهها يتلون باللون الأحمر ..
أف .. هذا ما قالته في داخلها .. وهي تسير قاصدة غرفة الطعام ..
كانت تأكل بهدوء .. وهي تتأمل كيف لم يكف عن التغزل بها وبالطعام الذي أعدته ..
كم .. أكـــ ..
توقفت عن قول ذلك في نفسها حينما قالت لها أختها : منوي .. لا تستحين .. البيت بيتج ..
وغمز لها طارق : تستحين مني ؟
نكست رأسها بارتباك واضح .. ونهضت من على المائدة : شبعـــت !


[ طارق : 28 سنة ]
[ أميرة : 24 سنة ]
[ منى : 19 سنة ]
==
همسة : الهي .. بعدد قطرات المطر .. أحبك ..
,
.
؟
نهاية الجـزء الأول ..


[ 2 ]
طفولتي ..
مراهقتي ..
طول تلك الفترة وأنا أربي
مولودي ..
وحينما لم يبقى سوى القليل
ليكبر ..
أجهضته بنفسك ..
ألا يحق لي أن ..
أكرهك ؟
فأي أم هي أنا ؟
لا تبكي لموت ابنها ..
ولا تقتل قاتله ؟!
خرج من مكتب والده .. وابتسامته عالقة على ثغره .. كان قلبه يتطاير فرحـا .. فكل شيء يسير كما خطط له .. حمد الله في سريرته وهو يخرج من المبنى ..
أغلق باب سيارته وهو يدندن بأشياء غير مفهومة .. وما إن وضع يديه اليمنى على المقود .. بدأ هاتفه بالرنين .. وكأنه عرف المتصل .. فتبسم بخبث .. وهم بالرد ..
" حيى الله عمي "
تبسم أبو جاسم : الله يحيك .. شلونك ؟ عساني ما ازعجبتك ؟
تبسم هو الآخر : بخير .. أسأل عنكم .. أفا عليك .. أنا انزعج من البركة والخير ؟
وصله صوت ضحكاته : تسلم يا بو المجاملات .. ( وبنبرة جدية ) طالبك ..
انتفض نبضه قليلا من نبرته : آمرني ..
عادت نبرة صوته كما كانت : ما يامر عليك عدو .. وصلني خبر انك مريتنا .. وما جيت سلمت علي .. كنت أبيك في موضوع ..
هدأ قليلا : ما حبيت أزعجك عمي .. المرة الجاية ان شاء الله ازورك ..
ضحك بخفة : حياك .. المكتب مكتبك .. متى أشوفك ؟
حك رأسه بارتباك : الوقت الي تبي ..
أبو جاسم : باجر الصبح .. الساعة 10 .. يناسبك ؟
هز رأسه بانصياع : ان شاء الله .. 10 أنا عندك ..
[ مازن : 25 سنة ]
==
مضـى النهار .. وخيم الليل على أرجاء المعمورة .. الليل الذي يحبه أغلب الناس .. لعودتهم إلى ديارهم بعد يوم شاق طويـــل ..
هنـــاك .. في ذلك الدار .. كعادتها كانت جالسة أمام شاشة الكومبيوتر .. ولم تترك موقعا إلا زارته .. ولا أحدا لديها متصل في قائمة المسن .. إلا فتحت " سالفة " معه !
هكذا هي .. منذ أن دخل هذا الجهاز إلى المنزل .. كم طلبت منها أن تنظم وقتها .. وتقلل وقت جلوسها أمامه .. لكنها لا تصغي لما أقول ..
فتحت باب غرفتها وأعصابي تالفة منها : بيــــان .. من رديتي من المدرسة وانتي قبال الي ما يتسمى ؟ متى ناوية تقومين تساعديني ؟
تأففت بضيق وعينيها ما زالت معلقة في الشاشة : 5 دقايق .. وآنا نازلة ..
أم محمود بضيق : 5 دقايق ها ؟ اللحييين اذا ما قمتين بنادي لج محمود ..
التفت لوالدتها : ماما .. صبري شوي .. بس بقول لهم برب ..
" لا حول الله "
هذا ما قالته الأم .. قبل أن تغلق باب غرفة ابنتها .. وقصدت غرفة ابنها .. وهي منزعجة من بيان تلك !
طرقت الباب بخفة : محمود .. محمود ..
فتح باب الغرفة وهو يضحك لتنتبه أنه يتحدث بالهاتف .. ليهمس لها : لحظة شوي ..
ضاق صدرها .. وجلست على إحدى الكنبات في الصالة .. وعينيها تلمعان .. إنها العاشرة ليلا .. وبنتيها الصغيرتان نامتا .. وقد أكملت ترتيب منزلها توا .. وهي الآن ترغب بأن يجلس معها أبناؤها ليؤنسوها عن وحدتها .. ولكن .. كل منهم مشغول بحاله .. آه .. كم اشتقت إليـــك ..
جرت دموعها على خديها .. في ذاك الوقت الذي طل " علي " رأسه ..
مرحبـــــا .. ما كو حدا بالدار ؟
مسحت دمعها بسرعة وصرخت عليه : وين كنت لهـ الحزة ؟
اتجه نحو والدته وقبل رأسها : حقج علي .. كنت في المحرق .. والدرب طويل لين ما رديت البيت ..
فتحت عينيها بصدمة : رايح لي المحرق بالسيكل ؟
ضحك بفرح : ايووووة .. مو بس أروح المحرق .. حتى الصخير اذا تبين .. ماما .. ولدج يدلي كل مكان .. اذا تبين يوم من الأيام آخذج جولة ..
تنهدت بقهر .. هذا ما كان ينقصها .. خبال ابنها : هذي اخر مرة لك .. تبي تدعمك سيارة ؟ لو كنت بسيارة ما يخالف .. بس في سيكل ؟ اذا صار حادث لا سمح الله .. مو بس بتتكسر .. إلا بتنطحن عظامك ..
ضحك ثانية : ما عليه .. علشان يخلوني في موسوعة غينيس ..
[ علي : 16 سنة ]
==

أغلقت – الاب توب – بعد أن ودعتها صديقتها .. وألقت بجدسها على سريرها .. أغمضت عيناها .. لتسترجع الذكرى التي كم وكم تمنت أن تغادر ذاكرتها للحــظة !
*
*
*
تعرفين أكثر شي يعجبني فيج ؟ عيونج الحلوة الي رغم كل الي صار لها تبرق أمل ..
.
.
حبيبي .. عمو الكريه يقول انه عند شقتي .. أنا بروح .. تحمل بروحك ..
.
.
لحــظة .. احبـــج .. وبظل طول عمري أحبج ..
شنو مناسبة هـ الكلام ؟
امممم .. يمكن لأني أخاف من عمج الي ما يخاف ربه ..
.


لا
لا
والي يسلمك .. تبــاعد ..
.
.
.
صرخـــة من جوف القلب
تليهــا .. قطــرات دم !
وســوداوية ظلماء .. غشت عينيها ..
.
.
.
- ويــــن أنا ؟
- ما تتذكرين ؟
هزت رأسها بخوف ..
- من انت ؟
أنا .. أنا أبوج ..
.
.
.
لا لا .. رجعــــوني ..
موب على كيفكم ..

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات