بارت من

رواية وش رجعك -13

رواية وِش رجعك - غرام

رواية وش رجعك -13

لم يجبني .. لكنه تقدم خطوة نحوي .. دفعني للتراجع خطوتين .. لا أعلم لما تدفق الخوف إلى أضلعي .. وبدأت أشعر بعدم الأمان .. وضعت يدي على الباب وقلت له بصوت مرتجف : احنا كنا نلعب " الخشيشوة " وأنا تخبيت هني .. لو أدري انك ما ترضى ما جيب ..
ضغطت على مزلاج الباب لفتحه .. لكن صوته أرعبني .. وجعل الدمع يتجمع في عيناي : شنو اسمج ؟
قلت له وسط شفاهي المترجفة : بيــان ..
خطى نحوي .. وأنا أضغط على المزلاج .. أحاول فتحه .. لكنه لا يفتح .. التفت له : الباب موب راضي يفتح ؟
تقدم نحوي .. وابتسم ابتسامة أذابت قلبي رغم أنني كنت أرجف خوفا من هذه البسمة : اسمج حلو .. وانتي بعد حلوة ..
تصعد اللون الأحمر إلى خداي .. شعرت بأن لا ملابس تحميني .. شعرت بأنني أحترق .. فسال ذاك الدمع على خداي : افتح لي الباب .. تكفى ..
اقترب مني أكثر .. وأنا أدرت جسدي نحو الباب .. أخذت أحاول فتحه .. أخذت أطرقه بعنف .. أصرخ على فطوم لتأتي لانقاذي .. أنادي باسماء كل من عرفتهم .. لكن يده الدافئة الباردة .. حينما رست على كتفي .. ابتلعت لساني .. واخرست عن النطق .. وعن الحركة ..
أدارني إليه بسهوله .. فلم يجد مني مقاومة لأنني كنت حينها منومة مغناطيسيا من أثـر الصدمة .. كنت حينها لا أفهم ما يريد مني .. لأنني أساسا أحهل هذه الأمور .. لكن الذي خطر بذهني .. أنه سيختطفني .. وسيأخذني لمكان بعيد .. سيجعلونني خادمة .. ربما أشتغل لأكسبه بعض النقود ..
وكل ما كنت أقرأه .. كل ما أشاهده من مصائب .. جاء بذهني .. لحين .. أن لامس كفه خدي وأخذ يمسح دمعي الذي ينزل بسببه : الحلوة ليش تصيح ؟
قلت له وأنا أرتجف : اذا خليتني أروح بقول لبابا يعطيك فلوس واشتر لك الي تبي .. بس لا ..
قاطعني وهو يضمني إليه .. لأشم رائحة نتنة عرفت الآن أنها رائحة الخمر : لا تخافين مني .. أنا ما ابي فلوس .. أنا ما ابي منج شي غير انتي ..
ارتفع صوت بكائي .. حاولت ابعاده عني .. حاولت الفرار من أحضانه .. لكنه أقوى مني .. كان ضاغطا علي بشدة .. وكأنه بريد أن يدخلني بين أضلعه ..
كنت أشعر بكل المشاعر المختلفة .. أشعر بالخوف .. أفتقر إلى القوة .. لكنني أراني أقوى منه .. فكان هو الآخر يبكي .. ويهتز جسده بالبكاء .. وجسدي يهتز لقوة بكاءه ونحيبه ..
لا أعلم كم مر من الوقت .. لكننب حررت نفسي من بين أحضانه .. وأخذت أطرق الباب بكل مالدي من قوة .. لحين أن سمعت صوتا أعرفه جانب الباب .. صرخت : عمــار .. عمـــار افتح ..
وبسهولة .. فتح الباب .. وما إن رأيته .. حتى رميت بجسدي عليه .. وأنا أختلس النظر إلى ذلك الملقى في الزاوية يبكي بضعف .. وأغمضت عيناي .. بعد أن غبت عن الوعي ..
==
حـان الأوان .. لتكشف الأوراق .. وتظهر الحقائق ..
خرجت من غرفة والدتي وأنا أختنق .. محـال هذا .. وها أنا وجدت تفسيرا لمرض بيان المفاجئ قبل سنين .. خوفها الدائم من البقاء وحدها .. الكراهية المتبادلة التي بينها وبين عمار .. وأيضا .. سبب المحبة الغريبة التي تكنها خالتي لها .. وكراهية ضياء لبيـــان .. كل هذا .. جوابه ما حدث لها قبل أعوام ..
أسندت رأسي بكفاي .. وكلام والدتي يتردد في الصندوق المغلف المسمى العقل .. لو أنه لم يمت .. لتنفس آخر أنفاسه بين يدي ..
استيقظت من ظلمة أفكاري .. حينما سمعت صوت عمار يناديني .. التفت له فرأيته جالسا بجانبي : صارت أحسن اللحين ؟
رمقته مطولا .. بعينين ترفضات الحقيقة .. وكأنه قرأ أفكاري .. وفهم ما أقصد .. اقترب مني .. وهمس لي : شفيها ؟
قلت له بألم كبير : تقول شافت ذاك الي ...
لم أستطع أن أكمل .. فأنا أعجز من أتفوه بهذا الشيء .. ربت بكفه على كفاي .. وبنفس الهمس : بس هو مات ..
قلت له بضيق : متأكدة انها شافته .. وتقول احنا جذابين قلنا لها انه مات .. ( ضغطت على اصابعه ) عمار طلبتك .. روح كلمها .. قولها انه مات .. ( قلت بعجز ) أنا ما انا قادر أرفع رجولي من على الأرض .. وما أقدر أخلي عيوني بعيونها .. لأني أنا الي بنهار .. بدل ما أخفف عليها ..
هز رأسه .. وضم كفاي : لا تخاف .. دام الله حفظها ذيك المرة .. وما صادها شي .. بيحفظها هـ المرة .. وبتطلع منها سالمة ..
==
ضممت فطوم التي خرجت من غرفتها توا وهي تبكي .. أخذتها للمطبخ .. وأشربتها كوبا من الماء .. وخرجت لملاقاة تلك التي ستفقدني عقلي يوما ما ..
طرقت الباب بخفة .. ولم أسمع ردا .. فتحته ببطء .. وهمست لها : ممكن أدخل ؟ أنا عمار ..
لم تجبني .. فخطوت الخطوة الأولى داخل الغرفة .. ليتجه نظري إلى الجدران الصفراء .. وإلى محتويات الغرفة التي معظمها صفراء اللون ..
خطوت الثانية .. وعيني تتأملانها .. أقصد تتأملان اللحاف الأخضر الذي يغطي كل شيء فيها .. مشيت ناحيتها .. لحين أن وصلت إلى سريرها .. جلست على طرف السرير وقلت لها : بيان ..
لم تجبني .. لكنني سمعت صوت بكاءها الصامت .. رفعت يدي لأبعد اللحاف عن وجهها .. وبصعوبة تمكنت من رفعه .. لأراها مغمضة العينين .. قد غطى وجهها الدمـع ..
كم اهتز لها قلبي .. وشعرت بأن أحدهم يضغط على صدري .. يريد انتزاع الروح مني .. وبدون شعور .. رفعت ذراعي .. وأخذت أمسح دمعها .. وحينما لامس جسدي البارد وجهها الساخن .. ارتجفت أوصالي بخفة .. وبدلا من أن يقل نزفها أصبح بازياد .. وأضعاف تلك الدموع بكت .. عندما أبعدت يدي .. وفتحت عينيها .. وأخذت تصرخ : شنو تبي ؟ ليش جاي ؟
قلت لها وقلبي ينفطر : جا أعطيج طراق يرجع مخج مكانه .. علشان تصحين .. وتحسين لنفسج ..
صرخت بي : يلله .. شقاعد تنتظر ؟ ليش ما تطقني ؟ أحد مانعك ؟ ( وبضعف قالت ) مو كفاية كل شي يصير لي سببه انت ؟ بسكم جذب علي .. بسكم ..
شعرت بأن أنفاسي تنقطع : نجذب عليج ؟ ليش نجذب عليج ؟ وافترضي أنا جذبت عليج .. أمج بعد جذابة ؟ في مرة جذبت عليج بشي ؟ في مرة قالت لج شي ما صار ؟
مسحت دمعها بعشوائية وما زالت تصرخ : أقولك شفته .. ومو هذي اول مرة .. اليوم لما شفته .. ذكرت اني شفته ذاك اليوم الي رميتني فيه بالشارع ( بهت صوتها ) هو الي عطاني تلفونه أتصل لمحمود .. وقتها كان ظلام .. وعيوني كلها دموع .. وما شفته عدل .. لكن .. ( شهقت ) اليوم .. شفته .. كان يطالعني مثل ذاك ( زاد بكاءها ) اليوم ..
لا أعلم بما أجيبها .. واثقة مما تقول .. وأنا يصعب علي أن لا أصدقها لكن : ما عليه .. خلني أفترض انج شفتيه .. هو اللحين بالقبر .. يعني طلع وجى لج ؟
هزت كتفيها بحيرة .. وواصلت انتحابها .. لتهلك قوتي .. فاحتضنت وجهها وبصوت حنون : أنا مصدقج .. بس محد بصدق الي قلتيه .. بيان تذكري .. شنو كانت تقول لج ضياء ؟ تقولج ان بسببج اخترب عرسها .. انتي تسائلتي مرات واجد شلون ؟ ومحد يجوابج .. أنا أقولج .. لأنه طلع من المخزن .. وقلب كل شي .. ولما عصبو عليه .. رموه بالمخزن مرة ثانية .. وقفلو الباب .. كان عنده خمر .. وشرب لين ما ثمل .. يعني بعدها ما يحس بأي شي .. ( حررت وجهها من قبضتي .. وأنزلت نظري ) هو حاول يطلع برى .. من الدريشة .. كسرها .. وتصوب .. نزف واجد .. ومحد درى به .. ومات ..
زادت شهقاتها .. ووقف شعر جسدي .. حينما احتضنت ذراعي .. وظمتهما إلى صدرها .. حاولت أن أحررهما من قبضتها .. لكنها كانت تضغط عليها بكل قوتها .. ودمعها الساخن يلطخ ذراعاي .. وأنا لا أستطيع عمل شيء !
مرت دقائق .. لحين .. أن خلصت ذراعاي .. ووضعت رأسها على وسادتها .. غطيتها بلحافها .. وأخذت أمسح على شعرها : خلاص حبيبتي .. لا تصيحين .. تبين أقسم لج بالقرآن انه مات علشان تصدقيني ؟
هزت رأسها بالنفي .. فأكملت : صدقتيني ؟
سكتت قليلا ثم قالت بصوت ضعيف : من هذا الي شفقته ؟
قلت لها : يمكن واحد يشبهه ..
قالت لي والدمع عاد لسير على وجنتيها : بس كان يطالعني مثله ..
تبسمت : يمكن انتي لما شفتي الشبه الي بينهم .. تذكرتي الي صار .. وتخيلتي انه يطالعج ..
هزت رأسها بقوة : لا .. أصلا أنا نسيت .. شلون أتخيل ؟
قلت لها : العلم عند ربج .. انتي اللحين نامي .. وتوكلي على الله ..
تبسمت .. فابتسمت ابتسامة اكبر .. همست لي وهي تغمض عينيها : مشكور ..
قلت لها بذات الهمس : سامحتيني ؟
غطت وحهها : اطلع برى ..
رغما عني ضحكت : أفهم انج سامحتيني ولة لا ؟
قالت : لأني طيبة .. ولا انت ما تستاهل ..
تبسمت .. وخرجت من الغرفة .. أغلقت الباب .. وركض نحوي محمود : ها بشر ؟
قلت له : اذا قلت لك انها صدقتني شنو تعطيني ؟
قال بسعادة : والله ؟
واحتضنني .. رفع رأسه ورأيته يمسح دمعه .. فعرفت الآن .. ما هو مقدار السعادة .. الذي يشعر بها المرأ .. حينما يقدمها لشخص غير نفســــه ..
==
التفت إلى دعاء الجالسة بجانبي بعد أن أغلقت الهاتف : صارت أحسن ..
لتقول لي : انزين خذني بيتهم ..
قلت لها وأنا ابتسم : طيب .. أنا بعد شاري لها هدية .. وأبيج تعطينها اياها ..
قالت لي وهي تغمز : أحسها واجد تهمك ؟
ضحكت بخفة : لا يروح بالج بعيد .. أنا في هذي الأمور ما افكر .. بيان عزيزة علي .. واعتبرها مثلج .. لا تنسين انها اخت الغالي ..
قالت وهي تنهض : وليش ما تفكر بهـ الأمور ؟ امممم .. متى بتفكر تبني حياة حديدة ؟
ارتفعت صوت ضحكاتي : خلنا اللحين نقدر على حياتنا هذي .. ونحل مشاكلها الي كل يوم تزيد .. بعدها يمكن أفكر ..
مشت ناحية الدرج وهي تقول : أشك انك تفكر .. عقلي يقولي ان عـادل بصير جد .. وانت لين اللحين ما صرت أبو ..
قلت ببعض وجع : تقريبـــا ..
مر بعض الوقت .. وأنا جالس أمام التلفاز .. أنتظر قدوم دعاء .. وما إن وصلت .. حتى ذهبنا إلى منزل محمود .. الذي استقبلنا عند الباب .. دخلت اختي داخل المنزل إلى بيان .. وأنا جلست بالمجلس مع محمود .. الذي جاء بعده عمار .. سلم وخرج ..
التفت لمحمود : أنا أرسلت تقاريرك أول أمس .. وقالو بردون علي اليوم أو باجر ..
فقال لي وهو يبتسم : والله ما ادري شنو اقولك ؟ مشكور .. وما تقصر ..
قاطعته : اششش .. وبعدين معاك ؟ دائما تحسسني اني غريب ..
ليقول : موب غريب .. بس الي تسويه معاي ما يسويه الأخ لأخوه ..
تبسمت : قصدك اني مو اخوك ؟
ضحك : اووه .. يا شينك وانت تتفلفس ..
==
قلت لخالتي وأنا أبتسم : بصير زينة اذا سويتي لي شي واحد ..
قالت : آمري .. تدللي يالغالية ..
قلت لها وابتسامتي تتسع : ترضين فطوم تسافر معاي .. اذا ما رضيتي .. أنا ما بروح ..
قالت فطوم : أي صح ماما .. ترضيت بنت اختج تروح هناك وحيدة ؟
قالت خالتي : مو علي .. على أبوها .. بس علشان خاطرج .. بكلمه .. وبحاول فيه يوافق ..
قلت بسعاة : يااااااي .. يعني نضمن الموافقة ..
لتقول فطوم وهي تقبل خالتي : شكرا شكرا يا احسن أم بالدنيا ..
ضحكت خالتي : علشان المصـــالح ..
التفت لدعاء الساكتة : دعوية ؟ شفيج ساكته ؟
قالت وهي تبتسم : شنو اقول ؟
قلت لها : امممم .. سولفي .. بتروحين السنة وين ؟
قالت : ما ادري .. قالو لي أحمد وعادل مفاجئة ..
تبسمنا معا أنا وفطوم .. وأكملت : بس ما اتوقع نسافر إلا اذا تحسنت صحة اختي .. لان واجد تعبانة ..
قلت لها : منــى ؟
قالت بضيق : لا .. أميرة .. أكبر خت عندي ..
==
غرقت عيناي بالدموع : طــارق .. طـارق قوم ..
انقلب الجهة الثانية : هممم ..
هززت جسده بضعف : طارق .. أنا أموت .. قوم ..
أخذت أبكي بضعف .. وهو ما زال نائما .. الوجـع يقتلني .. وبعد ربع ساعة .. نهض : منوي ؟ شفيج تصيحين ..
قلت له : تعبانة .. كل شي يألمني .. بموت من وجـع بطني ..
نهض من على السرير : قومي باخذج للمستشفى ..
لم أعارض .. ساعدني على ارتداء عبائتي .. وأخذني إلى المشفى بسرعة .. وما إن انتهى الدكتورة من الكشف تبسمت : الف مبروك .. المدام حـــامل ..
نقلت بصري إليه .. أحاول أن أرى سعادته .. لكنني لم أرى إلا الضيق ..
كرهت نفسي أكثر .. وما إن خرجت الدكتورة حتى قلت له بضيق : ليش مو فرحان ؟
قال لي وهو يشتت بصره عني : تمنيت أسمع هـ الخبر .. من أميــرة بعد ما فقدت جنينها .. بعد 3 شهور .. لكن لين اللحين ما صار حتى شهر واحد .. وأنا أسمعه منج ..
قلت له وأنا أبكي : طــارق تكفى .. لا تعذبني .. ما يصير كل شي تقولي أميرة وأميرة .. أنا منــى .. موب أميرة ..
صرخ بي : يعني تبيني أنساها ؟ تبين أجذب عليج وأقولج اني فرحان بولدج ؟ لا .. أنا ما خططت لهـ الولد علشان افرح فيه ..
بكيت بصمت .. هذا هو الحال يوميا بيننا .. تــرى .. هل سيستمر هـكذا .. أم أنه سيتغير للأسوء ؟!
==
قصدت حديقة المنزل .. وأنا أحمل كوبين من عصير الرمان .. بعد أن دخل عمار إلى المنزل ووجهه مصفرا .. والضيق يتضح من ملامحه .. أقبلت عليه .. وجلست أمامه .. وضعت صينية العصير على الطاولة .. ومددت له ذراعي بالكوب : تفضل ..
تناول الكوب .. شرب منه شربة .. ثم رمقني : شفيج تطالعيني جذي ؟
تبسمت له : شنو الي مضايقك ؟
رسم ابتسامة على فمه : ليش تشوفيني متضايق ؟
هززت رأسي بإيجاب : باينة عليك الضيقة ..
سكت قليلا .. ثم قال بعد أن شرب قليلا من الكوب : والمطلوب مني ؟
قلت له : آنا اختك .. واذا تبي تفضفض .. ما عندي مانع ..
لم يجبني .. فأكملت : المفروض انت واختك واخوك تستغلون فترة وجودي وتطلعون لي الي بقلبكم ..
ابتسم ثانية : وشنو تتوقعين بقلوبنا مثلا ؟
قلت له : يعني شنو ؟ أكيييد الهموم أو المشاكل ..
رفع حاجبه : شمعنى ؟ ليش ماذكرتي الأشياء الي تفرح ؟
ضحكت بخفة : شي بديهي .. إذا كان شي حلو ويفرح ما يقدر الإنسان يخبيه .. ويشوف وقتها الدنيا كلها فرحانة .. ويحب الناس تشاركه سعادته ..
ضحك هو الآخر ثم سكت مطولا .. وأنا قمت بشرب كأس العصير .. والنظر إليه .. كم كبر عمار .. وأصبح رجلا .. وقريبا .. سنرى زوجته تجلس بالقرب منه .. لكنه ما زال يظل بنظرنا المراهق الطائش .. لحماقة أفعاله .. أما الآن .. وأنا أراه بهذا الشكل .. مهموم ... ومشغول البال .. أشعر بأنه ليس العمـار الذي بنظرنا ..
قطع علي أفكاري حينما قال : وين وصلت جهاد بالتفكير ؟
ضحكت عليه : أفكــر فيك ..
تبسم .. ثم تلاشت تلك البسمة بسرعة حينما ظهرت الجدية على ملامحه وقال : أطلب منج طلب ؟
تبسمت له : آمر ..
قال لي : فطوم .. تبس تسافر مع بيان ومحمود .. وأمي حتى لو رضت .. أبوي ما بيرضى تسافر بروحها ..
قاطعته : اييي .. شنو يعني تسافر معاهم بدون ولي لها ؟
ابتسم لي : محمود أخوها .. بس أنا ابي منج اللحين .. لأني متأكد ان السالفة بتنفتح أول ما بترد أمي وفطوم البيت .. توافقين على سفرها .. وتقنعين أمي وأبوي ..
استغربت ذلك : وليش ؟
ما زال مبتسما : لو ما قاطعتيني كان عرفتين .. لأني يا ذكية أبي أروح معاهم .. وبما أن فطوم ما يصير تروح بروحها .. أنا بروح معاها ..
سكت لبرهة .. ماذا يقول : وانت ليش تبي تروح ؟
ما زال محافظا على بسمته : لسببين .. الأول علشان فطوم .. نسبتها ترفع الراس .. والمفروض كل الي تتمناه نحققه لها .. والثاني ..
لم يكمل .. بل اتسعت بسمته .. تسائلت : شنو ؟
غمز لي : تقدرين تقولين خـاص ..
قلت بارتباك : علشان بيان ؟
رأيته مذهولا فأكملت : صحيح ؟
تبسم : تقريبــا ..
ضحكت بخفة : لا تقولي تحبها ؟
سكت مطولا .. وحينما حركت شفاهي للحديث .. فقد توقعت أن لا ينطق : مو أحبها .. بس .. أميـل لها .. و ..
قاطعته ثانية : وشنو ؟
رفع الكوب .. وشرب آخر القطرات فيه : وأحس روحي واجد ظلمتها .. أبي أتقرب منها وأفهمها ..
لم أجد شيئا مناسبا أقوله له .. لكنني قلت أخيرا : واذا تقربت منها وفهمتها .. شنو بصير بعدين ؟
التزم الصمت .. ثم قال : ما ادري ..
ابتسمت بسخرية : اذا تحس روحك ظالمنها مثل ما تقول .. لا تظلمها زيادة وتخطو هـ الخطوة الخطيرة ..
قال لي باعتراض : حشى .. مداها صارت خطيرة ؟
قلت له بجدية : ايي .. كلامك معناته .. انك اذا تقربت منها .. بتصير قريبة لك .. يمكن تتعلق فيك .. يمكن تحبك .. وبعدها تكتشف انت ان مشاعرك لها موب حقيقة .. وتتركها ؟ يعني تعلقها فيك .. وبعدها تمشي عنها كأنك ما تعرفها ..
قال لي وزاد اتضاح الضيق بين ثنايا وجهه : لهدرجة أنا حقير بنظرج يعني ؟ ( تبسم بألم ) ما كان قصدي الي فهمتيه ..
قلت له وأنا أتأمل ردات فعله بدقة : طيب فهمني الي في بالك ؟
سكت قليلا .. ثم نهض : اذا فهمته .. وتأكدت منه .. بعطيج خبر ..
ضحكت : انت فهمته .. ومتأكد منه .. بس ما تبي تعترف لنفسك .. ( ابتسمت له ) عمار .. عط لنفسك فرة تجرب هـ الاحساس ويبادلك هـ الاحساس الي اختاره قلبك ..
قال بنفس الضيق : بس انا خايف ..
ابتسمت ثانية : خايف من شنو ؟ اذا من انها ما بتبادلك الشعور .. فجرب .. ما راح تخسر شي .. واذا قالت لك انها ما تبي هـ الشي .. راح تكون تجربة لك .. أما اذا انت خايف من نفسك .. ومني أنا وضياء .. بما انا ما نميل لها .. فلا تخاف من هـ الناحية .. لأنا عارفين روحها شلون .. وانت أدرى بأن الي صار هو السبب الي خلانا نحمل عليها بقلبنا شوي ..
رفعه كفه ملوحا : أنا بطلع شوي .. لا تنسين الي قلت لج عليه ..
لم أجبه .. لأنه غادر المنزل .. وبقيت أنا حائرة مكاني ..
==
أنزل من على عتبات الدرج .. بملل .. فوالدتي وعمي المتعجرف .. أصرا عليّ النزول .. والتواجد معهما في حديقة المنزل الليلة .. بحجة أن ضيوفا مقربين سيزوروننا .. ويجب أن لا أحرجهما عندهم .. فعدم تواجدي .. يعني أنهم سيسألون عن سبب لغيابي ..
فتحت باب الصالة .. ونزلت الثلاث العتبات .. وأنا في أي لحظة سأقرر العودة إلى غرفتي .. وقفت أبحث في أي الجهات يجلسون .. وما إن رأيت أصوات الضحك من جهة الشلال .. قصدتهم .. وأنا أعبث بجوالي ..
اقتربت منهم .. وأنا لم أنظر إليهم بعد .. رفعت بصري للحظة ورأيت رجلا وامرأة .. يجلسان مع والدتي وعمي .. همست : هاي ..
وجلست بالمقعد الذي بجانب عمي .. فلم أجد إلا مقعدين خاليين .. الأول بجانب الرجل .. والآخر .. بجانب عمي .. فوالدتي تتوسط عمي وتلك المرأة .. التي تكاد تلتهمني بنظراتها ..
ردا عليّ معا : هاي منتهى .. ..
وقالت المرأة : شلونج منتهى ؟
رمقتها : بخير ..
ثم أعدت بصري إلى هاتفي .. وأنا أسمعهم عادوا لإكمال حديثهم .. وأنا مقهورة بل أستشيط غضبا .. فأنا أكره الجلوس بجانب عمي هذا ! لكنني مرغمة الآن .. وحينما شعرت بخطوات تقترب مني .. وشممت عطرا رجاليا يداعب حاسة الشم لدي .. ورأيت رجلين تنتعلهما فردتا حذاء سوداء ملكي .. رفعت رأسي لأرى هذا الواقف أمامي .. لتلتقي عيناي بوجهه .. بل .. بعيناه السوداوين .. الحادتين .. وابتسامته الحالمة ..
فيتضارب النبض .. وتنقطع الأنفاس .. حينما دق نـــاقوس الخطر بقلبي .. وأهمس :
==
يارب .. أنت القادر على كل شيء .. أنا عبدك الذي يعترف إليك بالعبودية ..
,
.
؟
نهاية الجـزء الثالث عشـر ..


ها لله هالله بردود ..
بكرهـ ان شاء الله بارتين ..
سلام ..

[ 14 ]
لـــن أقول يا
[ أنت ]
ولن أقول يا
[ أنا ]
لن أنادي أحدا ..
ولن أتحدث مع نفسي ..
لن أتفوه بحرف ..
ولن أكتب كلم ..
لا يهمني شيئا بعد الآن ..
حتى لو احترقت أنا ومن في الحياة ..
في نار [ جهنم ] !
كم صعب علي أن أخفي ابتسامتي .. وأنا أراها أشبه بحورية نزلت علينا من السماء .. بملابسها التي تشبه حليب الفراولة .. وشال حليبي اللون مطرز بورود وردية .. مغط شعرها .. فلا تستطيع الهرب من تحته أية شعرة .. زادت ابتسامتي .. حينما رفعت رأسها لي .. وبدت على ملامحها الصدمة .. وهمست بصوتها العذب : مـازن ؟
قلت لها بذات الهمس : عيون مازن ..
نكست رأسها .. فمددت ذراعي لها .. رفعت رأسها لي .. ونظرت في يدي التي تطلب مصافحتها .. لكنها قالت بهمس أيضا : صرت مسلمة اللحين .. وأضن ما يصير أصافح رجال مو من محارمي ..
حجة .. ما قالته حجة كل لا تحتضن كفي كفها الدافئة .. لكن سأصدقها : مبروك .. وأخيرا اقتنعتي ؟
جلست بالمقعد الذي جانبها .. ولم تجبني .. رفعت نظري لوالدي الذي اكتفى بابتسامة .. أما والدتي فما زالت غارقة بالحديث مع أم منتهى ..
مر بعض الوقت .. وأنا لم أرفع عيني عنها .. أنتظر أن ترفع رأسها وتلتقي عيناي العطشتان لعينيها .. لكنها لم تفعل .. وكأنها تحرمني حتى من هذه الفرصة ..
وقطع صمتها .. حينما سألها والدي : شلون نتائج الجامعة ؟
رفعت رأسها .. وقالت : زينة .. نجحت في ثلاث مواد ورسبت في الرابعة ..
ذهل الجميع .. وصدمت أنا .. لم أتوقع أن تقول مثل هذا الجواب .. فسألها والدي ثانية : باين عليج ذكية .. شكلج ما اهتميتي واجد ..
ضحكت بخفة .. ثم قالت : أنا المادة الي رسبت فيها المنتيرن اقزام ما قدمته ..
تفاجأ والدي وقال لها : ليش ؟
تبسمت .. وما أجمل ابتسامتها : كنت تعبانة شوي .. والدكتور ما رضى يعيده لي ..
ليقول والدي وهو يهز رأسه بتفهم : ما عليه .. الكورس الجاي اهتمي أكثر .. وبتنجحين بكل المواد ..
تبسمت ثانية .. يبدو أنها تريد قتلي بتلك الابتسامات : ان شاء الله ..
بعد ذلك ببعض ثوان .. قالت أم منتهى : تفضلو .. العشـا جاهز ..
نهضنا لتناول العشاء .. لكن منتهى .. لم تمشي باتجاه البوفيه الموجود بالحديقة .. بل قصدت الباب المؤدي لداخل المنزل .. لحقتها .. وناديتها .. التفت إلي .. وبدا الضيق الذي أخفته طول الوقت : خير ؟ شبغيت ؟
تبسمت لها : ما بتتعشين ؟
رمقتني : لا يكون الأكل بعد بالغصب ؟
ضحكت : ايوة .. ممكن تجين معاي آنستي ؟
ضحكت .. ثم رمقتني بنظراتها المعتادة : شسبب هـ الزيارة ؟ تبي تقهرني يعني ؟
تبسمت لها : تراني أنا مالي دخل بالموضوع .. انتي تعرفين ان أبوج شريك أبوي .. وعازمين بعض .. يعني أنا أذنب لأنهم قالو لي احضر وحضرت ؟
صرخت بي : اييي .. تدري اني ما احب أشوفك ..
قلت لها بحدة : لا ترفعين صوتج .. ( عادت نبرتي كالمعتاد لكن ببعض السخرية ) تضنين ان بالكلام الي قلتيه لأبوي بتراجع ؟ وما بتم الي بينا ؟ ( تبسمت ) تراهم يعرفون كل شي عنج .. يدرون انج مسيحية .. وأمي ما عارضت .. بلعكس .. عندها الأمر عادي .. وبما انج اللحين اسلمتين خير وبركة .. أما عن استهتارج .. فما بغير ولا شي بالموضوع .. يبونج لي .. بكل ما فيج من عيوب .. آنسة منتهى ..
بقيت ساكته .. وتنظر نحوي لدقائق .. ثم همست لها : تصدقين .. كل مرة أشوفج فيها .. أشوفج أحلى .. وأتمسك أكثر بقراري .. بالرتباط فيج .. ويتقين قلبي أكثر انه يحبج .. ويموت فيج ..
مسحت دمعة انسكبت على خدها .. وقالت وبعينيها نظرة الحقد : أكرهك ..
==
كان الجميع يحيطون بي .. وأنا احجز مقاعد للسفر إلى ألمانيا .. بعد وافق والدي سفر فطوم .. وأنا برفقتها ..
وبعد أن انتهيت من حجز التذكرة الثانية .. رفعت نظري لوالدي : يبه .. حجزت لي ولفطوم .. أحجز لعمادو الي ذبحني من الحنة ؟
ضحك والدي : هو ما يستاهل .. رسب في مادتين ..
قاطعه عماد .. وهو ينهض قاصدا إيـاه : يبه .. يبه يا احسن أب في العالم .. ( قبل رأس أبي بقوة ) مو كفاية سيارة ما شريت لي .. تحرمني من السفر .. يبه أنا دلوعك .. آخر العنقود .. تكسر بخاطري ..
احتجت فطوم : لا ؟ وأنا وين رحت ؟ بابا ما عليك منه .. لا ترضى ..
ضحك أبي .. ووجه نظره لوالدتي : ها يا ام عمار .. شرايج بالموضوع ؟
ركض عماد لها .. وقبل جبينها .. وخديها .. لحين أن أبعدته عنه : بس .. ذبحتني ..
قال لها وهو ما يزال يقبلها : ما بتباعد عنج إلا اذا قلتي لأبوي انج موافقة ..
قالت له وهي تحاول أن تحرر نفسها منه : انزيييين .. بس بشرط ..
قال لها وهو يبتسم بسعادة : امري .. تدللي يا كل هلي انتي ..
ضحكت : تحط على روحك السنة الجاية .. وتدرس زين .. وتبطل دوارة بالشوارع لأنصاص الليالي .. وما تتهاوش مع عيال خلق الله .. و ..
قاطعها وهو يفتح عينيه بصدمة : يمه .. ما باقي إلا تقولين اقعد في البيت ولا تطلع .. أبييج عون .. صرتي لي فرعون ..
ضحكنا جميعا على تعليقه .. وقال والدي : كلام امك صحيح .. اذا قبلت فيه أنا بوافق ..
هزت رأسه باستلام : أمرنا لله .. تامرون أمر .. طول الوقت بحبس روحي بالغرفة وبذاكر .. لين ما أعمى وتصير عيوني شهيدة الدراسة ..
ضحكنا جميعا وقال والدي : مع اني اشك .. بس يلله .. احجز له ..
عاد وقبل رأس أبي .. وأمطره بوابل من كلمات الشكر .. أما أنا فناديته : بتجيب لي بطاقتك ولة شلون ..
ركض نحوي .. وأخرج من جيبه محفظة نقوده .. أخرج البطاقة .. ومد ذراعه لي بها : هاك .. سـرع ..
أخذت البطاقة .. رفعت – الاب توب – من حضني .. ووضعته على الطاولة التي أمامي .. عدلت جلستي .. وحجزت له .. ثم رفعت بصري لأبي : يوم الجمعة السفر ..
ففرح فطوم وعماد .. وأخذا ينطان من فرط السعادة .. أما أنا فاكتفيت بالضحك عليهم مع والداي وجهاد .. لتقول أمي : بياكلني البيت من دونكم ..
قالت جهاد : وأنا وين رحت ؟ أفهم من كلامج معناتها طردة ؟ ترى آخذ أغراضي وأرد بيتنا ..
ضحكت أمي : البيت بيتج حبيبتي .. بس انتي تعرفين .. عماد وفطوم .. بعدهم صغار .. ومو متعودة على فراقهم .. وخصوصا فطوم ..
ركضت فطوم إلى حضن أمي : فديتج مام .. يلله تزودي مني ..
ضحكنا معا .. وأخذت كمبيوتري المحمول .. واتجهت إلى غرفتي أتصل بغسان .. الذي زرته قبل قليل .. ولم يفتح لي أحد باب داره ..
==
ومضى هذا الاسبوع على عائلتي محمود وعمار .. بالتسوق لشراء حاجات السفر .. وهاهو يوم الخميس قد أقبل .. وفي منزل الجدة .. كان الجميع متواجدين لتناول العشـاء .. والمكان مزدحم بأصوات العائلة .. والجميع يرحب ويهلل بعهود وميثم .. فكان الحريم بالصالة .. والرجال كـ العادة .. متواجدين بالمجلس ..
وفي الصالة .. كانت بيان وفطوم وليلى جالسين بجانب بعضهم يتناولون الطعام .. لتقول ليلى : لو حاولت أحجز لي .. تتوقعون ألاقي حجز ؟
فقالت بيان : ما اتوقع .. لأن علاوي بالغصب لقينا له تذكرة .. وكان يوم الاحد .. ما بالج اليوم الخميس ..
لتقول ليلى : خسارة .. السنة ما بنسافر .. لأن يرممون البيت .. وما يقدر البابا يسافر .. لازم يشرف على العمال ..
تبسمت لها فطوم : ما عليه .. في الاجازة الي بين الكورسين .. سافري ..
قالت : ان شاء الله .. ( وبزهو قالت ) ما قلت لكم .. واخيرا حصلت لي مدرب .. وبدربني الشهر الجاي ..
قال لها الفتاتين : والله ؟ مبروك ..
تبسمت بسعادة : الله يبارك فيكم ..
لتقول بيان : متى يجي شهر 12 واصير 18 ..
تبسمت فطوم : أنا قبلج .. أنا شهر تسعة ..
لتتسع ابتسامة ليلى أكثر : يعني انتو لين اللحين جهال .. أنا 2-6 دخلت 18 ..
قالت لها بيان : مشكل .. الي يسمع ما كأنج أكبر منا بكم شهر ..
ضحكت فطوم .. وانقهرت ليلى .. لحين أن انتهى العشاء .. ورفعت أواني الطعام .. وحينما انتهو من تنظيف المكان .. جلسوا ثانية .. بالقرب من عهود ..
فقالت بيان : عهود .. حلوة الدراسة بقطر ؟
ضحكت : وااجد حلوة .. مو يكفي اني تعرفت على سالم هناك ..
ضحكنا معا .. وسألتها فطوم : اللحين انتو تزوجتوا ؟
تبسمت بخجل : بس عقدنا قرانا .. وللحين احنا محتارين نسكن بقطر ولا البحرين ..
لتقول ليلى : وامج وابوج ؟ شلون رضو تاخذين لج واحد موب بحريني واحتمال كبير تعيشين برى البحرين ..
قالت عهود وهي ما زالت محافظة على بسمتها : في البداية عارضو .. وبعدين قنعهم ميثم لأن شاف سالم شلون طيب وحبوب ويعتمد عليه .. وقبلو ..
لتقول بيان : حتى ميثم خطب صح ؟
هزت رأسها بإيجاب : ايي .. خطب اخت سالم .. وما يدري بعد .. يعيش بقطر ولا بالبحرين ..
فقالت فطوم : المسافة قريبة .. يعني حتى لو سكنتوا بقطر .. ما في مشكلة انكم كل سبوع تزورونا ..
==
أما أنا .. فأحترق .. أرغب بأن ألتقي بفطوم قبل سفرها .. ولم يخطر ببالي إلا بيان .. فهي من ستساعدني على اللقاء بها .. فأرسلت لها مسجا " هلا بيان .. طلبتج .. قولي تم "
بعد لحظات .. رن هاتفي معلنا وصول مسج .. فتحته .. وكان منها " اهلين بالفارس الملثم .. تامر امر .. تبي أدبر لك خطة وتشوف فطوم صحيح "
ضحكت بخفة .. وأرسلت لها " أيوة .. ذكية تفهميها وهي طايرة "
لترسل لي " أنا بساعدك .. بس بشرط "
أرسلت لها " كل الي تبينه بنفذه .. شنو شروطج ؟ "
لترسل لي " احنا بكرة بنسافر .. وماما بتجي تقعد مع عودوه .. وانت يتوجب عليك كل شي تبيه تجيبه لها .. وتطلعها للمكان الي تبي .. وما ترفض لها شي لو قالت لك احرق روحك بالنار "
ضحكت بصوت مرتفع .. ليلتفت لي عمار : شفيك ؟ من مكلحين لين اللحين وانت تتبسم .. لا يكون ..
قاطعته وأنا أضحك : لا .. صحيح اذا قالو كل من يرى الناس بعين طبعه ..
رماني بعلبة المحارم الورقية : مالت علييك .. انا شاك فيك .. بس بصدقك ..
أمسكت بها قبل أن تصدمني .. ولم أجبه .. وأرسلت لها " ما طلبتي شي .. اعتبريه صار "
لترسل لي بعد دقائق " زين .. بعد عشر دقايق .. تعال ورى البيت صوب شجرة الكنار "
لأرسل لها وأنا ابتسم " تسلمين والله "
وبعد عشر دقائق .. استأذنتهم .. ونهضت .. خرجت من المجلس .. وقصدت خلف المنزل .. لأرى بيان وفطوم واقفتين وتضحكان .. وما إن رأتني بيان .. حتى قالت لفطوم : فطوم بروح أشرب ماي وبجي .. لا تتحركين .. بعد تشوفنا ليلى اللصقة ..
ضحكت فطوم : انزين .. سرعي ..
مشيت باتجاها حينما ذهبت بيان .. وأنا أمشي على أوراق الشجر المتناثرة على الأرض .. انتبهت إلي .. والتفت لي : يعقوب ؟
تبسمت لها وأنا أقترب منها : ممكن عشر دقايق من وقتج ؟
==
أمسكت بجذع الشجرة أخفي توتري .. كان قادما نحوي .. وهو يرتدي ثوبا أبيض اللون .. وعلى رأسه غترة بيضاء مخططة بلأحمر .. ملقاة على رأسه بعدم اهتمام .. كانت عيناه تنظران نحوي .. وفيهما الكثير من الكلام .. فقلت له وأنا أشعر ببعض الخوف : اوكي .. تفضل ..
وصل إلي .. ووقف أمامي .. تبسم لي : شخبارج ؟
ابتسمت له بصعوبة : طيبة .. أسأل عنك ..
ما زال مبتسما : سألت عنج العافية ( سكت قليلا ثم قال ) فطومة ..
تبسمت بصدق هذه المرة .. فمنذ أن كنا أطفالا .. لا يناديني أحد بفطومة غيره : نعم ..
ليقول : بتسافرين بكرة ؟
هززت رأسي بإيجاب : ايوة .. شنو تبي نشتري لك من هدية ؟
سكت ثانية ثم قال : تشترون ولا تشترين ؟
لم أعرف بما أجيبه : مثل الشي ..
ضحك بخفة : لا .. نشتري .. يعني جماعة .. يعني كلكم .. أما أشتري .. يعني بروحج .. انتي .. تشترين لي ..
ضحكت : المهم ان الشي الي خاطرك فيه بتحصله .. سواءا كان جماعة ولا مفرد ..
ابتسم ابتسامته المميزة : لا .. اذا جماعة .. بطلب شي غير .. واذا انتي بطلب شي غير ..
ارتبكت : طيب شنو تبي اشتري لك ؟
ما زالت البسمة التي أعهدها راسية على ثغره : اممم .. أبي شيئين ..
قلت له بسرعة : شنو هم ؟
ليقول : أول شي .. أبي سلامتج .. وتردين ( ركز على هذه الكلمة ) لي سالمة ..
نكست رأسي بخجل .. فأنا أشعر بأن خداي توردا : تسلم ..
وأكمل : يسلمج ربي .. أما الشي الثاني .. فأبيج تشترين لي شي على ذوقج .. ما يخترب .. ولا يصير فيه شي .. احتفظ فيه طول عمري .. وأقول هذا من فطومة ..
اتسعت ابتسامتي .. ورفعت رأسي : اوكي .. ( وبارتباك ) أنا بروح اللحين .. مع السلامة ..
وما إن حركت قدمي .. حتى قال : وين ؟ ما كملت العشر دقايق ؟
رفعت عيناي .. فالتقتا بعينيه ورأيت أنهما ما زالتا تحتفظان بالمزيد من الحديث : سـرع .. بروح أشوف بيان .. تأخرت ..
تبسم لي : مليتين مني ؟

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات