بارت من

رواية نورس على شطآن الماضي -1

رواية نورس على شطآن الماضي - غرام

رواية نورس على شطآن الماضي -1

الكاتبة : غيورة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبق وان كتبت قصتين
((الخيانة العقيمة))
((ورود حبيبتي...اسئلك لا تذبلي))
نزلتهم في منتدى غير منتدى غرام
مدري اذا قريتوهم
وهذه قصتي الثالثه
اسمها ((نورس على شطان الماضي))
انا صار لي فترة منزلتها في منتدى ثاني
بس قلت انزلها هنا واشوف رايكم
وتعليقاتكم
طبعا راح انزل الاجزاء الجاهزة
ومع كل جزء يجهز انزله لكم
وانشالله الاقي اقبال عندكم
اتمنى انها تعجبكم
نورس على شطاّن الماضي
ستعلم يا جلادي
انك سلبتني ابتسامتي
وكسرت مرايا احلامي
وبت نورس بلا صوت ولا جنحان
فلم يعاود الغناء ولا الطيران
ولم يعد قادرحتى على صيد الاسماك
ومع هذا لم افتح فمي
هل لي ان احاكمك؟؟
ام ابقى في مكاني صامته
اجبني يا جلادي..
هل تسمعني..؟؟؟؟


*الشاطئ الاول*

*الموجه الاولى*

بخطوات بطيئة... على اطراف اصابعها.. دخلت نورس المنزل. وما ان اقتربت من باب غرفتها.
واذا بصوت يخترق هدؤ المكان ....
(نورس حبيبتي هل اجهز لك العشاء؟؟؟).انها العمة فريدة تناديها بصوتها الحنون دائما ....
نورس (هل ايقضتك؟؟؟ )
العمة فريدة (وهل انام قبل عودتك؟؟)
تقدمت لها نورس وقبلت راسها... وهي تهمس لها (الله لا يحرمني منك يا احن عمة في العالم...لقد تناولت عشائي مع صديقتي رجاء.. )
العمة فريدة( اتمنى انك استمتعت بوقتك )
نورس( اكيد عمتي )
العمة فريدة وقد غلبها النعاس(..تصبحين على خير)
انصرفت العمة فريدة الى غرفتها المقابله لغرفة نورس ...
ابقت نورس نظرها عليها الى ان اغلقت الباب ...
ومن ثم دخلت غرفتها هي الاخرى..وجلست على طرف السرير.. وقد بدى عليها التوتر والضيق..
نزعت الوشاح الزهري من على شعرها... رمته على السرير ووضعت يدها على وجهها...
علها تمسح شئ من الارهاق عنه...وماان ابعدت يدها حتى لمحت رفيقها...
رفعت جسدها عن السرير ومدت يدها اليه ,,,اخذت دفترها رفيقها في الغرفه..والذي يحمل في صفحاته كل اسرارها التي لا يمكن ان تبيح بها لاحد ابدا...
الاهو..
رمت بجسدها وما يحمله من تعب وارهاق على السرير..وضمت الدفتر على صدرها...
اغمضت عينها.. تذكرت ذاك الكابوس المزعج الذي يلاحقها في منامها...نفسه الكابوس بين ليلة واخرى منذ 9 سنوات تقريبا.. مما جعلها تخشى النوم ويزيد قلقها كلما حل الليل.. و كما كل ليله قبل نومها تعود بها الذكريات لتترقرق عينيها بالدموع...ولكن هذه الليله تختلف عن كل الليالي...
ففي نفس هذه الليله قبل تسع سنوات انتهت حياتها الحقيقه وبدات حياة ما هي الا سراب بالنسبة لها ... فهذه السنوات التسع لم تشعر فيها بالحياة اصلا.
قربت دفترها اليها اكثر وهي مستلقية على جانبها الايمن....وعاد بها شريط الذكريات لاحداث تلك الليلة...
كانت برفقة والديها واخيها عامر الذي يبلغ من العمر 7 سنوات... وهي قد اكملت 16 ربيعا...
عائدين من منزل جدتها.... وقد قضوا سهرة مميزة ...ربما لانها كانت السهرة الاخيرة... انها لا تتذكر ما حدث بالضبط..
لا تتذكر سوى...
ام نورس وهي تضع يدها على بطنها وقد اتضحت عليها علامات الحمل ( عامر ونورس هم من يحددون اسم المولودة)
ابو نورس(ماذا تقصدين؟؟؟ الا يعجبك اختياري لاسم دانة؟؟)
نورس(لا ابي ..لا يناسبها دانه... انا نورس ولابد ان نختار اسم لاختي يتناسب مع اسم نورس)
عامر بصوت عالي وهو يقفز من مكانه( وجدتها...حمامة...نسميها حمامة....)
غرق الجميع في الضحك....
لا تتذكر ماذا حدث بعدها... فقط صوت ضحكاتهم التي امتزجت مع صوت احتكاك اطارات السيارة بالشارع...ومن بعدها فتحت عينها.. لتجد نفسها على سرير المستشفى... وبقربها جدتها تمسح على شعرها..وعمتها في الطرف الاخر تقرا القران ..
وبعد ايام علمت ان الذي قطع صوت ضحكاتهم... هو اصطدام سيارة احدهم بسيارة والدها وجها لوجه... ونتج عن هذا الحادث وفاة والديها واخيها عامر... ونجت هي بعد ان قضت اكثر من شهر في غيبوبة لا تعي لما حولها ولا للمصيبة التي حلت بها.
مسحت دموعها...وهي ترفع جسدها لتستند على واجهة السرير..
ليت الامر توقف عند هذا ...فان كان وفاة افراد اسرتها في الحادث قد جعل منها وحيدة وحزينه... الا ان ما حدث بعد ذلك جعل منها بقايا فتاة.. اذاب كل مشاعرها واحساسها بكل ما هو جميل في هذه الدنيا... تشعر بغصة تخنقها كلما عادت بها الذاكرة لتلك اللحظات المؤلمة...
لم تفقد نورس اسرتها الصغيرة..الا انها فقدت قدرتها على المشي...
تتذكربانها وقتها لا تعي لحقيقة ما حدث..فكل شئ حدث بسرعه.. الحادث..وفاة اسرتها...
عدم قدرتها على المشي..انقطاعها عن الدراسه... انتقالها للعيش مع عمتها وجدتها...
كل هذا حدث خلال ايام قليله...لكنهاا كانت عن ايام عمرها كله...كان كالف سنه او اكثر....
لا تتذكر انها نامت ليلة دون ان تغرق في البكاء..رغم اهتمام وحنية عمتها وجدتها... الا ان هناك ما يجعلها تفقد الاحساس بالحياة...
بعد الحادث بشهور.. تسلمت نورس مبلغ كبير ما هو الا تعويض عن التسبب في وفاة افراد اسرتها الصغيرة وعن ما الم بها اعاقة... كم شعرت بقسوة الحياة لحظتها هل من المعقول ان يعوضها هذا المبلغ عن حرمانها من حنان امها ودلال والدها لها...وشوقها لشقاوة عامر وهل يعوضها عن لهفتها لرؤية اختها الجديدة...
قد تكون نورس استسلمت لحظتها للكرب التي المت بها الا ان كل من حولها معارفها واصدقاء العائلة بالاضافه الى اسرتها الجديده العمة فريده وجدتها قد وجدوا ان الحل لاعادة البسمة لروح نورس هو علاجها عن الاعاقه... لتمارس حياتها بشكل طبيعي وتتاقلم مع ظروفها اكثر..
تذكرت كيف اخبرتها عمتها بقرارها بانها سوف تذهب معها للعلاج في الخارج بتوصية من الدكتور الذي يتابع حالتها.... كانت جدتها وعمتها متحمستان لعلاجها وبالمقابل هي لا تبدي اي اهتمام لحالتها او علاجها....فليس هناك ما يستحق العيش من اجله...
فتحت نورس رفيقها الدفتر ذو الغلاف الازرق الداكن.... ولا اراديا وقعت عينها على الصفحة الاكثر الما في حياتها. ذكريات رحلتها للعلاج في المانيا..برغم ان بريق للامل في السطور الاولى الا ان الصفحات التي تليها مباشرة تحمل على سطورها مقتل هذا الامل....
واخذت تقرا سطور ذكرياتها التي كانت احاديث مراهقه لدفتر مذكراتها.. تتالم كلما قرئتها لكنها اعتادت على هذا الالم شئ يشدها لهذه الصفحات وكأن عقلها الباطن يقول لها لا تنسي ابدا ما جرى لك هناك.. لقد استعادت قدرتها على المشي..ولكنها فقدت شئ اكبر من قدرتها على المشي....
واخذت تقرأ....
(( رفيقي العزيز كم لدي الكثير لاخبرك به وصلت المانيا برفقة عمتي فريدة... كم هي متحمسه لهذه الرحله...العلاج ليس لي فقط..وانما لها ولجدتي..اشعر بان نجاح العملية قد يعيد الفرحة لقلبيهما..وهذا سبب وجودي هنا بما ان نجاح العملية او فشلها لا يعني لي انا شيئا..
المستشفى كبير..وكلمة كبير قليلة عليه... كم هو واسع وغرفه واسعه..و متصل به مبنى عبارة عن فندق لمرافقين المرضى... ارى جميع الجنسيات,,, لابد ان العالم كله يقصده للعلاج...
اخذوني ولكن لست وحدي انا والكرسي المتحرك... فقد اصبح صاحبي منذ شهور مرت علي كسنوات طوال....
ادخلتني الممرضه غرفة واسعه... واول ما رايت نافذة كبيرة تطل على الحديقة وسرير واسع يتوسط الغرفه..وهناك اريكة قريبه من النافذة وامامها طاولة صغيرة...
واضح على ملامح عمتي فريدة الارتياح..وهذا المهم..قد استمد جزء من الراحه من ملامحها الحنونه...اي قلب تحملين يا عمتي... قلب احن على الناس من نفسك..رفضت كل من طلب منك الزواج لتبقي لرعاية جدتي..لا ترغبين في تركها وحيده..واضافه على هذا بدات في حمل هم مرضي وعجزي ...
تركتني عمتي وذهبت تبحث عن هاتف دولي لتتصل لجدتي لتخبرها بوصولنا ...
هذا اول يوم لي في المستشفى.وانا اشعر بشئ من الامل نعم بصيص من الامل بان اعود لجزء من سعادتي السابقه ,,نعم جزء منها وليس كلها ..فكيف لي ان اسعد بدونكم اسرتي الحبيبة...))
(( معك فقط دفتري العزيز احس بالالفه لاني اشعر باني ضائعه هنا وسط حديث الطبيب مع الممرضات..لست افهم اللغه التي يتحدثون بها... ولكن انقذني من هذا الموقف هذا المترجم العربي الاصل... انه يرافقني عند زيارة الدكتور لي ويقوم بترجمة حديثه معي.. اعتقد ت انه موظف هنا في المستشفى..الا اني علمت بالصدفه من عمتي انها هي من اتفقت معه على مرافقتنا ومساعدتنا في فهم ما يقوله الطبيب ... لم اعلم انك قادرة على تدبر هذه الامور يا عمتي..فكل يوم اكتشف فيك شئ جديد ورائع))
((صباح الخير دفتري العزيز مضى اسبوعا في هذه الغرفة وقد ضاقت علي الان لطول بقائي بها.. فلا اخرج منها الا من اجل الذهاب لغرفة الاشعه.. او العلاج الطبيعي.. او لغرفة الفحص. رغم ان عمتي تبقى معي طوال اليوم ماعدا اوقات الصلاة ونومها فانها تذهب لغرفتها القريبه في المبنى الملاصق للمستشفى المخصص لمرافقي المرضى. وتبقى الممرض المناوبة لرعايتي بغياب عمتي ووجودها كذلك))
(( خبر رائع دفتري العزيزوعدتني عمتي اليوم بان نتناول وجبة الغداء في مطعم المستشفى... اسعدني ذلك... وطلبت منها تبدل لي ملابس المستشفى... لقد البستني فستان ابيض تزينه ورود حمراء صغيرة...جعلني ابدو فتاة كبيرة... واسدلت شعري الاسود على كتفي ... وستاتي بعد قليل لاخذي بعد ان تستاذن من الممرضة المناوبة... وعندما ان اعود اخبرك بما هو جديد...))
(( اشتقت اليك دفتري العزيز... اخبرتك باني ذاهبة اليوم لتناول الغداء ... شعرت بشئ من الحرية وانا اجول ممرات المستشفى برغم اني على الكرسي المتحرك.... الى ان وصلنا الى بهو واسع تتوزع فيه طاولات مجهزة لتناول الطعام .... ونهاية البهو مفتوح على الحديقه ..والذي تتوسطه طاولات الطعام...
طلبت من عمتي ان تصحبني قرب الحديقه اريد ان استمتع بمنظرها.... اخذتني الى هناك و ذهبت هي لطلب الطعام.. هل اخبرك بسر..طبعا كل ما اكتبه لك ما هو الا اسرار بيننا لا يمكن لاحد ان يطلع عليها..وسرنا الجديد..
.نظرات ذلك الشاب الذي كان يجلس امامي... لم انتبه اليه في البداية...ولانه كان يلاحقني بنظراته صرت استرق النظر اليه... كانت برفقته امراءة كبيرة في السن جالسه على كرسي متحرك....
لابد انه مرافق لها..قد تكون والدته... وقف فجاة ليقرب صحن الطعام لها كان طويلا وشعره بني طويل نوعا ما .. عيناه واسعه ذات رموش طويلة... كل هذا لاحظته في لحظة واحدة نظرت فيها اليه.. لا اعلم مالذي جعلني امسح بيدي على شعري ربما كنت اطمئن بان يبدو مرتبا...
حتى حضرت عمتي ويرافقها الجرسون وقد وضع الاكل على الطاولة لا يمكنني ان اخبرك ماذا اكلنا فبرغم من احساسي بالجوع قبل دقائق ولكن نظرات ذلك الشاب جعلتني افقد رغبتي بالاكل..
بعد لحظات من قدوم عمتي انصرف هو مع السيدة التي يصاحبها لكن دون ان يلتفت لي..ربما يكون قد فعل ذلك لكني لم انتبه... يا ترى لماذا عقلي مشغول بكل هذا؟؟؟))
(( دفتري العزيز كم انا مرعوبة... حدد الطبيب العملية بعد اسبوع من اليوم...
لا اعلم لم هذا الشعور الذي انتابني فجأة .. نسيت ان اخبرك ان الشاب الذي حدثتك عنه اسمه ناصر و اننا من نفس البلد؟؟... كيف عرفت اسمه؟؟؟
الان ساخبرك...في الصباح كانت الممرضة تصحبني لغرفة الفحص وبرفقتنا عمتي فريدة ... وقبل دخولنا الغرفة خرج هو منها .... مع والدته... لقد حيتها عمتي..سمعتها تحادثها ( اهلا ام ناصر كيف حالك؟؟) لا اعلم ما الحديث الذي دار بينهم لاني رفعت نظري اليه ورايته مشغول في الحديث مع الطبيبة... لا اعلم اذا انتبه الي...
برغم ان عمتي تحدثت اليه سمعتها تقول له( الله يجزاك خير على اهتمامك بوالدتك يا ناصر) اجابها بابتسامة فقط لم اسمع حتى صوته... ليس هذا فقط الذي ازعجني هناك امر اخر كنت ارتدي لباس المستشفى الابيض الواسع كم اكرهه لاني ابدو به كالعجوز...وشعري لم يكن مرتب...
لكني لا اعتقد بانه انتبه لوجودي اصلا... اذا لماذا كان ينظر الي وقت الغداء؟؟؟ ولم شعرت بقلبي وكأنه سيخرج من بين ضلوعي عندما رايته ..ويدي بقيت في حضني ترجف بشكل ملحوظ؟؟؟ شعور غريب...
حاولت ان اعرف اكثر عنه من عمتي لكن لم استطع ان افتح معها الموضوع فقط سالتها(هل تعرفين هذه السيدة؟؟) اخبرتني باختصار( تعرفت عليها هنا كم نشعر بالالفه عندما يلتقي اهل البلد الواحد).... ))
(( سعيدة سعيدة سعيدة..كم انا سعيدة. يا رفيقي العزيز... لاول مرة من بعد الحادث اشعر برغبة في الحياة ..واتمنى ان اعود لبلدي وقد تغلبت على اعاقتي... هناك شئ غريب في صدري..
منذ ان التقيت به و لمحت نظراته لي...وكل ما تذكرته... اشعر باني اريد ان اعيش من جديد وابحث عن الحياة .. يارب تنجح العملية واعود لبلدي انسانه طبيعية..كباقي الفتيات...
من فرط سعادتي نسيت ان اخبرك ..لقد تحدث معي اليوم..ناصر..نعم ناصر . التقيت به... مر بالقرب من الطاولة التي اجلس عليها في البهو ومعه والدته..اوقف والدته قرب الطاولة التي اجلس عليها حيتني و سالتني عن عمتي فاخبرتها انها تطلب لنا الغداء...
ارتبكت كثيرا لانه كان ينظر الي... قرب كرسي والدته لطاولة القريبه مني تكلم معها وانصرف ... كنت انظر الى قدميه وهي تقترب تقترب اكثر مني.. حتى توقف قربي..(هل تحتاجين للمساعدة؟؟) ارتبكت كثيرا..وضعت يدي على شعري كعادتي كلما رايته..(لا..شكرا عمتي معي) .. ما زلت انظر الى الارض.. الى قدميه ..
..سمعته يقول( هل هناك من يرافقكما؟؟) اجبته بهدؤ بعد ان رفعت نظري اليه ( لا..لا انا وهي فقط) كنت احدثه بنبرات هادئة حزينه لا اعلم لم سؤاله اثر بي كثيرا... شعرت باني وحيده وسط عالم كبير..
(نسيت ان اخبرك..اسمي ناصر...) كان يقول اسمه وهو مبتسم لي .. ونظره علي قد ينتظر ان اخبره باسمي.. شعرت وقتها اني نسيته او ربما ضاعت حروفه... تداركت نفسي (نورس اسمي نورس..)..(نـــوورس) وهو يمط في الاسم وكأني اسمع اسمي لاول مرة .
.لحظتها وصلت عمتي تحمل كوب العصير والجرسون يحمل باقي الطلب... كانت يدي ترجف لم استطع حتى ان امسك بكأس العصير بعد ان قربته عمتي الي وهي تحدثه..ولا اعلم حتى ما الحديث الذي دار بينهما.... حتى انصرف... رفيقي العزيز بقدر ما اشعر بشئ من الامل الا ان الخوف بدأ يعتريني ..اني خائفه من ما هو قادم ....)
((رفيقي العزيز .. مشاعر كثيرة تجول في صدري لا اعرف ما هي وكيف لي ان افسرها.. خوف من شئ جديد.. اشعر ان امر جديد سيحصل معي منذ ان وصلت لهذا البلد..لا اعلم هل ستنجح العملية..واعود لبلدي؟؟؟ واعيش حياة طبيعية؟؟لا اعلم لم تغير تفكيري لهذه الدرجة ...
وناصر نعم ناصر الذي صار يشغل عقلي يوما بعد يوم..احساس غريب يعتريني كلما رايته او تذكرت نظراته لي..انه نادرا ما يحدثني فقط ينظر يبتسم واحيانا يحيني..
. لا اعلم لم اشعر ان يدي ترجف كلما لمحته وابدا في النظر لما ارتديه وكأني لست انا..دائما اريده ان يراني جميله.. فأصبحت ارفض لباس المستشفى الابيض الواسع.
لا احب ان يراني به ..كذلك اهتم بتسريح شعري بنفسي... لم اريده ان يراني جميله دائما؟؟))
(( رفيقي العزيز .. اليك سر جديد لا يمكن ان ابوحه لغيرك... لقد التقيته قبل قليل عندما كنت خارجة من غرفة الفحص كانت الممرضة ممسكة بالكرسي المتحرك.. اوقفني نادني باسمي..(نورس) كم هو رائع اسمي..
توقفت الممرضه عن دفعي.. وتقدم هو لي اكثر..كان يحمل في يده وردة اختلط اللون الاصفر بالابيض .. (كيف حالك؟؟) ..اجبته بتردد(بخير الحمدلله) انتبه لي وانا انظر للوردة التي في يده..رفعها الي (هذه لك..) وهو يبتسم ... زادت الرجفه في يدي لم استطع ان ارفعها لاخذ الوردة.. الا انه اقترب اكثر ونزل لمستواي ..
والتقت نظراتنا لحظتها(هل تسمحين لي) ووضع الوردة في شعري خلف اذني.. رفيقي العزيز لا اعلم مالذي حدث.. شعرت بحرارة تسري في جسدي.. وهو يقترب لقد شعرت بانفاسه قريبه مني...اغمضت عيني بسرعة..ولا ادري ماذا قال بعدها او ماذا حدث.. انتبهت الى الممرضة وهي تقول لي (كم هو لطيف صديقك ..لنذهب للغرفة الان)...
اماهو فقد انصرف... لم اره لابد انه خلفي.. لا يمكنني ان التفت للخلف وانا مقعده على هذا الكرسي اللعين.. لم اشعر بالكره اتجاهه الا الان بالرغم رفقته لي منذ شهور طويله....))


*الموجة الثانية *

وضعت دفترها ورفيق ذكرياتها تحت الوسادة..واغمضت عينيها.. لن تقرا باقي ما كتبته..لان ماحدث بعد هذا مازال محفور في الذاكرة...اكثر من اي شئ اخر..قد تنسى شئ من ما حدث في الحادث الذي فقدت فيه اسرتها..لكن ما حدث في المانيا لن تقدر لم محوه عن ذاكرتها..ولن تحتاج لان تقرا ما خطه قلمها وقتها..لانه بذاكرتها صوت وصورة لكل ماحدث بعد ذلك... وبدا شريط الذكريات المؤلم...
سمعت طرق على الباب.. باب غرفتها في المستشفى...من قد يكون..عمتها لابد انها غارقه في النوم والممرضه لا تستئذن لدخول....
نورس (من الطارق؟؟)
صوته جعلها ترتبك (انا..انا ناصر)
لم تستوعب نورس ما سمعته...
ناصر(هل تسمحين لي؟؟)
اخذت تتلفت حولها لاتدري ما عليها ان تفعل...نظرت لنفسها وما ترتديه..لباس نومها اختلطت به اللونين الاصفر والبرتقالي و تتوسطه صورة ميكي ماوس...وبحركة سريعه ادخلت اصابعها بين خصلات شعرها الناعم..ورفعته بالمشبك كالنافورة...
ناصر من خلف الباب( اسف ..ازعجتك..تصبحين على خير)
نورس تتدارك نفسها( اهلا ناصر تفضل)
دخل ناصر غرفتها..رفعت نظرها اليه لا تصدق ما تراه... هل حقا قدم لزيارتها...
ناصر وهو يتقدم نحوها(هل كنت نائمة؟؟)
بارتباك واضح عليها(لا..لكني لم اعتد على زيارة احد )
وهو يضم كفيها ببعضهما(اعتذر ان ازعجتك)
وقد ارتفعت نبرة صوتها(لا لم اعني ذلك... تفضل بالجلوس)
لا تعلم مالذي حدث لكنها شعرت بهدؤ غريب وصارت تتحدث معه بتلقائية...
ناصر:(متى موعد العملية؟؟؟)
نورس:( بعد ايام قليلة..وماذاعن والدتك؟؟؟)
ناصر وهو عينيه تتامل وجهها:(لم تحدد العملية الى الان تحتاج الى وقت فهي لم تكمل باقي الفحوصات)
واكمل:(لقد كنت مار قريب من غرفتك ورايت اسمك المميز... فخطر ببالي ان ازورك..لم اعلم انك وحدك ..كنت اعتقد ان عمتك معك...)
نورس:(عمتي تعود لغرفتها في مبنى قريب للمستشفى لترتاح..لكنها تحضر مبكرا..وتفطر معي..)
(نعم نعم انه المبنى المخصص للمرافقين... انا كذلك اسكن فيه..ولكن افضل ان ابقى اكثر الوقت بالقرب من والدتي... لا اطمئن عليها الا وهي معي ... وان انشغلت عنها لاي سبب يبقى فكري معها..اخشى ان تحتاج لشئ وانا بعيد عنها... لا احبها ان تطلب من احد غيري..)
كان يتكلم عن والدته بكل حب... وكأن العناية بها شئ ممتع..لم يكن يتذمر او اي شئ من هذا القبيل...
نورس نست كل ما حولها وابقت كل حواسها له...شعور غريب ينتابها ان نظر اليها فكيف ان زارها وتحدث معها؟؟؟؟
قطع الصمت بقول:(لابد ان اذهب ربما تحتاجني والدتي)
بارتباك نورس: (نعم ..نعم بلغها سلامي)
خرج من غرفتها... بعد ان خدرها بكلامه واهتمامه..لم تستطع النوم..بقيت تعيد كل ماقاله..وكيف كانت نظراته اليها..واهتمامه بها... اخذت نفس عميق..وخطر ببالها..هل هذا من سيعوضها عن فقدانها لاسرتها.... لم تخبر عمتها بزيارتها..شعرت ان هذا من خصوصيتها,,عليها ان تحتفظ بها لنفسها ...
ورغم انها ترغب بمعرفة المزيد عنه ...الا انها فضلت الصمت على ان تسأل عمتها... لا تريدها ان تشعر باهتمامها نحوه ... وخاصة انه ليس هناك مالذي يربطها به .... سوى كلمات ونظرت ووردة زين بها شعرها.... كانت تريد ان تعرف كل شئ عنه منه هو...
وفي الليلة التالية..انتظرت منه زيارة اخرى... نظرت لساعتها انها العاشرة مساءا..البارحة قدم قبل هذا الوقت..لكن لم هي في انتظاره؟؟لم يوعدها بتكرار الزيارة..شعرت بانقباض بقلبها قد يكون شئ من الحزن او الخوف .. لا تجد تفسير لمشاعرها....
اخذت دفتر مذكراتها هو الوحيد الذي تبيح له بما يجول بقلبها..وقبل ان تفتحه... سمعت طرقا خفيفا على الباب...
بحركة سريعه اعادت الدفتر مكاانه..( من الطارق)
ناصر(انا ناصر ..ازعجتك؟؟)
نورس وهي تبعد خصلات شعرها عن وجهها.. (تفضل ناصر..)
دخل عليها . لقد كان يلبس قميص ابيض بكم قصير وبه نقوش زرقاءناعمة مع بنطال جينز ازرق... وبدى شعره وكأنه رطب او مبلل بالماء,,وكانت رائحة عطره تفوح في المكان..واضح انه مهتم بمظهره كثيرا.
.كما سعت هي ان تهتم بمظهرها مع احتمال زيارته لها ..كانت ترتدي لباس نوم قصير ذو كم طويل من الحرير.. بلونها المفضل وهو الزهري.. واسدلت شعرها الاسود الطويل ..
وغطت ساقيها بمفرش السرير الابيض.. .. تقدم ناصر نحوها وهو ينظر اليها بتمعن( اعذريني نورس اعلم انه وقت متاخر.. لقد كنت ذاهب لوالدتي بعد ان اخذت وجبة عشائي لاتناولها معها..لكنني وجدتها نائمة...)لم تنبه الى الكيس الذي بيده الا بعد ان اخبرها...
ابتسمت له(الم تتعشى الى الان؟؟)
اخفض صوته وهو يقترب اكثر...( لا ..يا نورس... لقد انشغلت مع والدتي طوال اليوم ..وذهبت لارتاح قليلا..ما هي الا ساعه نمت فيها حتى فزعت لاطمئن على امي.. تعلمين ليس لها احد الا انا ... اخذت عشائي الذي لم يسعني الوقت لاتناوله ..ولكني وجدتها قد نامت...)
بقيت صامته لا تعلم ما عليها ان تقول....
ناصر وهو يشير الى الكنبه: (الن تسمحي لي بالجلوس ام علي ان انصرف..)
نورس بارتباك:( طبعا لا..اقصد تفضل..)
جلس على الكنبة ووضع الكيس على الطاولة الصغيرة القريبه منه...
اخذ ناصر مكانه على الاريكه بشكل مريح..ونظره على نورس(هل تناولت عشائك)
نورس :( بصراحه .. لم يعجبني ما احضروه لي اليوم..كم اكره اكلهم .وخجلت ان اطلب من عمتي ان تحظر لي وخاصه ان الارهاق بدى عليها .. ففضلت ان اكتفي بعصير ..)
ناصر: ( هل يعني اني وجدت من يشاركني الوجبة..اكره الاكل وحدي...)
نورس بخجل:( لا ..لا ارغب في الاكل الان..)
ناصر وعينه على الكيس: (اذا احمل عشائي وانصرف..)
نورس: (لا..اعني تناوله هنا معي)
ناصر وهو يبتسم: (بشرط ان تشاركيني.. اعلم ان الوقت متاخر لتناول العشاء لكنها فطائر خفيفه..ستعجبك )
لم تجبه نورس اكتفت بابتسامة.. الا انها تفاجأت به يتقدم نحوها..(ولكن كيف تشاركيني وانت على السرير؟؟؟) نظرت نورس اليه باستغراب...(لا يمكنني...) وقبل ان تكمل كلامها...
ناصر:( اسف لم اعني ذلك ..يمكنني ان اساعدك..)
نورس لا تعي لما يقول او بماذا يرغب بالضبط...
اقترب منها اكثر.. ونظر لعينيها... (نورس حبيبتي....)توقف عن الحديث وشعرت هي بسرعة نبضات قلبها...وبحرارة تسري بجسدها
ناصر يهمس لها..(هل تسمحين لي ان اناديك حبيبتي...)
مازالت نورس غارقه في صمتها....
اكمل ناصر حديثه( نورس انا احبك..نعم احبك..منذ ان رايتك اول مرة..اعلم انها فترة قصيرة... لكن في كل مرة المح الحزن في عينك يكبر هذا الشعور بداخلي.. )
اقترب منها ..وعينها على كفيها التي بدت ترجف في وسط حضنها... اغمضت عينها ..وكل ما شعرت به انه يحملها بين ذراعيه متجه نحو الكنبة...لا تدرك ما يحدث ..
شئ بداخلها يرفض ما يحدث معها ..لكنها لا تعلم لم لا تقوى على ابداء اي ردة فعل..كل ما شعرت به ان ليست ساقيها فقط المصابة بالشلل انما كل حواسها....
انزلها على الاريكة.. جلس بقربها... ودون ان يلتفت لها فتح الكيس الذي امامه..( سوف نتشارك في الاكل..وفي كل شئ منذ هذه اللحظة... مارايك؟؟)
هدأت قليلا..هزت راسها بالايجاب... اخذ قطعه من الفطيرة وقربها من فمها..( تذوقيها ستعجبك...) اخذتها من يده..وابقتها في يدها..
ترك ما في يده ..(هل تخجلين مني؟؟)
انزلت نورس نظرها للارض..لا تعرف ماذا تقول..انها حقا خجله.. ولكنها لم تقوى على الاعتراض على اي شئ يقوله..
وهو ينظر اليها(كم انت رائعه..احبك نورس... هل توقعت شعوري هذا اتجاهك..اريد ان اسمع صوتك..)
وهي تحرك قطعة الفطيرة الصغيرة باصابعها ..اجابته وكأنها تهمس له( لم اتصور كل هذه المشاعر)
وهو يلاعب خصلات شعرها...(ماذا عنك..الن تخبريني بمشاعرك..ام انك لا تبادليني نفس المشاعر؟؟..)
وبدون تردد(لا تقل هذا...)وصمتت
ابتسم لها (هل افهم انه شعور متبادل؟؟)
نظرت لعينيه ولم تعي لما حولها..بعد ان وقعت قطعة الفطيرة من يدها..
تسترجع نورس هذه اللحظات المؤلمة وهي تجهش بالبكاء... وضعت يدها على فمها حتى لا يرتفع صوت بكائها اكثر... تذكرت كيف اغرقها في الحديث عن مشاعره وحبه لها,,,ولهفته عليها.. حتى استسلمت لكل رغباته... وهذه بداية النهاية لها...
رفع راسها لينظر اليها....دون ان يتكلم. حملها بين ذراعيه .. واعادها الى السرير.. وهو يداعب خصلات شعرها ..همس في اذنها احبك اكثر الان.. وهي جامدة مكانها لا تعي ما حدث بينهم .. الى ان اختفى من امامها..

*الموجة الثالثه*


ايقضها من الماضي طرقات على الباب..
العمة فريدة( نورس حبيبتي... هل انت مستيقظة؟؟؟ اذن الفجر)
نورس وهي تمسح دموعها (نعم عمتي ..ساجهز للصلاة ..)
رفعت نورس جسدها من على السرير وبخطوات متثاقله اتجهت نحو الحمام... بعدها خرجت منه وكانها قد ازاحت جزء من ارهاقها والمها بعد استحمامها...بدأت تجفف شعرها بالمنشفه وهي ترتدي بيجاما زهرية.. كم تعشق هذا اللون... كانت جدران غرفتها باللون الابيض ما عدا الجدار الذي خلف السرير زينته بورق جدران مخطط بدرجات اللون الزهري..وكذلك مفرش السرير واكسسوارات المكتب ..والكنبه الصغيرة ... وكل الدمى القطنية الموزعه في غرفتها باللون الزهري... مازالت تشعر نفسها طفله تجمعهم حولها ان ضاقت بمن حولها...
رفعت شعرها بعد ان جففته..مسحت قطرات ماء نزلت من شعرها على جبهتها..جلست بضعف على الكنبة الصغيرة..وعاد بها شريط الذكريات..عندما اخذتها مساعدة الممرضة للحمام تساعدها على الاستحمام.. كانت تشعر بانها تغسل ما ارتكبته من جرم في حق نفسها واهلها والاكثر اتجاه ربها... وحتى عندما انتهت من الاستحمام..كانت تجد هذا الجرم مازال ملتصق بها...
خرجت مساعدة الممرضة من عندها ومباشرة دخلت عليها عمتها...تقدمت نحوها قبلتها على خدها كعادتها...نظرت اليها وهي تمسح على شعرها..(مابك نونو الم تنامي؟؟)
لم تكن نورس قادرة لحظتها على الرد..ما كانت تريده ان ترتمي في حظن عمتها وتفضي ما في قلبها... شعرت بها عمتها ضمتها الى صدرها( اعذريني نونو تاخرت عليك هذا الصباح... لا اعلم ماالذي جرى لي البارحه رغم الارهاق الا اني لم استطع النوم... وبكرت بالخروج كي الحق على الحاجة ام ناصر )
ابتعدت نورس عن صدر عمتها ما ان سمعت اسم ناصر...ولا اراديا... (مابه ناصر اعني مابها ام ناصر)
اطمئني ليس هناك ما يقلق..لكنها اخبرتني قبل يومين ان عمليتها تاجلت لظروف خاصة بها...وستعود هذا الصباح للبلاد؟)
وبصوت عالي( تاجلت؟؟؟ وستعود للبلاد؟)
العمة فريدة بهدؤ( لقد سافروا في وقت مبكر... اعلم ان فكرة العملية توتر اعصابك لكن لا تخافي الطبيب طمئنني..وغدا الساعة العاشرة سيدخلونك غرفة العمليات )
لا ادري ماجرى..بعدها فقدت الاحساس بكل شئ..حتى عمتي لا استطع رؤيتها..رغبت في الاستلقاء وان ابقي عيني مغمضة. وبدات اشعر بحرارة كالجمر تسري في دمي..وددت ان اصرخ ... اصرخ بقوة اعبر عن كل ما بداخلي ..لكن ليس لي الا ان اصمت..واكتم كل شئ .وادفن ما حدث معي في قلبي بعد ان سافر وتركني..لا لم يسافر لقد هرب وتركني بمصيبتي... تركني اواجه ما حدث وحدي... كان يعلم بموعد عودته للبلاد وبتاجيل موعد العملية... لكنه لم يخبرني... كان يستغفلني... لقد استغل كل الظروف ليفرغ عن رغباته..
وبضعف واضح وقفت وهي تمسح الدموع من عينيها ..وارتدت لباس الصلاة... واتجهت نحو القبله... انها اللحظة الوحيدة التي تشعر فيها بالراحة والاطمئنان....وما ان انتهت من الصلاة... رمت نفسها على السرير تحاول ان تنام...
(لم اتصور انه قد مضى كل هذا الوقت) ... نورس وهي تضع كلتا كفيها على ركبتيها ضغطت بقوة.... ( الحمدلله الذي شافني بعد ان ابتلاني) قالتها بصوت حزين..رفعت ركبتيها واسندت وجهها عليها... وعادت للبكاء.... تبكي بحرقة..كل لحظة تتذكر فيها الماضي...وكل ما حولها يذكرها..هذا ما يجعلها طوال الوقت في حزن دائم... لا احد يقدر على تفسيره....
بعد يوم واحد من ما حدث..أدخلت غرفة العمليات..وبقدر ما كانت تتمنى ان تعود لبلدها فتاة طبيعية...خاصة بعدما تعلقت بنظرات الشاب ناصر... الا ان اللحظات التي تسبق دخولها غرفة العمليات ..كانت تتمنى بداخلها ان يقبض الله روحها..كانت تتمنى الموت على ان تعود لبلدها تمشي على قدميها وفاقدة اغلى ما تملكه اي فتاة....
عمتها بقربها تقرا عليها بعض الايات والادعية... وحتى بعد دخولها بقيت عمتها تدعو لها ..كما كانت جدتها تذكرها بكل وقت وعند كل صلاة...
واستجاب الله دعاء العمة والجدة.... نجحت عملية نورس..وبقيت لمدة اسبوعين اخرين من اجل العلاج الطبيعي....
وعادت للبلاد..استقبلها الجميع ...كم فرحوا لعودتها ... كانت تمشي على قدميها الا ان حالتها النفسية اسؤ من قبل..غلب على ظنهم وحدتها وفقدانها لاسرتها سبب حزنها الدائم. ولكن لا احد ممن حولها يدرك ما بها...
استلقت على جانبها الايمن ..تتمنى ان يغلبها النعاس ... وكعادتها بدأت تلوم نفسها ...
تذكرت جدتها كيف كانت تحن عليها..تريد ان تعوضها حنان وحب والديها..حتى قبل وفاتها.كانت تحب ان تدللها...وتطلب منها دائما ان ترى ابتسامتها..(((كم اسعد عندما اراك مبتسمة وسعيدة))) عبارة تكسر قلبها كلما تذكرتها..لانه لم تكن قادرة حتى على اظهار السعادة لمن حولها...
هل استحق ؟؟؟الاهتمام؟؟ تضحيات عمتي..؟؟؟ نعمة الشفاء؟؟؟ بعد ان اضعت اغلى ما عندي؟؟؟ سلبني ا اغلى ما تملك الفتاة وغادر... رحل بعيد عني ..دون ان اعرف عنه شئ سوى اسمه..ناصر...

**الشاطئ الثاني**


*الموجة الاولى*

ازعجها صوت المنبه...لم تكن قادرة على ايقاف صوته المزعج... حاولت فتح عينيها لترى الوقت... دققت بنظرها للساعه.. السابعه والنصف..وبسرعة تركت سريرها..
واخذت تجهز نفسها لذهاب لجامعة.. خرجت من غرفتها بخطوات سريعه... كانت ترتدي قميص ابيض عليه جاكيت كحلي..وتنورة كحلية واسعه..وغطت شعرها بوشاح اسود...اعتادت على هذا النوع من اللباس..... ولطالما فضلت الالوان الكاتمة ... كما اعتاد الجميع ان يراها هكذا ..
العمة فريدة تطل عليها من باب المطبخ( لم كل هذه العجلة)
نورس ( صباح الخير...اسفه لقد تاخرت كثيرا)
العمة فريدة (الن تفطري... كوب حليب على الاقل)
نورس وهي تشير لساعة يدها (لا ..ليس لدي وقت ..سافطر في الجامعه..لا تقلقي..)
العمة فريدة (كما تريدين..انتبهي لطريق لا تسرعي...)
نورس وهي تهم بالخروج..(حاضر عمتي )
اتجهت نحو سيارتها السوداء... كم هي دافئة في الشتاء ولكن مع حرارة الصيف لا يمكنها حتى لمس طرف المقود... فتحت الراديو على قناة القران.. كما هي معتادة ..
كم تشعر براحة نفسية غريبة.رغم كل همومها واحزانها .. ليس هناك ما تفعله سوى الدراسه ..لم تتوقف عنها... لانها الشئ الوحيد الذي يشغلها عن الحياة ومشاكلها...
لم تكن تسعى للعمل... الدراسة والدراسة فقط.. فهي تعتمد على مدخول شهري لاجار بناية كان يمتلكها والدها بالاضافة مبلغ من ما حصلت عليه تعويض بعد الحادث ولكون المتوفين ثلاثة افراد فكان مبلغ التعويض كبير..
وكذلك مخصص شهري من حقوق والدها في العمل.. وبذلك يكون وضعها المادي لا بأس به وتعلم ان عمها ابو عبدالله الذي يعمل بالسلك الدبلوماسي يرسل لها ولعمتها مبلغ بين فترة واخرى. ومع حب عمتها واهتمام عمها فان كل الظروف من حولها لابد ان تجعل منها فتاة متفائله لكن يبقى الحزن على قسمات وجهها لا يخفى عن اي احد..ولكن الكثير يفسرونه بالغرور والتكبر وهذا لا يعني لها شيئا ..
اوقفت السيارة... نزلت منها متجهه بخطوات واسعه نحو المدخل كأي طالبة تأخرت عن موعد محاظراتها.. اخرجت البطاقة الجامعية من محفظتها وادخلتها في الجهاز عند المدخل لتسجيل الحضور.. سحبت البطاقة وهي تقول بصوت منخفض( سجل تاخير للانسة نورس يا ذكي) ..سمعت ضحكات مكتومة خلفها..التفت لترى من خلفها... ( وتاخير اخر للانسة رجاء )...
نورس( رجاء لم التاخير اليوم؟؟)
رجاء وهي تسحب بطاقتها من الجهاز( ولم كل هذا الاستغراب لابد انكم تعودتم على تاخيري..انت اخبريني مالذي حدث لتفعليها وتحضري متاخرة ... التاخير ليس من عادتك)
نورس وهي تتقدم نحو المصعد( لا شئ ..)
وقفتا امام المصعد..لحظتها سمعتا صوت خطوات احدهم يتقدم....(اهلا بنات)
رجاء باستغراب( اهلا حسن.. متاخر؟؟)
حسن وهو يضبط ربطة العنق ( من يتكلم ؟؟رجاء تسال عن التاخير؟؟)
رجاء تقلد على صوته( رجاء تسال؟؟) ...
قطع حديثهم جرس باب المصعد... دخلت نورس ورجاء وتبعهم حسن....
كانت رجاء زميلتها وصديقتها الوحيدة. .اما حسن زميلهم عرف بحسن اخلاقه كانت رجاء تتعامل معه بعفوية فهو انسان محترم ومحبوب ...
اما نورس فهي بعيده كل البعد عن اي حديث او لقاءات بعيدة عن الدراسة..ليس مع حسن فقط وانما مع جميع زملائها وزميلاتها ما عدا رجاء ..فهي قريبه منها كثيرا... وقد تكون صديقتها الوحيدة..وكثيرا ما يتزاورون...واعتادوا على الخروج معا.
رجاء وهي تضم كتبها لصدرها (نونو لم كل هذا الصمت..الم تعتادي للان على الحديث مع حسن)
نورس ( رجاء ارجوك لا تناديني نونو هنا...هذا اولا
رجاء دون ان تلتفت لها(وثانيا.....؟؟؟)
نورس وهي تتوقف امام باب غرفة المحاضرات (وثانيا لابد ان تكوني اعتدتي على طبيعة تصرفاتي... فليس هناك ما يجعلني احادثه بمواضيع خاصه فيني او اي شئ بعيد عن الدراسة...)
رجاء وهي تضع طرف اصابعها اشارة لها للسكوت
ودخلوا بهدؤ للمحاضرة متاخرين... نظر لهما الدكتور من طرف عينه بعد ان انزل النظارة باصبعه...
التفتا له وبهدؤ نورس( اسفه على التاخير)
وقبل ان تعلق رجاء...
اشار لهما بالجلوس....
.................................................. ........
كانت العمة فريدة مسترخية على الكنبة ..كعادتها في ضحى كل يوم وهي تلبس نظارتها الطبية وبيدها المصحف... سمعت رنين الهاتف... بهدؤ وضعت المصحف على الطاولة وتقدمت للهاتف...
العمة فريدة (السلام عليكم)
ابو عبدالله (وعليكم السلام ..كيف حالك فريدة)
العمة فريدة بفرح واضح (اهلا ابو عبدالله ..انا بخير كيف حالك؟؟)
ابو عبدالله (بخير الحمدلله...)
العمة فريدة ( كم يسعدنا اتصالك اخي)
ابو عبدالله بسعادة (كيف حالك وحال ابنتي نورس)
بنبرات حزينة (نورس بخير...)
ابو عبدالله ( لماذا تقولينها بحزن هل حدث امر لا اعلم به )
اكملت العمة فريدة (لا يا اخي.. ليس هناك امر محدد..نورس بخير طالما هي مشغولة بدراستها التي تاخذ كل وقتها)
ابو عبدالله وكأنه يطمنها (هذا امر جيد ان هناك ما يلهيها قليلا)
العمة فريدة (لكني قلقه عليها..الى متى حياتها فقط دراسة..انهت شهادة البكالوريوس في الحاسوب ..واخذت دورة في اللغه الفرنسية ..والان دراسة جديدة )
ابو عبدالله ( الدراسة امر جيد ولكن هل تكلمت معها)
العمة فريدة (كثيرا يا اخي.. مازالت في ضيق وحزن دائم )
ابو عبدالله (هل من المعقول ان تبقى في حزنها طوال عمرها )
العمة فريدة (هذا ما اسال نفسي دائما متى ياتي اليوم الذي اجدها سعيدة بمعنى الكلمة )
ابو عبد الله (لا تقلقي عليها اختي... قد يكون امرها طبيعي لكن من حبك لها يزيد من قلقك )
العمة فريدة (اتمنى ذلك )
ابو عبدالله وهو يحاول ان يقلل من قلقها (مادام هي لا تشتكي من سؤ فالحمدلله )
العمة فريدة (اخبرني عنك متى ستعود للبلاد..)
ابو عبدالله ( لا اعلم يا اختي لقد اشتقت لكم..لكنك تعلمين عملي في السفارة لن ينتهي الا بعد التقاعد)
العمة فريدة بحماس (ومتى التقاعد؟؟)
ابو عبدالله وهو يتصنع الغضب (فريدة؟؟ تسالين عن التقاعد بقي الكثير عليه ..مازلت صغيرا)
العمة فريدة وهي تضحك (حقا نسيت انك تكبرني بخمس سنوات وبما ان عمري 18 يكون عمرك 23)
ابو عبدالله يضحك بصوت عالي
العمة فريدة وبدت ملامحها سعيدة بسماع ضحكات اخيها (يعطيك طول العمر اخي)
ابو عبدالله (تسلمين اختي..بلغي سلامي لنورس طمنيني عنها دائما)
العمة فريدة (ان شالله..وانت كذلك بلغ سلامي لام عبدالله والاولاد)
ابو عبدالله (ان شالله مع السلامة )
العمة فريدة (مع السلامة)
اغلقت العمة فريدة الهاتف وعادت مسترخية على الكنبة وهي تفكر باخيها ابو عبدالله وهو الاخ الاكبر ويبلغ من العمر 48 سنه ..اما هي فقد اكملت 43 سنه ..
واخيها المتوفي ابو نورس هو الاخ الاصغر المحبوب وفقدوه فجأة قبل ان يكمل 30 عاما كم كان قاسيا عليها فراق ابو نورس .... كم اشتاقت له... كذلك ابو عبدالله مرت اكثر من سنه منذ ان جاء ليودعها قبل سفره...لقد اعتادت على غيابه بسبب ظروف عمله.. ولكن لا يمر اسبوعا واحدا دون ان يتصل يطمئن عليها... كما يهتم بابنة اخيه اليتيمة نورس..
ودائما يسال عنها..ولا ينساها من الهدايا كلما عاد للبلاد ... لطالما يحب التواصل ..فلا يقطع اتصاله بعم كانت ظروفه..وخاصة عندما
كانت والدته على قيد الحياة ...لقد مر على وفاتها 6 سنوات...بعد ان عانت كثيرا مع المرض واشتد عليها بعد وفاة ابنها الاصغر ابو نورس..
وقتها شعرت فريدة ان امها استسلمت لمرضها وتوفيت بعد ان اوصتها على نورس...
بقيت صلة الرحم بينها وبين اخيها الوحيد ..كما اعتادت ان تتلقى اتصلا من ابنائه الثلاثة من فترة لاخرى ..ربما يتصلون بطلب من والدهم ولكن يبقى الامر مفرح لها ...
اقتربت نحو المرايا المعلقه عند المدخل واخذت تنظر لقسمات وجهها..لقد اخذتها السنين دون ان تعي.. مسئولياتها الكثيرة والصعبة اشغلتها عن نفسها ..لم تكن تفكر سوى بوالدتها رحمها الله وابنة اخيها اليتيمة..
ومثل كل مرة يتصل بها ابو عبدلله تعود بها الذكرة الى سلمان..سلمان ذاك الشاب الذي تتمناه اي فتاة وهو لم يتمنى سواها..
كان يرغب في الزواج منها..وقتها كانت متعلقة كثيرا بوالدتها التي تعاني من امراض مزمنة... رفضت فكرة الزوج ..رغم الحب الذي تحمله له. حاول اخويها ان يقنعانها...ولم تقبل حتى وعدها اخوها ابو نورس انه سوف يبقي والدته معه يعتني بها ..ولانها تثق بكلامه وافقت...وقبل موعد العقد باسبوعين كان الحادث..
واصبحت مسئوله عن ابنته التي نجت من الحادث بالاضافة لوالدتها ..ومن يومها رفضت الزواج من سلمان ... ولم تفيد اي محاولات من اخيها ابو عبدالله او والدتها في الرجوع عن رايها..حنيتها غلبت حبها لسلمان..واخذت مسئولية امها العجوز ونورس اليتيمة التي كانت لها الام الحنون حقا..خاصة ان ظروف عمل ابو عبدالله تجبره على الانتقال من بلد لاخر ..
فيصعب عليه تحمل مسئولية نورس ووالدته.. بعدها علمت ان سلمان تزوج من قريبته وانتقل للعمل في منطقة بعيدة عنهم.. تعلم فريدة كم يحبها وكيف كان يتعهد لها بانه سوف يتحمل مسئولية والدتها ونورس معها ..لكنها لم تقتنع بالفكرة ابدا..
مسحت العمة فريدة دموعها وهي تسترجع ذكرياتها مع اخويها ووالدتها المتوفاة وسلمان طبعا..يبقى هو الحب الاول والاخير ,

يتبع ,,,,,

👇👇👇

تعليقات