بارت من

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -88

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -88

الجوهرة ما إن رأت والدتها تقِف بصفّ ريـان حتى نزلت دمعتها
والدها : ماعليك من أحد
الجوهرة تمسح دمعتِها بكفوفها : حتى أمي متضايقة مني !!
والدها : تلقينها بس متضايقة من التصرف نفسه
أغلق هاتفه وهو يلفظُ كلمته الأخيرة : كيف يعني ؟ ... يجيني لو من تحت الأرض ..
حصة : مين هذا اللي تبيه من تحت الأرض ؟
سلطان بإبتسامة : شغل
حصَّة : طيب تعال أجلس جمبي بقولك شي
سلطان : تمارسين امومة متأخرة عليّ
حصة ضحكت لتُردف : يالله يا سلطان فرحني عاد
سلطان ينتظر آذان العشاء حتى يهربْ من تساؤلات عمتِه ،
حصة : سلطان يعني عيب إلى الآن هي في بيت أهلها ، أتصل عليها الحين
سلطان : لأ
حصة برجاء : تكفى طلبتك
سلطان تنهَّد : حصة الله يخليك لا تزنين على راسي
حصة : طيب عطني بكلمها
سلطان : وبعدها تنسين سيرتها
حصة بمُسايرة : إيه ماعاد بفتح موضوعها
سلطان أخرج هاتفه مرةً أُخرى : أتصلي من جوالك
حصة : وليه ماهو من جوالك ؟
سلطان بنصفِ إبتسامة : كِذا مزاج
حصة : عمرك ماراح تتنازل .. عطني
سلطان : 055 .. وأكمل لها الرقم ،
حصَّة بإبتسامة واسعة تضغط على زر الإتصال
سلطان : كلام النص كم تتركينه
حصة : هههههه أهم شي الرقم صار عندي
سلطان أخذ فنجانه وهو يترقبْ صوتُ عمته المُرحِّب بها
حصَّة بمكرِ النساء تضعه على السماعة الخارجية " سبيكر "
أتى صوتُ الجوهرة بعد ثوانِي إنتظارٍ طويلة ، صوتٌ مُهتز مُرتبك باكِي : الو
حصَّة : السلام عليكم
الجوهرة تحاول أن تتزن بصوتها : وعليكم السلام
حصَّة : أنا عمة سلطان
الجوهرة صمتت ثواني لتُردف : هلافيك
حصَّة : بشريني عن أحوالك ؟
الجوهرة : بخير الحمدلله
طال صمتهُم و أنظارُ حصة تُراقب سلطان الغيرمُبالي لصوتِها
حصَّة : ما ودِّك تجينا ، يعني أنا جاية الرياض هالفترة ومشتاقة أشوف اللي أخذت قلب ولدنا
سلطان ألتفت عليها بنظراتٍ حادة ذات شرر
حصة بصوتٍ مُهتز إثِر الضحكة التي تُمسكها بصعوبة : معاي ؟
الجوهرة بتوتِّر كبير : إيه ، آآ ... " لآجواب لديْها "
سلطان يُأشِر لها بأن تُغلق الهاتف ولكن حصَّة تُعاند : ترى سلطان أحيانًا يقول حكي بس كذا يعني مكابرة رياجيل تعرفين عاد الرجال عندنا
سلطان عض شفته وهذه المرة خرج صوتِه ليُحرج حصة فتُغلقه رُغمًا عنها : مين تكلمين ؟
الجوهرة توقف قلبها لثوانِي طويلة ، مرَّت فترة شعرت بأنها سنين وهي لم تسمع صوتِه المُربك لحواسِّها ،
حصَّة بنظراتٍ مُتحديَّة : زوجتك
سلطان وأراد أن يقتلها فعلاً ، : عطيني
حصة غير مُصدقة ونظراتِها تميلُ للشكّ
سلطان يسحب الهاتف من كفِّها ليقف متوجِهًا للخارج : ألو
الجوهرة أخذت نفسًا ونسيت شيئًا يُسمى زفير ، شعرت بالإختناق من صوتِه
سلطان : الجوهرة ؟
الجوهرة برجفة : هلا
سلطان شعَر بأنَّ كُرهًا جديدًا يشتعل في قلبِه وهو يتذكَّر " تُركي " ، نارٌ في صدرِه لا تنطفئ
الجُوهرة وربكتها جعلتها تتحدَّث دُون وعي : كيفك ؟
سلطان بصوتٍ حاد يُشعل حممًا في أُذنِ الجوهرة : أنتظر خبر يفرحني
الجُوهرة بصمتٍ من نوعٍ آخر
سلطان بغضبْ لم يُسيطر عليه : بجيب تُركي و قدامك بذبحه وبذبحك وراه
الجُوهرة ببكاء : ليه ماتصدقني ؟
سلطان بعصبية : أصدق وش ؟
الجُوهرة بغصَّة : مالي ذنب
سلطان : تدرين أنك من أوقح الناس اللي شفتهم بحياتي .. وأغلقه في وجهها ،
وكأنه للتو يعلم بموضوعها ، الغضب يدبُّ في قلبه دُون رحمَة يشتهي أن يُقطِّعها ويُقطِّع تُركي خلفها ، كيف كانت تصحى بآخر الليلة مفزوعة ؟ لِمَ كانت شكوكي تذهب لشيءٍ آخر ، كانت تراه وهي تُشاركني السرير ، كانت ترى رجُلاً آخر و هي في حُضني !
يالله على هذه الوقاحة ، بُكاءِك لن يُغيِّر شيئًا ، ماحدث بالماضي لن يُمحى بسهولة ، لن يُمحى وأنتِ أنثى ناقصة بنظرِي وبنظر كل شخصٍ يشهدُ هذه القصَّة الدرامية التي تحاولين الدفاع عنها !! تحاولين أن تُخبرينا أنكِ بريئة ، لو أنكِ بريئة لما صمتِي كُل هذه المُدة . . أنتِ توسدتِي الصمت لأنكِ مُذنبة.
،
في مكتبه المنزوِي أقصى الدُور الأوَّل ، أمامه مقرن وبينه عدةِ أوراق : تتوقع ؟
مقرن : دام محنا قادرين نوصل للي أتصَّل أنا أتوقع أنه عبير تدري
عبدالرحمن وغير مُصدق : لآ .. ماني قادر أصدِّق أنه عبير تكون تعرف أحد !!
مقرن : أنا ماأقول عبير في علاقة مع أحد ، يمكن ضايقها وهي ماعطته وجه وعشان كذا
عبدالرحمن : كان راح تكلمني لو ضايقها أحد
مقرن : طيب يمكن خافت
عبدالرحمن تنهَّد : يارب رحمتك بس على هالمصايب اللي تجينا من كل صُوب
مقرن : هدوئها هذا ماهو لله
عبدالرحمن : كيف يعني ؟
مقرن بلع ريقه : لآ يعني هي قالت لي بتسوي شي وبعدها هوَّنت وشكلها خافت
عبدالرحمن : ماني فاهم عليك ، وش كانت بتسوي ؟
مقرن بصمتٍ طال أردف : مدري يعني بناتك أحيانًا يطلعون بأفكار وكذا
عبدالرحمن عقد حاجبيْه : انت عارف شي وماتبي تقوله ليْ ؟
مقرن : معقولة أعرف شي ومااقولك ؟
نظر لخلف مقعد بوسعود و أنوارُ منزِل عبدالعزيز مُضاءة : عز شكله رجع
عبدالرحمن ألتفت ليرى نافِذته ووقف مُسرعًا للخارج ، فتح بابه بهدُوء و عبدالعزيز مُستلقي على الأريكة
عبدالرحمن تنهَّد براحة ليُردف : عز
ولم يرفع شماغه الذي يُغطي عيناه : نعـــم
عبدالرحمن أنتبه للنبرة الغاضبة ، جلس على الطاولة المُقابلة له : يعني كذا تخوِّفنا عليك ؟ حتى ماترد علينا ... وين كنت كل الأيام اللي فاتت ؟
عبدالعزيز أزال الشماغ عن عينه ليستعدِل بجلسته و ملامِحه تتفجَّرُ بالتعب : انا أخاف على نفسي أكثر منكم ماني محتاج هالنفاق
رن هاتِف مقرن ليخرج تاركهُم مع بعض ،
عبدالرحمن ونظراته الخائفة محصُورة بالإهتمام الصادق : طيب سو اللي يريِّحك
عبدالعزيز رمى الكبك على الطاولة بجانب عبدالرحمن وهو يُفكِك أول أزارير ثوبِه بصمتْ مُطبق
عبدالرحمن : كليت شي ؟
عبدالعزيز ببرود : ماني مشتهي
عبدالرحمن بإبتسامة : خلنا نروح المسجد مابقى شي على الأذان
عبدالعزيز وقف : بتروش وألحقك
عبدالرحمن : طيب أنتظرك
،
مرَّ أسبُوعين لندخل العشرِ الأواخر المُباركة ، وداعُ الشهر ضيِّقٌ على من يتعلقُ قلبه بروحانيـة رمضان.
في المُستشفى ، وقف مُتصنِمًا – يا إلهِي على هذه المواقف لا أعرفُ كيف أتصرف بها –
دقائِق و محاجره مُتسعة و الصدمة ترتسمُ على ملامحه ، لا يشعُر بالفرح ولكن أيضًا لا يشعر بالحزن ، منذُ سمع " مبروك المدام حامل " وأعصابه و مشاعره مُتلخبطة و مُتشابكة.
شيءٌ في داخله يفرح و آخر يحزن ، تناقُض يشعُر بِه .. ومازال الصمتُ سائِد ، صمتُها يُثير في داخله ألف علامة شك وشك .. لا أُصدق بأنها ستفرح بهذا الجنين ؟ رُبما .. سبحان من يُغيِّر ولا يتغيَّر.
وصلُوا للبيتِ و تبعته للأعلى ، دخلُوا غرفتِهم التي تُعتبر ضيقة بالنسبة " لزوجين "
يوسف بهدُوء : مُهرة
مُهرة رمت نقابها جانبًا وألتفتت عليه و الدمُوع تكتسيِها : صار اللي تبيه .. وش أستفدت الحين ؟
يُوسف لا يُريد أن يُجادلها ويُثير أعصابها ، ألتزم الصمت
مُهرة ببكاء عميق : ليه تبي تقهرني ؟ ليه تبي تجبرني على شي ماأبيه ؟ قولي بس وش الحياة اللي ترتجيها منِّي !!! حرااام عليكمم
بإنهيارٍ تام وأعصابٍ مُتعبة : تبون تذبحوني مثل فهد .. تبون تقهروني وبس .. خافوا ربكم كافي اللي سويتوووه
يُوسف يقترب منها محاوِلاً أن يُهدئها ، و خطواته أشعلت في صدرِها غضبٌ كبير حتى أنها رمَت كُل شيء بجانبها عليه وهي تصرخُ فيه وتبكِي بقهرٍ مخنُوق ،
يُوسف يُضمُ كفوفها حتى تتوقف عن الحركة ورميْ الأشياء
بضُعف الأنثى المكسورة ، سقطت على رُكبتيْها و بجانبها يُوسف
مُهرة بنبرةٍ مُهتزة : ليه تسوي فيني كذا ؟
يُوسف و الضيقُ يدل قلبه الآن : قومي أرتاحِي ،
مُهرة بعصبية : ماأبغى .. أترك إيدي
يُوسف مازال مُمسك بكفُوفِها : أشششش .. خلاص أهدِي
مُهرة تُخفض نظرها وشعُرها ينساب من خلف الطرحة التي بدأت بالسقُوط ،
يُوسف : قومي غسلي وجهِك و نامِي من أمس وأنتِ صاحية
مُهرة وقفت بضُعف كادت تسقط لولا يدِ يُوسف الممدُودة ، سكنت لثوانِي حتى عادت للبُكاء
يُوسف أجلسها على السرير وهي بدورِها تمددت عليه لتخنق ملامحها بالوسادة وتبكِي بشدة
يُوسف : تعوَّذي من الشيطان ، قولي الحمدلله على كل حال
مُهرة ولا تردُ عليه سوى بالبُكاء وكفِّها تعتصر بطنِها ، يالله على حِزنها العميق في هذه اللحظات ، كيف تُصبِّر نفسها ؟ هو لن يخسِر شيئًا ولكن أنا الخاسرة الوحيدة في كُل هذا ، هو الذِي يحاول أن يظلمني .. ، لا أحد يشعُر بوجعِي لاأحد .. حتى أُمي.
كيف أعيش و أبني حياتي مع أخ من قتَل روحي وسلبْ وطنِي ؟ كيف أتعايش معهُم ؟
مقهُورة كيف لهُم هذه القدرة على تجاهل دمَّ أخي . . يا قساوة قلوبكم.
وضع يوسف كفِّه على كفِّها ليسحبها بعيدًا عن بطنها : مايجوز .. هذي روح لاتخنقينها
مُهرة بصوتٍ مُتحشرج : ماأبيه .. ماأبيـــــــــــــــــــــــــــــه
يُوسف دُون تردد سحبها لحضنِها لتضع رأسها على صدرِه بدل وسادتِها ، حاولت أن تقاومه وتبتعد ولكن أستسلمت له وهي تغرزُ اظافرها الطويلة المُنسَّقة في صدره ،
مُهرة بإختناق : ليه ؟ .. بس قولي ليه
يُوسف بمثل الهمس يُريد أن يُسكِن قلبها : أنتِ زوجتي و حياتِي .. أكيد ماراح أفكِر أأذيك !!
مُهرة مُغمضة عينيْها بتعب وهي تتشبثُ بصدرِه كطفلة : راح تطلقني !!
يُوسف : خلاص نامِي
مُهرة تعُود للبكاء مُجددًا وهي تُبلل ثوب يُوسف : تبي تقهرني مثل ماقهرني أخوك في فهد
يُوسف بهمس : الله يرحمه ويغفر له
مُهرة و يبدُو كأنها تفقد الوعي : عُمرك ماراح تحس .. هذا أخوي تعرف وش يعني أخوي .. مهما صار بينه وبين أخوك مايقتله مايذبحه .. يحسب ماوراه أهل يبكونه .. هو روحي ودنيتي وكل شيء بحياتي .. ليه بس ليييه ذبحه ؟ .. ليته ذبحني ولا أشوفه مذبوح .. ليت روحي طـ
يُوسف يُقاطعها بوضع كفِّه على فمِها : لاتتمنين الموت ..
،
في منزله ، أفكاره مُتلخبطة لا مسار لها ولا حل
أبتسم وهو ينحنِي ليضع سلاحه المرمي جانبًا : شلونك ؟
عبدالعزيز ولا يرُد عليه ، مُتجاهله تمامًا
جلس على الكُرسي المقابل له : أنا آسف
عبدالعزيز رفع عينه المُندهشة ، يُريد أن يُصدق .. يكاد يحلف بأن من أمامه ليس سلطان .. يعتذر ؟ أهذه نهاية الدُنيا أم ماذا ؟ سلطان يتنازل عن كبريائه و يعتذر ؟ يالله على هذا التغيير أو النفاق لا أعرف أيُّهم أصدق بوصف سلطان الآن
عبدالرحمن : هذا سلطان وأعتذر لك .. ماهو من شيم الرجال يردون الإعتذار
عبدالعزيز أبتسم بسخرية : قصدك أنسى وأرجع معاكم ولا كأنه صار شي .. على أساس أنكم متعودين تهينون الناس ويركعون لكم
سلطان بهدُوء : طبعًا ماراح تركع لنا .. ينقطع لسان من يهينك
عبدالعزيز : أهنتني مرة و ثنتين وثلاث ..
سلطان : وأنا أرجع أقولك أنا آسف .. و عُمري ماأعتذرت لشخص وهذا أنا أعتذر لك مايفسِّر لك هالإعتذار أيّ شي ؟
عبدالعزيز : يفسِّر لي المصلحة
سلطان : يفسِّر كبر مكانتك عندي
عبدالعزيز تنهَّد ، مشوَّش وعقله لا يستقيم أبدًا
عبدالرحمن : تبي تآخذ إجازة بالوقت اللي تبيه وبالمدة اللي أنت تبيها بعد أخذ .. ماراح نمنعك عن شي
عبدالعزيز بقهر وعقله مُتعب من التفكير : أبي أعرف وش صار بأهلي !!
سلطان : الله يرحمهم
عبدالعزيز : طيب بس سؤال وبعدها مستعد أسوي لكم اللي تبونه
عبدالرحمن : أسأل
عبدالعزيز : أختي غادة اللي كانت زوجة ناصر ؟ وش صار لها قبل الحادث !! أبي بس أعرف إذا صار شي أنا مدري عنه لأني مقدرت أشوفها ، ماتت قبلهم كلهم
سلطان و عبدالرحمن مُلتزمين الصمتْ ، لآ رد لديهم ولا ملامِحهُم تُنبأ بالرد
عبدالعزيز : قلبي يقول فيه شي ماأعرفه ،
بجنُونٍ وقهر : قولوا لي .. بس قولوا وش صار بأختي غادة ؟
عبدالرحمن : ماصار شي
عبدالعزيز وكأنه يفقد الأمل من جديد ، نظراته مُوجعة لسلطان الذي يلتفت للجهة الأخرى محاولاً أن لا يراه
أردف : و أبوي ؟
عبدالرحمن بصمتٍ مُطبق ، قلبه يتقطَّع عليه الآن.
عبدالعزيز بنبرةٍ مكسورة مُهتزة : بيخلص رمضان وبيجي العيد وكلكم بتكونون عند اهلكم ولا راح يهمكم شي .. بس أنا ؟ بكون عند مين ؟
عبدالرحمن : أنا أهلك .. أعتبرني أبوك أعتبرني أي شي
عبدالعزيز : ليه ماتحس أني بختنق من الرياض !! أنا ماني عارف وش تستفيدون منِّي ؟ وش تبون منِّي !!
عبدالرحمن : مانبي أحد يضرِّك والله يا عز وأقسم لك بربي أنه فيه ناس تبي تضرِّك وأننا نبيك تكون قدام عيوننا عشان نرتاح ونتطمن أكثر
عبدالعزيز : ما تطمنتوا ! كم مرة أنرميت في المستشفى ؟ من جيت الرياض والمصايب ما تفارقني
عبدالرحمن يُشير لسلطان بعينه حتى يتكلم ويقنعه
سلطان ألتفت عليه وهو يضع كفِّه على كتف عبدالعزيز : عز تعوَّد ، يعني كلنا نفقد ناس غاليين على قلوبنا لكن نتعوَّد ،
عبدالرحمن و أراد لسلطان أن يحكِي بأريحية أكثر رُغم أنه لا شيء مُخبىء عنه ولكن مع ذلك أستأذن بالخروج وتركهم
سلطان : في أول سنة مسكت فيها منصبِي و ألقينا القبض على جماعة تهرِّب بالحدود جوّ ناس مجهولين وحرقُوا بيتي .. وفقدت أمي وأبوي اللي هم بالنسبة لي حياتي كلها !! فقدت كثير بس ماوقفت .. بوسعود كم مرة حاولوا يغتالونه ؟ ويخطفون بناته !! كم مرة أضطر أنه يحرم بناته من الطلعة عشان محد يجيهم !! أنـا حتى زوجتي جننونها وفقدتها .. ليه ماتحاول تفهم أننا نحميك ؟ ليه دايم تأخذنا بسوء ظنِّك ؟ ليه ماتحاول بس تحسن الظن فينا ؟ إحنا مضطرين والله العظيم أننا مضطرين .. مضطرين نخبي عليك أشياء كثيرة .. أنت بس عطنا وقت وراح تفهم كل شي بوقته .. لآتستعجل علينا !! أنا ماتت أمي وأنا أحسبها تتعالج والكل خبَّى عليّ بما فيهم أبوك الله يرحمه عشان كنا في مرحلة مهمة تخص الجوهي نفسه وكان يعرف أني لو دريت بوقتها ممكن يخرب مخطط كامل كنا نجهزه من فترة طويلة ، أنت متصوِّر كيف أنه أحد يصلي على أمك ويعزيها وأنت ماتدري !! أسأل عبدالرحمن كيف أبوك خبى عليّ ؟ لأنه كان يدري أنه ماهو من مصلحتي أعرف حتى لو كانت أمي ! أفهمني يا عز أحيانًا نجبر أننا مانقولك لأنه ماينفع .. مايصير .. ما يصير تعرف
عبدالعزيز بلع غصتِه : ليه نرخص حياتهم ؟ طيب ليه ندخِّل نفسنا بكل هالمعمعة
سلطان بنبرةٍ ذات بحة مُوجعة : عشان أرضنا
،
تضع يدِها على قلبها : يمممه يممه قلبي يدق
هيفاء : ههههه باقي 20 يوم بالتمام وتنزفِّين على ريان
ريم بربكة وإبتسامة شقيَّة تعتليها : مدري كيف بنام ! أحس من الحين بيجيني أرق من التفكير
دخل منصور : أحد منكم شاف يوسف اليوم ؟
هيفاء وريم : لأ
منصور : غريبة مختفي .. جلس ليُردف : زوجته نزلت لكم ؟
ريم : لأ ..
منصُور رفع حاجبه : صدق نجلا وينها ؟
هيفاء : ههههه ياحبيبي حتى زوجته مايدري وينها
منصور بنبرةٍ هادئة : بيجيك كف يعلمك كيف ماأعرف عنها
سمع سلامُها من الصلاة ، ألتفت ولم يعلم بانها موجودة : انتِ هنا
نجلاء لم ترد عليه وهي تنزع الجلال بغضبْ ، لتجلس مُقابلةً له وبنبرةٍ مقهورة : عسى قلبك تطمَّن ؟
منصُور بضحكة : دام أشوفك أكيد متطمِّن
ريم : عن أذنكم .. وخرجت
هيفاء تربَّعت على الكنبة وهي تترقَّب الحرب الكلامية التي ستبدأ الآن.
نجلاء بدأت تعض شفتيْها من القهَر ،
منصور : تعالي أجلسي جمبِي وش فيك مبعدَّة مرة
نجلاء : أتوحم عليك
هيفاء : هههه عاد بحسب خبرتي المتواضعة النساة ماتجي في الشهر الأخير
نجلاء بحدة : وأنتِ وش دخلك ؟
منصور : خليها تحكِي وتطلع اللي في قلبها كود تهدأ
نجلاء : ومين قال في قلبي شي !! أكبر همي أنت وياها
منصُور أبتسم : طيب
هيفاء : هدِّي هدِّي لا يتأثر عبود ويطلع لنا عصبي زي أبوه ، يقولون نفسية الحامل تأثر
نجلاء : لا حول ولا قوة الا بالله .. قلت مالك دخل
هيفاء : ههههههه حرام عليك هذا وانا أحاول أسعدِك
نجلاء : لآمشكورة ماتقصرين
منصور وإبتسامة يتضح من بعدِها صفةُ أسنانه : صبِّي لي شاي بس
هيفاء تُحاول أن تُحرِّك في نفسِ نجلاء شيئًا : من عيوني يا أحلى أخو في الدنيا
منصور : ههههههه أول مرة أحس نيتك صافية
هيفاء : حرام عليك أنت ومرتك ظالميني مررة
نجلاء تُقلد صوتها : ظالميني مررة
منصور أنفجر بالضحك ليُردف : نجول خلاص
نجلاء : إيوا خلاص !! الحين تقول خلاص ! أشوف تفكيرك كله فيها هالأيام وتسأل بعد
منصور يُجاريها : أتطمن
نجلاء بقهر : تتطمن !! بعد تعترف
منصور : أتطمن على روحي وحياتي اللي هي انتِ .. فيها شي
نجلاء وستُقطِّع شعرها : لا تستخف فيني !!!
هيفاء : أنا بنحاش .. أشوفكم على خير ..
،
فتح عينه النائِمة على وشاحِها ، صُداع يُهاجمه لا يعرف كم من الوقت بقي نائِمًا على الأرض ،
أستعدَل بجلسته و عيناه الناعسة لا تنطق سوى " غادة "
أعتصر رأسه بكفوفِه مُتعبًا من الصداع و الذكرى و الفُقد و الوحدة و أشياءٌ كثيرة تُضيقُ بصدرِه.
وقف و كاد يسقطُ من دوارِ رأسه الآن.
فِي ميناءِ باريس الذِي يشهدُ الغروب الآن و الشمسُ تستِر في خُدرها لتنام.
بقُربِ السُفنِ و المودعين و المُسافرين يجلسانْ على الصخرِ الذِي ينتهِي بالمياه المُتسربة بين أصابع أقدامِهم ،
تمدُّ شفتِها السُفلى بأصبعها غير مُصدقه : صدق ؟
ناصر بإبتسامة : للأسف
غادة : يا كذبك
ناصر : هههه لا والله كلمتهم وقالوا مافيه حجز عشان كِذا خلينا نغيِّر
غادة : أنت أصلاً من زمان ماتبغى جنوب أفريقيا بس والله مشتهيتها والبنات كله يسولفون عنها يعني مليت من هالأجواء أبغى شي جديد ماشفته
ناصِر : غادة يعني فكري بشاعرية شوي ، شهر عسل بأفريقيا وحيوانات وأدغال ومدري وشو
غادة : بالعكس بيكون متعة ، صديقة هدول رايحة ويا زوجها تقول تصبحين على عصافير ملوَّنة و أصواتهم ويعني دنيا غير
ناصر : مع إحترامي لها هي كذابة لأن مافيه عصافير ملونة ببيئة جافة .. خلينا نروح مكان ثاني والله أنا نفسيًا ماأحب هالأماكن
غادة بقهر :كل شي أحبه أنت ماتحبه
ناصر : إلا أحبك
غادة بضحكة : يعني والله تقهرني !! طيب لا تقولي أوربا لأن أحس كبدي بتنفجر من لوعتها
ناصر : وش رايك بالرياض ؟
غادة : هههههه نكتك بايخة
ناصر : لآ صدق تدرين قبل أمس أشوف صور للمالديف
غادة : ماأحب الجزر
ناصر رفع حاجبه :المسألة عناد ؟
غادة بضحكة : ماأحب أجواء البحر
ناصر : هالمرة أنتِ اللي يا كذبك
غادة بإبتسامة : طيب أعلن موافقتي
عاد لواقعه ، تجهيزات الزواج مؤلمة و مُوجعة و لا حسنةٌ طيبة يقتبسُها من هذه الذكريات !!
يالله يا غادة لو تعلمين ما يحدُث بي الآن ومايفتُك بقلبي ؟ أمرضُ بك و عجزٌ على ذاكرتِي الهزيلة أن تنساك ، لو تعلمين أنكِ تخترقين أعماقي كما أنكِ الماء ولا أستطيعُ العيش دُونِه ، مرَّت سنَـة وأنا أعجَز عن تصديقِ رحيلك و أقِف عاجز عن رُؤيـةِ غيرك و لا أرى أحدًا يستحقُ الحُب كما تستحقينه !!

يتبع ,,,,,

👇👇👇
تعليقات