رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -87
توقف عقلُها عن النبض ، صورةٌ أمامها واضحة جدًا .. يلفظُ كلماتٍ كثيرة بعينٍ مكسُورة بالدمع ، يحلف ويُردد " والله شفتها "هذا الرجُل أعرفه . . والله أعرفه وليس بغريبٍ عليّ ، لِمَ يبكي ؟ لِمَ يحلفْ و يُردد وكأنه غير مُصدِق ؟
أولُ مرةٍ أرى بها تقاسيمُ هذه الملامح ، منذُ فترة أرى أجسادًا بوجُوهٍ مطموسة ، هذه المرَّة ملامحه واضحة ، عيناه ، أنفه ، شفتيْه . . كُل تفاصيله الصغيرة تُرى جيدًا ، . .
ألتفتت لمن يجلسُ بجوارها : مين ناصر ؟
أنتهى
+ أنا أمرّ بشوية ظروف تآخذ من وقتِي الكثير و ماأبي أقفل الرواية و تطفشون وأطفش معكم
لذلك تحملوا هالفترة أنه البارتات بتكون قصيرة بس لين ربي يفرجها ()
نلتقِي بإذن الكريم - الخميس-
منوريني جميعًا بكل صفحاتي الشخصية برا المنتدى ()
لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين في بُورمـا و سُوريــا , كان الله في عونهم و اللهم أرنا في بشارٍ و أعوانه عجائِب قُدرتكْ.
*بحفظ الرحمن.
الجزء ( 40 )
(حلم)
كأنّما تَسْتنطقُ الصاعقة الحجارْ
تحاكم الصاعقة السماءْ
تحاكم الأشياءْ
كأنما يْتسل التاريخ في عينيّ
وتسقط الأيامُ في يديّ
تسقط كالثمارْ...
*أدونيس
،
توقف عقلُها عن النبض ، صورةٌ أمامها واضحة جدًا .. يلفظُ كلماتٍ كثيرة بعينٍ مكسُورة بالدمع ، يحلف ويُردد " والله شفتها "
هذا الرجُل أعرفه . . والله أعرفه وليس بغريبٍ عليّ ، لِمَ يبكي ؟ لِمَ يحلفْ و يُردد وكأنه غير مُصدِق ؟
أولُ مرةٍ أرى بها تقاسيمُ هذه الملامح ، منذُ فترة أرى أجسادًا بوجُوهٍ مطموسة ، هذه المرَّة ملامحه واضحة ، عيناه ، أنفه ، شفتيْه . . كُل تفاصيله الصغيرة تُرى جيدًا ، . .
ألتفتت لمن يجلسُ بجوارها : مين ناصر ؟
وليد بضِيق يستلقي على التُراب الناعم وهو يُغطي عينه بذراعه : ماأعرفه
رؤى تنظُر لبحرِ دُو فيل الواسع كإتساع وحدتِها : شوفه يصرخ
وليد يُدرك بأنها تتوهم : أتركيه يهدأ من نفسه
رؤى و دمُوع تعتصِر بعينِها : مخنوقة . . قلبي يعوِّرني
ولِيد بصمتْ يتأملُها ، قلبه يتجزأُ لأكثرِ من جُزء ويبكيِها
رؤى : أحس فيهم
وليد بهمس : مين ؟
رؤى بلا وعي : ما أعرفهم ، هو متضايق يا وليد
وليد وهو الذي لم يعُد يعرف كيف يتعامل معها ولا يعرفُ أهو عبدالعزيز أم وليد ، أشعُر بها إن عادت لشخصيتها القديمة و أيضًا أشعُر بها إن بقيتْ بشخصية رؤى التي بعد الحادث لكن أحيانًا أُصلبْ أمامها ولا أعرفُ مالمُفترض أن يُقال ،
رؤى بتنهيدة أردفت : ليه سوَّت فيني كذا ؟ ليه أُمي قاسية ؟
وليد : ماهي أُمك
رؤى صرخت ببكاء : إلا أمي .. ماكان جمبي أحد الا هيْ ... هي أُمي
وليد جلس بجانبها ، لو أنَّ حلالاً أن يحضُنها فقط ليقتلع هذا الألم ، يالله كيف أراكِ بهذه الصُورة ولا أفعل شيئًا ، كيفْ أروِّضُ نفسي عن الحرام و أنا أراك طُهرٍ لا يختلط به ذنب ، يالله ألنـا قُدرة على تحمل كل هذا ؟ يارب نسألُك ضياءً يُبدد ظُلمة قلبها ، أُدرك كيف حُزنِك متكوِّرُ عالقُ بحُنجرتِك ؟ أتلفُظينه يا رؤى و يرتاح صدرِك أم تبتلعينه .. يااه يا هذه الأرض لا تستوي ولو لمرَّة لأجلنا لأجل أن نهرب ، أن نهرب من حُزنِ هذه الدُنيا .
جمعت كفيِّها لتُغطي ملامحها السُكريِّة و هالاتُ قصبٍ أسود تطوف حول عينِها ، جاهشةً بالبُكاء وكلماتها مكسُورة تنطقها بتقاطيعٍ أدمَت قلبِها : ليه بس ليه ؟ ماأبغى منها شي بس تقولي ليه سوَّت فيني كذا ؟ . . يعني أنا أستاهل كل هذا ؟ .. وينهم ؟
صرخت : ويننهم أهلي ؟ .... ياربي قولوا لي وينننهم بس أبي أعرف وينهههم ؟.. لا تقولون ميتيين .. أبيهم ..
بصوتٍ يُخالط أصوات الأمواج : أبيييهم
وليد بلع ريقه بإختناق : تعوّذي من الشيطان
رؤى وعيناها تذهب لماضِي بعيد ، مُجتمعين بأجساد لا ترى ملامِحهم إن كانت بائسة أم سعيدة !
صوتٌ رجُولي ضخم : ماعندي لعب ، ترى بالعصا
صوتٌ رجُولي آخر ذو نبرةٍ عذبة : والله والله والله حفظتها .. يبه تكفى أحس مخي بيوقف
و صوتٌ أنثوي : أنا حفظتها
مرةً أُخرى الصوتُ الضخم الذِي قيل عنه " يبه " : طيب أنا أبي أحفظكم أشياء ثانية
الصوتُ الأنثوي مرةً ثانية : وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً
الرجُل الصغير : هاا هدول قالتها وحافظة الرقية كاملة وأنا صميتها صمّ
الرجُل الأكبر : الله لايعوق بشر محفِّظكم نص القرآن يعني محفظكم
وقف ذاك الشقي : المهم أني حفظتها كاملة الحين وسمَّعتها لك يابابا *أردف كلمةِ بابا بسُخرية* ..
رجعت مع صوت الأمواج لتهمس : هدول ؟
وليد : خلينا نمشي
رؤى ألتفتت عليه بعيُونٍ ممتلئة بالدموع : أقرأ عليّ
وليد جلس لثواني يستوعب ، ثم أردف : طيب
رؤى جلست أمامه
وليد وضع كفِّه الأيمن فوق حجابها ليبدأ بالفاتحة ومن ثُم " الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ "
أكمل تلاوة الآيات القُرآنية الواردة بالرُقية الشرعية إلى أن وصَل لسُورة الناس و بُكاء رؤى مع القرآن يتواصل ،
أنتهى وهو يردد " اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ، ما شاء الله كان وما لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، أعلم أن الله على كل شيئ قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيئ علماً ، وأحصى كل شيء عدداً ، اللهم إني أعوذ بك منه شر نفسي ، وشر الشيطان وشركه ، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط المستقيم "
،
على طاولتِها في المقهى الباريسي ، بكفِّها اليُمنى كُوبِ قهوةٍ سوداء كقلبها في هذه اللحظات ، أرهقها الإنتظار حتى رفعت عينِها للباب الذي يُدلف من قبلِ رجُلٍ عشرِيني ذو هندامٍ أسوَد و وشاحٍ حول رقبته باللون الرمادِي ،
جلس بمُقابلها وهو يمدُ لها ظرفٍ أبيض أسفل الطاولة : كِذا أنتهى شغلك ترجعين لمكان ماجيتي ولاأبي أشوف وجهك في باريس
أمل بخبث : رقمي عندكم إذا بغيتوا شي ثاني
: إن لعبتي بذيلك معنا ماهو أحسن لك .. تطلعين برا باريس وتنسين شي إسمه رؤى مدري غادة .. وخرج
فتحت الظرف أسفَل الطاولة بعينِها تعدُّ الأوراق النقديـة ، أرتسمت بجانبها إبتسامة و تركت بضعُ أوراقٍ على الطاولة وخرجت ،
رجلٌ آخر يمشي خلفها إلى أن مرَّت من جانب قوس النصِر ، تبِعها حتى دخلت بين الضواحي الضيِّقة ، سحبها من الخلف وهو يُضع كفِّه على فمِها لئلا تصرُخ.
،
في مساءٍ جديد على الرياض ، غائِب ليومينْ . . أين أراضيك يا عبدالعزيز ؟
أتصل عليه للمرةِ الألف في هذا اليوم " أترك رسالة بعد سماع الصافرة "
ناصر يترك له ملاحظة صوتية : عزوز وينك ؟ يعني تبي تخوفنا عليك وبس .. إذا سمعت هالرسالة تتصل عليّ ضروري ، بعد بكرا رايح باريس .. أتصل على رقمي الفرنسي .. عزوز .. لاتلعب بأعصابنا أكثر "
رمى الهاتف على الكنبة وهو يُغلق سحاب حقيبته التي سيذهب بها إلى باريس ،
يالله يا عزيز مازلت تلتهم عقلي بالتفكِير بك ، قلقي عليك يُفكِك بخلايايْ ، ماذا يحدُث معك ؟ أعرفُك جيدًا من المُستحيل أن تهرب دُون أن تُخبرني بشيء ، كيف تهرب وجوازِك ليس بحوزتِك ؟ . . أنت هُنا و تحت سماء الرياض ولكن هذه السماء مازالت تُمارس الجفاف معي كما أعتادت.
ألتفت على والده : للحين مافيه خبر عنه
والده : الله يستر ، خابره عاقل ماتطلع منه هالأشياء
ناصر تمتم : ماخلوا فيه عقل
والده : وشو ؟
ناصر : ولا شي .. أنا بروح ادوِّر عليه بالأماكن القريبة
،
على طاولة مكتبة يستنِد ، بضيق : طيب و المستشفيات ؟
متعب : إيه طال عُمرك ، إسمه ماهو موجود بكل المستشفيات حتى الخاصة دوَّرت فيها
عبدالرحمن الذِي لم ينام جيدًا من قلقه : أستغفر الله العظيم و أتُوب إليه
سلطان : مستحيل طلع من الرياض وهو مايدِّل
متعب : كاميرات المراقبة اللي في طريق الشرقية راقبناها مامرَّت لوحة سيارته
عبدالرحمن يحك جبينه يحاول أن يلقى مكانًا رُبما يحويه ، تنهَّد ليُردف : ماهو لابس شي من أدوات التجسس ..
متعب : السماعة لأ و الكبك بعد ماكان لابسه
سلطان : كان لابس ثوب وقتها !
متعب : إيه بس الكبك عندنا ماخذاه معه ..
عبدالرحمن : الله يصلحه بس
سلطان : طيب متعب شيِّك على الفنادق
متعب : إن شاء الله .. وخرج
جلس سلطان مُتعبًا من التفكِير و بمثل حاله كان عبدالرحمن بل أشد ، مسألة غياب عبدالعزيز تُربِكهم كإرتباكهم في حالِ حدُوث حادثة بأوساطِ الرياض فكيف لو كان هذا الغيابْ يُسيطر على رجلٍ " مُهم بالنسبة لقلوبهم مهما أظهروا غير ذلك "
عبدالرحمن بجدية حادَّة : بس نلقاه إن شاء الله تطلِّع نفسك من الموضوع كله ، مالك علاقة فيه ولا أبيك تختلط معاه خله يسوي اللي يبيه ..
سلطان : لا تخاف بعتذر له
عبدالرحمن غير مُصدق ، يعرف سلطان منذُ سنين ويعرف أنَّ " آسف " لآتخرج منه وإن أراد الإعتذار فإنه يبيِّن ذلك بطريقة مُبطنة و ليست مُباشرة وهذه الطريقة قد يفهمها عبدالعزيز بشكلٍ خاطىء : أنا أعتذر له بالنيابة عنك بس لا تستفزه
سلطان رفع حاجبه : منت مصدقني ؟ والله العظيم بعتذر له
عبدالرحمن بعينِ الشك : سلطان !! ماهو عليّ هالحركات أعرفك ماتحب تعتذر لأحد
سلطان أبتسم : فاهمني غلط
،
شدّهُ من شعره حتى أغرقه بحوضِ المياه : أصححى يا مجنووون جبت لي المصايب
بهذيان مُزعج : يختيي أبعديي
حمد : أنا صرت أختك ! قلت بخليك تشرب شوي تنبسط بس منت كفو على طول سكرت
فارِس التي تضيق ملامحه أبتعد عن المياه وهو يبتلعُ بعض الماءِ بغصَّة : أتركنيي
حمد بعصبية : بس يجي أبوك يعلمك كيف تشرب ؟
فارس : أنت عطيتني
حمد بتفاجؤ :أنا !! يالنصاب .. روح بس للوحاتك أسكر معها ولا شرايك تتصل على وحدة من اللي مشبِّكهم
فارس يُمسك هاتفه بضحكة وخطواته غير مُتزنة يكاد يسقُط في كل خطوة : على ميين نتصل ؟
حمد : أنت أختار هههه
فارس يرتمي على سريره : وش إسمها ذيك خويتي اللي عرفناها بلندن ؟
حمد : خلود ؟
فارس : إيه خلوود .. هههه خلوود إسمها ماهو حلو
حمد يجلسُ بجانبه : إيه ياماما إسمها مررة ييع
فارس يضغط على الرقم ويضعه على " السبيكر " ، أتاهُ الصوتُ الأنثوي المبحوح : ألوو
فارس : يا روح .. آآ ..
همس لحمد :أنا وش إسمي ؟
حمد بضحكة صاخبة : أتوقع إسمك الحركي زياد ولا ؟
فارس : إيه زياد .. هلا ياروح زياد
خلُود : حبيبي مشتاقة لك
فارس : وأنا والله مشتاق لك مررة مرررة مررررررررررة كبر بيتنا
حمد بملامِحٍ حزينة : هههههه يا حياتي على الحُب
فارس يُغمض عينه : وينك يا قلبي ؟
خلُود : أنت سكران ؟
فارس بتخبُط : إلا صاحي وعن 600 حصان أفآآ عليك
خلُود : تيب تحبني ؟
فارس بملل : إلا أموت فيك
خلُود : تيب يا حياتي هالفترة كل يومين والثاني جاينا واحد يخطب .. حبيبي أستعجل ماصارت
فارس : يا روحي جالس أكوِّن حالي ، يعني ماما تبغاني أكوِّن نفسي أكثر
خلُود بدلع : أنتظرك العُمر كله
فارس : تافهة
خلود : نعععععععععععم !!
فارس : أقصد أختي الخبلة اللي دخلت .. رفس حمَد بعيدًا عنه ،
خلُود :إيوا حبيبي قولي وش أخبارك
فارس : هذي ماما تناديني .. أكلمك بعد ماأشوفها
خلُود : تيب أنتظرك
فارس : مع السلامة يا حُبي .. وأغلقه
حمد : ههههههه أتصل على بنت عبدالرحمن وش إسمها
فارس بضحكة : لآلآ هذي خط احمر .. خلها تولي بقطع علاقتي فيها
حمد : افآآ وراه
فارس : مغرورة وكريهة
حمد يُمثِّل الحزن : تكسر الخاطر
فارس : بس أنا بأدبها ، فكر معي شلون أجيبها هنا ! أحسها ***** " كلمة غزلية مُقرفة تُناسب قذارة فارس هذه اللحظة "
حمد صخب بضحكته : والله حتى أنا أحسها كذا ، جيبها خلنا ننبسط
،
سلَّمت من صلاتِها وهي تنظرُ للزاويـة الممتلئة بالورود بأنواعها ، يُغرق قلبها بغزلٍ لا ينضبّ ، لآتُنكِر إشتياقها لصاحب هذا الجمال ، صوتُه يدغدغ سمعها دائِمًا ومازال ، صخب رجولته وهي تتشكَّل بصوتِه لا يخرجُ من ذاكرتها ، كل شيء يطرق قلبها بتفاصيله الصغيرة التي لا تعرفها ، تُدرك انه يُحب الأدب الفصيح و يُحب محمود درويش لذلك دائِمًا ماتكون رسائله مُقتبسةً مِنه ، شغُوف بالفنون الجميلة و الرسِم ، يُحب الغموض والكآبة في ألوانه ، تعرف جيدًا أنه يخافُ الوضوح رُبما لسبب ما لا أعرفه أو رُبما غروره يمنعه ، أشعُر بتملكه الرهيب ليْ ، هو يتوقع أنني لن أقدِر على الإنسلاخِ منه و انا فعلاً كذلك ولكن سأحاول ، ربُّ محاولة يائسة تخلقْ لِي حلاً لم أتوقعه ، ماذا لو لم أستطِع ؟ سيتخلى عنِّي بسهولة !
يا غرورك يا أنتْ أجزمُ بأنك تُريد أن تُعميني بك و أن لاأرى غيرك وأن لا أعيش إلا لأجلك .. أعرفُ أنَّك تُريدني بصورةٍ إنهزامية حتى تتملكنِي كجاريَة في حُبِك ، كلماتِك و كل شيء يخصُك يُخبرني بهذا الشيء.
أذكُر أول هديةٍ مِنك ، أول ربكةٍ أعتلتنِي ، أول كلمةِ حُب تغنجت بها أسماعِي ، كان صباح الخميس الناعِس من شهرُ أيـار الذي يُدعى بغربِ العالم شهر العشب الطويل وكان كذلك لقلبي الذي تشعَّب وأخضَّر بزهرٍ لا يجفّ و لا يذبل ، ياإلهِي أكان مِنك أن تسقيني دائِمًا حتى تُسيطر على جذوري المتشبعة بِك !
،
رفعت شعرها المموَّج بكثرة تُشبه تكاثِر عزيز في قلبها ، رطبَّت وجهها و هي تأخذُ نفسًا طويلاً
أحاول أن أتجاهل مرورك العميق بقُربِ قلبي ، غائِب لأكثَر من يوم . . أيُعاقبك الله أم ماذا ؟
كل شيء يبدُو لي الآن أنه عقاب و جزاء ، لا شيء بينهم ينتصف .. إهانتِي لك عوقبت عليها بجحيمٍ مازال عالقٌ بقلبي و إنهيارِي كان مجالاً لشماتتِك بيْ ، و رُبما مُشكلتك التي لا أعرفها مع أبِي هي عقابٌ إلهِي لك.
يالله يا عزيز لو تعلم فقط بأنَّ كل من حولِي يُذكرنِي بك ، لا شيء يمُوت إلا وحُبك يُحييه ، كيف أتيت وأقتحمت كل أسواري ؟
لم تفعل لي شيئًا يُجبرني أن أُحبك ، كيف تتكاثَر بي و أنا مُتشبعة بخيباتِي منك ؟ يُحزنني أن أكون بهذه الصُورة الإنهزاميةِ أمامك ؟ يُحزنني جدًا أن أُحبك رُغم كل ماحدث ، أنا لا ألُومك لأنك لن تفهم معنى أن أُحبك و لن تفهم.
مسكت كفِّها وقلبُها يسترجعُ ماكتب على باطنه " أصعب الجروح تلك التي يحفرها الانسان بيديه "
أعرفُ ماكنت تُريد إيصاله ليْ ، أن أنساك و أن أتخلى عن حُبك وكأنه أمرٌ إختياري ، ليتك تفهم يا عبدالعزيز أنَّ الحُب قدرٌ إلهي لا يُمكن أن نقِف أمامه ، لآ يمكن.
هذه الجملة تمُّر عليّ للمرةِ الثانية أذكرُ دكتُورة مهارات الإتصال في سنتي الأولى بالجامعة ، كانت تحكِي لنا بوقتٍ فائِض بالمُحاضرة ، أرادت أن تشغلنا بأدبٍ كان وقتها أنَّه مجالٌ لا يهمني ولا يعنيني بشيء ورُبما مجالٌ تافه بالنسبةِ ليْ ،
تربَّعت على سريرها وهي تفتح حاسُوبها المحمول وكتبت في مُحرك البحث " أصعب الجروح .. " لم تُكملها و " قوقل " يضع لها إقتراحات بأنَّه غسان كنفاني.
حفظت صفحةُ موقعه الشخصي و تذكرت شيئًا ، فتحت موقع " تويتر " وكتبت في خانة بحثه " أثير روَّاف " لم تلقى أيّ نتائج
كتبتها بالإنجليزية ووجدت هذه الملعونة بنظرِ قلبها ، قرأت ما يُوجد تحت إسمها " سعُوديـة مُتغربة ، أنا أحكي عن الحرية التي لا مقابل لها..الحرية التي هي نفسها المقابل *غسان كنفاني "
أشتعل قلبِها غيرةً و حقدًا ، يُشاركها الميول والإهتمام وحتى حُب الشاعر نفسه ، هي تقرأُ لغسَّان وهو كتبْ على يدِي إحدى مقولاته .. يبدُو أنَّ حُبكم اللعين يحيَا حتى ببُعدِ الأجساد ،
نظرت لتغريداتها ونظراتُ الغيرة تلتهِمها .. تذكرت صورتها وعادت لتضغط على الصورة لتكبُر بإتساع شاشتها ،
همست لنفسها " شينة .. هذي أم الأخلاق بدون حجاب ولا شي "
خلف بُرج إيفل تقِف وبين كفوفِها قطةٍ بيضاء تُشبه بياض ملامحها و لا يظهرُ جسدِها بأكمله بل إلى منتصف بطنها تنتهي الصورة ، شعرُها أسودٌ ناعم ذو طولٍ لا بأس به على كتفِيْها و نظارةٌ سوداء تُغطِي عيناها و ضحكةٍ ترتسم بشفتيْها المُكتسية بالتُوت الأحمر و أنفَها يخترقهُ – زمام –
عضت شفتيْها وهي تُدقق بملامِحها تُريد أن تخرج منها عيبٌ واحِد ، ولكن لا عيُوب رُبما عيناها التي تُغطيها " سيئة "
لا مُقارنةً بيني وبينها ، تبدُو أنثى أكثر منِّي ، حتى جسدِها الذي لا يظهرُ بأكمله إلا أنه من الواضِح أنه مُتشبع بالأنوثة.
" بس والله شينة .. شيننة إلا شينة واضح "
عادت لتقرأ تغريداتها ، كانت البداية من " صباح الأمطار و جمال باريس هالأيام "
تمتمت : صباحك معفن يشبه وجهك
قرأت " شايفيين هالشريريين جابوا لي عصير حااار " *كانت واضعة صُورة لشخصيْن يبدُو أنهم عرب*
رتيل وفعلاً جُنَّت وهي تتحدَّث مع نفسها : ها ها ها يا ثقل دمك يالشينة
تركت تغريداتها لتدخل على الصور جانبًا ، لا تعرفهم .. بدأت تنزل لأولِ الصور وُضعت في الحساب ، أرتعش قلبها وهي ترى صُورة عبدالعزيز يُعلق على لوحة الإقتراحات ورقةٍ بيضاء غير واضحة الخط
مكتُوبٍ بتغريدتها " يا حياتي من أمس هو و عادل يطالبُون بإجازة هههههه هاردلك يا شباب على الرفض "
أغلقت حاسُوبها و الغضب يشتعل بها ، لِمَ فتحت صفحتها ؟ حتى احترق أكثر
إذن هذه زوجتِك ؟ الله يآخذك أنت وياها ... أستغفر الله.
وضعت أصابعها بين أسنانها اللؤلؤية لتُقطِّع أظافرها والتفكِير بهذه الأثير يقتلها ، حُب و عمل يربطكم و ماذا أيضًا ؟
هذه ذات الأخلاق الرفيعة و الجمال !! واضِحة جدًا أخلاقِها ،
يُتبع
،
أرتفع أذان المغربْ ليلتَّم الشملُ القليل على الطاولة ، الربكة تُثير البعض والشك ينغمسُ في قلوب البعض الآخر.
أكلت شيئًا يسيرًا حتى ضاقت شهيْتِها : الحمدلله
والدتها : ماكليتي شي ؟
الجوهرة بتوتِّر : لآ بس شبعت
ريَّان بنبرةٍ ذات شكٍ كبير : شبعتي ؟ الله على معدتك اللي ماعادت تتحمَّل تآكل
والده : وش قصدك ؟
ريان : ماأقصد شي بس أقول يعني ليه سلطان مايسأل ؟
الجوهرة رجعت بخطواتٍ قليلة للخلف وكأنَّها تتجهَّز لمعركةٍ تواجه فيها ريَّان
والده : مالك دخل
ريَّان يشربُ من الماءِ قليلاً حتى يُردف بلامُبالاة : غريب أمركم ، تركي مختفي وتقولون مسافر و سلطان قاطع و يمكن راميها ويبي الفكَّة ..
والده يُقاطعه بحدة : أحفظ لسانك زين
ريان بغضب لم يستطع أن يتحمل أكثر : أبي أفهم وش صاير في بيتنا ؟
والدته بخوف : تعوذوا من الشيطان لاتخلونه يدخل بينكم
الجُوهرة بنبرةٍ مُرتجفة : يعني مايصير أجلس عندكم كم يوم ؟
ريـان : إلا يصير بس أنا أحس فيه إنَّ بالموضوع
الجُوهرة هزت رأسها بالرفض لتُردف : تبيني أتصل عليه قدامك عشان تفهم أنه مابيننا شي
ريان بحدة : إيه
الجوهرة بلعت عبرتها المُرتبكة لم تتوقع أن يكُون هذا ردِّه ، عادت أنظارها لوالدها وكأنها تطلبُ النجاة الآن
والده بعصبية : ريـــــــــان لا تتدخل بمشاكل أختك
ريان أبتسم بغضب : أنت بنفسك قلتها ! مشاكل أختك ؟ يعني فيه مشاكل
والده : ومالك دخل فيها
ريان ألتفت على الجوهرة : وش المصيبة اللي طايحة فيها هالمرَّة ؟
والده : لاحول ولا قوة الا بالله .. يعني تعاندني
ريان يقف ليُقبِّل رأس والده وبهدوء : ماأعاندك بس أبي أعرف وش مهببة بنتك !!
الجوهرة بضيق حاولت أن تتشجَّع : مشاكلي تخصني بروحي ، مالك حق تتدخل فيني ،
شتت نظراتها عنه لتلفظ بشمُوخٍ هزيل : أنا متزوجة يعني ماعدت صغيرة وأعرف كيف أدبِّر نفسي
ريَّان بغضب كبير : نععم يا روح أمك !!
وقفت والدته : ريان خلااص .. أرحمنا الله يرحمك
ريان : طالع لها لسان بنتك هالـ
قاطعه والده بغضبٍ أكبر : لاتنسى نفسك
ريَّان بنبرةٍ مُتقززة : كشفك سلطان !! أكيد عرف بمصايبك اللي مانعرفها .. أصلاً أنتِ رخيصة من قبل .. من يوم طلعتي له ورى البيت .. يالله على القرف اللي فيك وعلى أخلاقك !! ومسوية فيها العفيفة
والده بصرخة أسكتته : أبلع لسانك ، أختك أشرف منك .. ماهو أنت يابابا تشكك في تربيتي لأختك .. هالكلام ماأبغى أسمعه منك مرة ثانية والله يا ريان لو أنذكر مرَّة ثانية لا أنت ولدي ولا أنا أعرفك
ريان تنهَّد وهو يخرج مُتمتمًا : حسبي الله ونعم الوكيل ..
والدته تنقلُ نظرات الشك و الإمتعاض بين الجوهرة و أبيها ، تنهَّدت لتخرج هي الأخرى تاركتهُم
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك