رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -193
عبدالعزيز : يعني أفهم من كلامك إنه مطلوب مني أروح وأقنع بوسعود بمشعل اللي هو أنتْ !! وبتتوقع إنه راح يصدَق ويبارك لك!! مستحيل أنا أعرف بو سعود إذا ما سوَا لك بحث شامل عن أصولك ما يرتاحفارس : وأنا ليه أبيك؟
عبدالعزيز ضحك بسخريَة : تبيني أبيَن له إنه ما على عبير خوف معاك!! مجنون؟
فارس تنهَد بحدَة : عبدالعزيز!!
عبدالعزيز : هذا زواج ماهو لعبة!
فارس : على أساس إنك تزوجت بصورة طبيعية؟
عبدالعزيز رفع حاجبه : عفوًا؟
فارس : قدام أبوي قلت إنك متزوَج وحطيت بوسعود أمام الأمر الواقع! صح كلامي ولا معلوماتي خطأ؟
عبدالعزيز نظر إليه بجمُود : أنا غير وأنت غير!!
فارس : تزوجت وأنت ما تعرف أيَ وحدة فيهم لكن سألت نفسك ليه أبوها ما أختار عبير رُغم أنها الأنسب في ظروفك ؟
عبدالعزيز : لا يكون هذي من تخاريف أبوك اللي مصدَرها لك
فارس : أبوي ماعنده خبر!! أنا اللي أتصلت، وبعلاقاتي قدرت أهددهم لو تزوَجت عبير ماراح يحصلهم خير!! و هالكلام وصل لمقرن وبعدها وصل لبوسعود، وأنجبروا يختارون الثانية
عبدالعزيز بإبتسامة باردة : هذا الخبر ما كان يدري فيه . .
يُقاطعه : أبوي وأنت و بوسعود و مقرن و سلطان، كيف تسرَب لي؟ هذا اللي تبي توصله . . قلت لك من قبل أعرف أكثر من اللي تعرفونه ولو أبي أهددكم قدرت من زمان لكن هالشي راجع لعقلي اللي ما يفكَر يضرَكم بشي
عبدالعزيز صمت لثوانٍ طويلة حتى نطق : وش اللي تعرفه؟
فارس : أبوي مو غبي! حط هالشي في بالك! إذا ما كشفك اليوم، بيكشفك بوقت ثاني وراح يمثَل عليك ويمثَل على غيرك، أنا أكثر شخص أعرف أبوي وطريقته، سبق وسوَاها بأبوك و بومنصور، على آخر لحظة قلب كل شغلهم وكشف معرفته بكل الأمور في الوقت اللي كانوا يحسبون فيه إنه محد داري!!!
عبدالعزيز عقد حاجبيْه : ليه تقولي هالحكي؟ ما تخاف أروح لهم وأقولهم ونغيَر كل خططنا!!
فارس بهدُوء مُهيب : واثق فيك
عبدالعزيز : فارس . . .
فارس : أنا فاهم وش تفكر فيه وحاسَ فيك، إذا أنت تحس إنك منت مناسب لهالشغل أنا أحس كل يوم إني في بيئة ما تناسبني!! لا تتوقع ولا في لحظة إني بغدر فيك، عبدالعزيز بقولك شي وما أظن راح أتجرأ أقوله لأحد غيرك
عبدالعزيز رفع عينه إليْه، كانت عينا فارس شرسَة بالشفافية والوضوح الذي بدآ يغزُوها، بلع ريقه : وشو؟
فارس : أنا مراقب بيت بوسعود من قبل لا تجي الرياض، وأعرف كل شي يصير فيه، لأن السوَاق اللي عنده كان يشتغل عندنا من زمان و الشغالة نفسها كانت توَصل للسوَاق الأخبار وهو يوصَلها ليْ، و لمَا حصل أمر زواجك تسمَع على بوسعود ومقرن وكانوا يخططون على عبير، وقالوا أنه ردَة فعلها بالمستقبل ماراح تكون إنفعالية مثل . . أختها الصغيرة، و لمَا كلمت اللي أتعامل معه واللي يربطني بأبوي قالي عن الموقف اللي حصل وإنك تكلمت وقلت إنك متزوَج بنته . . . وطبعًا كل هذا أقوله لك بدون فخر
عبدالعزيز بدهشة : وكل هذا عشان أيش؟ كيف عرفتها؟ وشلون عرفتها أصلاً؟ أنا من جيتهم طلعاتهم تنعَد على الأصابع بالشهر الواحد، كان مشدد عليهم بوسعود كثير!!! كيف . .
فارس : هذي سالفة طويلة
عبدالعزيز : لا تفكَر تقوله لأحد غيري لأن فعلاً فيه قلة رجولة! كيف تسمح لنفسك إنك تراقب بنت؟
فارس بضيق : ما راقبتها بعيوني! اللهم أخبارها هي اللي كانت توصلي
عبدالعزيز : ووش السالفة الطويلة؟
فارس : أبوي كان يبي مزرعة بوسعود وأستغلني لأني مبتعد عن الأجواء ومحد يعرفني، وكلمت صديق لي إسمه عبدالمحسن اللي كان يعرف أحد معارف بوسعود و بعزيمة أجتمعوا كلهم وضبطوا وضع المزرعة إننا نأجرها منه لكن بوسعود رفض وقال إنها حلالنا نجلس فيها متى مانبي ولمَا جيتها أول يوم كانت أغلب الغرف مقفلة لكن فيه غرفة لقينا مفتاحها بالوقت اللي راح عبدالمحسن فيه، ومن فضولي فتحتها وكانت غرفة عبير
عبدالعزيز بغضب تتسارع كلماته : وش لقيت فيها؟ كيف عرفت إنها عبير؟ يعني شفتها؟
دون أن يضع عينه بعينيَ عزيز : لقيت صورها موجودة
عبدالعزيز بسخرية غاضبة : وطبعًا مشيت على مبدأ شفتها وخذت قلبي
فارس تنهَد بضيق : لا طبعًا! بس لأني محبوس وزين أطالع السمَا قامت تشغل عقلي وقررت أبحث عن رقمها وأشغل وقتي فيها، يعني كانت مجرد تسلية
عبدالعزيز بحدَة أعتلت نبرته بشتيمةٍ قاسية في وجه فارس.
فارس نظر إليْه بغضب : ممكن تخليني أكمَل قبل لا تحكم عليَ؟
عبدالعزيز : لا تتوقع إنه عقب حكيْك بأقتنع وأقول والله كفو راح أقنع بوسعود فيك وأنت تراقب بنته من سنة وأكثر!!
فارس : حبَيتها يا عزيز، بس تدري وش عقابي من هالحُب؟ عُمرها ماحاولت تعطيني فرصة كانت دايم تبتر الطرق اللي توصلني لها!! كان إيمانها أقوى من إني أزعزعه بأيَ فعل!!
عبدالعزيز: الأساس غلط وزواجك منها الحين غلط وكل شي مبني على غلط لا تفكَر تصححه
فارس : هالكلام بدل ماتقوله ليْ قوله لنفسك ولا أنا غلطان؟
عبدالعزيز : قلت لك لا تقارني فيك!! زواجي وإن كان ممتلي أغلاط لكن هي عندها علم فيني وبإسمي أما أنت تبي تخدعهم كلهم! إلى متى؟
فارس : أنا عارف والله العظيم إنه محد يرضى على بنته بهالشي! وأنت اللي ما تقرب لك عبير بشي عصَبت!! لكن هذا شي حصل مقدر أكذب وأقولك بمثالية إنه أموري تمام وأنا خالي من العيوب، أنا غلطت وأعترف لِك إني غلطت عشان أكون واضح قدامك بدل ما أكون واضح قدام عبدالرحمن و تخرب كل أشغالكم المتعلقة بأبوي
عبدالعزيز يُبلل ريقه بمياهٍ باردة، نظر إليْه بحدَة : كلنا نغلط! لكن غلطك يجلط القلب
فارس إبتسم : والنتيجة؟
عبدالعزيز : النتيجة الله يسلمك تبطَل مراقبة بيت بوسعود!! وأهله
فارس بضحكة : وبعدها؟
عبدالعزيز تنهَد : الله لا يبارك في العدو . . طيب
فارس صخبت ضحكته ليلفظ : الثقة ماهي شي إرادي تذكَر هالشي، وأنا داري ومتأكد إنك واثق فيني لكن ما يساعدك صوتك بالإعتراف
عبدالعزيز إبتسم رُغمًا عنه : بس والله لو حصل شي غير اللي اتفقنا عليه بوقَف بوجه هالزواج وماراح تشَم ريحته
عاد لوجه رائد ولعينيْه، كانت كلمات فارس مُنبَهة منذُ ذلك اليوم ولكن نحنُ الذين طمعنا بإستغفاله حتى صُدمنا، إلتفت لإتجاه صوت رائد الساخر/الشامت : تأخرت يا بوبدر؟ هذا وأنت دقيق في مواعيدك
تأمل الوضع وهو يبحث بعينيْه عن الفردِ المفقود " ناصر "، نزلت أيادِي رجاله الذين يفتشونه لأقدامه، سلطان تجاوزهم وهو يخطُو على يدِ إحدى الرجال بتعمَد : عفوًا
رائد وضع قدمًا على قدم فوق الطاولة ببرود : إتفاقنا ماشي ولا ناوي تخربَه عشان أخربه معك
سلطان تنحنح حتى لفظ : وين ناصر؟
رائد بإبتسامة مستفزة : بحَ!!
سلطان ببرود يجلس بجانب بوسعود : إذا تبي تتعامل بهالأسلوب أبشرَك عندي أسلوب همجي يليق فيك
رائد : طيب خلنا نحط عبدالعزيز بالصورة، مين ورى حادث سلطان العيد يا بو بدر؟
عبدالعزيز أطلق ضحكة قصيرة من جوفِ قهره ليقف وهو يقترب من النافذة ويضع يديْه بجيوبه
عبدالرحمن : أظن إنه ماهو موضوعنا! والحين جاء وقت يطلع ناصر
رائد بهدوء : مين اللي قال نبي عبدالعزيز لأن ما وراه أهل!!
سلطان : تحاول تستفزني وتستفزه عشان تشتتنا؟ هذا الأسلوب قديم! ولا عاد يمشي معنا
رائد : لو قلنا سلطان العيد و قضاء وقدر وما كان بإيدكم حيلة، وينكم عن مقرن؟
سلطان بغضب وقف : أقسم لك بالله إنه ما يوقف بوجهي شي لو حاولت . .
يُقاطعه رائد بذاتِ الحدَة : لو حاولت أيش؟ خايف من عبدالعزيز؟ خايف إنه يعرف!
إلتفت عبدالعزيز ليوجَه حديثه إلى رائد : لا تخاف! ما أعتبرهم شيء عشان أنصدم منهم، لو كنت لهم شيء ذيك الساعة كانوا علموني بدون لا تمهَد لهم وتحاول تستفزهم!!
عبدالرحمن : كل شي كان مفروض تعرفه عرفته عدا ذلك لا هو بمصلحتنا ولا مصلحتك
رائد : طبعًا ماهو من مصلحتكم بقاء عبدالعزيز في باريس عشان أخته
سلطان : واضح إنه أخبارك قديمة، عالج الموظفين المشتركين مع سليمان وذيك الساعة تعال قولنا وش صار بالحادث؟ لأنك مخدوع بقوَتك!
رائد بإبتسامة : هل عندِك علم يا عبدالعزيز إنه ابوك كان عايش بعد الحادث لأسبوع؟ وبعدها توفى؟
عبدالرحمن بحدَة : رائـــد!!!
عبدالعزيز بلع ريقه بصعُوبة، نظَر إليهم بضياعٍ تام، أقسى من عيناه هذه اللحظة لم تُوجد ولن تُوجد.
أسبوع! هذه السبعة أيام كانت كافيَة لشفاء قلبي، رُبما سمعت صوته للمرة الأخيرة ورُبما قرأ عليَ ختام حياتِه، ولكنني لم أعرف؟ لأن هُناك من ينصَب نفسه مسؤول عن قلبك ويلغي منه الحياة لأن يُريد ذلك دون أن يلتفت للدم الذي يربطنا معًا، لم أفعل أيَ شيء حتى أستحق كل هذا! حتى وأنا أعصي القوانين وإتفاقاتنا و أودِع الحزن في صدوركم كنت أتراجع، تراجعت كثيرًا! في المرةِ الأولى مع رتيل عندما أردت أن أُذيقها عذابًا لا ينتهي دون أن تدري أنها زوجتي، وتراجعت في المرة الثانية عندما حاولت أن أفضح أمركم أمام رائد، وتراجعت في المرة الثالثة عندما أدركت أن هُناك أمرًا خفيًا وواصلت العمل دون أن ألتفت لهذه الفرضيات، وماذا قابلتوني عن هذا التمسَك أو التراجع؟
سلطان إلتفت بكامل جسدِه ناحية عبدالعزيز : عبدالعزيز !
رائد : قولوا له إذا كان عندِه علم بعبدالمجيد!
عقد حاجبيْه وهو لا يعكس القهر على ملامحه وإنما عيناه / فضَيحة : ماني قايل ( ليه ) اللي بحَ فيها صوتي بقول سامح الله أبوي اللي ما خلَى كلمة حلوة ما قالها بحقكم وأنتم منتُم كفو
عبدالرحمن أقترب منه ليبتعد عبدالعزيز بحدَة تصلَب ظهره : لا تفكَر ولا للحظة إنك تبرر ليْ! تدري وش المصيبة؟ إنه عدوَكم يدري عن أخباري وأنا صاحب الشأن آخر من يعلم! والنعم والله بالمعزة اللي في قلوبكم ليْ
سلطان : وش راح يفيدك إنك تعرف عن أبوك في وقت متأخر؟ غير الحزن والتعب؟ إحنا بعد ما عرفنا الا متأخر
عبدالعزيز بإبتسامة : أبد ما يفيدني بشي! لا تقولي عن أختي ولا تقولي عن أبوي! أصلاً وش بيصير؟ عادي أختي تعيش سنة كاملة بعيدة عني ولا أدري وش صار لها ووش ما صار لها وعادي جدًا إني أسمع إنه أبوي نجَا من الحادث! كل شي عندِك عادي يا سلطان . . . بغضب أعتلى صوته حتى رجع صداه أقوى . . بذمتك ترضى يصير فيك كذا؟ ترضى تتشرد أختك ولا أمك ولا أيَ زفت من أهلك؟ أنت آخر شخص تتكلم بهالشي لأن عُمرك ماراح تعامل الناس مثل ما تعامل نفسك! عندِك أنت ومصلحتك الأولوية بعدين إحنا! نموت نمرض نآكل تراب عادِي بس أنت ماشي شغلك وإدارتك ماشية خلاص الحياة حلوة حتى لو هي على حسابنا وتمشي فوق أوجاعتنا . .
سلطان بهدوء : ماهو كل شي بإيدنا!
عبدالعزيز بغضب كبير يتقطَع صوته بالبحَة : لو هالشي يعنيك كل شي صار بإيدك! بس لأن الشي يعنيني عادي تقول في نفسك، وش يهمنا؟ خلَه أهم شي رائد مخدوع إلى الآن وأمورنا ماشية!
سلطان : طبعًا لا، لأن لو مقرن حيَ كان شهَد قدامك إنه وصلنا خبر غادة بعد أكثر من شهر من وفاتهم وما كنَا ندري عن كل اللي صار بعد الحادث لين جانا فيصل
عبدالرحمن : جانا مقرن وقالنا إنه ماعندِك علم بغادة بعد ما أكتشفنا أمر حياتها، اما مسألة أبوك ما عرفناها الا باليومين اللي فاتوا، ووقتها قررنا إنه يبقى ما عندِك علم! وغادة كانت فاقدة الذاكرة و مقرن خضع لتهديد فيصل له بالبدايَة و وكَل المهمة لأمل اللي تصرفت كأنها أمها معها و إحنا من جهتنا وكَلنا سعد يكون معاها، وبعد فترة طويلة أكتشفنا إنه مقرن كان مهدَد من فيصل اللي تعامل مع سليمان وخبَى عنَا أمر أمل و الأحداث اللي صارت لغادة، وبعدها تدخَل عبدالمجيد وحلَ مشكلة فيصل وأبعده عن سليمان
سلطان : لا تفكَر إننا خبينا عنك وإحنا دارين أدق التفاصيل، كانت فيه أشياء تصير بدون علمنا وأكبر مثال مقرن لمَا تصرف مع أمل بدون لا يقولنا،
رائد يصفَق بضحكة شامتة : برافو برافو! مشهد تمثيلي رائع، مين اللي ماكان عنده علم بأمل يا سلطان؟
سلطان دون أن يلتفت إليْه : أنت ما عندِك علم بولدِك ووش كان يتصرف من وراك بيصير عندك علم وش يصير عندنا؟
رائد أشتَد قهره : بس ولدِي لمَا بغيته قدرت أخدعكم فيه لولا أمر بسيط حصَل خلاني أحوسكم، أذكَرك يا بوسعود بمشعل؟ كان قريب من الزواج على بنتك! وكان بسهولة بتمشي عليك الكذبة طبعًا هذي بمساعدات عبدالعزيز، ولا يا ولد سلطان؟ مو كنت تبي تقنع بوسعود بمشعل؟ . . هههه أمركم يا جماعة الخير مصخرة!!
عبدالرحمن نظر لعبدالعزيز بدهشَة، وهذه فرصته للإستفزاز : ماراح أبرر لك أيَ شي! لا تقولي ليه تصرفت كِذا! تصرفته بمزاجي،
عبدالرحمن بهدوء ملامحه : ما راح أطلب منك تبرر ليْ
عبدالعزيز بغضب : يكون أفضل!!
رائد : ننشر الغسيل ولا كافي؟
سلطان مسح على وجهه بتعَب نفسي من الضغط الذي يواجهه هذه اللحظة، يُردف : طبعًا أكمل عنكم المسرحية لعبدالعزيز، تدخلوا الأبطال وقالوا ما يبي لها حل واحد، أكيد سلطان العيد خدعنا وأكيد سلطان العيد غدر فينا ولا كيف يشتغل من ورانا؟
بنبرةٍ طفولية يستفزهم : شفت وش قالوا عن البابا يا عبدالعزيز؟
عبدالعزيز تصاعدت الإضطرابات في قلبه دون أن يلفظ كلمةٍ واحدة حتى لا يخرج عن نطاق سيطرته بنفسه.
عبدالرحمن : والله برافو عليك! نلت اللي تبيه ونسيت مصلحتك اللي عندنا
رائد بضحكة طويلة : مصلحتي؟ أظنَ يا بوسعود بتوصلك الأخبار الحلوة بعد شويَ
سلطان : طلَع الحين ناصر وبعدها نتفاهم صح
رائد يجلس على الأريكَة العريضَة : أنا مستمتع بالفضايح اللي تقولونها لعبدالعزيز، سمعَوني بعد . . كيف عبدالمجيد أشتغل بدونكم؟
سلطان : مثل ما أشتغل سليمان معاك برجاله
رائد صمت قليلاً إثر الرد المُفحم منه، أردف سلطان : ومثل ما لفَ فارس من وراك بعد
رائد : ولدِي إبعد عنه، عرفت آخذ حقه وبسهولة! والحين بآخذ حقه منكم بعد وبسهولة!!
سلطان : على أساس إننا ضرَينا ولدك بشي! على فكرة ولدك يهمنا اكثر منك وبالحفظ والصون
رائد لم يفهم تمامًا ما يرمي عليه سلطان : وأنا ما يهمني وش ولدي بالنسبة لكم! أهتم بولد سلطان العيد اللي خذيتوا عقله
عبدالعزيز بغضب يتجه إلى رائد : لا بارك الله في شغلٍ نسَاكم إننا بني آدميين!!
رائد بحدَة يقف : وش اللي بيني وبينك يا عبدالعزيز؟ على فكرة أنا هددت أبوك بس ما لمسته! ويوم قررت أأذيه كان سليمان سبَاق، ما ضحكت عليك ولا قلت ترى أختك ماتت ولا ضحكت عليك وقلت لك هذا رائد عندنا شغلة ضرورية معه وبنخليك عميل لنا وتقرَب منه لكن أنتبه ترى هذا رائد ما ضايق أبوك بشي! ولمَا أكتشفت إني هددت أبوك وش سوَيت؟ رجعت لهم! مين الغلطان؟ محد غلط بحقك يا عبدالعزيز أنت اللي غلطت بحق نفسك لمَا رضيت مع الأمر الواقع ولا حاولت توقف بوجههم وتعرف وش صار بعد الحادث، حصل الحادث بليل وبعدها تدخَلوا حبايبك! تدري منهم، فيصل ولد عبدالله القايد و مقرن بن ثامر! وبعدها توسَعت السالفة ووصلت لكل اللي ينقال لهم حبايب أبوك! وطبعًا انت معمي عن كل هذا! أعرف إنه محد صار عدوَك بكيفه، أنت اللي خلَيت الناس كلها أعداءك لأنك ما جرَبت تعاديهم قبل لا يعادونك بأفعالهم ويحبونك بلسانهم
سلطان بعصبية : ماشاء الله عليك رايتك بيضا! ما ذبَحت عيالنا بالرياض ولا أعتديت على قاعدة أمنية ولا سويت شي! ولا دخَلت الأسلحة و المخدرات والعفن اللي تجيبه كل سنة لنا و لا خلَيت جماعات إرهابية تخرَب عقول شبابنا في الجامعات لين وصلوا لك . . أبد ما سوَيت شي ولا حتى ضايقتنا وهددتنا، و أفتعلت جرايمك حتى في وسط شغلنا! كنت السبب ورى خراب معدَات التدريب يوم وفاة عبدالله القايد وكنت السبب في حرق بيتي ووفاة أهلي! . . لو تدري بس كم جريمة مسجَلة ضدَك وكم عقاب راح ينتظرك! لا تتوقع ولا للحظة إنك بتفلت منَا حتى لو جمَعتنا اليوم وأحرقتنا! فيه ورانا رجَال بيضايقونك في كل تصرف مثل ما ضايقناك! ماراح أعطيك موشح بالوطنية وبأعمالك اللي ضدَها!!
رائد بنبرةٍ هادئة : أفعالي كانت ردَة فعل لأفعالكم
سلطان بغضبٍ بالِغ فجَر كل ما في داخله بنبرةٍ صاخبة : مجنون! تبيني أسمح لك تلفَ عقول الشباب و تتاجر بأمور محرمَة دوليًا مو بس دينيًا، يا سلام! يعني نظام أخلَيك تآخذ راحتِك وعادِي نمثَل إننا ماشين تمام!! لا والله منت مآخذ راحتك طول ما أنا حيَ ولا راح تآخذ راحتك طول ما ورانا ناس عيونها ما تنام عن الأمن، ويا أنا يا أنت يا رائد
عبدالرحمن مسك معصم سلطان ليهمس : يترك ناصر بالأول و نبعد عبدالعزيز وبعدها نصفي حساباتنا
رائد الذي لا يصله هذا الصوت الهامس ويستغرب من فهمِ سلطان له ولكنه أدرك تمامًا أنه بينهم لغة يصعبُ كسرها مهما حاول : حاليًا، ما يهمني شي غير إنه عبدالعزيز يفهم وش اللي يصير تحت الطاولة، وتأكد تمامًا أنك جالس تتحدى شخص ماعنده شي يخسره
عبدالرحمن بهدوء : وش اللي يصير تحت الطاولة؟ فاهم قصدك تحاول تميَل عز ناحيتك، على فكرة عز ماهو غبي
عبدالعزيز بحدَة : لا أبشرك المؤمن لا يُلدغ من جحره مرتين، وماراح تقدر تآخذ عقلي بهالكلمتين
رائد بضحكة : هذا هو ردَ عليك! يعني وش فيها لو قلتوا له يا عبدالعزيز أبوك سوَا كِذا وكِذا ولا . . وش رايك يا سلطان تقصَ علينا قصة تعيينك؟ رُغم فيه ناس أقدم منك وأحق منك . . قصة مثيرة صح؟ ونستمتع فيها شويَ دام الجو بدآ يتوتر
سلطان إبتسم ببرود عكس ما بداخله : قصَ عليهم أنت دامك مبسوط بمعرفتك باللي يصير تحت سقفنا! واضح إنه جواسيسك يشتغلون بذمة وضمير، بس تدري عاد! جواسيسك يوم أشتغلوا صح خانوك وراحوا لسليمان وقاموا يشتغلون له وأنت الله يسلمك حاط رجل على رجل وتحسب أنه الناس تمشي على شورك ما تدري إنها تغيَرت وصارت تمشي على شور سليمان إللي لو أنفخ عليه طار!!
رائد بإستهزاء : ويوم راحوا لسليمان ما علَموك وش سويت فيهم؟ حشَيت رجولهم وحشَيت من وراهم سليمان بكبره! خل عبدالرحمن يقولك شافه بعيونه وهو مربَط وبجيبه لك بعد شويَ تقر عينك بشوفته . .
عبدالرحمن تنهد : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه
رائد : كل شي يصير من وراي ومن قدامي أعرفه، اللي يخوني أخونه واللي يغدر فيني أذبحه . . بس ما قلتوا لي اللي يخونكم وش تسوون فيه؟ أووه لا لا كِذا انا غلطت أقصد أيَ مصحة تودونه؟ ما بشرَكم عبدالمجيد إنه طالع من زمان وأنتم يالمساكين تدعون له يالله تشفيه ويالله تعافيه. . والله أنتم الله يشفيكم ويعافيكم دام مقرن و سعد و عبدالمجيد والأمة العربية تلعب من وراكم! وتوَكم . . عقب سنين تكتشفون إنه سلطان العيد كان يفاوض سليمان من وراكم!
بسخرية لاذعة أردف : ما هكذا يُدار الأمن يا شباب!! ولا قوتكم ما تطلع الا عليَ؟ وحتى ياليتها تطلع هذاكم قدامي، قدرت أجيبكم مثل الكلاب . . بنظرة موجهة لسلطان وهو يدري إنه يدوس على كبرياءه في هذه اللحظة . . قدرت ولا ما قدرت يا بو بدر؟ . . قلت لكم لا تلعبون بالنار حتى كتبتها لكم وحطيتها في . . . أقول يا بوسعود ولا أسكت؟ يالله ما أبي أضايقكم وبقول حطيتها في ملابس بنتك حرم عبدالعزيز الله يسلمه
عبدالعزيز أسترجع الحادثة التي حصلت في بداية السنَة، و الورقة التي قُذفت في صدر رتيل، بغضب أخذ المزهرية التي تتوسط الطاولة ورماها على رائد الذي أبتعد قبل أن تصله وتناثر زجاجها، بخُطى مجنونة توجه إليه إلا أن جسد سلطان وقف أمامه.
عبدالعزيز بقوَة يدِيه دفع سلطان وعيناه تحمَر من شدَة الغضب : مو بس تبعد عن طريقي! أبيك تبعد عن حياتي
رائد بنبرةٍ شامتة : مقدَر الجنون اللي فيك يا عزيزي! ضحكوا عليك ومتزوَج بنتهم و أيش بعد؟ خلَوك تجرب أنواع العذاب على أساس إنك ماشاء الله تدافع عن وطنك لكن اللي يدافع عن وطنه على الأقل يدافع عن أهله ولا أنا غلطان يا عبدالعزيز؟
سلطان لم يحاول أن يمد يده، يُمسك أعصابه بصعوبة، دقائق صمت وحوار بالنظرات بين سلطان وعبدالعزيز، يتشباهان بجسدهما، لا تفصل سوى مسافةٍ قصيرة ( نصف متر )، نفس الطُول وذاتِ العرض، حتى حدَة النظرات المنفعلة بعينيْهما أصبحت تتشابه، في هذه الأثناء أصبحوا يتشابهون بصورةٍ مؤذية/ يعتليها بعض الهيبَة التي خلَفها والده به و بسلطان أيضًا.
رائد ينظر إليهما بتركيز عالٍ : كيمياء عجيبة بينكم! واضح إنه الحقد بعد ماليكم، يالله عساه حولنا ولا علينا
عبدالرحمن بإستفزاز صبَر عليه كثيرًا حتى بدأ صوتُه الهادي مُستفزًا لرائد : بما أنك ما ألتزمت بكلامك وما طلَعت ناصر! يمدينا إحنا بعد ما نلتزم بكلامنا؟ وماله داعي تقولي البيت محاصر وماتقدرون وإلى آخره من هالحكي! أنت عارف قدراتنا! وعارف برَا كم عندنا واحد، لذلك خلَك رجَال وعند كلمتك وطلَع ناصر
رائد بسخرية : ما يهمني أكون رجَال بعيونك! وماني عند كلمتي! وش تبي تسوي؟
عبدالرحمن : بسوَي أشياء كثيرة، وأنت عارف وش قصدي
رائد : حاليًا يا عبدالرحمن ما تقدر تهددني قلت لك ماعندي شي أخسره هذا أولاً وثانيًا أنت قدامي ومحاصر على قولتك، وسلطان قدامي بعد ومُحاصر!! وعبدالمجيد إن شاء الله بنجيبه على يوم أحلَي فيه دام غداي فيكم!!
سلطان بهدوء : ناصر يطلع!!
رائد يُقلد نبرته : لا لا لا لَـــه!! مفهوم؟
عبدالعزيز يتخلَص من حدَته رُغم البحة الواضحة في صوته والتي تُبيَن هذه الحدَة الغاضبة : ناصر يطلع لأنه ماله علاقة بقذارتكم!!
رائد يقف مجددًا : كنت منتظرك تقولها ليْ! وش المقابل يا عبدالعزيز؟
عبدالعزيز بحدَة أستفزت سلطان و عبدالرحمن : اللي تبيه مني حاضر
سلطان أطلق ضحكة قصيرة متعجبة وساخرة بالوقت نفسه : برافو والله يا عبدالعزيز
عبدالعزيز إلتفت عليه برفعةِ حاجبه الأيمن : هي جتَ عليه؟ هذاني قضيتها معكم ولا قدرَتوا قيمتي ولا قيمة أبوي!!
رائد بنبرةٍ إستهزائية بالدرجة الأولى : المُشكلة يا عبدالعزيز، وتصوَر بعد إنه أبوك كان السبب الرئيسي في وجود سلطان! تخيَل!! وصارت مشاكل في ذيك الفترة عليه كيف شخص ما عدَا عُمره 35 يرأسنا؟ وشوف كيف قدَر أبوك اللي حطَه في هالمكان
سلطان أدخل يديه في جيوبه لأنه شعَر بإحتمالية الضرب، ليُردف رائد : حتى بوسعود ماكان راضي وحصلت خلافات بالبداية والله أعلم عاد كيف أقنعه أبوك بأحقية سلطان!!
سلطان : وعبدالعزيز كان في عيونَا لعلمك! ولا نرضى عليه ومو بس عشان أبوه! إلا عشانه بعد لأنه يهمنا
عبدالعزيز بسخرية : الله يسلم عيونك ما قصَرت يوم إنها حفظتني أعمتك وواضح إنك نسيتني بعيونك بعد!!
سلطان نظر إليه بنظراتٍ لا يفهمها بسهولة، نظرات كانت تحمل رجاء من نوعٍ خاص.
،يُتبع
مستلقيَة على السرير، لا صوتٌ يصدر منها تتلحفُ السكينةَ بدقَة عاليَة مصدرُها عيناها المضيئتانِ منذُ مكالمة يوسف.
أشعرُ أن الخيارات أمامي وأن الجنَة أيضًا تتمسكُ بي ولكنني أتجاهلهُا وأسير بكامل إرادتي إلى الجحيم، هذا الشعور يقتلني يالله! أنني أُدرك بمقدرتي على فعل شيء ولكنني عاجزة عن فعل هذا الأمر، هذا التناقض الذي يجري بلا دمٍ يرويه في عقلي يُجفف نبرتي ويُنقض عهدها بالكلام، أُريد أشياءً كثيرة، أُريد يوسف و ضحكة يوسف و نظرة يوسف و عِناق يوسف و كل شيءٍ يتعلق بيوسف و لا أُريد أيَ شيء في الدُنيَا عداهُ، ولكنني أفعلُ كل ما يناقض هذا الأمر لأنني مازلتُ أنتمي لجلدٍ جافَ يستمَر بمُعاقبة نفسه في حقلٍ من الأشواك، هذه المرارة في فمي، عالِقة بلزوجَةٍ متربَصة كما أن هُناك ( أُحبك ) مخفيَة، أظنُها أيضًا هذه الكلمة تُعاقب نفسها بصدرِي وتبثَ حزنها بطريقة ما.
من خلفها : خوالتس يسألون عنتس!!
مُهرة بهدوء : ما أبغى أشوف أحد
والدتها : كل هذا عـ
مُهرة تقاطعها بذاتِ الهدوء : صار اللي تبينه والحين أتركيني ولا تزيدينها عليَ
والدتها تجلسُ على طرف السرير : يا غبية أنا أبي مصلحتتس! تبينن أرميتس عليه؟
مُهرة : رميتيني في المرَة الأولى وبلعت لساني وقلت معليش أمك يا مُهرة وما أبي أضايقك! لكن ما فكرتي فيني، فكرتي من نظرة الناس لفهد الله يرحمه ونسيتي بنتك
والدتها بضيق : ما رميتتس عليه! كنتي بتجينن هنيَا وبتعضَين أصابعتس من هالعيشة!
مُهرة : خلاص ما أبغى أتكلم بهالموضوع، راح وأنتهى بخيره وشرَه،
والدتها : وهالحين كل هالحداد عشان يوسف!!
مُهرة : يمه إذا بتسمعيني كلام يسم البدن الله يخليك بنتك ماهي ناقصة
والدتها : هسمعينن بس! بكرا يطلقتس ويآخذتس ولد الحسب والنسب ويعيَشتس عيشة ملوك وبتنسين طوايف يوسف بس خليتس منه وأعرفي مصلحتتس
مُهرة : مين ولد الحسب والنسب؟ عيال خوالي اللي كنتِي معارضة زواجي منهم في البداية! مدري وش مغيَر أفكارك!! وأنا لعبة بإيدك متى ماتبين زوجتيني ومتى ماتبين طلقتيني! خلاص يا يمه يكفي! خليني كِذا هالزاوج اللي ترميني عليه كل مرة ما أبيه!!
والدتها وقفت بعصبية : يا ملا اللي مانيب قايلة . . . وخرجت لتتركها تتوحَد بحُزنها مثل كل مرَة.
أخذت هاتفها من على الطاوْلة، دخلت إلى " الواتس آب "، بصورةٍ روتينية يحملها قلبها إتجهت إلى إسمه نظرت إلى آخر ظهورٍ له قبل عدَة ساعات، لتُغلقه بقهرٍ شديد وقبل أن تضعه على الطاولة أهتَز، فزَ قلبها على أمل إسمه ولكن تلاشى هذا الأمل مع إسم " ريم "، أجابت وهي تحاول أن تتزن بصوتها الباكي : ألو
ريم : مساء الخير
مُهرة أستعدلت بجلستها فوق السرير : مساء النور، هلا ريم
ريم : هلابك، بشريني عنك وش مسوية؟
مُهرة : بخير الحمدلله
ريم : يا علَه دُوم، ما رجعتي؟
مُهرة : لا
ريم : و ما ودَك ترجعين؟ بيتك مشتاق لك
مُهرة بإستغراب صمتت ولم تقدر على الإجابة بشيء.
ريم بهدوء : كلمت يُوسف، و بصراحة هو ماقالي شي لكن أنا اللي استنتجت وفهمت وقلت أتصل عليك
مُهرة ببترٍ واضح للموضوع : الله يكتب اللي فيه كل خير
ريم : ماراح أتدخل بمشاكلكم ولا راح أقولك رايي بشي، لكن فكري قبل لا تتخذين أيَ قرار . . . وقرارك خليه مبني عليك أنتِ ويوسف ماهو مبني على أهلك وعلى أهلي
مُهرة بلعت ريقها بصعُوبة دون ان تُعلق عليها بكلمة أخرى. أردفت ريم بنبرةٍ حميمية : والله يعزَ عليَ أشوفكم كذا لا أنتِ تستاهلين ولا يوسف يستاهل، مهما وصلت المشاكل بينكم ما
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك