رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -190
الجوهرة : تخيَل يبه حتى سلطان يكلَمني ويسألني عن حالي بس كِذا! أداء واجب لا أكثر! أنفصلت عنه يبه . . . تطلقنا . . كسروني كل الرجَال اللي أعرفهم! كسرني ريَان بشكَه و كسرني سلطان بأفعاله وكسرني تُركي ! باقي أنت يبه! لا تكسرني وتذبحني أكثرعبدالمحسن همس بترديد : أنا معك . . معك يا روحي
الجُوهرة بصيغة الجمع تتحدَث عن سلطان : بس هُم يدرون إني كنت أحبهم وأبيهم! كانوا أقرب لي من روحي! بس راحوا! . . راحوا اللي كنت أحسبهم ما يروحون
عبدالمحسن : خلاص أششششش!
الجوهرة تسقطُ الدمعة تلو الدمعة والرجفة تتبعُها رجفة أخرى: الله معي
بهدوء : صح الله معِك وش حاجتِك بالناس؟
" وش حاجتي ؟ " هو من كان عن العالمين بأكملهم وكان بعينِي كل الناس، أُنادِي بزحامِ الوجَع عن عينٍ أستهدِي بها وكان هوَ الملاذُ ، بعد أن فقدت قُدرتي على الحياة بعد تُركي! ردَها ليْ بكلماتِه و طمأنينة صوتِه، ولكن سُرعان ما سلبَها منِي، سلب السكينة التي تبثَها عينيْه، سلبها وتركنِي مُعلَقة أتكئ على اللاوجُود، ضائعة! أُريد أن أسترَد نفسِي ولا فُرصة لذلك، كسرنِي بحُطام الحياة التي كانت تُرمم نفسها بداخلي، كسَرني وهذه المرَة لا أدري إن كنت أستطيع أن أُرمَم نفسي بنفسي.
: ما أتخيله! هو والله هو
عبدالمحسن بمُجاراة لحديثها : هوْ يا الجوهرة . . . خلاص هوْ!!
،
فتح عينِيه لينظِر إلى عينيَ عبدالرحمن، أستعدَل بجلستِه وهو ينظرُ للمكان الذي يُحيطه بجدارنه المزخرفة بشرقيةٍ بحتة، سقطت أنظاره لرائد الجالس بهدُوء يُراقب الوضع.
عبدالرحمن : عبدالعزيز
عبدالعزيز تنهَـد وهو يمسح على وجهه بعد أن شعَر بثقلِ رأسه بالصداع ، عبدالرحمن يُحرَك شفتيْه دون أن ينطق شيئًا، نظر إليه عبدالعزيز وهو الذي تدرَب على هذه الخاصيَة، تعلَقت عيناه بشفتيْه، في جهةٍ أخرى ينظرُ بإستغراب لصمتِهم : شاركونا الحديث
عبدالرحمَن الذِي يُعطي رائِد ظهره بينما يُقابله وجه عبدالعزيز، عضَ عبدالرحمن شفتِه السفليَة ليُردف بحركةٍ بطيئة لشفتيْه، عبدالعزيز وضع يدِه على فخذِ عبدالرحمن ليُحرَك أصابعه بكتابَةٍ يفهمها جيدًا.
وقف عبدالرحمن ليلتفت إلى رائد : وش نشاركِك فيه؟
رائد رفع حاجبه بسخرية : يعجبني التحفَظ!!
وقف عبدالعزيز وهو ينفض ملابِسه، نظر إلى رائِد بإشمئزاز : هلا هلا بحبيبنا تو ما تبارك المكان بطلَتك، ما أنتهى حسابنا في المرة اللي فاتت
عبدالرحمن : أظن حسابك صار معي
رائد : وش علِيه! لازم بعد نسوَي الواجب!
عبدالعزيز بتعَب يتضح من نبرتِه : لو تبي الواجب خلَ رجالك على جنب!
عبدالرحمن يضع ذراعه أمام عبدالعزيز ليوقفه من أيَ فعلٍ متهوَر!
رائد بإبتسامة ساخرة : ماشاء الله! أمس شويَ وتموت من التعب واليوم فيك حيل تحكِي!
عبدالعزيز تمتم : غبي!!! . . أدخل يدِه في جيوبِ بنطاله وهو يُعطيه ظهره، عبدالرحمن : وين ناصِر؟
رائد بضحكة صاخبة : ما أمشي بالجُملة! يجي سلطان ويطلع ناصِر
عبدالعزيز إلتفت بغضب : ماراح أتحرَك بدون ناصِر
رائد : والله أنتم مُصيبة! هذا وناصِر لاعب من وراك و . .
يُقاطعه عبدالعزيز بصراخ مُشيرًا إليه بالسبابة : أنتبه لكلامِك معايَ!!!
عبدالرحمن بغضب يشدَ على يدِ عبدالعزيز هامِسًا : عِـــز!!!
رائِد بإبتسامة باردة : إيه خلَ أبو زوجتك يأدبِك ويعلَمك كيف تصرخ عليَ!!
عبدالعزيز يشتعلُ بقهره وهو يحاول أن يكتم بداخله قبل أن يُقيم قياماتٍ في هذه الغُرفة الشاسعة.
رائِد : يعني وش تبون أكثر؟ بعطيكم سليمان وتفاخروا فيه وقولوا والله مسكنا واحِد ما يقدر عليه أحد! بتسكتَون كل اللي حولكم بقوَتكم ونجاحكم! . . أمركم غريب جايب لكم النجاح لين عندكم!!
عبدالرحمن برجاء ينظرُ لعبدالعزيز : يالله عبدالعزيز روح . . كلهم هناك ينتظرونك
عبدالعزيز : ماراح أتحرَك بدون ناصِر!!
رائد : سهرتنا اليوم صبَاحية! كل ما تأخرتوا كل ما زاد اللي خبركُم!!! تعرفوني ما أمزح بهالأشياء
عبدالرحمن بحدَة : عزيز!!! روح
عبدالعزيز سعَل ببحَة أضطربت بداخله : قلت لا
عبدالرحمن بغضب يُعطي رائد ظهره ليُقابل عبدالعزيز : رُوح . . همس . . رتيل واختك بروحهم!! وما أضمن لِك رائد أبد
عبدالعزيز بضيق يضع يدِه على جبينه : وناصر؟
عبدالرحمن: يحفظه الله وبعدها بعيوني بحطَه
عبدالعزيز : وأنت؟
عبدالرحمن : مالِك علاقة فيني! أهم شي تروح الحين و
يُقاطعه عبدالعزيز : ماراح اسمح باللي قاعد يصير!!!
عبدالرحمن يُحرَك شفتيْه بحديثٍ صامت، عبدالعزيز أبعد نظره عنه : ماراح أتحرَك
عبدالرحمن : أنت تعبَان! شوف حالتِك!! روح يا عبدالعزيز . . روح واللي يرحم لي والدِيك
عبدالعزيز ينظرُ لإستخفاف رائِد بهم من الخلف وهو يضع رجل فوق رجل ونظراتِه اللامُبالية تزداد : مُستحيل
عبدالرحمن : بكرا بيكون موجود سلطان! . . تطمَن! لازم أحد مع البنات
عبدالعزيز بهمس : خليتوني أواجه الموت أكثر من مرَة! بتوقف على ذيَ؟
عبدالرحمن بضيق : هالمرَة غير!
عبدالعزيز : لأنكم مو ضامنين أيَ شي صح؟ وأنا ماراح أسمح بهالشي
عبدالرحمن : مو قلت راح تنتقم من كل شخص أوجعك! هذا إحنا قدَامِك! نمَر في أسوأ مرحلة في حياتنا
عبدالعزيز بتشتت/بضياع : مسألة إني عندِك الحين هذا ما يعني إني سامحتِكم! لا تنتظر مني عفو!! لكن هالموضوع يخصني ومن حقي أبقى
عبدالرحمن تنهَد : أرجُوك
عبدالعزيز بخفُوت : كم مرَة قِلت أرجوك علَمني! ولا جاوبتني!!!
عبدالرحمن : لا توجعني يا عزيز أكثر من كِذا!!
عبدالعزيز : هالمرَة لا! ماراح أرضخ لأيَ شي يتعلق فيكم!!!
عبدالرحمن برجاء يتوسَله لأولِ مرةٍ بهذه الهيئة : عبدالعزيز، روح
عبدالعزيز عقد حاجبيْه بحدَته : آسف
رائد وقف : أظن يا أبو سعود عِز ينتظر سلطان! يعني مثل ما تعرف أنه سلطان يتحمَل جزء كبير من اللي صار بحبينا عِز
عبدالرحمن أدرك أن رائد يُريد شَحن عبدالعزيز بكلماتِه، لفظ : وأظن أنه الأمر ما يعنيك أبدًا! ياليت تهتم باللي بيننا وبينك بدون لا تتدخل بشي ثاني
عبدالعزيز ينظرُ لعبدالرحمن : ما تهمَوني! يهمني ناصر حاليًا
رائِد : ياخسارة! كِذا بننتظر لين يوصل سلطان عشان تروح مع ناصِر
عبدالعزيز تنهَد ليجلس دُون مبالاة : وأنا بنتظر سلطان بعد . . . .
،
الرياض / الساعة الثانية عشر ليلاً.
وضع جوازِه بجيبه وهو يحاول أن لا ينسى شيئًا، نظر لعبدالله : كِذا أمورنا تمام
عبدالله بتوتر : أنتبه لنفسِك، وأنتبه لهم
سلطَان بضيق لأن الأفكار السيئة بدأت تأتِيه من الآن، سقفٌ يجمعه مع رائِد لا يدرِي ماذا يحصلُ تحته : إن شاء الله . . أستودعني الله
عبدالله بضيقٍ أشد : أستودعتِك الله الذي لا تضيع ودائعه . . .
خرج سلطان ليُجيب على هاتفه : هلا . . . . إيه تمام كثَف الحراسة ما أبغى أحد يفارق بيتي! وعمتي بس تطلع مكان تكونون معها مفهوم؟ . . . . إيه . . . قوَاك الله . . . أغلقه ليركب سيارته متجهًا إلى المطار، أنشغل عقله بالتفكير طوال الطريق.
لا أدرِي إن كان ليْ عودَة هُنا! هذه المرَة يا نحنُ يا رائد، لا مجال للوسطيَة في الموضوع، إما نفرح ونهزمهُ بشَرِ أعماله أو يهزمنَا ولا يُبقي لنَا ما يستحق الحياة، هذه المرَة النهايـة!
،
كتبَ على أولِ صفحة بيضَاء بخطٍ يُربكه الرحيل " إلى من أحسنَت على الوجُودِ من عبِيرها، كتبتُ لكِ ما وددتُ ان أعيشه معكِ، أُريد تخليد الحياة التي أفترضتهُ ولم تقبلي بها، عسَى أن تقبلِي بجفافٍ صابهُ السيْل وأنجرف إليكِ . . . . فارس "
إلتفت عليه : خلَصت؟
فارس وضع الكتاب في جيب الكرسي الخاص بالسيارة، نظر للمكان الذي يقطن به والِده : بتجي معايْ؟
: راح ننتظر لين تطلع الشمس!! . . . بقُولك شي وأقبل فيه يا فارس سواءً كان ضدِك أو معك
فارِس إلتفت عليه ليلفظ برجفة شفتيْه : بالنهايَة مافيه حل وسَط!!
فارِس ببياضٍ يخرجُ من بين شفتيْه : قبلت! قبلت بتَركِي لعبير! وما رضيت بالوسط أبد
: أقصِد باللي يخص أبوك
فارِس بغضب ركل السيارة بقدمِه : أنتهت حياتي أصلاً يا . . .
،
وضع السلاح خلف رقبتِه : أظن ما يخفى عليك وش ممكن أسوَي! نادَها لو سمحت قبل لا أستخدم أسلوب ماهو لطيف أبدًا
نايِف أنشغل عقله بالتخطيط : طيب . . مشى معه وهو يُخبئ السلاح بعيد عن أنظار الموظفين بالفندق، صعد الدرج حتى وصَل لغرفتهم، همس من خلفه : ناد لي أيَ وحدة ويفضَل زوجة بو سعود!!
نايِف طرق الباب، وقفت رتيل على أطرافِ أصابعها حتى تنظرُ من العين السحريَة، إلتفتت عليهم : هذا نايف . .
لفَت حجابها بصورة سريعة لتفتح الباب، نايف : ممكن تجين شوي معي
رتيل بخوف نظرت إليهم لتُردف : ليه ؟
الذي بجانب نايف نطق بصوتٍ خافت لا يدلَ على نواياه : خلاص مو لازِم! نادِي أختك أو . .
تُقاطعه رتيل : بس أبغى أعرف!
: نادِي لنا زوجة عبدالعزيز
رتيل : أنا زوجته . . فيه شي؟
نايف بإرتباك : معليش أزعجناكم بس . .
رتيل بتهوَر : لا خلاص عادِي . . . أغلقت الباب لتتقدَم إليهم وهي تطمئن بوجودِ نايف، نزلت معهم دُون أن تعلم ماذا يحدث تحديدًا، ودُون أن تفكر بمنظر الرجل الغريب عليها وهي التي تحفظُ موظفين والدها تمامًا.
خرجُوا للشارع، إلتفتت رتيل بإستغراب : وين بنروح؟ أبوي هِنا؟
: بس نوصل لنهاية الطريق عشان يكون فيه إشارة للجوَال
رتيل تنهدت براحة لتسير معهم حتى أتجها لطريقٍ منعزل تمامًا ولا يحوِي أحدًا، نايف بقوَة دفعه ليسحب قدمِه ويُسقطه، الآخر بإنفعال صوَب بإتجاه رتيل التي ألتفتت وأطلق النَار عليْها.
نايف تجمدَت قبضة يدِه التي كانت مُتجهة إليه لتُلكمه، إلتفتَ لرتيل بصدمَة أتسعت معها محاجره . . .
.
.
أنتهى نلتقي على خير إن شاء الله.
اللهم أحفظ بلادِنا وبلاد المسلمين ، و يارب أجعل كل سطِر كتبته يشهدُ ليْ ولا عليَ ويجعلُ كل عينٍ تقرأ يشهدُ لها وقتُها بكل خيْر ولا عليها يا رب ()
بحفظ الرحمن *
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن شاء الله إنكم طيبين وسعيديين : $
أنا حاليًا شعوري غير مفهوم ومقدر أكتبه، ودَي بهالنهاية وما ودَي بها، لكن كل اللي أبي أقوله الحمدلله إننا وصلنا لهاليُوم و أنهيناها على خير ولله الفضل والمنَة، الحمدلله على كل شخص وهبني من وقته وقرأني، الحمدلله على كل شخص دعمني من البدايـة، جد لو أبي أشكركم ماراح يمَل الحكي منكم، سعيدة كثير فيكم و يمكن هذي المرة الأخيرة اللي بقول فيها ـ يا بختي ـ فيكم. و يا جمالكُم!
أتمنى فعلاً إن الروايـة تكون ذات أثر جميل على قلوبكم وتكون رواية جميلة من بدايتها إلى نهايتها، ما أطمح أبدًا إني أرضي الكل لكن يكفيني اللي قرأني وتابعني دايم، وبالنهايـة يمكن البعض ما يعجبه نهاية إحدى الأبطال ويمكن البعض يعجبه، لكن تأكدوا إنه أفكاري لكل بطَل ما تغيَرت، ولأنكم تقبلتوا أفكاري من البدايـة أنا واثقة إنها النهاية راح تكون مقبولة منطقيًا وممكن الذوق يختلف من شخص لآخر لكن إن شاء الله تعجب الأغلبية ويسعدوني بتعليقاتهم، أتمنى كل شخص تابعني يترك لو تعليق بسيط أحتفظ فيه بين هالصفحات وأقرأه، لأن كل تعليق لو سطِر واحد والله أقرأ بلهفة وحماس كبير.
بالنهايـة ، اللهم أجعل إيجابيات هذه الروايـة تغفر سلبياتها و أجعل وقتي عليْها مُبارك يشهدُ ليْ وأجعل وقت كل من قرأني يشهدُ له بالفائدة والخير.
+ أنبهكم إنه النهاية هي عن 3 أجزاء لذلك أتمنى و أتمنى وأتمنى وأنا عارفتكم ما راح تردَون طلبي إنه محد يقرأها دفعة وحدة، لأن ماراح تركزون أولاً ولأن طبيعي أكثر من 50 صفحة كتبتها بالوورد تقرأونها بنفس واحد بتملَون وتحاولون تتجاوزون بعض الأحداث المهمة عشان الأبطال اللي تحبونهم، فعشان كِذا أقرأوها برواق وعطوا الرواية حقها بالقراءة، ولا تظلموني بوقتكم الضيَق : $ يعني على الأقل بين كل بارت وبارت أخذوا بريك ساعة.
إهداء :
للشخص الذي كان يمدَني بضحكتِه /فكرةٌ و إلهام، و لكل الذين مازالوا يؤمنُون بما أكتُب.
النهايـة | الجُزء 79.
.. إنطقها ، و ان شاخ الصدى
علّقها بسْكوتك !
.... تغسل مسافات العتَم
وكفّ الرّماد اللي كتَم : أصواتنا
هو كلّ شيّ ٍ فاتنا
... حتى البكي ؟
قم علّم الصمت الحكي لاصار صمتك فرض :
يا صوتك المحبوسْ |
......... عن كلّ مافي الأرض !
ذبْلت به أوراق الكلام
.... وتساقطت حزن وخريف
لين امتلى صدرك حفيف
.... ريح و ورق أصفر !
يااا صوتك الأخضر
من كسّر غْصونه ؟
.......... وين الحمام ؟
ياما نْبَتت مع صوتك لحونه
..... ماله سواه اصحاب
و مالي سوى صوتك
قمرى سهر .. وأحباب
ياصوتك المرتاب
.. غاااب
عمْر، وترك لي أمنيه
تمطر مواعيد الغِنا
.. و ابقى أنا :
أبقى فـِ صُوتك أغنية !
* العنود عبدالله.
نايف تجمدَت قبضة يدِه التي كانت مُتجهة إليه لتُلكمه، إلتفتَ لرتيل بصدمَة أتسعت معها محاجره، دفعهُ الرجُل الآخر بساقِه ليسقط نايف على الأرضِ المتجمَدة بالجليد، دار عِراكًا على بُعدِ خُطى من جسدِها الملقى على الطريق.
وضعت يدَها أسفل صدرَها لترى حُمرة الدماء تُبلل كفَها، سالت دمعة رقيقة من عينها اليسرى ولا صوتٌ يخرج منها.
أرجُوك يالله! لا تترك الموت يستعذبُ جسدِي و رُوحي، كنت أُريد فقط أن أحيَا لكنني عشتُ على شُرفة حلمٍ ضيَق! حلمٌ تعريفهُ " أن أحيَا " ولم يتحقق الحلمُ كما ينبغي ولم أُحب كما يلزم، كنت المثال الوافِي للفتاة السيئة التي تمرَدت على القوانين ولم تستطع أن تتمرَد بالعشق، أنت الذي بلغت منَي شغفًا وصبًا أين قلبي؟ أأعجبكَ أنني أفترق عنك بهذه الصورة؟ أكان الرحيل أمرًا حسنًا بعينيْك؟ أنا أفقدُ الشعور والإدراك كما أفقدُ دماءي التي ترتدِيني رُغمًا عني، ولا أفهمُ شيئًا غير أننَي أُرغب برؤية والدِي! " يُبه " أشتاقُك في لونٍ ضيَق كهذا، هل عيناك تطلَ عليَ أم أنني أتوهمُك؟ بردَت أطرافِي هل تشعُر بها؟ كما كُنت تشعر بي دائِمًا وتُغطيني يداك! أرتجف كما أن البردُ يتلبَسُ جسدِي! ولكن هُناك حرارةً داخلية تدثرَني! أظنُها " صلاتِك " يا أبي، صلاتِك التي تعني دُعاءً مختوم بـ / إنها حبيبتي وإبنتي يالله أحفظها.
دفع بقدمِه السلاح الملقى على الأرض ليُبعده عن يديَ نايف الذي ركلهُ بين ساقيْه ليسقط على ظهره، أخذ السلاح ليُطلق رصاصةً أنهَت حياتِه، ركض رُغم ساقه الملتوية بالضرب، أقترب من رتيل التي أغمضت عينيْها بسلاَم.
نايف أخرج هاتفِه ليتصل على الإسعاف،بعد ثوانِي قليلة وضع يدِه بربكة على رقبتها وهو يرفع حجابها، كان يوَد أن يتأكد من تنفُسها، لم يشعُر بشيء! أضطرب قلبه لينزع معطفِه ويضعه فوق جسدِها الخافت، وقف وهو يمسح على وجهه بتعب نفسِي قبل أن يكون جسدَي، هو الذي وعَد عبدالرحمن بحفظِه لعائلته لم يستطع أن يحمي إبنته، يشعرُ بغصَة الخيبَة التي ستجيء لعبدالرحمن.
مرَت الدقائق وكل دقيقة كان جسدُها يبكي بدماءه، وصلت الإسعاف لتحملها متجهة لأقرب مستشفى، و ثوانِي قليلة حتى وصلت السيارة الأخرى لتحمل جثَة الرجل الآخر.
راقب نايف السيارة حتى أختفت من الطريق، أتصل على محمَد : محمد!!
محمد : هلا . .
نايف وهو يسير بإتجاه الفندق : بنت بوسعود
محمد وقف برهبة : وش فيها؟
نايف برجفة كلماته : جاء شخص من رائد وهددني! مقدرت أسوي شي وقال إني أنادي أيَ أحد منهم وكان يبي مرت بوسعود!! لكن طلعت له بنته زوجة عبدالعزيز
محمد : إيه؟ كمَل بسرعة
نايف : وإحنا ماشين حاولت أوقفه وضربته قام طلَع سلاحه و أطلق عليها
محمد بغضب : طيب لا تتحرك! خلَك عندهم وأنا بتصرف . . أغلقه ليضع يديْه على رأسه، يحاول أن يجِد حلاً ويُفكَر بأيَ طريقة تُناسب الوضع وتُلائمه.
رائِد يُريد أن يحرق أرواحهم واحِدًا تلو الآخر، بدأها بعائلة سلطان العيد والآن عائلة عبدالرحمن، من التالي؟ أخشى أن يصِل الأمر لعائلة سلطان الجابر و وقتها لن تقبل أرضٌ واحِدة كوارثٍ بشرية من صُنع الجوهي، ستتطوَر الأمور مالِم يُمحى رائد من هذه الأرض.
بصوتٍ داخلي " أنا أملك صلاحيات تجعلني أتصرف الآن! صحيح يا محمَد أنت تملك الصلاحيات الكافية، أنت تملكها يا محمَد، تشجَع وأفعلها! تشجَعي يا نفسِي وأفعليها، إن لم أفعلها سننهار جميعًا، يارب أجعل ما أفعله صحيحًا "
رفع هاتفه ليتصِل، بصوتٍ هادئ : السلام عليكم
عبدالسلام : وعليكم السلام يا هلا محمد . . وش أخبار وضعكم؟ جدَ شي؟
محمَد : إيه، أظن إنه وقت تدخَل القوات!
عبدالسلام : بو سعود عندِك؟
محمد : لا! بوسعود الآن عند رائد عشان يطلع عبدالعزيز وناصر! وعبدالعزيز إلى الآن ما طلع ولا حتى ناصر . . ومافيه أيَ أخبار عندهم ومستحيل بنجلس ننتظر عطفًا على أنه بنت بوسعود في المستشفى حاليًا وتعرَضوا لها ولا أدري هي حيَة ولا ميتة، مقدرت أخلي نايف يروح لها ويترك الباقي! وأنا بروح لها الحين بس لازم أضمن إنَ الشرطة تنرسل لهم قبل لا تطلع الشمس
عبدالسلام : صعب كِذا بنعرَضهم للخطر أكثر، الحين ناصر و عبدالعزيز و بوسعود ثلاثتهم عنده! مستحيل نجازف فيهم! أنا الحين أنتظر بوبدر يوصل، وبعد شويَ بروح للمطار أنتظره! بعدها بنقرر وأكيد بيكون تدخلنا سريع! . . روح لبنت بوسعود المستشفى وأنتبه أخاف أحد يدخل عليها ولا يصير شي ثاني! وطمَني وش حالتها
محمَد تنهَد بقلة حيلة : إن شاء الله، مع السلامة . . أغلقه ليلتفت على الرجال الذين يُحيطونه ويُصابون بمثل الخيبة من الأشخاص الذين رموا خطط دامت لسنوات وذهبوا بأقدامهم إلى رائد.
محمد : خلَوكم مفتَحين وراقبوا الوضع، أنا بكون بالمستشفى بس يتصل أحد بلغوني . . . خرج وركب سيارته متجهًا لأقرب مستشفى يتوقع أن تكون فيه.
،
فارِس ببياضٍ يخرجُ من بين شفتيْه : قبلت! قبلت بتَركِي لعبير! وما رضيت بالوسط أبد
: أقصِد باللي يخص أبوك
فارِس بغضب ركل السيارة بقدمِه : أنتهت حياتي أصلاً يا عبدالمجيد
عبدالمجيد : أسأل نفسك مين أهم؟
فارس بضيق عبرت الغصَة عيناه : أنا أسوأ شخص ممكن يرتَب أهم الأشياء في حياته، كنت أقول لأبوي أنتم أهم شي بالنسبة لي وأنت حياتي! وكنت أقول لأمي نفس الشي و لمَا سمعت صُوت عبير قلت في نفسي هذي النبرة حياتي!! ولا عرفت أحافظ على أيَ شي!!! مقدرت أقنع أبوي إنه يترك كل هاللي يشتغل فيه! ولا قدرت أكون بارَ بأمي! ولا قدرت أكون زوج لعبير! . . . وش باقي عشان أعيشه؟ باقي من يكسر اللي بقى فيني.
عبدالمجيد أقترب منه ليضع كفَه على كتفِه : فارس يا ولدِي!!
فارس بهمس أخفض رأسه : لا تقولي أنت مالِك علاقة باللي يصير مع أبوك! ما ينفع تقولي كِذا! وهو هويْتي وإسمي.
عبدالمجيد عقد حاجبيْه : ماراح أقولك أنت مالك علاقة! بس بقولك الله لا يربط مصيرك في مصيره
فارس نظر إليه بنظرةٍ ضائِعة تائهة بما تحمله الكلمة من شرحٍ ومعنى، رفع نظراتِه للسماء لتلمع دمعةً تهدم كل قوَة يحاول أن يرتديها : كأنك تترحَم عليه! . . يوجعني!! والله العظيم يوجعني هالشعور، . . يارب . . رحمتك
عبدالمجيد أبتعد بخُطاه وهو يُعطيه ظهره، هذا الضُعف الذي يراه بعينيَ فارس يكسرُه أيضًا، وهو الذي لمح ذات الضعف في عينيَ سلطان قبل وفاتِه.
فجرُ ذلك اليوم، قبل أن تشرق شمسُه، كان جالِسًا أمامه بسكينة ولم يرفَ جفنه بنومٍ/بغمضة.
سلطان العيد : كل شي أحاول أسوَيه ينقلب ضدَي!! كنت أعرف من ذيك الليلة اللي عرفت فيها سليمان ولعبه من تحت الطاولة!! إننا ماراح نرتاح! ماكان قدامي إلا هالفرصة، قلت في نفسي من الذكاء إننا نمثَل الغباء وإننا ما ندري عن شي! وفكَرت يا عبدالمجيد إنه مستحيل نقدر نتقن هالغباء إذا أكثر من شخص يعرف بموضوع سليمان، أتبعت المنطق اللي في عقلي وقلت لا تعلَم أحد . . أنت أكثر شخص تعرف إنه ماهو قصدِي إني أخبَي وأتوَه أحد، ضايقني عبدالرحمن، قالي بالحرف الواحد ماهو أنت يا سلطان اللي تغدر فينا! وأنا واثق مثل ما أثق بإسمي إنك ماتغدرنا! . . . توجعني هالثقة يا عبدالمجيد! لأنه بيجي وقت وماراح يوقف أحد ويشرح لهم قصدِي! .. ..
أخفض رأسه لتكتَظ محاجره بالدمع المالح الذي يغزُوه بمبرراتٍ كثيرة، بخفُوت : أحلم . . يجي وقت وينتهي كل هذا! صح هموم الأمن ما تنتهي! لأن الله ما خلقنا موالين لبعض، أكيد فيه أعداء، أكيد فيه كارهين! أكيد فيه مضرَين بعد! .. بس ودَي هالهمَ ينتهي، لأنه ما يتعلق بالأمن وبس! يتعلق بعوايلنا . . بأهلنا. كنت أحلم كثير إني أموت وأنا أرأس شغلي! لكن مقدرت، مافيه أوجَع من إنك تنجبر إنك تترك شغل حياتِك وشغفك كله فيه!!! وأنت بعد يا عبدالمجيد! تقاعدت بدون رغبة!! مثَلنا اللامعرفة بأصولها، تركنا شغلنا، وراح يجي يوم ونُتهَم فيه، وبالنهاية وش صار؟ أشتغلنا إلى هالوقت وإحنا نشتغل بعيد عن الكل، مصدُوم! مصدوم من أشياء كثيرة . . مصدوم من قوَة سليمان اللي ما يتجرأ أصلاً يوقف قدامنا!! مصدوم من جرأته!!! مصدُوم من جهل رائد، ومصدوم من نفسي! بديت أكذب بأكثر الأشياء أهمية بحياتي، أقول لعيالي تركت الشغل عشانكم و أقول لزوجتي وعد نستقر بالرياض بعد ما تتخرج هديل! و كل هذا ماله أيَ علاقة بالحقيقة! . . .
عبدالمجيد : مين راح يلومك؟ إيه صح إنه علاقتك توتَرت مع بو بدر وبوسعود لكن هذا ما يعني إنهم بيتهمَونك أو بيظنَون فيك ظن سيء!!!
سلطان : توتَرت! قول طاحت بالحضيض!!! لا عبدالرحمن يسمعني ولا سلطان اللي أشوف نفسي فيه يسمعني!! . . . . أضاءت عينيْه بدمعةٍ مكسورة تهزَ الشيب الذِي يُغطِي رأسه، أردَف : تدري وش اللي قاهرني بالموضوع! إني واجهت أمور أصعب من كِذا وعانيت كثير لكن ما أنهرت بهالصورة أبد!!! والحين أحس هالعالم كله يختنق في صدرِي! تخيَل كل هذا يصير والليلة عرس بنتي؟
عاد لفارِس، لعينيَ فارس.
تُشبه عينيَ سلطان في ذلك الفجر، ككلماته الشفافة التي كان يتفوَها بضُعفٍ يهزَ أراكانِه، رُبما الهموم تختلف ولكن حُزن سلطان في تلك اللحظة أعمقُ حُزنًا رأيتُه، فهمتُ تمامًا كيف تختنق روحه ببطء وكيف يتصاعدُ حزنه ويتبخَر دون ان يلمسه بدمعة! دُون أن يُلقيه بحنجرتِه، كان يختنق بتراكماتٍ كثيرة من أجل أشياءٍ أهمُها " الأرض " التي كانت أولى خطواتِه عليها، وكان يحلم بأن تكون أُولى خطواتِ أبناءه عليه ولكنه لمْ يحصل، عاش بعيدًا وقلبُه هُناك في المنطقة الوسطى، كان قريبًا جدًا من حِصار سليمان و ذهابِه في خبر كانَ، لولا الحادث الذي بعثر كل الأوراق وبعثرني أيضًا، حاولتُ ان أُمسك زمام الأمور في البدايـة، وفعلتُها مع فيصل لأُبعده عن هذا الطريق، أخطأت بحق غادة عندما تركتها عند أمل وكنت أظن أن سعَد يفي بالغرض، ولكن ساءت أوضاعُها أكثر مع ولِيد، أخطأت مع مقرن ولم أنجح أبدًا، غادرنِي مقرن سريعًا قبل أن أحبسه بعيني، مثلما غادرني سلطان العيد، أصدقائي القُدامى اللذين غادروني مبكرًا عليهم صلواتِ الله ورحمَته.
جلس فارس على عتبة الطريق، ينتظرُ خروج الشمس كما أنه يتأملُ الدقائق التي تمَر لتشطر روحه اكثر، تداخلت الأفكار برأسِه بداية من عبير إلى والدتِه وعبورًا بوالدِه، وسط صمتٍ لا يحفَه سوى البرد والثلج الذي يتساقط بخفَة،أتى صوتُه الداخلي صاخبًا بأكثر قصائد بهاء الدين زهير وجعًا ورثاءً " يعزَ عليَ حين أدير عيني، أفتَش في مكانك لا أراكَا "
يُتبع
أخذت نفس عميق وهي تضع يدها على بطنها، وبرجفةٍ هدبٍ سقطت دمعة يتيمة/وحيدة.
ضيَ بعُقدة حاجبيْها جلست : وعدني! وما وفى!!
عبير تقضمُ أظافرها من التوتر وهي تجيء شمالاً وجنُوبًا : و رتيل تأخرت! . . وش اللي يصير بالضبط!!!! ليه محد يتكلَم ويقولنا شي!
غادة تتأمل إرتباكهم وخوفهم بجمُودٍ يُصاحب عيناها التي لا يرتجفُ بها هدَب، بلعت ريقها بصعُوبَة لتخفض رأسها وهي تُجمَع كفيَها لتضعها بحُجرها.
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك